د. محمد معيط في مقابلة صحفية خلال مؤتمر حابي: إدارة أهداف الموازنة تحت ضغوط رهيبة

تأثيرات الحروب والأوضاع العالمية أضافت تحديات لتعاملنا مع الأمور الاقتصادية

aiBANK

شهدت افتتاحية المؤتمر الخامس لجريدة حابي مقابلة صحفية مع الدكتور محمد معيط وزير المالية، أجراها أحمد رضوان رئيس التحرير والرئيس التنفيذي لجريدة حابي. ركزت المقابلة على مستجدات التحديات على الصعيد العالمي في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة وتأثر حركة الملاحة، ومدى تأثير ذلك على مؤشرات الموازنة العامة لمصر، بجانب خطة ورؤية وزارة المالية تجاه إصدار الأوراق المالية بالأسواق الدولية، وسبل تعزيز موارد الدولة من النقد الأجنبي، ومستجدات المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كما تطرقت إلى مناقشة آليات تحفيز المستثمرين والقطاع الخاص للحفاظ على استمرارية أعماله وأيضًا التوسع والنمو في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية.

أجريت المقابلة عقب افتتاح وزير المالية الدكتور محمد معيط أعمال الدورة الخامسة من مؤتمر جريدة حابي الذي انعقد تحت عنوان «استثمار الطاقات الكامنة»، وألقى الوزير كلمة افتتاحية موسعة.. وإلى نص المقابلة.

E-Bank

أحمد رضوان: نبدأ حديثنا بالتحديات.. ففي الفترة الأخيرة ظهر تطور جديد خاص بالأحداث التي تجري لإخواننا في غزة، وما ارتبط بها من اضطراب في حركة الملاحة. وأعتقد أن وزارة المالية كانت تضع في اعتباراتها للموازنة العامة الحالية الكثير من التحديات الخارجية التي تؤثر على مؤشرات الأداء، ولكن ظهرت تحديات جديدة.. فما هي توقعاتكم للمؤشرات الرئيسية بنهاية العام المالي الحالي على مستوى الدين أو الاحتياجات التمويلية؟ وما رؤيتكم لهذه التحديات التي تؤثر على الاقتصاد المصري؟

د. محمد معيط: هذا حقيقي ولا يمكن إنكار أننا نعمل تحت ضغط رهيب، فالأمر لا يتعلق بالتحديات الداخلية فقط هناك تحديات خارجية أكثر بكثير، ولا يقتصر التعامل على الأمور الاقتصادية فقط، بل تأثيرات الحروب والأوضاع السياسية العالمية، لدينا أهداف للموازنة وتلبية الاحتياجات وخلق فرص عمل، وكل هذا يجب أن تتم إدارته والتعامل معه تحت هذا الضغط.

وبالنظر للموازنة العامة، فإن الإيرادات المطلوب تحصيلها متأثرة بالأوضاع الاقتصادية، وعلى الجانب الآخر المصروفات أغلبها حتمية كالمرتبات والمعاشات وأقساط وفوائد الديون ودعم الخبز والمواد البترولية والسلع التموينية وبرنامج تكافل وكرامة، بجانب الاستثمارات والمشروعات التي تستهدف الدولة إنجازها.

أغلب المصروفات بالموازنة حتمية وجانب الإيرادات متأثر بالأوضاع الاقتصادية

وهناك عناصر ضمن بند المصروفات تشكل ضغطًا أكبر تأثرًا بالأوضاع الاقتصادية، كتكلفة التمويل، فقبل عام ونصف كانت تكلفة الاقتراض عبر أذون الخزانة عند مستوى 9 – 10%، بينما بلغت حاليًا نحو 26% ويمثل ذلك عبء تكلفة سريعًا نظرًا لقصر أجلها والحصول على التمويل وسداد تكلفته في ذات العام المالي.

فعندما كانت أسعار الفائدة منخفضة كان الحصول على تمويل متوسط وطويل الأجل عبر السندات بتكلفة معقولة 12 إلى 13%، ولا يمثل ضغطًا على السيولة، إذ يتم سدادها خلال 3 إلى 7 سنوات، أما الآن في ظل ارتفاع الفائدة فلا يتم اللجوء للسندات، ويتم الاعتماد على الأذون ما يشكل عبئًا ليس فقط في التكلفة وإنما السيولة أيضًا، وذلك لتلبية الالتزامات بالموازنة العامة.

تكلفة التمويل باتت تشكل ضغطًا أكبر على الموازنة

الإدارة في هذا الوضع ليست كالمعتاد، ولكنها تقع تحت ضغوط وتحديات، وكل فرد في الحكومة أو المجتمع يعمل بمثابة مدير للمخاطر، يتعامل مع الضغوط والتحديات يوميًّا ويديرها.

وبربط ذلك بمؤشرات الموازنة هناك 3 مؤشرات مهمة للمالية العامة، الأول قد لا يهم الأفراد العاديين ولكنه مهم للغاية بالنسبة لجهات التمويل ومؤسسات التصنيف، وهو الفائض الأولي، والذي يوضح ما إذا كانت الإيرادات تغطي المصروفات أم لا، وحتى هذه اللحظة فإن مؤشر الفائض الأولي لمصر يسير بشكل جيد، وحقق نتيجة أفضل من السنة المالية الماضية.

الاعتماد على أذون الخزانة عبء تكلفة سريع ويشكل ضغطًا على وضع السيولة

المؤشر الثاني هو العجز الكلي للموازنة، والذي تأثر بارتفاع تكلفة الفوائد والاعتماد على أذون الخزانة، التي تضغط على السيولة وبند الفوائد، ولذا فقد ارتفع مقدار العجز الكلي نسبيًّا عن السنة المالية الماضية، أما الثالث فهو مؤشر نسبة الدين الذي بلغ العام الماضي أقل من 96% من الناتج المحلي الإجمالي، وحتى الآن نستطيع تحقيق المستهدف وخفض النسبة، ولكن لا بد أن ننظر إلى التحديات التي قد تستجد خلال النصف الثاني من العام المالي، والمتمثلة في جميع المتغيرات الاقتصادية التي تنعكس على نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي في 30 يونيو القادم.

أحمد رضوان: تحدثتم عن تنويع الأسواق التي نصدر فيها أوراق الدين الدولية.. فما هي المعايير التي يتم على أساسها اختيار عملة الإصدار؟ وما خطط وزارة المالية للفترة المقبلة؟ هل يمكن أن نرى أسواقًا أخرى جديدة، أم الرهان على الأسواق التي أصدرت مصر فيها مؤخرًا؟

د. محمد معيط: منذ أن توليت منصب وزير المالية وضعت تنويع محفظة الدين هدفًا أساسيًّا، إذ كان الاعتماد في السابق على سندات اليورو والأسواق الأوروبية والإصدارات أغلبها بالدولار، ورأيت أنه من المهم جدًّا تنويع الأسواق وعملات الإصدار أيضًا.

ارتفاع نسبي في مقدار العجز الكلي نتيجة ضغوط تكلفة التمويل

فاتجهت وزارة المالية مؤخرًا إلى السوق اليابانية ثم السوق الصينية، بجانب إصدار أول سندات خضراء وأيضًا أول صكوك سيادية للمرة الأولى بـ 1.5 مليار دولار، ومن وجهة نظري أنه لا بد من الاستمرار في هذا الاتجاه والاعتماد على أسواق وعملات وأدوات تمويل متعددة ومختلفة.

تحقيق مستهدف نسبة الدين إلى الناتج المحلي مرهون بعدم ظهور تحديات جديدة

وتبحث المالية حاليًا مع بعض الجهات إصدار سندات الاستدامة والسندات الزرقاء وستكون الأولى لمصر، كما لدينا استعداد لبحث مدى إمكانية إصدار شريحة أخرى من السندات الخضراء، وإصدار آخر من الصكوك سواء بالسوق المحلية أو الدولية، وسواء صكوك تقليدية أو خضراء.

ومؤخرا تحدثت مع السفير الهندي وطلبت التواصل مع الجهات المعنية وأيضا السفارة المصرية بالهند، لرؤية مدى إمكانية إصدار سندات في السوق الهندية بعملة الروبية، وسأستمر في هذا الاتجاه للوصول لمحفظة دين متنوعة تتيح مجالًا أفضل لإدارتها بدلًا من التركز في الأسواق والعملات.

فبالنظر إلى حجم استيراد مصر نجد أن أعلى واردات تأتي من الصين، ولذا من الأفضل أن نقوم بالإصدار في أسواقهم بالعملة الصينية واستخدامها في تمويل الواردات.

الاعتماد على أدوات تمويلية متعددة وبعملات مختلفة مهم ويسهل إدارة المحفظة

وأرى أن السياسة المتبعة ناجحة في عدة اتجاهات، منها تخفيض التكلفة الكلية لمحفظة الدين، وأيضًا تقليل المخاطر، إذ تتيح إدارتها بشكل أفضل في ضوء تنوع العملات واختلاف اتجاهاتها.

أحمد رضوان: هل يخضع ذلك للدراسة والمرونة أم أن هناك خطة محددة؟

د. محمد معيط: لدينا أهداف محددة للتنويع في الأسواق الآسيوية، بدأنا بالسوقين اليابانية والصينية، ونستكشف حاليًا السوق الهندية وهي 3 أسواق لها ثقلها بالقارة.

أحمد رضوان: هل يمكن أن نرى إصدارات في السوق الخليجية؟

د. محمد معيط: تناقشت مع مسؤولين بالخليج لرؤية إذا ما كان هناك فرصة لطرح سندات بالعملات الخليجية، ولكن ما أريد توضيحه أن الإصدارات الخارجية تحتاج إلى جهود ضخمة جدًّا وترتيبات مع مكاتب محاماة محلية ودولية، وأيضًا مع المنظم للأسواق المالية في الدول المستهدفة، وذلك لضمان نجاح الإصدار.

نبحث إصدار سندات الاستدامة والسندات الزرقاء لأول مرة في تاريخ مصر

ومع التصنيف الائتماني الحالي لمصر نحتاج للحصول على ضمانة فبدونها قد نجد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الفائدة، فلا بد من معرفة الضمانة واحتساب تكلفتها أولًا، وعند الطرح بالسوق الصينية حصلنا على ضمانة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية مع بنك التنمية الإفريقي ما أدى لخفض العائد بشكل كبير، وهو ما حدث أيضًا في طرح اليابان، كان لدينا ضمانة من مؤسسة التمويل الإفريقية.

أيضًا في تمويل بنكي دويتشه وABC كان لدينا ضمانة من مؤسسة كويتية، فتكلفة الضمانة عادة تكون منخفضة، وبإضافتها لسعر الفائدة تكون التكلفة الإجمالية أقل من فكرة الطرح بدونها.

استكشاف فرص إصدار سندات بالروبية في السوق الهندية

أحمد رضوان: على مستوى تعزيز موارد النقد الأجنبي رأينا مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج.. ما وضع هذه المبادرة حاليًا وفرصها في عين وزارة المالية؟ وهل هناك أفكار مشابهة تجري دراستها؟

د. محمد معيط: في المرحلة الأولى كان الطموح كبيرًا جدًّا، وكنا نتوقع وفقًا لما كان يذكر من جانب المطالبين بالمبادرة أن يكون عليها إقبال شديد وأن تحصد مليارات، وبعد مد أجلها إلى 6 أشهر بدلًا من 3 أشهر جمعت نحو 450 مليون دولار.

أما المرحلة المقبلة منها فسأكون صريحًا ولا أريد أن يسبب حديثي هذا نوعًا من الإحباط، ولكن من غير المتوقع أن تحقق نفس مستوى حصيلة المرحلة الأولى، وإن كنت أتمنى عكس ذلك، فالوزارة استجابت للمطالبين بتمديد المبادرة وقامت بتعديل القانون.

تحصيل القيمة المضافة بذات عملة المعاملة أصدر بالأساس لقطاع السياحة

أما عن الأفكار الأخرى المشابهة في هدف تعزيز موارد النقد الأجنبي، فلدينا أفكار أخرى، من بينها الفكرة المطروحة لتصدير العقار، والتي يوجد توافق على آلياتها، وأتمنى نجاحها بعد خروج المبادرة وتقنينها، كما أن هناك مبادرات عديدة في هذا المجال، ولكن الظروف والضغوط التي نمر بها تجعلنا ننشغل ونفكر في أمور أخرى.

وأود أن أوضح نقطة مهمة بشأن القرار المتعلق بتحصيل القيمة المضافة بذات عملة المعاملة، إذ إن الفكرة جاءت بالأساس من السياحة، فكان هناك حوار مع مسؤولي القطاع السياحي حول تحصيل شركات القطاع مقابل الخدمة السياحية للأجانب بالعملة الأجنبية، وتم الاتفاق على أن تكون ضريبة القيمة المضافة بذات العملة.

المجتمع الدولي يرى أن مصر تتحمل أعباء ليست مسؤولة عنها نتيجة الحرب على غزة

بعد ذلك، قمنا بعمل بروتوكول مع قطاع السياحة لتنفيذ الفكرة، وتمت إحالته لمصلحة الضرائب، والتي نوهت إلى عدم وجود مظلة تشريعية لتنفيذه، ثم طلب إصدار قرار بذلك من وزير المالية، وعندما تم إعداد مشروع القرار وعرض على المستشار القانوني قال أيضًا إنه لا يوجد مظلة تشريعية لإصدار هذا القرار، وأن البنك المركزي هو المسؤول عن الترخيص بالتحصيل بالعملة الأجنبية داخل البلاد.

تحدثت بعد ذلك إلى محافظ البنك المركزي، الذي عرض الأمر على مجلس إدارة البنك المركزي، والذي وافق بدوره على حق وزارة المالية في تحصيل القيمة المضافة بذات عملة المعاملة، وذلك من الجهات المرخص لها بالتحصيل بالنقد الأجنبي كالسياحة.

نستهدف تنويع الإصدارات في الأسواق الآسيوية.. والبداية كانت باليابان والصين

بعد ذلك تم تعديل القرار وإلغاء جزء منه بناء على ما تم دراسته، والاستقرار على الاكتفاء بالنصف الأول من القرار، ليتم التحصيل بذات عملة المعاملة، وأؤكد أن القرار ليس له أي علاقة بالاستيراد على الإطلاق.

أحمد رضوان: لدي سؤال دائمًا ما نكون قلقين من طرحه، نظرًا لكون طبيعة المفاوضات سرية وصعب الكشف عنها.. هل هناك جديد يمكن الكشف عنه فيما يتعلق بمفاوضات قرض صندوق النقد الدولي؟

د. محمد معيط: مسؤولو صندوق النقد الدولي يرون أن محاربة التضخم أولوية، وأعلنوا عن زيادة حجم تمويل البرنامج المتفق عليه مع مصر.

وبصفة عامة المجتمع الدولي يرى أن مصر حاليًا تتحمل أعباء هي ليست مسؤولة عنها، نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة التي أثرت على قطاعات اقتصادية داخل المجتمع المصري، وشكلت أعباء إضافية تتحملها مصر في ظروف اقتصادية غير مواتية بالأساس، وبناء على ذلك هناك تفهم من معظم مؤسسات التمويل العالمية بأنه لا بد أن يكون هناك دعم لمصر.

واستشهد بما أعلن من جانب الاتحاد الأوروبي مؤخرًا، إنه سيبحث تقديم حزمة تمويلية لمصر تزيد أو تقل عن 9 مليارات وفقًا لما تم تداوله، بجانب إعلان صندوق النقد الدولي عن بحث منح حزمة تمويلية أكبر من التي كان قد تم الإتفاق عليها وبدأنا نسمع عن قيم متعددة في هذا الشأن.

450 مليون دولار حصيلة المرحلة الأولى من مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج

وأعتبر أن أهم تغير حدث في هذا الشأن هو ما تم الإعلان عنه من قبل المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي بشأن استهداف التضخم في مصر، وهذا اتجاه أعتبره إيجابيًّا.

أحمد رضوان: يحمل رسالة طمأنة فيما يتعلق بالشروط المرتبطة بتعويم العملة.

د. محمد معيط: أعتبر هذا اتجاهًا إيجابيًّا قويًّا في فكر صندوق النقد الدولي.

أحمد رضوان: نمر حاليًا بفترة صعبة بالتأكيد.. ما هي الرسالة التي يمكن أن توجهها وزارة المالية إلى المستثمرين في إطار تشجيع القطاع الخاص وتحفيزه على الاستمرارية أولًا ثم التوسع والنمو ثانيًا؟

د. محمد معيط: ما أقوله، إنني مررت بتجربة ناجحة مع إحدى الشركات العاملة بمجال إنتاج الهاتف المحمول، وكان القائمون على الشركة لديهم دراسة وافية، ويدركون جيدًا ما عليهم القيام به، وما هو المطلوب من الحكومة حتى يستطيعوا تنفيذه.

مسؤولو صندوق النقد الدولي يرجحون أولوية محاربة التضخم في مصر

وفي خلال اجتماع مع مسؤولي الشركة عرضوا ما يحتاجون إليه بشكل محدد وواضح وصريح، حتى يتمكنوا من إنتاج الهاتف المحمول بمصر، وطالبوا بناء على الدراسات التي قاموا بها للسوق بتعديل في قانون الجمارك وقانون رسم تنمية الموارد، وقامت وزارة المالية باستصدار قرار من رئاسة مجلس الوزراء بتعديلات القانونين التي تم طلبها، ثم اعتماد التعديلات من مجلس النواب في غضون أسبوعين فقط.

ورسالتي للمستثمرين هي الاحتذاء بهذا النموذج الناجح، يجب عليهم القيام بدراسة السوق بشكل جيد وإدراك وتحديد متطلباتهم من المالية في نقاط محددة وواضحة، ثم مناقشة الأمر مع الوزارة.

وسأكون صادقًا، من الممكن أن يأتي بعض المستثمرين إلينا في وزارة المالية، وتجري مناقشات عدة ولكن لا يوجد مطالب واضحة ولا تنتهي إلى الوصول لشيء، وعلى جانب آخر هناك من يأتي وهو مدرك جيدًا ما المطلوب؟ ويوضح لنا دراساته وما الذي يريد إنتاجه؟ وما الذي يعوق تنفيذ ذلك؟ وهذا هو النموذج المطلوب والمرغوب فيه حتى يكون لوزارة المالية دور إيجابي معه.

استهداف صندوق النقد خفض التضخم في مصر تغيير في الفكر واتجاه إيجابي قوي

وأذكر هنا مثالًا آخر، جاء إلى وزارة المالية نائب رئيس إحدى المؤسسات المالية الدولية، وذكر لنا عددًا من التحديات والعقبات التي تواجههم في مصر، وطلبت منه مهلة شهرًا واحدًا لحل هذه المعوقات، وقبل أيام قليلة بعث للمالية بخطاب شكر على إنجاز حل تلك المعوقات.

أيضًا عندما تم طرح مبادرة خفض أسعار السلع الغذائية بالشراكة مع القطاع الخاص، تم عرض الآليات المطلوبة من قبل الحكومة لإنجاح وإتمام المبادرة، والمتعلقة بتكلفة الدولار عند المحاسبة الضريبية، وبالفعل تم إصدار قرار من وزارة المالية بشأن اعتماد نسبة التغير في حساب فروق تدبير العملة الأجنبية عند تحديد وعاء الضريبة على الدخل عن العام الماضي 2022.

وكان المطلوب حينها احتساب نسبة 10%، ولكن وزارة المالية قررت احتساب نسبة 20% تقديرًا للظروف الاقتصادية، ووعدت بعمل اجتماع آخر في أول السنة المالية لبحث نسبة التغير في حساب فروق العملة الأجنبية عند تحديد وعاء ضريبة الدخل عن العام 2023.

أيضًا طالب المشاركون في المبادرة بتعليق رسوم الجمارك على مستلزمات الإنتاج الخاصة بالسلع داخل المبادرة، وتم بالفعل إصدار قرار من رئيس مجلس الوزراء خلال أسبوع واحد بتعليق رسوم الجمارك على عدد من مستلزمات الإنتاج لمدة 6 أشهر، على أن يتم إعادة النظر فيها مرة أخرى عند اقتراب انتهائها.

مناقشة المعوقات بصفة عامة دون صياغة نقاط بعينها صعب أن تصل إلى حلول

وطالما أن هناك وضوحًا وإدراكًا من جانب المستثمرين لما هو مطلوب من قبل وزارة المالية، سهل جدا التعامل معه والنظر فيه، سواء لإصدار القرارات المطلوبة إذا ما كانت المظلة التشريعية متوفرة، أو القيام بطلب ذلك من رئاسة مجلس الوزراء أو مجلس النواب إذا ما احتاج الأمر.

وأؤكد أن هذا أكثر فاعلية من حديث المستثمرين والشركات بصفة عامة عن المعوقات والتحديات دون تحديد نقاط بعينها بحاجة إلى تغيير، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الاستماع إلى وجهة نظر وزارة المالية عند طرح المطالب، فعلى سبيل المثال قد يطلب أحد الإعفاء من ضريبة الدخل والمحددة بنسبة 22.5%، والتي تعتمد وزارة المالية على حصيلتها كأحد الموارد الأساسية لتغطية بنود المصروفات في الموازنة العامة كالمرتبات والمعاشات والدعم، فما هو البديل لتغطية تلك الاحتياجات والبنود.

الرابط المختصر