وزير المالية خلال مؤتمر حابي: الرهان الأكبر على القطاع الخاص في تقليص فاتورة الاستيراد

تداعيات الأزمة العالمية تدفع لضرورة البحث عن آليات تلبية أكبر قدر ممكن من الاحتياجات الأساسية

aiBANK

ألقى الدكتور محمد معيط وزير المالية كلمة افتتاحية في المؤتمر السنوي الخامس لجريدة حابي، أكد فيها على اهتمام الحكومة بزيادة دور القطاع الخاص المحلي والأجنبي، عبر طرح فرص بمزايا تنافسية وتفضيلية ومقومات محفزة للاستثمار، مشددًا على حرص الحكومة على تحفيز الإنتاج لتغطية الطلب المحلي وتصدير الفائض، وذلك باستهداف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعاون الشركاء الدوليين مع مجتمع الأعمال المحلي.

وأكد د. محمد معيط، أن الأوضاع الراهنة والتحديات الداخلية والخارجية تدفع بشكل أساسي نحو البحث عن آليات تلبية أكبر قدر ممكن من الاحتياجات الأساسية للسوق المحلية، وتقليص حجم الواردات لكبح جماح التضخم، مؤكدًا أن الرهان الأكبر على القطاع الخاص في تحقيق هذا التوجه.

E-Bank

مشروعات الشراكة أحد المسارات المهمة الهادفة لزيادة تمكين القطاع الخاص

وقال وزير المالية في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة الخامسة من المؤتمر الذي عقد الأربعاء 20 ديسمبر، إن المؤتمر الاقتصادي السنوي لصحيفة «حابي» ينعقد تحت عنوان «استثمار الطاقات الكامنة» إيمانًا بما تنعم به مصر من فرصٍ واعدة، تكمن في مواردها الطبيعية وثرواتها البشرية وموقعها الجغرافي الإستراتيجي، على نحو يُؤهلها إلى أن تُصبح مركزًا عالميًّا للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات لمختلف دول العالم، خاصة الإفريقية والأوروبية.

وأكد د. محمد معيط، أنه يمكن للقطاع الخاص استكشاف هذه الفرص التي تتمتع بمزايا تنافسية وتفضيلية ومقومات محفزة للاستثمار في قطاعات باتت محل اهتمام دولي، والعمل الجاد على حُسن إدارة هذه الفرص واستثمارها وتنميتها وتعظيم الاستفادة منها.

وأضاف أن القطاع الخاص أحد الروافد المؤثرة التي تدعمها الدولة في صياغة مسار اقتصادي أكثر ديناميكية، يعتمد هيكل نموه على الإنتاج والتصدير، وسط تداعيات الأزمات العالمية التي وضعت الاقتصادات الناشئة في تشابكات بالغة التعقيد.

وأكد أن الدول النامية كافة تُعاني من هذا المشهد المضطرب الذي ينعكس في ارتفاع تكلفة التمويل نتيجة لزيادة أسعار الفائدة ومعدلات التضخم، وغلاء السلع والخدمات على نحو غير مسبوق، خاصة فيما يتعلق بالغذاء والطاقة.

وقال وزير المالية، إن الفترة الراهنة مليئة بالتحديات الداخلية والخارجية، تأثرًا بتوترات جيوسياسية، سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط، تمثل تهديدًا للأمن القومي، وتدفع إلى البحث الذاتي عن آليات تلبية أكبر قدر ممكن من الاحتياجات الأساسية للمواطنين محليًّا، من أجل تقليص فاتورة الاستيراد وكبح جماح التضخم، وهنا يكون الرهان الأكبر على القطاع الخاص.

استهداف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعاون الشركاء الدوليين مع مجتمع الأعمال المحلي

وشدد د. محمد معيط، على حرص الحكومة بخطى متسارعة على تحفيز الإنتاج لتغطية الطلب المحلي وتصدير الفائض للخارج؛ وذلك باستهداف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعاون الشركاء الدوليين مع مجتمع الأعمال المحلي في شراكات عابرة للحدود تنطلق آفاقها من الأولويات المشتركة.

وأشار إلى توقيع عقود إحدى الصفقات المهمة بين الحكومة والقطاع الخاص المصري والأجنبي ضمن برنامج الطروحات؛ تنفيذًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة وإعلان رئيس الوزراء خطة الطرح فى الفترة المقبلة، والتي تفتح آفاقًا لتعظيم مساهمات القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.

وقال وزير المالية إن مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص تعد أحد المسارات المهمة الهادفة لتمكين القطاع الخاص وتخفيض عبء التمويل عن الخزانة العامة، وتحظى بإقبال قوي ودعم كبير من المؤسسات الدولية وجهات التمويل، نتيجة لخبرات الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بالوزارة في التعامل مع التحديات والخروج بهيكلة متطورة للمشروعات، وعقود متوازنة وجاذبة للمستثمرين وجهات التمويل.

الدول النامية تُعاني مشهدًا مضطربًا وسط ارتفاع تكلفة التمويل وغلاء غير مسبوق للسلع والخدمات

ولفت إلى أن ذلك ظهر في تنافس العديد من التحالفات العالمية على المرحلة الأولى من محطات تحلية المياه، وغيرها من مشروعات الموانئ الجافة والأرصفة البحرية، ومدارس اللغات بنظام المشاركة مع القطاع الخاص، والمدارس الفنية الدولية، مضيفًا أنه يجري الإعداد لطرحها خلال الفترة المقبلة في قطاعات الكهرباء والمياه ومحطات الصرف الصحي والصرف الصناعي وأسواق الجملة والمستشفيات واللوجيستيات.

ولفت إلى أنه يجري حاليًا بالتعاون مع البنك الدولي وضع القواعد الإرشادية والآليات الخاصة بتحويل مشروعات المشاركة إلى الاقتصاد الأخضر، بحيث تتوافق مع متطلبات التمويل الأخضر.

وأكد وزير المالية  حرص الحكومة على تقديم حزم تحفيزية للإنتاج والتصنيع المحلي والتصدير، تشمل إعفاء المشروعات الصناعية والإستراتيجية من بعض أنواع الضرائب لمدة خمس سنوات، مع إمكانية استعادة نسبة من قيمة الأرض والتكاليف الاستثمارية، تصل إلى 50% بشرط تنفيذ المشروع في نصف المدة المحددة.

وأشار إلى أنه تم استحداث نظام «مقاصة» بين مستحقات المستثمرين، وما عليهم من أعباء ضريبية أو غيرها لصالح الجهات الحكومية، مع وضع حد زمني 45 يومًا بما يضمن سرعة رد الضريبة، علاوة على إسقاط ضريبة القيمة المضافة غير المسددة على الآلات والمعدات الواردة من الخارج، لاستخدامها في الإنتاج الصناعي فور بدء الإنتاج.

مستعدون لتكرار تجربة حوافز صناعة المحمول مع صناعات أخرى ونتعامل بجدية مع مطالب الشركات الجادة

ونوه إلى الحوافز الضريبية وغير الضريبية التي تضمنها قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وتطبيق أنظمة مبسطة في شكل مبلغ مالي ضريبي مقطوع أو نسبة صغيرة جدًّا من الإيراد حسب الأحوال، دون الحاجة لإمساك دفاتر وسجلات وعدم الخضوع للفحص لمدة 5 سنوات على الأقل.

وقال إنه تم إصدار منشور استرشادي ببدء تطبيق الضريبة المقطوعة، سواء بمبالغ محددة أو نسب على كل الملفات الموجودة لدى مصلحة الضرائب، حتى التي لم تكن خاضعة للقانون، وقد تم تعديل قانون الدخل سعيًا لإنهاء مئات الآلاف من الملفات غير المغلقة ضريبيًّا عبر إخضاعها للضريبة المقطوعة، بدلًا من القواعد العادية وفحص السجلات.

وأكد وزير المالية، على مواصلة الحكومة مسيرتها المحفزة للقطاع التصديرى رغم كل التحديات، لافتًا إلى أنه تم صرف نحو 54 مليار جنيه للشركات المصدرة منذء بدء تنفيذ مبادرات سداد المستحقات المتأخرة للمصدرين في أكتوبر 2019، كما تم رصد 28 مليار جنيه لدعم قطاع التصدير خلال العام المالي الجاري فقط.

سداد 54 مليار جنيه منذ بدء مبادرة المستحقات المتأخرة للمصدرين ورصد 28 مليارًا في موازنة 2023-2024

وأوضح د. محمد معيط، أنه تم إقرار إعفاء جمركي لمعظم أجزاء ومكونات أجهزة الهاتف المحمول، وذلك بعد إبداء عدد من الشركات الاستعداد للتصنيع في مصر، والمطالبة برفع الضريبة الجمركية ورسم تنمية الموارد، حيث تم خفض الضريبة الجمركية على البعض الآخر بحيث لا تتجاوز 2% بعدما كانت تصل من قبل إلى 20 أو 30% وذلك لتشجيع صناعته محليًّا، وكذلك إلغاء رسم التنمية على أجزاء ومكونات والمنتج النهائي من التليفون المحمول المصنوع في مصر.

وأوضح وزير المالية أنه تم تعديل الضريبة الجمركية بحيث تتراوح بين صفر إلى 2% على عدد كبير من المدخلات، مؤكدًا استعداد وزارة المالية لتكرار التجربة مع صناعات أخرى، وأضاف: «نتعامل بجدية مع مطالب الشركات الجادة المستعدة للتصنيع بمصر وفتح خطوط إنتاج للسوق المحلية وللتصدير».

ولفت إلى رصد نحو 50 مليار جنيه في موازنة العام المالي الجاري لدعم قطاع الصناعة والتصدير، منها 6 مليارات جنيه لدعم الكهرباء، ونحو 13 إلى 14 مليار جنيه لخفض تكلفة التمويل عبر ضمانة مبادرة القطاعين الصناعي والزراعي بسعر فائدة 11%، إذ تتحمل المالية فارق التكلفة، كما تتحمل المالية الضريبة العقارية عن القطاع الصناعي بالكامل بتكلفة تقدر بنحو 1.5 مليار جنيه، بجانب تخصيص 28 مليار جنيه لدعم الصادرات.

50 مليار جنيه لدعم الصناعة والتصدير.. منها 6 مليارات للكهرباء ونحو 14 مليارًا لخفض تكلفة التمويل

وعلى صعيد التمويل، قال وزير المالية، إن مصر توجهت في الآونة الأخيرة نحو استخدام أدوات التمويل البديل، لإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة ارتفاع تكاليفه في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، ومن أبرزها التمويل الأخضر الذي أصبح توجهًا عالميًّا، نظرًا للتحديات البيئية المتزايدة، كما بات محط اهتمام العديد من المستثمرين الراغبين في دعم المشاريع البيئية المستدامة.

ولفت إلى نجاح مصر في إصدار أول سند أخضر بقيمة 750 مليون دولار، وإصدار سندات باندا مستدامة بسوق المال الصينية بقيمة 3.5 مليارات يوان توازي نحو 500 مليون دولار، وسندات ساموراي للمرة الثانية بقيمة 75 مليار ين ياباني، لتمويل الاستثمارات الصديقة للبيئة، بالإضافة إلى تأمين تمويل بنحو 1.5 مليار دولار من البنوك متعددة الأطراف للتنمية والمؤسسات العالمية.

وأوضح د. محمد معيط، أن من مميزات الاتجاه نحو التمويل البديل ارتفاع العائد في الأسواق الدولية لمستويات عالية جدًّا، مضيفًا: «قد يكون تراجع نسبيًّا في الوقت الحالي لنحو 13.6%، ولكنه كان قد قارب من 25% في فترة من الفترات».

1.5 مليار جنيه تتحملها المالية كضريبة عقارية عن القطاع الصناعي

وتابع، أن سندات الباندا طرحت بعائد 3.5% في السوق الصينية، بعد حصول وزارة المالية على ضمانة من بعض جهات التمويل الدولية، موضحًا أن التكلفة الكلية لهذا الطرح لم تتعد 4.5% بعد إضافة تكلفة الضمانة، وهو معدل تكاليف أفضل مقارنة بالمستويات في الأسواق الدولية، علاوة على أن تنويع الأسواق والعملات والأدوات والمستثمرين يفتح مجالًا للذهاب لأسواق أخرى مختلفة ومستثمرين جدد، مؤكدًا أن هذا هو المستقبل في توفير الاحتياجات التمويلية من الخارج.

التكلفة الكلية لسندات الباندا لم تتعد 4.5% بعد احتساب تكلفة الضمانة

وأشار إلى الطرح الثاني من سندات الساموراي اليابانية والذي بلغ العائد عليه نحو 1.5%، كما لم تتجاوز تكلفته الإجمالية 4% بإضافة قيمة الضمانات، وأضاف: «هذه أمثلة على كيفية اختراق أسواق غير معتادة مع مستثمرين مختلفين بتكاليف أقل بكثير جدًّا من المتاحة محليًّا أو دوليًّا».

ونوه إلى أن حصول مصر على قرض أخضر بقيمة 1.5 مليار دولار بلغ العائد عليه نحو 3.7 أو 3.8% كان من الأمور المهمة والناجحة نظرًا لانخفاض التكلفة وكونه بداية التوجه نحو التمويل الأخضر، وشارك فيه تحالف 25 بنكًا تجاريًّا.

التمويل البديل ساعد على اختراق أسواق غير معتادة مع مستثمرين جدد بتكلفة أقل بكثير من المتاحة محليًّا أو دوليًّا

ولفت إلى قيام وزارة المالية بتحديث آليات التمويل الأخضر إلى التمويل المستدام، لضم البُعد الاجتماعي إذ بات جزءًا أساسيًّا من التمويل تحقيق أهداف اجتماعية، مشيرًا إلى إتمام أول إصدار لتمويل مستدام في نوفمبر الماضي، بالتعاون مع بنوك عالمية وإقليمية، بقيمة بلغت نصف مليار دولار.

وقال د. محمد معيط، إن فكرة الحصول على تمويل بتكلفة معقولة لم تصبح سهلة في الفترة الراهنة، نتيجة لعدة ظروف منها التصنيف الائتماني لمصر والموجة التضخمية والسياسات النقدية التشددية على الصعيد العالمي، وأيضًا عدم وجود رغبة لذهاب التمويل للأسواق الناشئة.

التكاليف الكلية للتمويل الأخضر واقعيًّا أعلى من نظيره التقليدي

وأعرب عن آماله في تحسن الأوضاع عالميًّا مع بدء انخفاض التضخم وإعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي عدم وجود نية لزيادة أسعار الفائدة مجددًا خلال الفترة القادمة، لتبدأ معدلات الفائدة في النزول وعودة رؤوس الأموال مرة أخرى للأسواق الناشئة.

فيما أشار إلى أن مصر سيكون عليها عبء شديد خلال الفترة القادمة لتمويل المناخ والذي يدفع العالم كله نحوه الآن، خاصة وأن جميع مؤسسات التمويل الدولية بدأت في تطبيق ذلك واشتراط التحقق من عمل الجهات، طالبة الحصول على التمويل على الأجندة الخاصة بالتغيرات والتكيف المناخي.

وأوضح وزير المالية أن هذا سيلقي عبئًا كبيرًا على مصر، لأن باحتساب التكاليف الكلية للتمويل الأخضر فهي واقعيًّا أعلى من نظيره التقليدي، ومثال على ذلك إصدار السندات الخضراء الذي قامت به مصر، وكانت تكلفتة أقل من السندات العادية عند الطرح، ولكن باحتساب المصروفات الجانبية الأخرى، ومنها تأسيس وحدة خاصة للمتابعة وتعيين موظفين بها والالتزام بنشر التقارير الدورية والخضوع للمراجعة ونفقات التعاقد مع المستشارين الدوليين الذين تتم التوصية بهم من البنك الدولي، وبإضافة هذه التكاليف على أسعار العائد، يعتبر التمويل الأخضر أعلى تكلفة.

تحدثنا مع مسؤولي البنك الدولي عن أهمية تقليل التكلفة الفعلية للتمويل الأخضر.. والتحميل بأعباء إضافية غير محفز

وأضاف أن وزارة المالية تحدثت أكثر من مرة مع مسؤولي البنك الدولي حول أهمية العمل على تقليل تكلفة ومصروفات الحصول على تمويل أخضر، وعدم التحميل بأعباء أخرى إضافية غير محفزة على الاتجاه للحصول على هذا النوع من التمويل.

واختتم وزير المالية كلمته بدعوة رواد القطاع الخاص المحلي والأجنبي، للاستفادة مما تطرحه الدولة من مزايا نقدية وحوافز ضريبية وجمركية وغيرها من إجراءات ميسرة، مشددًا على اهتمام الوزارة بالاستفادة من جميع المقترحات المطروحة من القطاع الخاص، والتي يرى ضرورة للتحرك فيها لتشجيعه ومساعدته في التغلب على التحديات.شش

الرابط المختصر