أحمد خيري: التشابه الجيولوجي بين مصر والسودان يعزز فرص الثراء التعديني
مفاوضات لضمان الاستقرار الضريبي.. وبانتظار التوقيع النهائي
شاهندة إبراهيم _ قال أحمد خيري رئيس قطاع تنمية الأعمال في شركة إن تو ميتالز المالكة لشركة AKH GOLD LIMITED، إن نماذج اتفاقيات استغلال الموارد الطبيعية في مصر مغايرة تمامًا للمعمول بها في الدول الأخرى، نظرًا لأن هناك نوعين من الاتفاقيات يتم اتباعهما في السوق المحلية، الأول: الاستكشاف، والثاني: اتفاقيات الاستخراج لإنتاج الذهب، على غرار سنتامين المالكة لمنجم السكري.
وأشار خيري في تصريحات لجريدة حابي، إلى أن مصر كانت تعاني طوال الوقت من “مشكلة أزلية” طبقًا للقانون القديم في خمسينات أو ستينات القرن الماضي، قبل تعديل الحكومة القانون في 2018، وكان نموذج الاتفاقية شيئًا واحدًا، بمعنى أن الاستكشاف مثله كمثل الاستغلال، وليس فقط أن يتم عن طريق مزايدة، وإنما كان يتعين إصداره بمشروع قانون من مجلس الشعب ليأخذ قوة القانون، مضيفًا: “هذه الممارسة غير موجودة في أي دولة في العالم”.
وأكد أن التعديلات المُجراة على القانون فصلت ما بين اتفاقيات الاستغلال واتفاقيات الاستكشاف، وباتت اتفاقية الاستكشاف التي كان يتم توقيعها بشكل مباشر مع وزير البترول والثروة المعدنية، على أن يتم توقيع عقود الاستغلال في مرحلة لاحقة بنفس السياق القديم، وإتمامه عن طريق مجلس الشعب، واصفًا هذا الإجراء بأنه “معضلة قوية”.
وأوضح أن الدستور المصري لعام 2014 كان يحتم موافقة مجلس الشعب على الاتفاقيات، مؤكدًا أن هذا الوضع غير موجود في ضوء الممارسات الخارجية.
وتابع: أما اتفاقيات التعدين في الدول الأخرى فتتم عن طريق صدور قرار وزاري، سواء من الوزير المختص أو رئيس الوزراء، وبغض النظر عن آلية اختيار الشركة صاحبة الامتياز، سواء بتوقيع العقود بالاختيار المباشر أو عبر المزايدات والمناقصات.
ونوّه إلى أن هناك مشكلة أخرى في مصر، وهي أن مجال التعدين مختلف عن البترول من ناحية أنه يستهلك مدى زمنيا أطول، مشيرًا إلى أن المتوسط العالمي لإتمام مشروع للتعدين يحتسب من اللحظة الأولى لدق مسمار في الأرض وحتى بداية الإنتاج، ويتضمن ذلك عملية الاستكشاف ودراسات الجدوى وبناء المنجم، وتصل هذه المدة إلى نحو 10 – 12 عامًا.
وأضاف أنه قد يتخلل فترة بناء المنجم حالة من عدم الاستقرار التشريعي المتعلق بتغيير في الضرائب، ما يؤثر على دراسات الجدوى للشركات، وهو ما دفع الكيانات في مصر إلى طلب إيجاد اتفاق استغلال، بدلًا من انتظار 7 إلى 8 سنوات لتوقيع العقود، خاصة بعد إجراء الفصل في القانون ما بين اتفاقيات الاستغلال واتفاقيات الاستكشاف.
ونوّه إلى أن مطالب الشركات جاءت بغرض الإسراع، بحيث يكون هناك نوع من أنواع الامتياز للكيانات الموجودة من خلال الاستقرار الضريبي في المستقبل عند بدء الإنتاج.
وكشف رئيس قطاع تنمية الأعمال في شركة إن تو ميتالز المالكة لشركة AKH GOLD LIMITED عن أن الحكومة كانت قد أجرت مفاوضات مع الشركات المختلفة للحصول على موافقتها على مطالب الاستقرار الضريبي، ولكن لم يتم توقيع نهائي لعقود الاستغلال حتى الآن.
وحول إمكانية تحقيق المستهدفات الحكومية بجذب استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 380 مليون دولار خلال عامين في قطاع التعدين، يرى أن مصر بصفة عامة تمتلك مقومات استثمارية متفردة تخدم قطاع التعدين.
وتابع: مصر تمتلك بنية تحتية قوية جدًّا، وهي واحدة من أهم البنى الموجودة في العالم، لافتًا إلى أن هذه الميزة غير متوافرة في دول عديدة غنية بالثروات المعدنية، بجانب تمتع مصر باستقرار سياسي وأمني، فضلًا عن موقعها الجغرافي وقربها من الدول المعنية.
وأوضح خيري أن معظم شركات التعدين في العالم تستخرج المعادن، ومن ثم تبعثها إلى شركات التنقية، وأغلب هذه الشركات موجودة في أوروبا، مع تواجد بعضها في كندا وأمريكا، ولذلك فإن الموقع الجغرافي لمصر يوفر ميزة إضافية في ظل ارتفاع أسعار الشحن والتأمين بشكل كبير، إثر اضطرابات حركة الملاحة.
وتابع: رغم أن المعادن المستخرجة يتم نقلها إلى شركات التنقية عن طريق النقل الجوي، لكن الارتفاع في الأسعار بصفة عامة والتأمين يلقي بظلاله، ولذلك فإن موقعك الجغرافي يسهل عملية النقل والتكلفة الواقعة على الشركات في هذا البند تكون أقل.
وفي الوقت نفسه، يرى أن مصر ما زالت دولة بكر في مجال الثروة المعدنية، نظرًا لتواجد منجم واحد فقط عامل في السوق المحلية طبقًا للمواصفات العالمية، وهو منجم السكري التي تديره شركة السكري المملوكة لشركة سنتامين المدرجة في البورصة الإنجليزية.
وتساءل: هل مصر غنية بالثروات المعدنية أم لا؟ مشيرًا إلى أن إجابة هذا السؤال موجودة عند شركات الاستكشاف التي تسلم بياناتها إلى الحكومة والجهة المعنية -هيئة الثروة المعدنيةـ التي تحلل هذه البيانات وتبين وضع مصر من حيث الثراء التعديني والمعدني، ولذلك هذه النقطة لم تتضح حتى الآن.
وتابع: لكن المؤشرات الفنية الأولية تشير إلى أن مصر دولة غنية، بدعم من أنها ضمن سلاسل جبال النوبة التي تقع على سلاسل جبال البحر الأحمر المشابهة للموجودة في السودان وإثيوبيا والمملكة العربية السعودية من الناحية الأخرى، فهذه الدول غنية بشكل واضح في الثروات المعدنية وتحديدًا الخرطوم التي تعتبر واحدة من أغنى دول العالم في الثراء المعدني.
وأكد أن هناك تشابهًا جيولوجيًّا وفنيًّا بين طبيعة التربة في مصر والسودان، ما يعطي مؤشرات داعمة على تشابه القاهرة والخرطوم، ولكنها غير مستغلة حتى الآن نتيجة قانون التعدين وعوامل أخرى كثيرة، إلا أن الدولة بدأت مؤخرًا محاولات للتغيير.
وتابع: أيضًا بدأنا نرى دلالات على اهتمام الشركات العالمية بدخول السوق المصرية، ومنها “بي.تو جولد” و”إن تو ميتالز” و”باريك جولد” و”سنتامين”، بجانب كيانات أخرى ومن ضمنها “نيومونت”.
وشدد خيري على رغبة شركات كبيرة في العالم لدخول السوق المصرية، وإذا استطاعت الدولة اجتذاب رؤوس أموال هذه الكيانات من خلال تهيئة البيئة التشريعية والسياسات الحكومية، بجانب ضرورة وجود ثراء معلوماتي عن التعدين، مؤكدًا على أن مصر تمتلك فرصا عظيمة لتصبح واحدة من أهم الدول في هذا المجال.
مصر تنتج 15 طنًّا سنويًّا والمجلس العالمي يستند في إحصائياته إلى بيانات سنتامين
ونبّه إلى أن المنجم الوحيد المطابق للمواصفات العالمية في مصر هو منجم السكري التابع لشركة سنتامين، لافتًا إلى أن مجلس الذهب العالمي يستند إلى بيانات سنتامين في إحصائياته عن حجم إنتاج مصر من الذهب، والمقدر بنحو 15 طنّا سنويًّا، وهي نفس أرقام مستخرجات سنتامين من الذهب.
وتابع: “سنتامين شركة مدرجة في البورصة، وهو ما يجعل بياناتها واضحة عند وضع تقديرات وتصورات الإحصائيات الخاصة بمصر”.