عمرو السمدوني: مراكز توزيع إقليمية مقترحة للتغلب على أزمة الشحن البحري

ارتفاع أسعار الشحن يضاعف أرباح شركات الملاحة

aiBANK

يارا الجنايني _ حققت شركات الملاحة أرباحًا استثنائية في الفترة الأخيرة، رغم التحديات الناجمة عن اضطرابات البحر الأحمر وتراجع حركة الشحن البحري.

ويرى الدكتور عمرو السمدوني، رئيس شركة فينيكس لخدمات الشحن وسكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية، أن الارتفاع الحاد في أسعار الشحن كان العامل الرئيسي وراء زيادة أرباح الشركات، رغم التباطؤ الملحوظ في النشاط التجاري.

E-Bank

وفي تصريحات لجريدة حابي، ضرب السمدوني مثلًا بارتفاع سعر شحن الحاوية من الصين إلى ما يقارب 8000 دولار مقارنة بنحو 2000 دولار.

في المقابل، تأثرت شركات الخدمات اللوجستية سلبًا، إذ لم تحقق زيادات مماثلة في الأرباح بسبب تراجع الطلب، ما أدى إلى انخفاض إيراداتها مقارنة بشركات الملاحة.

وأشار السمدوني إلى أن تحول الخطوط الملاحية لاستخدام طريق رأس الرجاء الصالح بدلًا من قناة السويس ضاعف مدة الرحلات من 15 يومًا إلى ما يتراوح بين 30 و40 يومًا، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الشحن بشكل غير مسبوق.

وأوضح أن التكاليف اللوجستية المتصاعدة أصبحت تشكل عبئًا ثقيلًا على الشركات، وأضعفت قدرة المصدرين المصريين على المنافسة في الأسواق الدولية.

توترات البحر الأحمر ترفع تكاليف الشحن وتربك جداول التسليم

وتابع أن طول فترة الرحلات أحدث ارتباكًا واضحًا في جداول التسليم وجدولة الشحنات، مشيرًا إلى أن بعض الشركات اللوجستية تجد نفسها عاجزة عن التصرف في مواجهة هذه الأزمات المتلاحقة.

وأوضح أنه في حالات الطوارئ، يلجأ البعض إلى استخدام الشحن الجوي لنقل جزء من البضائع، خاصة تلك القابلة للتلف، نظرًا لطول مدة الرحلة البحرية.

تكاليف الشحن الجوي أعلى 6 مرات من النقل البحري

ومع ذلك، أكد السمدوني أن هذا الخيار يأتي بتكلفة أعلى تصل إلى 6 أضعاف تكلفة الشحن البحري، حتى مع الزيادات الأخيرة في تكاليف النقل.

وأضاف أن زيادات أسعار المحروقات نتيجة لتمديد فترة الرحلات البحرية ضاعفت من أعباء الشركات، التي باتت تحتاج إلى كميات أكبر من الوقود، مما رفع تكاليف التشغيل بشكل لافت.

وتابع أن المرور عبر عدة موانئ إفريقية في طريق رأس الرجاء الصالح يكبد الشركات رسومًا إضافية وإجراءات صيانة متكررة، مما يزيد من الأعباء المالية على الخطوط الملاحية.

وتطرق السمدوني إلى مسألة التأمين، حيث شهدت رسوم التأمين على الشحنات زيادة تتراوح بين 15% و20% نتيجة للمخاطر المتزايدة التي تصاحب الرحلات البحرية الطويلة.

التكاليف الإضافية تضعف قدرة الشركات المصرية على المنافسة الدولية

وأكد أن الشركات اللوجستية تتحمل هذه التكاليف الإضافية، مشيرًا إلى أن العملاء يدركون حجم التحديات التي يواجهها القطاع في ظل الوضع الراهن ويميلون إلى تفهم تلك الزيادات.

نبه السمدوني إلى معاناة قطاع الخدمات اللوجستية من تراجع كبير في حجم العمليات التشغيلية بنسب تتراوح بين 40% و55%، خاصة خلال شهري أغسطس وسبتمبر، وهي فترة عادةً ما تشهد نشاطًا أكبر، ما أسهم بدوره في تراجع إيرادات وأرباح بعض الشركات العاملة في القطاع.

وفي محاولة للتغلب على هذه التحديات، أوضح السمدوني أن هناك دراسة جارية لإنشاء مراكز توزيع إقليمية (HUBs) في دبي وسلطنة عمان، بهدف تجميع الشحنات القادمة من الشرق الأقصى ونقلها بريًّا عبر السعودية وصولًا إلى مصر.

وتابع: “على الرغم من أن هذه الحلول قد تبدو مكلفة ومحفوفة بالمخاطر، إلا أنها قد تصبح ضرورة ملحة إذا استمرت الأزمة لفترة طويلة”.

وأكد أن هذه الخطوة، رغم تعقيدها، قد تكون الخيار الوحيد المتاح أمام الشركات لتفادي المخاطر المرتبطة بالمرور عبر البحر الأحمر.

وفيما يتعلق بالتكنولوجيا، أشار السمدوني إلى أن استخدام تقنيات حديثة لضمان سلامة الشحنات يعتمد بشكل كبير على استعداد الخطوط الملاحية لتحمل التكاليف الإضافية.

وأوضح أن الشركات اللوجستية تتابع شحناتها باستمرار من خلال الاتصال المباشر مع الموانئ، إلا أن الإجراءات الجوهرية يجب أن تأتي من الخطوط الملاحية نفسها.

ولفت إلى أن التعاون مع المنظمات الدولية البحرية يظل محدودًا في تأثيره على القرارات التنفيذية المتعلقة بالأزمة، حيث يقتصر دور هذه المنظمات على تقديم التسهيلات، إبرام التعاقدات، وتوصيل المعلومات إلى القيادات والجهات المعنية، دون القدرة على اتخاذ خطوات حاسمة.

وأوضح السمدوني أن المرحلة الراهنة ستؤدي بلا شك إلى تغييرات جوهرية في كيفية إدارة الشركات لعملياتها، خاصة إذا طال أمد الأزمة.

وأكد أن الشركات تسعى حاليًا إلى استكشاف حلول بديلة، مثل اللجوء إلى النقل متعدد الوسائط كخيار إستراتيجي.

وتابع: مع ذلك، لم تتمكن الشركات من اتخاذ قرارات جذرية بهذا الشأن، نظرًا لانخفاض حجم الأعمال نتيجة تقلص نشاط العملاء من المستوردين والمصدرين.

تفعيل الاتفاقيات والتعاقدات لاستخدام النقل متعدد الوسائط سيكون خيارًا مستقبليًّا عندما يتزايد حجم الأعمال

وأضاف أن تفعيل الاتفاقيات والتعاقدات لاستخدام النقل متعدد الوسائط سيكون خيارًا مستقبليًّا عندما يتزايد حجم الأعمال، بهدف تقليل المخاطر والسيطرة على التكاليف.

وأشار إلى أن الظروف الراهنة تسببت في تعليق الخطط الاستثمارية والتوسعية لشركة “فينيكس”، حيث أصبحت التحديات الجيوسياسية واللوجستية المتسارعة عائقًا أساسيًّا أمام تنفيذ أي خطة.

وأوضح أن هذه العقبات تتفاقم بفعل ارتفاع سعر العملة والقيود المفروضة على الاستيراد، مما يؤثر سلبًا على العمليات اللوجستية.

وتابع: مع تقليل الواردات وتطبيق قيود جديدة، يتراجع حجم الأعمال لدى العملاء، وبالتالي يتأثر القطاع الخدمي بشكل مباشر.

وأشار السمدوني إلى أن القيود على الاعتمادات المستندية قلصت من حجم الشحنات الحيوية، مثل قطاع السيارات، الذي يمثل جزءًا أساسيًّا من الأنشطة اللوجستية ويعد حيويًّا لأي عمليات نقل.

الرابط المختصر