بقلم نيڤين الطاهري مؤسس ورئيس شركة دلتا شيلد للاستثمار ووكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب _ من هو رائد الأعمال المؤهل؟ ماذا يعني أن تكون رائد أعمال؟
حين تقدمت باستقالتي من وظيفتي المستقرة المرموقة بأحد البنوك، ولكوني شديدة التعلق بالعمل، فقد بدأت خوض عدة تجارب كاستشاري في محاولة لمعرفة “ما هي خطوتي التالية”.
لقد كنت حقًّا محظوظة خلال فترة عملي كاستشاري، بالتعاون مع العديد من الشخصيات المرموقة ذات السمعة الطيبة لعدة سنوات، وتعلمت الكثير خلال عامين قبل أن أجد طريقي المستقبلي.
طلب مني أحد أقاربي الأعزاء أن نتشارك في تأسيس شركة تعمل تحت مظلة قانون سوق المال المصري في محاولة لإعادة إحياء البورصة المصرية آنذاك والتي عانت من الركود لفترة طويلة أثناء فترة التأميم في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.
سوف أشارككم 3 دروس أساسية تعلمتها:
1- التعلم بالعمل.
2- الشراكات.
3- الرؤية.
التدريب العملي
كانت بداية طريقي كرائدة أعمال، دون معرفة الكلمة آنذاك. أن تكون صاحب عمل خاص، يحتم ذلك عليك المزيد من الالتزام أكثر بكثير عن أي عمل آخر، خصوصًا حين يتم مقارنته براتب منصب تنفيذي! أي مهارة يمكنك أن تكتسبها في العمل، فقط لو امتلكت الإرادة والرغبة في بذل المجهود والعمل بجد واجتهاد، ومن المؤكد أنك سوف تواجه تحديات كثيرة ستجعلك دومًا في محاولة دائمة للتخفيف من أضراراها قدر الإمكان بأي ثمن.
بعض الناس قد يسمون ذلك “شغف”، لكن في رأيي هو يميل أكثر لكونه “أخلاقيات”. لماذا أخلاقيات؟ لأنك قد اجتذبت أشخاصًا للعمل معك ولديهم عائلات أو أنهم صغار في السن، وينظرون إليك كقدوة يستشهدون بها ويذكرونها في المستقبل.
لا يوجد عمل دون تحديات ومع التغيرات التي تحدث سواء بسبب القوانين أو الصدمات الخارجية، وأيضًا الداخلية، يجب أن نتعلم كيف نقود وندير.
“الشراكات” خلال فترة خبرتي في مجال ريادة الأعمال التي تصل إلى 25 عامًا -سواء في شركاتي الخاصة أو في شركات أخرى ساهمت بها كشريك صامت أو رواد أعمال قمت بتوجيههم- يأتي السبب الرئيس و الأول وراء الفشل من الشركاء.
فمع الحماس لتأسيس شركة أو الدخول كشريك في شركة موجودة بالفعل، تفاصيل الأدوار والتوقعات نادرًا ما يتم مناقشتها تفصيلًا، مما يؤدي إلى وجود انشقاق واضح في وقت لاحق، ولهذا السبب تأتي أهمية معرفة الدافع لاختيار هذا الشريك! لا تستهِن بالأمر، إنه لأمر غاية في الأهمية أن تتم مناقشة كل التفاصيل الممكنة، مثل: من سيقوم بضخ الأموال، ما هي مسؤوليات كل طرف، هل هو المدير التنفيذي الذي سيواجه العملاء أم مدير العمليات أم المدير المالي.. إلخ ولإعطاء مثال أكثر انتشارًا نراه يحدث عادة بين الشباب، تجد على سبيل المثال 4 أصدقاء يملكون جميعًا حصصًا متساوية بالشركة ولكن دون تحديد الهيكل التنظيمي مثل من سيكون شريكًا صامتًا ومن سيكون له اليد الفاعلة في الشركة.
ومع مرور الوقت، يذهب أحد الشركاء ليؤسس شركته الخاصة، وآخر يتم تعيينه بشركة متعددة الجنسيات وآخر يعتقد أنها كانت فكرته منذ البداية ويكفي ما تم بذله بها ليتركوا واحدًا منهم يمتلك ربع الأسهم ولكن يقوم بكل الجهود الصعبة ويتحمل جميع المسؤوليات التي تحتاجها أي شركة ناشئة أو حتى شركة كبيرة لتظل تعمل بشكل جيد، ولهذا السبب لجأت العديد من الشركات إلى اعتماد خطط الإثابة ليكون للموظفين التنفيذيين الذين يصنعون الفرق أسهم بالشركة حتى يكون لهم “نصيب من اللعبة” والكل يثاب بحسب أحقيته حينذاك.
“الرؤية” لها أهمية كبيرة لجعل رائد الأعمال قادرًا على تخيل المستقبل.
في معظم الأوقات تبدأ بوضع خريطة طريق معينة، لكن مع التقدم، نكتشف أنه يجب علينا أن نكون أكثر مرونة وسريعي التصرف. مما يعني أنه يجب علينا البدء بالفكرة لكن مع رؤية واضحة لما نستهدف الوصول إليه، القول أسهل كثيرًا عن التنفيذ، لأنه في الكثير من الأحيان لا نمتلك الوعي الكامل بديناميكية السوق أو حتى قدرتنا على تحقيق حلمنا، كوننا لا نملك رأس المال المناسب، أو الفريق الصحيح، أو لمن نقوم بتقديم فكرتنا بشكل يساهم في جمع أموال من الشركاء أو حتى المؤسسات المالية.
طريقتي في التعامل مع هذا سواء لنفسي أو للآخرين، هي أن أجد شركة نموذجية تمثل لي الأمل لأحتذي بها، وتكون بالنسبة لي بمثابة نموذج العمل الخاص بي. وبما أن المعلومات قد أصبحت متاحة بكثرة على مواقع الإنترنت ومن الشركات نفسها، فهذا يعد نقطة انطلاق ممتازة تمكننها من اتباع اتجاهات النمو.