بيركشاير هاثاواي التابعة لوارن بافيت تصل بالسيولة النقدية إلى مستوى 325 مليار دولار
بعد خفض حصتها في أبل بنحو 67%
سي ان بي سي _ أثارت التحركات الاستثمارية للملياردير الأمريكي وارن بافيت الملقب بـ “حكيم أوماها” خلال الفترة الأخيرة التساؤلات حول ما هو الهدف وراء تلك التحركات خاصة أن من بين عمليات بيع الأسهم التي أجراها مؤخراً تتضمن خفض حصص في شركات عملاقة مثل أبل.
وصلت قيمة السيولة النقدية لدى الشركة التابعة لبافيت بيركشاير هاثاواي إلى مستوى 325 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام الجاري مع استمرار الشركة في خفض حصتها في شركة أبل لأقل من 67% وغيرها من الأسهم، وهو ما أدى إلى تحقيق مكاسب بقيمة 97 مليار دولار لشركة الاستثمار التي يسيطر عليها بافيت منذ العام 1965.
قيمة أصول بيركشاير هاثاواي من النقد ترتفع لأعلى مستوى منذ العام 1990
يمثل النقد حالياً نحو 28% من قيمة أصول بيركشاير هاثاواي، وهو أعلى مستوى منذ العام 1990 على الأقل، وهو وضع ترك بافيت متابعيه يحاولون تحديد الأسباب وراء الوصول إليه، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
يعتقد بعض المستثمرين والمحللين أن بافيت، الذي تدرب تحت إشراف المستثمر الأسطوري بنيامين جراهام – أولاً في جامعة كولومبيا ثم في شركة جراهام الاستثمارية – متمسك بمبادئه الأساسية في الاستثمار. ويرون ذلك في موقفه من أسهم شركة أبل التي تتميز بنسبة مرتفعة نسبياً لسعر الأسهم من الأرباح حالياً وأيضاً مقارنة مع النمو المحتمل لأرباحها.
ما التفسيرات المحتملة لتصرفات وارن بافيت الاستثمارية؟
حذرت أبل المستثمرين مؤخراً من أن منتجاتها المستقبلية قد لا تكون مربحة مثل iPhone، حيث تستثمر رأس المال في الذكاء الاصطناعي لمحاولة اللحاق بمنافسيها بما في ذلك Alphabet مالكة Google.
يعتقد آخرون أن شيئاً آخر يجري، نظراً لإشادة بافيت بشركة أبل على مر السنين وندرة فرص الاستثمار الأخرى، وهو ما تحدث عنه المستثمر البالغ من العمر 94 عاماً عدة مرات. ويتساءل هؤلاء عما إذا كان بافيت يهيئ المجال لخليفته، أو إذا كان يرى أزمة في الأفق، مما يمنحه سبباً لجمع الأموال.
وتساءل المحلل جريجوري وارن من شركة Morningstar، قائلاً: “هذا يطرح السؤال، لماذا يتم تجميع الكثير من النقد؟”.
وقال المحلل إنه لا يعتقد أن بافيت كان يستعد لإتمام واحدة من الصفقات الكبرى التي أصبحت رمزاً لاستراتيجيته الاستثمارية، وذلك نظراً للصعوبات التي يواجهها في المنافسة مع مشترين آخرين. كما أن بيركشاير هاثاواي لا تتدخل لتوفير رأس المال للشركات الأميركية العملاقة مثل Intel التي سعت للحصول على عشرات المليارات من الدولارات من رأس المال لتمويل عملياتها.
كما حد بافيت من شرائه للأسهم الأخرى هذا العام، حيث اشترى أسهماً بقيمة 5.8 مليار دولار فقط حتى نهاية سبتمبر. يعتبر هذا المبلغ ضئيلاً مقارنة بمبيعات الأسهم التي نفذتها شركته والتي بلغت 133.2 مليار دولار.
تهيئة المجال لخليفة بافيت
قللت المبيعات من مخاطر الأسهم التي بحوزة بيركشاير هاثاواي ومنحتها سيولة كافية للاستثمار عند الأوقات الحرجة، وهو ما سبق أن فعلته في فترات الاضطرابات الماضية. لكن بعض المستثمرين يشعرون بأن هناك أسباباً أخرى للتحول.
وذكر محلل الأبحاث في شركة Douglass Winthrop المستثمرة في بيركشاير، جيف موسكاتيلو، أنه من غير المرجح أن يكون التقييم “السبب الكامل” وراء سحب بافيت لأمواله.
وقال موسكاتيلو: “إن الانتقال الإداري الحتمي الوشيك (في الشركة) يجعل الوقت مناسباً لتهيئة الساحة للجيل القادم”.
واتفق المحلل جريجوري وارن مع هذا الرأي، قائلاً إن جريج أبل، خليفة بافيت المنتظر في إدارة الشركة، من المرجح أن يستخدم تلك السيولة النقدية وفقاً لرؤيته الاستثمارية.
وقال وارن: “[بافيت] كان أكثر وعياً بكيفية حديثه عن بيركشاير هاثاواي والمستقبل”. “إنه يعلم أنه لن يبقى هناك لفترة أطول. إنه لا يريد بالضرورة أن يثقل كاهل خلفائه بمواقف يتعين عليهم التعامل معها”.
وأضاف: “إنه يريد أن يكون لدى جريج سيولة نقدية كبيرة للعمل بها”.
كانت بيركشاير هاثاواي ما يتوفر لديها عادة سيولة نقدية كبيرة، وهو ما يعود جزئياً لتلبية متطلبات اللوائح التي تنص على وجود سيولة كافية في محفظتها الاستثمارية لسداد المطالبات المستقبلية من عمليات التأمين الضخمة الخاصة بها.
تاريخ الاستثمار في أبل
يعود تاريخ استثمار Berkshire في شركة أبل إلى العام 2016 عندما اشترت ما يقل قليلاً عن 10 ملايين سهم بقيمة 1.1 مليار دولار. كانت عمليات الشراء بمثابة صدمة، نظراً لأن بيركشاير هاثاواي كانت تتجنب منذ فترة طويلة شركات التكنولوجيا سريعة النمو. وحتى العام 2012، أخبر بافيت المساهمين أنه حتى مع ربحيتها المتزايدة، فإنه “لن يرغب في شراء” أبل.
بحسب ما قاله شخص مطلع على الأمر، قام نائب بافيت، تيد ويشلر، بالاستثمار الأولي في الشركة، وخلال الأشهر التي تلت ذلك، أصبح بافيت نفسه يقدر نموذج أعمال الشركة، متأثراً بالوقت الكبير الذي يقضيه العملاء في استخدام هواتف iPhone، ومدى ولاء العملاء لتلك الأجهزة حيث يصعب عليهم التبديل إلى منافس آخر.
سرعان ما اشترى بافيت حصة جديدة لتجمع بيركشاير هاثاواي حصة 5.9% من أسهم أبل. وبلغت قيمة مركز الشركة في أبل ذروتها خلال العام الماضي عند ما يقرب من 178 مليار دولار. وتشير الإفصاحات الفصلية التي حللتها صحيفة فاينانشال تايمز إلى أن شركة Berkshire أنفقت حوالي 39 مليار دولار.
تراجع جاذبية الأسهم
يقول متابعو رجل الأعمال الأمريكي إن هناك أسباباً وجيهة لتصديق كلمات بافت: أنه يجد عائد سندات الخزانة قصيرة الأجل أكثر جاذبية من “البديل المتاح في أسواق الأسهم”، بحسب ما قاله في مايو/ أيار.
وقال كبير مسؤولي الاستثمار في Glenview Trust، بيل ستون: “الأسهم، بما في ذلك أبل وبنك أوف أمريكا، لم تصبح أرخص منذ ذلك الحين. يبدو الأمر بسيطاً للغاية”.
تتداول أسهم صانع iPhone بأكثر من 30 ضعف أرباحه المتوقعة للعام المقبل، وفقاً لـ FactSet. ويشير مدير صندوق الاستثمار في مجموعة Cheviot وأحد المساهمين في بيركشاير هاثاواي، دارين بولوك، إلى أنه عندما كان بافت يشتري، كان السهم أقرب إلى 12 أو 13 ضعف الأرباح، وأن “أبل كانت تنمو بمعدل أسرع بكثير”.
وأضاف بولوك: “عندما تكون الأسهم مبالغة في تقييمها، تتراكم السيولة النقدية في بيركشاير هاثاواي لأن بافت يجد أسهماً أقل للشراء”. وتابع: “بيع أسهم أبل وامتلاك هذا القدر الكبير من النقد في سوق مرتفع التقييم هو أمر كلاسيكي من بافيت”.
سيتعين على المستثمرين الانتظار ثلاثة أشهر أخرى قبل أن يعرفوا إذا ما كان ذلك حقيقياً ومؤكداً. قالت الشركة لصحيفة فايننشال تايمز إن بافت ينتظر مشاركة أي أفكار حول هذه المسألة في رسالته السنوية المقرر صدورها في فبراير.