رجل الأعمال نجيب ساويرس في مقابلة صحفية خلال مؤتمر حابي: ننتظر تشجيعا أكبر للقطاع الخاص
الدولة يجب ألا تنافس القطاع الخاص وعليها الخروج من الاستثمارات
للعام السادس على التوالي.. أجرت جريدة حابي مقابلة صحفية مباشرة مع رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس ضمن فاعليات مؤتمر حابي السنوي، تناولت مناقشة أهم القضايا الاقتصادية على الساحة المحلية والإقليمية، إلى جانب التعرف على نظرته وخططه بالقطاعات الاقتصادية المختلفة وفي مقدمتها العقارات والسياحة والزراعة والقطاع المالي والصناعة بمجالاتها المتنوعة، إلى جانب خطط وتوقعات الاستثمار في الذهب.
وقدم ساويرس حزمة من التوصيات لتحسين أداء الاقتصاد المصري والخروج من دائرة الضغوط الاقتصادية المختلفة، وتحقيق المرونة في برامج الإصلاح بما يشجع على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، مع التشديد على أهمية خصخصة الشركات العامة، والتخارج من ساحات المنافسة أمام القطاع الخاص والاعتماد عليه بشكل موسع في مختلف القطاعات، مع الاستعانة بخبرات المكاتب الدولية في إعداد الشركات قانونيًّا وماليًّا، وعدم التمسك بالتقييمات المرتفعة للأصول.
كما أكد ساويرس أهمية تكرار الصفقات كبيرة الحجم المتضمنة مبادلة ديون على غرار صفقة رأس الحكمة، بالتوازي مع دعم البورصة المصرية لتنفيذ طروحات متتابعة خلال الفترة المقبلة، إلى جانب العمل على تخفيض أسعار الفائدة لتنشيط عجلة الاقتصاد.
وطالب ساويرس بالإسراع في تنفيذ خطط التخارج وبرنامج الطروحات، لإحداث فارق سريع في أداء الاقتصاد، وكذلك طرح المطارات على القطاع الخاص كبداية لتشجيع السياحة، مؤكدًا الرغبة في المنافسة على تطوير مناطق جديدة بمحيط الأهرامات، وإقامة نحو فندقين بتكلفة استثمارية تدور حول 150 مليون دولار لخدمة السياحة السريعة بهذه المنطقة.
كما شجع القطاع الخاص على ضخ الاستثمارات في المشروعات الموجهه للتصدير، والعمل على جذب تدفقات دولارية للتحوط من تقلبات الأسعار، إلى جانب توصيات ونصائح استثمارية متنوعة للحكومة والقطاع الخاص الأجنبي والمحلي وكذلك للشركات الناشئة ومشروعات ريادة الأعمال نكشف عنها تفصيلًا في النص التالي..
ياسمين منير: نرحب بحضراتكم مرة أخرى في فعاليات مؤتمر حابي السنوي السادس.. يشرفنا حضوركم الكريم ومشاركتكم منذ اللحظات الأولى لانطلاق المؤتمر، كما يشرفنا حضور المهندس نجيب ساويرس، الذي لا يبخل عن مشاركتنا بلقاء خاص سنويًّا، وها نحن نلتقي للعام السادس على التوالي، آملين أن تستمر لقاءاتنا عامًا بعد عام.
مهندس نجيب، اعتدنا في كل لقاءاتنا السنوية أن نستهل الحوار انطلاقًا من عنوان المؤتمر، وقد اخترنا هذا العام عنوان «الإصلاح المرن».. من وجهة نظر رجل الأعمال نجيب ساويرس، كيف يمكن للإصلاح الاقتصادي أن يتسم بالمرونة والهدوء حتى لا يتسبب في صدمات، سواء لمجتمع الأعمال أو المواطنين؟
نجيب ساويرس: نجتمع كل عام وتسألين تقريبًا نفس السؤال، وأجدني أكرر نفس الإجابة.
ياسمين منير: إذًا، لا شيء تغيّر منذ ذلك الوقت؟
نجيب ساويرس: قد أكدنا أكثر من مرة أن الدولة يجب ألا تنافس القطاع الخاص، وأن عليها الخروج من الاستثمارات التي تنافس القطاع الخاص، وتحدثنا عن أهمية الخصخصة عبر بيع هذه الشركات والاستثمارات للقطاع الخاص، ليس من الباب التخلي عنها، فهذه أصول وطنية وقد تؤول ملكيتها لمصريين، وحتى إن آلت الملكية لمستثمر أجنبي فهو لن يهرب بها، بل يضع إدارة محترفة ويرفع مستوى الكفاءة كما يرفع رأس المال، ويضخ استثمارات كبيرة تساهم في تعزيز قيمة الأصول وكفاءة إدارتها.
الخصخصة تساعد في الحفاظ على المال العام وحمايته من الفساد وترفع كفاءة الأصول الوطنية
كما أن ذلك سيساعد في الحفاظ على المال العام، فقد تحدثنا كثيرًا أيضًا عن أن المال العام يُنهب ويعاني من الفساد ومن يتلقون الرشاوى وغيرها من الممارسات، في حين يختلف الوضع تمامًا بالقطاع الخاص، لأن صاحب المال يكون حريصًا على متابعة أمواله، وهذه هي أول مسألة.
البورصة المصرية قادرة على تحقيق نمو كبير بشرط الابتعاد عن التدخلات
أما بالنسبة لباقي المقومات فأرى أنها متوافرة بالفعل، لدينا بورصة يمكن أن تحقق نموًّا كبيرًا، شريطة أن تبتعد عن التدخلات السياسية وما شابه، وأن يتمتع الرقيب على السوق بالحرية الكاملة في قراراته، بعيدًا عن أي تدخلات، فالأساس موجود وهذا ما نأمل أن يتم.
توفير الدولار السبيل لتحجيم السوق السوداء.. والتسعير الحقيقي للصرف يزيد التدفقات
تشجيع القطاع الخاص أيضًا يحتاج للمزيد، كذلك حل مشكلة العملة الحالية، والتي لن تُحل سوى بجرأة كبيرة، ومعرفة أن توفير الدولار هو السبيل لإبعاد المتعاملين عن السوق السوداء، وكلما وضعت تسعير حقيقي للصرف، زادت المدخلات من الدولار وبالتالي الأزمة ستنتهي، فمن يحاول محاربة السوق دائمًا يفشل.
فالنصيحة الرأسمالية تقول بوضوح: «Don’t fight the market, go with the market»، أي لا تقاوم قوى السوق، بل تحرك في اتجاهها.
رضوى إبراهيم: مهندس نجيب، أرحب بك مجددًا وبالسادة الحضور.. دعنا نلقي نظرة أوسع عن الوضع في مصر، فأسواق المنطقة تشهد في معظمها أوضاعًا ملتهبة وأحداثًا سياسية شديدة السخونة، مثل ما يجري في غزة وليبيا ودول كثيرة، كما تشهد سوريا خلال الأيام الأخيرة تصاعدًا كبيرًا في الأحداث، وقد تابعنا تعليقاتك بشأن استثماراتك هناك.. نريد أن نعرف كيف تؤثر هذه الأحداث على فرص الاستثمار في المنطقة؟ وما هي خططتك بهذه الأسواق؟ وهل ترى أن هذه الأزمات قد تكون سببًا في خلق فرص استثمارية كبيرة، بما في ذلك الأسواق التي تشهد اضطرابات؟
نجيب ساويرس: كان لي تجربة استثمار في سوريا أكسبتني معرفة جيدة بهذا البلد، المشكلة الرئيسية التي تواجه المنطقة بأكملها هي أننا غالبًا ما نُوضع بين خيارين: إما تيارات متطرفة دينية، وإما حكومات ديكتاتورية، أو ديكتاتور، فبشار الأسد ورث الديكتاتورية عن والده، ولله الحمد نحن نجونا من التوريث.
مشكلة أغلب أسواق المنطقة التأرجح بين خيارين.. والوضع في سوريا لم يستقر
فدمشق على سبيل المثال، كنتِ إذا سافرتِ لخمس سنوات وعدتِ، أجد الأوضاع كما هي، نفس الغبار على مكاتب الوزراء الذين نقابلهم، دون أي تقدم، فمن زار مصر قبل 20 عامًا لمس التغيير والتطور، في حين لم تشهد سوريا أي تنمية.
النظام هناك كان يُمسك بزمام كل شيء، ومن يرغب في الاستثمار كان عليه أن يمر عبر «عائلة الأسد»، والبلد يعاني من تخلف تكنولوجي ونظم بالية، كما أن الفندق الوحيد المتاح هو «الشيراتون»، الذي يعود عمره إلى 40 عامًا دون أي بدائل.
وضع البلد كان سيئًا للغاية، ومن يُعارض كان مصيره السجون، وكل هذه الخبايا ستنكشف، وستظهر كم المآسي التي عانى منها الشعب.
المشكلة أن المنطقة أغلبها يتأرجح بين هذين الخيارين فقط، ولا يوجد خيار مدني ديمقراطي، وأن تأتي حكومة حرة دون ديكتاتورية، وبالتالي أنا لست متفائلًا.
ليبيا والسودان ما زالا يعانيان من الانقسام.. والمشكلات في العراق أبسط وأهدأ
وكما ترون الأوضاع في ليبيا لم تحل حتى الآن، فالبلاد منقسمة، والسودان منقسم، أما العراق فما زال يواجه بعض المشكلات ولكنها أبسط، فالعراق تحرك للأمام نسبيًّا نحو تجاوز العنف والتطاحن الذي كان سائدًا، وبدأت تهدأ الأمور وأصبحت مبشرة بصورة أكبر.
أما سوريا، الموقف ما زال مُبهمًا؛ رغم أن من يمثل التيار الإسلامي بالحكم الآن قد يحسب على الجماعات الإرهابية، إلا أن خطابه إذا أخذ على محمل الصدق يبشر بشخص جيد، ولكننا تعلمنا من التجارب السابقة أنه كثيرًا ما يُخدع الناس بالكلمات، ثم يظهر العكس.
رضوى إبراهيم: هل ترى أن التصاعد الحاد في الأحداث ببعض الأسواق قد يساهم في ارتفاع جاذبية أسواق أخرى كبدائل للاستثمار؟ وما هي تلك الأسواق؟
نجيب ساويرس: لا بالطبع، فالمشكلة في سوريا كانت قائمة ونحن هناك ولم تحل، ولا يمكن القول بأنه تم حلها لحين بلوغ مرحلة الاستقرار، المستثمر لن يتجه سوى للدول المستقرة.
أنا أعتبر العراق مثلًا دولة مستقرة الآن لذلك قررت الاستثمار بالعراق، ولو كانت بقيت في حروب لما اتخذت القرار، كذلك السودان، كان لدي استثمارات هناك، جميعها متوقفة حاليًا، رغم المعزة الخاصة التي أكنها في قلبي للسودان.
مصر أفضل من دول كثيرة حول العالم بخلاف التي تعاني توترات سياسية.. فالبرازيل أسوأ
وبصراحة، عندما أسافر الدول المختلفة، أُدرك أن الوضع في مصر أفضل بكثير من دول عديدة حول العالم، وليس فقط بالمقارنة مع الدول المحيطة بنا في المنطقة. على سبيل المثال، كنت مؤخرًا في البرازيل، لكنني وجدت أن أوضاعنا في مصر ليست أسوأ على الإطلاق.
ياسمين منير: تحدثت عن الخطوط العريضة للأولويات اللازم التحرك عليها لتطوير أداء الاقتصاد المصري، وكيف يمكن استغلال الفرص التي أسفرت عنها الاضطرابات الإقليمية والدولية، والتي منحت مصر وضعًا تنافسيًّا قد يكون مؤثرًا في عملية جذب الاستثمارات.. إذا كنت متخذ القرار، ما هي القرارات الثلاثة ذات الأولوية خلال هذه المرحلة لإحداث فارق؟
نجيب ساويرس: أول قرار قد ذكرته سابقًا، وهو خروج كل الجهات الحكومية من الاستثمارات التي تتنافس مع القطاع الخاص، هذا القرار يجب أن يكون واضحًا وصريحًا وحادًّا، وحاد بمعنى عدم الالتفات لأي اعتراضات والتركيز على التنفيذ، فكيف للمستثمر أن يأتي وهو يشعر أنه سيدخل في معركة غير متكافئة.
ثلاثة قرارات ذات أولوية: التخارج من الاستثمارات المنافسة للقطاع الخاص.. إلغاء قطاع الأعمال.. تحفيض الفائدة
القرار الثاني، إلغاء قطاع الأعمال العام عن بكرة أبيه، عبر خصخصته بالكامل وطرحه على الشركات الأجنبية، مع الاستعانة بأكبر الشركات الدولية المتخصصة في مجال التدقيق والمراجعة المالية، بالإضافة إلى التعاون مع مكاتب المحاماة العالمية، لتجهيز أوراق هذه الشركات وإعدادها بطريقة منضبطة وقانونية، على أن يتم طرح الشركات تابعًا.
نأمل أن نرى كل يوم طرحًا جديدًا لعدة شركات تابعة للقطاع العام، وبهذا الشكل نخلق حالة من جذب الاستثمارات الأجنبية، بما يدعم تدفق الدولار إلى مصر، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انخفاض سعر الصرف، وخلق حالة من النهم على الإقبال للاستثمار في مصر.
القرار الثالث، يتعلق بسعر الفائدة، أعلم التحديات التي تواجه البنك المركزي وأعلم أن القرار ليس سهلًا بالنسبة له، لكن في ظل تخفيض الفيدرالي الأمريكي للفائدة بمقدار 0.5% مرتين ثم 1%.، لا يعقل أن تظل الفائدة في مصر عند مستوى 30%، لأن هذه الفائدة المرتفعة تأكل كل القيمة التي يتم تحقيقها، مثلًا إذا حققنا نمو في المبيعات من 30 مليار جنيه إلى 40 مليار جنيه، نجد أن هذا النمو أن لم يكن عندما نحتسبه بالدولار، والفائدة التي تمنح عائد 30% تجعل من المستحيل على أي مشروع أن يحقق عوائد تفوق هذه النسبة.
هذا الوضع يسفر عن مشكلتين: الأولى، أن غالبية الأفراد سيفضلون إيداع أموالهم في البنوك بدلًا من استثمارها في مشاريع حقيقية تساهم في خلق فرص عمل وتنمية اقتصادية، لأن الفائدة المرتفعة تضمن لهم عائدًا ثابتًا دون مخاطر، في حين عندما يُجبر المستثمر على الاقتراض بسعر فائدة 30%، فإنه يجد نفسه في نهاية العام غير قادر على تحقيق أرباح، بل يواجه الخسارة، وهذا الأمر يقضى على أي استثمار داخلي معنون بالجنيه المصري، والمستفيد الوحيد في هذا الوضع هي الشركات المصدرة.
أنصح بالاستثمارات المدرة لعائد دولاري للحماية من تداعيات التضخم والفائدة المرتفعة
لذلك، فإن نصيحتي لمن يرغب في الاستثمار أن يفكر في الاتجاه نحو الاستثمارات التي تُدر عائدًا بالدولار، وذلك لحماية أنفسهم من تداعيات التضخم والفائدة المرتفعة.
ياسمين منير: الجزء المتعلق بأسعار الفائدة المرتفعة غالبًا ما يرتبط باستهداف التضخم، ونحن نعاني من أزمة تضخم مرتفع منذ فترة طويلة ولا تزال تداعياتها قائمة حتى الآن، من وجهة نظرك، ما هو الحل الأمثل لمعالجة هذه المعضلة؟
نجيب ساويرس: التضخم الذي نواجه حاليًا نحن المتسبب فيه، فهو تضخم صناعي، وإذا تمكنا من حل المشكلات الهيكلية، بحيث أصبح الدولار متوفرا بشكل كافٍ سيحدث فارقًا، فكل قطاع صناعي وكل مجال تصدير في مصر يعتمد بشكل أساسي على مكون دولاري، حتى في استثماراتنا بمجال التطوير العقاري، نحتاج إلى مكيفات هواء وحديد وأسمنت وكل هذه السلع تُسعَّر بالدولار، ونجد أنفسنا في نهاية المطاف نواجه خسائر، على الرغم من أننا كنا نعتقد أننا قد حققنا ربحًا معقولًا، ومن غير المنطقي أن يتم وضع التسعير متضمنًا 50% ربح لتغطية التكاليف.
التضخم في مصر صناعي.. والاحتياج الكبير للمكون الدولاري في كل عمليات الإنتاج أبرز الأسباب
كل هذه الأمور مترابطة، ويجب أن تحل بشكل متكامل، وسيتم حل هذا الأمر والتضخم سينخفض بالضرورة، فمن غير الطبيعي أن يستمر التضخم في مصر حول 30% في حين تدور معدلات التضخم في الخارج بين 1% و 2%.
وهنا أوصى بضرورة دراسة التجربة التركية، والتي بدأت بخطأ وقع فيه الرئيس التركي بالإصرار على إبقاء الفائدة منخفضة بالأمر، ولكن بعد أن سمح للسوق أن تتحرك بحرية، عادت العجلة الاقتصادية للدوران، واليوم نرى أن التضخم في تركيا يشهد تراجعًا.
لا أقول إن رفع الفائدة كان خطأً في وقت ما.. لكن تشجيع الاستثمار يتطلب تفكيرًا جادًّا في التخفيض
أنا لا أقول إن رفع الفائدة كان خطأً في وقت ما، ولكن كي نشجع الاستثمار علينا أن نفكر مليًّا في كيفية تخفيض الفائدة.
رضوى إبراهيم: مهندس نجيب، أنت من كبار المستثمرين في أسواق المال ولديك باع طويل في هيكلة الشركات وطرحها في البورصة.. ما هي توصياتك للحكومة على صعيد برنامج الطروحات، خاصة بعد استئناف البرنامج بطرح المصرف المتحد الذي جاء بعد فترة توقف طويلة، ومطالب كثيرة نادت بضرورة تنشيط هذا الملف، عبر طرح كيانات كبيرة لأول مرة بالسوق وعدم الاكتفاء بطرح حصص إضافية من الشركات المتداولة بالفعل في البورصة، وكذلك الخروج عن إطار الاتفاقات المباشرة التي تم تنفيذها في فترات سابقة مع بعض الصناديق السيادية.. ما هي توصياتك في هذا الملف؟
نجيب ساويرس: أول توصية هي أننا بحاجة إلى تنفيذ صفقتين أو ثلاثة على غرار صفقة «رأس الحكمة»، نحتاج إلى أن تأتي دول مثل قطر والسعودية لتنفيذ صفقات على قطع أراضي جديدة، فالمنطق هنا جيد جدًّا، يقوم على استبدال دين بالدولار لدى البنك المركزي في صورة ودائع يمكن سحبها، وهذا يعني أننا نستبدل دين دولاري بأصل في مصر.
نحتاج إلى صفقتين أو ثلاث على غرار «رأس الحكمة».. واستبدال الديون بأصل في مصر منطق جيد
فالمستثمر الإماراتي لن ينقل الساحل الشمالي إلى بلده، بل على العكس، سيُسهم في جذب مواطني دولته للسياحة في مصر، وبالتالي زيادة التدفقات من الدولار الناتج عن الإنفاق السياحي، ما ينعكس تلقائيًّا في تحسين الإيرادات الدولارية.
صفقة رأس الحكمة ساهمت في تخفيض كبير بالديون وسداد المستحقات.. وتكرار التجربة سيحدث فارقًا
فهذه الصفقة ساهمت في تخفيض الدين العام بشكل ملحوظ، كما تم توجيه القيم الزائدة عن الودائع في سداد المستحق من الديون خلال العام الماضي، لذلك أقول أن تنفيذ صفقتين أو ثلاثة مثل رأس الحكمة، يمكن أن تخفض حجم الدين العام من 150 مليار دولار إلى مستويات مناسبة، وكذلك المساعدة في سداد الديون الكبيرة المستحقة على مصر العام المقبل والمقدرة بنحو 30 مليار دولار.
السرعة والتعجيل بطرح الشركات ضرورة.. مع الاستعداد لقبول تقييم السوق دون التمسك بالتقديرات الأولية
المحور الثاني يتعلق بالاستعجال، لا أشعر أن أحدًا يتحرك من منطلق الشعور بضرورة التعجيل، علينا التحرك سريعًا تجاه إتمام هذه الطروحات، وعدم التمسك بتسعير محدد، فإذا قمنا بطرح أصول أو شركات، يجب أن نكون مستعدين لقبول الأسعار المناسبة التي تعرض علينا، فذلك هو تسعيرها السوقي، حتى وإن لم تتوافق تمامًا مع تقديراتنا الأولية.
فالأمر يشبه الأب الذي يتدلل في تزويج أبنته الجميلة ذات الخمسة وعشرين عامًا، ويبالغ في رفض العروض حتى ينتهي بها الحال دون زواج، ما يؤكد ضرورة الشعور بالاستعجال لأن هذه الطروحات ستحل العديد من الأزمات الاقتصادية، ستساهم أيضًا في تحسين الأداء الاقتصادي بشكل عام، كما أنها ستوفر فرص عمل جديدة للشباب، وستساعد على جذب المزيد من الاستثمارات الدولارية التي نحن في أمس الحاجة إليها في هذه المرحلة.
رضوى إبراهيم: بخلاف التقييمات، هل لديكم توصيات تتعلق بالقطاعات الأكثر جاذبية لتحقق نتائج سريعة من البرنامج؟ فقد رأينا استجابة الحكومة لمطالب السوق بطرح بنك، في تقديرك هي القطاعات الأخرى التي ترى أنها يمكن أن تساهم في احداث رواج للبرنامج وبالتالي تحقق دفعة تسهم في تحسين تقييمات الطروحات اللاحقة المستهدفة والوصل إلى المستويات السريعة المأمولة؟
نجيب ساويرس: إذا نظرنا إلى شركة مثل «مصر للطيران»، فإن الخيار الأمثل هو أن نتوقف عن تحميل ميزانية الدولة خسائر تقدر بمليارات الجنيهات سنويًّا، هذا هو الحل الواقعي والمناسب في الوقت الحالي، حتى إن تمت الصفقة مقابل دولار واحد على أن يتحمل عبء الخسائر التي تحققها، فهي غير قادرة على تحقيق ربح.
طرح مصر للطيران على القطاع الخاص ضرورة لوقف الخسائر وتطوير الأداء.. بشرط السرعة ومنح الصلاحيات
فالاسم الكبير لشركة مصر للطيران لا ينعكس في الأداء، وتحقق خسائر قد تصل إلى 20 أو 30 مليار خسائر سنويًّا، ويمكن أن يتم طرحها في البورصة بعد أخذ الموافقة على الاستثناء من شرط تحقيق الربحية، حتى تنتقل إدارتها للقطاع الخاص، أو طرحها مباشرة على الشركات الناجحة بهذا المجال.
رضوى إبراهيم: الحكومة تحدثت مؤخرًا عن طرح إدارة المطارات.. هل ترى أن ذلك يمثل خيارًا مناسبًا؟
نجيب ساويرس: إنها خطوة إيجابية للغاية وهذا ما نتحدث عنه، ولكنها تتطلب منّا السرعة في التنفيذ، السرعة هنا تعني ضرورة تعيين المكاتب المؤهلة التي تتمتع بالكفاءة والقدرة على إنجاز الإجراءات القانونية والمالية، مع تحديد مواعيد نهائية لا تتجاوز ثلاثة أشهر لإتمام هذه التحضيرات، حتى يتم طرح هذه الشركات على مدار العامين المقبلين.
فهذا الأمر سيعكس صورة غير متوافرة حاليًا، فطرح المصرف المتحد على سبيل المثال استغرق نحو 4 أو 5 سنوات، وسمعنا أن التأخير مرتبط بعدم الوصول للتسعير المناسب، ولكن ما معنى أن السعر غير مناسب؟ طوال حياتي لم اتراجع عن صفقات بسبب أن التسعير غير المناسب، فالأسعار التي تقدم تمثل التسعير المتاح ولا يمكن التمسك بالرغبة في تحقيق غيره.
ياسمين منير: في ضوء الحديث عن طرح المصرف المتحد، أود أن أتطرق إلى القطاع المصرفي والمالي بشكل أعمق، فطالما كنت مهتمًّا بالاستثمار في القطاع المصرفي المحلي، كما لديك خبرة طويلة بالقطاع المالي بشكل عام، إلا أنه في الوقت الحالي، تخلو محفظة رجل الأعمال نجيب ساويرس من أي استثمارات بالقطاع المالي، كما لم تتخذ أي خطوات تجاه تحقيق حلم الاستثمار بالقطاع المصرفي؟
ما هي نظرتك للقطاع المصرفي حاليًا كمستثمر؟ وهل ما زال القطاع المالي جزءًا من اهتماماتك الاستثمارية في الفترة القادمة؟
نجيب ساويرس: لو فرضنا أن شركة مثل «Paypal» أو أي شركة تعمل في مجال المدفوعات، تم إخبارها أنه لكي تعمل في السوق المحلية، يجب أن تأتي بشريك مصرفي أو تتبع بنكًا محليًّا! عندما صدر القانون المنظم لتراخيص البنوك الرقمية، تم اشتراط مشاركة بنك آخر بنسبة معينة، وبالتالي أجد أني لا أقدم شيء، فالبنك الآخر متواجد بالسوق فما مصلحته إذًا في إنشاء بنك جديد؟ وبالتالي لم يتحقق بذلك الهدف الأساسي المتمثل في بناء كيانات جديدة تدفع السوق للأمام.
وعندما يتحدث البعض عن عدم الرغبة في السماح بوجود بنوك مملوكة لأفراد، تجد أن الواقع يعكس شيئًا مغايرًا، حيث هناك بنوك مثل «بنك البركة» الذي يملكه الشيخ صالح كامل، و»بنك المشرق» الذي تملكه إحدى العائلات الإماراتية أو البحرينية، وهكذا وجدنا أن التشريعات التي تم سنها تحمل نفس القيود، وهذه الأمور تعوق اتخاذ خطوات استثمارية في هذا الاتجاه.
ياسمين منير: هل تعترض على شرط وجود بنك بهيكل ملكية من الأساس، أم أن الاعتراض يتعلق بالنسبة المحددة للمشاركة؟
نجيب ساويرس: الاعتراض على المبدأ نفسه، وهو اشتراط وجود بنك مع الشركة، فهذا الوضع لا يضيف جديدًا، لأن البنك سيكون في نهاية المطاف منافسًا في الوقت نفسه، وبالتالي قد يكون وجوده سلبيًا على كفاءة الاستثمار.
اشتراط وجود بنك في الملكية وراء تجميد خطط الاستثمار المصرفي.. والقطاع المالي يُسأل عنه «أنسي»
ياسمين منير: ماذا عن القطاع المالي، هل خرج بلا عودة من محفظة استثماراتك زم يمكن زن تفكر في الرجوع له مرة أخرى؟
نجيب ساويرس: يسأل عن ذلك «أنسي نجيب»، فنجلي الآن من يتولى هذا الملف.
رضوى إبراهيم: مهندس نجيب، أود الانتقال للحديث عن القطاع العقاري.. أذكر أنه خلال أول مؤتمر لحابي منذ سبع سنوات، كنت تتحدث بثقة بالغة وصرّحت بأنك استعنت بشركة متخصصة أجرت دراسة أكدت أن السوق العقارية بعيدة تمامًا عن «الفقاعة العقارية». هل ما زلت متمسكًا بهذا الرأي؟
نجيب ساويرس: لم أقل إن السوق العقارية بعيدة عن «الفقاعة»، بل أكدت حينها أننا بعيدون جدًّا عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد الوحدات السكنية التي يتم بناؤها سنويًّا، ثمة فارق كبير بين الحالتين، حديثي في ذلك الوقت كان يتمحور حول أن الطلب على الوحدات السكنية سيظل قويًّا، نظرًا للزيادة السكانية المرتفعة جدًّا، والتي تفوق بكثير حجم المعروض من المساكن المتاحة.
القطاع العقاري ما زال يتمتع بطلب كبير ومبيعات الشركات الكبرى تدلل على ذلك.. لكن «الفقاعة» أمر آخر
ما ذكرته حينها ليس فقط ما زال صحيحًا، بل أثبت الواقع صحته، فاليوم نشهد تحقيق الشركات العقارية العشر الكبرى لمبيعات تتجاوز 30 مليار جنيه سنويًّا، وهذا يثبت وجود طلب حقيقي، وهذا ليس له دخل بمسألة «الفقاعة».
رضوى إبراهيم: رغم استمرار الطلب الكبير على العقارات في مصر التي تتمتع بقاعدة سكانية كبيرة، لاحظنا في الفترة الأخيرة تصاعد الحديث عن ظهور «فقاعة» في السوق العقارية، مما زاد من مخاوف الكثيرين. كيف ترى هذا الوضع؟
نجيب ساويرس: الوضع الحالي يوضح نقطة أساسية كنت قد أشرت إليها في بداية الحديث، وهي أن طريقة عمل المطورين العقاريين في مصر تنطوي على مخاطر هيكلية، حيث تجد المطور متحمسًا للغاية بالحصول على تمويلات تصل إلى 5 أو 7 مليارات جنيه لتمويل المشروعات قبل تسليم الوحدات للعملاء، بينما تكمن المشكلة في أنه يعتمد في المبيعات على أنظمة سداد تمتد لعشر سنوات، بما يؤثر في دورة عمل المطور الذي ينهي أعماله في غضون ثلاث أو أربع سنوات، ويظل ينتظر استرداد مستحقاته على سنوات مقبلة.
الفائدة المرتفعة وتسهيلات البيع الممتدة لعشر سنوات وراء المخاطر التي تواجه القطاع العقاري
في حين أن هذا الدور يفترض أن تلعبه البنوك من خلال توفير قروض طويلة الأجل للمشترين، ولكن هذا الدور يُلقى بالكامل على عاتق المطور. وبالتالي، يصبح المطور هو الممول الفعلي، ما يزيد من الأعباء المالية عليه، وتتفاقم المشكلة بسبب الفوائد البنكية المرتفعة التي تصل إلى 30% على القروض، بالإضافة إلى الزيادات المستمرة في أسعار المواد الأساسية المستوردة مثل الحديد، الأسمنت، الكابلات، والتكييفات، في نهاية المطاف، عندما يحين موعد تسليم الوحدات، يجد المطور نفسه إما قد حقق خسائر أو بالكاد وصل إلى نقطة التعادل (break-even).
رضوى إبراهيم: إلى أين تتجه بوصلة استثماراتك في القطاع العقاري.. هل سيتم التُركّز على السوق المحلية أم ستتجه إلى الأسواق الخارجية؟ وإلى أي الأسواق تحديدًا؟
نجيب ساويرس: لقد توجهنا في كل الأحوال للأسواق الخارجية بسبب توافر ميزة غير متوافرة محليًا، تتمثل في البيع بالدولار، كما أن تكلفة الاقتراض بالدولار تدور حول 3% أو4%، مما يوفر بيئة عمل مستقرة.
التوجه للاستثمار العقاري خارجيًّا للاستفادة من مميزات البيع بالدولار والفائدة المنخفضة على التمويل الدولاري
أما في السوق المصرية الوضع أكثر تعقيدًا، يتم الاقتراض وفقًا لفائدة تصل إلى 30%، كما نتحمل زيادات متسارعة في أسعار تصل إلى نحو 30% أو40% بالمكونات الأساسية للبناء.
الفائدة والزيادات المتسارعة في أسعار المدخلات دفعت تسعير الوحدات العقارية لمستويات مضحكة صعب أن تستمر
لذلك بدأنا نسمع أرقامًا مبالغًا فيها بشكل كبير في أسعار الوحدات إلى الحد الذي يدعو للضحك، على سبيل المثال، نسمع الآن عن أسعار فيلات في الساحل الشمالي تصل إلى 500 مليون جنيه، وهذا وضع من الصعب أن يستمر.
رضوى إبراهيم: فيما يتعلق بشركة «أورا»، هل توجد خطة لطرحها في البورصة المصرية أو أي سوق مالية أخرى؟
نجيب ساويرس: نحن نفضل طرح الشركة الأم التي لديها استثمارات على مستوى عالمي، بدلًا من طرح الشركات التابعة في أسواق مختلفة بشكل متفرق.
طرح الشركة الأم لأورا في البورصة في غضون ثلاث سنوات.. والوزن النسبي للاستثمارات سيحدد السوق
هذا هو التوجه الذي نعمل على تحقيقه، لكن ما زال الوضع مبكرًا، فالقوانين تشترط أن تكون الشركة قد حققت أرباحًا لمدة عامين على الأقل، بينما لم تحقق شركتنا أرباحًا العامين السابقين.
رضوى إبراهيم: إذًا، هل يمكننا استنتاج أن الطرح سيكون في بورصة مصر؟
نجيب ساويرس: ليس بالضرورة أن يكون الطرح في مصر، سيتحدد ذلك بناء على الوزن النسبي لحجم المشروعات بمحفظة الشركة.
مصر تحتل الوزن النسبي الأكبر حاليًا بمحفظة استثمارات أورا.. لكن الوضع قد يتغير مستقبلًا
ومن الجيد أن مصر تمثل حاليًا الوزن الأكبر بين استثمارات الشركة، لكننا لا نعرف ما سيكون الوضع بالمستقبل وفقًا لتطور الاستثمارات بدول مثل العراق والإمارات.
رضوى إبراهيم: متى يمكن نشهد خطوات في هذا الملف؟
نجيب ساويرس: من المرجح أن يتم ذلك في غضون ثلاث سنوات من الآن.
ياسمين منير: ننتقل للقطاع السياحي.. طالما تم الرهان على هذا القطاع كونه الأسرع في توليد النقد الأجنبي، وكذلك توفير فرص العمل، وتحفيز قطاعات أخرى حيوية، وقد ذكرت خلال المؤتمرات السابقة العديد من نقاط الضعف التي تواجه هذا القطاع، لا سيما فيما يتعلق بالتعامل مع السياح، والتنظيم، وتوفير البنية التحتية المناسبة لاستقبال الزوار.
نشهد خلال الفترة الأخيرة حديث مستمر عن الاهتمام بالقطاع السياحي، مدعوما بطرح فرص استثمارية في القطاع الفندقي وطروحات أخرى متنوعة.. كيف تقيم تطور الوضع في القطاع السياحي الآن؟ وما هي الخطوات الضرورية التي يجب اتخاذها لتحقيق انتعاش حقيقي وسريع في هذا القطاع؟
نجيب ساويرس: الحقيقة أن الوضع الحالي لم يشهد أي تغيير جوهري، إذا نظرت إلى مطار القاهرة، على سبيل المثال، ستجد أن الفوضى نفسها مستمرة.
القطاع السياحي لم يشهد تغييرًا جوهريًّا.. وخصخصة المطار وتحييد الجهات المختلفة عن النشاط ضرورة
حيث يتواجد نحو ثلاثة آلاف موظف دون أي فائدة، ونحو خمسين شخصًا يقومون بعملية التفتيش مرارًا وتكرارًا، كما يتم السؤال عن سبب السفر، فما الداعي لتوجيه هذا السؤال إذا كنت متجهًا لدبي على سبيل المثال؟ فالمنطق الأمني في السياحة يؤثر على فرص تطور القطاع.
فمنطقة الأهرامات على سبيل المثال، ستطور كليًّا إذا خرج منها كل ممثلي الجهات الحكومية بما في ذلك الأمن، وبمقارنة الوضع في مصر مع معالم سياحية أخرى مثل برج إيفل في باريس، ستجد أن ذلك البرج التاريخي لا يحيط به عناصر تأمين، ولا يتعرض الزوار للتفتيش المبالغ فيه؛ بل يُسمح لهم بالتمتع بالمعلم بكل أريحية. هنا يكمن الفرق.
علاوة على ذلك، الوضع في منطقة الأهرامات يعكس وجود فساد؛ فما هي القوة وراء أصحاب الجمال والخيول الذين يتغلغلون في المنطقة، هذه الممارسات تشير إلى وجود منظومة فساد، الحل يكمن في إعادة هيكلة هذا الوضع بشكل جذري.
أما فيما يخص المطار، فإن خصخصته قد تكون خطوة إيجابية، شريطة أن يتم ذلك وفقًا لإدارة مهنية وفعّالة، من المهم أن تكون هناك صلاحيات كاملة للجهة المشرفة على المطار لتغيير وتبسيط الإجراءات، بحيث تصبح تجربة الركاب أسهل وأكثر سلاسة. وحتى لو تم تسليم إدارة المطار إلى شركات خاصة مصرية، فهذا سيكون أفضل بكثير من الوضع الحالي، فنحن الأجدر على الإدارة بكفاءة، ولدينا موظفون متعلمون ومدربون بدرجة أعلى.
مستعد للمنافسة على تطوير مناطق جديدة بمحيط الأهرامات.. وأرحب بإسناد الأمر لاستشاري دولي
ياسمين منير: كونك مستثمرًا في القطاع السياحي.. ما هي خططك المستقبلية على مستوى الاستثمار الفندقي خلال الفترة المقبلة؟ وفي ظل الحديث المتزايد عن طرح تطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات، هل تفكر في التوسع والمنافسة على تلك الفرص أم ستكتفي بالمشروعات الحالية التي تنفذها شركتك في هذه المنطقة؟
نجيب ساويرس: بالطبع، سأنافس على تطوير هذه المنطقة، وهذه خطوة هامة للغاية، استقدام مكتب استشاري عالمي لتنظيم وتطوير المنطقة بأكملها، ولكن المشكلة تكمن في بعض التحديات التي لا يمكن تجاوزها بسهولة عبر هذا الاستشاري، مثل تواجد «الجمال والخيل»، فهذه مسائل هيكلية لن تختفي بطرح المنطقة للتطوير، وتتطلب معالجة شاملة.
خطة لبناء فندق أو أثنين لخدمة السياحة السريعة بمنطقة الأهرامات بتكلفة تصل إلى 150 مليون دولار
أما فيما يتعلق بتوجهاتي الاستثمارية، أعمل على إتمام المشروع هناك، ولدي القابلية لتوسيع نطاق الاختصاصي، كما أرى أن المنطقة تحتاج إلى فنادق، لذلك لدينا خطة لبناء فندق أو أكثر بالمنطقة المحيطة بالأهرامات، لضرورة توفير فنادق قريبة من مطار سفينكس والأهرامات، خاصة أن بعض السياح يزورون القاهرة في جولات سريعة لا تتعدى 48 ساعة فقط، فيكون أمام السائح الفرصة لزيارة المتحف المصري الكبير، ومنطقة الأهرامات، وأبو الهول، في حين أن الفنادق المحيطة معدودة ومر على بنائها أكثر من 20 عامًا دون تحديث يذكر.
ياسمين منير: ما هو حجم الاستثمارات التي خصصتها لهذه الفنادق؟ وهل الأمر ما زال مجرد خطة أم بدأت في مراحل التنفيذ؟ وهل تم التوصل إلى اتفاق مع مشغلين لإدارة هذه الفنادق؟
نجيب ساويرس: من المبكر الحديث عن هذه التفاصيل في هذه المرحلة، ولكن الحد الأدنى للاستثمارات المتوقعة للفندقين ستكون في حدود 100 إلى 150 مليون دولار.
ياسمين منير: لدي سؤال أخير يتعلق بهذا القطاع.. فقد أعلنت شركة أوراسكوم للاستثمار مؤخرًا عن صفقة استحواذ في قطاع المطاعم والترفيه، ونعلم أن الصفقة ما زالت تخضع للتقييم لذا لن أتطرق إلى حجمها.. لكننا نرغب في التطرق لتفاصيل هذه الصفقة بشكل أوسع، حيث لا تزال الصورة غير واضحة بالنسبة لنا حول الشركة محل الاستحواذ وخططك في هذا القطاع على وجه التحديد؟
نجيب ساويرس: من ضمن القطاعات الأساسية التي أعلنتها شركة أوراسكوم للاستثمار التوجه نحو النشاط السياحي والترفيهي، وقد حصلت على مشروع تطوير منطقة الأهرامات، ثم تعاقدت على تطوير «الصوت والضوء»، ونحو نصف المطاعم المؤجرة بهذه المنطقة تتبع هذه الشركة -محل الاستحواذ-، ومن منظور أوراسكوم يفضلون امتلاك شركة متخصصة بمجال المطاعم، حتى يتم تعظيم الإيرادات المتدفقة للشركة من هذه المنطقة، وكذلك لدينا خطط للتوسع في الأسواق الخارجية، حيث إن هناك مطاعم لدينا تمتاز بجودة عالمية، وبالتالي يمكننا نقل هذا النجاح إلى أسواق أخرى خارج مصر.
أوراسكوم للاستثمار عرضت الاستحواذ على شركة أملكها وتدير أغلب المطاعم بمنطقة الأهرام.. وخطة للتوسع الخارجي
في الوقت الراهن، تقدم الأسواق الخارجية تحفيزًا كبيرًا للمطاعم من أجل التوسع ودخول أسواق جديدة، حيث إن الأمر لا يقتصر فقط على أن المطاعم تضخ استثمارات في هذه الأسواق.
في البداية كانت هذه المطاعم ملكًا لي شخصيًّا، ولكن فريق أوراسكوم جاء إليّ بعرض لتوسيع النشاط، ورغم أن هذا العرض قد يتسبب لي في خسائر شخصية ولكن قبلت الفكرة، ولن أشارك في التصويت على القرار.
ياسمين منير: هل التوسعات المستقبلية في قطاع المطاعم ستتركز في نفس الأسواق التي تستثمر فيها حاليًا على المستوى العقاري، أم أنك تفكر في التوسع إلى أسواق جديدة؟
نجيب ساويرس: التوسعات ستكون في أسواق متنوعة، فقد يتجهون إلى الإمارات أو السعودية، حيث إن لديهم خططًا لاستغلال المستوى المميز الذي بلغته بعض المطاعم، ومثالًا على ذلك، مطعم «خوفو» في منطقة الأهرام، فهو كان في البداية مخزنًا تابعًا لهيئة الآثار، عبارة عن منشأة خرسانية بسيطة. قمنا بإعادة تأهيل المكان بشكل كامل وتحويله إلى واحد من أفضل المطاعم على مستوى العالم، وقد احتل مطعم «خوفو» المرتبة السابعة أو الثامنة ضمن أفضل عشرة مطاعم على مستوى العالم وحصل على العديد من الجوائز. الفكرة هي أنه بدلًا من أن يكون هناك مخزن أو منشأة غير جذابة، تم تحويله إلى معلم سياحي فريد من نوعه، كما تم افتتاح مقاهي ومطاعم أخرى على منشآت قائمة بالفعل.
رضوى إبراهيم: مهندس نجيب، دعنا ننتقل إلى قطاع الصناعة.. كيف ترى حال هذا القطاع في الوقت الراهن؟ وما هي التحديات التي يواجهها، والفرص التي تراها قائمة فيه قبل أن نتطرق إلى تفاصيل أكثر دقة فيما بين المجالات الصناعية المختلفة؟
نجيب ساويرس: في الحقيقة، قد يظن البعض أنني أبالغ أو أكون مجاملًا، لكنني معروف بعكس ذلك تمامًا، فأنا لا أتعامل بالمجاملات إطلاقًا.
وزير الصناعة لن يترك مجالًا للبيروقراطية وأتوقع أن يشهد عهده تطورًا غير مسبوق
رضوى إبراهيم: هذا صحيح ومعروف عنك.
نجيب ساويرس: يجب أن أقول الحق، فالفريق كامل الوزير، الذي يتولى مسؤولية وزارة الصناعة خلال الوقت الحالي، هو نموذج فريد في العمل ويتميز بالفاعلية الكبيرة، ورجل لا يأخذ الأمور الهامة ببساطة أو تسويف، فهو لا يتولى ملفًّا إلا بعد أن يتأكد من جميع تفاصيله، ولا يترك مجالًا للبيروقراطية لتسيطر على سير العمل.
ويتابع الموضوع حتى النهاية، فهو لا يقبل أن يعتمد على تلقي معلومات غير مدققة أو غير حقيقية من قبل موظف بيروقراطي صغير، على العكس تمامًا، هو يصر على إتمام الأعمال إلى آخر خطوة، ولذلك إذا قال إنه سيعيد فتح ألف مصنع مغلق، فإنه سيبذل كل ما في وسعه لتحقيق هذا الهدف.
ما يميز الفريق كامل الوزير هو أنه يدير الأمور بأسلوب هندسي بحت، بعيدًا عن أي نوع من البيروقراطية أو العشوائية، فهو ينظر إلى الأمور بعقلية المهندس الذي يثق في عمله ويعتمد على الحلول المنطقية والعلمية، إنه لا ينتظر أحاديث من هنا أو هناك ليقرر، بل يسير وفق رؤية واضحة وسعي حثيث لتنفيذ ما خطط له.
وأتوقع أن الصناعة في عهد سيادة الوزير كامل الوزير ستشهد تطورًا غير مسبوق، تطورًا لم تشهده من قبل، فهو لا يسمح لأحد أن يعرقل شيئًا، فعلى سبيل المثال إذا وجد أن هناك تعريفات جمركية تصل لنحو 50% على سلعة ليست عليها جمارك في الخارج وهو ما سينعكس بالطبع على القطاع الصناعي وسيعيق المنافسة في التصدير، فهو لا يتردد في مراجعتها وتحليل تأثيرها على السوق.
ويتعامل مع كل ملف بعقلانية شديدة ويعمل على إيجاد الحلول المناسبة التي تساهم في تنمية الصناعة، خاصة إذا وجد جدية من الطرف الممثل للقطاع الخاص ، فلا يكون له حدود في التعاون معه.
رضوى إبراهيم: ما هي المجالات التي ترى فيها فرصًا استثمارية واعدة داخل القطاع الصناعي بشكل عام؟
نجيب ساويرس: أكبر مجال، والذي لا يزال يحمل فرصًا ضخمة في الوقت الحالي، هو ما يُعرف بالصناعات الزراعية، والتي تضم الصناعات المرتبطة بالزراعة، مثل تجفيف المنتجات الزراعية، وصناعة المربات، وصناعة السكر، وكل ما يرتبط بالزراعة ولكن يحتاج إلى صناعة.
الصناعات المرتبطة بالزراعة تحمل فرصًا ضخمة.. والفاقد في المنتجات الزراعية تراجع بفضل تطور أساليب النقل والتغليف
في الماضي، كانت لدينا مشكلة كبيرة في نسبة الفاقد من المنتجات الزراعية بسبب أساليب النقل والتغليف التقليدية، حيث كانت نسبة الفاقد تصل إلى 25% من إجمالي الحاصلات الزراعية، ولكن بعد إدخال الأساليب العلمية الحديثة وتحسين تقنيات التغليف، تمكنا من تقليص هذه النسبة بشكل كبير، حتى أصبح الفاقد لا يتعدى 5% أو 10%.
دول كبيرة ومتقدمة ليست لديها صناعة سيارات.. والملف يحتاج إلى دراسة لتأكيد ملاءمته محليًّا
رضوى إبراهيم: بالنسبة لإستراتيجية توطين صناعة السيارات، كيف تراها، وما هي خططك في هذا المجال، خاصة أنك تحدثت أكثر من مرة عن صناعة السيارات الكهربائية والدراجات البخارية؟
نجيب ساويرس: هناك دول كبيرة ومتقدمة جدًّا، وليس لديها صناعة سيارات، فصناعة السيارات هي توظيف للتعداد السكاني، وهل يتحمل التعداد السكاني في مصر صناعة سيارات ضخمة أم لا؟ هذا موضوع يحتاج لدراسة.
السيارات الكهربائية تخلق فرصًا جديدة للصناعة.. فالمكونات سهلة وبرامج التشغيل تطورت
وهل السيارات الكهربائية تخلق فرصة جديدة للصناعة؟ الإجابة نعم، لأن المكونات سهلة للغاية، وأصبحت لا تتعرض لأعطال، وهناك برامج سوفت وير أكثر تطورًا، فمن الممكن أن نقوم بتصنيع السيارات الكهربائية، وليس شرطًا أن يكون لدينا سيارات، خاصة مع توقف استيراد السيارات من الخارج، فليس منطقي أن نعتمد على سيارة واحدة وتكون مناسبة للاستخدامات المختلفة للجميع.
رضوى إبراهيم: في ظل التفاؤل الكبير الذي يسود مجتمع الأعمال تجاه الجهود التي يبذلها معالي وزير الصناعة كامل الوزير، ما المجالات الصناعية التي ترى أنها بحاجة إلى إستراتيجية لتوطينها في مصر، بخلاف صناعة السيارات؟ وهل لديك من توصيات أو أفكار يمكن أن تطرحها في هذا الصدد؟
نجيب ساويرس: في الحقيقة، لم أفكر في هذا الموضوع بشكل محدد، وأعتقد أن معالي الوزير لا يحتاج إلى توصيات، فهو رجل ذو رؤية واضحة ويعرف تمامًا مجريات الأمور، والتوصية الوحيدة التي كانت لدي، هو بالفعل اتخذ خطوات فعلية تجاهها خلال الوقت الحالي، وهي دراسة الأسباب التي أدت إلى توقف بعض المصانع والعمل على حل المشكلات التي تعيق استمراريتها.
دراسة أسباب توقف المصانع وحل العقبات أمامها أهم مطلب من وزير الصناعة.. وبالفعل اتخذ خطوات
وأرى أن مصر مليئة بالفرص الكثيرة للغاية، وكلما قللنا التدخلات الحكومية وابتعدنا عنها، وكلما تم ترك الأمور للسير وفقًا لآليات السوق بحرية، ستسير الأمور بشكل أفضل، فمصر تمتلك فرصًا كبيرة.
رضوى إبراهيم: هل لا تزال متمسكًا بتوصيتك السابقة لرجال الصناعة بشأن ضرورة التركيز بصورة أكبر على التصدير وعدم الاكتفاء بالسوق المحلي؟
نجيب ساويرس: نعم بالطبع، ما زلت أؤمن بأن التركيز على التصدير هو الخيار الأمثل، فالميزة الوحيدة في زيادة سعر الدولار هي عودة أسعار السلع والمنتجات للمنافسة على مستوى التصدير، وللأسف فالعمالة في مصر لا تزال منخفضة التكلفة بشكل كبير، فعندما ننظر إلى الحد الأدنى للأجور، الذي لا يتجاوز 5000 جنيه شهريًّا، أي ما يعادل 100 دولار.
تراجع تكلفة الأجور بضغط من سعر الصرف يتيح ميزة تنافسية للصناعات كثيفة العمالة الموجهة للتصدير
هذا الوضع في حد ذاته يتيح لنا ميزة تنافسية في الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة، لذا ينبغي أن نركز على زيادة الصادرات، لأن زيادتها تعني زيادة العائدات الدولارية.
نمو السياحة والتوسع في الخصخصة يؤثران بقوة على التدفقات الدولارية وبالتالي إنهاء أزمة نقص العملة
كما أن العمل على نمو السياحة، وفتح مجالات الخصخصة، من شأنه أن يسهم بشكل كبير في زيادة مستوى العائدات الدولارية، وبالتالي سننتهي من أزمة نقص العملة الأجنبية.
ياسمين منير: مهندس نجيب، كان سؤالي مرتبطًا بالاستثمار الزراعي والصناعات الغذائية، وحضرتك بالفعل سبقتني ووصفت وضع القطاع الحالي وأهميته، لكن تجربتك في هذا المجال كانت مليئة بالتحديات على مدار سنوات، ثم بدأت ترى رواجًا على مستوى صناعة السكر.
نجيب ساويرس: نعم، ولكن لا يزال هناك مشكلة التدخلات السياسية، حيث يقوم مجلس الشعب بالتدخل لرفع سعر شراء البنجر من الفلاحين، وهو أمر لا يجب أن يحدث، الفلاح في نهاية المطاف، ليس ملزمًا بزراعة البنجر إذا لم يجد فيه الجدوى الاقتصادية.
صناعة السكر تعوقها التدخلات بتسعير البنجر والمنتج النهائي.. وترك حرية اختيار المحاصيل أفضل من المجاملة
ولماذا يذهب الفلاح لأعضاء مجلس الشعب؟ فإذا كان يمكنه جني أرباح أكبر من زراعة القمح أو الطماطم، فسيختار تلك المحاصيل بلا تردد، ولماذا يأتي التدخل المتكرر كل عام لمجاملة الفلاحين برفع سعر بيع البنجر؟
وبالتالي أصبح سعر البنجر حاليًا مرتفعًا لدرجة أنه أصبح استيراد السكر الخام من الخارج أفضل من شراء البنجر المحلي، ثم يحددون سعر بيع السكر لأنه سلعة إستراتيجية ولا يجب أن يزيد سعرها في ظل تلك الظروف الاقتصادية.
فهل أنشأت المصنع لدعم الفلاح في سعر البنجر ودعم المستهلك في سعر السكر؟ وفي ظل ذلك متى سيربح المصنع؟ فلا بد من ترك السوق لآلياته، وإذا لم يستطيع المصنع اقناع الفلاح بزراعة البنجر فله الحرية المطلقة، وفي النهاية سأضطر لرفع سعر البنجر حتى يقوم الفلاح بزراعته، ولكن دون تدخل من عضو أو أكثر من مجلس الشعب في تحديد السعر بغرض انتخابه مرة أخرى في دائرته.
ياسمين منير: بعيدًا عن التعقيدات التاريخية التي تحيط بصناعة السكر، حيث تحمل كل زاوية منها تفاصيل وأبعاد مختلفة عن باقي مجالات الصناعة، كنت قد أشرت إلى الفرص المتاحة في بعض المجالات مثل تصنيع الفواكه المجففة، بالإضافة إلى اللوجستيات المرتبطة بهذه المنظومة، فما هي خططك بشكل مباشر في هذا القطاع؟
نجيب ساويرس: في الحقيقة، خططي تتجه نحو التوسع في المجالات التي أفهمها ولدي خبرة بها، فعلى سبيل المثال إذا كان لدي خبرة في صناعة المربى، كنت سأفعل ذلك، لكون مربى الفراولة المصرية أفضل من كل ما وجدته خارج مصر على مستوى الجودة، أما من ناحية الأسعار، فلا أعلم لدينا أسعار تنافسية أم لا.
لا أطمح في دخول مجالات استثمار جديدة خلال هذه المرحلة العمرية رغم توافر فرص صناعية جاذبة
ولكن أنا لا أطمح حاليًا للدخول في مجالات جديدة تمامًا في هذه المرحلة من حياتي، لقد تجاوزت السبعين عامًا، وليس لدي استعداد لاختبار تجارب جديدة قد تكون مزعجة، وسأستكمل التوسع فيما أعمل به بالفعل.
ياسمين منير: هل هناك أي صناعات أخرى لم نتطرق إليها، ترى فيها فرصًا لزيادة استثماراتك المباشرة؟
نجيب ساويرس: نعم، صناعة الأثاث، وهناك شركات مصرية متميزة في هذا المجال حاليًا، فنحن نقوم بشراء أثاث جميع مشروعات شركة «أورا» من شركات أثاث مصرية لديها تصميمات مميزة، والأسعار التي تقدمها تلك الشركات تتسم بالتنافسية الكبيرة مقارنة بما يتم استيراده من الأسواق الخارجية.
صناعة الأثاث تزخر بشركات متميزة ومنتجات تنافسية.. وفي حاجة ملحة لتطوير جيل من المصممين
كما أننا قررنا التوقف تمامًا عن استيراد أي أثاث من الخارج، الجودة والذوق في الأثاث المحلي شهدا تطورًا ملحوظًا، وهذه صناعة واعدة جدًّا، فكلما قمنا بإنشاء فنادق جديدة، كان الأفضل أن نعتمد على الأثاث المصري.
كما أن التصدير في هذا القطاع سيكون منافسًا جدًّا، وبالتالي فهناك حاجة ملحة لتطوير جيل جديد من المصممين والمبدعين الذين يقدمون أثاثًا حديثًا ومبتكرًا، بحيث يصبح الأثاث المصري مصممًا داخل مصر وليس مصنعًا فقط.
إذا استثمرت في الأثاث سأبدأ من الصفر.. لدي طلب فعلي ولكن لا أريد منافسة الكيانات الصغيرة الناجحة
ياسمين منير: هل ستقوم بالاستحواذ على شركات قائمة أم ستتجه نحو التأسيس؟
نجيب ساويرس: إذا قررت الدخول في هذا المجال، فإنني سأبدأ من الصفر، هذا الأمر سهل للغاية، خاصة أن هناك بالفعل طلبًا قائمًا، لكنني لا أريد منافسة العديد من الشركات الصغيرة المتواجدة في السوق، لأنها شركات ناجحة وتتمتع بالكفاءة والقدرة على تقديم منتجات متميزة.
رضوى إبراهيم: أود أن أنتقل إلى ملف الذهب، الذي يُعد في صدارة اهتمامات حضور مؤتمر حابي سنويًّا، كما ينتظر مجتمع الأعمال معرفة رؤيتك لحركته دائمًا.. ما هي توقعاتك لحركة الذهب خلال الفترة المقبلة؟
نجيب ساويرس: المسألة شديدة الوضوح، وسأشرح لماذا توقعاتي إيجابية دائمًا؟ في البداية، هل التوترات العالمية تتراجع أم تزداد؟
تزايد التوترات العالمية يدعم توقعات صعود الذهب.. وتنبؤاتي للأسعار تحققت خلال السنوات السابقة لهذا السبب
رضوى إبراهيم: التوترات العالمية تزداد.
نجيب ساويرس: نعم تزداد، وبالتالي كلما زادت التوترات بهذه الصورة، ترى الأغلبية أن الذهب ملاذ آمن، وعندما تحدثت منذ عامين وكان سعر الذهب وقتها يتراوح بين 1500 و1800 دولار، وتوقعت أن يصل إلى 3000 دولار أو 2500 دولار، وبالفعل تجاوز 2500 دولار ووصل سعره إلى 2700 دولار، ولذلك استمر في الصعود على مدار الأربع أو الخمس سنوات الماضية.
وأريد الإشارة إلى أن طبيعة عملي في مجال الذهب ليست قائمة على شرائه وبيعه، بل أعمل في استكشاف المناجم وتطويرها، تبدأ العملية بالحصول على ترخيص، ثم تنفيذ أعمال استكشاف تستغرق من 3 إلى 4 سنوات، وإذا لم أجد الذهب فقد خسرت ما يتراوح بين 20 إلى 30 مليون دولار.
أما في حالة وفقني الله ووجدت ذهبًا، أبدأ في بناء منشآت الإنتاج التي تُصنِّع المعدن وتنتجه بأشكاله النهائية، وتستغرق هذه العملية ما بين 6 إلى 7 سنوات.
عدد المناجم الجديدة أقل من الطلب السنوي بمراحل وبالتالي يرتفع السعر.. ومشتريات الصين وروسيا مؤثرة
أما عن أسباب هذا الارتفاع المستدام، فما يحدث حاليًا على مستوى العالم هو أن عدد المناجم الجديدة التي تدخل الإنتاج أقل من الطلب السنوي بمراحل، فالمعروض أقل من المطلوب، وبالتالي يرتفع السعر.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك دولتان عظميان تشتريان نصف الإنتاج العالمي للذهب، وهما الصين وروسيا نظرًا بدفع من مخاوفهم من هيمنة الدولار وعدم رغبتهم في التبعية له نظرًا لتصاعد التوترات السياسية مع الولايات المتحدة.
فعندما توقفت الصين عن شراء الذهب لمدة ستة أشهر، شهدت الأسعار انخفاضًا بنحو 100 دولار، لكن مع عودتها إلى الشراء بداية الشهر الجاري، عادت الأسعار إلى الصعود مجددًا.
وفي ظل وجود دولتان تشتريان نصف الإنتاج العالمي مع الذهب، إلى جانب أن المعروض يشهد تباطؤ في دخول مناجم جديدة حيز الإنتاج، ولذلك أقول إن الذهب استثمار آمن.
رضوى إبراهيم: ما هي خططك الجديدة على صعيد التنقيب عن الذهب سواء داخل مصر أو في دول أخرى؟
نجيب ساويرس: لقد أسست شركة متخصصة في مجال التنقيب، لأن مشكلة هذا النوع من الاستثمار لا يناسب من لديه رغبة في تحقيق عائد سريع ولكنه يحتاج إلى صبر، ولمن لديه إدراك بأن التنقيب عن الذهب يحتاج إلى نحو 3 إلى 4 سنوات حتى يبدأ في تحقيق أي عائد.
كما أن عمليات الاستكشاف محفوفة بالمخاطر وتحتاج إلى صبر، وعلى الرغم من أن طبيعتي ليست كذلك، ولكنني أتحلى بالصبر تجاه استثماراتي بهذا القطاع.
لدي 5 امتيازات للتنقيب داخل مصر خلال الوقت الحالي.. والتقارير الأولية مبشرة جدًّا
والشركة التي أنشأتها للاستكشافات حصلت على 5 امتيازات للتنقيب داخل مصر خلال الوقت الحالي، والتقارير الأولية التي صدرت نرى أنها مبشرة جدًّا، ففي الماضي، كان لا يعلم أحد أي كيان مرتبط بالذهب في مصر سوى شركة «سنتامين»، إلا أنني أرى حاليًا أن تلك الاستكشافات الجديدة من الممكن أن تجعل لدينا أكثر من «سنتامين»، ولكن هناك أيضًا بعض المشكلات.
رضوى إبراهيم: متى سيكون من الممكن أن تفكر في التخارج من استثماراتك في الذهب، سواء بشكل كلي أو جزئي؟
نجيب ساويرس: لن أفكر في التخارج من هذا القطاع أبدًا، إلا حينما أغادر الحياة، وحينها سيكون القرار في يد أولادي.
رضوى إبراهيم: يرزقك الله العمر الطويل.
ياسمين منير: بالنظر إلى مشروعات البنية التحتية التي تطرحها الدولة للقطاع الخاص، مثل محطات الكهرباء، تحلية المياه، والطرق، هل تولي اهتمامًا بهذا الملف؟
نجيب ساويرس: الحقيقة، هذا الملف يتبع نشاط شركة أخي «أوراسكوم للإنشاءات»، وبالفعل تخارجت من الشركة تمامًا، وهذه المشروعات تقع ضمن نطاق أعمالهم وليست تابعة لي.
أوراسكوم للاستثمار تفكر في إنشاء محطات كهرباء في إفريقيا للاستفادة من التسعير المرتفع
ياسمين منير: لقد شاهدنا دخولك القطاع العقاري وكان ضمن أنشطة العائلة، فهل هناك إمكانية لدخولك بالبنية التحتية مستقبلًا؟
نجيب ساويرس: شركة «أوراسكوم للاستثمار»، تفكر في عمل محطات كهرباء في إفريقيا، والسبب يعود إلى أن سعر بيع الكهرباء في دول إفريقيا أعلى من أي مكان آخر نظرًا لارتفاع المخاطر، ومن يملك الجرأة على تحمل تلك المخاطر سيحقق ربحًا أكبر من بيع الكهرباء في مصر، التي أصبح عليها إقبال كبير، ففي البداية كان سعر الكيلووات 20 سنتًا، وحاليًا وصل إلى 4 سنتات أو أقل، لكن في إفريقيا الأسعار ما زالت أعلى من ذلك.
ياسمين منير: هل من الممكن أن تدخل مجال الطاقة المتجددة في مصر؟
نجيب ساويرس: هذا أيضًا من أنشطة «أوراسكوم للإنشاءات»، هم لديهم محطتا طاقة رياح ومحطة طاقة شمسية، وأنا أحاول الأبتعاد عن دخول أي قطاع يتواجد فيه أحد إخوتي.
إفريقيا الوجهة التصديرية الأنسب لمصر في مختلف المنتجات.. والأثاث والأدوية لديهم فرص واعدة
رضوى إبراهيم: لقد سبقتني بالحديث عن إفريقيا، وهو ما كنت أنوي مناقشته معك.. ما هي القطاعات الأخرى التي تستهدف الاستثمار بها في أسواق إفريقيا بخلاف الكهرباء؟ وإذا أردنا ترتيب تلك القطاعات على أساس أعلى عائد استثماري يمكن تحقيقه، كيف ستكون الصورة من وجهة نظرك؟
نجيب ساويرس: إفريقيا تُعدّ الوجهة الأنسب لمصر فيما يتعلق بالتصدير، وهذا يتضح لي في كل زيارة أُجريها لتلك البلدان، فهي قارة تفتقد للكثير، فالدول الإفريقية تستورد الأثاث من تركيا وأوروبا، ولذلك إذا اقتحمت صناعة الأثاث المصرية دول القارة، فإن العائدات قد تصل إلى مليارات، خاصة أن المنتج المصري أصبح يتمتع بكفاءة عالية وسعره تنافسي جدًّا.
بالإضافة إلى صناعة الأدوية، فنحن لدينا شركات أدوية مصرية كبرى، إلا أن لديها مخاوف من دخول السوق الإفريقية بسبب عدم مساعدتهم على الذهاب إلى هناك، ولكن السوق هناك ضخمة والمنافسة محدودة للغاية.
فرص استثمار متنوعة بالقارة السمراء بمجالات الزراعة والطاقة والخدمات والمقاولات والتمويل
إضافة إلى التصدير الزراعي، والخدمات، خاصة بمجالات الطاقة، فهم لديهم مشكلة كبيرة في قطاع الطاقة، إلى جانب أزمات التمويل، رغم ان هناك هيئات دولية تساعد في التمويل حاليًا، وأمريكا بدأت تشعر بأن الصين ستسحب البساط، وولذلك تخوفت ودفعت البنوك العالمية لتسليف الدول الإفريقية، وهذا المجال مفتوح للغاية.
كما توجد فرص في قطاع المقاولات، فنحن نستعين بشركات أجنبية في المناجم التي نعمل بها في إفريقيا، وهذه الأعمال بسيطة جدًّا ولدينا شركات مصرية كبرى تستطيع العمل عليه إذا ذهبت إلى هناك، الأمر فقط يحتاج إلى جرأة.
رضوى إبراهيم: ما هي القطاعات أو المشروعات الأخرى التي يمكن الاستثمار بها عبر إقامتها في دول إفريقيا بخلاف التصنيع المحلي وتصدير منتجاته إلى هناك؟
نجيب ساويرس: كل شيء، توجد دول إفريقية ليس لديها شيء وتحتاج لكل المنتجات، فمن الممكن تصدير الأثاث المصري وأدوات المائدة والملابس أيضًا، فللأسف نحن غير منافسين على الملابس، هل تتصوري أننا ننتج المنسوجات بأسعار أعلى من الصين وبنجلاديش والهند، لأننا نضع ضرائب وجمارك على مستلزمات الإنتاج دون وعي بأنها ستؤثر على سعر المنتج النهائي.
فعلى سبيل المثال، نجد أن نصف التكلفة تتمثل في تكلفة النقل، فعندما نقوم بنقل المنتجات ندفع جمارك هنا وفي الخارج، في حين أن المنافسين لا يدفعون في بلادهم هذه الجمارك على نقل المنتجات، وهو ما ينعكس على التكلفة النهائية، بالإضافة إلى أن صناعة القطن لم تعد كما كانت.
رضوى إبراهيم: لطالما ارتبطت مخاوف المستثمرين من اقتحام الأسواق الإفريقية بالمخاطر السياسية، وأعتقد بعد تصاعد حدة المخاطر السياسية في باقي أسواق منطقة الشرق الأوسط قد تكون هذه الصورة تغيرت، هل ترى أن هذا قد يساهم في تشجيع المستثمرين على دخول إفريقيا بشكل أكبر، بعد أن أصبحت هذه الدول الأكثر استقرارًا نسبيًّا خلال الوقت الحالي؟
نجيب ساويرس: دعيني أقول لكِ شيئًا حتى تتضح حقيقة الأمر بخصوص المخاطر السياسية، عندما تعد دراسة جدوى أو خطة عمل لأي مشروع، مثلًا عندما ذهبت إلى الجزائر للحصول على رخصة تشغيل المحمول هناك، كان أحد المكونات الأساسية في الدراسة هو (WACC) –التكلفة المرجحة لرأس المال- الذي يعكس تكلفة التمويل التي يدخل ضمن مكوناتها جزء خاص بالمخاطر السياسية.
وحصلت على رخصة المحمول في الجزائر، لأن تكلفة (WACC) الخاصة بنا كانت 12%، في حين أنها بلغت 19% عند «فرانس تليكوم» -الشركة المنافسة أمامنا على الرخصة وقتها- ووضعت الشركة الفرنسية (400 مليون دولار)، فيما وضعت أوراسكوم 700 مليون دولار، وحسمت لصالحنا على اساس هذا الفارق على الرخصة لمدة 25 عامًا، ولعب دورًا محوريًّا في هذا الفارق وقتها أن أوراسكوم شركة مصرية وتعمل في السوق المحلية وبالتالي لم نضطر لرفع هذه النسبة بصورة كبيرة كما فعلت الشركة الفرنسية.
وأرى أن المفهوم المتداول حول المخاطر السياسية في هذه الأسواق مغلوط إلى حد كبير، ومن الأفضل أن نأخذ مخاطرة تلك الدول الفقيرة، خاصة أنها أسواق ترحب بالمنتجات التي تذهب إليهم طالما كان سعرها جيدًا، وفي حال حدثت مشكلة في الدفع، فإن هناك ما يُعرف بـ»خطاب الاعتماد المؤكد» (Letter of Credit) الذي يضمن لك الحصول على مستحقاتك.
مشاكل الشحن الجوي والبري لإفريقيا أحد أسباب ضعف التصدير
كما أرى أن مصر لديها مشكلتان في تصدير منتجاتها إلى إفريقيا، الأولى هي مشكلة الشحن، نظرًا للاعتماد على شركة واحدة فقط هي «مصر للطيران»، وعندما لا يكون العرض المقدّم منها مناسبًا، لا نجد مرونة في التفاوض أو أسعار تنافسية، حتى إذا حصلنا على عروض أفضل من شركات أخرى مثل «إير فرانس» أو «الخطوط الإثيوبية»، ولذلك نحن لدينا مشكلة في الشحن جوي وبحري، ولا بد أن نتدخل لحلها بهدف تعزيز تنافسية الصادرات المصرية.
ياسمين منير: بالنسبة لتجربتك في السوق العراقية، هل تعتقد أنه من الممكن أن تكررها في أسواق أخرى بالمنطقة، أم أن الوضع لا يزال غير واضح؟
نجيب ساويرس: كما هو معروف عني، أنا دائمًا أبحث عن الفرص في في هذه الأسواق.
المنافسة الضعيفة بالعراق دعمت قرار الاستثمار.. وكل المجالات تحتوي على فرص واعدة
ياسمين منير: نعم، هذا صحيح.
نجيب ساويرس: السبب الذي يجعلني أتوجه إلى هذه الأسواق هو أن المنافسة فيها ضعيفة للغاية، على سبيل المثال، العراق لا يمتلك صناعة محلية، فهم يعتمدون بشكل كبير على استيراد السلع من أوروبا بأسعار مرتفعة جدًّا، وحتى المطورون العقاريون في العراق يتبعون أسلوبًا سريعًا في البناء، حيث ينجزون 1000 وحدة سكنية في وقت قصير، ويحققون أرباحًا سريعة ثم يغادرون، ولا يوجد اهتمام حقيقي بالتنمية الشاملة.
وكل المجالات هناك متاحة بما فيها الخدمات، وعندما ذهبنا إلى العراق لتنفيذ مشروعنا في المدينة التي تقع على أطراف بغداد، فوجئنا بأن 7 أو 8 شركات مصرية جاءت بعدنا إلى هناك، وهذا أمر يسرني ويشجعني؛ فالبعض قد يظن أنني قد أكون مستاءً من ذلك، ولكن على العكس أفرح جدًّا لأنني أفتح المجال للآخرين ففي النهاية كل هذه العوائد ستفيد مصر.
ياسمين منير: هل توجد قطاعات أخرى من الممكن أن تستثمر بها في العراق؟ وما هي الأسواق الأخرى التي قد تستثمر بها خلال الفترة القادمة؟
نجيب ساويرس: في العراق، كل ما يمكن أن تفكري به ليس متوفرًا، فلديهم نقص شديد في الفنادق، وكذلك في الطرق والمياه، وهناك نقص حاد في الكهرباء، وهي دولة ليست فقيرة، وبالتالي أنا أشجع كل من يفكر في الاستثمار في العراق أن يتواصل معي عبر البريد الإلكتروني، وسأساعده في تسهيل كل شيء، ونحن أيضًا نخطط لتشغيل عدد من الشركات المصرية في المشروع الذي ننفذه في العراق.
رضوى إبراهيم: دعني أنتقل إلى مجال آخر أعلم أنك تحبه ولديك اهتمام خاص به وهو السينما، أين يضع نجيب ساويرس فرص الاستثمار في السينما ومنصات عرض المحتوى الرقمي على خريطة استثماراته المستهدفة خلال الفترة المقبلة؟
نجيب ساويرس: السينما، مثل القنوات التلفزيونية والصحافة، تحتاج لمساحة من الحرية، وعندما يتوافر ذلك، يمكن أن نتناقش بشكل جاد في الاستثمار بها.
هناك منطق رقابي يفرض قيود على المحتوى، كما حدث مع فيلم «الملحد»، ولم أفهم لماذا؟ هل لا يوجد أشخاص ملحدون؟ بالفعل لي صديق ملحد، فلا يجب أن نوقف الفيلم بسبب اسمه، بل بالعكس يجب أن نناقش كل شيء، فعندما يقع في طريقي شخص ملحد أحاول اقناعه بالإيمان بالله، ونجحت مرة في ذلك وتحول شخص من الإلحاد إلى الإيمان، فأنا لا أحب القيود، والفن أيضًا لا يحبها، وإذا سألنا هنا في هذه القاعة كم شخصًا يتابع الفضائيات المصرية، لن تجدي، الحقيقة أنني أتابع القنوات الإخبارية الأجنبية.
رضوى إبراهيم: ماذا عن المنصات الرقمية الجديدة التي لاقت إقبالًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، مثل «شاهد» و»Wach it» و»نتفليكس»، وغيرها من المنصات؟
نجيب ساويرس: هذه المنصات بالطبع ناجحة ولها تأثير كبير في سوق المحتوى الرقمي، ولكنها تعمل على محتوى محدود يمر عبر موافقات.
وصناعة السينما، كما أوضحت، فالأساس تقوم على الجدل والنقاش، سواء كان ذلك في مواضيع دينية، سياسية، اجتماعية أو إنسانية، فلا بد أن نناقش ونثير الأسئلة لكي نبني مجتمعات تفكر وتتطور.
ياسمين منير: وصلنا إلى المحطة الأخيرة وتضم مجموعة من الرسائل، وبالنسبة لي أود أن أسألك عن الرسالة الرئيسية التي ترغب في توجيهها للحكومة والمجموعة الاقتصادية من خلال هذا المؤتمر، بخلاف الرسائل التي ذكرتها خلال الحديث؟
نجيب ساويرس: أود أن أعرب عن سعادتي الكبيرة بالتغيرات التي شهدناها في تشكيل الحكومة الأخير، فقد شعرت وكأن نافذة قد فُتحت ودخل منها هواء منعش، خاصة على مستوى المجموعة الاقتصادية، وشعرت بتغيير وفهم عميق لما هو مطلوب، ولذلك أنا متفائل.
كما أنني أرى أن السيد رئيس الوزراء، في فترته الثانية اكتسب ثقة أكبر، ويعمل على دعم وتحفيز المجموعة الاقتصادية لبذل المزيد من الجهد والعطاء، وهو ما جعلني متفائلًا.
مصر جذابة للغاية وأرض خصبة للاستثمار.. وأنصح المستثمر بالتركيز على العوائد الدولارية من التصدير والسياحة
رضوى إبراهيم: سأستكمل مع حضرتك مجموعة الأسئلة الخاصة برسائلك وتوصياتك التي اعتادنا على تقديمها كل عام في هذا الحوار الموسع.. ما هي نصائحك أو توصياتك لمجتمع الأعمال ككل، والمستثمرون الأجانب المتواجدون في مصر حاليًا أو الذين يفكرون في الاستثمار بها خلال الفترة المقبلة؟
نجيب ساويرس: بداية، أود أن أؤكد أن الفرص الاستثمارية في مصر لا تزال جذابة للغاية وأرضًا خصبة للاستثمار، وأحث كل من يفكر في الاستثمار بالسوق المصرية على اتخاذ خطوة جدية في هذا الاتجاه.
وأنصح المستثمر الذي لم يبدأ بعد في أي استثمار، بالتركيز على الصناعات التي تحقق عائدًا بالعملة الأجنبية، فهذا التوجه يجنبه المخاطر المرتبطة بارتفاع أسعار الفائدة التي تصل إلى 30%، ومعدل التضخم أيضًا.
فصناعة مثل السياحة تمثل فرصة استثمارية جيدة وتتضمن عنصر أمان هامًّا، حيث إن إيرادات الفنادق أو شركات السياحة دولارية، الأمر نفسه ينطبق على قطاع تصدير الزهور أو المنتجات الزراعية، التي يتم تصديرها بالعملة الأجنبية، بينما تظل تكاليف الإنتاج محلية.
الشباب المتعلم بالخارج يمثل قوة ناعمة لمصر مسلحة بالتطورات التكنولوجية وقادرة على خلق قيمة مضافة
ياسمين منير: قطاع الشركات الناشئة بالتأكيد قد تكون الضغوط االتي يواجهها أكبر، فما هي توصياتك لهذا القطاع خلال الوقت الحالي، خاصة أنك تشارك بشكل مباشر في المؤتمرات المخصصة له وتوجه له رسائل خاصة؟
نجيب ساويرس: أولًا، يجب أن أقول إن مصر تمتلك قوة ناعمة متمثلة في شبابها المتعلم في الخارج، هناك العديد من هؤلاء الشباب، مثل ابني، الذين يعودون إلى مصر وهم مسلحون بتعليم عالٍ ومعرفة بكل التطورات التكنولوجية التي حدث حول العالم، وهم سابقون جيلنا بمراحل، وعندما يستخدمون هذا العقل المتطور في مصر، فهم قادرون على خلق قيمة مضافة وتحقيق عائد عالٍ جدًّا.
كما أصبح لدينا بيئة استثمارية أكثر تطورًا مع توافر مستثمرين ملائكيين (Angel Investors) ورأس مال مخاطر (Venture Capital)، بالإضافة إلى شركات كثيرة جدًّا يمكنها أن تمنحهم التمويل اللازم للبدء في مشروعاتهم.
أنا شخصيًّا أشجعهم على المضي قدمًا، فذلك أفضل بكثير من البحث عن وظيفة عامة أو أي وظيفة أخرى، ولكن عليهم ألا يبدأوا في تجريب فكرة دون التأكد من كونها غير مكررة عشرين مرة قبل ذلك، فجميعهم يرغبون في أن يصبحوا «زوكربرج» ويحققوا 19 مليار من البداية، فالأهم أن تكون الفكرة واعدة.
ولدينا تجربة أنا والدكتور خالد، شركة مصرية متخصصة في تصميم رقائق إلكترونية (chips) بالقرية الذكية، وضع كل منا مبلغ 200 أو 100 ألف دولار، وبعد 4 سنوات قمنا ببيع الشركة إلى «Intel» بمبلغ 2.5 مليون دولار، وفكرة أن شركة مثل «Intel» العالمية قد اشترت شركة مصرية متخصصة في تصميم الرقائق الإلكترونية، تعد وسامًا على صدر مصر.
وأشجع الشباب المصري المتواجد في الخارج على العودة للاستثمار هنا، لأنهم سيكونون متميزين.
رضوى إبراهيم: مهندس نجيب، سأختتم هذا الحوار الشيق بالسؤال الذي أحرص دائمًا على طرحه في نهايته كل عام، وقبل أن أطرحه، أود أن أعبر عن بالغ شكري وتقديري لك على حضورك المستمر معنا في المؤتمر السنوي لجريدة حابي، بالرغم من التزاماتك الهامة الكثيرة، وأعرب عن امتناني لهذا الأمر والذي له دلالة كبيرة عندنا، وهو محل تقدير عميق من جانبنا، وأتمنى دوامه واستمراره.
أما سؤالي فهو: ما هي التوصيات والنصائح التي تريد أن توجهها لجريدة «حابي»، خاصة أننا شركة ناشئة، وحضرتك شاهد على الرحلة منذ بدايتها، وقد رأيت تطورها على مدار ما يقرب من سبع سنوات منذ الانطلاق في نهاية إبريل 2018؟
نجيب ساويرس: في البداية، أود أن أقول إنني أرى أنكم قطعتم شوطًا طويلًا في مساركم المهني بشكل هائل، لقد اتخذتم قرارًا جريئًا جدًّا عندما تركتم مكانًا مستقرًّا لبدء جريدتكم الخاصة.
واليوم، كما ترين، أصبح لمشروعكم قاعدة واسعة من المتابعين الذين يثقون فيما تقدمونه ومقتنعون بكم، لأن الجريدة لا تجامل، بل تتبنى دومًا نهج الموضوعية وتنشر الحقيقة، وهذا محل إعجاب.
كما أنكم دائمًا سباقون في تقديم الأخبار الاقتصادية التي تهم جمهوركم، وأنا شخصيًّا ارتبطت بكم منذ البداية، ولا أرى أنكم بحاجة إلى أي نصائح بعد الآن.
رضوى إبراهيم: شكرًا جزيلًا مهندس نجيب على كلماتك الطيبة والمشجعة.
ياسمين منير: شكرًا.