في استطلاع حابي.. 50.8% من المشاركين يتوقعون تجاوز الذهب حاجز 2500 دولارا للأوقية
41.7 % يرون أن الأوقية ستتخطى 3000 دولار خلال 2025
فريق حابي _ في ظل مشهد اقتصادي عالمي يتسم بالتقلبات الحادة وعدم اليقين، يواصل الذهب ترسيخ مكانته كملاذ آمن يحظى بثقة المستثمرين، مدفوعًا بمزيج من العوامل الاقتصادية والسياسية التي تخلق بيئة مواتية لصعوده.
5.5 % يرجحون عبور مستوى 3500 دولار

في استطلاع أجرته جريدة «حابي» حول اتجاه أسعار أوقية الذهب في السوق العالمية خلال العام الحالي، جاءت التوقعات متباينة بين المشاركين، حيث رأى 50.8% أن الأسعار ستتجاوز 2500 دولار للأوقية، بينما توقع 41.7% أن تتخطى حاجز 3000 دولار. في المقابل، رأى 5.8% أن الأسعار ستصل إلى أكثر من 3500 دولار، فيما صوت 1.7% بتوقعات أخرى.
جولدمان ساكس: تباطؤ التيسير النقدي قد يؤثر على الطلب
وفي سياق متصل، توقع بنك «جولدمان ساكس» أن يؤدي تباطؤ وتيرة التيسير النقدي خلال عام 2025 إلى تراجع الطلب على الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب. وأفاد محللو البنك، بأن أسعار الذهب قد تصل إلى 2910 دولارات للأونصة بحلول نهاية العام. كما أشاروا إلى أن التدفقات الأضعف من المتوقع للصناديق المتداولة في ديسمبر، نتيجة انخفاض حالة عدم اليقين بعد الانتخابات الأمريكية، أسهمت في خفض نقطة البداية لتسعير الذهب مع دخول العام الجديد.
وأوضح المحللون أن التوازن بين انخفاض الطلب المضاربي وزيادة مشتريات البنوك المركزية أبقى أسعار الذهب ضمن نطاق محدد خلال الأشهر القليلة الماضية. وأضافوا أن شهية البنوك المركزية ستظل عاملاً رئيسياً في تحديد مسار الأسعار على المدى الطويل، حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط مشترياتها الشهرية 38 طناً حتى منتصف 2026.
وكان المعدن الأصفر قد شهد ارتفاعًا بنسبة 27% خلال العام المنصرم، مدعومًا بسياسات التيسير النقدي في الولايات المتحدة، وزيادة الطلب على الملاذ الآمن، واستمرار عمليات الشراء المكثفة من قبل البنوك المركزية. إلا أن هذه الموجة الصعودية توقفت في نوفمبر بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، مما أدى إلى تعزيز قوة الدولار والحد من مكاسب الذهب.
وفي تعاملات حديثة السوق، ارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.7% إلى 2624.24 دولار للأونصة، كما صعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.9% لتصل إلى 2611 دولارًا عند التسوية.
وأدى دعم البنوك المركزية القوي، إلى جانب استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي، إلى تسجيل الذهب ارتفاعًا قياسيًا في 2024، حيث بلغ 2790.15 دولار للأونصة في 31 أكتوبر.
وفيما يتعلق بالمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% إلى 28.87 دولار للأونصة، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 0.9% إلى 908.67 دولار، وتراجع البلاتين بنسبة 0.1% إلى 903.15 دولار. وعلى الرغم من أن الفضة سجلت أفضل أداء سنوي لها منذ 2020 بارتفاع 22%، إلا أن البلاتين والبلاديوم تكبدا خسائر سنوية بلغت أكثر من 8% و17% على التوالي.
وفي ظل هذه التوقعات، أشار محللو بنوك «جي بي مورجان» و»جولدمان ساكس» و»سيتي جروب» إلى أن الذهب قد يصل إلى 3000 دولار للأونصة، مستندين إلى عدة عوامل أبرزها التخفيض المحتمل لمعدلات الفائدة، مما يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لامتلاك الذهب. ومع ذلك، لا يزال نطاق تخفيض الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي غير واضح، ما يدفع المستثمرين إلى ترقب المزيد من الإجراءات النقدية خلال الفترة المقبلة.
ويُضاف إلى العوامل الداعمة لارتفاع أسعار الذهب، استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي، حيث تدفع التوترات العالمية المستثمرين إلى اللجوء إلى المعدن الثمين كملاذ آمن. وتشير التوقعات إلى أن العام الجاري سيشهد تحديات متزايدة، في ظل تصاعد النزاعات في الشرق الأوسط واستمرار الحرب في أوكرانيا.
وتعززت هذه التوقعات مع تعهدات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب بتصعيد الحرب التجارية مع الصين وأوروبا وكندا، مما يزيد من حالة الغموض في الأسواق. كما لا تزال مخاطر عودة التضخم ماثلة، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من الإقبال على الذهب.
وفي الصين، تتزايد شهية المستثمرين لشراء الذهب، خاصة مع تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على صادراتها إلى الولايات المتحدة. كما أن عمليات شراء البنوك المركزية للذهب لا تزال أحد العوامل الأساسية لدعم الأسعار. وبحسب مجلس الذهب العالمي، فإن 29% من محافظي البنوك المركزية في استطلاع أجري أواخر 2024، أكدوا عزمهم على زيادة احتياطياتهم من الذهب خلال الأشهر المقبلة، وهو أعلى معدل منذ عام 2018.
ويرى «جولدمان ساكس» أن الطلب على الذهب يزداد من قبل الدول التي تشهد توترات مع الغرب، حيث تبرز الصين كمصدر رئيسي لهذا الطلب، مع تضاعف احتياطياتها الرسمية من المعدن الأصفر أكثر من ثلاث مرات منذ عام 2008. كما دفعت العقوبات الغربية على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا في 2022 بعض البنوك المركزية إلى تقليل الاعتماد على الأصول المقومة بالدولار.
وعلى صعيد أداء الذهب خلال السنوات الماضية، أشار محللو «سيتي غروب» إلى أن الذهب شهد ارتفاعات مطردة خلال فترات الزخم، حيث سجلت العقود الآجلة للمعدن الأصفر زيادات سنوية بنسبة 20% على الأقل خلال السنوات الخمس إلى الست الماضية، وكان متوسط الزيادة في تلك الفترات يتجاوز 15%.
ورغم أهمية الذهب كأداة استثمارية، إلا أن الطلب الصناعي عليه يظل محدودًا مقارنةً بالمعادن الثمينة الأخرى مثل الفضة والبلاتين، والتي تتأثر بشكل أكبر بتباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي.
وفي هذا السياق، أكد رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس أن التوترات الجيوسياسية العالمية تعزز التوقعات الإيجابية بارتفاع أسعار الذهب، مشيرًا إلى أن المعدن النفيس سيظل الملاذ الآمن الأكثر استقطابًا للاستثمارات. وأوضح خلال المؤتمر السنوي لجريدة «حابي» أن الذهب كان يُتداول عند 1500 دولار قبل عامين، لكنه ارتفع إلى 2700 دولار بنهاية العام الماضي.
وأشار ساويرس إلى أن عدد المناجم الجديدة المنتجة للذهب لا يلبي الطلب السنوي، مما يفاقم من نقص المعروض مقارنة بالطلب المتزايد. كما أرجع ارتفاع الأسعار إلى أن روسيا والصين تشتريان نصف الإنتاج العالمي من الذهب، وذلك بسبب مخاوفهما من هيمنة الدولار على الأسواق المالية.
وأضاف أن الصين أوقفت شراء الذهب لفترة امتدت ستة أشهر، ما أدى إلى انخفاض الأسعار بنحو 100 دولار، إلا أنها استأنفت عمليات الشراء في ديسمبر الماضي، مما أعاد الزخم إلى السوق. وأكد أن الاستثمار في التنقيب عن الذهب يحتاج إلى فترة تتراوح بين 3 و4 سنوات لتحقيق العائد، كما أنه محفوف بالمخاطر ويتطلب رؤية استراتيجية طويلة الأمد.