في لقائه الثالث والعشرون: صالون حابي يبدأ رحلة اللجان الاستشارية من قطاعي العقارات والسياحة.. الجزء الأول

توصيات ومقترحات واسعة تبدأ بضرورة وضع أهداف واقعية

بدأت جريدة حابي تنظيم سلسلة من لقاءات صالون حابي، حول خطط وأهداف لجان التواصل بين الحكومة والقطاع الخاص، التي أعلن رئيس الوزراء عن تشكيلها مؤخرًا، في إطار سعي الجريدة لمواكبة التطورات الجوهرية في مختلف قطاعات الاقتصاد، والمساعدة في زيادة جسور التواصل بين مجتمع الأعمال وصانعي القرار خلال هذه المرحلة المؤثرة على الصعيد الاقتصادي المحلي والإقليمي والدولي.

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

تبدأ سلسلة اللقاءات بصالون يستعرض المقترحات الخاصة بالأهداف المأمولة من لجنتي التنمية العمرانية وتصدير العقار، وتطوير السياحة، من خلال مناقشة عدد واسع من المحاور المرتبطة بواقع ومستقبل القطاعين، بمشاركة كل من الدكتور هشام زعزوع وزير السياحة الأسبق، والمهندس فتح الله فوزي نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، وكريم هلال المدير الإقليمي لمجموعة كوليرز إنترناشونال لخدمات الاستشارات.

كما شهد اللقاء مناقشات موسعة حول الأدوار المرجوة من لجنتي التنمية العقارية والسياحة، وكذلك الترتيب المقترح لأولويات القطاعين، والوقوف على نقاط القوة والضعف، وكذلك الحوافز والتعديلات التنظيمية المطلوبة لتعزيز الاستثمار العقاري والسياحي، بما في ذلك المتعلقة بالأدوات المالية والتمويلية، والعناصر الفنية المختلفة بكل من القطاعين.

ووضع المشاركون في صالون حابي قدرًا كبيرًا من التفاصيل لرسم خارطة طريق واضحة لتنشيط تصدير العقار وتذليل عقبات جذب الاستثمارات الأجنبية والإقليمية للثروة العقارية غير المستغلة، وكذلك تحديد الأدوات اللازمة للمساعدة في رحلة الوصول إلى هدف جذب 30 مليون سائح، وتعظيم الاستفادة من المقومات الجغرافية والمناخية والتاريخية.

تابعنا على | Linkedin | instagram

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من صالون حابي.

الحكومة أعلنت عن تشكيل مجموعة من اللجان الاستشارية خلال الفترة الأخيرة، تضم ممثلين للقطاع الخاص. وقالت إن مهمة هذه اللجان هي تقديم توصيات ومقترحات، بحيث يكون هناك مجال للتواصل بشكل أكبر مع القطاع الخاص، لتتشابك أهداف الحكومة مع أهداف الشركات، ولتستطيع تنفيذ فكرة الأهداف الكبرى التي تعلن عنها الحكومة، ومنها زيادة نصيب القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات العامة، وزيادة نصيبه من الإجراءات والحوافز.

بدورنا نبادر في جريدة حابي بالاشتباك مع هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة، من خلال المساهمة في تقديم توصيات ومقترحات، بجانب التعرف بشكل أكبر على مهام هذه اللجان وحدود سُلطاتها مع بداية عملها.

لدينا أكثر من قطاع سنبدأ العمل عليه، بناءً على التشكيل الذي أعلنته الحكومة، ولكن نود أن نبدأ بقطاعين من القطاعات التي تدور حولها أحاديث كثيرة، وتعتبر بالغة الأهمية للاقتصاد المصري، وهما قطاعا العقارات والسياحة.

يشرفنا اليوم في صالون حابي الدكتور هشام زعزوع وزير السياحة الأسبق، بما له من كثير من المهام والخبرات الأخرى، والمهندس فتح الله فوزي نائب رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة البناء والتشييد بالجمعية، وله الكثير أيضًا من المهام والخبرات الأخرى، والأستاذ كريم هلال المدير الإقليمي لمجموعة كوليرز إنترناشونال لخدمات الاستشارات العقارية، وأيضًا يتقلد الكثير من المناصب ويمتلك خبرات أخرى، وخاصة في قطاع التمويل.

ويشرفني أيضًا في إدارة هذا اللقاء زميلتي رضوى إبراهيم مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي، وزميلتي ياسمين منير مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي.

دعونا نبدأ المناقشات مع الدكتور هشام زعزوع.

في البداية قطاع السياحة من القطاعات التي تضم الكثير من الجمعيات التي تعبر عن مصالح مجتمعه، فيما يتعلق بالقطاع الخاص.

عندما يردد على مسامعك وجود لجنة يختص دورها بالتشاور مع الحكومة والتواصل مع الحكومة فيما يتعلق سواء بفرص نمو هذا القطاع أو مواجهة تحدياته، فما الذي يتبادر إلى ذهنك وقتها فيما يتعلق بأدوار هذه اللجنة والاحتياج إليها وحدود سُلطاتها؟

الدكتور هشام زعزوع وزير السياحة الأسبق

هشام زعزوع: تواصل الدولة مع نبض الاقتصاد من مختلف أعمدته توجه محمود

د. هشام زعزوع: دعني أقول إنه توجه محمود عمومًا، أن تكون الدولة دائمًا على تواصل مع نبض الاقتصاد من مختلف أعمدته ومنها قطاع السياحة.

نحن لدينا جمعيات، ومنها جمعيات المستثمرين النوعية والاتحاد المصري للغرف السياحية والغرف السياحية في التخصصات المختلفة السياحية، وكل هذه الأجهزة لها دور بالتأكيد، بجانب المجلس الأعلى للسياحة الذي يرأسه رئيس الجمهورية.

اللجان الاستشارية تؤدي إلى حلحلة مشاكل القطاع السياحي

وأؤكد أنه كلما كان هناك زخم وتناول فهذا أمر محمود، إنما الفكرة كلها تُكمن في أنه عند أي توجه وأي مقترح، على غرار اللجان الاستشارية التي هي اليوم من المفترض أن تصب في النهاية في مجلس الوزراء وتحديدًا مع رئيس الوزراء وبالتالي على أرفع مستوى في العمل التنفيذي أو من أرفع المستويات بعد رئيس الجمهورية، فإننا نأمل أن يؤدي ذلك إلى حلحلة عدد من العقبات وحل الكثير من المشاكل التي تواجه القطاع في هذه الحالة.

أحمد رضوان: مثل ماذا؟

د.هشام زعزوع: تجربتي أن مثل هذه الهياكل على غرار اللجان أو حتى المجلس الأعلى للسياحة إذا لم يكن لها محرك أو «موتور» فلن نستطيع الوصول إلى الهدف.

ممثلو لجنة السياحة على قدر كبير من الثقل

ومعنى ليس لها «موتور» أي إننا نجتمع اليوم على مستوى إستراتيجي، وأن الأسماء المطروحة اليوم في لجنة السياحة هي أسماء رائعة وكبيرة ولها ثقلها في العمل السياحي ولا شك في هذا.

يتعين وجود لجنة لتنفيذ المقترحات لانشغال رجال الأعمال

لكن كل هؤلاء رجال أعمال كبار ولديهم جدول أعمال، وإذا كانت هناك مقترحات يتم اتخاذها، أتصور أنه يتعين وجود أمانة أو لجنة أو مجموعة عمل سمّها مثلما تود، إذ يتعين وجود نواة على سبيل المثال أو «موتور» يختص بكل هذه المقترحات من خلال تمتعه بوزن معين في العمل التنفيذي داخل الدولة، بحيث تأخذ هذه المقترحات والاطمئنان إلى وصولها إلى المسؤول عن تنفيذها، حتى نشعر بالتقدم خطوة إلى الأمام إلا في حالة عدم وجود الآلية المنوط بها تنفيذ هذه المقترحات.

وأشير إلى أنه قد تكون هناك بعض المقترحات التي تميل في هذا الاتجاه أو آخر، ولم تصب في المصلحة العامة التي تستهدفها الدولة، فهذه هي النقطة الأولى.

وأتصور حتى نصل إلى هذه النقطة أن يتم تحليل المشاكل كلها من واقع العملية السياحية، ومن الممكن أن أستفيض بشكل أكبر في مرحلة لاحقة من المناقشات.

أحمد رضوان: بالتأكيد في محور آخر سنتحدث بشكل أكبر عن المشاكل التي تواجه قطاع السياحة.

ياسمين منير: المهندس فتح الله فوزي.. القطاع العقاري هو قطاع نشط في الأساس فهل من وجهة نظرك أنه كان يحتاج إلى لجنة تواصل مع القطاع الخاص لدعم نشاطه أم للحماية من المخاطر التي تتردد بين حين وآخر، وخاصة الفقاعة التي تعتبر مثار جدال خلال الفترة الأخيرة.

م. فتح الله فوزي: بالتأكيد لا لأن كل قطاع له مشاكله، فقطاع الصناعة له مشاكله التي تعوقه وقطاع العقارات له مشاكله التي تعوقه أيضًا.

المهندس فتح الله فوزي نائب رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة البناء والتشييد بالجمعية

فتح الله فوزي: قطاع العقارات كان في حاجة إلى لجنة استشارية

أرى بالطبع أن قطاع العقارات كان في حاجة إلى لجنة تواصل، وأذكر مثالًا بسيطًا على ذلك، وهو الاجتماع الذي تم مؤخرًا مع دولة رئيس الوزراء، واعضاء اللجنة الاستشارية الخاصة بالعقارات، والذي كان يناقش مشكلة التسجيل للتشجيع على تصدير العقار.

حل مشكلة التسجيل أبرز محفزات تصدير العقار

هل لكم أن تتخيلوا اليوم أن يمر الأجنبي بنفس الإجراءات التي يمر بها المصريون عند تسجيل العقار، لينتظر عامين في الشهر العقاري.. هذه «استحالة».

طورت مشروعا في لبنان ونقل ملكية الوحدة يتم في أسبوع واحد

لقد طورت مشروعًا في لبنان، وعندما قمت ببيع الوحدة سواء لخليجي أو لبناني توجهت إلى موثق «كاتب عدل»، وفي أسبوع واحد تم نقل ملكية الوحدة من شخص إلى آخر، فهذه هي الإجراءات المتبعة، أن الموثق هو محامي له صلاحيات تنهي هذه العملية.

صعوبة مرور الأجنبي بالإجراءات المماثلة للمصريين عند تسجيل العقار

وأرى أن المشاكل المتعلقة بالتسجيل في مصر والتي أعتقد أنها تواجه كل المصريين، من الصعب جدًّا أن يتحملها الأجنبي، فهذه إحدى المشاكل التي يتم مناقشتها حاليًا، وأرى أنه أمر جيد أن يتم البدء بها، حتى تستطيع الدولة جذب الأجانب للشراء، وخاصة مع وجود مشروع رأس الحكمة في الساحل الشمالي، والذي يستهدف في الأساس زبونًا أجنبيًّا.

مناقشة المشاكل المتعلقة بالتسجيل أمر جيد لجذب الأجانب للشراء

وفي الحقيقة استهداف مشتر ثالث غير المصري هو أمر جيد للغاية.

إلا أنه يتبقى حل المشكلة الرئيسية في عملية التسجيل، فالعميل عندما يقوم بتسجيل وحدته يطالب بتقديم أوراق من وزارات أخرى، وحتى القانون الجديد الذي صدر لتسجيل ملكيات الوحدات في المجتمعات العمرانية الجديدة، من المفترض أن يسهل عملية التسجيل، إلا أن موظف الشهر العقاري يطلب من العميل تقديم رخصة مبانٍ ورخصة عقد أرض.

وعلى أي عميل يمتلك وحدة أن يتوجه إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في العاصمة الإدارية لاستخراج هذه المستندات، في حين أنه يتعين إتاحة هذه المعلومات رقميا ما بين الهيئات والوزارات، بحيث لا يكون العميل مطالبا باستخراج هذه الأوراق أو المعلومات أو عقد الأرض أو رخصة المباني بالتنقل بين الوزرات.

مشكلة تسجيل العقار لن تحل إلا من خلال إنهاء مشروع رقمنة وزارة الاتصالات

هذه المشكلة لن تحل إلا من خلال إنهاء مشروع الرقمنة ما بين الوزارات، الذي تنفذه وزارة الاتصالات.

رضوى إبراهيم: أجدد الترحيب بحضراتكم وسأوجه سؤالي إلى الأستاذ كريم هلال، نود أن نعرف بما أننا نستطيع القول إنك «الجوكر»، لما تمتلكه من نظرة على العقارات والسياحة بحكم العمل في التسويق العقاري، فما هي الأدوار المأمولة من هاتين اللجنتين؟ وهل كان من الأفضل دمجهما في ظل التشابك والتكامل بينهما للاستفادة من الخبرات الموزعة بين اللجنتين؟

كريم هلال: سأرد على الجزئية الأخيرة.

كريم هلال المدير الإقليمي لمجموعة كوليرز إنترناشونال لخدمات الاستشارات العقارية

كريم هلال: وجود لجنة لكل قطاع من العقارات والسياحة «قرار سليم»

رضوى إبراهيم: أرغب في أن ترد على الجزئية الأولى في البداية.

كريم هلال: بالفعل كل قطاع فيه تشابك، وكل قطاع لديه أيضًا تحدياته المختلفة تمامًا عن القطاع الآخر، فأعتقد أن وجود لجنة لكل قطاع من العقارات والسياحة هو قرار سليم.

أما ما هو الدور المأمول لهذه اللجنة فهذا أمر آخر، وأرى أن اقتراح معالي الوزير هو اقتراح عملي، لأن بالفعل جدول أعمال جميع رجال الأعمال مزدحم بضغط من إداراتهم لإمبراطوريات.

يتعين وجود أمين للجنة ليجمع التوصيات ويترجمها إلى مقترحات

ولذلك يتعين بالفعل وجود أمين على سبيل المثال، أو CO للجنة ليقوم بجمع التوصيات وترجمتها إلى مقترحات قابلة للعرض والنقاش وقابلة للتنفيذ في المقام الأول، فهذا أمر مهم للغاية.

لقد تحدثنا كثيرًا في موضوع السياحة منذ سنوات، وأرى أنها أكبر وأسرع مصدر للعملة الأجنبية بلا شك.

كان لنا تجربة أجهضت قبل تنفيذها نتيجة عدم التجانس بين الوزارات

وفي الحقيقة كان لنا تجربة مع معالي الوزير الدكتور هشام زعزوع، ولكنها للأسف أجهضت قبل ما تنفذ، تتذكر ذلك.

د. هشام زعزوع: بالطبع.

كريم هلال: التجربة أجهضت نتيجة المشاكل التي نتحدث عنها من التعقيدات وعدم وجود تجانس بين الوزارات ليعمل كل منها بشكل منفرد.

ولكن أود أن أطرح أمرا حول ما هو الدور الذي من الممكن أن تقوم به هذه اللجان، بالتأكيد كل الطروحات التي قالها المهندس فتح الله وسيادة الوزير هي نقاط سليمة وفي محلها والمنتظر كثير جدًّا، إلا أن هناك جزئية أرى من المفترض أن تكون من صميم اللجنتين وليس لجنة واحدة.

الإفتقار إلى ثقافة الضيافة يؤثر على السياحة وفكرة تصدير العقار

أرى أننا لدينا مشكلة جوهرية في التركيبة الخاصة بنا الحالية وليست القديمة، وهي أننا نفتقر إلى ثقافة الضيافة وهو ما يؤثر في السياحة ويؤثر على فكرة تصدير العقار في الأساس.

وأشير إلى أن هذا الطرح معروف والأمثلة عليه عديدة للغاية ولن أقولها، فبمجرد الذهاب إلى الأهرامات ستتضح الصورة.

ضرورة تبني حملة قومية لتوعية الشعب بالأهمية الاقتصادية للسياحة

ولكن ما هو الحل، في الحقيقة هناك فكرة أتمنى وصولها إلى مسؤول ليتبناها ويطبقها، وهي حملة قومية لتوعية الشعب بأهمية السياحة للاقتصاد ومردودها على المستوى الشخصي للمواطنين.

يتعين التعامل مع السائح على أنه مصدر دخل مستمر

كما يجب التعامل مع السائح كمصدر دخل مستمر، وليس كأنه عائد مؤقت مثلما يحدث الآن.

في تقديري أن هذا الحل لا بد أن يستحوذ على أولوية كبرى عند كل أصحاب الشأن من القطاع الخاص والدولة والجهات المعنية ورجال الأعمال، للمساهمة في هذه الحملة من خلال تمويلها لتكون على مستوى الدولة كلها في كل مكان.

وذلك من أجل نشر ثقافة الضيافة عند الطفل منذ نعومة أظافره، حتى يكبر ويتعلم أن السائح هو ضيف يجب إكرامه وتعزيزه، فضلًا عن أنه مصدر دخل.

كما يتعين إبراز مساهمات السياحة بالأرقام أمام الناس قبل جميع هذه المشاكل، من خلال إيضاح نصيبها من الدخل القومي ودورها في توفير وظائف مباشرة وغير مباشرة، والعائدات الدولارية التي تحققها، فكل هذه الأمور سهلة وموجودة، ولكن تحتاج إلى إخراج في متناول الشعب كله.

وأعتقد أن تطبيق هذه المنهجية سيحدث فارقًا كبيرًا في السياحة، وبالتبيعة في العقارات.

أحمد رضوان: المهندس فتح الله فوزي.. بناءً على خبرتك وقراءتك لتحديات القطاع العقاري وفرصه في السوق المحلية، ما هي رؤيتك لترتيب الأولويات التي من الممكن أن نضعها على أجندة لجنة تنمية العقار وتصدير العقار؟

أهمية بالغة لاستخراج التراخيص

م. فتح الله فوزي: أرى أهمية بالغة لاستخراج التراخيص، فهذه هي أهم نقطة، وأشير إلى أنه كانت هناك مشكلة قديمًا، وهي منح الأراضي، لكن أعتقد مع المدن الجديدة تم تسهيلها بشكل كبير، وأصبحت هناك مرونة في هذه العملية.

وهناك نقطة أخرى مهمة للغاية من وجهة نظري، وهي ضرورة قيام الجهات المختصة بتنظيم العلاقة بين المشتري والمطور والسمسار، لأن في حقيقة الأمر هذه العلاقة ما زالت تعاني من الفوضى حتى الآن.

أحمد رضوان: ألا توجد جهة تنظم هذه العلاقة؟

م. فتح الله فوزي: لا توجد، إنما هناك قرارات تنظمها لكنها غير مفعلة، ومثال على ذلك قرار رئيس الوزراء الذي صدر منذ عامين أو 3 أعوام، المختص بضرورة وجود حساب ضمان يشترط إيداع الأموال فيه، مع وجود مراقب حسابات بما يضمن إنفاق هذه الأموال على المشروع الذي حجز فيه المشتري، بجانب اشتراط وجود ملاءة مالية للمطور.

فكل هذه القرارات صدرت منذ عامين إلى 3 أعوام، لكنها مثل قانون المرور ومثل أي قانون آخر لم يتم متابعته بالشكل المطلوب.

ضرورة تنظيم العلاقة بين المشتري والمطور والسمسار.. على غرار السعودية ودبي

أحمد رضوان: أي لا يوجد ما يلزم بها.

م. فتح الله فوزي: طالما لم تنفذ، فهي غير إلزامية.. لكن أعتقد أن مع حجم السوق حاليًا لا بد أن يتم وضع ضوابط لتنظيم هذه العلاقة على غرار السعودية ودبي وأي دولة أخرى تستهدف حماية هذا القطاع من الوقوع في أي مشكلة، من خلال تفعيل الضوابط وتنفيذها.

ياسمين منير: الأستاذ كريم هلال.. في الجزئية نفسها الخاصة بجدول الأولويات، لو أردنا الحديث عن القطاع المالي، فبالتأكيد له دور مؤثر جدًّا في تحريك الثروة العقارية الموجودة، بجانب تأثيره على فرص الاستثمار المرتقب، فما هو تقييمك لجدول أولويات القطاع المالي أو أدوات التمويل المقدم للقطاعين العقاري والسياحي؟ وما هو وضع القطاع المالي على قائمة أولويات اللجنة؟

كريم هلال: بالتأكيد من المفترض تمثيل القطاع المالي في اللجنة، لأن محرك القطاع السياحي أو العقاري في النهاية هو التمويل، سواء استثمار مباشر أو تمويل مصرفي أو تمويل آخر، إذن التمويل مسألة أساسية.

انتقادات لقيام المطور بدور ليس من اختصاصاته وتحمله مخاطرة ائتمانية

أمر آخر، هو أن هناك حالة من الانتقاد في القطاع العقاري بفعل قيام المطور بدور ليس من ضمن اختصاصاته، ليصبح ممولًا بجانب دوره الأساسي، متحملًا بذلك مخاطرة ائتمانية.

الإجراءات التحوطية المفروضة على البنوك دفعت المطور للقيام بدور الممول

فالمطور يضطر للقيام بدور الممول لأن الإجراءات التحوطية فرضت على البنوك قيودًا منعتها من تمويل المطور في المراحل الأولى للمشروع، وقد ساعد هذا في المرور من الأزمة المالية لعدم توافر هذه المنظومة.

لكن في النهاية ما هي النتيجة؟ في اعتقادي أن الإجراءات التحوطية عظمت الخطر، لأن المطورأصبح اليوم يقدم عروض تقسيط، مع سداد 5% مقدمًا وتحصيل بقية المبلغ على مدد طويلة وتوقيع شيكات بنكية.

أعرف مطورين لديهم غرف مليئة بالشيكات البنكية ولا أمزح في ذلك

أعرف مطورين لديهم غرف مليئة بالشيكات البنكية، ولا أمزح في ذلك. وأُنبه إلى أنه في النهاية المطورون يستطيعون تخصيم الشيكات من البنوك، ووقتها تتحمل البنوك المخاطر نفسها.

قيود تمويل المطور في المراحل الأولى ساعدت في المرور من الأزمة المالية

وأرى أنه من المفترض تطبيق 3 أمور مهمة، وقد قالها المهندس فتح الله ويتعين تنفيذها من اليوم الأول، وهي التسجيل والملاءة المالية للمطور للإنفاق على المشروع، مع عدم اتباع ممارسات ضارة.

السماح للبنوك بتمويل المطورين في المراحل الأولى من المشروع في حدود مدروسة وآمنة

هناك أمر مهم آخر، حيث يتعين السماح للبنوك بتمويل المطورين في المراحل الأولى من المشروع في حدود مدروسة وآمنة، نظرًا لأنه ليس كل مشروع جديد له مخاطر عالية، بل بالعكس أرى أن هناك مشاريع جيدة تتمتع بأدء جيد في البيع، ولذلك هناك ضرورة للسماح للبنوك بتمويل المطورين في المراحل الأولى.

 

ياسمين منير: أعتقد أن البنوك لا تواجه قيودًا مباشرة تمنعها من تمويل المشروعات العقارية، فهناك بالفعل العديد من المشروعات التي حصلت على تمويل خلال الفترة الماضية. شهدنا نماذج متعددة لذلك، لكن نتحدث في تنويع آليات التمويل المتاحة، مثل الصناديق العقارية والبورصة العقارية.

كريم هلال: أخالفك الرأي في هذه النقطة، فالبنوك تخضع لقيود صارمة على تمويل المشروعات العقارية، مما يحدّ من قدرة المطورين على تنفيذ مشروعاتهم وفق خطط مستقرة ومستدامة.

تمويل العقارات يتعرض لقيود صارمة والسوق تحتاج تطوير آلية الصناديق

إذا ألقينا نظرة على الأسواق المتقدمة، سنجد أن الصناديق العقارية (REITs) تشكل ركيزة أساسية في منظومة التمويل العقاري، حيث تلعب دورًا محوريًّا في دعم المطورين عبر الاستثمار في مشروعاتهم منذ المراحل الأولى (Greenfield)، ما يضمن لهم سيولة مالية كافية لتنفيذ مشروعاتهم دون الحاجة إلى الاعتماد المفرط على القروض المصرفية أو مقدمات الحجز من العملاء.

للأسف، هذه الآلية ما زالت شبه غائبة في السوق المصرية، بالرغم من صدور تشريع لتنظيم عمل الصناديق العقارية منذ أكثر من عقد، غير أن القانون جاء مقيدًا أكثر مما هو محفز، وهو ما انعكس بوضوح على ضعف الإقبال عليه. فمنذ صدوره قبل 10 أو 15 عامًا، لم تشهد السوق سوى إطلاق صندوقين فقط، أحدهما بحجم استثمار هزيل لا يكفي حتى لشراء وحدة سكنية، والآخر تعثر وأُعيد النظر فيه، ما أدى إلى فشل التجربة برمتها.

لذا، فإن إعادة النظر في التشريعات المنظمة لعمل الصناديق العقارية باتت ضرورة ملحة، بحيث تسهم في خلق بيئة استثمارية أكثر مرونة تتيح للمطورين الحصول على التمويل المطلوب، دون تحميلهم مخاطر مالية غير مبررة، مما يسمح لهم بالتركيز على تطوير مشروعاتهم بعيدًا عن اللجوء إلى نظم تمويل غير مستقرة، مثل الاعتماد على مقدمات الحجز وتمويل التنفيذ من العملاء.

تأخيرات كبيرة في تسليم المشروعات بسبب نقص السيولة والتمويل

في ظل هذه الأوضاع، أعتقد أن معظم المطورين العقاريين –إن لم يكن جميعهم– يواجهون تأخيرات ملحوظة في تسليم مشروعاتهم.

د.هشام زعزوع: الأمر يرتبط بشكل أساسي بطريقة السداد.

نسبة ضئيلة من الشيكات المرتجعة قد تثير أزمة كبرى في سوق العقارات

كريم هلال: والتخوف الأكبر هنا يتمثل في ما يُعرف بفقاعة العقارات، التي يُثار الحديث حولها مؤخرًا. المشكلة أن نسبة ضئيلة جدًّا من الشيكات المرتجعة قد تكون كفيلة بإحداث أزمة كبرى في السوق، نظرًا لاعتماد المطورين بشكل أساسي على هذه التدفقات النقدية لتمويل مشروعاتهم.

رضوى إبراهيم: نسأل الله أن تمر الأمور بسلام، وألّا نواجه مثل هذه الأزمات.

م. فتح الله فوزي: هل يمكنني أن أضيف نقطة تتعلق بحالة الفوضى التي تشهدها السوق العقارية؟

رضوى إبراهيم: بالطبع، تفضل.

م. فتح الله فوزي: فيما يتعلق بالصناديق العقارية، فإن فائدتها تكمن في أنها توفر للمستثمرين الصغار فرصة للمشاركة في السوق العقارية، لكنها تظل مرتبطة بإطار تنظيمي (Licence) يحدد كيفية عملها وآليات إدارتها.

الصناديق العقارية توفر فرصة للمستثمرين لكن تنظيمها ما زال غائبًا

اليوم، هناك العديد من الشركات التي تمارس أنشطة مشابهة ولكن تحت مسميات أخرى، مثل «الملكية الجزئية»، حيث يتم بيع الوحدة السكنية الواحدة لعشرين أو ثلاثين شخصًا، دون وجود ضوابط واضحة أو إطار قانوني يحكم هذه الممارسات. هذه الظاهرة،.

غياب الرقابة على الأنشطة العقارية تحت مسميات غير قانونية ينذر بكارثة

في رأيي، تنذر بكارثة محتملة، نظرًا لغياب الرقابة والتنظيم اللازمين لضبط السوق. أين الجهات الرقابية؟ أين التشريعات التي تحكم مثل هذه الأنشطة؟ هذا الوضع لا يمكن أن يستمر بهذه العشوائية.

أحمد رضوان: ألا ترى أن هيئة الرقابة المالية تدخلت لمعالجة هذه المشكلة؟

رضوى إبراهيم: هل تقصد تنظيم منصات التمويل الجماعي؟

م. فتح الله فوزي: لا، هذا موضوع مختلف تمامًا.

أحمد رضوان: لكن منصات التمويل الجماعي تستهدف تحقيق الهدف نفسه في النهاية.

رضوى إبراهيم: بغض النظر عن التسمية، الفكرة في جوهرها واحدة، أليس كذلك؟

م. فتح الله فوزي: لا، الأمر هنا أكثر خطورة. بيع الوحدة الواحدة لعشرين أو ثلاثين شخصًا بهذه العشوائية يمثل أزمة حقيقية، وقد حذر منها أحد الوزراء منذ سنوات.

الملكية الجزئية في العقارات تهدد استقرار السوق بسبب العشوائية والغياب الرقابي

لقد شهدت السوق المصرية تجربة مشابهة في فترة سابقة من خلال نظام التايم شير (Time Share)الذي أثار الكثير من الجدل وكان محفوفًا بالمشكلات.

رضوى إبراهيم: صحيح، هذه ليست ظاهرة جديدة على السوق.

كريم هلال: بل في كثير من الحالات، تحوّلت إلى عملية احتيال واسعة النطاق على المستوى العالمي!

رضوى إبراهيم: دعونا نعيد دفة الحديث إلى قطاع السياحة، ونستفيد من خبرات معالي الوزير السابق في هذا المجال الحيوي. من واقع رؤيتكم العميقة، ما الأولويات الإستراتيجية التي ينبغي أن تضعها لجنة التنمية السياحية على رأس أجندتها خلال المرحلة المقبلة؟

نرغب في تحديد الأولويات بمنتهى الدقة، فإذا طلبنا منك وضع ثلاث أولويات عاجلة يمكن للجنة العمل عليها بشكل منهجي وسريع لضمان تحقيق نقلة نوعية حقيقية في القطاع السياحي، فما هي؟

ولا أتحدث هنا عن الملفات التي قد تتقاطع مع نقاشات ضيوفنا الآخرين، كالعقارات الساحلية والسياحية، بل نود تسليط الضوء على جوهر النشاط السياحي ذاته، بما يشمل الطيران، منظومة الخدمات، التسهيلات الإجرائية والموافقات، بالإضافة إلى الأنماط السياحية التي لطالما كانت لديك آمال وطموحات كبيرة في تفعيلها، مثل السياحة العلاجية، سياحة السفاري، سعيًا لتوسيع القاعدة السياحية بعيدًا عن الاعتماد على السياحة الشاطئية وحدها.

الدكتور هشام زعزوع وزير السياحة الأسبق

وضعنا الهدف السياحي 30 مليون سائح دون تحديد كيفية الوصول إليه

د. هشام زعزوع: جيد، سأبدأ بالحديث فنيًّا عن السياحة. اللجنة وضعت هدفًا طموحًا، وهو 30 مليون سائح في عام 2030، كما أعلن معالي الوزير أحمد عيسى قبل مغادرته الحكومة. ولكن، جاء الوزير الذي تلاه وأكد أنه قد يكون بالإمكان تحقيق هذا الهدف بحلول عام 2032 أو 2033.

من الواضح أنَّنا حين وضعنا هذا الهدف، لم نحدد الآليات اللازمة للوصول إليه. وقد أشرتِ في حديثكِ إلى عنصر الطيران، وهو عنصر حيوي في الوصول إلى هذا العدد من السائحين. لكن طالما أننا وضعنا الرقم دون تحديد كيفية الوصول إليه، فقد وضعنا العربة أمام الحصان.

التركيز على زيادة الغرف الفندقية أول خطوة نحو تحقيق الهدف

الآن، إذا أردنا تصحيح المسار، يجب أن نركز أولًا على العوامل التي نتشارك فيها مع زملائنا الحضور، مثل قطاع العقارات.

التركيز على زيادة الغرف الفندقية أول خطوة نحو تحقيق الهدف

ونولي اهتمامًا كبيرًا بزيادة الغرف الفندقية. المستثمر لن يضع أمواله في قطاع السياحة إلا إذا كان هناك طلب سياحي حقيقي ومتزايد، وهذا يتطلب أرقامًا قوية.

رضوى إبراهيم: صحيح.

د. هشام زعزوع: لكن لا يمكنني أن أطلب من المستثمرين أن يبنوا فنادق فقط، لأنني أهدف إلى 30 مليون سائح، حتى تملأ هذه الغرف. هذا التفكير غير منطقي، بل هو مقلوب. وللأسف، أجد نفسي في حالة استغراب لأننا لا نتحدث عن الأساس، وهو كيفية جذب السائحين.

معدلات نمو السياحة قبل 2011 كانت تصل إلى 21%

أقول ببساطة: أريد الوصول إلى 30 مليون سائح وأعتمد على زيادة سنوية في السياحة بنسبة 10% أو 15%، قبل عام 2011، أي قبل ثورة يناير، كانت معدلات النمو السنوي للسياحة تتراوح بين 20% و21%، وهو رقم ضخم مقارنة بالمعدل العالمي الذي لا يتجاوز 4% وكانت زيادة الحصة السوقية في السياحة كبيرة، مما يعكس أن هناك إمكانات كبيرة للنمو.

زيادة الأعداد إلى 30 مليون سائح تتطلب التركيز على الطيران أولاً

السؤال الذي يجب أن تطرحه اللجنة هو: أين تكمن العوامل الرئيسية التي يجب العمل عليها؟ وأول هذه العوامل هو الطيران. نحن مقصد سياحي ليس مثل الوجهات الأوروبية.

في أوروبا، عندما نقول إننا ننافس فرنسا أو إسبانيا، فإننا نتحدث عن دول مترابطة، حيث وفقًا للتعريف الدولي للسياحة، يعتبر أي شخص يقيم ليلة واحدة في بلد آخر بغرض غير العمل سائحًا. إذا مشيت من بلجيكا إلى فرنسا وأمضيت ليلة هناك، تصبح سائحًا.

أما بالنسبة لمصر، فإن الوصول إليها ليس بهذه السهولة. في أوروبا، يمكن للناس التنقل بسهولة باستخدام السيارات أو القطارات أو الطائرات منخفضة التكلفة، تمامًا كما يحدث مع الحافلات. لكن بالنسبة لمصر، فإن إيجاد وسائل نقل مناسبة للسياح يحتاج إلى مزيد من العمل.

إذا سألتموني: كيف نزيد أعداد السياح؟ الإجابة ببساطة هي: الطيران، السياحة بالنسبة لي هي الطيران.

رضوى إبراهيم: ماذا نحتاج تحديدًا في قطاع الطيران؟

مصر للطيران لا يمكنها تحمل أعباء السياحة بمفردها

د. هشام زعزوع: حينما نتحدث عن مصر للطيران، لا ينبغي أن نضع على عاتقها كل الأعباء المتعلقة بحركة السياحة. من غير المعقول أن نطلب منها بمفردها أن تكون المحرك الرئيسي للنمو السياحي. إذا نظرنا إلى التجربة التركية، سنجد أن إسطنبول قد أصبحت مركزًا رئيسيًا للطيران، وهو ما ساهم بشكل كبير في تعزيز الحركة السياحية.

تجربة تركيا في تحويل إسطنبول إلى مركز عالمي للطيران يجب أن تكون نموذجًا لمصر

تركيا سعت إلى تقديم حوافز استثمارية ضخمة لتحويل إسطنبول إلى hub عالمي للطيران، وهو ما جذب العديد من شركات الطيران العالمية للاستثمار في هذا القطاع، مما أدى إلى مضاعفة حركة السياحة.

أما عن خصخصة شركة الطيران الوطنية في تركيا، فقد كانت خطوة استراتيجية محورية. ففي البداية كانت الحكومة تمتلك الحصة الأكبر، لكن بعد الخصخصة تقلصت حصتها إلى 49%، بينما أصبح 51% من الأسهم في يد القطاع الخاص. هذه الخطوة منحت مرونة أكبر في اتخاذ القرارات.

رضوى إبراهيم: هل تعني بذلك سياحة الترانزيت؟

د. هشام زعزوع: لا، ما أعنيه هو أن الطيران يلعب دورًا بالغ الأهمية في تعزيز أرقام السياحة.

إذا عدنا إلى الوراء قليلًا، إلى عام 2010، الذي كان ذروة ازدهار السياحة المصرية، فقد بلغ عدد السياح حينها 14.5 مليون سائح. وفي تلك الفترة، كانت مصر تحتل المرتبة 19 بين أفضل 20 مقصدًا سياحيًّا في العالم، بحسب الطلب العالمي.

شهدنا تراجعًا في التصنيف السياحي العالمي رغم زيادة الأعداد

أما اليوم، وعلى الرغم من أننا بلغنا 16 مليون سائح، فإننا تراجعنا في التصنيف العالمي وتجاوزنا المركز رقم 50، ولكن ليس بسبب نقص في الأعداد، بل لأن هناك دولًا ومقاصد سياحية أخرى قد تقدمت بشكل ملحوظ.

التركيز الآن يجب أن يكون على نقطة أساسية: كيف نصل بالسائح إلى مقصدنا؟ وهذه هي الخطوة الجوهرية التي يجب أن نركز عليها. الوصول إلى المقصد السياحي لا يتم إلا من خلال تطوير مرفق الطيران.

حوافز استثمارية قوية ضرورية لجذب شركات الطيران

فاليوم، توجد العديد من شركات الطيران التي يمكن جذبها عبر حوافز استثمارية مغرية. في فترة توليّ للمسؤولية، كان لدينا برنامج تحفيز الطيران، وما زال قائمًا حتى الآن. كان الهدف الأساسي من هذا البرنامج هو البحث عن الشركات التي تقبل المخاطرة وتستأجر طائرات لتشغيل رحلات إلى مصر.

من المؤكد أن أي شركة طيران، سواء كانت طيرانًا عارضًا أو منخفض التكلفة، لا يمكنها أن تقلع من مطارها المحلي وتصل إلى مقصد سياحي دون ضمان امتلاء الرحلة. بالنسبة لشركات الطيران الكبرى مثل مصر للطيران وAir France، الأمر مختلف، لأن لديهم آليات وأهدافًا خاصة، لكننا نتحدث هنا عن نوعين من الطيران يساهمان في تعزيز حركة السياحة بشكل كبير: الطيران منخفض التكلفة والطيران العارض.

معادلة حوافز الطيران كانت تحقق عوائد كبيرة للاقتصاد قبل تعديلها

لا يمكن لأي شركة طيران أن تخاطر بتشغيل الرحلات دون ضمانات واضحة. لذا، كيف يمكننا تشجيع هذه الشركات على المجيء إلى مصر؟ الإجابة تكمن في تقديم حوافز قوية لزيادة عدد الرحلات القادمة إلى مصر.

كما يجب أن نعمل على جذب شركات طيران كبيرة مثل «راين إيرRyanair»، التي لم تَأْتِ إلى مصر بعد، إذا قامت هذه الشركات بتسيير رحلاتها إلى مصر، فسوف تجذب زبائنها تلقائيًا، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في حركة السياحة.

ومن المهم أن نوضح أن هذه الرحلات لا تعني فقط جذب سياح ذوي إمكانيات مادية منخفضة كما يعتقد البعض، بل على العكس، نحن نتحدث عن سياح من الطبقات الراقية.

أحمد رضوان: ماهي طبيعة هذا الحافز على وجه التحديد؟

د. هشام زعزوع: الحافز الذي نتحدث عنه كان يرتكز على فكرة بسيطة تهدف إلى تشجيع شركات الطيران على إضافة مصر إلى وجهاتها.

السياحة لا تزال تعتمد على منظمي الرحلات بشكل كبير

كنا نوجه الدعوة لشركات الطيران التي قد تجد صعوبة في ملء الطائرة بنسبة كاملة، وذلك في حالات كان فيها منظم الرحلات يتوقع أن يكون معدل الإشغال 50% فقط، في حين أن المعدل الأمثل لتغطية تكاليف الرحلة يجب أن يكون 70%. كان الحل الذي نقدمه هو تعويض الفارق بين الـ 50% و70% من خلال حوافز اقتصادية محكومة.

لكن هذه الحوافز لم تكن مجرد تقديم أموال دون مقابل؛ بل كانت مدروسة وفق معادلة اقتصادية تأخذ في اعتبارها الأثر الكبير للسياحة على الاقتصاد المصري. كنا نُقدر العائدات الناتجة عن إنفاق السائح داخل مصر، وفي فترات سابقة كانت المعادلة تشير إلى أن كل دولار يتم استثماره يعود بثمانية دولارات كعائد للاقتصاد.

وكان هذا النهج الفعّال يساهم في زيادة عدد الرحلات الجوية ويمنع إلغاءها من قبل الشركات، لكن الوضع الحالي يختلف. فقد تم تعديل الحوافز لتُدفع بالجنيه المصري من قبل وزارة الطيران لشركات الطيران، سواء كانت عارضة أو منتظمة.

في هذه الحالة، إذا لم تواجه الشركات أي مخاطر حقيقية في اتخاذ قراراتها بشأن الرحلات، فإن الحافز يفقد فعاليته السابقة. الهدف الأساسي الذي كان يسعى إلى جذب المزيد من السياح من خلال تحفيز شركات الطيران لم يعد يحقق التأثير المطلوب.

لا أقول إن هناك مشكلة، لكن من الضروري إعادة النظر في برامج التحفيز المطبقة حاليًا. كما يجب تبني استراتيجية شاملة تشمل تعزيز العلاقات الدولية بهدف جذب المزيد من الرحلات السياحية إلى مصر وزيادة الحركة السياحية بشكل عام.

رضوى إبراهيم: ما هي الأولوية التالية بعد الطيران؟

د. هشام زعزوع: بالطبع، كما ذكرالأستاذ كريم اليوم، هناك أهمية كبيرة لعملية نشر الثقافة السياحية التي يجب أن تكون موجودة، وهي نقطة مهمة نتحدث عنها كثيرًا.

نشر الثقافة السياحية مهم لكنه ليس الحل الفوري

ولكنني قد أختلف في جانب واحد فقط؛ وهو أن نشر الثقافة العامة بشأن السياحة في البلد عملية طويلة المدى، وتحتاج إلى وقت وجهود مستمرة. بينما، حتى الآن، ما زلنا نُعتبر مقصدًا سياحيًّا غير ناضج. نحن لا نزال معتمدين بشكل كبير على منظم الرحلات.

على سبيل المثال، إذا قررتِ السفر إلى أوروبا، يمكنك ببساطة البحث عن الفنادق عبر الإنترنت، التقديم على التأشيرة، حجز التذكرة، وعند وصولك إلى المطار تجدين سيارة أجرة جاهزة لنقلك إلى وجهتك. ليس هناك أي عوائق تجعلك بحاجة إلى منظم رحلات أو شركة لتسهيل الإجراءات.

لكن في حال كنتِ قادمة إلى مصر، الأمور تختلف. نحن ما زلنا في مرحلة تعتمد بشكل كبير على منظم الرحلات. بمعنى أن الزبون الذي سيأتي إلينا سيكون غالبًا من خلال منظم الرحلات الذي يقدم حزم سياحية تبدأ من المطار وتنتهي فيه. هذه الحزم تتضمن كل شيء من لحظة الوصول حتى مغادرة البلاد.

لكن، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن السائح يواجه مشكلات عدة منذ لحظة وصوله. على سبيل المثال، إذا كان السائح يصل بمفرده، قد يواجه صعوبة في الحصول على تأشيرة «Arrival Visa»، بالرغم من أن لدينا نظامًا رقميًّا لإصدار التأشيرات، ولكنه لم يتم تفعيله بعد. هذا يخلق مشكلة في سهولة الدخول إلى البلد.

ثم تأتي مسألة التنقل؛ إذا استقل السائح سيارة أجرة، قد يواجه صعوبات أخرى، وإذا قرر زيارة الأهرامات بمفرده، قد يواجه مشاكل تنظيمية إضافية. وبالتالي، يجب أن نُعالج هذه القضايا ببساطة وفعالية. ما نحتاج إليه هو إنشاء لجنة متخصصة لدراسة وتحديد المشاكل التي يواجهها السائح منذ لحظة وصوله، بدءًا من المطار وحتى مغادرته، وابتكار حلول عملية تُسهم في تيسير رحلته.

هذا هو الخط الأول الذي يجب التركيز عليه.

بالنسبة للنقطة الثانية، شركة السياحة ومنظم الرحلة، دعني أكون صريحًا معك، نحن اليوم في سوق تنافسية مع العديد من المقاصد السياحية الأخرى. وإذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية الرسوم المفروضة، نجد أن بعض هذه الرسوم تضعها جهات متعددة دون التنسيق بينها، وهو أمر يمكن أن يكون مشكلة.

شركات السياحة تواجه رسومًا من 21 جهة دون تنسيق بينها

اليوم، شركة السياحة تواجه رسومًا من 21 جهة، وأملك بيانًا بهذا الأمر. هذه الرسوم ليست منسقة، وبالتالي تُثقل كاهل الشركات ولا تساهم في تيسير عملها.

إذا كنت سأستمر في ذلك، فهذا يعني أنني لا أستطيع النجاح في المنافسة على المدى الطويل.

ونتيجة لهذه الوضعية، نحن اليوم نحتفل بـ 16 مليون سائح، بينما تركيا التي كانت في وضع مشابه لنا أو حتى أقل، وصلت اليوم إلى 60 مليون سائح. أما اليونان، فقد تجاوزتنا بما يعادل ضعف عدد سياحنا أو أكثر، دبي قد تخطتنا أيضًا، في الماضي، كنا نحن قادة إفريقيا في حركة السياحة الوافدة إلى مصر، لكن اليوم نجد أن المغرب قد تجاوزتنا لأول مرة في هذا المجال.

مصر بحاجة إلى وسائل نقل سياحي فعّالة

نتحدث بصدق: هذه النتائج تبرز الحاجة الماسة لإعادة النظر في سياستنا. اللجان التي تم تشكيلها موجودة خصيصًا من أجل أن نتمكن من طرح مشاكلنا بكل وضوح، كما ذكر المهندس فتح الله، وكذلك كما أكد الأستاذ كريم، وجميع العاملين في المجال. نحن بحاجة إلى الجلوس معًا على طاولة واحدة، لندرس هذه المشاكل بشكل محدد، ثم نضع خطة عملية للتحرك والتغلب عليها.

رضوى إبراهيم: أنا حقًّا أحيي حضرتك على هذه الإجابة الصريحة والمباشرة.

أحمد رضوان: سيادة الوزير حمسنا فعلًا للغوص في تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع.

المهندس فتح الله فوزي نائب رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة البناء والتشييد بالجمعية

م. فتح الله فوزي: أود أن أضيف نقطة مهمة تتعلق بالغرف الفندقية، لأنها قد تساهم في حل المشكلة بشكل كبير. في مصر، هناك العديد من العقارات والمطورين العقاريين الذين يمكنهم توفير حلول شبيهة بما يحدث في دبي والسعودية. هناك قانون ينظم الشقق الفندقية المخدومة، التي يتم تأجيرها من خلال التطبيقات الإلكترونية.

د. هشام زعزوع: مثل Airbnb وغيره.

م. فتح الله فوزي: للأسف، في مصر لا يوجد لدينا اشتراطات أو قانون ينظم هذه الشقق، بالرغم من أنها قد تكون حلًّا سحريًّا للتغلب على عجز الغرف الفندقية المتاح.

أحمد رضوان: ولكن، مما استنتجته من حديث معالي الوزير، المسألة لا تتعلق فقط بالعجز، بل هي تتعلق بالجودة والخدمة المقدمة.

تفعيل القانون المنظم للسياحة مهم لضمان الجودة والسمعة

د. هشام زعزوع: بالفعل، لدينا القانون الذي ينظم هذا الأمر، وهو قد تم إعداده بالكامل، لكن لم يتم تفعيله بعد. ما يقلقني هو أنه مع فتح السوق، إذا لم يكن هناك تنظيم دقيق ورقابة فعّالة، فقد تكون هناك آثار عكسية. نحن نتحدث هنا عن صناعة تعتمد على تقديم الخدمة، وعلى سمعة مصر في نظر السائح. إذا كانت تجربته سيئة، فهذا يؤثر بشكل سلبي على سمعتنا. أما إذا كانت تجربته جيدة، فهو سيجلب آخرين معه. لذلك، تجربته السلبية قد تمنع مئة شخص من الزيارة.

ما أخشاه هو أننا لا نمتلك الكوادر الكافية التي تستطيع مراقبة السوق وتوسعته بشكل مدروس. ومن هنا، أرى أن تخصيص الغرف الفندقية لاحتياجات السياحة أكثر أولوية، لأنها تتم عبر آليات أكثر تنظيمًا.

فرق كبير بين قطاعي العقارات السياحية والتطوير ويجب توفير اهتمام خاص للسياحة

أود أن أضيف نقطة أخرى تتعلق بهيئة تنمية السياحة، التي كانت مسؤولة عن إصدار التراخيص للمشروعات السياحية. ومع احترامي للمطورين العقاريين، فهناك فرق كبير بين صناعة السياحة والصناعة العقارية.

المطور العقاري يهدف إلى بناء وحدة سكنية سواء كانت فيلا أو شقة، ثم يبيعها ويسدد الأقساط، بينما المطور السياحي يبني فندقًا أو منتجعًا سياحيًّا ويحتاج إلى سنوات طويلة لاسترداد العائد. طوال هذه الفترة، يدفع الضرائب ويستخدم العملات الحرة ويوفر فرص عمل.

هيئة تنمية السياحة يجب أن تظل تحت مظلة وزارة السياحة

وبالتالي، يجب أن يحظى هذا القطاع باهتمام ورعاية خاصة. لذا، كنت أؤيد أن تظل هيئة تنمية السياحة تحت مظلة وزارة السياحة، فالفكر هنا مختلف تمامًا عن قطاع الإسكان.

آخر نقطة أود أن أطرحها في القطاع العقاري السياحي هي تلك المتعلقة بالنهضة التي شهدتها المدن السياحية في مصر، مثل الغردقة و شرم الشيخ، خصوصًا في البحر الأحمر، هذه النهضة بدأت في أوائل التسعينيات، وكان ذلك نتيجة لتأثير الدولار على تكلفة المتر، حيث كان المتر المباع بالدولار يشجع المطور العقاري على الاستثمار في هذه المناطق، حيث تمكن من اتخاذ قرارات أكثر مرونة، واستطاع التركيز على بناء العقار وتشغيله دون أن يشكل سعر الأرض عائقًا كبيرًا.

النهضة السياحية في البحر الأحمر تواجه تحديات ارتفاع أسعار الأراضي

لكن اليوم، ومع رفع قيمة المتر للمطور السياحي، نجد أن هذه الزيادة قد تكون عقبة تمنع تحفيز الاستثمارات، خاصة في الأماكن التي تفتقر للبنية التحتية المناسبة. على سبيل المثال، إذا وصل سعر المتر إلى 10 آلاف جنيه في مرسى علم، وهي منطقة تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية، فإن ذلك يعد بمثابة تحدٍّ حقيقي.

وبالتالي، نحن نعمل في ظروف مشابهة للجزر المنعزلة، بعيدًا عن التصدي للمشكلات الجوهرية التي تؤثر في النمو السياحي. ولذلك، نحن بحاجة ماسة إلى مناقشة هذه القضايا بكل تفاصيلها.

أحمد رضوان: الأستاذ كريم هلال.. تحدثنا بصراحة أكثر في المشاكل المرتبطة بقطاع السياحة.. لو أردنا تلخيص العقبات أو نقاط الضعف الموجودة في قطاعي السياحة والعقارات، كي لا نتجاهلها، وعرضها بوضوح أكثر أمام اللجنتين المقرر أن يعملا على حل هذه المشكلات، وكذلك توضيح نقاط القوة لتنميتها. ما الذي يمكن أن تقترحه؟

كريم هلال: أريد القول كما قال معالي وزير السياحة، نحن جيدون في العناوين الرنانة، فمثلًا قال أحد رجال الأعمال إنه من الممكن جذب 150 مليون سائح، وأرى أنه من المهم تحديد الهدف بشكل تفصيلي، يعني مثلًا على سبيل المثال وليس الحصر كما يقال: تبني الشركات غرفًا فندقية فاخرة خمس نجوم وسبع نجوم و17 نجمة وغيرها، ولكن النقص الحقيقي والطلب الكبير ليس هنا ولكن في فئتي الـ3 نجوم والـ 4 نجوم

كريم هلال المدير الإقليمي لمجموعة كوليرز إنترناشونال لخدمات الاستشارات العقارية

نحتاج التركيز لإنشاء فنادق 3 نجوم أو 4 نجوم وفقًا للمستويات الدولية

نحتاج التركيز في هذه الجزئية ليكون لدينا منظومة 3 نجوم أو 4 نجوم وفقًا للمستويات الدولية، لأنه إذا نظرنا سنجد أن السائحين الذي يذهبون إلى تركيا وغيرها من الأماكن ليسوا كلهم من الطبقة العليا «A»، ولكن العدد الأكبر من السائحين الوافدين شباب وموظفين صغار، ويضعون ميزانيات محددة مثل ما هي تكلفة التاكسي، وكذلك الليلة الواحدة وهل ستتضمن وجبة إفطار أم لا؟

أتحدث هنا عن أنه لا يوجد لدينا هذه الجزئية، والتي تعد مهمة للغاية لأنها تتماشى مع الاتجاه الذي يقوله معالي وزير السياحة، وهو العمل على جذب الشركات التي تجلب الأعداد الكبيرة من السائحين، وأرى أن كل السائحين المقرر جذبهم لا يقيمون في فنادق فورسيزون، ونايل ريتز كارلتون، هذه ليست السياحة.

أحمد رضوان: وما هي الجزئيات الأخرى التي نزيد التركيز عليها؟

كريم هلال: الجزئية الأخرى التي سأكرر الحديث عنها، وهي الضيافة، والتي تحدث عنها معالي وزير السياحة، والتي تتمثل في بداية التجربة وحتى نهايتها بالنسبة للسائح، يجب أن نبدأ بالتجربة من بدايتها منذ المطار، وما أدراك ما المطار.

أحمد رضوان: دعني أقول إن الحكومة تتحدث حاليًا في خصخصة إدارة المطارات.

تعاقد الحكومة مع شركة إدارة عالمية للمطارات شيء جيد

كريم هلال: بالتأكيد لا بد من الإشارة إلى أن الحكومة ستتعاقد مع شركة إدارة عالمية كما يقال، وهذا شيء جيد، ولكن هذه الشركة لن تجلب كل عمالتها معها إلى مصر.

أحمد رضوان: لن تجلب الشركة عمالتها كافة، ولكنها بالفعل ستجلب المنظومة التشغيلية التي تُدار بها عالميًّا؟

كريم هلال: لكن في النهاية من سيقوم على هذه المنظومة أو ينفذها؟

أحمد رضوان: على الأقل نكون قد بدأنا؟

كريم هلال: لا بد من وجود اقتناع وفهم كيف نتعامل في هذه النقطة الخاصة بجلب شركة إدارة عالمية للمطارات.

أحمد رضوان: وما هي المتطلبات الأخرى التي تراها أيضًا في هذا السياق؟

كريم هلال: أتحدث هنا عن نقطة الواقعية. حضرتك تحدثت عن نقاط القوة والضعف، إن أبسط مبدأ اقتصادي، وأعتقد أن كلنا سنتفق عليه، وهو أن تجد ما هي نقاط قوتك في أي قطاع ثم تركز عليها، اليوم لدينا السياحة البحرية، والعلاجية والغطس، وجميع الأنماط التي تدوم على مدار 12 شهرًا.

ليس لدينا ميزة لتنفيذ فكرة سياحة اليخوت أمام منافسة تركيا أو اليونان أو جنوب فرنسا

أرى أنه لا توجد مقاصد سياحية أخرى تمتلك مثل هذه الإمكانيات الموجودة بمصر، وفي هذا السياق عندما يتم الحديث عن أنه سيتم صرف مبلغ مالي معين لتنفيذ سياحة اليخوت الفاخرة، أرى أن هنا خلل في الأولويات، وليس لدينا أي ميزة فاخرة لتنفيذ هذه الفكرة والاستحواذ عليها من تركيا أو اليونان أو جنوب فرنسا، لماذا نركز على سياحة اليخوت وننفق عليها؟ يجب ترتيب الأولويات في هذا السياق بناءً على نقطتين، هما القوة والواقعية، وهل نستطيع أن ننافس عالميًا بالفعل في جزئية سياحة اليخوت أم لا.

أحمد رضوان: في رأي حضرتك، ما الأفضل؟ هل وضع هدف رقمي لأعداد السائحين أم التعامل بمؤشرات أخرى كاستهداف 20% زيادة في الإيرادات من قطاع السياحة مثلًا سنويًّا أو وصول عدد الرحلات الوافدة لمصر إلى رقم معين؟

كريم هلال: المسألة ليست أعداد فقط، الأعداد تعد جزئية، ولكن هناك جزئيات أخرى يجب التركيز عليها، مثل معدل الإنفاق اليومي، واعتبار أن مصر مقصد سياحي رخيص، وهذه ليست نقطة جيدة، وهناك مقولة إن السائحين الوافدين بعد حادثة الأقصر كانوا يأتون ومعهم زجاجة المياه الخاصة بهم، هاتان النقطتان مهمتان، ويجب القول إن الإيرادات ستأتي من الخدمة الجيدة المقدمة للسياح.

ياسمين منير: تعني حضرتك ماذا أنفق السياح في النهاية.

رضوى إبراهيم: أريد أن أسأل كيف تحسب إيرادات السياحة المعلنة؟

د.هشام زعزوع: أود أن أقول إنه في ميزانية الدولة حتى اليوم، والتي أعتقد أنها لم تتغير حتى العام الماضي، يُقال إن السياحة عبارة عن فنادق ومطاعم.

الإيرادات السياحية يمكن أن تكون أكبر من الرقم الحكومي المعلن

ومن الممكن أن تكون الإيرادات أكبر من الرقم الحكومي المعلن، أذكر أنه في سنة سابقة من السنوات وُجدت إيرادات دولارية، وكانت عائدات قناة السويس، والصادرات وتحويلات المصريين واضحة المعالم ومعروفة، واعتبروا أن هذه الإيرادات الدولارية تمثل قطاع السياحة.

هذه النقطة أعتبرها شيئًا خارجًا عن إرادة الحكومة، لأنه في هذا السياق لا يُحسب إنفاق السائح في شراء السلعة أو عند تغييره عملات أجنبية بالبنوك المصرية أو إنفاقه للحصول على وجبة معينة أو ركوب وسائل النقل «مثل التاكسي»، وهنا عند حساب هذه الجزئيات ستكون الإيرادات كبيرة.

وأود أن أشير في هذا السياق إلى ما تم إعلانه من رئيس مجلس الوزراء مع اللجان الاستشارية، أنه يسمع أن متوسط إنفاق السائح في الأسبوع يصل إلى ألف دولار، وأنه إذا اجتذبنا 10 ملايين سائح مثلًا سنصل لحجم إنفاق معين.

أرى أن المعدلات الموجودة لدينا لا تتوافق مع متوسطات الأرقام المدروسة، وهنا نطرح تساؤلًا: هل هناك جزء من الإنفاق موجود ولا يأتي؟ ولذا نريد أن نرى لماذا لا يأتي هذا الجزء من الإنفاق.

أقول هنا: إنه طالما نتحدث عن الموضوع بصراحة لا بد أن نرى مشاكل رجال الأعمال ونبدأ التحرك بناءً على ذلك.

مثلًا من الممكن أن تتعظم الإيرادات بصورة أكثر، لو أن هناك ضمانات عند إيداع الدولار والقدرة على سحبه بسهولة، أريد أن أكون أكثر صراحة في هذه المرحلة التي تحل فيها مصر المشكلات بهدف الانطلاق. إن مصر تعد ماردًا سياحيًّا كبيرًا، ولذا يجب أن نواجه هذه المشكلات ونحلها.

ياسمين منير: دكتور هشام، نحن تحدثنا عن التحديات الأبرز خلال هذه المرحلة في قطاع السياحة، ما هي نقاط القوة التي ترى حضرتك أننا نستطيع البناء عليها خلال هذه الفترة، بالذات أن هناك منافسة كبيرة مع الدول العربية الأخرى والإفريقية؟

د. هشام زعزوع: نقاط القوة لن أستطيع أن أعيدها مرة أخرى، لا سيما أننا نتحدث دائمًا عنها، وهي مثل الموقع الفريد وخلافه.

ياسمين منير: أقصد في سؤالي كيف نبني على نقاط القوة الموجودة بالقطاع؟

د.هشام زعزوع: أقول إن نقاط القوة التي نستطيع البناء عليها هي تفادي نقاط الضعف. إن نقاط القوة تتمثل في أننا مقصد سياحي على مدار السنة كما كان يقول الأستاذ كريم هلال. وهناك مقاصد أخرى تعمل بصورة جيدة في الصيف وتقل في الشتاء وتحاول جاهدة العمل طوال أيام السنة، لكن مصر تعمل على مدار العام وهذه من ضمن نقاط القوة.

ياسمين منير: هل تحتاج نقطة القوة هذه خططا مستقلة للعمل عليها في كل نمط سياحي؟

د.هشام زعزوع: بالفعل وبنظرية الثمانين عشرين التي تعني كيف أجذب 80 في المئة من حركة السياحة. نحن نسمع يوميًّا مناظرات على أننا نريد جذب السائح الغني الأكثر إنفاقًا، ولكن السياحة عبارة عن هرم يتضمن قاعدة وقمة، وليس بالتالي من المعقول أن أعمل على جزئية القمة فقط، وهي جذب الأغنياء، وننسى القاعدة أو الجزئية الموجودة في المنتصف.

وبافتراض أن مصر تمتلك المقومات الخاصة بقاعدة الأغنياء، لكننا لن نستطيع العمل على شريجة السياح الأغنياء فقط؛ لأن حركة السياحة الدولية مبنية على كل الشرائح الموجودة داخل الهرم السياحي.

أؤكد في هذا الإطار أنه إذا أردنا جلب كل السائحين في الهرم السياحي لا بد أن نشجع وزارة الطيران للعمل على كيفية جذب وتحفيز أكبر عدد من شركات الطيران للمجئ لمصر، بجانب التركيز على الملفات ذات الأولوية بدلًا من التشتيت في جزئيات فرعية لا تجذب عددًا كبيرًا من السائحين، فنحن لا يزال لدينا منتجان يمكنهما جلب الكثير من السائحين لمقاصدنا السياحية.

مبادرة التمويل السياحي القائمة مبنية على مقصدي البحر الأحمر والقاهرة.. ولم تتضمن الأقصر وأسوان رغم أهميتهما

فعلى سبيل المثال، مبادرة التمويل السياحي القائمة مبنية على مقصدي البحر الأحمر والقاهرة، وهنا أتساءل: ماذا عن الأقصر وأسوان؟ أليست مقصدًا سياحيًّا مهمًّا، في هذا السياق هناك أصوات تؤكد أهمية تطوير مقصد قريب من القاهرة، في الفيوم، لا سيما أنها تبعد ساعة عن المنطقة التي يتواجد بها المتحف المصري الكبير، وهذه الجزئية لم تعمل عليها المبادرة.

وقد تحدث معي أشخاص في هذا الإطار، وأنا تحدثت مع وزارة السياحة التي ردت بأن عدم إدراج مثل هذه الأماكن أمر خارج عن الإرادة لأن المعايير التي تنص عليها المبادرة لا تتضمن سوى القاهرة والبحر الأحمر، وهنا أعود مرة أخرى لما قلته في البداية حول أهمية وجود مستهدفات بعناوين، وعندما نتحدث عن التفاصيل يجب أن يكون هناك أشخاص يعملون على الملفات الفرعية لهذه المستهدفات.

في هذا السياق، نحتاج مجموعة عمل على ملفات المطار لتحقيق 3 أو 4 أهداف، مثل تنظيم موضوع مركبات النقل الخاصة التي لم تُنظم حتى الآن، وكذا مسألة تراكم الكثير من المواطنين على شباك واحد أو شباكين للتأشيرات وهذا لا يجب أن يحدث.

وأنا في هذا السياق أعلم الحلول ولكنني في هذه الجلسة لا أطرحها، وأقول إنه يجب العمل على تجربة السائح منذ وصوله إلى مصر وحتى مغادرته، وكذلك جلب مجموعات خبرة للعمل على جميع العناصر التي تحدثنا عنها سابقًا، وبالتالي إذا وفرنا حلولًا لهذه الجزئيات سنكون وفرنا حلولًا لـ 80% من المشكلة في وقت قصير للغاية، مع استغلال نقاط القوة التي تتمتع بها مصر، كالمناخ وتعدد المقاصد والموقع الفريد وغيرها.

ويجب وضع أولويات لمستهدفاتي، وليس إدراج البنود الأقل أهمية على أنها مهمة. إن تنظيم الأولويات أمر سهل للغاية.

رضوى إبراهيم: نعود مرة أخرى للقطاع العقاري، وسؤالي للمهندس فتح الله فوزي، نريد أن تذكر لنا سلبيات وإيجابيات توسع الشركات العقارات المصرية خارج مصر في هذه الفترة، نعلم أن انعكاسه الإيجابي واضح، وهو تنويع المحفظة والمخاطرة، وكذلك قدرة الشركة على أن تجلب إيرادات بعملة أجنبية وهذا شيء مهم، لكن أقصد هنا ما يتعلق بجزئية السلبيات التي من الممكن أن تنعكس على القطاع ككل في مصر، وكذلك الشركات التي لا تستطيع التوسع في الخارج، بجانب الرسائل التي تصل من هذا التوسع الخارجي، وهو: هل وصلت السوق لمرحلة ما من التشبع؟

م. فتح الله فوزي: أود أن أذكر في هذا السياق إيجابيات أخرى مثل أن أي مطور مصري -وهنا أتحدث عن المطور وليس شركات المقاولات- عندما يذهب ويتوسع في أي دولة أخرى يأخذ معه مواد بناء ومكاتب استشارية وعمالة ومقاولين مصريين، وهذا حدث معي عندما عملت في السودان.

أيضًا هناك نقطة أخرى، وهي تكون خبرات لدى شركات التطوير في السنوات العشرة الماضية منذ عام 2014 وذلك عندما كان هناك وفرة في الأراضي والتوسع في المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة.

أصبح هنا خبرات في قطاع التشييد ككل سواء في المقاولات أو المكاتب الاستشارية أو صناعات مواد البناء، وهذه الخبرات التي تكونت نتيجة الطفرة العمرانية التي حدثت في السنوات العشر الماضية.

أشير هنا إلى أنه كان لدينا شركة المقاولون العرب.. أصبح لدينا ما يزيد على 20 شركة بنفس الحجم، وذلك نتيجة العمران الذي حدث خلال السنوات الماضية، وهذه الخبرات نستطيع تصديرها للخارج، وأراها أشياء إيجابية.

معظم شركات التطوير العقاري العاملة في الخارج لا تنقل أموالا.. لكن تجلب أموالا وتصدر خبرة

أما النقطة الأخرى التي تحدثتِ عنها حضرتك، وهي انتقال رؤوس أموال بالدولار إلى الخارج، وهذا ليس موجودًا. أؤكد أن معظم شركات التطوير العقاري العاملة في الخارج لا تنقل أموالًا ولكن تجلب أموالًا، هي تصدر خبرة وخدمة التطوير.

لو نظرنا للسوق السعودية اليوم التي تعد جاذبة على اعتبار رؤية 2030 واستهداف المملكة زيادة نسبة التملك هناك. في الحقيقة، تسبق الخبرات المصرية نظيرتها السعودية في مجال التطوير بالذات؛ لأن معظم السوق هناك في السعودية مقاولون يتحولون إلى مطورين، وبالتالي لا يمتلكون الخبرات الخاصة بالتسويق والتطوير للمنتج العقاري.

هذا أمر أعتبره شيئًا إيجابيًّا بكل المقاييس؛ لأن المطورين الموجودين يصدرون خبراتهم وليس أموالهم، فمعظم الشركات اليوم تعاني عجزًا في التدفقات النقدية بسبب طريقة التقسيط للوحدات العقارية.

رضوى إبراهيم: ألا ترى أن هذه النقطة سيكون لها انعكاس على الشركات التي تنتمي لشريحة أقل من الشركات العملاقة التي استطاعت التوسع في الخارج؟

م. فتح الله فوزي: أقول إن هذا يعد تسويقًا، وكل شركة وعلى حسب إمكانياتها وظروفها، وطبيعي أن تتوسع الشركات الكبيرة في الخارج لأنها تمتلك القدرات للعمل بالخارج.

رضوى إبراهيم: بالنظر لمشروع رأس الحكمة مثلًا، وهو مشروع كبير للغاية ونحن استطعنا اجتذاب رأسمال أجنبي كبير.. ألا ترى أنه كان من الأولى أن تتركز التوسعات في هذه الفترة داخل السوق المحلية، وأن نصدر العقار أيضًا؟

م. فتح الله فوزي: أرى أن تبادل الاستثمارات أمر لابد أن يكون موجودًا، فمثلًا كما يكون هناك مستثمرون سعوديون يرون فرصا واعدة بمصر، هناك مستثمرون مصريون يذهبون للسوق السعودية، ويرون فرصًا واستثمارات في الخدمات التي ينفذونها هناك. أعتبر أن هذا شيء إيجابي مئة في المئة، طالما أن هناك سوقًا واقتصادًا حرًّا لا بد أن يكون هناك تبادل في الاستثمارات.

أحمد رضوان: هل ترى أن التوسع الخارجي من الممكن أن يكون حلًّا لمشكلة السيولة في السوق المحلية والتأخيرات في التسليمات نتيجة نقص السيولة لدى الشركات؟

التوسع الخارجي لشركات العقارات يمكن أن يكون حلًا لمشكلة نقص السيولة والتأخير في تسليمات الوحدات

م. فتح الله فوزي: بالتأكيد، اليوم معظم المطورين يصدرون خبراتهم، وحتى كل الشركات تبحث عن أن الخبرات التي اكتسبها في مصر تتحول لمصدر إيراد خارجي.

رضوى إبراهيم: القطاع العقاري معتمد في الأساس على تمويلات ليست ذاتية، فهل الأسواق المقرر التوسع فيها من قبل الشركات هي التي سيحصلون فيها على تمويل؟

فتح الله فوزي: الشركات تصدر وتقدم خدمة التطوير، وليس شرطًا أن تضع رأسمال أو أن تشتري أرضًا، ولكن يكون هناك مالك أرض وليس لديه خبرة تطوير، ويريد شركة تطوير تقدم خدمات تطوير وتسويق وبيع وتنمية، وهذه خبرات ليست موجودة في الخارج.

أحمد رضوان: استراحة قصيرة ونعود بعدها إلى الجزء الثاني من صالون حابي.

الرابط المختصر