البنك الدولي يرسم تداعيات توترات الشرق الأوسط على السياحة ويوصي الحكومات بحزمة من الإجراءات

سمر السيد_ أدى تصاعد الصراع بمنطقة الشرق الأوسط منذ شهر أكتوبر 2023، إلى ظهور تحديات جديدة وإبطاء ما كان يمكن أن يكون مساراً أقوى للتعافي لقطاع السفر والسياحة في المنطقة، حسبما أفاد عدد من باحثي البنك الدولي في تدوينة نشروها على موقع البنك.

وأضافوا أنه بعد اندلاع الصراع مباشرة، انخفضت درجة الثقة في السفر إلى بلدان الشرق الأوسط إلى مستويات لم نشهدها منذ الأيام الأولى لتفشي جائحة كورونا، كما أوقفت شركات الطيران وشركات الرحلات البحرية بعض مساراتها، بينما أصدرت العديد من الحكومات الأجنبية تحذيراتها من السفر إلى المناطق المتضررة من الصراع.

E-Bank

وبحسب البنك الدولي ، تكشف بيانات الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال تتصدر نمو السياحة العالمية، متفوقة على العديد من المناطق الأخرى من حيث عدد الوافدين الدوليين والإيرادات الإجمالية.

وأشار الباحثين إلى أنه لا تزال إيرادات مصر من السفر والسياحة ترتفع من 14 مليار دولار إلى 14.7 مليار دولار خلال هذه الفترة، لكن وتيرة النمو تباطأت.

وفي الوقت نفسه، انخفضت إيرادات الأردن بنحو 3% على أساس سنوي منذ نشوب الصراع، مما يعكس صعوبة الحفاظ على الزخم الموجود مسبقاً.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وفي لبنان، وعلى الرغم من محدودية البيانات، تشير المؤشرات الأولية إلى تأثير سلبي على عائدات النقد الأجنبي.

وخلصت تدوينة باحثي البنك الدولي إلى أن السياحة تعد محركاً اقتصادياً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وانها كانت الدعامة الأساسية لتحقيق نموها الاقتصادي.

وأضافت أن قطاع السياحة أسهم بما يقدر بنحو 6.7% من إجمالي الناتج المحلي لبدان الشرق الأوسط ونحو 8.1% لبلدان شمال أفريقيا وذلك في عام 2023.

ونوهت التدوينة إلى أنه قبل عام 2020، شهدت بعض الوجهات مثل البحرين والمملكة العربية السعودية وعُمان زيادة بنسبة ثلاثية الأرقام (100% فأكثر) في إيرادات السفر والسياحة، مما يؤكد الدور المركزي لهذه الصناعة في توفير فرص العمل والإيرادات من النقد الأجنبي.

وعلى الرغم من الاضطرابات الشديدة الناجمة عن جائحة كورونا، وهي الأزمة التي أتت على أسواق السفر والسياحة العالمية – كانت منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الوحيدة التي تجاوزت إجمالي أعداد السائحين قبل الجائحة بحلول عام 2023.

وتوضح قصة التعافي هذه مدى مرونة قطاع السفر والسياحة عندما تقوم الحكومات والشركات بحشد الجهود والتحرك بشكل سريع.

وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، استقبلت بلدان الشرق الأوسط غير الأعضاء في مجلس التعاون عدداً يقل بنحو 2.35 مليون من الزوار الأوروبيين مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023، بينما نجحت بلدان شمال أفريقيا في جذب 2.75 مليون زائر أوروبي إضافي.

وقال باحثي البنك الدولي إن المسافرون يختارون وجهات في شمال أفريقيا التي تقدم تجارب مماثلة ولكنها بعيدة عن الصراع.

أضافوا أن أنماط السياحة داخل البلدان قد تغيرت؛ ففي الأردن، وبينما شهدت أعداد الزوار الأجانب لمعظم المواقع السياحية انخفاضاً عاماً في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2024، شهدت مواقع مثل البتراء وجبل نيبو انخفاضاً نسبياً أكبر.

وفي المقابل، اكتسبت مواقع مثل عجلون والمتاحف الأربعة الكبرى في البلاد بالقرب من عَمَّان شهرة نسبية، مما يعكس التطورات التي طرأت على تفضيلات السائحين خلال هذه الفترة.

وأكدوا أن بناء قدرة أكبر على الصمود في قطاع السياحة أولوية جماعية للحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأوصوا الحكومات بحزمة من الإجراءات لدفع القطاع تمثلت في  أهمية تعزيز التعاون الإقليمي، مشيرين إلى أنه يمكن لتنسيق أنشطة التسويق وإدارة الأزمات أن يؤديا إلى تحسين سمعة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يضمن عدم تسبب الصراعات في إثناء السائحين عن زيارة المناطق المستقرة.

وأشاروا إلى أنه من الضروري الترويج للسياحة الداخلية والإقليمية، مثلما حدث في مصر، مع الاستثمار في البنية التحتية السياحية وتنويعها الذي سيؤدي إلى تعزيز القدرة التنافسية على المدى الطويل، في حين أن توسيع العروض والمنتجات السياحية يقلل من التعرض لصدمات السوق الواحدة.

وقالوا إن التركيز على تغيير الهوية السياحية، والاستثمار في التعاون الإقليمي، وتعزيز التخطيط لمواجهة الأزمات أمراً حيوياً لزيادة قدرة قطاع السفر والسياحة على الصمود والحفاظ على المكاسب التي تحققت مؤخراً.

الرابط المختصر