رامي أبو النجا: عدم اليقين يسيطر على الاقتصاد العالمي والحل يكمن في بناء سياسات تحوط قوية
وكالات _ أكد رامي أبو النجا نائب محافظ البنك المركزي المصري، أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة غير مسبوقة من عدم اليقين والتقلبات، والأسواق أصبحت أكثر اضطرابًا وأن الحل يكمن في “الجاهزية الدائمة” و”بناء سياسات تحوط قوية”.
وأشار خلال جلسة نقاشية بعنوان “تنشيط الاقتصاد المصري : تحليل داخلي”، ضمن فعاليات مؤتمر هيرميس الاستثماري بمشاركة عدد من كبار المستثمرين الدوليين والمؤسسات المالية العالمية، إلى تداعيات التعريفات الجمركية الشاملة التي فرضتها الولايات المتحدة مؤخرًا على معظم الدول، بما فيها مصر.

وسلط أبو النجا خلال الجلسة مع المحاور زياد داود كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة في بلومبرج، الضوء على حجم التحولات التي شهدها الاقتصاد المصري في عام واحد فقط، وعلى كيفية استعداد الحكومة لمواجهة التحديات الدولية المتصاعدة من أزمة العملة، مرورًا بالتضخم، ووصولًا إلى السياسات الاستثمارية والضريبية، وبرنامج بيع الأصول.
وأوضح أن الحكومة المصرية والبنك المركزي يعملان منذ سنوات على خلق “مصدات اقتصادية” تحمي البلاد من الصدمات الخارجية، وهو ما انعكس في الأداء الاقتصادي الأخير، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة والعالم.
وأضاف أن السياسات النقدية أصبحت مبنية على أساس مؤسسي، بعيدًا عن ردود الفعل اللحظية، وهو ما ساعد في تصحيح مسار السوق وتقليص الاختلالات.
من عجز إلى فائض.. مؤشرات تعافي واضحة
كشف أبو النجا عن تحول صافي الأصول الأجنبية من عجز بلغ -29 مليار دولار في يناير 2024، إلى فائض قدره 10 مليارات دولار اليوم، بالإضافة إلى ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى أكثر من 47 مليار دولار، وانخفاض الدين الخارجي من 168 إلى 155 مليار دولار.
تابع أن هذه الأرقام دليل واضح على أن السياسات الإصلاحية بدأت تؤتي ثمارها، مضيفًا أن هذه النتائج كانت ستصبح مستحيلة لولا التزام مصر بالنهج الاستباقي في مواجهة الأزمات.
برنامج الطروحات.. ما بعد “رأس الحكمة”
أكد أبو النجا أن هدف مصر تسعى لجمع 2 مليار دولار هذا العام برنامج بيع الأصول لا يزال قائمًا، لكنه خاضع لمتغيرات السوق العالمية.
وأشار إلى أن صفقة “رأس الحكمة” البالغة 35 مليار دولار كانت نقطة تحوّل استراتيجية، ليس فقط بسبب حجمها، بل لأنها مهّدت الطريق لتحويل جزء من الودائع الخليجية إلى استثمارات حقيقية في الاقتصاد المصري، وعززت من ثقة الدولة في هذا المسار.
وحول إمكانية تكرار هذا النموذج مع ودائع من السعودية أو قطر أو الكويت، قال أبو النجا إن “الأمر لا يزال قيد الدراسة”، لكنه أشار إلى أن الدولة تعمل على إدارة مثل هذه الصفقات بأعلى درجات الكفاءة لتعظيم الفوائد المالية والاستثمارية.
الإصلاح الضريبي والحياد التنافسي
أشار نائب محافظ البنك المركزي المصري، إلى أن الإصلاحات الضريبية الجارية هي جزء من خطة شاملة تهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية وتحقيق الحياد التنافسي بين القطاعين العام والخاص.
وأضاف أن الحكومة تعمل بجد لتحسين مناخ الاستثمار، ليس فقط عبر التسهيلات، بل من خلال إشراك القطاع الخاص بشكل أعمق في الاقتصاد وإزالة الحواجز البيروقراطية.
التضخم تحت السيطرة… ولكن بحذر
وفيما يخص السياسة النقدية، شدد أبو النجا على أن استقرار الأسعار هو الهدف الأساسي للبنك المركزي مشيرا إلى أن التضخم الذي بلغ 40% في سبتمبر 2023 انخفض إلى 12.8% في فبراير 2025 وهو رقم “أقل من المتوقع” ويدل على نجاح السياسات المعتمدة.
ردًا على سؤال حول سبب عدم خفض الفائدة، قال رامي أبو النجا إن “السياسة النقدية تُقيّم على أساس استباقي، لا رجعي”، وأن الهدف هو ضمان استمرار التراجع في التضخم، وليس فقط الاستجابة للأرقام الآنية.
أكد أن البنك المركزي “لن يتردد” في خفض الفائدة عندما تتوفر بيانات كافية تؤكد استدامة التراجع، مضيفًا: “نحن حذرون في قراراتنا لضمان الاستقرار، ونفضل خطوات تدريجية ومدروسة”.