سي ان بي سي _ خرج معارضو إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى الشوارع في مدن وبلدات متفرقة عبر أمريكا يوم السبت، احتجاجاً على ما يرونه تهديداً للمبادئ الديمقراطية في البلاد.
وتنوّعت هذه الفعاليات، من مسيرة في قلب مانهاتن إلى تجمّع أمام البيت الأبيض، مروراً بتظاهرة خلال فعالية في ولاية ماساتشوستس لإحياء ذكرى “الرصاصة التي سُمعت حول العالم” في 19 أبريل 1775، والتي تُعدّ بداية حرب الاستقلال الأمريكية قبل 250 عاماً.

وكان توماس باسفورد من بين المتظاهرين في موقع إعادة تمثيل معارك ليكسينغتون وكونكورد خارج بوسطن.
وقال باسفورد لوكالة اسوشيتيد برس، البالغ من العمر 80 عاماً والمتقاعد من مهنة البناء في ولاية مين، إنه يعتقد أن الأمريكيين يتعرّضون للهجوم من قبل حكومتهم، ويجب عليهم أن يقفوا في وجه ذلك.
وأضاف: “إنها لحظة خطرة جداً على الحرية في أمريكا”، مشيراً إلى أنه شارك في الفعالية برفقة شريكته وابنته وحفيديه. وتابع قائلاً: “أردت أن يتعرّف الأولاد على أصول هذا البلد، وأن يدركوا أن الحرية تتطلّب أحياناً الكفاح من أجلها”.
في مدينة دنفر، تجمّع مئات المتظاهرين أمام مبنى الكونجرس المحلي لولاية كولورادو حاملين لافتات تعبّر عن تضامنهم مع المهاجرين، وموجّهين رسالة واضحة إلى إدارة ترامب: “ارفعوا أيديكم!”.
ولوّح المشاركون بالأعلام الأمريكية، فيما رفع بعضهم الأعلام مقلوبة رأساً على عقب، في إشارة إلى حالة الخطر والاضطراب التي يشعرون بها.
كما سار آلاف الأشخاص في شوارع وسط مدينة بورتلاند بولاية أوريجون، بينما تجمّع المئات على أحد الشواطئ الرملية في سان فرانسيسكو على ساحل المحيط الهادئ ليشكّلوا بأجسادهم عبارة: “عزل وإقالة”، إلى جانب رفعهم العلم الأمريكي مقلوباً.
وفي أنكوراج بولاية ألاسكا، تجوّل المتظاهرون في وسط المدينة وهم يحملون لافتات يدوية تشرح أسباب مشاركتهم في الاحتجاج، من بينها لافتة كُتب عليها: “لا توجد لافتة بحجم يكفي لذكر كل الأسباب التي دفعتني للمجيء إلى هنا!”
احتجاجات أمام تسلا
وفي أماكن أخرى، نُظّمت احتجاجات أمام معارض سيارات “تسلا” ضد الملياردير والمستشار في إدارة ترامب، إيلون ماسك، بسبب دوره في تقليص حجم الحكومة الفدرالية.
وفي المقابل، اختار البعض تنظيم فعاليات ذات طابع خدمي للمجتمع، مثل حملات التبرع بالغذاء، وجلسات تثقيفية، وأعمال تطوعية في ملاجئ محلية.
تأتي هذه الاحتجاجات بعد أسبوعين فقط من تظاهرات مماثلة شهدتها مناطق مختلفة في أنحاء البلاد.
ويقول المنظمون إنهم يعارضون ما يصفونه بانتهاكات إدارة ترامب للحقوق المدنية والدستور، بما في ذلك محاولات ترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين، وتقليص حجم الحكومة الفدرالية عبر تسريح آلاف الموظفين الحكوميين، وإغلاق وكالات بأكملها فعلياً.
وقد استلهمت بعض الفعاليات روح حرب الاستقلال الأمريكية، رافعة شعارات مناهضة للاستبداد من قبيل “لا ملوك” والدعوة لمقاومة الطغيان.
وفي أنكوراج، رفع أحد المشاركين، مرتدياً زيّاً من الحقبة الاستعمارية، لافتة كتب عليها “لا ملوك”، فيما وقف بجانبه شخص يحمل لافتة كرتونية كُتب عليها جزئياً: “عصر الإقطاع قد انتهى”.
أما في ميامي، فرفع ألبرتو روزاليس العلم الأمريكي مقلوباً، واصفاً ذلك بأنه “رمز للأزمة”، خلال مشاركته في تظاهرة ضد إدارة ترامب، يوم السبت، 19 أبريل 2025.
قال جورج براينت، أحد سكان مدينة بوسطن والمشاركين في تظاهرة كونكورد، إنه يشعر بالقلق من أن الرئيس يعمل على خلق “دولة بوليسية”، مشيراً إلى أنه كان يحمل لافتة كُتب عليها: “يجب إسقاط نظام ترامب الفاشي الآن!”
وأضاف براينت: “إنه يتحدّى المحاكم، ويختطف الطلاب، ويمزّق نظام الضوابط والتوازنات… هذا هو الفاشية بعينها”.
في العاصمة واشنطن، قال بوب فاسيك، الموظف الفيدرالي المتقاعد والبالغ من العمر 76 عاماً والمقيم في سبرينغفيلد بولاية فيرغينيا، إنه شارك في التظاهرة القريبة من البيت الأبيض بدافع القلق من التهديدات التي تطال الحقوق الدستورية، وحق الإجراءات القانونية الواجبة، وبرامج الحماية الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي.
وأشار فاسيك إلى أنّ إدارة ترامب اتخذت خطوات نحو إغلاق مكاتب الضمان الاجتماعي، وخفض التمويل المخصص لبرامج الصحة الحكومية، وتقليص الحماية المقدّمة للأشخاص المتحولين جنسياً.
وقال: “لا يمكنني الجلوس مكتوف اليدين وأنا أعلم أنّه إذا لم أفعل شيئاً، وإذا لم يقم الجميع بفعل شيء لتغيير هذا الواقع، فإنّ العالم الذي سنتركه جماعياً للأطفال الصغار ولجيراننا، لن يكون عالماً أرغب بالعيش فيه”.
وفي كولومبيا بولاية كارولاينا الجنوبية، تظاهر مئات الأشخاص أمام مبنى الكابيتول المحلي، حاملين لافتات كُتب على بعضها: “قاتل بشراسة، يا هارفارد، قاتل”.
أما في مانهاتن، فقد احتشد متظاهرون احتجاجاً على استمرار عمليات ترحيل المهاجرين، وساروا من أمام مكتبة نيويورك العامة باتجاه سنترال بارك مروراً ببرج ترامب.
هتف المتظاهرون على وقع قرع الطبول قائلين: “لا خوف، لا كراهية، لا وجود لإدارة الهجرة في ولايتنا”، في إشارة إلى وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية.
وقال مارشال جرين، البالغ من العمر 61 عاماً والمقيم في مورستاون بولاية نيوجيرسي، إنه يشعر بقلق بالغ من قرار ترامب تفعيل “قانون الأعداء الأجانب” الصادر عام 1798، بحجة أنّ البلاد في حالة حرب مع عصابات فنزويلية مرتبطة بحكومة الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية، رغم أنّ تقييمات استخباراتية أمريكية حديثة لم تجد أيّ دليل على وجود تنسيق بين الجانبين.
وأضاف: “على الكونجرس أن يتدخل ويقول لا، لسنا في حالة حرب. لا يمكنك استخدام ذلك القانون… لا يمكنك ترحيل الناس من دون اتباع الإجراءات القانونية، فلكل شخص في هذا البلد الحق في المحاكمة العادلة، بغض النظر عن وضعه”.
وفي السياق ذاته، أعربت ميليندا تشارلز، من ولاية كونيتيكت، عن قلقها إزاء ما وصفته بـ”تجاوزات السلطة التنفيذية”، مشيرة إلى الصدامات المتكررة مع المحاكم الفدرالية، وجامعة هارفارد، وغيرها من الجامعات العريقة.
قالت ميليندا تشارلز: “من المفترض أن يكون لدينا ثلاث سلطات متساوية في الحكم”، مضيفة: “لكن أن تصبح السلطة التنفيذية بهذه القوة، فهذا أمر لا يُصدّق بكل معنى الكلمة”.