صالون حابي _ اللقاء 24 _ 12 توصية ورسالة للجنة الاقتصاد الكلي الجزء الثاني
أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحيم أهلًا وسهلًا بحضراتكم في الجزء الثاني من صالون حابي الذي نناقش فيه المهام والمقترحات التي من الممكن تقديمها إلى اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي، أجدد الترحيب بضيوفنا اليوم أهلًا وسهلًا بحضراتكم.

سريعًا سنبدأ بالأستاذة نيفين الطاهري.. هل سلاح سعر الفائدة ما زال فعالًا في محاربة التضخم أم أن الوقت الحالي أصبح مواتيًا للتعامل مع سعر الفائدة أن تميل بشكل أكبر إلى الأهداف الكلية المرتبطة بتحفيز الاستثمار والحد من عجز الموازنة؟

نيفين الطاهري: سعر الفائدة معوق كبير يضغط على العائد الاستثماري
نيفين الطاهري: بالطبع سعر الفائدة اليوم يعتبر معوقًا كبيرًا نظرًا لأنه يضغط على العائد الاستثماري مع عدم إمكانية تحقيق أي مستثمر هذا الفارق، إنما في الوقت نفسه أرى أنه هناك ضرورة لاستخدامه في هذا التوقيت خاصة أن العالم كله يعاني من الوضع نفسه.
كانت هناك ضرورة لاستخدام سلاح الفائدة في هذا التوقيت والعالم كله عانى من الوضع ذاته
وفي الحقيقة إذ كنا نسأل عن كيفية التعامل مع هذا الأمر؟ فلا يمكنني إذ لا أُحب أن أُعلق على مسألة ليس لي بها علمًا، وأرى أن الأستاذ طارق متولي يمكنه ويستطيع أن يعلق بشكل مفصل في هذه النقطة. وأيضًا عن كيفية المواءمة ما بين الأمرين؟ بحيث نستطيع الحد من معدلات التضخم وفي الوقت نفسه جذب الاستثمار.
تكلفة أعباء المستثمرين تصل إلى 60%.. والتكاليف الإجمالية للاستثمار يتم على أساسها تسعير المنتجات لعدة سنوات قادمة
أرى أن تحقيق هذه التركيبة يحتاج إلى توافر عدة عوامل محفزة، نظرًا لأن أي مستثمر حاليًا يجد أن الضرائب والرسوم والأعباء على سبيل المثال تصل في بعض الأحيان إلى نسبة 60%، وبند التكاليف والأعباء الإجمالية للاستثمار هو الذي يسمح لأي مستثمر بتسعير منتجاته على مدار عدة سنوات قادمة، خاصة أنه لا يوجد مشروع حاليًا يحقق عائدًا استثماريًّا يغطي هذا الفارق في عبء التكاليف من البداية.
ياسمين منير: أستاذ طارق متولي ما هو تعقيبك على هذه الجزئية؟ وأضيف إليها التحديات المرتبطة بسعر عملة مرن وإلى أي مدى يمكن أن يتحوط مجتمع الأعمال من هذه التحديات وفي الوقت نفسه ما هي المزايا المتوفرة أمامهم؟

طارق متولي: السياسة النقدية في وقت من الأوقات لم يكن متاحًا أمامها محاربة التضخم إلا بسلاح الفائدة
طارق متولي: دعينا نتحدث عن سعر الفائدة في البداية، للأسف الشديد السياسة النقدية في فترة من الفترات كانت الأداة الوحيدة المتاحة أمامها لمحاربة التضخم هي سعر الفائدة.
وأشير إلى أن التضخم في مصر للأسف الشديد كان في فترة من الفترات لم تستطيع محاربته بسعر الفائدة فقط، نظرًا لأن معظم أو جزء كبير من التضخم جاء في الفترة التي سبقت الإصلاح الأخير نتيجة للندرة لأن المنتج نفسه غير موجود ولذلك فرض التجار OVER PRICE على معظم السلع الموجودة مع تعاظم الأسعار بشكل كبير للغاية.
الوقت مواتٍ لانتهاج سياسة تيسيرية بوتيرة سريعة وسعر الفائدة الحقيقي يدعم هذا الاتجاه
من وجهة نظري أرى أننا وصلنا إلى نقطة جيدة اليوم، وأُطالب من خلال هذا الحوار بأن يبدأ البنك المركزي النظر إلى سياسة تيسير نقدي سريع، على الرغم من أن هناك متغيرات قد تدفع إلى تثبيت سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة ولها مبرراتها ولكن أميل إلى الطرف الآخر الذي يرى ضرورة تخفيض سعر الفائدة وبداية التيسير النقدي السريع – تجدر الإشارة هنا إلى أن صالون حابي عقد وتم تصويره قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الأخير الذي قامت قيه بتخفيض الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس.
الدين العام يستحوذ على نحو 64% من ميزانية مصر
وأستند في رأيي إلى أن نصيب الدين العام حاليًا من ميزانية الدولة 64%، وفي هذه الحالة الدين العام يتضاعف بنسبة 100% كل 3 سنوات ونصف تقريبًا، ولا يوجد اقتصاد في العالم يستطيع أن يستمر بهذا الشكل فهذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية، التضخم حسب المعلن حاليًا 13%، وعندما يكون سعر الفائدة المعلن 27% فحينها يكون سعر الفائدة الحقيقي 14%.
أحمد رضوان: قد يكون ذلك بسبب تبني سياسات استباقية أخذًا في الاعتبار احتمالات وتوقعات التضخم.
طارق متولي: جيد جدًّا.. ولكن هذه التوقعات مع رفع سعر المحروقات قد تصل بالتضخم إلى 20% على سبيل المثال حينها ما زال لدينا فائدة حقيقية موجبة نحو 7%، في حين أننا كاقتصاد ناشئ كل ما هو مطالبين به أن يكون سعر الفائدة الحقيقي زيادة بنحو 3 إلى 4%.
إذن إذا تم تخفيض 2 إلى 3% في سعر الفائدة ما زال هناك مساحة لتخفيض آخر بنحو 3 إلى 4%، فبالتالي ليس هناك ما يدعو إلى التشديد النقدي.
النقطة الثالثة التي أود الإشارة إليها، أنظر إلى الأسواق اليوم وأنظر إلى الكساد الموجود في الأسواق لا بد أن يتحرك، أما النقطة الرابعة والأهم، الرئيس عبد الفتاح السيسي يبذل جهودًا لجذب الاستثمارات، وجزء من هذه الاستثمارات هو استثمار مباشر والجزء الآخر في البورصة عن طريق الاستحواذ على بعض الشركات، وهو ما يتطلب تهيئة ملعب البورصة من خلال بداية تخفيض سعر الفائدة والتيسير النقدي، حتى تجعل بيئة الاستثمار جاذبة أمام المستثمرين.
تثبيت سعر الصرف لسنوات مع فارق التضخم بين مصر وأمريكا غير مُجدٍ.. وتحريك السعر دفعة واحدة يزيد من حدة تأثيره
إذن كل العوامل الرئيسية تنصب على الاستثمار المباشر الجديد والاستثمار عبر الاستحواذ على شركات، وهو ما يستوجب أن تسير كل السياسات سواء المالية أو النقدية في هذا الاتجاه.
أما بالنسبة لسعر الصرف، لقد ناديت كثيرًا منذ الثمانينيات والتسعينيات بضرورة أن لا يكون هناك سعر صرف ثابت في ظل فارق التضخم بين مصر وأمريكا.
فإذا لاحظنا على مدار كل 4 أو 5 سنوات تحدث مشكلة في سوق الصرف نتيجة لتثبيت سعر الصرف لفترة، وهو ما يؤدي إلى دفع ثمن هذا الثبيت مرة واحدة، وأُؤكد على عدم صحة هذه المنهجية، إذ أرى أن إذا رغبت الدولة في الاحتفاظ بعملة قوية أمام الدولار وانخفاض سعر صرف الأخير أمام الجنيه فالحل هو زيادة الإنتاج وزيادة التصدير.
وأُكرر لا يصح تثبيت سعر الصرف خاصة مع الفارق الكبير في التضخم بين مصر وأمريكا، وأرى أن تثبيت سعر الصرف في صالح المستورد وضد المصدر، نظرًا لأن في هذه الحالة تبيع أموالك للخارج وهذا ما قلناه لفترات كبيرة جدًّا.
اتباع سياسة سعر الصرف المرن الطريق الصحيح لاستدامة الاقتصاد
ما يحدث حاليًا هو الصحيح، بالرغم من أن بعض بيوت الخبرة العالمية وأحد البنوك الكبيرة قال مؤخرًا إن سعر الدولار سيصل إلى 52 جنيهًا آخر العام الجاري و54 جنيهًا العام المقبل، وفي الحقيقة لا أحب أن أتحدث في أسعار الصرف.
وأوضح أن هذه التقديرات تشير إلى تحريك في سعر الدولار بنسبة 2 إلى 3% في المقابل هناك فرق مكسب في سعر الفائدة الحقيقي بأكثر من 5 إلى 6%.
ولذلك أرى أنه يتعين النظر في مسألة سعر الصرف إلى جاذبية الجنيه المصري، نظرًا لأنه في مرحلة الإصلاح يمنح عائد أفضل بكثير جدًّا بالمقارنة مع الاستثمار في الدولار.
فرضًا، إذا انخفض سعر الجنيه أمام الدولار 3% وفي المقابل سعر الفائدة الحقيقي بعد التضخم هو 5 أو 6% إذن الاستثمار في الجنيه المصري له الأفضلية.
ياسمين منير: إذا وددنا أن نتحدث عن المستثمر الحقيقي الذي يستثمر استثمار مباشر هل يستطيع أن يُدير التحدي المرتبط بتغير سعر العملة من خلال جذب عملة أجنبية وهل من الممكن أن يصبح هذا هو الأساس؟
اتباع سياسة سعر الصرف المرن الطريق الصحيح لاستدامة الاقتصاد
طارق متولي: نعم، نحن لم نخترع العجلة كل العالم يطبق سعر مرن للصرف وتتحرك العملة صعودًا وهبوطًا، وهناك آليات تحوط لهذه العملية بمنتهى السهولة وموجودة بالبنوك فالموضوع ليس صعبًا مطلقًا.
وإنما لأننا في مصر نطبق نظام تثبيت سعر الصرف لمدة 4 إلى 5 سنوات ومن ثم الاضطرار لتحريك السعر دفعة واحدة، وأرى عدم وجود أي مشكلة إطلاقا في ذلك على التصدير أو الاستيراد بل بالعكس هذا الأمر صحي جدًّا للمستثمر اللأجنبي نظرًا لأنه يستطيع التعامل مع هذا الأمر.
رضوى إبراهيم: سأنتقل من الحديث عن جاذبية الجنيه المصري إلى جاذبية السوق المصرية.. أستاذة ريهام الدسوقي ما هي القطاعات الاقتصادية التي ترين إمكانية الرهان عليها خلال الفترة الحالية وما هو الأسلوب الأمثل لتحفيزها وتنشيطها؟

ريهام الدسوقي: السياحة والقطاعات الخدمية الأكثر نموًّا في السنوات الأخيرة ويجب التركيز والرهان عليها
ريهام الدسوقي: أرى أنه بالإضافة إلى السياحة فإذا نظرنا إلى هيكل الناتج المحلي الإجمالي سنجد أن أكثر القطاعات نموًّا خلال السنوات الأخيرة هي الخدمية بجانب الاتصالات والعقارات وكل ما هو خدمي بطبيعة الحال، وبالطبع السياحة وكل الأنشطة المرتبطة بها.
90 % من مشروعات القطاع الخاص صغيرة ومتوسطة الحجم
وبالتالي نحن نحتاج إلى تسريع الوتيرة، لكن اليوم مثلما ذكرت قبل ذلك أن 90% من القطاع الخاص مشروعاته صغيرة ومتوسطة، إذن ما يتعين علينا هو التركيز على التصنيع في ظل وجود وتوافر العمالة المدربة.
وأوضح هنا أن التصنيع ليس معناه بناء مصنع باستثمارات 5 مليارات جنيه لإنتاج آلاف الأطنان على سبيل المثال، ولكنني أتحدث عن أن هناك صناعات صغيرة مغذية تنتج سلع ومنتجات وسيطة أو مبدئية تدخل في الصناعات الأكثر تقدمًا، هذا ما يجب نشره في المحافظات المختلفة والأماكن القريبة من الموانئ.
رضوى إبراهيم: ما هي آليات نشر هذه الصناعات الصغيرة؟ نود أن نكون أكثر تحديدًا لإبراز الأسلوب الأمثل لتحفيزهم وتشجيعهم؟
ضرورة التركيز على الصناعات المغذية وإنتاج السلع الوسيطة في ظل وجود العمالة المدربة
ريهام الدسوقي: في الحقيقة الحوافز موجودة في مصر، وسأعطي لكِ مثال على ذلك قانون الاستثمار يتمتع بحوافز كثيرة إلا أن منذ صدور القانون وحتى الآن يوجد جزء منها غير مفعل، ولقد عملت في وقت من الأوقات على الرخصة الذهبية (الموافقة الواحدة) منذ عدة سنوات كنت في عمل سابق، حيث كان هناك تعامل مع هيئة الاستثمار ووقتها تحدثنا عن حوافز الهيدروجين الأخضر والحوافز المرتبطة بالاستثمار بصفة عامة.
وأتذكر عندما نظرت إلى في شروط وضوابط الموافقة الواحدة وجدت أن الطريقة المصاغة بها لا تصلح أن يتم تطبيقها على القطاع الخاص بسبب صعوبة تفعيل هذه المادة، إلا أن وقتها بدعم من وزارة التخطيط ووزيرة التخطيط السابقة الدكتورة هالة السعيد وبالتعاون مع المسؤولين في الهيئة أعددنا تعديلات ورفعت لمجلس الوزراء، وأصبحت اليوم الرخصة الذهبية أو الموافقة الواحدة عنصر جاذب لإسراع عملية الموافقات.
الرخصة الذهبية عنصر جاذب للاستثمار عبر إسراع وإنجاز عملية الموافقات
ياسمين منير: هناك حديث حاليًا عن تطوير هذه الضوابط مرة أخرى.
ريهام الدسوقي: هذا صحيح، وبالتالي نحن لدينا اليوم حوافز موجودة بالفعل بمجرد تفعيلها.
وفي الحقيقة أرى أن كل ما هو مرتبط بالتصنيع يمكن الرهان عليه، ومن ضمن هذا التصنيع الغذائي والتصنيع الزراعي، بجانب ضرورة تعميق التوطين في كل الصناعات وحتى أجزاء من الخدمات في قطاع السياحة على سبيل المثال نظرًا لعدم الاحتياج إلى استيراد كل المدخلات.
قانون الاستثمار يتمتع بحوافز كثيرة بعضها غير مفعل ونحتاج إلى الاستفادة منها
نقطة مهمة هنا، في حالة وجود مستثمر يرغب في الاستثمار في التوطين، أين هي المعلومات المرتبطة بالتوطين؟ فأرى ضرورة تخصيص وزارة الاستثمار جزء على موقعها الإلكتروني يوفر كل المعلومات المطلوبة عن الصناعات التي تستهدف توطينها ومنها على سبيل المثال عدادات المياه وعدادات الكهرباء مسبقة الدفع، وهناك أجزاء كثيرة جدًّا في العمليات التصنيعية المعقدة والبسيطة التي من الممكن نشرها.
هذا بالإضافة إلى إتاحة خريطة الأراضي أمام المستثمرين، التي تكون مهيأة إلى حد ما أو قابلة للتهيئة والترفيق، بحيث تكون القطاعات كلها مهيأة لدعمها وتشغيلها وانطلاقها، ولكن ذلك يتطلب وجود عناصر نموها حتى يستطيع المستثمرين العمل، فالأفكار كثيرة والفرص أيضًا.
أمر آخر، لا يتعين فقط تقديم الدعم والمساندة، فاليوم على سبيل المثال اللجنة الاستشارية التي يفترض أن نقدم لها توصيات تضم أعضاء من رجال الأعمال أو مرتبطين ببيئة الأعمال، وهناك جزء من بنوك الاستثمار وأساتذة جامعيين ومفكرين لديهم خبرات.
ما نحتاج إليه حاليًا هو معرفة كيفية تدعيم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمستثمر، وأرى أن ممثلين بنوك الاستثمار على دراية تامة بمتطلبات المستثمر.
ضرورة توفير وزارة الاستثمار المعلومات المرتبطة بأهداف التوطين وإتاحة خريطة الأراضي المؤهلة للتسهيل على مستثمري الصناعات الصغيرة والمتوسطة
وأشدد هنا على ضرورة توافر كل المعلومات المطلوبة عن مختلف القطاعات، ومعرفة هل المستثمر على دراية كافية بالعناصر الكيميائية الهندسية الطبيعية الموجودة في مصر ووزن العمالة وخلافه؟
بالتالي نحن في حاجة إلى توجيه هذه اللجنة إلى معرفة هيكل الاقتصاد المصري واحتياجاته ومن ثم يتم الدفع نحو هذه الاحتياجات لمساعدة أصحاب الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وليس التفكير للمستثمرين الكبار نظرًا لأنهم في النهاية لا يشكلون الأغلبية، كما أنهم سيعرفون الطريق بأنفسهم.
أحمد رضوان: نستأذنكم أن تستكمل رضوى جولة الأسئلة الموجهة للأستاذة نيفين الطاهري من أجل وقتها ونظرًا لارتباطاتها واضطرارها للمغادرة.
رضوى إبراهيم: أستاذة نيفين أتمنى أن ينال السؤال إعجابك هذه المرة.. مضى وقت مناسب حتى يمكن تقييم تجربة مصر مع صندوق النقد الدولي بعد أكثر من برنامج واتفاق ومراجعات وإجراءات.. بخبرتك الاقتصادية ومن خلال تمثيلك في البرلمان كيف تقيمين هذه التجربة؟
كنا في احتياج إلى صندوق النقد حتى يعطينا تأشيرة القدرة على الاقتراض الخارجي
نيفين الطاهري: من الصعب الرد على هذا السؤال.. أهمية صندوق النقد وعودة مصر إليه دائمًا بسبب وجود وأهمية جهات التقييم الدولية مثل فيتش وستاندرد آند بورز وموديز وغيرها، وعندما يكون صندوق النقد متواجدًا وعلى اتفاق مع الحكومة المصرية ويوافق على منحها قرضًا فإن الأمر يكون مختلفًا.
صندوق النقد الدولي يفترض أنه كيان يشبه البنوك يقوم بدراساته للموافقة على منح التمويل، ولكن للأسف فإن الاتفاق مع مصر يضطر الحكومة لاتخاذ إجراءات قرارات وأمور عديدة بشكل سريع ما يضاعف من تأثير تلك القرارات على الشعب المصري، وذلك بسبب أن الحكومة المصرية تضع الكثير من الحماية والدعم على أشياء كثيرة تؤثر على تنافسية السوق مع الآخرين، وتضطر وفقًا للاتفاق لاتخاذ قرارات تجاهها.
ما أود قوله، هو أن مصر كانت في احتياج إلى صندوق النقد الدولي حتى تحصل على التأشيرة التي تجعلها قادرة على الاقتراض من الخارج وتغطية احتياجاتها التمويلية، فالـ 14 عامًا الماضية منذ قيام الثورة في 2011 زادت الأعباء وطرأت الكثير من التغيرات على المجتمع في كثير من المناحي، وفي الوقت نفسه العالم الخارجي يتغير بقوة، ومن المتوقع أن ننتهي من البرنامج الحالي مع الصندوق أواخر عام 2026، وسيكون الوضع مختلفًا حينها.
المجموعة الاقتصادية الحالية تعمل على الخروج باقتصاد قوي في نهاية برنامج الصندوق أواخر 2026
ما أستمع إليه من وزراء المجموعة الاقتصادية الحالية أنها تعمل على الخروج من هذه العباءة باقتصاد قوي يمكن البلاد من استكمال الطريق اعتمادًا على نفسها.
ياسمين منير: بناء على كل المناقشات التي أجريناها في لقائنا هذا واستنادًا لخبراتك الواسعة ما هي التوصيات التي يمكن تقديمها إلى اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي في شكل نقاط؟
نيفين الطاهري: سوف أعود وأكرر بأنني لست في حاجة لإعطائهم توصيات في رأيي الشخصي، لأنهم يمتلكون ما يكفيهم من المعلومات والإمكانية، وإنما التوصية التي يمكن منحها للحكومة بشكل عام هي أن تترك هذه اللجنة تعمل بحرية تامة وتسهيل إمكانية تطبيق مطالب والتوصيات التي تخرج بها اللجان.
يجب على الحكومة ترك اللجان الاستشارية العمل بحرية كاملة وتسهيل تنفيذ مطالبها
عندما تحدثنا عن التشريعات، ما أكدته أننا لا نحتاج إلى تشريعات جديدة، وإنما نبحث عن كيفية تنفيذ التشريعات القائمة بالفعل، ولذلك أنا في الحقيقة لا احتاج إلى إعطاء اللجان توصية وإنما للحكومة بشكل عام بضرورة تسهيل عمل هذه اللجان والعمل بفكرهم الخاص والـ Know How الذي يمتلكونه.
نمتلك خبرات عديدة في اللجان يمكن الاستفادة منها و«قلبها على بلدها»
اليوم عندما نريد تنفيذ مشروع معين فإننا نتعاون مع جهات ومؤسسات عالمية كجولد مان ساكس أو غيره على سبيل المثال، في حين أننا لدينا خبرات وكفاءات في هذه اللجنة يمكن الاستفادة منها بالإضافة أن قلبها سيكون على البلاد.
أحمد رضوان: نشكر حضرتك جدًّا.. والحمدلله أننا التزمنا بالوقت.

نيفين الطاهري: شكرًا جدًّا.. سعدت حقيقي بوجودي معكم، وأعتذر لاضطراري مغادرة اللقاء.
أحمد رضوان: أستاذ طارق دائمًا ما كان يتردد عن وجود مشكلة مرتبطة بالاستيراد وارتفاع فاتورة الواردات، والأمر تتطرق حتى إلى تصنيف والحديث عن السلع الاستفزازية وخلافه وكأن المشكلة مرتبطة بالاستيراد فقط، ثم تفاجئنا في أكثر من مناسبة كان آخرها عندما صرح الوزير حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية بأن معدلات الاستيراد في مصر ضعيفة وغالبيتها مستلزمات إنتاج، وبالتالي فإن الوهم الذي كان سائدًا حول أن الشعب المصري شعب مستورد لم يكن حقيقيًّا.. إذن ما هي مشكلة ميزان المدفوعات في مصر؟
طارق متولي: مشكلة الميزان التجاري لمصر ليست في الاستيراد والواردات وإنما في حجم التصدير
طارق متولي: المشكلة الرئيسية لدينا بمصر هي أننا عندما تكون لدينا مشكلة فإننا نقوم بتوصيفها بشكل خاطئ، وهذا التوصيف يجعلنا نسير في اتجاه حل خاطئ، فدولة فيها 100 مليون فرد تستورد بنحو 90 أو 100 مليار دولار هذا الرقم بسيط جدًّا، مشكلتنا ليست في الاستيراد وإنما في التصدير ولذلك نحن دائمًا ننظر في الاتجاه الخاطئ.
صادرات فيتنام 101 مليار دولار.. بينما تصدر مصر بنحو 40 مليار دولار فقط
سوف أعطي لك مثالًا بسيطًا جدًّا دولة مثل فيتنام تقوم بتصدير منتجات بنحو 101 مليار دولار، بينما نحن في مصر صادراتنا تقدر بنحو 40 مليار دولار فقط وطموحاتنا أن نصل في 2030 إلى 160 مليار دولار، ولا أعلم كيف سنصل إلى هذا الرقم بالمعدل الذي نسير به الآن لا أظن أن نصل إلى هذه الأرقام، ونأمل ونتمنى أن يكون هناك طفرة الفترة المقبلة يمكن من خلالها تحقيق هذه الأرقام.
لكن ما نريد قوله هو أننا دائمًا نقوم بتوصيف المشكلة بشكل خاطئ، وبالتالي الحل يكون خاطئًا، مشكلة ميزان المدفوعات بمصر تكمن في أنه لا بد من زيادة التصدير، بلد حجم مصر بها 100 مليون مواطن وهذا الكم من الأصول لا بد أن تكون صادراتها 160 مليار دولار على الأقل.
نأمل حدوث طفرة في الصادرات المصرية تساعد في الوصول إلى مستهدف
أحمد رضوان: نحن هنا نتحدث عن التعامل مع بند التدفقات التي إلى تدخل مصر فنتحدث الآن عن الصادرات ومنذ قليل تحدثنا عن السياحة.. سؤالي هل هناك مشكلة مرتبطة بالدين الخارجي؟
طارق متولي: طبعًا بالتأكيد، وسأعود مرة أخرى علينا أن نعتبر الدولة شركة لها جانبان أصول وخصوم، نحن منذ فترة ننظر إلى جانب الخصوم المتمثل في المديونية البالغة نحو 160 مليار دولار، ولكن في الوقت نفسه هل الدولة تدير الأصول التي تمتلكها بشكل صحيح هذا هو السؤال يجب أن ننظر إلى الجانبين معًا.
الاقتصاد المصري يعاني من مشكلة في الديون ولكن المشكلة الأكبر في إدارة أصول الدولة
بالطبع لدينا مشكلة في المديونية، ولكن في رأيي لدينا مشكلة أكبر من المديونية وهي إدارة أصول الدولة، وفقًا لآخر إحصائيات فإن العائد على أصول الدولة يبلغ 1% وهذا معدل غير مقبول، ونتحدث في هذا الأمر منذ سنوات، قامت مصر بتأسيس صندوق سيادي وهذه خطوة جيدة لتؤول إليه الأصول ولكن لا بد أن نسرع في هذا الأمر ونحسن إدارة الأصول.
العائد على أصول الدولة 1% وهذا غير مقبول
وإذا كان لدينا الجانبين ولا ننظر إلا إلى جانب واحد فقط هو المديونية بدون تعظيم العائد من الأصول ستستمر المشكلة ولذلك لابد أن نعمل على الجانبين معا، فنعم لدينا مشكلة تخص الديون يجب العمل على حلها وخفض هذه المديوينة لأنه لا يصح لدولة تطمح في تحقيق معدلات نمو كبيرة وتعطي أمل للأجيال القادمة أن تدفع 64% من الناتج المحلي الخاص بها لخدمة الدين ما يعني أننا نعمل لكي نسدد خدمة الدين.. ويتبقى للاستثمار 15% والأجور 10% والدعم 10%، فهذا الأمر لا يصح.
أحمد رضوان: ماذا عن الجزء الذي كنت تريد الرد عليه فيما يتعلق بصندوق النقد الدولي؟
نحتاج إلى التوقف عن طلب مساعدات مالية من صندوق النقد وأن يقوم الاقتصاد بنفسه بعيدًا عنه

طارق متولي: عندما تذهب إلى صندوق النقد الدولي فإن الدولة هي من تضع الروشتة الإصلاحية، وفي هذا المسألة العديد من الناس يظلمون الصندوق.
أحمد رضوان: هذا الأمر يشبه مقولة «البيضة أم الدجاجة أولًا».
طارق متولي: بمجرد أن تضع الحكومة الروشتة التي ستسير بها فإنه يجب عليها أن تلتزم بها وهذه أول نقطة، أما النقطة الثانية هي أننا منذ الثورة عقدت مصر عدة اتفاقات مع صندوق النقد مرة واثنين وثلاثة، فهل لم يحن الوقت للتوقف عن مساعدات الصندوق وأن يقوم الاقتصاد بنفسه بعيدًا عن الصندوق، هذا الأمر يجب أن يكون من ضمن الأهداف الرئيسية للحكومة.
يجب أن يكون برنامج مصر الحالي مع صندوق النقد هو الأخير وعدم اللجوء إليه مرة أخرى لمدة 10 سنوات القادمة
أحمد رضوان: يبدو أنه لم يحن الوقت بعد.
طارق متولي: لا، يجب أن يحين الوقت.
رضوى إبراهيم: متى نستطيع القول إنه آن الأوان؟
طارق متولي: في رأيي إذا عملنا بالإدارة الحالية الموجودة والحكومة التي نتفائل بها كثيرًا أعتقد أنه خلال السنتين أو السنوات الثلاث القادمة، يجب أن يكون هذا الميعاد آخر ميعاد لمصر مع الصندوق، من الممكن أن نستعين به في الجانب الفني مثلما يقوم العالم كله بالاستعانة به وليس الجانب المالي، إذ إن الدول دائمًا في حاجة لكي تستمع إلى آراء الآخرين، ولكن ما يجب أن يكون ضمن خطط الحكومة وتُسائل عنه هو أن يكون هذا آخر برنامج مع صندوق النقد على الأقل خلال الـ 10 سنوات القادمة.
ياسمين منير: إن شاء الله.
ريهام الدسوقي: يجب تطبيق بعض الإصلاحات المتعلقة ببيئة العمل والاستثمار والجوانب الإجرائية بشكل سريع
ريهام الدسوقي: نحن لا نحتاج أن يقول لنا صندوق النقد الدولي ماذا نفعل، لأنه كما قال الأستاذ طارق متولي، عندما بدأنا العمل على برنامج الإصلاحات الهيكلية، فإن كل البنود الرئيسية في برنامج الصندوق سنجدها هي نفسها المتواجدة في برنامج الإصلاحات الهيكلية الخاص بوزارة التخطيط وقد شرفت أن أكون جزءًا من فريق العمل الخاص به.
كل الإصلاحات موجودة ومعروفة ولكن هل تطبق الإصلاحات الخاصة ببيئة العمل والناحية الإجرائية وسوق العمل! كل ذلك لا بد أن يطبق وبسرعة لأن المشكلة لم تعد ما هي الإصلاحات التي يجب علينا تطبيقها وإنما كيفية تطبيقها بسرعة والالتزام بتنفيذها.
نحن نعاني في مصر من عيب يشابه الطالب الذي يذاكر بسرعة ليلة الامتحان ثم بعد انتهاء الامتحان يهدأ، ما نحتاج إليه هو الاستمرار على نفس الوتيرة وأن نضع قيد الاحتياج إلى الإصلاح على أنفسنا وليس شرطًا يأتي أحد ويضعه علينا.
رضوى إبراهيم: نحن نحتاج إلى ذلك بالتأكيد، لكن التزامنا مع صندوق النقد يفرض علينا توقيتات معينة ربما لو لم نلتزم بها في البرنامج معه كان تم تطبيقها في وقت آخر.
ريهام الدسوقي: بغض النظر عن السبب ولكن ما ننظر إليه الآن هو النتيجة، نحن نعلم حاليًا مثلًا أنه خلال شهر أكتوبر سوف تتم زيادة أسعار المحروقات من جديد، وفي يوليو المقبل سيتم رفع أسعار الكهرباء، وهذا أمور نحن نعلمها.
رضوى إبراهيم: ياسمين سوف تتحدث في ملف الدعم.
ياسمين منير: لدي سؤال مرتبط بهذه النوعية من الإصلاحات هل تعتقدين أن فاتورة الدعم ما زالت تمثل المشكلة الأكبر في الموازنة العامة للدولة؟ أم يمكن حل مشاكل أخرى أصبحت ذات أولوية أكثر من فاتورة الدعم لنترك المواطن يرتاح قليلًا لفترة أطول؟
فاتورة الدعم لا تشكل جزءًا كبيرًا في الموازنة.. وإلغاء الدعم يأتي ضمن إعادة هيكلة الإنفاق لتكون الحماية الاجتماعية موجهة
ريهام الدسوقي: المشكلة ليست في مسألة هل سنرفع البنزين والسولار أم لا أو أن فاتورة الدعم تشكل جزءًا كبيرًا من الموازنة، فهي لم تعد جزءًا كبيرًا من الموازنة، ولكنها للأسف لها بُعدان الأول أن هذه الإصلاحات تأتي ضمن منظومة إعادة هيكلة الإنفاق ليكون دعم الدولة والحماية الاجتماعية موجهًا، وبالتالي سيتم إلغاء الدعم على الكهرباء والمحروقات والمياه مستقبلًا، مع القبول بتحريك أسعار الأدوية، وذلك في سبيل التركيز على الأمور التي تخص الخدمة الاجتماعية مثل التعليم الأساسي والخدمات الصحية الأساسية، ومشروعات البنية التحتية التي لا يستطيع القطاع الخاص الدخول فيها، أي التركيز على الخدمات والمشروعات التي تقع على عاتق الدولة ولا يمكن للقطاع الخاص الدخول فيها بشكل عام.
دعم الدولة يجب أن يركز على الخدمة الاجتماعية كالتعليم الأساسي والرعاية الصحية بجانب المشروعات التي لا يمكن للقطاع الخاص الدخول فيها
هذه الإصلاحات لا بد أن تستمر، وعقب انتهاء مدة برنامج الصندوق في 2026 واقتصار دوره على تقديم استشارات وخدمات الدعم الفني، ما يتعين على الحكومة والدولة المصرية هو اختيار التوقيت المناسب لاتخاذ وتنفيذ القرارات، ولكن هذا ليس معناه إبطاء الإصلاحات لأننا أصبحنا متأخرين جدًّا جدًّا.
ياسمين منير: نحن نتحدث عن الجزئية المرتبطة بالدعم لأنه كلما تم تحريك أي سعر فإنه يصب مرة أخرى في التضخم والفائدة وغيرها، فهذه دائرة مرتبطة ببعضها البعض.
من حق المواطن والمستثمر أن يعرفا متى سينتهي طريق الإصلاحات الاقتصادية وتجنب عنصر المفاجأة
ريهام الدسوقي: المشكلة هنا تكمن في عدم وضوح رؤية محددة وتوقيتات معروفة للانتهاء من تنفيذ تلك الإصلاحات، وكمواطن أو كمستثمر من حقي أن أعرف متى سينتهي هذا الطريق التي تسير فيه الحكومة، وهذا أمر منطقي.
وأقول لك إن هذا لن يؤثر سلبًا على التضخم، لأننا إذا ما علمنا المعادلة التي بناء عليها يمكن التوقع بنسبة زيادة الأسعار بعد الـ 6 أشهر القادمة، وأنه سيتم زيادة أسعار البنزين بنسبة كذا على سبيل المثال، فإن المستثمر سيضع ذلك في الحسبان من أجل الحفاظ على المستهلكين والحصة السوقية له، فلا يمكن إخفاء الأمر عن المصنعين والتجار لعدم زيادة أسعار منتجاتهم ثم مفاجأتهم بزيادة في التكلفة بعد 6 أشهر إذ سيضطرون لرفع أسعارهم.
استمرار الإصلاحات ضروري حتى بعد انتهاء برنامج صندوق النقد في 2026
أيضًا في الوقت نفسه معرفة توقيت تنفيذ الإجراءات من شأنه تهيئة المواطن للأمر وأنه ستكون هناك حماية بأشكال مختلفة قادمة، ليضع في حسبانه ذلك من أجل إدارة شؤون حياته بعيدًا عن عنصر المفاجأة، الذي لا يجعل المواطن يستطيع إدارة ميزانية أسرته، وفي الوقت نفسه المستثمر أيضًا الذي يضع تصوره ومستهدفاته على أرقام معينة ثم يتفاجأ بزيادات جديدة في الأسعار، ولذلك فإن الإصلاحات لا بد من استكمالها والتفكير في تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بالجوانب التشغيلية كتخفيض الجمارك وأن لا يقتصر الأمر على الإصلاحات الخاصة بالاقتصاد الكلي.
وسوف نعطي مثالًا على ذلك في مسألة الواردات، 75% من واردات مصر إما سلع وسيطة أو مبدئية، وجزء كبير منها يصب في التصنيع بغرض التصدير، وبالتالي من الممكن تخفيض الجمارك على العناصر التي تدخل في أي عملية إنتاجية سوف يتم تصديرها فيما بعد، وهذا الإجراء سيؤثر على حصيلة الجمارك وهنا سنعود إلى النقطة التي تحدثنا عنها في البداية هل هدفنا هو استثمار وتشغيل أم زيادة الحصيلة!
يتعين على الحكومة والدولة المصرية بعد 2026 اختيار التوقيت المناسب لاتخاذ وتنفيذ الإجراءات الإصلاحية
فمن الممكن تعويض هذه الحصيلة إذا تمت زيادة الاستثمارات، ولكن بهذا الإجراء نعطي دفعة للمصدرين والمصنعين المحليين ونلغي الحماية التي لا يجب أن تكون موجودة، وتجعل السوق تعاني من غياب روح المنافسة التي لا بد من وجودها، والبقاء هنا لمن يصلح وليس للأقوى.
مطلوب تخفيض الجمارك على السلع المستوردة الوسيطة أو المبدئية التي تدخل في أي عملية إنتاجية
لكن طالما استمرت حماية السوق بوضع غير صحيح فإن المستثمرين لن يسعوا إلى المنافسة والمساهمة في التصدير وزيادة الإنتاج وسيستمر الوضع كما هو عليه.
رضوى إبراهيم: أستاذ طارق تفضل.
طارق متولي: الحكومة أمامها العديد من البدائل التي توفر المبالغ المستهدفة من تقليص فاتورة دعم الوقود
طارق متولي: هذه النقطة هامة جدًّا، دور الحكومة ليس تمرير الأسعار للمواطنين فقط ولكن أين دورها في القيام بهذا الإجراء ضد المواطن، وهناك أمر آخر اليوم الحكومة فكرت في توفير 55 مليار جنيه من رفع الدعم فهل فكرت في بدائل أخرى بعيدًا عن البنزين توفر ذات المبلغ؟ هذا سؤال والسؤال الثاني ما حجم تأثير هذه المليارات على باقي بنود الموازنة العامة للدولة؟ ولذلك دائمًا القرار يتم اتخاذه بسهولة من خلال تحميل المواطن الأعباء، لكن يجب علينا قبل اتخاذ قرار برفع الأسعار على المواطنين أن تقوم الحكومة بخفض نفقات الإدارات والجهات الحكومية أولًا.. هل سمعنا عن أي إدارة قامت بخفض نفقاتها؟
ياسمين منير: المفترض أنه تم الإعلان عن ذلك.
يجب توافر بيانات وأرقام واضحة لترشيد الإنفاق الحكومي للوزارات والهيئات
طارق متولي: نريد أن نشاهد ونعرف هذه الأرقام الخاصة بخفض النفقات بشكل محدد، وكما رفعت الحكومة على المواطن البنزين بنسبة 20 و30% نريد أن نرى خفض للنفقات الحكومية ولو بنسبة 10% فقط.
من الممكن أن نقترح على الحكومة ونحن في حوارنا هنا العديد من البنود التي يمكن من خلالها توفير الـ 55 مليار جنيه الخاصة بدعم الوقود وتأثيرها على التضخم، ويجب أن نلاحظ هنا أننا عندما نرفع أسعار البنزين والوقود فإن التضخم سيرتفع لأننا هنا في دائرة مترابطة، وإذا كنا نريد تيسير السياسة النقدية وخفض أسعار الفائدة فإنه قد يتم تأجيلها، وكل 1% تخفيض في الفائدة يوفر للدولة 50 مليار جنيه.
التمويل يحتاج لجنة استشارية متخصصة فهو عصب الحياة وضروري لكل القطاعات
معدل التضخم الناتج عن رفع أسعار البنزين والسولار وتأثيره على الاقتصاد الكلي وموازنة الدولة يفوق الـ 55 مليار جنيه، نحن لسنا ضد هذه القرارات ومع تحرير الأسعار والاقتصاد الحر، لكن قبل الوصول إلى هذه الخطوة من المفترض تنفيذ أمور عديدة قبلها ومعرفة تأثيرها على الموازنة، لأننا مثلًا مع زيادة أسعار الوقود فإن التضخم سيرتفع 3 إلى 4% وهذه النسبة ستؤثر على الموازنة، ولذلك يجب معرفة الأثر المترتب على هذه القرارات على الموازنة العامة للدولة وسعر الصرف وغيرها من الأمور، وبالتالي من الممكن أن تجد الحكومة نفسها في النهاية تكلفت أموالًا بشكل مباشر وغير مباشر أكثر من الـ 55 مليار جنيه التي سيتم تحصيلها من المواطنين نتيجة قرار رفع أسعار البنزين.

ريهام الدسوقي: أود أن أشير إلى نقطة هامة هنا، وهي أن المسألة ليست توفير حصيلة فقط من رفع الدعم وإنما هناك تشابكات أثبتت أنها غير مجدية اقتصاديًّا ولها ضرر على المدى القصير والطويل، ولذلك لا بد من تفكيك تشابكات ملف الدعم.
طارق متولي: نعم، ولذلك هنا تكمن أهمية اختيار توقيت فك التشابكات، الآن نحن انتظرنا فترة طويلة حتى ينخفض التضخم إلى 13%، وهو الأمر الذي كان من الممكن أن يعطي الحكومة دفعة قوية للتحرك بسرعة في خفض سعر الفائدة والتي من الممكن أن توفر للحكومة نفقات كبيرة عبر عبء خدمة الدين، فأنا مع تحرير سعر كل الخدمات التي تقدم للمواطن، لكن في الوقت نفسه لدينا جانب اجتماعي يجب مراعاته.
ريهام الدسوقي: هناك سيناريو آخر يمكن من خلاله عدم زيادة التضخم، ولكن يجب التفكير خارج الصندوق ونتسأل لماذا يزيد التضخم في الوضع الحالي؟ لأن المنتجين يضطرون إلى رفع الأسعار لتغطية التكلفة التي زادت عليهم، ولكن لو قاموا بزيادة الإنتاج ما يقلل من تكاليفه فإن لن يضطر لرفع أسعار المنتجات ولن يتأثر التضخم.
طارق متولي: هذه هي النقطة التي نتحدث فيها ويجب على الحكومة القيام بها من خلال تخفيض الضرائب على السلع الوسيطة التي تدخل في التصنيع.
ريهام الدسوقي: وهذا ما قصدته عندما تحدثت عن تخفيض الجمارك.
رضوى إبراهيم: تهيئة بيئة الاستثمار وتسريع إجراءات الاستثمار هو الحل الحقيقي لمعظم مشاكل الاقتصاد المصري.. أود الانتقال إلى جزء التمويل الذي يعتبر أساس الخبرة العملية الطويلة للأستاذ طارق متولي، شكلت الحكومة لجان استشارية في تخصصات عديدة هل ترى أنه كان من المهم وجود لجنة خاصة بالتمويل ضمن هذه اللجان؟
المبادرات التمويلية جيدة لكن تتطلب شروطًا تضمن الوصول للهدف منها
طارق متولي: ما المقصود بالتمويل هنا تمويل الدولة أم ماذا؟
رضوى إبراهيم: تمويل كل ما يخص الاستثمار في مصر سواء استثمار حكومي أو قطاع خاص والأولوية هنا للقطاع الخاص لأن هذه اللجان تم تشكيلها بهدف تحريك استثمارات القطاع الخاص.
طارق متولي: نحن نتحدث كثيرًا عن سعر الفائدة، وسعر الفائدة سواء أكان يتعلق بشق التمويل أو بالمشروع ليس هو المحرك الرئيسي، لكنه مهم.
التمويل له طرق كثيرة ومتعددة جدًّا في مصر سواء على مستوى القطاع الخاص أو مستوى الدولة، لو نظرنا على مستوى الدولة اليوم يأتي التمويل من إيرادات الضرائب أو..
رضوى إبراهيم: سأتيح لحضرتك الفرصة لتقديم التوصيات التي تخص التمويل لكل اللجان الاستشارية، لكن أريد الاستفسار في البداية هل كان ملف التمويل يستدعي أو كان من المهم أن تشكل له لجنة متخصصة أم لا؟
طارق متولي: طبعًا، المال هو عصب الحياة، لا يوجد أي فكرة يمكن طرحها ونحن جالسون هنا الآن، أيًّا كانت هذه الفكرة، إلا وكانت بحاجة إلى التمويل؛ فالتمويل هو الأساس.
رضوى إبراهيم: إذا كان التمويل يحتاج إلى لجنة متخصصة.. دعنا نفترض أن هناك لجنة للتمويل، أو أن الحكومة رأت هذا اللقاء وقررت تشكيل لجنة لهذا الملف، ما هي توصياتك لهذه اللجنة؟
طارق متولي: لا بد أن يسبق هذه التوصيات أن أعرف ماذا سأمول ولمن ثم كيف؟.. فإذا كان التمويل موجهًا للشركات فله شكل، وكذلك تمويل المؤسسات له شكل، وتمويل الدولة له شكل.
أحمد رضوان: ماذا لو أردنا القول إنها لجنة لتسهيل وتنويع أدوات التمويل؟
طارق متولي: إذا تكونت لجنة لأدوات التمويل وتسهيل الإجراءات للمستثمرين، وهذا يكون عنوانًا واضحًا.
أحمد رضوان: بالضبط.
طارق متولي: إن المستثمرين اليوم يريدون من أجل التمويل شيئين، ودعنا نتحدث بصراحة، فقد كنت من المعارضين لبعض الممارسات عندما كنت في القطاع المصرفي خلال فترة المبادرات التي أطلقت لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهذه أموال أُهدرت، نحو 200 مليار جنيه للأسف الشديد، وبعدها بعامين تعرض نحو 18 أو 20 بنكًا لجزاءات – penalty – لأنهم أساءوا استخدام هذه الأموال.
الذي أريد الوصول له أن المبادرات التمويلية في حد ذاتها جيدة للغاية، لكن لا بد من وضع شروط كي تصل للهدف الرئيسي منها.
التفكير في أدوات تمويل مستدامة للمشروعات الصغيرة والتأكد من وصولها لكل المحافظات
وعندما نتحدث اليوم عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لا بد أن أدعم هذا القطاع بأكبر قوة ممكنة، فهذا القطاع هو المحرك في كل دول العالم.. وبالتالي كيف نقدم له تمويلًا رخيصًا؟ والأهم من كونه رخيصًا أن يكون سهلًا ودون تعقيدات.
فاليوم لا يجوز أن أطلب من المشروعات الصغيرة والمتوسطة نفس الذي أطلبه من الشركات الكبيرة، لا سيما أنها ليس لديها محاسب قانوني أو غير ذلك من الإمكانيات.
فالقصة بسيطة للغاية، وأرى أن التمويل الصغير والمتوسط ومتناهي الصغر يجب أن يكون أغلبه خارج البنوك، بحيث يقوم به كيانات أكفأ وأسرع وأقل قيودًا من البنوك.
سنجد معظم الجمعيات -مثل الشبان المسلمين، وجمعية الأقباط، وجمعيات كثيرة موجودة في الأسواق- ناجحة للغاية، و نسبة الديون المتعثرة NPL قليلة جدًّا، نتيجة أن حركتها أسرع، كما أن القيود المفروضة عليها أقل كمؤسسة مالية كبيرة تطبق قيودًا على الائتمان بشكل عام.
أقصد هنا أننا يجب أن نفكر في أدوات تمويل مستدامة لهذا القطاع بطريقة مبسطة جدًّا وسهلة جدًّا، وبأقل إجراءات ممكنة، وهذا من شأنه إحداث نقلة للبلاد، ولا بد مثلما يقال توجيه كل الموارد، وكل المجهودات التي يتم بذلها اليوم لكيفية تمويل هذه الشركات والوصول إليهم.
وهنا يجدر الحديث عن أمرين، فمن يعمل في هذا النوع من النشاط، وكثيرون يعملون به حاليًا، يدرك أنه مربح للغاية، كما أن نسبة الديون المعدومة والمتعثرة NPL قليلة جدًّا عكس ما يعتقد الناس؛ فبالتالي لديك مساحة اليوم لتحقيق أرباح، ومساحة أيضًا لمساعدة الدولة.
لكن السؤال هنا هو كيف تحصل التشابكات التي تمكن من الوصول لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فالمستهدف الوصول إليهم ليسوا في القاهرة فقط أو الإسكندرية، هذه الصناعات منتشرة على مستوى مصر كلها.
أحمد رضوان: بخلاف المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ما هي القطاعات المستهدفة الأخرى التي تحتاج إلى تسهيل وتنويع في أدوات التمويل، كالصادرات على سبيل المثال؟
السياحة تحتاج إلى اهتمام خاص لميزتها التنافسية.. والمبادرات يجب أن ترتبط بأهداف
طارق متولي: كل قطاعات الدولة تحتاج إلى تمويل بلا استثناء، فمثلًا عندما ننظر لقطاع مثل السياحة؛ فقد جاءت فترة طويلة نتيجة الأحداث التي شهدها قطاع السياحة، توقفت بعض البنوك عن منح التمويل، وهذا طبيعي لأنه لا يوجد موارد، وتدخلت الدولة.
أحمد رضوان: والآن يوجد مبادرات لهذا القطاع.
طارق متولي: بالفعل، تدخلت الدولة بمبادرات وأجلت ورحلت بعض الأقساط وغيرها من الأمور، وأرى أن هذا القطاع لا بد أن توليه الدولة اهتمامًا خاصًّا، لأنه كما قلنا إن السياحة والخدمات تمتلك الدولة فيهما ميزة نسبية، ربما لا يوجد لدينا ميزة نسبية كبيرة ببعض الصناعات، لكن مصر تمتلك سياحة على مدار 12 شهرًا، وهذه ميزة لا توجد في أي مكان بالعالم.
بالتالي تحتاج السياحة إلى مبادرات تمويل لتحقيق أهداف معينة، وليس التمويل من أجل التمويل.
أحمد رضوان: التمويل مرتبط بهدف معين.
طارق متولي: بالفعل، التمويل مرتبط بهدف معين، وبخطة الدولة اليوم للوصول لهدف 100 مليون سائح، بالتالي يجب توجيه جزء من التمويل لإنشاءات القطاع، وجزء لتحديث المنشآت الفندقية وهكذا، بجانب أهمية معرفة كيفية الاستفادة من التمويل، ولا بد أن تكون العملية ذات منفعة متبادلة Win -Win، أي إن الدولة ستوفر تمويلات رخيصة، وعندما يأتي الدولار فلا يُعلم أين ستضعه تلك المؤسسات السياحية؟!
أحمد رضوان: وما هي القطاعات الأخرى بخلاف السياحة؟
طارق متولي: الخدمات، وأرى أن الخدمات البحرية تعد من أفضل القطاعات في مصر لو عملنا على تطويرها، وقد تحدثت معك عن الكابلات البحرية، وأننا نستطيع تحقيق نتائج جيدة جدًّا بهذا المجال.
الخدمات البحرية وفي مقدمتها الكابلات مرشحة لتحقيق نتائج قوية حال تطويرها
كذلك المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فقد تم العمل عليها منذ سنوات كثيرة، وبالفعل الأشخاص القائمون عليها الآن جيدون، والأوضاع تتحسن، لكن هل هذا هو الأمل؟
رضوى إبراهيم: بخلاف المبادرات، هل ترى أن القطاع المصرفي يقوم بدوره في تمويل القطاع الخاص، أم أن الانشغال بتمويل الحكومة يؤثر على دوره؟
طارق متولي: لا أريد أن أكون مدافعًا عن القطاع المصرفي.
رضوى إبراهيم: نحن لا نريد الهجوم أو الدفاع.. نريد فقط التعرف على رؤيتك؟
طارق متولي: السؤال من يخلق الفرصة.. البنك أم القطاع الخاص؟ البنك يستقبل العميل الذي يحتاج للتمويل، هل يوجد عميل يحتاج تمويلا ولديه دراسة جدوى – feasibility study – سليمة ولا يتم تمويله؟ نحن نسعى وراء العملاء لأن هذه وظيفتنا.
ياسمين منير: لكن هناك قيودًا للتمويل بالقطاع المصرفي، أعتقد كثيرة لدرجة تعطل بعض المشروعات جزئيًّا.
طارق متولي: أتحفظ على كلمة قيود، فالبنك دوره الأساسي ينقسم إلى شقين، هما توفير الائتمان، والحصول على الودائع، ولا يوجد شيء آخر، فأنا من مصلحتي –كبنك- توفير تمويلات.
يمكن ما ترين أنه قيود يمثل شروطًا وضوابط لمنح التمويل، فالائتمان يتضمن شروطًا وقواعد ودراسات، على سبيل المثال، من الممكن أن يقدم المستثمر دراسة ليست منضبطة أو دقيقة، أو أن العميل ليس لديه خبرات معينة بخصوص المشروع الذي يريد أن يحصل على التمويل لأجله.
رضوى إبراهيم: لكن الضوابط الخاصة بالتركز في قطاعات معينة، أو الحد المسموح به لكيان معين، تكون في بعض الوقت تحديًا مستقلًّا، بخلاف تحدي سعر الفائدة، أو التوافق مع شروط منح الائتمان.
طارق متولي: أتفق معك، لكن هذا يحدث عندما يكون هناك نقص في السيولة، أنا أتحدث اليوم عن قطاع نسبة توظيف التمويلات فيه لا تتعدى 50%، ما يعني أن القطاع المصرفي به أموال بالفعل.
لكن التركز يعنى أن هناك مبالغ محدودة ويتم توجيهها بتركز، وبالتالي هذا لا يجوز، بل يجب توزيعها، لكن القطاع المصرفي يوجد به 50% سيولة بالفعل لا يعرف كيف يوظفها.
الفكرة ليست متعلقة بالتمويل، ولكن في خلق بيئة الاستثمار التي تساعد على التمويل. التمويل لا يعني أن البنك سينادي لمنح أموال لأي شخص يطلبها، ولكن لا بد أن يكون هناك مستثمر لتنفيذ تلك الخطوة.
نحتاج إلى بيئة استثمار تساعد على وجود كيانات مؤهلة للتمويل
وبالتالي سنعود مرة أخرى لنفس القصة، وهي: الاستثمار، فهو البداية لكل شيء، ومصر لديها ميزة ليست موجودة في بلدان المنطقة حولها، وهي أن 50% من الأموال جاهزة للاستثمار الفوري، وهذه ميزة كبيرة للغاية.
هناك بنوك في تركيا وصلت نسبة الاقتراض للودائع بها إلى 130%، أي إن هذه البنوك تقترض 30% لكي تقرضها مرة أخرى للعملاء، أما القطاع المصرفي لدينا في مصر يمتلك مساحة تمويلات بنسبة 50% يمكن توظيفها، وهي نسبة كبيرة جدًّا.
بالتالي المشكلة ليست في التمويل ولكن في الاستثمار.. يجب فتح نوافذ للاستثمار وتهيئة المجتمع للاستثمار، وتسهيل الإجراءات وتقديم التسهيلات، وعندما نجد أن لدينا عملاء كثيرين يريدون الاستثمار، والبنوك لا توفر لهم التمويل؛ يمكننا القول حينها أن هناك مشكلة.
رضوى إبراهيم: أعتقد أننا أوفينا الحديث عن جزئية التمويلات.
ريهام الدسوقي: يجب الإشارة هنا إلى أن فكرة التمويل ليست فقط هي حصول العميل على الأموال من البنك؛ لأن هنا يحب العودة لفكرة مواءمة نوعية العميل مع نوعية التمويل، وهذه قصة أخرى.
النقطة المهمة أيضًا هي استخدام أدوات تمويل مختلفة، فمثلًا فيما يتعلق بنشاط التأجير التمويلي، فلا يجب على الشركات اليوم خاصة لو كانت شركة صغيرة أن تشتري معدة أو آلة معينة، فمن الممكن أن تتجه للتأجير التمويلي.
ريهام الدسوقي: أغلبية الـ SME’s لا تدرك كيفية استخدام أدوات التمويل غير المصرفي
كما أن هناك أشخاصًا كثيرين لا يفهمون مسألة التخصيم، وكذلك التوريق، فكل هذه الأدوات للتمويل، لكن القطاع الخاص الصغير أو الأساسي والمتمثل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة SME’s، لا يدرك كيفية استخدام هذه الأدوات، رغم أنها توفر لهم سيولة بدلًا من الحصول على قرض بفائدة 30% خلال الفترة الراهنة.
رضوى إبراهيم: لكن من يتيح هذه الأدوات التمويلية يشتكي أيضًا من ارتفاع سعر الفائدة.
ريهام الدسوقي: يمكنهم الاستفادة من المبادرات، فاليوم يوجد مبادرات بسعر فائدة يدور حول 15 – 16%، لو الشركات تعلم كيفية استخدامها يمكنها الاستفادة منها، وبالتالي المسألة تتعلق بتعليم وتوجيه وتوعية المستثمر، وكذلك توجيه وتوعية مقدم الخدمة التمويلية، فيما يتعلق بكيفية التعامل مع طبيعة المستثمر، فهناك شق لا يتعلق فقط بالتمويل.
ياسمين منير: تقصدين تأهيل الكيانات الاستثمارية كي تستطيع التعامل مع أي مؤسسة أو أداة للتمويل؟
ريهام الدسوقي: بالضبط
أحمد رضوان: أستاذة ريهام، نريد أن نختتم هذا الصالون بتوقعاتك الخاصة بالاقتصاد الكلي خلال الفترة المقبلة، على صعيد المؤشرات الرئيسية كالنمو والتضخم والبطالة، وكذلك السعر المتوقع للفائدة والمدى المرجح له؟
ريهام الدسوقي: قبل الحديث عن التوقعات، لا بد من تقديم توصيات للجنة، لا سيما أن الكثيرين يعولون عليها لتقديم أفكار أسميها «خارج الصندوق»، كي لا يكون الإصلاح «جافًّا»، بل يُوضع في بيئة تناسب البيئة الاجتماعية الموجودة لدينا.
لا يمكننا الاعتماد فقط على الصفقات الضخمة القليلة.. والأفضل الصغيرة والمتوسطة الكثيرة
على سبيل المثال، علينا اليوم العمل على توعية المواطنين وكذلك توعية مسؤولي الدولة لتقريب الفكر، فالدولة اليوم عندما تنفق، تأتي غالبية الإنفاق الحكومي من الضرائب، وبالتالي هذه هي أموال المواطنين ومكتسباتهم ويجب الحفاظ عليها، وتعود عليك –كمواطن- في شكل خدمات.
وبالتالي يجب أن ننشر هذا المفهوم، لأنه أصبح هناك انفصال لدى الكثيرين خاصة في الأجيال الجديدة، ما بين فكرة ما هو دوره كمواطن وما هو حق الدولة عليه، وما هي واجباته؟
فالحماية التي يجب أن تقدمها الدولة في التعليم والصحة وخلافه، يجب على هذه اللجنة أن تأتي بحلول جديدة، قد يكون المسؤولون الحكوميون لم يسعفهم الوقت للتفكير فيها.
كثيرون يعولون على لجان التواصل مع القطاع الخاص لتقديم أفكار «خارج الصندوق»
مثال، نحتاج اليوم إلى توفير أبنية تعليمية مناسبة للطلاب، ونفس الأمر على صعيد المستشفيات، هل من الممكن عمل إعفاء ضريبي لهذه القطاعات؟ وفي حال عدم الرغبة في تقديم إعفاءات ضريبية، لماذا لا أقدم الأرض دون مقابل على سبيل المثال؟ أو جذب القطاع الخاص، وليس بشرط أن يتم ذلك عبر جذب شركات عالمية.
فنحن مشكلتنا مثلًا في العيادات والخدمات الطبية المتوسطة، ويمكن إدخال القطاع الخاص لتقديم هذه الخدمات الصحية بأسعار معقولة وخدمات متوسطة المستوى، لأن اليوم ليست كل الأماكن تقوم بالعمليات الجراحية، ولكن تقدم خدمات طبية عادية.
بالتالي يجب النظر في كيفية حماية المواطن، بجانب تنمية الوعي والإحساس بالمسؤولية المجتمعية وبالحقوق المجتمعية عند مسؤولي الحكومة والمواطنين، فهذا يعد من الأمور المهمة جدًّا.
وضعنا أنفسنا على طريق السليم باتخاذ قرارات جوهرية صحيحة
كذلك تغيير العملة، من الممكن أن نطلب اليوم أن يتم تغيير العملة، فهذا الأمر من شأنه أن يُخرج كل السيولة الموجودة في الدولة، كما أنها ستجبر المواطنين حتى يتمكنوا من الحصول على حقوقهم مرة أخرى، أن يتم ذلك من خلال حساب في البنك، وعليه سأكون قد تمكنت من إخراج السيولة، ورصدها، فضلًا عن رقمنة جميع العمليات التي تمت على أساس نقدي، وبالتالي سينعكس ذلك على الناتج، كما سينعكس في الكشف عن موارد لم نكن نراها من قبل.
وهناك انعكاس آخر متمثل في أن تلك السيولة كانت تدخل في القطاع غير الرسمي، وهو ما يعني أن رؤية هذا الكم من السيولة، وجميع الحسابات المتعلقة بها، من شأنها إتاحة القدرة على تقدير الاقتصاد بحجمه الحقيقي، وإدخال كل الأنشطة التي كانت تعمل بالقطاع غير الرسمي، إلى القطاع الرسمي.
جذب القطاع الخاص المحلي لتوفير عيادات وخدمات طبية متوسطة
كل هذه الأفكار التي تتسم بكونها خارج الصندوق، تعد من متطلبات هذه اللجنة بالتحديد.
أما على صعيد التوقعات، فقد كنت أتحدث اليوم مع أحد الزملاء حول التوقعات التي أعدها للسنوات الخمس القادمة، فهي من أصعب 5 سنوات واجهتها خلال عملي على مدار 30 عامًا.
أحمد رضوان: لكنك وضعت توقعات.. أليس كذلك؟
معدلات التضخم ستتراوح بين 13% و15% خلال العام القادم
ريهام الدسوقي: نعم، ولكن أود أن أوضح شيئًا.. فيما يتعلق بالتضخم، نحن حاليًا نتحدث عن معدلات تتراوح بين 13% و15% خلال العام القادم، وذلك في المتوسط، سواء سنة ميلادية أو مالية.
أحمد رضوان: مع الأخذ في الاعتبار ما سيشهده الوقود والكهرباء.
ريهام الدسوقي: بالضبط، أود التنويه إلى أنه من الممكن وفقًا لمستويات الزيادة التي قد تشهدها الأسعار خلال عملية إعادة هيكلة الدعم، قد يسفر ذلك عن ارتفاع التضخم بنسبة ما، ومن ثم يتراجع.
وبالتالي فيما يتعلق بتغيير أو تخفيض أسعار الفائدة، من التصريحات الصادرة عن البنك المركزي سابقاً، أستشف أنه لا يرغب في القيام بخفض الفائدة ومن ثم رفعها، ثم خفضها مرة أخرى، ثم رفعها، وهكذا.
واستنادًا على ذلك، إذا كنا على علم بأن هناك زيادة في أسعار كهرباء ستحدث في يوليو، وأن هناك زيادة ستنعكس على الأرقام خلال الفترة المقبلة، نتيجة التحرك الذي شهدته أسعار الوقود، هل سأقوم بتخفيض سعر الفائدة يوم الخميس؟ – اللقاء تم قبل الاجتماع الأخير للجنة السياسات بالبنك المركزي-
كما أود الإشارة إلى أننا نعول على العملة الأجنبية الوافدة من الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة.
أحمد رضوان: الأموال الساخنة – Hot money-
ريهام الدسوقي: وذلك في توقيت يشهد تقلبات في الأسواق الخارجية انعكست علينا بالأسواق الداخلية، وعليه فإن فكرة التخفيض مباشرة أعتقد محل شك.
أحمد رضوان: لا نتحدث عن خفض كبير، ولكن كخطوة تعبر عن إتجاه
طارق متولي: تقصد الآن أم حتى نهاية العام؟
أحمد رضوان: كرسالة.
ريهام الدسوقي: من الممكن التخفيض بنسبة 2%، ولكن هل 2% أو 3% ستحدث فارقًا؟
أحمد رضوان: لن تمثل فارقًا، ولكنها في النهاية..
ريهام الدسوقي: أقصد أننا نعلم أنها ستعود للارتفاع مرة أخرى أو سيتم تثبيتها لفترة.
ياسمين منير: تمثل رسالة في الأساس.
أحمد رضوان: يتم تثبيتها لفترة؟
طارق متولي: ستحدث فارقًا في الدين العام، كل 1% له تأثير في الدين العام.
أحمد رضوان: بالتأكيد، ولكنها تقصد حدوث فرق جوهري.
ريهام الدسوقي: ستشكل فارقًا في الدين العام، ولكني أتحدث عن الشق الخاص بتحفيز بيئة الأعمال، لماذا؟.. لأن بيئة الأعمال من الممكن أن تتأثر حال خفض سعر الفائدة بنسبة ما، ولكن المستثمر يعلم أن هناك عوامل ستسفر عن زيادة التكلفة في مرحلة لاحقة، الأمر الذي يتم احتسابه، وعليه لا يتم اتخاذ قرارات توسعية.
رضوى إبراهيم: أحيانًا سيكولوجية المستثمر تحتاج إلى الرسائل التي تحدث عنها أحمد.
ريهام الدسوقي: من الممكن، سواء هذه المرة أو المرة القادمة.
أحمد رضوان: أو حتى من أجل الأموال الساخنة، حيث إنك لن تقرر القيام بخفض كبير بشكل مفاجئ، فتتسبب في خروجها كلها مرة واحدة.
ريهام الدسوقي: هذا صحيح، واستنادًا على ذلك، وفي ضوء التوجه العام الذي يشير إلى حدوث خفض في النصف الثاني من العام، متى بالتحديد؟ هذا سيعتمد على رؤية البنك المركزي المصري.
أحمد رضوان: ما توقعاتك لمعدل الخفض بأسعار الفائدة حتى نهاية العام؟
نتوقع خفض الفائدة بنسبة 5% أو 6% على الأقل خلال العام الجاري
ريهام الدسوقي: 5% أو 6% على الأقل.
أحمد رضوان: جيد.
ريهام الدسوقي: سيكون لديه القدرة على القيام بذلك، هناك أرقام كثيرة غير متاحة لنا كباحثين.
أحمد رضوان: بالتأكيد.
ريهام الدسوقي: أو كخبراء اقتصاديين، فهو يرى أجزاء في الاقتصاد، نحن غير قادرين على رؤيتها، فالفكرة أنه على مستوى الإتاحة، هو قادر على الخفض بمعدل كبير، نظرًا لارتفاع سعر الفائدة بشكل كبير، ولكن هل يرغب في القيام بهذا الخفض خلال هذه الفترة، أم لا، هذا ما سيجيب عنه بالأرقام والمتغيرات الداخلية والخارجية.
أما على صعيد النمو، أرى أننا سنظل في مستوى 4% أو 5%، وهو ما قد نتخطاه وصولًا إلى 5.5% أو 6%، وهذا يعتمد على مدى قدرتنا على زيادة الصادرات، وما إذا كنا سنتمكن من زيادة الاستثمارات، أم لا.
من وجهة نظري، كما ذكرنا خلال حديثنا في الصالون، لا يمكنني الاعتماد على الصفقات الضخمة القليلة، يجب أن نعتمد على الصفقات الصغيرة والمتوسطة الكثيرة، وذلك في قطاعات مختلفة، وأنشطة متنوعة، وهو لن يحدث إلا إذا تم تغيير بيئة الأعمال على مستوى المعاملات والإجراءات، وكذلك على مستوى المعلومات.
أحمد رضوان: شكرًا جزيلًا لحضراتكم، تشرفنا بوجودكم.. هل هناك أي إضافة تودون قولها في ختام اللقاء، أشعر أن كل الأسئلة تقريبًا قد طرحت.
ريهام الدسوقي: اعتقد أننا تطرقنا إلى جميع الجوانب.
طارق متولي: نود أن نختتم حديثنا، بالتأكيد على أن الله في عون كل من يعملون على السياسة المالية والنقدية، حيث إن المتغيرات كثيرة وصعبة بالفعل، وذلك على المستوى الداخلي، وكذلك العالمي، فكمية المتناقضات والمتغيرات أضحت كثيرة للغاية، فضلًا عن كونها تصب في اتجاهات مختلفة بالوقت ذاته عند اتخاذ أي قرار.
على سبيل المثال، إذا تم اتخاذ قرار اليوم بتثبيت سعر الفائدة، يمكنني في الصباح أن أقول لك 5 أو 10 أشياء ضد هذا القرار، وكذلك الأمر إذا تم اتخاذ قرار بتخفيض سعر الفائدة، سأقول لك 5 أو 10 جوانب ضد ذلك القرار، مما يعني أنه لا يوجد قرار صحيح وقرار خاطئ، ولكن الفكرة تكمن في رؤية الصالح العام، أو كما ذكرت الأستاذة ريهام تحديدًا أنه يرى أكثر منا، في ظل رؤيته الأوضح لما سيحدث غدا، فضلًا عن رؤيته لتوقعات الحكومة، من واقع الجلسات التي تجمعه بهم ويعلم من خلالها ما يعتزمون القيام به، إلى جانب رؤية التحركات على المستوى العالمي.
هذا بالإضافة إلى وجود كم كبير من البحوث سواء أمنية، أو سياسية، أو اقتصادية، أو غيرها، تصب لدى صانع القرار وتكشف عن ملامح المرحلة، فضلًا عن المساعي التي تُبذل لجذب استثمارات.
فقد يكون كل ما نقوله غير صحيح، حال وجود خطط لاستقطاب 2 أو 3 صفقات عملاقة تضاهي صفقة رأس الحكمة، الأمر الذي من شأنه إحداث تغييرات كبيرة على مستوى الدولار في مصر، وكذلك تغيير شكل الميزانية في مصر، وأيضًا المديونية، فبالتالي..
رضوى إبراهيم: قد تحسن الوضع، ولكنها لن تغني عما ذكرته الأستاذة ريهام.
طارق متولي: بالطبع.
ريهام الدسوقي: قد تمثل جرعة تنشيطية.
طارق متولي: بالتأكيد الاستدامة تتطلب ما ذكرنا.
رضوى إبراهيم: بالضبط.
طارق متولي: تحقيق استدامة في النمو، وكذلك حتى تحدث استدامة في عدم تعرض الاقتصاد لمشكلة كل 4 أو 5 سنوات، ولكننا نقول إنه من الممكن على المدى القصير، أو أن صانع السياسة النقدية أو المالية قد يكون مُطّلعًا على جوانب لا نراها.
ياسمين منير: بالتأكيد.
طارق متولي: لذا دائمًا نقول، إنهم يرون وفقًا لوجهات نظرهم، أما نحن فنرى الواقع المحيط بنا، ومن واقع خبراتنا، نقوم بتوضيح صورة ربما تكون حقيقية، أو قد يكون قد جانبها الصواب، وهذا ما سيتضح في الأيام القادمة.
ريهام الدسوقي: هل يمكنني أن أختتم حديثي بتعليق؟
أحمد رضوان: بالتأكيد، تفضلي.
التوصيات الصادرة عن صالون حابي ستفيد صانعي القرار في الحكومة
ريهام دسوقي: مشاركتنا في هذا الصالون أمر جيد للغاية، لا سيما في ضوء التوصيات التي أسفرت عنها للجان الاستشارية، وأعتقد أنها ستفيد صانعي القرار في الحكومة بشكل عام.
في اعتقادي، التحدي الأساسي الذي يواجهنا حاليًا يكمن في الوقت، حيث إن فكرة الانتظار لحين اكتمال البرنامج الإصلاحي لأمر ما، قد نجد هذا الانتظار كلفنا أكثر مما قد يحدث إذا تحركنا بخطوة أصغر الآن.
أحمد رضوان: أشعر دومًا أننا لا ننتظر شيئًا محددًا، بل ننتظر صرف الشريحة من صندوق النقد، فدائمًا ما أشعر أن الإجراءات تتزامن وتتركز مع بدء الضغوط والمراجعات.
طارق متولي: هذا ما كنا نتحدث عنه.
ريهام الدسوقي: هذا حاليًا، وقد يحدث من شهر إلى شهر، ولكن نحن نتحدث الآن أننا في عام 2025، نحن في مرحلة تتسم بأن الظروف صعبة للغاية، ولكن في الوقت ذاته، أخيرًا وبعد 60 أو 80 عامًا، تمكنا من وضع أنفسنا على طريق الصحيح، وتم اتخاذ قرارات جوهرية صحيحة، وعليه نحن حاليًا موضع الانطلاق.
ولكن هذا الانطلاق يتطلب المضي قدمًا بسرعة كبيرة جدًّا، واتخاذ قرارات سريعة، وأن نسلك طريقًا مختصرًا، فليس من الضروري، أن نستغرق وقتًا طويلًا في الدراسة، حيث إن هناك أمورًا كثيرة تم دراستها جيدًا، ونحن نعلم ما هو سلبي وإيجابي لهذه الجوانب، ويجب وضع المواطن نصب أعيننا دائمًا.
لذا يتحتم علينا المضي قدمًا، لا سيما أن المستثمر لا ينظر إلينا فقط، ولا يقتصر نظره على منطقتنا، بل ينظر إلى العالم بأسره، وكل الأسواق.
كما أن المستثمر الذي يحذف مصر من حسبانه، يستغرق وقتًا طويلًا للغاية حتى يعود للتفكير في مصر مرة أخرى، والجميع دائمًا ما يكون لديهم انطباع أن مصر تعاني من مشاكل هيكلية، عندما يتم إصلاحها سنعود.
طارق متولي: هذا ما يدعو للخوف، فهذه النقطة هي التي تسير مخاوفنا باستمرار، فنحن دوما نقوم بعمل إصلاحات، وبعدها لا ندري ما يحدث، فبمجرد ما تثمر الإصلاحات عن حل مشاكل سعر الصرف، ويزول الضغط عن الموارد، من ثم نبدأ في التصرف كدولة غنية، وننسى تمامًا ما نحن عليه، وهذا شهدناه في عام 2018، لذا أشير للنقطة التي ذكرتها الأستاذة ريهام الدسوقي.
أحمد رضوان: الفكرة تكمن في أن الأهداف دومًا تكون مرتبطة بهدف مالي.
طارق متولي: من الضروري، أن نكون باستمرار لدينا الرغبة في المواصلة.
ريهام الدسوقي: هدف استكمال الأمر.
طارق متولي: بالطبع علينا الاستكمال والمتابعة، ولكن نرى أنه بعد أن يتم تنفيذ عدة نقاط محددة، نجد احتفاء وتكريمات للمسؤولين، رغم أننا لم نحقق المستهدف بعد.
ما أريد الوصول إليه هو أننا نأمل هذه المرة، وهو ما سيحدث إن شاء الله..
رضوى إبراهيم: الخطط طويلة الأجل تمثل حلًّا لهذا الأمر.
طارق متولي: أتوقع تحسنًا كبيرًا خلال الفترة القادمة، على مستوى سعر الصرف، وخفض سعر الفائدة، كما أن الاقتصاد الكلي سيكون وضعه أفضل، أتمنى أن نواصل، وألا نقف عند هذه النقطة، كما أؤيد الأستاذة ريهام فيما قالته، نظرًا لأهميته الكبيرة.
ياسمين منير: هذه هي الاستدامة التي نتحدث عنها، من خلال إصلاحات هيكلية مستدامة، وبالتالي..
طارق متولي: نحن نتوقف عندما نشعر أننا حققنا شيئًا من التحسن.
ياسمين منير: حتى نقف على أرض صلبة هذه المرة.
ريهام الدسوقي: وأن يتم عمل الأمور التي يكون لها تأثير إيجابي على المواطنين، لأن في النهاية، المواطنون يشعرون أنهم مستمرون في دفع التكلفة، دون أن يكون هناك مقابل.
أحمد رضوان: نود أن يشعر الجميع أن كلمة إصلاح لها مدلول إيجابي.
طارق متولي: أريدكم أن تتفاءلوا، فهذه الدولة لا تزال لديها قدرات كبيرة للغاية، نأمل أن يُحسن استغلالها خلال الفترة القادمة، وسنرى نتائج جيدة.
يجب دائمًا أن نتحلى بنظرة تفاؤلية، فعلى الرغم من كل الذي مررنا به، نجد أننا لم نتخلف عن قسط واحد، وقد سددنا جميع الالتزامات المستحقة علينا، كما أن السلع الموجودة في الأسواق لا تزال متوفرة بشكل كبير، وهو ما لا ينفي وجود بعض المشاكل على مستوى الأسعار.
يجب أن ننظر دائمًا إلى كوننا اقتصادًا قويًّا، يحظى بفرص جيدة، ونحن متفائلون بشكل كبير بالمجموعة الاقتصادية الجديدة خلال الفترة القادمة، حيث نتوقع أن تأخذ البلد إلى مكان آخر، دعونا نتفاءل، ونأمل أن نلتقي مرة أخرى في ظل أوضاع أفضل بكثير.
أحمد رضوان: أشكر حضراتكم، الأستاذة نيفين الطاهري، والأستاذ طارق متولي، والأستاذة ريهام الدسوقي، وزميلتي رضوى إبراهيم، وياسمين منير، وإلى لقاء آخر من صالون حابي.