طرح عدد من الإعلاميين والكتاب رؤيتهم للتسهيلات الضريبية الجديدة التي بدء تفعيلها مؤخرًا.
اضغط للاطلاع على ملحق التسهيلات والحوافز الضريبية

وحظيت الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية بإشادة واسعة من مجتمع الأعمال؛ حيث أبدى رموزه تفاؤلهم بهذا المسار الإيجابي المتطور والمُحفِّز، الذى انتهجه أحمد كجوك وزير المالية، وتحمست له مصلحة الضرائب المصرية، من أجل فتح صفحة جديدة بين المصلحة والممولين، فى إطار من الشراكة الحقيقية القائمة على الحفاظ على كل الحقوق والالتزامات.

بداية محمودة.. تستوجب الدعم
أبدت مصلحة الضرائب الرغبة في تطوير نظامها الضريبي، والتعهد بإدارة حوار مع الأطراف المتنوعة، منطلقة من الواقع، ووضع نظام ضريبى متكامل يحفِّز الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويدعِّم مشروعات ريادة الأعمال، ويحقق العدالة، والتعهد بتخفيف الأعباء الضريبية عن صغار الممولين، وكذلك تخفيف الأعباء عن الشركات الناشئة، والعمل على تيسير الإجراءات؛ مما يعد بداية محمودة تستوجب التأييد والدعم.

عهد جديد
وزارة المالية على عهد جديد فيما يتعلق بعلاقتها بالممولين الضريبيين، وذلك في ضوء إعلانها بدء صفحة جديدة بين مصلحة الضرائب المصرية ومجتمع الأعمال؛ ترتكز على التعامل مع الممول؛ بوصفه شريكًا أصيلًا.

صفحة جديدة
إن حزمة الإصلاحات الضريبية والتسهيلات تفتح الدولة بها صفحة جديدة أمام رواد قطاع الأعمال وكبار التجار والمُصنِّعين والمستثمرين، فيما يتعلق بالاقتصاد والاستثمار، والتى جاءت بعد دراسة جميع التحديات والمعوقات، التى تقف أمام تلك الفئات، خلال الفترة الماضية، ثم تذليلها وإزالتها من أجل تهيئة مناخ الاستثمار.

دفعة قوية
وجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بالتنفيذ الدقيق لحزمة التيسيرات الضريبية، التى أعدتها وزارة المالية؛ لتطوير وتبسيط المنظومة الضريبية بشكل شامل، وتحسين مستوى الخدمات المُقدَّمة للمستثمرين، وهو ما أعلنه السيد وزير المالية في الحزمة، وأكده رئيس مجلس الوزراء، ووجَّه السيد الرئيس بدوره بدقة وسرعة التنفيذ.

خطوة جاذبة
«التسهيلات الضريبية» خطوة جاذبة لدخول عدد من المستثمرين الجدد للسوق المصرية، أخذًا في الاعتبار أن النظام الضريبى المبسط يستهدف ضم أصحاب المشروعات الصغيرة للمنظومة الرسمية؛ بحيث يكونون قادرين على التصدير والتعامل مع الجهات الحكومية بأريحية شديدة.

الضرائب أساس الإدارة الاقتصادية.. ولكن ماذا نعلم عنها؟
كل ما نتحدث عنه فى شئون الاقتصاد له أساس ضريبي: تحفيز الاستثمار، العدالة الاجتماعية، العدالة الجغرافية، التنمية الاقتصادية، التنمية الاجتماعية، الصحة، التعليم، الفن والثقافة، كل هذه القضايا الكبرى تجد تعبيرها العملى فى السياسة الضريبية للبلد، وما تعبر عنه من اختيارات وانحيازات، واعية أو ضمنية.
وسأضرب مثالين على ذلك: الأول في الاستثمار؛ إذ مهما كان حماس الدولة، ورغبتها في زيادة الاستثمار، فإن الواقع الضريبى، وما إذا كان مشجعًا للإنتاج والتشغيل والمخاطرة، أم معاقبًا لها، هو الذى يجعل المناخ مُرحِبًا بالمستثمرين أو طاردًا لهم، والمثال الثانى يتعلق بقضية أشد صعوبة، وهى العدالة الاجتماعية؛ حيث لا يكفى الاعتماد على زيادة الإنفاق الاجتماعى لتضييق الفجوة الكبيرة فى المجتمع؛ لأن الدعم والمنح والمعونات تستهدف الحد من آثار الفقر، ولكنها لا تمنح فرصة الخروج منه، بل يجب أن تصاحبها سياسة ضريبية وسياسة إنفاق عام، تسعيان إلى تحقيق الحراك الاجتماعى المطلوب.
لهذا فإن السياسة الضريبية- وما يرتبط بها من إنفاق عام- هى المدخل السليم لمناقشة الإدارة الاقتصادية، وما إذا كانت تسعى لتحقيق الأهداف، التى يتوافق عليها المجتمع، أم أنها تقدم للناس رؤى وشعارات نظرية، ثم تنتهى بنتائج مختلفة تمامًا.
يشجعنى على الخوض في هذا الموضوع ما أتابعه من مبادرات ضريبية مهمة، أطلقتها وزارة المالية خلال الأسابيع الأخيرة، وعلى رأسها تيسير المعاملة الضريبية للمشروعات الصغيرة، والتصالح مع الأوضاع غير المقننة، وتسهيل تقديم الإقرارات، وإطلاق حملة إعلامية لتحفيز الناس على التعامل مع مصلحة الضرائب بشفافية أكبر. كما أتابع اهتمام السيد وزير المالية والمجموعة المحيطة به؛ للتأكيد أن الهدف ليس مجرد زيادة الحصيلة الضريبية (وهو هدف مشروع تمامًا)، وإنما أيضًا إعادة الثقة بين الممولين والدولة.
ولمعرفتي الجيدة بشخصية وكفاءة الوزير والمجموعة المحيطة به، عبر سنوات طويلة من العمل الحكومى، فإن عندى يقينًا فى صدقه وحماسه ورغبته في بناء هذه الثقة.
ولكن الحقيقة أن الموضوع «كبير جدًا»، وأكبر بكثير من تيسير الإجراءات، وتسهيل الإقرارات، بل وراءه تراث هائل وعقود، وربما قرون، من التوجس والملاحقة من جهة، ومن التهرب والتستر من جهة أخرى، إلى حد أننى لا أظن أن تعبير «إعادة الثقة» في محله؛ لأنها ثقة لا أتصور أنها كانت موجودة ثم ضاعت، وهذا ما يجعل مهمة بناء الثقة، التى يستهدفها السيد الوزير أكثر صعوبة وتعقيدًا، وما يجعلها جديرة بالاحترام والتشجيع.
اسمحوا لى إذًا أن أستغل هذه المساحة الصحفية المحدودة؛ لفتح باب للحوار حول موضوع السياسة الضريبية والإنفاق العام. وغرضى ليس القفز إلى نتائج مسبقة وآراء جاهزة، بل البدء بتوفير المعلومات الأساسية حول هذا الموضوع، الذى قد يبدو لغير المتخصصين «مغارة سرية» مغلقة على مَن يملكون مفاتيحها ويعلمون طلاسمها، ولكنه فى الحقيقة بسيط؛ لأنه يتعلق بما ندفعه نحن المواطنين للدولة، وما نحصل عليه من مقابل.
فلنبدأ إذًا هذه الرحلة معًا.. وسأتناول الأسبوع المقبل وصفًا لموارد الدولة الضريبية.