في رابع حلقات الموسم الثاني من حابي بودكاست: كونكريت بلس.. شهية مفتوحة وخطة متوازنة للتوسع الخارجي

طارق يوسف: خفض الفائدة لأقل من 20% ينعكس بالإيجاب على التوسعات الاستثمارية

وسط اهتمام لافت في السنوات الأخيرة بقطاعات الاقتصاد الحقيقي، والتي يقع من بينها الصناعة والمقاولات.. استضاف حابي بودكاست في الحلقة الرابعة من الموسم الثاني من برنامج الرحلة، المهندس طارق يوسف المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونكريت بلس.

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

شهد الحوار مناقشة واسعة للتحولات والتغيرات الطارئة على الساحة الاقتصادية المصرية مؤخرًا، ومن أبرزها بدء دورة التيسير النقدي، وخفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة في اجتماعين متتاليين بعد فترة تقييد استمرت لنحو 3 أعوام، بجانب الحلول التي تسعى الحكومة لتقديمها للقطاع الخاص للتغلب على معوقات وأعباء الاستثمار، ومدى تأثيرها على شهية المستثمرين وتعزيز تنافسية مصر ضمن أسواق المنطقة.

Zaldi-06-2025

وناقش الحوار التحديات التي تواجه صناعة المقاولات بالسوق المحلية، خاصة مع كل عملية تحرير لسعر الصرف وما ينتج عنها من مشكلات في صرف مستحقات المقاولين.

كما شهد اللقاء حديثًا موسعًا عن خطط الشركة وأذرعها الاستثمارية التوسعية داخليًّا وخارجيًّا، والذي كشف عن خطة طموح مدروسة للتوسع في الأسواق العربية والخليجية والإفريقية، تتبنى منهج التأني والتدرج نظرًا لضخامة المشروعات وضرورة تناسب خطوات التوسع مع الإمكانيات المالية، وخاصة قدرة البنوك والمؤسسات المالية على التمويل، وأيضًا النموذج الذي تسعى الشركة للوصول إليه في إيراداتها واستهداف الوصول بحجم محفظة الأعمال بالأسواق الخارجية إلى 70%.. وإلى نص اللقاء.

تابعنا على | Linkedin | instagram

كونكريت بلس تدرس توسعات جديدة
المهندس طارق يوسف مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونكريت بلس

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من برنامج حابي بودكاست، اليوم معنا رحلة جديدة يشرفنا خلالها المهندس طارق يوسف المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونكريت بلس، أهلًا وسهلًا بحضرتك.

م. طارق يوسف: أهلًا وسهًلا بكم.

أحمد رضوان: أُرحب بزميلتي ياسمين منير مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي وزميلتي رضوى إبراهيم مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي.

نبدأ بأهم متغير طرأ خلال الفترة الأخيرة والمرتبط ببيئة الأعمال والاستثمار، وهو خفض سعر الفائدة، كيف قرأت الخفض على مستوى التمويل وبيئة الاقتصاد الكلي؟ وهل فتح شهيتك التمويلية أم تفضل الانتظار بعض الوقت لترى الصورة بشكل أوضح؟

م. طارق يوسف: بالطبع خفض سعر الفائدة إيجابي للغاية. ولقد أكدت في المؤتمر السنوي الأخير لجريدة حابي، ضرورة خفض الفائدة بشكل كبير، وقد تكون رؤيتي على عكس الكثير من النظرات الاقتصادية، حيث أرى أن رفع الفائدة في مصر لا يكبح التضخم كما يقولون، لأسباب كثيرة جدًّا متعلقة بأن المنهج المتبع في السوق هو إضافة أعباء الفائدة على التكلفة أو المكون.

في الحقيقة رفع الفائدة لا يخفض الأسعار، فضلًا عن أنه يقلل فرص خلق آفاق استثمارية جديدة، وحتى بعد خفض الفائدة إلى 24% أرى أن هذا الرقم كبير جدا، بالإضافة إلى أن هناك أعباء أخرى مضافة تدور بين 1 إلى 1.5%، ليصل سعر الفائدة النهائي إلى 25 – 26% وهذه الأرقام كبيرة جدًّا.

عائدات الاستثمار الصناعي لا تسمح بتحمل 26% فائدة

أي مستثمر جديد يرغب اليوم في الاقتراض بالجنيه المصري سيفكر في ذلك مرارًا وتكرارًا قبل أن يبدأ مشروعه. ويتزامن ذلك مع توجه الدولة إلى الاستثمار الصناعي، رغم أن مكاسب الصناعات لا تسمح بتحمل فائدة 25 أو 26%.

تسريع خفض الفائدة يصب في مصلحة بيئة الأعمال ككل في مصر، وفي الوقت نفسه أُؤكد أن البنك المركزي يدير هذا الملف بجدارة عالية.

وأتمنى من الآن وحتى آخر العام الجاري أن يتم تخفيض سعر الفائدة لنكسر حاجز الـ 20% إلى أقل من ذلك، نظرًا لأن أي مستثمر يرغب في توسيع استثماراته في قطاعات جديدة يواجه معضلة أساسية وهي سعر الفائدة.

ياسمين منير: هل ترى أن المبادرات التمويلية ذات الفائدة المميزة، عالجت نسبيًّا هذا الأمر؟

م. طارق يوسف: المبادرات التمويلية عالجت بالفعل هذا الأمر ولكن تم إيقافها ونقلها من البنك المركزي إلى وزارة المالية، والمبادرات المعلنة حاليًا قليلة جدًّا، وقد تكون آخر مبادرة تم الإعلان عنها مؤخرًا هي مبادرة القطاع السياحي، على عكس السابق حيث كان هناك أكثر من مبادرة للقطاع الصناعي وقطاع المقاولات.

وفي الحقيقة لا أرى أن المبادرات التمويلية حل لكل مشاكل الاقتصاد، في ظل وضع سقف معين للإتاحات التمويلية لكل شركة من إجمالي المبادرة، وهو ما يجعلها غير مجدية خاصة أن التكلفة الاستثمارية للمشاريع باتت مليارية.

رضوى إبراهيم: هل ترى أن الأزمة الحقيقية تكمن في سعر الفائدة فقط؟ لأنني أتذكر منذ سنوات كنا نسمع شكاوى من مجتمع الأعمال لها علاقة بفرص الحصول على التمويل المصرفي، وقواعد التركز والشروط والقدرة على التوافق معها وسهولة الحصول على التمويل المصرفي بشكل عام؛ فهذا السؤال نطرحه دائما في استبيان جريدة حابي السنوي؟

م. طارق يوسف: إذا كان هناك حل سهل لتحقيق مكاسب مالية فلماذا أذهب إلى الحل الصعب حينها؟. الفكرة كلها تكمن في أن هناك كثيرين لا يعرفون كيف يستثمرون أموالهم بأنفسهم، فيلجأون إلى الادخار بالبنوك، ومن ثم تقوم البنوك بإقراض المستثمرين هذه الأموال، إذ إن الفكرة كلها تكمن في تحرك الاقتصاد بشكل أسرع.

وسأطرح سؤالًا حول ما هو الفارق بين أن السوق في ركود أو أنه في حالة من الاقتصاد المزدهر؟.. أرى أن كل الفارق يكمن في سرعة دوران رأس المال.

ومن المفترض أن يكون هناك دور فعال للبنوك في سرعة دورة رأس المال، من خلال إعادة تدوير أموال الناس التي لا تستطيع الاستثمار لظروفها أو لإمكانياتها أو لعدم امتلاكها سابقة الخبرة اللازمة، في صورة قروض إلى المستثمرين الذين يتحملون المخاطرة ويرغبون في الاستثمار، وهو ما يجعل الاقتصاد يدور بشكل أسرع.

أمر آخر مهم، وهو أن البنك يوظف 60 أو 70% من أمواله لشراء أذون خزانة، و17% كحجم تمويل للقطاع الخاص، ووجود احتياطي بأكثر من 50% ويعتبر هو الأعلى من أي دولة في العالم، مع عدم استغلاله، ولذلك يوجد تباطؤ في سرعة دورة رأس المال.

أحمد رضوان: القطاع المصرفي يقول إن القطاع الخاص إذا وفر فرصا جاذبة للتمويل، ستشارك فيها البنوك بالتأكيد، فهذا جدال تاريخي.

م. طارق يوسف: أرى أن جملة «فرص جيدة» مطاطية جدًّا، وقد أرى أن فرصة ما جيدة وفي المقابل البنك لا يراها، كذلك من الذي يحدد جاذبية الفرص من عدمها؟

رضوى إبراهيم: أقصد هنا في حال عادت الفائدة إلى معدلات مقبولة وفي ضوء معطيات التضخم والتغير الذي طرأ على العالم كله، فما هي الأزمة الثانية التي سنسمع مجتمع الأعمال يطالب بحلها حتى يحصل على التمويل المصرفي بشكل سلس؟

م. طارق يوسف: أبرز أزمة مسيطرة حاليًا هي تمويل القطاع الخاص بشكل سريع، بجانب ضرورة توفير أدوات جديدة، وفي حقيقة الأمر لا أفهم لماذا لا يوجد تمويل للاستحواذات، في حين أن المستثمر قرر أن يتحمل مخاطرة الاستحواذ، فلماذا لا تموله البنوك طالما المشروع قوي.

تمويل البنوك عمليات الاستحواذات سيخلق «آفاقًا رهيبة» للاستثمار في شركات قطاع الأعمال

وأرى أن البنوك إذا موّلت عمليات الاستحواذات ستخلق «آفاقًا رهيبة» أمام المستثمرين للاستثمار في شركات قطاع الأعمال العام. طالما المشكلة في الـ Equity فلماذا لا توفر البنوك آلية لتمويل الاستحواذات؟ وفي الحقيقة لا أعرف لماذا تمنع مصر التمويل للاستحوذات في حين أن كل البنوك في العالم تمول الاستحواذات طالما كانت هناك فرصة جيدة.

من المهم أيضًا ألا نظل في حالة من الخوف جراء مشاكل وقعت بالبنوك في أوقات سابقة، نظرًا لأنه عندما حدث ذلك كانت القواعد المنظمة للقطاع عشوائية، ومع قدوم فاروق العقدة محافظ البنك المركزي الأسبق تم العمل على إصلاح النظام المصرفي، وأصبح هناك نظام مصرفي قوي جدا.

ولذلك أرى ضرورة قصوى للسماح للبنوك بإصدار أدوات جديدة وطمأنة القطاع المصرفي، لأنه لا يتعين أن نحصر أنفسنا في عام 2002 وعدم الخوف من تكرار هذه المشاكل.

أحمد رضوان: بناء على هذه الصورة التي تحدثت عنها ما هي طبيعة خططك التمويلية على مستوى الاستثمارات التي تشارك فيها الآن ومنها مصنع الإطارات؟

م. طارق يوسف: يُعتبر مصنع الإطارات هو أكثر مشروع يحتاج إلى تمويل خلال الفترة المقبلة، ولدينا مخطط تمويلي في ظل سعر الفائدة المرتفعة يرتكز على التوجه إلى البنوك التنموية الأجنبية، نظرًا لأننا نستهدف تصدير 50% من إنتاج المصنع.

قدمنا على قرض تنموي بقيمة 300 مليون يورو لإنجاز أعمال مصنع الإطارات

أحمد رضوان: كم تمثل من التكلفة الاستثمارية تقريبًا؟

م. طارق يوسف: تكلفة المرحلة الأولى من المشروع بنحو 400 مليون يورو تقريبًا وسنقترض منهم 300 مليون يورو، ولكن يتعين الاقتراض باليورو لأنه إذا تم الاقتراض بالجنيه حاليًا فهل لك أن تتخيل الفارق بين الأرقام؟!

وأوضح أننا كنا لا نتلقى ردودًا من الجهات التمويلية الخارجية، لصعوبة عمل دراسات جدوى لتسعير الدولار، بغض الطرف عن أن مستهدفات التصدير تُقدر بنحو 50 أو 60% من الإنتاج، إلا أننا بعد هذه المرحلة قطعنا شوطًا كبيرًا مع أكثر من بنك أجنبي.

أحمد رضوان: هل تم الاتفاق مع وكيل للتمويل؟

م. طارق يوسف: لا يوجد وكيل للتمويل، وإنما نعمل مباشرة عن طريق إدارتنا المالية مع بنكين أجنبيين تنمويين. ولقد أحرزنا تقدمًا ملوسًا للغاية للحصول على فائدة ملائمة.

أحمد رضوان: المصنع تُقدر تكلفته الاستثمارية بمليار يورو تقريبًا؟

م. طارق يوسف: نعم التكلفة الإجمالية لمختلف مراحل المشروع تُقدر بمليار يورو، وتُقدر تكلفة المرحلة الأولى بنحو 400 مليون يورو، ومن ثم المرحلة الثانية بنحو 300 مليون يورو، ليصل إجمالي استثمارات المراحل إلى مليار يورو وفق خطة طموح على مدى 5 إلى 6 سنوات، ومن المستهدف تمويل جزء من هذه الاستثمارات من خلال عائدات تشغيل المرحلة الأولى ومن ثم التحرك على المرحلة الثانية.

ياسمين منير: بعيدًا عن جزئية سعر الفائدة أو التمويل المصرفي أعتقد أن هذا العامل لا يعتبر العائق الرئيسي في رواج بيئة الاستثمار بشكل عام.

م. طارق يوسف: بالتأكيد أحد العوائق ولكن لا يعتبر العائق الرئيسي.

ياسمين منير: بالضبط.. لقد سمعنا وزيري المالية والاستثمار والتجارة الخارجية يتحدثان خلال الفترة الأخيرة عن تعدد الأعباء، وأنه بات هناك توجه لتطبيق ضريبة مقطوعة بدلًا من كل الرسوم الأخرى، فما هو تقديرك للعوائق الأخرى التي من الممكن أن تواجه بيئة الاستثمار؟

الضريبة المقطوعة فكرة هائلة تصب في صالح المستثمر المصري والأجنبي

م. طارق يوسف: أرى أن الضريبة المقتطعة فكرة هائلة، نظرًا لأنه كلما تم تقليل جهات التعامل وتلخصيها في جهة موحدة للمستثمر، سواء الأجنبي أو المصري، كلما ادخرنا وقتًا، نظرًا لأن المشكلة ليست في الأموال فقط، وإنما في عامل الوقت أيضًا لأنه يؤدي إلى ضرورة تعيين إدارة تنظيمية لحل المشاكل التي تطرأ.

وأي شركة كبيرة لديها عدد واسع من القطاعات، ومنها: قطاع للضرائب وقطاع للتأمينات وقطاع للقوى العاملة، وهو ما يفرض صعوبة في التعامل بين هذه القطاعات، ولذلك يتعين توحيد إجراءات التعامل مع القطاعات المختلفة في إطار سهل.

وفي الواقع لدينا أمثلة واضحة وصريحة لدول في المنطقة وضعت نموذجًا سهلًا جدًّا. وأرى أن الإمارات سبقت بقية دول المنطقة كلها في بيئة العمل، وأيضًا السعودية فأغلب المعاملات التي تتم فيها تكون عن طريق المنصات الإلكترونية، مع عدم التعامل المباشر مع العنصر البشري، وأشير إلى أن شركتي لها ذراع في الرياض.

المهندس طارق يوسف مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونكريت بلس

ياسمين منير: ما هو تقديرك لهذه الأعباء إذا تمت ترجمتها في ضريبة مقطوعة.. كم تكون نسبتها المقبولة؟

م. طارق يوسف: الواقع بعيد عن ضريبة الدخل ولكن هل الأعباء المقتطعة سيكون من ضمنها التأمينات أم لا؟

أحمد رضوان: لا، الحكومة تتحدث عن كل الرسوم والأعباء غير الضريبية فقط.

م. طارق يوسف: لا أستطيع أن أقول نسبة محددة لأن في الحقيقة الأمر مختلف على حسب كل جهة، نظرًا لأن هناك جهات تُحصل رسم الدمغة في حين أن هناك جهات أخرى لم تحصله.

ياسمين منير: كم هي النسبة التي ترغب فيها؟

طارق يوسف: أرغب في أن تكون صفرًا في ظل الظروف الراهنة.

أحمد رضوان: هل إذا أقرتها الحكومة بنسبة 1% ستكون ملائمة؟

طارق يوسف: بالتأكيد 1% نسبة ملائمة وأتمنى ذلك، مع توحيد كل الأعباء في ضريبة واحدة.

رضوى إبراهيم: أسواق الخليج من الدول التي تمتلك فوائض في حين أن مصر تراهن على جذب هذه الفوائض، ومؤخرًا بدأ يحدث تحول في الخليج، من اعتمادهم على الصناعات الإستخراجية إلى تنويع مصادر الاقتصاد، وتطور الوضع لدرجة أن الشركات المصرية أصبحت تتوسع في أسواق الخليج بقطاعات كثيرة، كيف تُقيم شكل المنافسة ما بين السوق المصرية وأسواق الخليج؟ وهل لديك خطط للتوسع في هذه الأسواق؟

م. طارق يوسف: هذا السؤال عميق جدًّا، ولكن لا أراها في إطار المنافسة، وبصراحة شديدة أرى أنها قد تكون في إطار التكامل بين مصر والخليج، في ظل ظروفنا المختلفة والتنوع الموجود فيما بيننا، وأشير هنا إلى الانفتاح اللافت الذي حدث مؤخرًا في السوق السعودية على سبيل المثال.

لا توجد منافسة بين مصر والسعودية ويربطهما الدور التكاملي

لا أستطيع القول إن السوق المصرية تنافس السوق السعودية، مع وجود 4 إلى 5 ملايين عاملين مصريين في الرياض. ولذلك أرى أننا جزء ومكون أساسي في السوق السعودية، سواء في صورة أشخاص يعملون في شركات سعودية، أو شركات دخلت السوق السعودية، فبالتأكيد نحن مكون أساسي في التنمية والانفتاح السعودي، وهذا نوع من التكامل البحت.

أحمد رضوان: بالتأكيد في بعض الأوقات حتى الأهداف المتعارضة من الممكن أن يحدث فيها مصالح مشتركة، لكننا نتحدث هنا عن فوائض خارجية تبحث عن سوق واحد وأن أي مستثمر أجنبي يرغب في إقامة مصنع رخام على سبيل المثال، فبالتأكيد سيبحث عن البيئة الغنية بالمواد الخام، وأيضًا سيفضل السوق التي تتمتع بمرونة في ممارسة الأعمال وسهولة الإجراءات؟

م. طارق يوسف: أنت ترغب أن تأخذها في هذا الإطار، ولكن مصر تمتلك مميزات وأيضًا السعودية، أما مزايا السوق المحلية فتتلخص في توافر الأيدي العاملة بكل طبقاتها، وبأسعار تنافسية بالمقارنة مع باقي الدول.

أحمد رضوان: ولكن من الممكن أن يتم أخذ العامل المصري إلى السعودية.

م. طارق يوسف: بالتأكيد ولكن سعره سيكون مرتفعًا 4 مرات في السعودية، وبالتالي تكلفة الإنتاج في مصر أقل بكثير من السعودية.

وأشير هنا إلى أمر مهم، وهو أننا نعمل حاليًا على الانتهاء من مصنع على غرار يازاكي لشركة يابانية للضفائر في الفيوم، وتقوم شركة كونكريت بلس بأعمال المقاول للمشروع، وأود أن أُنبه إلى أن الشركة اليابانية نقلت أعمالها من تركيا إلى مصر بدعم من تنافسية تكلفة الأيدى العاملة في القاهرة مقابل أنقرة، خاصة أن الأخيرة ترفع الحد الأدنى للأجور بشكل متكرر.

ولذلك مصر تتمتع بعدد من المزايا النسبية بشكل كبير، بالمقارنة مع الدول الأخرى ومنها: الأسعار التنافسية للأيدي العاملة والطاقة، بجانب أن أسعار الأراضي الصناعية جيدة.

ولدينا ميزة أخرى مؤثرة يتعين الاعتراف بها بخلاف أن كل المزايا بالطبع هي منح ربانية، وفي الحقيقة هي أن مصر تمتلك بنية تحتية قوية جدا، وخاصة في السنوات الأخيرة. وفي الواقع أرى ان البنية التحتية في مصر أقوى من دول كثيرة، وذلك على مستوى الكهرباء والمياه والموانئ وشبكة الطرق، بالرغم من أن إجمالي الإمكانيات المالية لهذه الدول يعتبر أعلى، ولكن التطوير الحاصل في البنية التحتية بمصر خلال الفترة الأخيرة أحدث فارقًا كبيرًا.

رضوى إبراهيم: هذا كله ما تتميز به مصر بالفعل أو تتفوق به على الدول الأخرى، ولكن إذا أردنا ذكر ما سبقتنا إليه الدول الأخرى حتى نستطيع التعلم منه أو نستطيع تطبيقه في خطوات بسيطة لنحصل على العلامة الكاملة؟

بيئة الأعمال في مصر تتطلب سهولة الإجراءات في ظل التقدم التكنولوجي الكبير في الخليج

م. طارق يوسف: الموضوع يتطلب وجود سهولة في الإجراءات، خاصة وأن الدول الأخرى بات لديها تقدم كبير جدًّا في التكنولوجيا، وهو ما أدى إلى عدم الحاجة للتعامل المباشر مع العنصر البشري، وأصبح أي مستثمر يستطيع تأسيس شركته على منصات المناقصات، ولذلك فإن حجم التفاعل مع الموظفين سواء في السعودية أو في الإمارات قليل جدًّا، وهو ما منحهم ميزة تنافسية في هذا الإطار، وبالطبع هذه النقطة تؤثر في الأساس على جودة بيئة العمل.

رضوى إبراهيم: نرغب في التعرف على خطط شركة Concrete Plus للتوسع في أسواق المنطقة بشكل عام، وليس في دول الخليج فقط. كما نود معرفة ما إذا كانت لدى المهندس طارق يوسف خطط خاصة خارج إطار Concrete Plus في هذه الأسواق؟

م. طارق يوسف: أود أن أوضح أنني لا أتحرك بشكل فردي، وإنما أعمل دائمًا من خلال كيانات مؤسسية. تحركاتي تتم من خلال شركات مثل Concrete Plus، ومجموعتنا الأخرى T&D Design، إلى جانب وجودي في Act Financial، وأيضًا شركة Rolling Plus، وهي مملوكة بالكامل لـ Concrete Plus. لذلك، أنا دائمًا أتحرك من خلال منظومة مؤسسية، وليس بمبادرات شخصية.

أحمد رضوان: إذن، نحن نتحدث عن أربع شركات لديها توسعات حالية أو مستقبلية؟

م. طارق يوسف: نعم، هناك بالفعل توسعات في بعض هذه الشركات، لكن من ناحيتي، التوسع يتم دائمًا ضمن إطار مؤسسي منظم.

نُخطط للتوسع في السعودية بمشروعين فندقيين جديدين باستثمارات تقارب 500 مليون ريال

بالنسبة لـ Concrete Plus تحديدًا، كونها الكيان الأكبر لدينا، فنحن حاليًا متواجدون في السوق السعودية، ونتعامل معها بحذر مدروس. وذلك لأسباب تتعلق بالتمويل من جهة، وبناء سجل أعمال موثوق من جهة أخرى.

وقد حصلنا بالفعل على أول مشروع لنا في منطقة الدرعية، وهو مشروع فندقي تصل قيمته إلى نحو 200 مليون ريال سعودي. بدأنا العمل فيه منذ أكثر من ثلاثة إلى أربعة أشهر، ونقوم حاليًا بدراسة مشروعين آخرين في القطاع نفسه.

رضوى إبراهيم: هل المشروعان الآخران أيضًا في مجال الفنادق؟

م. طارق يوسف: نعم، المشروعان يندرجان ضمن قطاع الفنادق.

رضوى إبراهيم: ما حجم الاستثمارات المتوقعة للمشروعين؟

م. طارق يوسف: التقديرات تشير إلى أن حجم الاستثمارات قد يصل إلى نحو 500 مليون ريال سعودي.

رضوى إبراهيم: هل تعملون في السوق السعودية من خلال شراكة مع شركة محلية؟

م. طارق يوسف: نحن في الوقت الحالي نعمل بمفردنا. شركة Concrete Plus السعودية هي شركة مملوكة بالكامل لشركة Concrete Plus مصر. لكننا نتعاون مع عدد من المجموعات داخل السوق السعودية، وأبرز هذه المجموعات هي مجموعة موكو بقيادة د. محمد مؤنس، وتُعد الشريك الأكثر تعاونًا معنا حاليًا، ونحن نعتمد عليهم بشكل كبير في بعض جوانب التنفيذ.

ياسمين منير: هل لديكم نية للتوسع داخل السوق السعودية في مجالات أخرى بخلاف قطاع المقاولات؟

FM Plus الأقرب للتوسع في السعودية بعد المقاولات بفضل قاعدة عملائها القوية

م. طارق يوسف: في الوقت الحالي، القطاع الثاني الذي ندرس الدخول إليه في المملكة هو قطاع إدارة المرافق، وذلك من خلال شركة FM Plus، وهي إحدى الشركات التابعة لمجموعةConcrete Plus . أعتقد أن الشركة حققت نجاحًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس أو الست الماضية، إذ تمكنّا من بناء سجل أعمال قوي مع مجموعة من كبار العملاء. من أبرزهم شركة إعمار، حيث نتولى إدارة مشروع مراسي، كما حصلنا على عقد إدارة الجامعة الأمريكية بالقاهرة لمدة ثلاث سنوات.

نحن نركز في هذه الشركة على تقديم خدمات إدارة مرافق بمستوى راقٍ جدًّا، ونستهدف بشكل واضح شريحة العملاء ذوي القيمة العالية High-End Clients ومن بين عملائنا أيضًا مجموعة الحكير، حيث ندير مشروعي ديستركت 5 وMall of Arabia وبالتالي أرى أن FM Plus هي أكثر الشركات المؤهلة بعد شركة المقاولات للتوسع في السوق السعودية، بناءً على طبيعة خدماتها وسابقة أعمالها.

رضوى إبراهيم: بخلاف المملكة العربية السعودية، ما هي الأسواق الأخرى المدرجة ضمن خطة التوسع الخارجي للمجموعة؟

م. طارق يوسف: نحن متواجدون بالفعل في سلطنة عُمان منذ أكثر من عامين، ونقوم هناك بتطوير مشروع مركز تجاري (مول). أما ليبيا، فهي سوق نتابع تطوراته عن كثب. ورغم أننا لا نمتلك حتى الآن تواجدًا فعليًّا على الأرض هناك، إلا أننا في مرحلة متقدمة جدًّا من المفاوضات، ونوشك على توقيع عدد من العقود.

مستهدفاتنا في تنزانيا تشمل مشروع بنية تحتية.. والتوقيع الرسمي قريب جدًّا

كذلك، لدينا وجود حالي في جمهورية تنزانيا، حيث اقتربنا من توقيع عقد لتنفيذ مشروع في مجال البنية التحتية، ويمكن القول إن التوقيع بات وشيكًا للغاية.

رضوى إبراهيم: هل العراق ضمن الأسواق المستهدفة على الردار؟

م. طارق يوسف: نعم، العراق ضمن الأسواق الموضوعة على الرادار الإستراتيجي للمجموعة.

رضوى إبراهيم: وإذا تم الدخول إلى السوق العراقية، فما هو القطاع الذي سيكون بوابة الدخول؟

م. طارق يوسف: تلقينا دعوات بالفعل في قطاع المستشفيات، وهو قطاع نمتلك فيه خبرة قوية داخل السوق المصرية. الجانب العراقي لديه حاليًا برنامج ضخم لتطوير المستشفيات، وقد تواصلوا معنا وتم اعتمادنا رسميًّا، وشاركنا في تسعير مستشفيين هناك. صحيح أننا لم نكن العرض الأقل سعرًا، لكننا نتابع القطاع باهتمام، وهو المحور الأساسي الذي نركّز عليه في العراق حاليًا.

نسعى للحصول على عقود مستشفيات في العراق خلال 2025 بعد اعتمادنا كمقاول مؤهل

رضوى إبراهيم: هل يمكن القول إن تنفيذ هذه المشاريع سيكون خلال هذا العام أم في فترة لاحقة؟

م. طارق يوسف: من المفترض أن يتم الأمر خلال العام الجاري. نأمل أن نحصل على مشروع مستشفى واحد على الأقل، وربما اثنان، في العراق خلال هذا العام، إن شاء الله.

ياسمين منير: وماذا عن الإمارات؟ هل فكّرتم في دخول هذه السوق؟

طارق يوسف: الإمارات ليست ضمن أولوياتنا حاليًا، أو يمكن أن نقول ليست «على الرادار» بشكل جدي في هذه المرحلة. من وجهة نظري الشخصية، السوق الإماراتية تتميّز بتنافسية عالية جدًّا، وهي مكتظة بشركات المقاولات، سواء المحلية أو العالمية. حتى الشركات التي خرجت من مصر باتجاه الإمارات، كانت في الغالب مدفوعة بفرص محددة ومرتبطة بعلاقات مباشرة.

سوق الإمارات شديدة التنافسية.. والتواجد فيها مرهون بفرص محددة وعلاقات مباشرة

شخصيًّا، سبق لي العمل في السوق الإماراتية، وأعرف طبيعتها جيدًا. من وجهة نظري، دولة الإمارات تُعد الأكثر تقدمًا من حيث بيئة الأعمال في المنطقة، وهو ما يجعلها بيئة جاذبة للعالم كله. لذا، عندما تدخل السوق هناك، فأنت لا تنافس محليًّا فقط، بل تواجه منافسة عالمية شديدة.

رضوى إبراهيم: هل يمكن القول إن المنافسة هناك مفتوحة على مصراعيها؟

م. طارق يوسف: نعم، المنافسة هناك شرسة للغاية. ولذلك فإن فرص الدخول لا تكون عامة، بل تعتمد غالبًا على وجود فرصة محددة أو علاقة معينة. كما حدث مع بعض الشركات التي حصلت على مشاريع هناك من خلال شركاء سابقين أو علاقات عمل، فإذا توفرت لنا فرصة مماثلة، فلن نرفضها بالتأكيد.

أحمد رضوان: باتت سلطنة عمان خلال الأيام الماضية نموذجًا مترددًا في الأحاديث، خصوصًا بعد ما شهدناه مع مجموعتي طلعت مصطفى وصبور.

مشروع مدينة السلطان هيثم نقطة جذب مركزية لجميع المطورين العقاريين

م. طارق يوسف: نحن نعرف هذا المشروع جيدًا، إذ كنا متواجدين في سلطنة عمان قبل دخول هذه الشركات كمقاولين. وقد التقيت هناك بالمهندس أحمد واطلعت على مشروعهم. جميعهم متجهون نحو مشروع مدينة السلطان هيثم، حيث تقوم الحكومة بتخصيص أراضٍ لهذا المشروع. النموذج التنموي الذي تشهده سوق العقارات في سلطنة عمان مؤخرًا تطور بشكل ملحوظ، ويعكس تفكيرًا جديدًا ومختلفًا.

رضوى إبراهيم:ذكرت تنزانيا، فهل هناك أسواق إفريقية أخرى ضمن خطة التوسع الخاصة بكم؟

م. طارق يوسف: نعم، هناك أسواق أخرى ندرسها، لكننا في الوقت الحالي نتحفظ قليلًا على التوسع السريع، نظرًا لأن المشاريع التي وقعنا عليها بين تنزانيا وليبيا والسعودية تُعد مشاريع ضخمة وتتطلب موارد كبيرة.

قمنا بدراسة فرص في أوغندا ورواندا، لكن مع التوسع الخارجي لا بد من مراعاة الإمكانيات المالية، وخاصة قدرة البنوك والمؤسسات المالية على التمويل والدعم.

المشاريع الموقعة في تنزانيا وليبيا والسعودية ضخمة وتستوجب التريث قبل التوسع في أسواق جديدة

هذه المشاريع كبيرة ولا يمكننا فتح جميع الأسواق دفعة واحدة. نحن بدأنا التوسع الخارجي منذ حوالي سنة أو سنة ونصف، لذا نفضل التدرج في الخطوات. المشاريع التي وقعنا عليها في تنزانيا وليبيا إذا ما أُنجزت بنجاح، سنأخذ بعض الوقت للتقييم والتوازن قبل المضي قدمًا في مراحل أخرى.

ياسمين منير: بالنسبة لمحفظة الأسواق الخارجية، هل تستطيع تقدير النسبة التي تمثلها حاليًا أو التي تستهدفونها من إجمالي أعمال شركة Concrete Plus؟

م. طارق يوسف: أنا أطمح لأن تصل نسبة الأعمال الخارجية إلى 70% في العام المقبل، وهذه طموحات كبيرة. أما في هذا العام، فمن المتوقع أن تمثل الأسواق الخارجية نحو 25% من المحفظة. لكن، دعينا نفرق هنا بين «المحفظة» كعقود (Backlog) وبين تنفيذ الأعمال (Revenue)، فهناك فرق كبير بينهما.

رضوى إبراهيم: لنتحدث عن نسبة من تنفيذ الأعمال، أعتقد أنها ستكون أكثر واقعية.

م. طارق يوسف: من تنفيذ الأعمال نسبة 25% حاليًا. أما من حيث المحفظة أو العقود (Backlog) فقد تكون النسبة أعلى بكثير، لأن المشاريع التي نوقعها خارج مصر عادةً ما تكون كبيرة جدًّا، بالإضافة إلى تأثير فروق أسعار الصرف التي تزيد من قيمة العقود.

المهندس طارق يوسف مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونكريت بلس

نستهدف أن تمثل الإيرادات من الأسواق الخارجية ما بين 20% إلى 25% خلال العام الجاري

بالنسبة للإيرادات (Revenue)نستهدف في هذا العام أن تكون ما بين 20% و25% من الأسواق الخارجية، ومع توفيق الله والتوسع المتوقع، يمكننا أن نصل إلى 50% في العام المقبل، وهذا هو الهدف المرجو تحقيقه.

أحمد رضوان: دعونا نتحدث قليلًا عن قطاع المقاولات في مصر. هذا القطاع دائمًا ما يكون شديد الحساسية تجاه تقلبات سعر الصرف. وبعد كل عملية تعويم، نسمع شكاوى من شركات المقاولات تطالب بإعادة تقييم العقود وغيرها من المطالب. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشكلة تأخر صرف المستخلصات والمستحقات المالية. نود أن نسمع تقييمك لوضع القطاع في الوقت الراهن، خاصة بعد أن شهدنا بعض الاستقرار في سعر الصرف، مع التمسك بسياسة سعر الصرف المرن، ما قد يخفف من حدة تقلبات الأسعار ويبعث نوعًا من الاطمئنان.
وهناك جانب آخر مرتبط بالسيولة المالية، فهل يمكنك الحديث عن هذا الجانب تحديدًا؟ وما هو تقييمك لسوق المقاولات في مصر حاليًا؟

م. طارق يوسف: سوق المقاولات في مصر تمر حاليًا بظروف صعبة للغاية.

ارتفاع أسعار السولار وزيادات الأجور المتكررة تضرب تكلفة تنفيذ المشروعات بشكل مباشر

النقطة الإيجابية الوحيدة التي أشرت إليها هي استقرار سعر الصرف، حيث لم تعد تقلبات الأسعار عنيفة كما كانت في السابق، لكنها ما زالت موجودة بدرجة أقل. السوق هنا حساسة للغاية لأي تغيّر في أسعار المواد الأساسية، مثل ارتفاع أسعار السولار، حيث يؤثر ذلك بشكل مباشر على تكلفة تنفيذ المشاريع.

بالإضافة إلى ذلك، هناك زيادات متكررة في أجور العمالة (workmanship) تحدث كل شهرين إلى ثلاثة أشهر، بسبب المطالب المستمرة للعمالة بتعديل أجورهم، خاصة مع زيادة تكاليف الانتقالات والتنقلات التي يطلبون تغطيتها.

التأخير في صرف المستحقات والتعويضات الحكومية يعمّق أزمة السيولة في قطاع المقاولات

طبيعة هذا القطاع تعتمد بشكل رئيسي على التدفق النقدي السلبي (negative cash flow)، حيث تمويل المشاريع يتم غالبًا عن طريق البنوك. وعندما ترتفع معدلات الفائدة، يزداد الضغط على القطاع. أما في حالات نقص السيولة أو تأخر صرف المستحقات الحكومية، فإن هذا الضغط يتضاعف بشكل كبير. بالتالي، القطاع يعاني وضعًا غير جيد على الإطلاق، وهو يواجه تحديات شديدة في الوقت الحالي.

لكن رغم ذلك، أعتقد أن من الإيجابيات التي شهدناها مؤخرًا هو حجم الاستثمار الضخم الذي قامت به الحكومة المصرية في البنية التحتية، بما في ذلك تحديث الطرق والكباري والمشاريع العملاقة، مما ساهم في خلق كيانات مقاولات كبيرة. ونحن كنا من المستفيدين من هذه المرحلة التوسعية، وهذا الأمر أوجد شركات مقاولات ذات قدرات كبيرة.

وأعتقد أن من مصلحة الدولة الحفاظ على استمرارية هذه الكيانات قوية وفعالة، لأن المقاولين الكبار هم الركيزة الأساسية لأي قطاع بناء مستدام.

لكن للأسف، المقاولون في مصر اليوم يعانون بسبب تأخر صرف المستحقات، وارتفاع معدلات الفائدة. نحن كنا في فترة نستفيد من مبادرة تمويلية بفائدة 8%، ولكن هذه المبادرة أُلغيت فجأة وتحولت إلى 30%، وهذا رقم صعب جدًّا على أي شركة مقاولات.

الأمر لا يتوقف هنا، فموضوع التعويضات عن فروق الأسعار يحتاج إلى إجراءات طويلة ومعقدة، ويُترك في يد لجان مختصة، مما يؤثر سلبًا على تدفقات النقد ويزيد من صعوبة إدارة المشاريع.

أحمد رضوان: هل تتحدث هنا عن التعويضات المرتبطة بفروق سعر الصرف؟

نصف مستحقات المقاولين في مصر غير مؤكدة بسبب لجان فروق الأسعار وتعقيدات الإجراءات

م. طارق يوسف: الأمر مرتبط بفروق سعر الصرف وفروق المعاملات. في مصر، القطاع يعمل وفق نظام يُعرف بـ (cap mass)، ولذلك فإن القطاع يعاني بشكل واضح، ونحن بدورنا نعاني مع القطاع، فجميع شركات المقاولات تعاني من هذه التحديات.

أحمد رضوان: بالنسبة لعنصر سعر الفائدة، نحن نراه بأرقام واضحة، ولكن بالنسبة للمستحقات المتأخرة، هل يمكنك أن تعطينا صورة أكثر دقة على مستوى القيم وآجال السداد؟ ربما تعطي مؤشرًا يوضح الوضع بشكل أفضل.

م. طارق يوسف: المشكلة الأساسية في كل القطاعات الحكومية أنك تمتلك مستحقات واضحة وصريحة، ولكن مع ذلك يتم تأخير صرفها. هناك حالات يتم فيها اعتماد مستحقاتك على لجان متخصصة لفروق الأسعار، حيث قد يكون العقد الأساسي مثلًا بسعر 100 جنيه، ولكن السعر الحالي أصبح 200 جنيه، وهذه اللجان مسؤولة عن اعتماد الفروق. هذه الإجراءات تستغرق وقتًا طويلًا، لكنك في الوقت نفسه مضطر لتمويل التكلفة الكاملة (200 جنيه) بنفسك قبل أن تُصرف لك الفروق المتأخرة. وهذا يؤثر سلبًا على السيولة النقدية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك بنود تتعلق بتجاوز نسب تنفيذ العمل، مثلًا إذا زادت الأعمال بنسبة تتجاوز 25% من قيمة العقد، يجب الحصول على موافقات إضافية، مما يزيد من تعقيد الإجراءات ويجمّد سيولة ضخمة.

العلاقة التعاقدية بين المقاول والمورد تغيرت جذريًّا بعد أزمة سعر الصرف.. والتسهيلات اختفت

علاوة على ذلك، منذ أزمة فروق سعر الصرف، تغيرت العلاقة التعاقدية بين المقاول العام ومقاولي الباطن والموردين، حيث كانت في السابق هناك تسهيلات مثل خطوط ائتمان مريحة مع الموردين ومقاولي الباطن، لكن الآن هذه التسهيلات تقلصت كثيرًا، وحتى عندما تُعاد فإنها لا تعود بنفس الشروط السابقة. ومقاولو الباطن الصغار يعانون بشدة، وبالتالي إذا لم تُدفع مستحقاتهم في الوقت المحدد، فإن الضغط على السيولة يكون مضاعفًا على المقاول الرئيسي.

أحمد رضوان: إذا وضعنا نموذجًا بسيطًا، على سبيل المثال مبلغ مليار جنيه كمستحقات مؤكدة لدى المقاول، كم من هذا المبلغ يكون مؤكدًا بالفعل لدى الحكومة، وكم منه يكون غير مؤكد بسبب دخوله في لجان أو إجراءات أخرى؟ وبالنسبة للمبالغ المؤكدة، ما هو الإطار الزمني المعتاد لصرفها؟

م. طارق يوسف: تقريبًا نصف المبلغ يكون مؤكدًا، والنصف الآخر يكون في حالة انتظار، تدخل في لجان اعتماد فروق الأسعار وغيرها من التفاصيل التي تستغرق وقتًا.

أحمد رضوان: وبالنسبة للنصف المؤكد، خلال أي فترة زمنية يتم صرفه؟

م. طارق يوسف: يختلف حسب الجهات، ولكن بشكل عام لا تقل فترة صرف المستحقات المؤكدة عن ثلاثة أشهر على أقل تقدير.

رضوى إبراهيم: أودُّ أن أستفسر عن أمر دائمًا ما نسمع عنه، وهو أزمة حصول المقاولين على مستحقاتهم من الحكومة، رغم أن نفس الشركات التي تشكو عادةً هي الأكثر إقبالًا على العمل في المشروعات الحكومية. فهل توجد مزايا أخرى تتمتع بها الشركات التي تشارك في هذه المشاريع قد لا تكون واضحة في وقت الشكوى بشأن تأخر المستحقات؟ وهل يُنظر إلى الشركات النشطة القادرة على العمل تحت ضغط السيولة المحدودة والالتزام بالمواعيد الصارمة كمفضلة عند إسناد الأعمال؟ هل هناك مزايا أخرى؟

أحمد رضوان: وهل ما زالت الشركات حريصة على العمل مع الحكومة؟

م. طارق يوسف: في أي نشاط تجاري، التوقيت (Timing) له أهمية بالغة. ما ذكرته كان ينطبق قبل سنتين أو ثلاث سنوات. أما الآن، أولًا، أعتقد أن حجم الصرف الحكومي قد تقلص، والحكومة ملتزمة بسياسة تقشفية واضحة.

أحمد رضوان: نعم، هناك سقف إنفاق محدد.

م. طارق يوسف: تمامًا، هناك سقف إنفاق. ولهذا السبب، لم تعد المشاريع الحكومية كثيرة كما كانت في السابق. وأعتقد أن الحكومة تتبع سياسة جيدة جدًّا تقوم على إغلاق المشاريع المفتوحة قبل إطلاق مشاريع جديدة، وهذه سياسة تستحق الثناء. في الوضع الحالي، المشاريع الحكومية ليست كثيرة كما في السابق، وربما القطاع الخاص هو الذي يمتلك مشاريع أكثر.

لكن هذا لا يعني أن المقاولين الكبار، أصحاب الحجم والقدرة، قادرون على الاستغناء عن الحكومة في أعمالهم. فنوعية المشاريع الحكومية مرتبطة بشكل أساسي بالبنية التحتية، وهذه النوعية من المشاريع لا يقدمها القطاع الخاص عادةً؛ فالقطاع الخاص لا يقوم ببناء محطات مياه أو محطات كهرباء أو الكباري والجسور. لذلك، ستظل هذه المشاريع من اختصاص الحكومة، ولا يمكن لأي مقاول، مهما كان حجمه، أن يتجنب العمل مع الحكومة.

إذا تحدثنا عن مقاولين بحجم «كونكريت بلاس» أو المقاولين الكبار الآخرين، فمن غير المنطقي أن يخرجوا من المعادلة الحكومية. في فترة من الفترات، كنا نحن والمقاولون الكبار نعتمد بشكل كبير على الحكومة، حيث كانت تمثل نحو 90% من محفظتنا.

يمكن القول إن الحكومة اليوم ما زالت تمثل ما يقرب من 50 إلى 60% من محفظة أعمالنا، حتى بعد توجهنا بشكل أكبر نحو القطاع الخاص. لكن فكرة إخراج الحكومة من المعادلة تمامًا لا تُعد خيارًا منطقيًّا على الإطلاق. الحكومة تظل شريكًا أساسيًّا، وأعتقد أن هذا هو الحال في كل دول العالم، فكل شيء يمر بدورات اقتصادية (cycles).

في السابق، كنا في دورة شهدت إنفاقًا حكوميًّا ضخمًا على مشروعات البنية التحتية، أما اليوم فنحن نمر بدورة مختلفة – دورة شديدة الصعوبة، وتحديدًا على قطاع المقاولات.

قطاع المقاولات مشغّل ضخم للعمالة.. واستمراره بصحة مالية جيدة ضرورة لاستقرار الاقتصاد

ومن وجهة نظري الشخصية، فإن قطاع المقاولات يُعد اليوم أكثر القطاعات تضررًا في مصر، سواء بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، أو تأخر صرف المستحقات، أو الضغط على التدفقات النقدية. وفي الوقت ذاته، لا يمكن أن نغفل أن هذا القطاع كان من أكثر القطاعات نموًّا خلال السنوات الماضية، كما أنه من أكثر القطاعات تشغيلًا للعمالة.

ولذلك، من الضروري أن يظل هذا القطاع قادرًا على الصمود، وأن يكون في حالة مالية وصحية جيدة، لأن استقراره يمثل عنصرًا حيويًّا في استقرار الاقتصاد الكلي.

ياسمين منير: تحدثت بأن تعاقدات الشركة حاليًا 50% للحكومة و50% للقطاع خاص.. هل ذلك يعد مؤشرًا على رواج ملموس في تعاقدات القطاع الخاص يدل على زيادة فعلية في المشروعات والاستثمارات، أم أن محددات التكلفة والفائدة والأوضاع الاقتصادية لا تزال تُحجّم الأوضاع؟

م. طارق يوسف: ميزة القطاع الخاص أو بشكل أكبر «المطورون العقاريون»، تتمثل في صرف المستحقات بشكل أفضل.. لكن دائمًا ما تكون المشكلة معهم هي مسألة صعوبة طريقة حساب تعويضات فارق الأسعار، مقارنة بالحكومة التي تمتلك إمكانية التعويض بشكل أفضل.. وبالتالي مسألة التعويض في القطاع الخاص تتخللها مشاكل أكبر من الحكومة.. فهناك مشروعات تم توقيعها خلال 2022 و2023 مع القطاع الخاص تُكبد الشركات خسائر، لكن ملتزمون باستكمالها، فلم يكن أحد يتخيل هذا التضخم والأوضاع الاقتصادية التي مرت بها مصر خلال الأعوام القليلة الماضية.

رضوى إبراهيم: أي إننا نستطيع القول بأنه رغم المشاكل التي يواجهها القطاع الخاص في التعامل مع القطاع الحكومي، لكنه يظل في أوقات كثيرة الأكثر أمانًا أو الأقل ضررًا في التعامل ما بين القطاع الخاص وبعضه البعض.

م. طارق يوسف: هذه حقيقة فعلية.

أحمد رضوان: إذا تحدثنا عن حلول عاجلة مطلوبة من الحكومة لإنعاش قطاع المقاولات؟

المهندس طارق يوسف مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونكريت بلس

مطلوب دفع المستحقات الحكومية للمقاولين بأسرع ما يمكن وإزالة عبء الفوائد المرتفعة

م. طارق يوسف: مطلوب سريعًا دعم القطاع بدفع المستحقات الحكومية للمقاولين بأسرع ما يمكن.

أحمد رضوان: هل هناك رقم إجمالي ولو تقديري لمستحقات كل الشركات؟

م. طارق يوسف: لا.. لكن دفع المستحقات مسألة غاية في الأهمية، لأنه يؤثر على السيولة المالية لدى الشركات.. مطلوب أيضًا أن يحصل المقاولون على راحة نسبية من معدل الفائدة العالي لأنهم في تحد بين دفع الفوائد وتشغيل المشروعات.. فالمقاولون بدأوا مشروعاتهم بحساب فائدة 8 و14% ثم قفزت فجأة إلى 30% ولا يتم التعويض عن ذلك.

ياسمين منير: القطاع الصناعي حصل على اهتمام كبير من الحكومة مؤخرًا.. وأعتقد أنه يعاني مشاكل هيكلية مثل وفرة الأراضي المرفقة والأسعار المناسبة والموافقات والتراخيص.. هذه عوائق تتردد على فترات مختلفة، وبالتأكيد هناك تحركات لحلها.. مبدأيًّا هل تتفق مع هذه العوائق؟ وما التحديات الأخرى التي ترى أنها تواجه هذا القطاع؟

م. طارق يوسف: شهادة حق الفريق كامل الوزير حل معظم هذه المشاكل بشكل سريع.. وأصبحت الأراضي الصناعية متاحة والتخصيص يتم بسرعة شديدة جدًّا.. وبدون مجاملة الأوضاع تحسنت بشكل كبير.. لكن أكبر مشكلتين تواجهان القطاع حاليًا هما أولًا ارتفاع الفائدة.. والمشكلة الثانية هي التأكد من عدم وجود أي منافسة مع أي من جهات الدولة في هذه الصناعة، لأن في هذه الحالة المنافسة تكون غير عادلة.

أمل مصر كله على عاتق القطاع الصناعي.. والفريق كامل الوزير حل الكثير من المشاكل

هذا ما يؤثر على قطاع الصناعة حاليًا، والذي أرى أنه أهم قطاع في مصر، وهو القطاع الوحيد الذي يستطيع رفع الناتج المحلي بسبب القيمة المضافة الناتجة عنه.. وإذا تم الاهتمام به بشكل أكبر سنستطيع زيادة التصدير ونقلل الاستيراد.. وقناعتي الشخصية تتمثل في أن أمل مصر كله على عاتق القطاع الصناعي.

رضوى إبراهيم: ما المعايير التي بناء عليها تحدد قرارك الاستثماري في مجال الصناع.. وإذا كانت الحكومة تستثمر في صناعة معينة هل تفكر الدخول فيها أم لا ومتى تدخلها؟.. ولو كانت صناعات لها علاقة بفرص الحصول على تمويل خاصة وأن هناك مجالات لديها فرص أكبر في الحصول على تمويلات مقارنة بمجالات أخرى.. هل تتخذ القرار على هذا الأساس أيضًا أم لا؟

م. طارق يوسف: دعيني أشرح لك اتخذنا قرار الاستثمار في مصنع الإطارات على أي أساس، وهذا سيوضح الإجابة على سؤالك بشكل عملي.. الفكر العام لنا للدخول في صناعة ثقيلة نابع من أن رؤيتنا لقطاع المقاولات أنه متغير ينمو وينخفض بشكل ما.. وبالتالي لا بد أن يكون لدينا استثمار في قطاع مستقر ومستحقاته مضمونة بمجرد البيع على باب المصنع.

أسباب مختلفة وراء الاستثمار في الصناعة عبر مصنع الإطارات

وعندما نظرنا إلى الإطارات وجدنا أنها صناعة عالمية تنمو بنسبة 3 إلى 4% سنويًّا.. وصناعة لن تندثر خاصة في عصر التكنولوجيا الذي تختفي فيه صناعات وتظهر أخرى.. لكن صناعة السيارات ستظل موجودة سواء بالكهرباء أو بغيرها، والإطارات من ضمن مكوناتها الرئيسية.. وبالتالي هى صناعة مستمرة لن تختفي.. ولا توجد لها منافسة في مصر والإقليم.. لأن مصر تستورد 6 إلى 8 ملايين إطار سنويًّا.. ونحن سنقوم بتصنيع 3 ملايين إطار سنويًّا.. كما أن السعودية تستورد 40 مليون إطار.. وبالتالي هي صناعة عليها طلب كبير إقليميًّا ومحليًّا.. وفرص المنافسة فيها أفضل بسبب القرب من الدول المستوردة.

ولذلك عندما قررنا الدخول في هذه الصناعة قمنا بعمل دراسة لهذه الأمور كلها، ونظرنا إلى محددات كبيرة، منها أنه إذا مستثمر آخر فتح مصنع إطارات فإن الطلب سيظل مستمرًّا، خصوصًا أن نموذج الاستثمار 50% للسوق المحلية و50% للتصدير.. وبالتالي سيتم توجيه 1.5 مليون إطار للسوق المصرية والباقي للتصدير بأسعار جيدة.

الرسوم الجمركية في صالح الصادرات المصرية.. وتفاوضنا لتصدير الإطارات للبرازيل

كما أن ما يحدث في العالم من تطبيق الرسوم الجمركية سيكون في صالح مصر من أجل التصدير للسوق الأمريكية وغيرها بدلًا من المنتجات الصينية.. وعندما أنشأنا المصنع حضر إلينا وفد برازيلي بعد دخول مصر منظمة البريكس للتفاوض واستيراد الإطارات من السوق المصرية.

ولذلك عندما اتخذنا القرار الاستثماري كانت هناك محددات عديدة.. بالإضافة إلى أنها صناعة مربحة.

ياسمين منير: الصناعات الأخرى التي ذكرتها.. هل هناك نية للتوسع فيها أو إضافة خطوط مخصصة للتصدير طالما أنها استثمارات قائمة؟

م. طارق يوسف: أبرز الصناعات التي يمكن الاستفادة منها في التصدير هو الأثاث المكتبي.. لأن الصناعات الأخرى مغذية للمقاولات، ولا أعتقد أننا سنتوسع فيها خارجيًّا حاليًا، إلا عندما يصبح حجم أعمالنا الخارجية كبيرًا.

أحمد رضوان: كيف ترى تأثير عنصر الطاقة بتسعيره ووفرته على قطاع الصناعة.. فنحن نتحدث حاليا عن خفض في كميات ضخ الغاز لقطاع الأسمدة.. بالإضافة إلى عنصر تغير التكلفة وتسعير الطاقة.. هذه العناصر مؤثرة في الصناعة بالتأكيد.. وهل هذه العناصر تحفزك على الاستثمار في قطاع الطاقة؟

م. طارق يوسف: البنية التحتية للطاقة في مصر جيدة مقارنة بكل الدول المجاورة لنا.. لدينا غاز وكهرباء وطاقة متجددة بعد زيادة الاستثمار فيها مؤخرا وهذه ميزة جيدة .

أحمد رضوان: هل نتحدث هنا عن البنية أم الوفرة.. البنية بالتأكيد موجودة، لكن توافر الغاز مثلًا كان سببًا في انقطاعات الكهرباء العام الماضي.

م. طارق يوسف: نعم لكن الدائرة تدور والأمور يتم حلها.. فالعام الماضي مثلًا كان لدينا مشكلة في الغاز مع مصانع الأسمدة، لكن تم حلها ولم نعد نسمع عنها.

الاستثمار في قطاع الطاقة غير وارد في خطتنا.. لأن مصنع الإطارات لا يستهلك طاقة بكميات كبيرة.. يعمل بجزء كهرباء.. والجزء الآخر من الطاقة الشمسية التابعة للمنطقة الاقتصادية في قناة السويس.

رضوى إبراهيم: ننتقل إلى ملف الصادرات الذي يشمل تصدير العقار.. الحكومة لديها خطط وآمال عريضة لدعم نمو الصادرات المصرية لحل مشكلة توافر النقد الأجنبي التي تؤثر على مؤشرات الاقتصاد الكلي.. نود من حضرتك أن تضع روشتة نستطيع من خلالها تعزيز نمو الصادرات المصرية، بالإضافة إلى معرفة خطط كونكريت بلس لتعزيز مواردها من النقد الأجنبي سواء عن طريق تصدير السلع أو الخدمات؟

تصدير العقار ساهم في تحويل الساحل الشمالي إلى وجهة عالمية

م. طارق يوسف: ملف التصدير مهم جدًّا. وأعتقد أنه أهم ملف للاقتصاد المصري.. وفي مسألة تصدير العقار نحن لدينا بعض الاستثمارات في هذا المجال، لكننا لسنا روادًا فيه وننمو تدريجيًّا خاصة في المجال التجاري.. ومن المبكر حاليًا أن نفكر في تصدير العقار.. لكن بشكل عام المطورون المصريون قاموا بدور أكثر من ممتاز في النمو الإقليمي، سواء في السعودية أو عمان أو غيرها.

رضوى إبراهيم: ما نقصده في تصدير العقار ليس التواجد الخارجي، وإنما بيع العقارات في مصر للأجانب.

م. طارق يوسف: من وجهة نظري هذا الأمر لا يجب أن ندرجه تحت بند تصدير العقار، وإنما تحت بند جذب الاستثمارات الخارجية لشراء العقار المصري.. وترويج هذا المفهوم هو تسويقي وسينمو خلال الفترة المقبلة.. وعلى سبيل المثال إذا نظرنا للساحل الشمالي نجد أنه يكسب أرضًا يومًا بعد يوم، خاصة في الخليج الذين بدأوا ينظرون إليه بأنه وجهة عالمية.. وجزء كبير من هذا الأمر ناتج عن البنية التحتية التي تم تنفيذها ولا نغفلها أبدًا.. مثل الطريق الساحلي والقطار السريع الذي سيصل إلى مطروح.. بالإضافة إلى صفقة رأس الحكمة التي سترفع قيمة الساحل كله.

عندما نعمل بشكل ممنهج على منطقة معينة فإن هذه المنطقة تبدأ في اكتساب سمعة عالمية وبالتالي العائد يكون عاليًا.. وأعتقد أن أسعار الساحل تكاد تكون أعلى أسعار في مصر.. وعندما نتقابل مع أصدقاء في الخليج نجد أنهم يشترون في الساحل.. وبالتالي هناك تطور في هذا الملف إذا كانت النظرة إليه على اعتبار أنه تصدير للعقار.

رضوى إبراهيم: إذا تحدثنا عن باقي الصادرات الزراعية والصناعية؟

قاطرة زيادة الصادرات المصرية تبدأ من قطاع المقاولات

م. طارق يوسف: لدي يقين بأن قاطرة رفع الصادرات المصرية تبدأ من المقاولات.. وتصدير قطاع المقاولات بخروج المقاول للأسواق الخارجية يعد بداية زيادة الصادرات بالذات في المنتجات الصناعية.. وتركيا أبرز مثال على ذلك. حكومة تركيا اتفقت مع المقاولين على أنهم في حالة التعاقد على أي مشروع خارجي فإنها سمتنح المقاول 3% من قيمة المشروع مقابل استخدام 30% من منتجات المشروع من تركيا.

فمثلًا إذا حصل المقاول على مشروع في الكويت بقيمة 100 مليون دولار فإنه يستورد منتجات تركية بقيمة 30 مليون دولار، سواء سيراميك أو أجهزة حمام أو أثاث أو غيره، ويعدل تصنيف هذه المنتجات في المشروع بدلًا من أي دولة أخرى إلى تركيا.. وبالتالي قاطرة الصادرات التركية كانت أساسها قطاع المقاولات.

أحمد رضوان: هل من الممكن أن نجعل الموضوع أكثر وضوحًا؟ عندما يعمل أي مقاول في الخارج مثل السعودية مثلًا، هل يتم النص في بنود الاتفاق الخاص بالمشروع بالحصول على مدخلات مصرية بنسبة معنية؟

م. طارق يوسف: أنا كمقاول لا أتدخل في بنود الاتفاقات الخاصة بالمشروعات العقارية؛ لأن المقاولين ليس لهم علاقة بمثل هذه الأمور.. أريد فقط أن أقول في هذه السياق إن الحكومتين التركية والصينية كانتا قد وضعتا برنامج دعم للمقاولين.

أحمد رضوان: أنا أتفهم بالفعل نموذج الصين لدعم المقاولين.

م. طارق يوسف: جيد.. أريد الإضافة أيضًا بأن برنامج الدعم يتضمن أنه كلما تتم زيادة المكون المصري في المشروعات العقارية بالخارج، والتحرك بصورة أفضل، وإثبات ذلك للاستشاري القائم على تنفيذ المشروع، يزيد حجم الأموال التي سيحصل عليها المقاولون في النهاية. اليوم المقاولون المصريون عندما يتجهون للعمل في الخارج وذلك في إطار برنامج لدعمهم، يتم أخد هذا الأمر في الاعتبار عند الدخول في عطاء التنافس على المشروع.

أرى أن قطاع المقاولات سيكون قاطرة أساسية في دعم التصدير، ويمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا، ولقد رأيتها فعلًا؛ فمثلًا المقاولات في تركيا تستورد منتجات محلية بأرقام كبيرة، كما أن هناك منتجات أخرى يمكن أن تدعم القطاع التصديري كالزراعة.

فعلى سبيل المثال، هناك مشروع أراه من وجهة نظري رائعًا وهائلًا، وهو مشروع «مستقبل مصر”، لا سيما في ضوء أهميته لتحقيق اكتفاء ذاتي من القمح بل والقدرة على تصديره للخارج.

في الإنتاج الصناعي أيضًا، يعد قطاع المقاولات قاطرة لتحقيق التنمية في كل دول العالم، وأرى أن المقاول عندما ينفذ مشروع بنية تحتية معين، يستطيع استيراد المواسير من مصر مثلًا، ومكونات أخرى يمكن تشغيل مشروعه بها، وفي هذا السياق أقول إنه يجب إعطاء حافز للمقاول لاستخدام المنتج المصري.

ياسمين منير: هناك نشاط واضح من قبل المقاولين المصريين للخروج والعمل في الأسواق الخليجية وكذلك الدول المجاورة في الفترة الراهنة.. هل تم طرح فكرة دعم شركات المقاولات على الجهات الحكومية لحثها على استيراد مكونات محلية؟

م. طارق يوسف: بالفعل، طرحنا هذه الفكرة على الجهات الحكومية، وهذا الطرح وُضع من قبل لجنة تصدير المقاولات تحت إدارة المهندس محمد عجلان، ونحن ساهمنا معه أيضًا، ووفرنا له كل البيانات المتوفرة لدى شركة كونكريت بلس الخاصة بالسوق التركية.

طرحنا فكرة دعم الحكومة لشركات المقاولات لحثها على استيراد مكونات محلية عند عملها في الخارج

كما أود أيضًا أن أضيف أن كل شركات المقاولات شاركت في صياغة هذه الفكرة، ولكن المهندس عجلان هو من يقودها، وأعتقد أنه قدم هذا المقترح لوزارة الإسكان والمرافق.

رضوى إبراهيم: نحن في صالون جريدة «حابي”، نظمنا سلسلة من اللقاءات السابقة عن اللجان الاستشارية التي شكلتها الحكومة للتواصل مع القطاع الخاص، في هذا السياق، وكما تحدثت حضرتك سابقًا عن فكرة -أنا شخصيًّا مقتنعة بها- وهي أن كل مشروع لكي يتم تنفيذه لا بد من وجود المقاول في البداية.

م. طارق يوسف: أتفق مع حضرتك، بالفعل.

رضوى إبراهيم: من وجهة نظر حضرتك، هل ترى أن قطاع المقاولات والإنشاءات كان يستحق تدشين لجنة خاصة به كان من الممكن أن تكون أكثر فائدة لقطاعات أخرى مرتبطة به مثل قطاعي العقارات والتنمية السياحية وخلافه؟

م. طارق يوسف: أود أن أقول إن قطاع المقاولات مؤثر للغاية، ونحن كشركة تطوير عقاريةأرى حقيقًة أن المطورين المصريين -مثل شركات طلعت مصطفى، وبالم هيلز، سوديك، والمهندس نجيب ساويرس في التطور السريع الذي نفذه بالقطاع- يعتبرون نموذجًا مشرفًا في عمل منتج عقاري متكامل.

لو لم يكن هناك مقاولون أقوياء لن تستطيع الشركات العقارية المنافسة

وفي النهاية، لو لم يكن هناك مقاولون أقوياء لن تستطيع الشركات العقارية المنافسة، لأن هذه الشركات من خلال استعمال العلامة التجارية أو البراند الخاص بها، وكذلك مصداقيتها لدى عملائها تحقق مبيعات بأرقام مثل 300 مليار أو 500 مليار جنيه .

وبالتالي، بافتراض أن قطاع المقاولات لم يكن مزدهرًا أو جيدًا healthy بصورة كافية في السنوات القليلة الماضية فكيف كانت الشركات العقارية تنفذ -على أرض الواقع- التعاقدات الضخمة للوحدات التي بيعت في آخر عامين، مع التسليم بالجودة المطلوبة وفي التوقيت الزمني المنصوص عليه، ويجب أن نأخذ في اعتبارنا أن قطاع المقاولات اليوم منهك.

لذا فإن من مصلحة الشركات العقارية وجود مقاولين جيدين؛ لأن هذه الشركات عندما تحقق مثلًا 300 مليار جنيه مبيعات وحدات معينة، وهذه المبالغ تتضمن 100 مليار جنيه تحتاج إنفاقها لتنفيذ الوحدات خلال فترة كأربع سنوات على سبيل المثال، وبالتالي كيف سيتم التنفيذ إلا من خلال مقاولين جيدين، وهذه هي الفكرة.

اليوم يوجد في المخطط الزمني للشركات أرقام ضخمة مُباعة من الوحدات العقارية، وأنا هنا أتحدث عن الشركات العشر الكبار، وهذا بخلاف الشركات الأخرى.

وأود أن أضيف أن المقاولين بالفعل يعانون، وهناك مقاولون توقفوا عن العمل في مشروعات تطوير عقاري، وباتوا يركزون على مشروعات بنية تحتية، أو الاتجاه للعمل خارج مصر.. لكنني أرى أن الفترة المقبلة، وفي ضوء حجم المشروعات العقارية التي تم بيعها حاليًا، لا بد من وجود المقاول الجيد.

ولذا أؤكد أن المقاولين يعتبرون العنصر الحقيقي لتنفيذ أي تنمية سواء كانت في البنية التحتية أو القطاع العقاري.

رضوى إبراهيم: لدي استفسار.. لو كانت لجان المطورين مُدعمة بمقاولين كبار.. هل سترى حضرتك أن هذا الأمر كاف أم ترى أن القطاع يستحق لجنة مختصة به؟

م. طارق يوسف: قطاع المقاولات أكبر من أن يمثله أي قطاع آخر، فهذا القطاع في مصر -مع كامل احترامي- يعد أكبر من قطاع التطوير العقاري.

القطاع في الأصل بعدد العاملين به أكبر من القطاع العقاري، وبالتالي أرى بالتأكيد أن المقاولات تحتاج لأن تشهد تشكيل لجنة قائمة عليها بمفردها.

ياسمين منير: كيف ترى شكل المنافسة بقطاع المقاولات في الفترة الراهنة؟

م. طارق يوسف: أرى أن هذا القطاع أكبر من أي منافسة، هذا القطاع ليس له حدود في حجم المشروعات الموجودة به، وبالتالي لمَ المنافسة؟، فهناك أحد المطورين باع وحدات عقارية بقيمة تريليون جنيه وآخر باع بـ300 مليار جنيه.

شركتا «كونكريت بلس» نفذت السنة الماضية مشروعات بقيمة 10 مليارات جنيه، والشركة الكبيرة في القطاع «كما يقال مقطعة شرايينها» نفذت مشروعات بقيمة 40 مليار جنيه.

رضوى إبراهيم: هذا بخلاف أعمال البنية التحتية والطرق والكباري.

م. طارق يوسف: قطاع المقاولات لا يوجد له منافسون، بالعكس مثلًا قطاع الأثاث المكتبي نجد أن مجال السيلنج ceiling ( تنفيذ الأسقف المعلقة) قد يكون أحد منافسيه.

على الجانب الآخر، يعد قطاع المقاولات أكبر من المنافسة، كما أنه يستوعب شركات من الخارج كالشركات الصينية -على سبيل المثال- التي باتت أعدادها كثيرة، وهذا أحد أسبابه أن المقاولين المصريين منهكون ويعتذرون بكثرة عن الدخول في مشروعات.

ووصل الأمر إلى أن أصبح المطورون يريدون التعاقد مع مقاولين لتنفيذ المشروع حتى لو بسعر أعلى.

المهندس طارق يوسف مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونكريت بلس

أحمد رضوان: هل يستفيد قطاع المقاولات -في الشق المتعلق بتصدير خدمة- من المساندة التصديرية التي تقدمها الحكومة بهذا الصدد؟

م. طارق يوسف: لا يستفيدون، لا يوجد على حد علمي أي مساندة تصديرية لقطاع المقاولات.

رضوى إبراهيم: ما هو القطاع -الذي تراه- يحقق لشركتك أعلى عائد، وكذلك القطاع الذي بنى اسم الشركة «brand” أوعلامتها التجارية؟

م. طارق يوسف: نحن شركة مقاولات تعمل بالسوق منذ أكثر من 27 سنة. إن العلامة التجارية الخاصة بنا مرتبطة بالتأكيد بكوننا شركة مقاولات.

أرى أن قطاع المقاولات يقوم بدور المُروج للعلامة التجارية الخاصة بكل شركة متخصصة فيه أو ما نسميه» Branding”، وليس العوائد المحققة منه لاسيما في ضوء الظروف الراهنة التي يمر بها القطاع حاليًا.

نموذج المطور المصري القائم على التوسع الأفقي أكثر توافقًا مع الأسواق الخليجية

بالنسبة لشركتنا أحد العوائد الأساسية التي حققناها خلال الفترة الماضية تجسدت في ظل استثمارنا لعدد من الصفقات بالتعاون مع شركة “أكت”. هذه الاستثمارات كانت في البورصة عن طريق إدارة محفظة أكت، وحققت لنا أكبر عائد حصلنا عليها الفترة الماضية، وعوضنا كثيرًا عن الخسائر التي تكبدناها في قطاع المقاولات.

نحن كشركة كونكريت بلس كنا قد استحوذنا على 4% من أسهم شركة حديد عز -كانت مملوكة فقط لكونكريت بلس- وبالتعاون مع «أكت» كانت النسبة المملوكة 8%، وذلك قبل التخارج وبيع الأسهم.

وقبل ذلك كنا قد استثمرنا في شركة سوديك، وكان لدينا استثمارات أخرى، وهذه الاستثمارات حققت لشركتنا أعلى عائد.

ياسمين منير: كيف ترى السوق العقارية في الفترة الراهنة، وكيفية إدارة هذه التحديات السابق ذكرها؟

م. طارق يوسف: هذا سؤال أراه سؤالًا جيدًا، لأنني مؤمن بالقصة الإنجليزية حول ماهية العقار الجيد. العقار في مصر شيئان: الأول خلق علامة تجارية، فنحن لدينا تاريخ يدعم هذا الاتجاه.

حتى إن العلامة التجارية الخاصة بأي مقاول تدعم خطوته لخلق براند للاستثمار العقاري، وهناك أمثلة كثيرة على هذا المثال، وأشهرهم وأكبرهم أستاذ العقارات في مصر: طلعت مصطفي وهو في الأساس كان مقاولًا.

نحن في شركة كونكريت بلس، يدعم تاريخنا البالغ 27 عامًا من العمل في قطاع المقاولات علامتنا التجارية للاستثمار العقاري، ويعطي ثقة للعملاء في أن شركتنا ليست منشأة حديثًا. هذا القطاع بعد اقتحامنا له والعمل فيه نقوم بخطوات “البيع والتنفيذ وما بينهما»، فنحن في شركتنا لدينا ذراع للتنفيذ.

الشيء الآخر المهم الحديث عنه في هذا الصدد هو موقع العقار، فنحن نهتم كثيرًا بهذه النقطة.

رضوى إبراهيم: هل هناك مخاوف من حدوث فقاعة عقارية في الفترة الراهنة؟

م. طارق يوسف: لا يوجد في الدنيا “أبيض أو أسود”، أو “شخص سيئ وآخر جيد”، نحن في حياتنا نعيش مصلطح «درجات الرمادي”، يعني أن هناك جانبًا جيدًا وآخر سيئًا وكلنا ندور فيما بينهما.

السوق العقارية أصبحت أكثر نضجًا والمنافسة بها باتت أكثر

ومن وجهة نظري، نحن لا نمر في مصر بفقاعة عقارية، ويجب التمييز بين عدة أشياء في هذا الصدد؛ فاليوم عندما تتحدث عن شركات التطوير العقاري الكبيرة مثل طلعت مصطفى وإعمار وبالم هيلز وسوديك.. هل هذه الشركات تمر بفقاعة عقارية؟.. الجواب: لا، لأنهم في حالة من الثقة والمصداقية مع عملائهم.

يجب أن نفرق أو نميز عند الحديث عن مسألة الفقاعة العقارية بين الشركات الـ12 الكبيرة والشركات الأخرى؛ لأن القطاع العقاري بمصر يمتاز بميزة مختلفة عن مناطق أخرى بالعالم، وهي أنه لا بد أن يمتاز بالمصداقية لدى عملائه لكونه يحصل على أموال الوحدات العقارية قبل تسليمها للعملاء أصحاب الوحدات.

وبالتالي إذا لم تكن الشركة العقارية ذات مصداقية لدى عملائها ـ وقد شهدت الفترة الماضية حدوث أشياء كعدم تسليم الوحدات العقارية في مواعيدها ولجأ خلالها العملاء لإجراء تظلمات.

أرى اليوم أن الشركات الكبرى العقارية لا تمر بأي مشكلة، في حين أن الشركات الجديدة التي تقتحم السوق للعمل بها، وليس لديها منظومة واضحة وصريحة، وأن عقارها ليس في موقع جيد فإنني أتوقع أنها ستعاني في الفترة المقبلة.

أحمد رضوان: هل الاستثمار في القطاع العقاري بنفس السهولة والسرعة التي كان عليها منذ عشر سنوات؟

م. طارق يوسف: لا أعتقد ذلك، لأن السوق العقارية أصبحت أكثر نضجًا، والمنافسة باتت أكثر، والشركات الكبرى نمت أكثر.

ياسمين منير: أيضًا القوى الشرائية ضعفت.

م. طارق يوسف: بالفعل ضعفت، وبالتالي لم يعد الاستثمار في القطاع العقاري سهلًا كما كان في البداية، وأرى أن هذا أمر طبيعي لأن الأسواق العالمية لديها نفس الاتجاه، بل إن الاستثمار في الدول المتقدمة يعد أكثر صعوبة من سوقنا لأن الاستثمار بهم أكثر نضجًا.

تمتاز سوقنا العقارية اليوم بوجود مطورين أقوياء للغاية، فكيف ستنافس شركة جديدة ستقتحم السوق نظيرتها الكبيرة التي لديها ميزانية تسويقية لمشروعها تتراوح ما بين 600 الى 700 مليون جنيه؟

رضوى إبراهيم: هل ترى أن الذهب بدأ يكون منافسًا قويًّا على الطلب لإعادة استثمار المدخرات، فمهما كانت جاذبية العقار سيكون لدي المستثمر سقف في النهاية وسيرغب في توجيه مدخراته وأمواله لملاذات أخرى، هذا بخلاف أن هناك حالة اهتمام واضحة للاستثمار في الذهب؟

م. طارق يوسف: أنا حقيقة لا أمتلك الخبرة الكافية للحديث عن رأيي حول الاستثمار في الذهب، ولم أستثمر فيه من قبل. والاستثمار في الذهب يُسأل عنه المهندس نجيب ساويرس.

الناس في مصر لا يدركون أهمية الاستثمار في البورصة

لكن مجتمعيًّا، أنا لدي مشكلة أخرى لا تتعلق بالاستثمار في الذهب أو العقار. أنا لدي مشكلة أخرى هي عدم إدراك الناس أهمية الاستثمار في سوق البورصة.

يعد التعامل لدينا مع هذه السوق أقل بكثير من قيمتها في أي مكان بالعالم، وهذا سيظهر في حجمها مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي لنا، فالاستثمار في العالم يتمثل في 3 قطاعات أساسية، هي: البورصة ثم القطاع العقاري ثم السلع. حتى في الخارج يعتبرون السلع جزءًا من البورصة.

نحن في السوق المصرية لا يوجد توازن بين الاستثمار في البورصة والقطاع العقاري، فمثلًا في الولاية الأولى لترامب كانت خطاباته تركز على تطور البورصة الأمريكية، وتغير أسعار الأسهم كمؤشر واضح على كيفية تحقيق الولايات المتحدة طفرة في عهده.

سوق المال منذ عام 2004 إلى 2011 اجتذبت استثمارات أجنبية مباشرة «مرعبة» لمصر

في هذا الصدد، شهدت البورصة بمصر منذ عام 2004 الى 2011 جذب استثمارات اجنبية مباشرة ضخمة «مرعبة» لمصر، وكان هذه الفترة يتم الترويج للبورصة بشكل جيد. أنا ذهبت بعيدًا عن الرد على سؤالك الخاص بالاستثمار في الذهب.

رضوى إبراهيم : لم تخرج عن سؤالي، لأن أصل سؤالي هو اتجاه الكثير من الأشخاص عن الاستثمار الآمن في الذهب وكونه أصبح منافسًا للاستثمار العقاري؛ فنظرة المجتمع المصري لسوق المال أو البورصة تتمثل في كونه استثمارًا غير آمن، وأن مشاريع هذه السوق تمتاز بالمكسب السريع، وبالتالي ظلت محبوسة في جزئية أنها تريد أشخاصًا يستثمرون بها يمتازون بقوة القلب والقدرة على المخاطرة.. الناس يؤمنون لدينا في مصر أكثر بأن “رأس المال جبان” وذلك أكثر من إيمانهم بأن كل مخاطرة عالية يتحقق معها عائد مرتفع.

م. طارق يوسف: أرى أن جزءًا من هذا الاتجاه يرجع لعدم فهم المنظومة الخاصة بالاستثمار في سوق البورصة؛ فالكثير من الأشخاص في مصر يعتقدون أن الاستثمار في سوق المال يعتبر مضاربة، وهذا أمر غير صحيح.

الاستثمار في البورصة لو مرتبط بدراسات معينة. من الممكن أن يحقق للمستثمر أرباحًا حسب عمله وهدفه للعمل فيها سواء طويلة أو قصيرة أو متوسط الأجل.

أؤكد في هذا الصدد على أهمية استيعاب البورصة شركات أكثر، وأن نبحث كيفية دفع كل الشركات لكي تكون مدرجة فيها، لأن هذه الخطوة ستحقق الشمول المالي وتجتذب الكثير من رؤوس الأموال، كما ستكون الشركات منظمة أكثر.

أرى أن دخول المزيد من المستثمرين في البورصة سيحسن كيفية الاستفادة من الأموال – بدلًا من وضعها في البنوك، فاليوم يتجه الأفراد لوضع «ركن» أموالهم في البنوك ويجلسون في المقاهي لاحتساء القهوة في ظل سعر الفائدة المرتفعة التي تحققها لهم الشهادات والبالغة 25% سنويًّا.

رضوى إبراهيم: بالعكس، بدأ الناس يغيرون نظرتهم لموضوع الاستثمار في الشهادات، في الفترة الأخيرة وقبل التحريك الأخير في العملة المحلية، شعر الناس أنهم لو باعوا هذه الشهادات فإن حجم خسائرهم سيقل.

طارق يوسف: بالفعل، أتفق مع حضرتك في هذه النقطة.

أحمد رضوان: هل ترى أن المنظومة الضريبية كسياسة عامة تتحرك إلى الأمام، فيما يتعلق بكونها أصبحت أكثر سهولة وسلاسة في التعامل مع المستثمرين، إلى جانب قدرتها على مخاطبتهم بشكل مختلف، أم أنه لا تزال هناك مشاكل مرتبطة بالتعامل مع الضرائب؟

م. طارق يوسف: بالطبع تتحرك إلى الأمام في فكر التسهيل، كانت هناك تجربة سابقة في مصر، على رأسها يوسف بطرس غالي، حيث إنه عندما خفض الضرائب، ارتفعت الحصيلة، فاليوم الفكرة تكمن في تحديد الهدف، هل ترغب في تسهيل بيئة العمل؟

تقديم حوافز ضريبية سيسفر عن نمو صناعي كبير

فكلما تم تسهيل بيئة العمل، وتقليل المشاكل مع ممولين الضرائب، ستجمع حصيلة أكبر، ومن الممكن إذا تم التيسير على المواطنين، ومنحهم مميزات ضريبية أكثر، أن يقوموا بالالتزام بصورة أكبر.

الضرائب تعد عاملًا مؤثرًا على مستوى العالم بأكمله، فهناك الكثير من المستثمرين يحددون توجهاتهم، استنادًا إلى الضرائب، حتى على مستوى المكان الذي يمكثون به بشخصهم، وهو ما شهدناه مؤخرًا، أو الوجهة التي سيستثمرون بها.

الضرائب تتسم بكونها عنصرًا في يد الحكومة، من الممكن أن تستخدمه بشكل كبير جدًّا، وأرى أن هناك تحسنًا كبيرًا، ولكن هناك ما نطلق عليه تحسنًا، وهناك ما يسمى ثورات.

الصين كانت تصدر منسوجات بقيمة 560 مليار دولار منذ 6 أو 7 سنوات، وبالطبع حاليًا الأرقام تخطت تلك القيمة بكثير، هل حضرتك تعرف علامة تجارية صينية ذائعة الصيت؟ السبب في ذلك يرجع إلى أن القيمة التي حققها التي تقدر بنحو 560 مليار دولار، تتمثل في علامات غير صينية بالأساس مثل H&M، وZara، Adidas، وNike.

ياسمين منير: التصنيع للغير.

م. طارق يوسف: خلقت بيئة تشريعية استقطبت كل هذه العلامات التجارية للتصنيع لديك، وهو ما تزامن مع وجود عمالة رخيصة.

أحمد رضوان: يصنعون لديك.

م. طارق يوسف: وهذه هي أسهل طريقة للتصدير، والنمو بحجم الاقتصاد، علمًا بأن الضرائب تعد ضمن العناصر التي تنظر إليها تلك الكيانات حتى يتخذوا قرارًا بالتواجد في السوق الخاصة بك.

أحمد رضوان: أتقصد بذلك الضرائب كسعر وإجراءات.

م. طارق يوسف: الاثنان بالطبع، كسعر وإجراءات، فأنت مثلًا ليس من الشرط أن تكون دائمًا، ولكن دعنا نفكر سويًّا خارج الصندوق، إذا قررت منح ميزة ضريبية، في أحد المناطق كالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، أو غيرها، بأن من سيأتي للاستثمار بحجم محدد لا يقل عن قيمة ما، سيحصل على إعفاء ضريبي مداه 10 سنوات، من المؤكد أنه سيحدث خير، فالمستثمر الذي لم يكن سيأتي، سيتخذ قرارًا بالقدوم للاستفادة من تلك المهلة، وهو ما يعني أنه سيقوم بضخ استثمارات وتوظيف عمالة، ويمكن بعد انتهاء مدة الـ 10 سنوات اتخاذ ما يلزم من إجراءات.

ولكنه سيأتي للاستثمار على مدار الـ 10 سنوات، وسيضخ أموالًا، الأمر الذي من شأنه دفع عجلة الاقتصاد إلى الانطلاق، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الكثيرين في العالم يبحثون عن البيئة الضريبية الأفضل.

وردًّا على سؤالك، من المؤكد أن ما تم من إجراءات يعد أمرًا جيدًا للغاية، ولكنه هل يعد ذلك بمثابة ثورة ضريبية؟ لا، ولا يمكنني أن أقول للحكومة أن تقوم بعمل ثورة ضريبية على جميع الجوانب، بل ما نتحدث عنه هو القيام بذلك في مواقع محددة، كالمناطق التي ترغب في تنميتها، وهو ما يتطلب التفكير بشكل مختلف، دون أن يقتصر التفكير على 2% أو 5%، وما القيمة التي سيسفرون عنها، فذلك المستثمر لم يكن سيأتي، علما بأنه إذا قرر التواجد سيقوم بضخ سيولة، وتوظيف عمالة، وبعد مرور الـ 10 سنوات سيتم إدراجه بالشريحة الضريبية.

ولكن من المؤكد أن اتخاذ قرار بإعفاء منطقة من الضرائب لمدة 10 سنوات، سيشكل فارقًا كبيرًا، فقد نجد استثمارات لم تكن متوقعة، ستأتي من مناطق متعددة.

ياسمين منير: نود التحدث عن وثيقة سياسة ملكية الدولة، وهي وثيقة أُصدرت منذ فترة كبيرة، وقد بدأ الحديث عن وثيقة جديدة منذ أيام، ما تقييم حضرتك للوثيقة التي كانت موجودة بالفعل؟ وما الذي تأمل أن تراه في الوثيقة الجديدة؟

م. طارق يوسف: بشكل عام، وهذا رأيي، أنه ليس من الضروري أن تتواجد الدولة في جميع القطاعات.. أنا متفهم تمامًا وجود قطاعات حيوية وقطاعات استراتيجية، ونحن في منطقة لا يمكننا مقارنة أنفسنا بسويسرا على سبيل المثال، حيث إننا لن نلغي الواقع، ونقول إننا سنعطي الأنشطة الدفاعية للقطاع الخاص، لا فنحن لسنا في سويسرا، بل في منطقة صعبة للغاية، وعليه فإن وجود الحكومة وسيطرتها على جوانب محددة، يعد أمرًا مهمًّا للأمن القومي، وهو ما نتفهمه بصورة كبيرة.

المهم في وثيقة ملكية الدولة هو تنفيذها

ولكن أي أنشطة غير مرتبطة بهذا المجال، أو ليست ذات صلة بالأمن القومي على سبيل المثال.. فعلى الرغم من أنني دائمًا من أنصار مشاركة القطاع الخاص بكل الجوانب، ولكن هناك مشروعات، لو لم تقم بها الحكومة، لم تكن ستُقام.

فمن يدخل للاستثمار في محور الضبعة، كمستقبل مصر، فهذه المشروعات تتسم بكونها طويلة الأجل، لا يوجد المستثمرون القادرون على ضخ أموال لتنفيذها، ولكن هل يعد هذا المشروع جيدًا؟ ذلك المشروع رائع، فعند تقييم التجربة، يجب أن يتم التقييم وفقًا لمجالها.

ياسمين منير: كمستثمر قطاع خاص، هل يهمك أن تكون تلك الوثيقة حاكمة فقط، أم تود أن تكون صادرة في إطار قانون، أو إطار ملزم؟

م. طارق يوسف: المهم أن يتم تنفيذها، من وجهة نظري، أن ما يتم الاتفاق عليه في هذه الوثيقة، طالما حدث توافق مجتمعي عليه، ولا أعلم ما إذا كانت تُعرض على البرلمان أم لا، ولكن طالما تم التوافق عليها يجب أن يكون هناك إطار تنفيذي، كتحديد مدى زمني لتنفيذ تلك الوثيقة، خلال عام أو عامين على سبيل المثال، وهو أمر لا يهمني أنا فقط، بل يمثل أهمية للمستثمرين القادمين.

رضوى إبراهيم: أود التساؤل في الشق الخاص بالالتزام، في النسخة الأولى من الوثيقة كانت الكثير من الأصوات تنادي بأن يكون هناك إطار قانوني حاكم يضمن التزام الحكومة بها، وفي ذلك الوقت كانت الأصوات المخالفة لهم تقول إن الحكومة، إذا كانت لا ترغب في إصدار تلك الوثيقة، لم تكن ستصدرها، وأن هذا الأمر في حد ذاته كاف لبث الطمأنينة في الجميع، هل ترى بعد السنوات الكثيرة التي مرت على شكل الوثيقة الأولى، أنه من الممكن أن نعود لرؤية مجتمع الأعمال أو المؤسسات الدولية ينصحون ويوصون بأن يكون لتلك الوثيقة إطار قانوني مُلزم؟

م. طارق يوسف: الأهم أن يُصدق الجميع، وبالأخص المستثمرين الأجانب، فإذا كان الإصدار في إطار قانوني سيدعم الوثيقة، فمن الأفضل أن تُصدر في شكل قانون، فما الغرض من الوثيقة؟ الغرض من الوثيقة يتسم بكونه غرضًا أساسيًّا استثماريًّا، حيث أقوم كدولة بالإعلان عن أنني سأتخارج من قطاعات محددة، الأمر الذي من شأنه منح فرص أكبر للمستثمرين الأجانب والمحليين، ليتمكنوا من الدخول في هذه القطاعات.

المهندس طارق يوسف مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كونكريت بلس

ومهما كان السبيل لإثبات ذلك لهؤلاء المستثمرين، يجب علينا القيام بذلك، ولا أتحدث هنا عن هذه الحكومة بالتحديد، ولا تلك الفترة، ولكننا لدينا سوابق تاريخية كثيرة مع المستثمرين في الخارج، تضع علينا عبئًا أكبر في أنهم بحاجة إلى تصديق ذلك، حيث توجد سوابق كثيرة للغاية مع المستثمرين في عام 2011. لذا نحتاج أن نبعث للمستثمرين رسالة طمأنينة، لتحقيق الصالح العام للاقتصاد المصري.

أحمد رضوان: أود طرح سؤال، حضرتك ذكرت مشروع مستقبل مصر مرتين خلال الحوار. كقطاع خاص، هل ترى الفرص الخاصة بك بوضوح في مشروع تنموي ضخم كهذا المشروع؟

طارق يوسف: أعتقد أن هناك شركات قامت بالدخول في المشروع، ولكن يمكن القول إننا لا نضع الشق الخاص بالقطاع الزراعي صوب أعيننا، فهو أغلبه يتمثل في الاستثمار الزراعي والمصانع المرتبطة به.

أرى أنه من أفضل المشروعات التي شهدتها مصر خلال الآونة الأخيرة، لكن الفكرة تكمن في أن الاستثمار الزراعي والصناعات المرتبطة به ليست على الرادار الخاص بنا حاليًا، فهم ليسوا ضمن المهام التي نعمل عليها خلال هذه الفترة.

وأعتقد أنهم يتيحون دخول القطاع الخاص في الكثير من المناطق.

أحمد رضوان: ما أقصده هو، هل نموذج الأعمال الخاص بهذا المشروع واضح بالنسبة لك؟

نموذج الأعمال الخاص بمشروع مستقبل مصر واضح وجيد

م. طارق يوسف: نموذج الأعمال واضح بالنسبة لي، بالعكس أرى أن هذا النموذج يتسم بكونه جيدًا.

وهنا يجب الالتفات إلى ضرورة قراءة الشكل العالمي، وهو ما أود أن أحيي القيادة السياسية عليه، فالشكل العالمي بدأ في التغير منذ تداعيات جائحة كورونا، وهو ما أكد عليه الرئيس ترامب بوضوح، وبشتى السبل.

فقد كان الأساس في العالم يروج لفكرة التجارة الحرة، والتبادل التجاري الكبير بين الدول، وأنه إذا لم يكن لديك ميزة تنافسية في منتج، لا تقوم بتصنيعه، وما لا تعرف كيفية تنفيذه، لا تُصنعه، بل قم باستيراده، فهذا أفضل،

خصوصية الاقتصاد المصري تجلت خلال كورونا

ثم استيقظنا في عام 2020 التي شهدت تداعيات جائحة كورونا.. هل شعرنا بتداعيات جائحة كورونا في مصر؟.. لم يكن هناك أي تأثير على مستوى وفرة المنتجات، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك دولا محيطة في المنطقة، لم يكن لديها يصل على سبيل المثال، فكنا نرسله إليها بالطائرات، ودول أخرى لم يكن لديها طماطم، وغيرها من المنتجات،

كما قامت تركيا بمنع تصدير المنتجات الزراعية، علمًا بأننا لم نمنع التصدير، وكنا نعمل بشكل طبيعي في هذا الإطار، فقد كانت الأسواق ومنافذ بيع السلع الغذائية تعمل، فقد مررنا من كورونا من الوضع واقفًا، فقد أثبتت جمال الاقتصاد المصري، والسبب في ذلك أن الاقتصاد متنوع، فليس لديك شيء واحد مستدير، ولكنك لديك من كل الأصناف.

رضوى إبراهيم: نود الانتقال إلى ملف الطروحات الحكومية في البورصة، أود معرفة وجهة نظرك، فبخلاف معرفتنا السابقة بأن لديكم استثمارات في شركات مقيدة ومتداولة في البورصة المصرية، تحدثت حضرتك خلال اللقاء عن الاستثمار في أسواق المال والبورصات، فمن وجهة نظرك، ومن واقع ما لديكم من خبرات، هل ترى أنه من الممكن أن يكون بطء تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية في البورصة، هو سبب عزوف شركات القطاع الخاص عن الطرح في البورصة، فيما عدا عدد قليل جدًّا من الشركات التي كان لها طروحات على مدار السنوات الأخيرة؟ وكيف ترى اتجاه عدد من الشركات ليس قليلًا، للشطب من البورصة دون تعرضه لصفقات تضطره إلى ذلك؟

ففي البداية كنا نرى أن شطب الشركات الكبيرة مرتبط باندماج أو استحواذ داخل مساهم كبير، لديه رؤيته التي تدفع الشركة إلى أن يكون ذلك مصيرها، أما مؤخرًا فقد أصبحنا نرى أن هذا يحدث دون سبب، وقد كنتم جزءًا من التجربة.

أحمد رضوان: أو ربما يكون ذلك تمهيدًا لسبب سنعرفه.

م. طارق يوسف: طبعًا، لا يوجد سبب.

رضوى إبراهيم: وأخيرًا في حديثنا عن البورصة، نود معرفة أين البورصة من خطط كونكريت بلس للطرح؟

م. طارق يوسف: أولًا أنتِ تتحدثين في منطقة أحبها، لأنني كنت أقول لهم إنني أستثمر في البورصة بشكل شخصي، منذ أيام الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول، منذ عام 1998، فالبورصة لا تحصل على حقها، ولم يعطها أحد ما تستحقه، وهو ما أعتقد أن الدولة من المفترض أن يكون لها دور به خلال الفترة القادمة.

أوصي بضرورة الإسراع في تنفيذ الطروحات.. وهناك حاجة إلى تكبير حجم البورصة

بالحديث عن الطروحات، أولًا دور الدولة يكمن في أنها يجب أن تقوم بتوسيع حجم البورصة المصرية، وفي رأيي الشخصي، يجب أن تكون الطروحات الحكومية أسرع من ذلك بكثير، لا أعلم، ولكننا نتحدث منذ وقت طويل عن الطرح الخاص ببنك القاهرة، وهو ما لم يتم، كما نتحدث أيضًا عن الكثير من الأمور، ولكن لا شيء يحدث على أرض الواقع.

حجم البورصة المصرية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، يتسم بكونه قليلًا للغاية، وفي رأيي هذا الأمر غير صحي، وهنا تجدر الإشارة إلى كون الطروحات الحكومية مهمة، لا سيما في ظل الحاجة إلى تكبير حجم البورصة المصرية.

وبالحديث عن المنطقة، عندما قامت السعودية بطرح أرامكو، فقد شكل ذلك فارقًا في حجم البورصة السعودية، كما أثر بشكل غير مباشر على باقي الأسهم، حيث أسفر عن ارتفاعها، كما أدى إلى حركة رواج، لأنك قد تدخل في البداية على سهم أرامكو، ومن ثم تنتقل إلى سهم آخر.

وأوصي بضرورة الإسراع في تنفيذ الطروحات الحكومية، فإنني لا أفهم لمذا لا يتم طرح شركة مثل شركة العاصمة الإدارية الجديدة، لماذا؟

علمًا بأنها يمكنها أن تدخل 25 مليار دولار أخرى في شركة العاصمة الإدارية الجديدة منذ الغد، وأنت لا تزال تملكها، إلى جانب وجود مستثمرين، حيث من الممكن الترويج لذلك الطرح خارج مصر، كما يمكن الترويج لجزء بالدولار.

الكثيرون دخلوا في معضلة -لا أحبها- أن الأولوية كانت لهذا المشروع، وقد تأثرنا بذلك، وأرى أن ما حدث لا يمكن تغييره، وأن المكسب يكمن في وجود بنية تحتية ضخمة، فالميزة أنه لم يتم إلقاء الأموال، بل تم القيام بأمور أصبحت جميعها ملء السماء والبصر، وإذا قمت بتنفيذها حاليًا، ستكلفك أكثر، حتى بالسعر العالمي، دون إدخال الدولار في المعادلة.

هناك كيانات كبرى جاذبة للطرح في البورصة منها العاصمة الإدارية

فالجميع لا يلتفتون إلى وجود تضخم عالمي حدث بشكل رهيب، بعد جائحة كورونا، علمًا بأن التضخم المحلي ارتفع نتيجة تأثره بالدولار، ولكن عالميًّا أيضًا يوجد تضخم بنسبة تتراوح بين 50% و60%، فبالنظر إلى أي منتج كان يتم شراؤه من أوروبا، إذا توجهتِ لشرائه اليوم، ستجدين ما كان سعره 100 يورو، أصبح سعره 150 أو 160 يورو.

التقييم والحوافز الضريبية.. مشكلتان تواجهان القطاع الخاص عند الطرح

وهو ما يعني أننا تمكنا من تنفيذ بنية تحتية ومشروعات عملاقة بأسعار جيدة، ولديك فرصة ممكنة، فليس من اللازم بيعها إلى مستثمر، ولكن يمكن تكبير قاعدة الملكية عن طريق طرحها في البورصة، فيساهم بها مصريون وأجانب، الأمر الذي من شأنه إحداث رواج في البورصة، ومن وجهة نظري، يأتي على رأس تلك المشروعات، العاصمة الإدارية، نظرًا لكونها مشروعًا عملاقًا، ولكن ما أطالب به هو سرعة الأداء.

رضوى إبراهيم: هل ترى أن أزمة النقد الأجنبي، دفعت الحكومة لتحويل برنامج الطروحات الحكومية، إلى بوابة لجذب الاستثمارات الأجنبية، حتى وإن لم يكن هذا الهدف والمخطط منذ البداية، عبر صفقات تم الاتفاق عليها بشكل مباشر؟

م. طارق يوسف: نمتلك مقومات عدة، نستطيع ترجمتها في صورة مشاركة شعبية ومجتمعية.

اليوم، قدر التميز الخاص الذي تحدثنا عنه في قطاع العقارات، نعد الأكبر داخل قطاع البنوك الاستثمارية، سواء إي أف جي، أو بلتون أو إتش سي.

أنت لا تحتاج للبيع، اجلب الشركات المصرية، واجمع الطروحات المستهدفة، وقم بإسنادها إلى الخمسة الكبار، الذين يمتلكون سجلًّا حافلًا في المنطقة.

أحمد رضوان: من وجهة نظرك، ما السبب؟ إذا كان الموضوع يتلخص في وجود محفظة تشهد إقبالًا؟

م. طارق يوسف: أعتقد أن السبب يتركز على التقييم، وهل يوازي قيمة المؤسسة أو أقل، وبسبب أنها تندرج تحت مظلة المال العام، عادة ما يثير تخوف الناس من هذه النقطة.

تقييم شركات المال العام عادة ما يثير المخاوف

بتفكير أعمق «ملكش دعوة باللقطة»، أنت تبيع شريحة، على سبيل المثال، حصل تقييمات مختلفة لمشروع ما عند مستويات 50 و 60 و70، وتوصيات مستشار الطرح اختارت سعر 50 حتى وإن كان من وجهة نظر الحكومة تعد خسارة.

ولكن اليوم تستطيع طرح 10% على سعر «50 جنيهًا على المثال» فينجذب المزيد إلى السهم ويضاعف السعر ثم تطرح شرائح أخرى.

رضوى إبراهيم: لا يوجد مرة انتظرنا بسبب مشكلة تقييم، وما جاء بعدها كان أفضل، على العكس نرى مزيدًا من الانخفاض.

م. طارق يوسف: الطروحات الحكومية من وجهة نظري الشخصية، تحتاج إلى تحرك أسرع من ذلك، لجذب الأموال والاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدولة عبر الترويج في دول الخليج.

نمتلك العاصمة الإدارية «وهي مميزة جدًّا» لأن بنيتها التحتية منفذة بشكل أكثر من ممتاز، أفضل مما تم تطبيقه في التجمع، ومن أبرز مزاياها أيضًا موقعها المختار وفقًا لطبيعة المصريين التي لا تفضل الأماكن البعيدة، ومدينة السادات خير مثال على ذلك.

رضوى إبراهيم: غير العاصمة الإدارية وبنك القاهرة، ما النماذج الأخرى التي تراها قد تساهم في رواج الطروحات الحكومية؟

م. طارق يوسف: البنك الأهلي المصري.. لماذا لا يتم طرحه؟ على سبيل المثال، وأيضا بنك مصر.

أحمد رضوان: دعنا نعود لآخر طرح، المصرف المتحد، ما تقييمك له؟

طارق يوسف: جيد..طالما هناك تحرك.

البورصة المصرية ليست في أفضل حالاتها لكنها ستنهض وتحقق العوائد

البورصة المصرية حاليًا ليست في أفضل حالاتها، لكنها ستنهض وتحقق العوائد. دائمًا ما يُقال في البورصة: هل حسن السوق ولا حسن البضاعة؟ اليوم، إذا كانت السوق عامة ليست في أحسن حالاتها، لكن ما دام الطرح تم ونجح وتمت تغطيته، فهذا جيد.

أحمد رضوان: نتحدث حاليًا عن الطروحات الحكومية، فهل لها علاقة بأن القطاع الخاص منتظر، إلى أن عزف عن القيد؟

م. طارق يوسف: هناك مشكلتان تواجهان القطاع الخاص بشأن الطرح في البورصة، أولًا التقييم داخل سوق المال ما زال منخفضًا مقارنة بباقي بورصات العالم.

على سبيل مثال، عن طرح شركة X داخل سوق المال، تجدها تتداول بمضاعف ربحية 5 أو 6، وإذا ذهبت للسوق الإماراتية تحصل على 18.

في الواقع مضاعف الربحية في البورصة المصرية لا يعبر عن جودة الشركات، وهذا يقلل حماس القطاع الخاص نحو القيد.

المشكلة الثانية تتمثل في غياب المزايا والمحفزات الضريبية عن المستثمرين، والتي تدفعهم للقيد.

أحمد رضوان: ما هي الحوافز التي كانت موجودة واختفت، فترة العصر الذهبي للبورصة؟

م. طارق يوسف: في فترة العصر الذهبي للبورصة كان الترويج للاقتصاد المصري هو الغالب، وكان جيدا جدا، ورأينا وجود فوائض.

القصة تكمن في حدوث طفرة هائلة على مستوى العالم استفدت منها حتى 2008، وعادة ما يتبع الانتعاشة ركود، وكانت هناك فوائض أموال في العالم كله، وتزامن ذلك مع إدارة في مصر وقتها كانت تعمق وتنمي دور البورصة.

ما نريد التحدث عنه، عندما تدخل الشركات البورصة تصبح بشكل تلقائي أكثر خضوعًا للرقابة، لذا يمكن منحها في أول خمس سنوات للإدراج خفضًا في الضرائب بنسبة 10%.

مع العلم أن الدولة ستحصل على أكثر من هذا الخفض، حيث إنه «سيكون مضطرًّا لأن يصبح خاضعًا للرقابة والتعاقد من الشركات الخمسة عشر الكبرى لتقوم بمراجعة حساباته، وتحصل هذه الأموال مرة ونصف، مما يجذبه للدخول إلى البورصة المصرية”.

أحمد رضوان: نتحدث هنا عن تسويق جيد، وتحفيز ضريبي واضح للقيد.

م. طارق يوسف: هذا هو.. يمكن أيضًا تشجيع الشركات التي تمتلك رأسمال 100 مليون جنيه على البدء كمقيد في البورصة المصرية، وسيعود بالنفع على الدولة أيضًا، عبر زيادة الحصيلة الضريبية.

رضوى إبراهيم: البورصة مرت بفترة جدل طويلة حول تطبيق أ ضريبة الأرباح الرأسمالية، ورغم عدم تنفيذها إلا أن السوق دفعت ثمنها سنوات.

م. طارق يوسف: هذا عكس الفكر الذي أتحدث عنه، هل رغبتنا هنا حصد ضرائب وتخويف المستثمرين أم الحصول عليها دون إضرار بالمستثمر؟ ما أتحدث عنه لا يعني أن الحصيلة الضريبية ستقل، ولكن إذا نفذت بشكل مميز، ستحصل على ضرائب أكثر وتساعد على دخول مزيد من المستثمرين.. «كلها مسألة عامل نفسي وإجراءات”.

رضوى إبراهيم: ما رأيك في المعالجة التي عمل عليها وزير المالية الحالي لهذا الملف؟

طارق يوسف: أراها جيدة جدًّا، شعرت أنها أحدثت فرقًا في البورصة، فما وصلني مؤخرًا، أن ضريبة الأرباح الرأسمالية ألغيت.

رضوى إبراهيم: سيتم العودة إلى ضريبة الدمغة، لكنها لم تحسم بعد؟

طارق يوسف: كنا نتحدث عن انهيار البورصة وقلة حجمها، امنحها بعض المميزات وأجعلها فرصة لتعظيم مكاسب المتعاملين. لماذا تفرض عليها ضرائب؟ في بورصة ضئيلة الحجم تحتاج لتطوير وتعميق سيولتها.. أرى أنه لكي تفرض ضرائب، يجب أن يكون الحد الأدنى للبورصة من حيث التداول وحجم الشركات مضروبًا في عشرة، وليس في اثنين.

فترة العصر الذهبي للبورصة كان الترويج للاقتصاد المصري هو الغالب

رضوى إبراهيم: إلى متى سنظل نراهن على أننا نعيد العصر الذهبي الماضي للبورصة بنفس تفاصيله؟ لماذا يجب أن ننتظر قيام الحكومة بطروحات عديدة حتى يتحرك القطاع الخاص؟ لماذا لا نرى مبادرات من الأخير؟ بل بالعكس، نرى شطبًا اختياريًّا للكيانات الكبيرة التي كانت تصنع القيمة للمؤشر الرئيسي للسوق، لم يبق تقريبًا إلا سهم CIB.

م. طارق يوسف: نعود مرة أخرى للمميزات، عند القيد يمكن القيام بزيادة رأس المال بسهولة، وأيضًا أموالك أو أموال المساهمين تصبح قابلة للتحويل بسهولة إلى حد كبير.

لكن عندما أجد اليوم أنني لا أحصل على حقي كقيمة للسهم، فشركتي بدلًا من أن تُقيم بسعرها… لدينا صفقات تمت على شركات غير مدرجة أعلى من الصفقات التي تمت على شركات مماثلة مدرجة في القطاع، وهذا على يدل أن الميزة النسبية غير متحققة.

ثانيًا: لا توجد أي مميزات ضريبية حالية واضحة وصريحة للناس لتشجعها على الإدراج. يجب منح مميزات تدعم الشركات على الاستمرار في القيد والتغاضي عن مجهود عدد من المتطلبات الأخرى مثل الجمعيات العمومية.

رضوى إبراهيم: هل الميزة الخاصة بالتمويل الرخيص التي كنا نسمع عنها طوال الوقت لم تعد كذلك مقابل الالتزامات التي تقع على الشركة المقيدة؟

أحمد رضوان: أعتقد أنه من السهل أن تحمّل تكلفة التمويل المرتفع على خدمتك أو سلعتك، أسهل من أن تظل دائمًا مقيدًا بالالتزامات، وسعر سهم شركتك مقيد للتمويل.

م. طارق يوسف: الشركات التي تخارجت، لم تعد هذه أبرز تحدياتها، أصبحت كيانات كبيرة، وسهل عليها الحصول على تمويل، ولديها ثقة في قيمتها، وترى أن تقييمها في السوق غير عادل.

وهذا أدى إلى اختفاء الميزة النسبية للبقاء في السوق، خاصة أنها لم تعد بحاجة إلى هذا التمويل، بعد أن تحولت إلى كيان كبير، سواء كان مدرجًا أو غير مدرج، أصبح من السهل الحصول على التمويل.

هناك عدد من الصفقات في الفترة الماضية لم تعد مرتبطة بسوق المال، الاستثمار الخاص أصبح يدخل إلى الشركات غير المدرجة بشكل طبيعي، وفي أجل قصير، عكس المدرجة، التي تستغرق شهورًا لدخول الأموال الخاصة.

ياسمين منير: أنت مساهم في شركة أكت، وهي من الكيانات القليلة التي دخلت البورصة خلال الحقبة التي نتحدث عنها.. هل نجاح طرح شركة أكت أو ما رأيناه خلال الفترة الماضية شجعك على طرح «كونكريت بلس»، أم هذه حسابات مختلفة باعتبار أن القائمين على هذا النشاط أساس عملهم هو سوق المال؟

م. طارق يوسف: أنا متحمس بالطبع.. بغض النظر أن لكل شخص محدداته، لكن من وجهة نظري كما تحدثت في البداية، أنا أحب البورصة ومقتنع بها ومؤمن بالتطور الذي قد يحدث بها.

أحمد رضوان: إذًا ستطرح؟

نفكر بالفعل في طرح كونكريت بلس ولكن في الوقت المناسب

م. طارق يوسف: بالتأكيد نفكر في الطرح، لكنه مرهون بالتوقيت، لكي نحصل على التقييم الحقيقي، وفقًا لطبيعة الأنشطة المقرر طرحها.

بالتأكيد الوقت غير مناسب لطرح شركة 70-80% من إيراداتها تأتي من المقاولات في ظل هذا الوضع.

رضوى إبراهيم: متى سيكون الوقت المناسب لطرح «كونكريت بلس» أو إحدى شركاتها التابعة؟

م. طارق يوسف: لسنا بعيدين تمامًا عن هذه القصة..الآن هناك الـ SPAC (شركات الاستحواذ الغرض الخاص).. يمكننا البدء بالـ SPAC ولدينا سنتان لتوفيق أوضاعنا.

ياسمين منير: ماذا ستكون طبيعية شركة الـ SPAC عقارات أم مقاولات؟ ماذا سيكون تخصصها؟

طارق يوسف: يقيني الشخصي، لو أردت الدخول للبورصة، سيكون بطرح القابضة، ومن ثم بعد ذلك تعطيني فرصة أكبر لأن أخرج من جزء، وأستمر في جزء.

يمكننا البدء بالـ SPAC ولدينا سنتان لتوفيق أوضاعنا

هنا نتحدث عن أصل الفكرة، نحن ننظر للسوق المصرية على أنها سوق ناشئة، وهذه حقيقة، وبالتالي تحتاج لتنويع كبير لمواكبة الأحداث والتطورات المختلفة.

رضوى إبراهيم: لكن حتى لو الوقت ليس مناسبًا بعد في مصر بمعاييرك التي ترصدها، هل يمكن أن تفكر في الطرح في أسواق أخرى أنت متواجد فيها ولديك توسعات كبيرة فيها؟

م. طارق يوسف: جزء مهم من الطرح هو قيمة العلامة التجارية ومدى انتشارك.. اليوم في ظل وضعنا الحالي، بالتأكيد السوق المحلية هي الأساس، لأن الناس في مصر يعرفون «كونكريت بلس».

ياسمين منير: هل أنتم منفتحون على صفقات الاستحواذ، سواء أن تكونوا محل استحواذ أو أن تستحوذوا ضمن إطار توسيع أعمالكم في مصر أو خارجها؟

منفتحون على صفقات الاستحواذ داخل أو خارج مصر

طارق يوسف: نحن منفتحون جدًّا سواء بهذا الاتجاه أو ذاك، وربما كنت تحدثت عن فكرة أن البنوك في مصر تمول عمليات الاستحواذ، ولو حدث هذا، كنا سنتمم عدة عمليات.

رضوى إبراهيم: لكن السياسة الاستثمارية لشركة «أكت» تقوم على الاستحواذ كمستثمر مالي بهدف التخارج بعد فترة وتحقيق عائد؟

م. طارق يوسف: أشير هنا إلى الجزء المتعلق بالتمويل الخاص بشركة كونكريت، حيث إن طبيعية نشاطها تختلف عن شركة «أكت فاينانشال»، وبالتالي فإن الرد على هذا السؤال يخص كونكريت فقط.

رضوى إبراهيم: في حال دخول «كونكريت» في صفقات استحواذ، هل من المتوقع ألا تتبع نفس الأجيال الاستثمارية المعتادة؟

م. طارق يوسف: لا على الإطلاق.. ولكن إذا كنت أرغب في الدخول إلى القطاع الصناعي بسرعة على سبيل المثال ووجدت جهات مستعدة لتمويلي، فقد تجدني في صباح اليوم التالي أشتري مصنعًا للأسمنت أو الحديد.. إذا ما تواجدت الرغبة والاستعداد لإجراء عمليات توسع في الإنتاج. نحن في كونكريت نشاطنا مختلف تمامًا ويعتمد على الاستثمار طويل المدى وهذه هي طبيعة عملنا.

أحمد رضوان: هل تلقيت عروضًا للاستحواذ على «كونكريت» أو «أكت»؟

تلقّينا عرضًا للاستحواذ على حصة حاكمة في ‹كونكريت› والصفقة توقفت بسبب التقييم

م. طارق يوسف: «أكت» شيء آخر.. من الأفضل أن ندع المسؤولين التنفيذيين لـ «أكت» يتحدثون عن هذا الأمر، خصوصًا وأنني رئيس غير تنفيذي للشركة.

أحمد رضوان: هل طلبوا وساطتك لهذا الأمر؟

م. طارق يوسف: لا.. كما أن نشاطها مختلف عن كونكريت.

أحمد رضوان: وبالنسبة لـ»كونكريت»؟

م. طارق يوسف: تلقّينا عرضًا للاستحواذ منذ عام، ولكن لم يتم الاتفاق بسبب التقييم.

منفتحون على الشراكات الواقعية التي تحقق نموًّا مستدامًا

أحمد رضوان: من داخل مصر أم من الخارج؟

م. طارق يوسف: من خارج مصر.

رضوي إبراهيم: مستثمر إستراتيجي أم مالي؟

م. طارق يوسف: يمكن اعتباره يجمع بين الصفتين.

أحمد رضوان: التقييم فقط هو الذي تسبب في تعطل الصفقة؟

م. طارق يوسف: بالتأكيد.. لأن التقييم أمر مهم ومؤثر.

أحمد رضوان: هل كان هناك حديث عن تحديد حصة معينة؟

م. طارق يوسف: نعم.. هم كانوا يتحدثون عن حصة حاكمة، مع استمرارنا في الإدارة لفترة محددة، وقطعنا شوطًا في التفاوض، لكن لم يحدث توافق في النهاية على الرقم نفسه.

أحمد رضوان: هل أنت منفتح على عمليات الاستحواذ؟

م. طارق يوسف: نحن منفتحون، ومجال الأعمال يتطلب أن تكون براجماتيًّا أو واقعيًّا، وهذا أمر يبدو منطقيًّا.

صفقات الاستحواذ المحتملة مرهونة بالفرص والتمويل وليس بنمط استثماري تقليدي

لا ينبغي أن يكون الهدف من فكرة الاستحواذ هو الحصول على الأموال فقط، بل يجب أن يُركز أيضًا على تحقيق قيمة مضافة، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا، لا سيما في ظل تطلعنا المستمر لتحقيق النمو.

فإذا كان هذا الشريك سيُسهم في تحقيق نمو أكبر لـ كونكريت بلس كمجموعة، فحينها سيتم مناقشة الأمر بجدية، أما إذا كان الأمر مجرد استثمار مالي محدود، فلن يكون ضمن نطاق اهتمامنا.

رضوى إبراهيم: هل كان ذلك مستثمرًا عربيًّا أم أجنبيًّا؟

م. طارق يوسف: مستثمر عربي.

أحمد رضوان: ونحن نتحدث عن المشروعات التي تظل راسخة في ذاكرة الشركة، لفت انتباهي اهتمامك بفكرة أن ترى مشروعًا على أرض الواقع وتقول: «نحن من نفذ هذا العمل».. في الوقت الحالي ما أبرز المشروعات التي تعملون عليها وتشعرون تجاهها بنوع من الفخر؟

فخورون بتنفيذ مشروع في العلمين على مساحة 1.1 مليون متر مربع وباستثمارات تتجاوز 20 مليار جنيه

م. طارق يوسف: أشعر بالفخر بمشروع العلمين، الذي نتولى تنفيذه حاليًا على مساحة مليون و 100 الف متر مربع وتتجاوز أعماله الـ 20 مليار جنيه، ويتضمن إنشاء العمارات الواقعة خلف أبراج العلمين الشهيرة، ويُعدّ هذا مشروعًا كبيرًا بالنسبة لنا.

كما أشعر بالفخر أيضًا بانتهائنا من تنفيذ مستشفى الأورام في كفر الشيخ، ليس فقط لأنه مستشفى ضخم، بل لأنه يحل مشكلة حقيقية لعدد كبير من المواطنين، حيث يُعد هذا أول مستشفى أورام يتم إنشاؤه في المحافظة، كما انتهينا مؤخرًا من تنفيذ مستشفى العريش.

أحمد رضوان : وبالنسبة لمحطات القطار السريع؟

م. طارق يوسف: مشروع محطات القطار السريع لم يتم الانتهاء منه بعد، وما زلنا مستمرين في العمل عليه، نحن نتولى تنفيذ أكبر محطة، وهي المحطة الطرفية في مرسى مطروح، بالإضافة إلى محطة محمد نجيب في القاهرة الجديدة، والتي يتم تنفيذها بالشراكة مع شركة ريدكون.

أحمد رضوان: هل تعملون في مشروعات تحلية المياه؟

م. طارق يوسف: لا نعمل بشكل مباشر في مجال تحلية المياه، لكن نعمل في مشروعات بنية تحتية أخرى مثل مشروعات ذات الأولوية في منطقة 6 أكتوبر، كما تم الانتهاء من أعمال البنية التحتية لمناطق R4 و R6 إلى جانب تصميم عقارات R3 بالعاصمة الإدارية، بالإضافة إلى المرحلة الثانية لمشروع CBD لمستثمرين صينيين.

حاليًا نعمل على تنفيذ مشروعين مهمين، أحدهما مع محمود الجمال وهو مشروع أرت لايف بكمبوند نيو جيزة، والذي يتضمن أكبر مبان إدارية، والآخر يتضمن إنشاء 10 مبان إدارية لصالح شركة تعمير الكويتية بجوار الجامعة الأمريكية.

أحمد رضوان: ننتقل الآن إلى الأسئلة المرتبطة برحلة حضرتك في عالم الأعمال.. نرجو أن تحدثنا عن بدايتك، بعد الانتهاء من دراستك، ثم قرارك بعدها اتخاذ المسار المهني الذي تسلكه.. وكيف بنيت هذا المسار؟.. وفي نفس الوقت ما هي أبرز المحطات التي لا تُنسى في هذا الطريق؟

م. طارق يوسف: الشخصية هي العنصر الأساسي الذي يشكل جانبًا كبيرًا من هوية الإنسان، ومن يريد أن ينجح في عالم الأعمال، لا بد أن يتحلى بأمرين في غاية الأهمية، الأول أن يكون شخصًا إيجابيًا؛ فلا يوجد رجل أعمال يمكن أن ينجح وهو شخص سلبي، لأن الدنيا كلها عبارة عن مزيج من التحديات.

أتيحت لي فرصة التعلم من شخصيات بارزة في مجال المقاولات أبرزهم عثمان أحمد عثمان

فلا توجد رحلة لرجل أعمال تسير بسلاسة تامة، حيث يجلس مرتاحًا ويكسب كل يوم دون عناء، هذا التصوّر غير واقعي.

التحديات جزء من القصة، والمهم أن تتحلى بالأمل في القدرة على تخطيها، وقد كنت محظوظًا في بداية مسيرتي المهنية، إذ أتيحت لي الفرصة للاحتكاك بعدد من الشخصيات البارزة في عالم المقاولات، وكان لي قرب كبير من بعضهم،

المهندس أنسي ساويرس ترك بصمة في مسيرتي خلال فترة عملي بأوراسكوم وأكنّ له احترامًا كبيرًا

ومن أبرز هؤلاء المهندس عثمان أحمد عثمان، وكذلك المهندس أنسي ساويرس، الذي كنت قريبًا منه خلال فترة عملي في شركة أوراسكوم. وقد تركت تلك التجربة أثرًا كبيرًا في تكوين شخصيتي، ولا زلت حتى اليوم أكنّ له احترامًا كبيرًا على المستوى الشخصي.

أما ناصف ساويرس، فقد عملت معه أيضًا في بداياتي، وجميع هذه الشخصيات كانت تتميز برؤية ثاقبة وخبرة واسعة، تركت أثرًا واضحًا في مسيرتي، فقد تعلمت منهم الكثير، وأكنّ لهم محبة خاصة، ولا زلت أشعر بارتباط كبير بهم، خاصةً أن والدي كان من المؤسسين لشركة أوراسكوم.

أحمد رضوان: معنى ذلك أن بدايتك في دخول هذا المجال كانت مرتبطة بوالدك؟

م. طارق يوسف: بالطبع.. حين تنشأ في بيتٍ يكون فيه والدك عضوًا في مجلس إدارة شركة أوراسكوم، وكان من مؤسسيها، وكنتُ لا أزال في المدرسة آنذاك، فمن الطبيعي أن ترى منذ صغرك كيف يدير ويساهم في مؤسسة كبيرة.

هذه الأمور تتعلمها دون أن تشعر، من خلال ما تسمعه في المكالمات الهاتفية، وما تراه من أسلوب الإدارة والتعامل.. وهذا هو التعليم الحقيقي.

وأنا في الأساس خريج هندسة القاهرة ، وما فرق معي أيضًا أنني حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال عام 2002 ، وكانت أول تجربة لي مع جامعة النيل، و جميع الأساتذة كانوا من الأجانب، وقضيت فصلين دراسيين في إسبانيا .

هذه التجربة تضمنت جزءًا رئيسيًّا متعلقًا بمجال الأعمال، ساهمت في تشكيل شخصيتي وفهمي للمجال المالي والبيزنس، لا سيما وأن طبيعة دراسة الهندسة لا تمنح المهندس معرفة كافية بمجالي التمويل وإدارة الأعمال.

بالنسبة للتحديات، فقد واجهنا العديد منها، لا سيما أننا نمتلك مجموعة من الشركات، أبرزها «كونكريت»، وكان التحدي الأول الذي واجهناه هو ما حدث خلال ثورة عام 2011، حيث مررنا بفترة صعبة امتدت لعامين، كانت خلالها السوق في مصر شبه متوقفة، وشهدت تلك المرحلة اضطرابات كبيرة أثّرت على سير الأعمال بشكل ملحوظ.

كنت دائم التأكيد على التزامنا في تنفيذ تعاقداتنا، حتى في أصعب الفترات، فعلى الرغم من التحديات، حرصنا على الاستمرار، حتى لو تطلّب الأمر ضخ أموال إضافية لتجاوز المرحلة الصعبة، وهذا ما فعلناه بالفعل.

لجأنا للحصول علي دعم داخلي من شركات أخرى تابعة للمجموعة، مثل شركة T&D Design Group المتخصصة في الأثاث، والتي كانت وقتها تحقق أداءً جيدًا، فبدأنا في تحويل الموارد منها لدعم شركة «كونكريت» حتى نجحنا في عبور الأزمة.

ثم جاءت الثورة الإنشائية في قطاع المقاولات عام 2014، فعدنا مرة أخرى لتوسيع نشاط «كونكريت». وللعلم، كنا قبل ذلك نعمل على تنفيذ العديد من المشاريع الكبيرة ونسير بخطى نمو ثابتة، لكن الثورة جاءت في توقيت بالغ الصعوبة، وكانت بمثابة ضربة قاتلة خاصة لقطاع المقاولات، لأن التوقف عن النشاط لمدة عامين كان أمرًا يصعب تحمله.

ورغم كل ذلك، قررنا في ذروة التحدي أن نستمر، وبدأنا في الحصول على أعمال جديدة، وعملنا على الوفاء بجميع الالتزامات المترتبة علينا، فكانت بالفعل سنتان من أصعب الفترات، لكننا تجاوزناها. وكما يُقال، التحديات تُقوّي، وهذا ما تحقق فعليًّا.

ياسمين منير: هل كانت دراسة الهندسة قرارك من البداية، أم كانت بتأثير من الوالد؟

م. طارق يوسف: كانت اختياري، والدي لم يطلب مني يومًا أن أذاكر أو أن أختار تخصصًا معينًا. نحن في الأصل عائلة هندسية بامتياز، فأنا مهندس، ووالدي مهندس، وزوجتي دينا مهندسة ديكور، كما أن والدتها مهندسة معمارية، ووالدها –رحمه الله– كان مهندسًا ميكانيكيًّا، فالهندسة متأصلة في عائلتنا.

ياسمين منير: هل لديك هوايات أو مهارات تحب ممارستها رغم انشغالك؟

م. طارق يوسف: كان لدي شغف كبير بكرة القدم، وقد تركت أثرًا واضحًا في حياتي، حيث مارستها ضمن صفوف فريق نادي الشمس حتى سن 17 عامًا، لكنني لم أتمكن من الاستمرار، إذ وجدت صعوبة في التوفيق بينها وبين الدراسة. كما مارست رياضة التنس حتى ما قبل 7 أو 8 سنوات، لكن في الفترة الأخيرة ازدادت ضغوط العمل وتعددت التحديات، فلم أعد قادرًا على تحقيق توازن بين العمل والرياضة.

رضوى إبراهيم: نصل إلى السؤال الختامي، ونود منك بعض الرسائل المختصرة.. أولًا، ما هي رسالتك للقطاع الخاص؟

م. طارق يوسف: أتمنى أن يشهد القطاع الخاص نموًّا خلال الفترة المقبلة، وأن يكون قادرًا على تحمّل التحديات واكتشاف الفرص في كل مرحلة.

كما أنصح الناس عمومًا بالتوجّه إلى العمل الخاص، فمهما بلغ الراتب في أي وظيفة، فلن يحقق الثراء الحقيقي ما لم يخوضوا بعض المخاطر، نحن بحاجة إلى تغيير جزء من ثقافتنا.

رضوى إبراهيم : هل هناك نصائح أو توصيات تود توجيهها لرواد الأعمال؟

الإصرار يمثل نحو 90% من طريق النجاح.. وأتمنى نمو القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة

م. طارق يوسف: الإصرار هو العامل الأهم، أكثر من الذكاء أو أي شيء آخر. أتذكر أثناء تحضيري لرسالة الماجستير، وخلال إحدى المحاضرات، كان هناك محاضر ألماني الجنسية متخصص في مجال الأعمال، وقد روى لنا تجربة شخصية حول معنى الإصرار.

قال إنه أثناء تدريسه في إحدى دول أوروبا الشرقية، كانت هناك طالبة تُكثر من طرح الأسئلة بشكل لافت، لدرجة أنها كانت تزعجه، بل وكان يعتقد أنها ليست ذكية بما يكفي.

وبعد انتهاء الدورة، عادت إليه هذه الطالبة وسألته: أنا الآن أرغب في العمل، لكن لا أعرف في أي مجال أبدأ؟ فأجابها: «ليس من دوري أن أحدد لكِ ماذا تفعلين، لقد شرحت لكِ المبادئ التي تساعدك على النجاح».

من يريد النجاح في عالم الأعمال لا بد أن يتحلى بشخصيةٍ إيجابية

وبعد لحظة من التفكير، قال لها مازحًا: «ابدئي العمل كوكيلة طائرات، وإذا نجحتِ في بيع أول طائرة، فلي نصف الأرباح!». لم يتوقع أن تأخذ كلامه على محمل الجد، لكنها فعلت. وبعد 3 سنوات، عادت إليه بالفعل وقدمت له مبلغًا من المال، وقالت: «هذا هو نصيبك من الأرباح»، على ما أتذكر كانت من دولة لاتفيا، وأخبرته أنها عملت في مجال الطيران كما قال.

قالت إنها حاولت التواصل مع عدد كبير من شركات الطيران العالمية، مثل بوينج وإيرباص، لكنها لم تتلقَّ أي رد منهم، ورغم ذلك، لم تيأس، وظلّت تبحث حتى وجدت شركة طيران برازيلية لم يكن لها وكيل في لاتفيا، وبعد جهود متواصلة وإصرار كبير، تمكنت من الحصول على توكيل هذه الشركة داخل بلدها.

لم تتوقف عند هذا الحد، بل استطاعت أيضًا، بعد جهد كبير، إقناع شركة الطيران الوطنية في لاتفيا بشراء طائرتين من الشركة البرازيلية.

تُظهر هذه القصة إلى أي مدى يمكن للإصرار أن يشكل الفارق، وأعتقد أن الإصرار يمثل نحو 90% من طريق النجاح.

رضوى إبراهيم: أخيرًا وليس آخرًا، ما رسالتك إلى الأسرة التي تحمّلت تحديات رحلتك حتى وصلتَ إلى ما تطمح إليه؟

م. طارق يوسف: من مميزات أسرتي أن زوجتي «دينا» مهندسة أيضًا، وهي شريكتي في شركة T&D Design Group هذا يجعلها على دراية كاملة بتحديات العمل في مجال البيزنس، الأمر الذي يخلق بيننا تفاهمًا كبيرًا، ويجنبنا الكثير من المشكلات التقليدية التي قد تحدث بين الأزواج.

فهي متفهمة تمامًا لنمط الحياة الذي أعيشه، وتُدرك الضغوط المرتبطة بطبيعة عملنا، فوجود شريك يدعمك ويتفهم ظروفك، دون أن يثقل عليك بالأعباء أمر في غاية الأهمية.

كما أن والدي مؤثّر جدًّا في حياتي، مثلما ذكرتُ خلال الحديث، فهو يتمتّع بسمعة طيبة في السوق، ولا تزال تُذكر حتى يومنا هذا.

أيضا والدتي تعد أكبر داعم لي في حياتي، فالأسرة لها دور كبير في مسيرتي.

أحمد رضوان: ما الرسالة التي ترغب في توجيهها إلى أسرتك؟

م. طارق يوسف: أطلب منهم أن يتحمّلوني، وفي الحقيقة أنا ممتن جدًّا لكل أفراد أسرتي على دعمهم الكبير لي.

أما عن والدي، فكلّما ذُكرت سيرته أشعر بالفخر، وهذا شيء مهم للغاية، وأنا لا أفتخر به فحسب، بل ما زلت حتى اليوم أذهب إليه وأستشيره في شؤون العمل، وأستفيد كثيرًا من خبراته.

أحمد رضوان: متعه الله بالصحة والعافية.

رضوى إبراهيم: استمتعنا بالحوار مع حضرتك.

م. طارق يوسف: أنا أيضًا استمعت بهذا الحوار اللطيف.

ياسمين منير: نشكر حضرتك على وجودك معنا.

أحمد رضوان: شكرًا جزيلًا ونلتقي بإذن الله في مؤتمر حابي السنوي.. وإلى لقاء آخر من حابي بودكاست.

الرابط المختصر