اتش سي ترجح إبقاء البنك المركزي على سعر الفائدة في اجتماعه المقبل
يارا الجنايني_ توقعت شركة اتش سي للأوراق المالية والاستثمار، أن يُبقي البنك المركزي المصري أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر عقده يوم الخميس 10 يوليو 2025، في ظل استمرار الضغوط التضخمية محليًا، إلى جانب الترقب الحذر تجاه تطورات المشهد الجيوسياسي والاقتصادي العالمي.
وأوضحت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بالشركة، أن التقييم الحالي للمؤشرات الاقتصادية يدعم قرار التثبيت، رغم ارتفاع التضخم في مايو، مرجعة ذلك إلى توازن نسبي في العوامل الخارجية وتحسن بعض المؤشرات المحلية.

مرونة في المؤشرات الخارجية رغم التوترات

قالت منير إن الاقتصاد المصري أبدى قدرًا من الصمود خلال شهر يونيو، على الرغم من تصاعد التوترات الإقليمية، مشيرة إلى استقرار سعر الصرف عند 49.6 جنيه للدولار بنهاية الشهر، دون تغيير يُذكر مقارنة بمايو.
وبحسب تقرير صادر عن شركة اتش سي ، تراجعت تكلفة التأمين على الديون السيادية (CDS) لأجل عام إلى 301 نقطة أساس، مقابل 333 نقطة في بداية 2025، مما يعكس تحسن ثقة الأسواق في استقرار الوضع المالي المصري.
وفي سياق تدفقات رؤوس الأموال، سجلت السوق الثانوية لأدوات الدين الحكومية صافي مشتريات أجنبية بلغت 1.2 مليار جنيه خلال يونيو، بفضل العوائد الجذابة، رغم خروج بعض الاستثمارات الأجنبية تزامنًا مع تصاعد حدة النزاع بين إسرائيل وإيران.
هذا التحرك صاحبه نشاط ملحوظ في سوق الانتربنك بين البنوك، حيث ارتفعت أحجام التداول إلى نحو 800 مليون دولار يوميًا منتصف يونيو، مقارنة بمتوسط يتراوح بين 150 و250 مليون دولار، في دلالة على تحسن السيولة الدولارية.
تحسن التحويلات ومؤشر مديري المشتريات
وفيما يخص مصادر العملة الأجنبية، أشار التقرير إلى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت بنسبة 39% على أساس سنوي خلال أبريل لتسجل 3 مليارات دولار، كما قفزت بنحو 77% خلال أول 10 أشهر من العام المالي الجاري لتصل إلى 29.4 مليار دولار، ما يعكس ثقة قوية في النظام المصرفي.
أما على مستوى مؤشرات الأعمال، فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى 49.5 نقطة في مايو، مقابل 48.5 نقطة في أبريل، مدعومًا بنمو القطاع الصناعي.
ورغم أن المؤشر لا يزال دون مستوى الـ50 نقطة الذي يفصل بين الانكماش والتوسع، إلا أن التحسن يُعد مؤشرًا إيجابيًا نسبيًا على تحسن جزئي في مناخ الأعمال.
ضغوط تضخمية مرتقبة في يوليو
على الجانب الآخر، رجحت اتش سي استمرار الضغوط التضخمية خلال يوليو، مدفوعة بعدة عوامل محلية، أبرزها التعديلات الأخيرة على قانون ضريبة القيمة المضافة، التي شملت زيادة أسعار السجائر والتبغ بنحو 16%، إلى جانب زيادات مرتقبة في أسعار الكهرباء نتيجة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.
وأضافت أن هذه العوامل تأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف من ارتفاع التضخم العالمي، خاصة مع إشارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى احتمالية إنهاء العمل بوقف التعريفات الجمركية بعد 9 يوليو، وهو ما قد يُعيد تصاعد الضغوط السعرية على المستوى العالمي.
أدوات الدين الحكومية لا تزال جذابة
رغم تلك التحديات، ترى اتش سي أن أدوات الدين الحكومية المصرية ما زالت تتمتع بجاذبية كبيرة لدى المستثمرين، مدعومة بعوائد مرتفعة وتوجه عالمي نحو التيسير النقدي.
وأوضحت أن آخر طرح لأذون الخزانة لأجل 12 شهرًا سجل عائدًا بلغ 24.833%، وهو ما يمثل عائدًا حقيقيًا بنحو 5.21% بعد احتساب متوسط التضخم المتوقع (16.03%) والضرائب المفروضة على المستثمرين الأجانب.
كما انخفض متوسط العائد المطلوب من الأجانب على الأذون إلى 27.2% في يونيو، مقابل 28.0% في مايو، مما يعكس شهية متزايدة للاستثمار في أدوات الدين المحلية.
سياسة تثبيتية في مواجهة الغموض
بناءً على تلك المعطيات، ترجّح الشركة أن يُفضل البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، في ظل رغبة في تقييم تأثير الخفض التراكمي الذي بلغ 325 نقطة أساس خلال أبريل ومايو، والذي جاء بعد دورة تشديد قوية بدأت في 2022 ورفعت الفائدة الإجمالية بـ1900 نقطة أساس.
وكان معدل التضخم السنوي قد تسارع إلى 16.8% في مايو، مقابل 13.6% في أبريل، فيما ارتفع معدل التضخم الشهري إلى 1.9%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
على المستوى الدولي، ثبت الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة عند نطاق 4.25% – 4.50% في يونيو، بينما بدأ البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 2022، ليصل إجمالي الخفض إلى 200 نقطة أساس منذ يونيو 2024، في دلالة على ميل عالمي نحو تخفيف السياسات النقدية.