مدحت نافع: ضرورة تطوير إطار تشريعي وتنفيذي يسمح بفصل الأصول الاستثمارية وتقييمها بدقة

الصكوك السيادية آلية تتيح تحويل أصول عامة غير مستغلة إلى أدوات استثمارية منتجة

باره عريان _ قال الدكتور مدحت نافع عضو اللجنة الاستشارية المتخصصة للاقتصاد الكلي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، إنه لا ينبغي النظر إلى الصكوك السيادية باعتبارها أداة تمويل بديلة عن أدوات الدين التقليدية فحسب، بل باعتبارها آلية هيكلية لتحسين جودة الدين، وتنويع مصادره، وتخفيض تكلفته على المدى الطويل.

أوضح نافع أن الصكوك تتيح إمكانية تحويل بعض الأصول العامة غير المستغلة إلى أدوات استثمارية منتجة، مما يسفر عن تخفيف الضغط على الموازنة العامة وتقليص الحاجة إلى التمويل بالعجز، لافتًا إلى أن الاعتماد المتوازن على هذه الصكوك يُحسّن من مؤشرات ديون الدولة من حيث الأجل والتكلفة والعملة والقاعدة الاستثمارية.

E-Bank

وأشار إلى أن الصكوك بطبيعتها تُوسع قاعدة المستثمرين، لأنها تُراعي الجوانب الشرعية وتستهدف المؤسسات والأفراد الباحثين عن أدوات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، سواء في الداخل أو الخارج، خاصة من دول الخليج وشرق آسيا، منوهًا إلى أنه مع تسعير مناسب وهيكل جذاب، يمكن للصكوك المصرية أن تخترق أسواقًا جديدة لم تكن أدوات الدين التقليدية تصل إليها بنفس الكفاءة.

Zaldi-06-2025

وقال إن التفاعل الكبير مع أول إصدار صكوك سيادية في 2023 يعكس هذا التوجه، حيث تجاوزت التغطية 4 أضعاف المطروح، لافتًا إلى أن الصكوك تُعد الأنسب لتمويل مشروعات البنية التحتية الكبرى التي تعتمد على أصول قابلة للانتفاع (Usufruct)، ويمكن تقييمها وإدارتها ماليًّا بشكل مستقل.

ونوه إلى أبرز المشروعات الملائمة لتلك الآلية، والتي تتمثل في الموانئ والمطارات، وشبكات الطرق السريعة، ومحطات الطاقة والمياه، ومشروعات النقل الذكي، والمجمعات الحكومية الجديدة مثل العاصمة الإدارية، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب تطوير إطار تشريعي وتنفيذي يسمح بفصل الأصول الاستثمارية وتقييمها بدقة، وتفعيل دور “شركة التصكيك السيادية” التي أنشأها القانون.

تابعنا على | Linkedin | instagram

أضاف أن الصكوك تؤدي دورين معًا، ولكن بدرجات متفاوتة، فهي من جهة تحوّل الدين إلى شراكة استثمارية، وتُحمّل المستثمر جزءًا من المخاطر والعوائد، خلافًا للسندات التقليدية، ومن جهة أخرى تُحفّز استثمارات جديدة لأنها تُوجِد قناة تمويلية مستقلة عن الخزانة العامة، وتفتح الباب للقطاع الخاص المحلي والدولي للمشاركة في مشروعات التنمية. ولفت إلى أن هذه الصكوك إذا أُحسن استخدامها في إطار مشروعات حقيقية وليست لأغراض تمويل عجز الموازنة، ستكون أداة استقطاب وليست مجرّد تحويل.

وعن الأدوات الأخرى التي يمكن الاعتماد عليها في هذا الإطار، أشار إلى وجود مجموعة من الأدوات التكميلية والمكملة، منها الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، والصناديق السيادية كأداة لتدوير الأصول واستثمارها، والطروحات الأولية للأصول العامة القابلة للتداول، فضلًا عن الأدوات التمويلية المبتكرة مثل الصناديق العقارية REITs، والأوراق المالية المدعومة بالأصول AB، لافتا إلى أن ما يهم هو أن تكون هذه الأدوات جزءًا من رؤية متكاملة لإدارة الأصول العامة وتوليد القيمة منها.

ويرى مدحت نافع أن إدخال الصكوك ضمن آليات التمويل الموجهة نحو مشروعات البحر الأحمر يُعد مؤشرًا على رغبة الحكومة في ترويج المنطقة كوجهة استثمارية إسلامية عالمية، منوها إلى أن تلك المنطقة تمتلك خصائص فريدة، تتمثل في الموقع الإستراتيجي، والارتباط بالممرات البحرية العالمية، بالإضافة إلى الأولوية في خطط الدولة التنموية والسياحية، فضلًا عما تضمه من مشروعات واعدة مثل ميناء سفاجا، ومدينة رأس بناس، وربما مناطق صناعية في العين السخنة. ولفت إلى أن الصكوك تُسهم في تمويل هذه المشروعات وجذب مستثمرين من الخليج وآسيا لهم اهتمام إستراتيجي بتلك المنطقة.

وحول مدى تأثر الصكوك السيادية بالمستجدات التي تطرأ على الساحة، أكد أن الصكوك كغيرها من أدوات التمويل، لا تنفصل عن البيئة الجيوسياسية والاقتصادية، خاصة إذا كانت مرتبطة بأسواق المال العالمية. ونوه إلى أنه في ظل التوترات الإقليمية كالحرب في غزة أو التهديدات في البحر الأحمر، قد تتأثر جاذبية الإصدارات من حيث التسعير والمخاطرة.

أضاف نافع أن ما يُميز الصكوك السيادية هو كونها مرتبطة بأصول قائمة ذات عوائد محتملة، وهو ما قد يمنحها أفضلية نسبية إذا تم الإفصاح عنها بشفافية، لذا من المهم أن تُربط الإصدارات القادمة بمشروعات محددة وذات جدوى اقتصادية واضحة، وأن تتم عبر تسويق احترافي ومشاركة مؤسسات تمويل دولية.

 

 

الرابط المختصر