صندوق النقد يحدد 4 إصلاحات من مصر يستهدفها تسهيل الصلابة والاستدامة

سمر السيد_ من المتوقع أن يدعم تسهيل الصلابة والاستدامة – المعروف اختصارًا بـ”RSF” البالغة قيمته 1.3 مليار دولار والمقرر أن يقدمه صندوق النقد لمصر- جهود السلطات المصرية لتنفيذ إصلاحات مناخية بالغة الأهمية على مستوى الاقتصاد الكلي، مع التركيز على أربعة تحديات رئيسية تتمثل في تسريع وتيرة إزالة الكربون، وتعزيز إدارة المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية وبناء القدرة على الصمود، وزيادة قدرة القطاع المالي على تحديد هذه المخاطر ودعم فرص التمويل الأخضر، بالإضافة إلى تحديد آثار خطط وبرامج ومشاريع الاستثمار على الأهداف الوطنية المقرر اتخاذه لمواجهة الاحتباس الحراري.

وكشفت وثائق المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري مع صندوق النقد عن استهداف استخدام موارد هذا التسهيل لدعم الموازنة.

E-Bank

ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 11 مارس الماضي على طلب السلطات المصرية عقد اتفاق تسهيل الصلابة والاستدامة البالغة قيمته حوالي 1.3 مليار دولار أمريكي (مليار حق سحب خاص).

تحديات رئيسية

وأفادت الوثائق بأن مصر- على المدى الطويل-تعد عُرضةً لتأثيرات تغير المناخ، حيث تُواجه تحديات رئيسة تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة والاحتباس الحراري، وارتفاع منسوب مياه البحار، وندرة المياه، بالإضافة إلى مخاطر الجفاف والفيضانات.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وتتمتع مصر بمؤشر مخاطر مناخية أعلى مقارنةً بالاقتصادات الناشئة المقارنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم، وخطر أعلى بنحو ضعفي الخطر في الاقتصادات المتقدمة، وفقًا للصندوق.

يرى صندوق النقد أن تعرض مصر الحالي لمخاطر المناخ وتأثرها به يفرض تحديات هيكلية من المرجح أن تتفاقم بسبب تغير المناخ، مضيفًا أنه في غياب التكيف، ستؤدي توقعات موجات الاحترار إلى تفاقم ندرة المياه، وتهديد الأمن الغذائي، ونزوح السكان.

وأكد الصندوق أهمية وضع إطار تنظيمي ومالي مُتماسك، وقائم على السوق، لدعم أهداف السلطات في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.

وأضاف أنه من شأن اتباع نهج أكثر شمولية، يُدمج أهداف المناخ في صنع السياسات الاقتصادية الكلية – مثل السياسات المتعلقة بالطاقة وتخطيط الاستثمار – وإطار تنظيمي يضمن التقدم نحو تحقيق أهداف المناخويدعم الجهود المبذولة لتعبئة التمويلات المناخية، أن يُعزز بشكل كبير تحول مصر إلى نموذج مناخي جديد.

وتابع أنه لمعالجة مواطن الضعف الكبيرة في مجال التغيرات المناخية، سيساعد دمج أهداف المناخ في صنع السياسات الاقتصادية الكلية على استدامة جهود التخفيف والتكيف من تأثير الاحتباس الحراري.

يشمل ذلك دمج أهداف التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره في تخطيط المشروعات الاستثمارية، واتباع نهج متسلسل لإصلاحات قطاعي الطاقة والنفط والغاز، بما في ذلك إصلاحات التسعير، وفقًا للصندوق.

تدابير عدة ومكاسب متوقعة

تتمتع مصر بالقدرة على تحقيق أهدافها المتعلقة بالتخفيف من تأثيرات تغير المناخ بفعالية من خلال مجموعة من تدابير السياسات، بما في ذلك إلغاء دعم الوقود الأحفوري وزيادة الاستثمارات بشكل كبير في الطاقة المتجددة، وفقا للصندوق.

وكشفت وثائق المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري أنه من خلال تطبيق تسعير مناسب للوقود الأحفوري، وتوجيه حتى 50% من الإيرادات المولدة نحو خفض عجز الموازنة، يُمكن لمصر أن تحقق فوائد اقتصادية كبيرة.

تتمثل هذه الفوائد المتوقعة فيبلوغ مكاسب الناتج المحلي الإجمالي 7.3% بحلول عام 2030 و13.8% بحلول عام 2040.

ويضيف الصندوق أنه يُمكن أن تكون هذه التقديرات أعلى إذا خصصت مصر المزيد من الإيرادات لخفض الموازنة، أو حددت أسعار الوقود الأحفوري محليًا بما يتماشى مع الأسعار العالمية.

إطار تنظيمي

كشفت وثائق المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، أن تسهيل الصلابة سيعزز أجندة مصر بشأن مواجهة تغير المناخ من خلال توفير إطار تنظيمي يضمن التقدم نحو تحقيق أهداف المناخ ودعم الجهود المبذولة لتعبئة التمويل المناخي.

ومن المتوقع أن يركز تسهيل الصلابة والاستدامة على عشرة تدابير في مجالات الإصلاح الأربعة التالية:

  1. تسريع عملية الحد من الكربون في مصر

قال الصندوق إن هناك حاجة إلى خطة عملية للحد من الكربون لتحقيق هدف الحكومة في خفض الانبعاثات وفقًاللمساهمات المحددة وطنياً .

ولفت إلى أنه على سبيل المثال، التزمت الحكومة بإنتاج حوالي 30 % من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

ولتحقيق هذا الهدف، أكدت الحكومة التزامها بزيادة استخدام الطاقة المتجددة وخاصة من خلال تشجيع شركات القطاع الخاص على الانخراط في توليد الطاقة المتجددة ونقلها محليًا.

بالإضافة إلى ذلك، تتضمن أجندة التخفيف من تأثيرات التغير المناخي في مصر خفض انبعاثات غاز الميثان؛ حيث انضمت البلادفي عام 2022إلى التعهد العالمي بخفض انبعاثات هذا الغاز بنسبة 30 % بحلول عام 2030.

كما تستهدف مصر خفضًا بنسبة 65 % في إجمالي انبعاثات إنتاج النفط والغاز كما هو معلن في المساهمات المحددة وطنياً.

ولتحقيق هذه الغاية، اقترحت السلطات تدبيرين إصلاحيين: الأول هو اعتماد ونشر جدول زمني لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة حتى عام 2030 ويتضمن هذا الهدف وصول نسبة 30% من قدرة توليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية بحلول عام 2030.

أما الهدف الآخر فيتمثل في أنه للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن إنتاج الهيدروكربونات، سيتم تطبيق نظام للرصد والإبلاغ والتحقق لتتبع انبعاثات الحرق والميثان المنبعث على مستوى المشروعات، وذلك على أساس ربع سنوي أو سنوي.

بجانب إصدار مرسوم يُلزم شركات التشغيل بتقديم واعتماد أهداف خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز بما يتماشى مع مساهمات مصر المحددة وطنياً، مع فرض غرامات على عدم الامتثال بعد فترة سماح مدتها سنتان.

  1. تحليل المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ وبناء القدرة على الصمود

حسبما ذكرت الوثائق، اقترحت السلطات ثلاثة تدابير إصلاحية في هذا المجال هي نشر تحليل كمي للمخاطر المالية طويلة الأجل المتعلقة بالمناخ والالتزامات الطارئة ووصف كيفية إدارة الحكومة لهذه المخاطر في بيان المخاطر المالية بدءًا من ميزانية العام المالي المقبل 2026/2027.

بجانب تعزيز القدرة على إدارة مخاطر الكوارث من خلال اعتماد استراتيجية وطنية لتمويل هذهالمخاطر  مع دمج تدابير المساعدة الاجتماعية.

بالإضافة إلى إنشاء المجلس الوطني للمياه برئاسة رئيس الوزراء، ويضم الوزراء الرئيسيين وأصحاب المصلحة من وزارات الزراعة واستصلاح الأراضي، و الموارد المائية والري، و الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، و البيئة، و التخطيط والتي ستتولى كلهاالإشراف على توليد البيانات وتبادلها ونشرها بشأن الطلب على المياه والعرض حسب القطاع، والتحليلات لدعم قرارات تخصيص المياه بحلول يونيو 2026.

  1. تعزيز قدرة القطاع المالي على الصمود في وجه صدمات المناخ

بالنظر إلى التحديات المناخية المتعددة التي تواجهها البلاد، والحاجة إلى تنفيذ إصلاحات طموحة للتكيف والتخفيف وفقًا لمساهماتها المحددة وطنيًا، تخطط السلطات لمواصلة الجهود لتعبئة تمويل المناخ المحلي والدولي، وفقًا لوثائق المراجعة الرابعة من البرنامج والتي كشف عنها الصندوق مؤخرًا.

وفي الوقت نفسه، سيركز البنك المركزي المصري على تعزيز قدرة القطاع المصرفي على تحليل وإدارة المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ، بما في ذلك من خلال تحسين جهود البنوك في جمع البيانات وإعداد التقارير.

أكد الصندوق أنه من المهم في المستقبل أن تحافظ السلطات على فصل واضح بين تحسين إدارة المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ ودعم تطوير التمويل الأخضر، والذي يتطلب سياسات مختلفة وينبغي أن يشمل أصحاب مصلحة مختلفين.

ولتحقيق هذه الغاية، اقترحت السلطات عدة تدابير إصلاحية في هذا المجال تتمثل في إصدار البنك المركزي المصري إطارًا تنظيميًا ملزمًا لإلزام البنوك باعتماد نظام إدارة المخاطر البيئية والاجتماعية، والذي سيتضمن ركيزةالمناخ، إلى جانب جدول زمني للتنفيذ.

ووفقًا للمنصة الوطنية للمشروعات الخضراء(NWFE)، والتي تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، ستضيف السلطات مشروعين جديدين، أحدهما للتكيف والآخر للتخفيف.

ومن المقرر تطوير دراسات الجدوى الأولية لكل مشروع لجذب اهتمام وتمويل القطاع الخاص، كما ستبني السلطات على الخبرة المكتسبة لتحديد المزيد من التدابير بحلول نهاية عام 2025 واعتمادها بحلول يونيو 2026 لتسهيل الاستثمارات الخاصة في مشاريع التخفيف والتكيف.

  1. تحديد آثار خطط وبرامج الاستثمار  في المشروعات

قال الصندوق إن اعتماد نظام للتخطيط سيوفر منصة لتقييم ما إذا كانت المشاريع المقرر تنفيذها تلبي معايير التقييم المعلنة وطموحات المناخ وأهدافه.

أضاف أن السلطات المصرية اقترحت إجراءين للإصلاح في هذا الإطار هما:نشر المعايير والعمليات المتعلقة بتغير المناخ لاختيار المشاريع المناخية، وتحديث ونشر إجراءات تقييمها، وإثبات أن هذه المعايير والعمليات قد تم تطبيقها على جميع المشاريع الجديدة التي تتجاوزقيمتها 500 مليون جنيه.

أما الإجراء الثاني فيتمثل في: توسيع نطاق سجل التطبيق التجريبي الحالي ليشمل وزاراتي النقل والإسكان والمرافق والمجتمعات الحضرية، مع التركيز على الأصول الحكومية الكبيرة والثابتة.

وقال الصندوق إن تسهيل الصلابة والاستدامة سيلعب دورًا مهمًا في التنسيق مع المؤسسات المالية الدولية الأخرى، مما يسمح باتباع نهج منسق ومتسلسل لتحقيق أهداف مواجهة التغير المناخي.

وسيسعى التسهيل إلى تحفيز وتشجيع المزيد من الاستثمارات المتعلقة بالمناخ في مصر، بما في ذلك من خلال تشجيع مشاركة أكبر للقطاع الخاص.

وتشير المساهمات المحددة وطنياً المحدثة لمصر إلى احتياجات استثمارية كبيرة لتحقيق طموحات مواجهة التغير المناخي، حيث تقدر الاستثمارات اللازمة للتخفيف من تبعاته بمبلغ 196 مليار دولار، وللتكيف معه بمبلغ 50 مليار دولار.

الرابط المختصر