مصطفى شفيع: فرص أكبر لتحول ميزان المدفوعات تدريجيا إلى فائض العام المالي الجاري

الفجوة بين الصادرات والواردات حدت من أثر الطفرات في بعض بنود الميزان

يارا الجنايني _ قال مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن التحول في ميزان المدفوعات فائض إلى عجز جاء نتيجة مباشرة لتراجع التدفقات في بند المعاملات الرأسمالية والمالية، رغم التحسن النسبي في المعاملات الجارية.

وأوضح شفيع، أن هناك طفرات إيجابية في حساب المعاملات الجارية، أبرزها قفزة تحويلات المصريين بالخارج، بنحو 83%، مرجعا هذه الزيادة إلى تبني البنك المركزي سياسة مرنة لسعر الصرف، والتي أدت إلى إنهاء السوق الموازية للعملة وعودة التحويلات إلى القنوات الرسمية، لكنه لفت إلى أن استمرار الأداء مرهون بظروف خاصة قد لا تتكرر بسهولة إذ إن المقارنة تمت مع عام شهد اضطرابات كبيرة في سوق الصرف.

E-Bank

وتطرّق شفيع إلى قطاع السياحة، واعتبره من أكثر القطاعات التي شهدت نموًّا، مشيرًا إلى أن عدد السائحين والليالي السياحية تجاوز مستويات ما قبل 2011، حيث بلغ عدد الزوار نحو 15 مليونًا، في ظل سعي الدولة للوصول إلى 18 مليونًا. وأوضح أن تحسّن مؤشرات السياحة ارتبط بالاستقرار النسبي وانخفاض قيمة الجنيه، مما جعل من مصر وجهة مفضلة، لكنه حذّر من الاعتماد الكامل على القطاع نظرًا لحساسيته تجاه التوترات السياسية.

ورغم التحسن في بعض البنود، أشار إلى وجود أخرى حدّت من هذا التقدم، وعلى رأسها زيادة العجز في الميزان البترولي نتيجة ارتفاع الواردات وتراجع الصادرات. كما لفت إلى زيادة العجز في الميزان التجاري غير البترولي ليصل إلى 28 مليار دولار، مقابل 23.7 مليار دولار في العام السابق، مما يعكس استمرار الفجوة الكبيرة بين الصادرات والواردات. وشدد على أن مصر لا تزال دولة مستوردة بالأساس، وبالتالي فإن تحسّن الصادرات وحده لا يكفي لتحقيق توازن واضح في الميزان التجاري.

قناة السويس فقدت نصف إيراداتها والتعافي مرهون بانفراجة في الأوضاع الجيوسياسية

تابعنا على | Linkedin | instagram

وتناول مصطفى شفيع أيضًا انخفاض إيرادات قناة السويس، نتيجة تأثر حركة التجارة العالمية بالحرب في غزة وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، ما دفع العديد من السفن إلى استخدام طرق بديلة، وأثر بالتبعية على أعداد السفن العابرة والحمولات.

ورأى شفيع، أن السبب الجوهري لتحول ميزان المدفوعات إلى العجز تمثل في التراجع الكبير ببند المعاملات الرأسمالية والمالية، نتيجة تضمن العام السابق تنفيذ صفقة “رأس الحكمة” التي وفّرت وحدها نحو 35 مليار دولار، منها 24 مليارًا تدفقات نقدية.

وأضاف أن الاستثمار الأجنبي المباشر تراجع إلى 9.8 مليارات دولار، بينما انخفضت استثمارات المحافظ إلى نحو 2 مليار دولار، مقارنة بأكثر من 14 مليارًا في الفترة المقابلة من العام السابق. ولفت إلى أن صفقات بحجم “رأس الحكمة” لا يمكن التعويل عليها بشكل متكرر، وأن المشروعات التي تم الإعلان عنها مثل “رأس بناس” و”رأس شقير” و”رأس جميلة” لم تترجم فعليًّا على الأرض حتى الآن.

وفيما يخص الاستثمار العقاري من غير المقيمين، أشار إلى أن الدولة تعمل على تصدير العقار، وبدأت الشركات في استهداف الجاليات العربية والمصريين بالخارج، لكن هذا المسار لا يزال في بدايته ولم يتحول بعد إلى مصدر فعلي ومستدام للنقد الأجنبي.

وأكد شفيع، أن التوازن المستدام في ميزان المدفوعات يتطلب تركيزًا أكبر على دعم الإنتاج والتصدير، وهو ما يحتاج إلى وقت طويل، لكنه شدد على أهمية دعم القطاعات القادرة على توليد تدفقات سريعة في المرحلة الحالية، مثل السياحة والتحويلات وقناة السويس، بالتوازي مع تسريع وتيرة الإصلاحات المؤسسية والتشريعية لجذب استثمارات أجنبية جديدة.

وعن التوقعات للربع الأخير من العام المالي المنصرم، رجّح شفيع أن تحقق مصر فائضًا كليًّا مجددًا، إذا توفرت ظروف مشابهة لتلك التي صاحبت صفقة رأس الحكمة، إلا أنه رأى أن فرص هذا السيناريو ضعيفة بنهاية العام المالي، مع وجود احتمال أكبر لتحسن تدريجي خلال السنة المالية 2025/2026، في حال استعادة قناة السويس جزءًا من نشاطها، واستمرار زخم قطاع السياحة، وثبات مستوى التحويلات من العاملين بالخارج.

 

الرابط المختصر