في اللقاء السابع والعشرين من صالون حابي: صحوة مرتقبة في قطاع التعدين .. الجزء الثاني

أحمد رضوان: أطرح الآن سؤالي على المهندس أحمد خيري.. لو افترضنا أن هناك مجموعة من الحوافز التي إذا توفرت في قطاع التعدين بمصر، فمن المرجح أن تشهد الصناعة معها طفرة حقيقية، ويتمكن القطاع من جذب شركات عالمية كبرى للعمل في السوق المحلية.

من واقع خبرتك، وبالنظر إلى ما تفتقر إليه السوق المصرية حاليًا، وما رأيته في أسواق دول أخرى تبنّت تشريعات معينة أو قدمت حوافز قوية لهذا القطاع.. ما هي أبرز الحوافز التي تراها ضرورية لحدوث نقلة مماثلة بمصر؟

E-Bank

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

المهندس أحمد خيري رئيس قطاع تنمية الأعمال بشركة إن تو ميتالز

مصر دولة مهمة ويُمكن أن تصبح من أهم الدول العاملة بقطاع التعدين

تابعنا على | Linkedin | instagram

أحمد خيري: أرى أن مصر دولة مهمة، ويُمكن أن تصبح من أهم الدول العاملة في قطاع التعدين، سواء فيما يتعلق بتعدين الذهب أو الفضة أو النحاس أو غيرها من المعادن، خاصة في ظل الإمكانيات والمقومات التي تميزنا عن العديد من الدول الأخرى مثل البنية التحتية القوية وغير المتوفرة في دول كثيرة أخرى، إلى جانب الاستقرار السياسي، والموقع الجغرافي المتميز القريب من العديد من الأسواق الأخرى.

أحمد رضوان: ناهيك عن الخامات التي تمتلكها مصر أيضًا.

أحمد خيري: صحيح، نحن نمتلك كل العوامل التي تدعم نمو هذه الصناعة. لكن المطلوب خلال الفترة القادمة هو تهيئة البيئة بشكل أكبر لجذب الاستثمارات.

من غير المعتاد أن تتجه الشركات الكبرى لتنفيذ أعمال استكشاف مبكر في مناطق جديدة.. لكنها تدخل لاحقًا

وكما أشرت في وقت سابق، أن الشركات الكبرى عادة لا تدخل في المراحل الأولى من تطور القطاع، ولكنها تدخل في مرحة لاحقة.

وما حدث في عام 2020 أو 2021 خلال جولة طرح مزايدة استكشاف المعادن “bid round”، رأينا شركتين كبيرتين مثل “بي تو جولد B2Gold” و”باريك للذهب Barrick Gold” تتقدمان، الأمر الذي لم يكن أمرًا طبيعيًّا أو معتادًا في تلك المرحلة المبكرة.

في هذه الفترة كان هناك زخم momentum واضح تم خلقه، وكانت هذه الشركات الكبرى لديها رغبة حقيقية في اقتحام السوق المصرية، بالتوازي مع التطور الإيجابي الذي يشهده القطاع، وبسبب العوامل التي ذكرتها في حديثي سابقًا.

لا ينبغي أن يكون تركيز صانعي القرار على جذب الشركات الكبرى فقط لأن كل شركة صغيرة قد تكون مشروعًا لأخرى كبيرة بالمستقبل

عندما بدأت الحكومة تُظهر مؤشرات إيجابية من خلال التعديلات المتعلقة بقانون التعدين في مصر، والتعاقد مع بيت خبرة مثل “وود ماكنزي Wood Mackenzie” للعمل على هذه المنظومة، الأمر الذي كان بمثابة عنصر جذب مهم لشركات التعدين للتواجد، وأسهم في النهاية في خلق نوع من الزخم momentum في ذلك الوقت.

وفي الواقع، لا يعد هذا بالأمر الطبيعي الذي يحدث عادةً؛ لكن المفترض أن يتم هو أن تبدأ الشركات الصغيرة والمتوسطة في ضخ الاستثمارات الأولية بمجال التعدين في مراحل الاستكشاف والتنقيب المبكر، ثم تبيع هذه المشروعات لصالح شركات أكبر تقتحم القطاع لاحقًا.

التعدين لا يقتصر فقط على معدن الذهب بل هناك خامات ومعادن أخرى نادرة نشهد صراعات دولية متزايدة عليها

وأقول إن السبب في هذا الاتجاه هو أن الشركات الكبرى غالبًا ما تمتلك مناجم متعددة في مناطق مختلفة حول العالم، ويتركز اهتمامها الرئيس على تعظيم الإنتاج من مناجمها القائمة أو الاستحواذ على شركات أخرى تنتج بالفعل أو وصلت إلى مراحل متقدمة من الإنتاج، وقد تتجه إلى التوسع داخل نطاق الاستكشاف في مناجمها المملوكة لها.

وبالتالي من غير المعتاد أن تتجه الشركات الكبرى إلى تنفيذ أعمال استكشاف مبكر في مناطق جديدة، فهذا اتجاه غير قائم.

وهنا تظهر الأهمية الحقيقية لدور الشركات الناشئة أو الصغيرة، لأنها حينما تبدأ في مثل هذه المشروعات -رغم محدودية قدراتها التمويلية “financial accessibility”- ينصب تركيزها الرئيس عليها؛ لما تمثله لها بمثابة “مشروعات حياة”، ما يدفعها لمنحها كامل طاقتها وتركيزها، وتبذل فيها كل ما تستطيع من أجل خلق قيمة مضافة معينة “value”.

التغيرات المناخية والتوجه العالمي للاعتماد على الطاقة النظيفة رفع الطلب على معادن التحول الطاقي المقللة للتلوث

وبمجرد أن تُحقق هذه الشركات الناشئة تقدمًا واضحًا في مراحل الاستكشاف أو التطوير، يمكن لشركة أكبر أن تدخل وتضخ استثمارات أكبر وتنتقل بهذه المشروعات لمرحلة جديدة أكثر تطورًا وإنتاجية.

هذه الفلسفة لا بد أن تكون موجودة لدى صانعي القرار في قطاع التعدين بمصر، فلا ينبغي أن يكون التركيز فقط على جذب الشركات الكبرى فقط؛ فمن المهم أن نعلم أن كل شركة صغيرة اليوم، قد تكون مشروعًا لأخرى كبيرة في المستقبل.

وأرى أن تبني هذا الفكر من شأنه أن يُحدث تحولًا حقيقيًّا في القطاع، خاصة إذا تم فتح المجال بصورة أكبر من خلال التسهيلات على صعيد الحصول على الامتيازات concessions أو الاستحواذ على البلوكات، الأمر الذي سيُسهل كثيرًا اقتحام الشركات الصغيرة والمتوسطة السوق.

الذهب ما زال مخزنًا آمنًا ومهمًّا للقيمة وسعره يتزايد بمرور الوقت

وبالتالي عندما نصل إلى وجود 10 أو 15 أو حتى 20 شركة صغيرة أو متوسطة بدأت العمل الفعلي في السوق المصرية، فإن هذا الأمر سيُعزز من إمكانيات potential السوق، ويُظهر أن هناك مشروعات حقيقية قابلة للانتقال إلى المرحلة التالية “next stage”، والتي تعد بداية لرؤية مناجم فعلية على غرار منجم السكري.

عند هذه المرحلة، سنجد شركات كبرى مثل “باريك للذهب” و”أنجلو جولد أشانتي” وغيرها، تضخ استثمارات حقيقية، وتأخذ هذه المشروعات الصغيرة وتنتقل بها إلى مراحل توسعية أكبر.

ومع مرور الوقت، وخلال فترة ما بين 10 إلى 15 سنة على سبيل المثال، سيكون لدينا عدد من المناجم المنتجة فعليًّا مثل السكري، وبدلًا من أن يكون لدينا منجم واحد ينتج من المعدن الأصفر ما بين 450 إلى 500 ألف أوقية سنويًّا، يمكن أن نصل إلى عدة مناجم تُنتج كميات أكبر.

العنصر الآخر الذي يجب التأكيد عليه هو أن التعدين لا يقتصر فقط على معدن الذهب. اليوم نشهد صراعات دولية متزايدة على خامات ومعادن أخرى مثل المعادن النادرة rare earth elements.

الولايات المتحدة تسارعت لتوقيع اتفاق بين الكونغو وروندا لتأمين سلاسل توريد الكوبلت لأهميته في تصنيع البطاريات

فعلى سبيل المثال، رأينا الإشكالية التي حدثت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عندما حاولت الولايات المتحدة توقيع اتفاق مع أوكرانيا يمنحها نوعًا من الحصرية (kind of exclusivity) على بعض هذه المعادن النادرة التي تدخل في صناعات مختلفة مهمة أبرزها الليثيوم والنيكل، وغيرها من الخامات التي تُعد مكونات أساسية في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.

في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم حاليًا، برز توجه عالمي يتمثل في الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، واستهلاكها consumption لصالح السيارات الكهربائية، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على معادن التحول الطاقي “Energy Transition Metals”، والتي تدخل في صناعات حيوية تقلل من التلوث وتداعيات الاحتباس الحراري، وهذا أمر بعيد عن معدني الذهب والفضة.

هذه المعادن مثل النيكل، والنحاس، والليثيوم، والكوبالت تدخل في صناعات مهمة، الأمر الذي يجعلها محورًا لصراعات دولية، كتلك القائمة بين الصين والولايات المتحدة على سبيل المثال.

وبالتالي، هذا الصراع ليس على الذهب أو الفضة، بل على امتلاك هذه المعادن الحيوية.

وعلى الرغم من ذلك، ما زال الذهب مخزنًا آمنًا ومهمًّا للقيمة، وسعره يشهد زيادات مستمرة بمرور الوقت بسبب التغيرات التي يمر بها العالم على صعيد أسعار العملات، بجانب التوترات الجيوسياسية الدولية، ومع ذلك، هناك معادن أخرى لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام رغم أهميتها الإستراتيجية الكبرى؛ حيث إن امتلاك دولة لمعدن معين يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا بالنسبة لها.

نرى اليوم مثالًا واضحًا في الكونغو، حيث تحركت الولايات المتحدة لتوقيع اتفاق بين الكونغو ورواندا، نظرًا لما تمتلكه الكونغو من معادن إستراتيجية مثل الكوبالت والنحاس، وهما من أهم المعادن المهمة المستخدمة حاليًا، كما أنها تُعد من بين أكبر أربع دول في العالم من حيث احتياطي الكوبالت، ولهذا تسارعت الولايات المتحدة لتوقيع الاتفاق لتأمين وضمان سلاسل توريد هذا المعدن لأنه يدخل في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية وصناعات أخرى.

خلال المزايدة الأولى للتنقيب عن الذهب بمصر في 2020 كان هناك زخم وهالة استثمارية قوية عن قطاع التعدين محليًّا

وهذا يؤكد أنه في حال امتلكت مصر احتياطيًّا من أحد هذه المعادن النادرة، فإن ذلك سيُحدث فرقًا كبيرًا في قدرتها على جذب الشركات الكبرى للاستثمار بالسوق المحلية، خاصة مع الندرة المتزايدة لهذه المواد حول العالم.

أحمد رضوان: متى كانت آخر مزايدة طرحتها مصر لاستكشاف مناجم ذهب؟ هل كانت في عام 2020؟

أحمد خيري: أعتقد أنها كانت في عام 2022.

مصطفى طلعت: عام 2021.

أحمد خيري: هو يقصد بسؤاله المزايدة الأخرى؟

مصطفى طلعت: المزايدة الأولى طرحت في عام 2020، والثانية كانت في 2021.

أحمد رضوان: وكم عدد المواقع المطروحة؟ وكم عدد الشركات تقريبًا؟

مصطفى طلعت: عدد الشركات الفائزة في المزايدة الثانية كان أربع شركات، من بينها “إن تو ميتالز”.

أحمد خيري: معظم هذه الشركات كانت ناشئة.

مصطفى طلعت: نعم، جميعها كانت شركات ناشئة بالفعل.

أحمد خيري: هذه هي النقطة التي نتحدث عنها، وهي أنه في عام 2020، وخلال الجولة الأولى من المزايدة التي طرحت في هذا التوقيت bid round للتنقيب عن الذهب، تم خلق زخم momentum وهالة استثمارية قوية عن قطاع التعدين بمصر.

امتلاكنا احتياطيًّا من المعادن النادرة سيُحدث فرقًا كبيرًا في قدرتنا على استقطاب الشركات الكبرى للاستثمار محليًّا

لكن المسألة بعد ذلك أخذت وقتًا، وعندما بدأت الشركات في مباشرة أعمالها، لم يكن الأمر مشجعًا بالنسبة للشركات الكبرى التي شاركت في المزايدة الأولى، ولا حتى لتلك التي كانت تتابعها وتفكر في دخول المزايدة الثانية التي طرحت لاحقًا.

وهنا نقطة مهمة يجب أن نضعها في الاعتبار وهي أن الشركات الكبرى التي لم تشارك حاليًا تتابع أداء الشركات الصغيرة والناشئة في السوق، لأنها تنظر إليها كمشروعات مستقبلية قابلة للاستحواذ (potential for acquisition).

لذلك يجب عندما ننظر للشركات يجب أن ننظر إليها على قدم المساواة، لأن الشركة الصغيرة اليوم قد تكون مشروعًا لشركة أكبر غدًا، أو حتى يستحوذ عليها من قِبل شركة كبرى عاملة بالفعل ترغب في التوسع داخل السوق المصرية.

أحمد رضوان: بالرجوع إلى النقطة الخاصة بالشركات الناشئة الأربع التي فازت في المزايدة، وفي ضوء المعلومات المتاحة هل من الممكن معرفة ما إذا كان في هيكل ملكيتها مستثمرون يُصنفون على أنهم مستثمرون إستراتيجيون في مجال الذهب عالميًّا؟

أحمد خيري: نحن في شركتنا كنا من بين الشركات التي نفذت عمليات استحواذ، لكن لا يمكنني أن أحكم على باقي الشركات.

أحمد رضوان: في ملكية شركتكم، هل تضم مستثمرين من كبار أقطاب الاستثمار في الذهب على مستوى العالم؟

أحمد خيري : لا، لا يوجد في هيكل ملكية شركتنا مستثمرون من هذا النوع، وهنا أود أن أؤكد على نقطة مهمة، وهي أن الشركات الكبرى عادة لا تبادر بالدخول في هذا القطاع في المراحل الأولى ـ وهذا أمر غير طبيعي abnormal ، والطبيعي هو أن تكون الشركات الناشئة هي من تقتحم السوق أولًا.

أحمد رضوان: أنا أتفهم المنطق والمبدأ جيدًا… لكن سؤالي كان يتعلق بالواقع الفعلي.

أحمد خيري: هذا هو المنطق، والواقع الذي يحدث هو أن الشركات الناشئة هي أول من يدخل السوق، وغالبًا ما تكون هذه الشركات خاصة، وغير مدرجة في البورصات (isted)، وبالتالي فإن معرفة هيكل مساهميها تكون مسألة صعبة إلا في حال أنها تمد الآخرين بهيكل استثمارها طواعية.

سوق التعدين عالميًّا ليس كبيرًا

صحيح أن هذه الشركات تُقدم بيانات حول المساهمين فيها إلى الجهات الرسمية المعنية في مصر كجزء من الإجراءات المطلوبة للحصول على رخصة العمل، لكن هذه المعلومات ليست دائمًا متاحة أو معروفة للجهات الأخرى، ولا يمكن أن تعرفها إلا بشكل ودي.

أحمد رضوان: سؤالي هنا يخص الجانب الودي أو المتعارف عليه في أوساط سوق التعدين.

أحمد خيري: في حدود معلوماتي، لا أعلم على وجه التحديد، لكن ما أذكره أن المزايدة الأولى استقطبت شركات ومستثمرين كبارًا.

أحمد رضوان: هل تقصد أن ذلك حدث بشكل مباشر؟

أحمد خيري: بالضبط، وفي المزايدة الثانية كان هناك إلى حد ما، قدر من الإحباط، بجانب ذلك، كان هناك انطباع بأن المزايدة الأولى تضمنت الأراضي الواعدة والمليئة بالإمكانيات الأكبر، وهذا أمر طبيعي، ويمكننا معالجته من خلال النقطة التي تحدثنا عنها سابقًا، وهي وجود منصة (platform) دائمة للمزايدات، بدلًا من عدم الاستمرارية؛ فلا يصح أن نطرح مزايدة لمدة 4 أشهر ثم تتوقف العملية لسنتين مثلًا.

وأضيف أن سؤالك عن توقيت آخر مزايدة تم طرحها مهم للغاية، لأنه المفترض أن تكون هذه المسألة مستمرة، وأن يكون هناك ديناميكية وحركة وطوال الوقت في السوق من قبل شركات تأتي للبحث عن الفرص السوقية، وهذا سيجعل هناك شركات كثير تعمل محليًّا.

ويجب أن ندرك أن سوق التعدين عالميًّا ليست كبيرة بل “أوضة وصالة.. كله مسمع على كله” كما نقول بالعامية.

رضوى إبراهيم: أريد أن أطرح سؤالًا ملحًّا في هذا الإطار… أليس من الغريب أنه بالرغم من وجود مشكلة في تأخر الإعلان عن الطروحات للمزايدات الجديدة للتنقيب عن المعدن الأصفر، أن تكون الشركات “منتظرة”.. ما الذي يجعل هذه الشركات المنتظرة لا تدخل في الطروحات الجديدة إذا كان هناك جاذبية للسوق وإذا كانت العقبة الأساسية هي في الإجراءات فقط؟ من الطبيعي أنه بمجرد أن يتم الطرح أن يكون هناك إقبال قوي.. لماذا إذن تتأخر هذه الشركات في التقدم للطروحات الجديدة؟

إذا قررت شركة تعدين ذهب ونحاس اقتحام مجال الزنك فغالبًا ما سيكون للبنك تحفظات على تمويل هذا النشاط

أحمد خيري: هذا الأمر يعود إلى طبيعة مرحلة الاستكشاف؛ فعندما تقرر أي شركة الاستثمار في دولة ما، فإن أول ما تنظر إليه هو الإطار القانوني هل هو جاذب أم لا؟ ثم تبدأ في تقييم المناخ العام وسابقة أعمال الشركات الأخرى العاملة في نفس المجال، والمشكلات التي واجهتها، وتقوم بإعداد تحليلات مثل SWOT وغيرها من أدوات التقييم.

في عام 2021، تم خلق زخم كبير حول قطاع التعدين في مصر، لأن هناك شركات كثيرة حول العالم كانت بالفعل تنتظر، خاصة مع ما تمتلكه البلاد من مقومات كبيرة لا تتوفر حتى في دول متقدمة عاملة في نفس الصناعة.

عندما بدأت مصر بالفعل في فتح المجال، أقدمت الشركات بقوة أو كما نقول “جاءت بقلب جامد”؛ وذلك نتيجة حالة الانتظار والترقب التي كانت موجودة.

لكن كانت هناك تحديات جزء منها بسبب تفشي وباء كورونا في عام 2020، وأن المسألة كانت جديدة، بجانب البيروقراطية، والأمر لم يكن قوانين فقط ولكن تطبيق هذه القوانين.

ما حدث هو أنه بسبب بعض التأخيرات الناتجة عن ظروف مختلفة، أصبح الدخول مرة أخرى غير مشجع للكثير من الشركات، ومبررهم أن من حصل على رخصة للعمل في عام 2020، لم يبدأ فعليًّا على أرض الواقع إلا في عام 2022.

وهذه مسألة في غاية الأهمية، لأن الشركات التي تدخل مجال الاستكشاف مصادر دخلها ليست كبيرة، وبالتالي، عندما تطلب من مستثمر أن يضخ أمواله في مشروع ما، وأن يبدأ فعليًّا في الاستكشاف عن المعدن النفيس بعد سنتين سيجعل المستثمر يبدأ التفكير في أنه لماذا يضع أمواله في هذا المشروع ؛ في حين أنه يمكنه ادخار هذه الأموال في بنك معين، أو استثمارها بمشروع آخر يدر عائدًا سريعًا.

لماذا ينتظر سنتين للبدء، في النهاية الوقت يعني المال Time is money.

ولذا الفكرة اليوم هي أننا بحاجة إلى إعادة النظر في بعض الأمور المتعلقة بالقطاع.

أحمد رضوان: فضلًأ عن أن الوضع القائم حاليًا هو وجود شركة واحدة منتجة فقط.

أحمد خيري: صحيح، نحن نمتلك منجمًا واحدًا فقط يُنتج الذهب حاليًا، بينما تمتلك مصر إمكانيات كبيرة تؤهلها للإنتاج من خلال مناجم أخرى.

أحمد رضوان: فعلًا، لدينا في مصر تماثيل مصنوعة من الذهب منذ آلاف السنين.

أحمد خيري: بالطبع، هذا يعزز الفكرة بأن مصر مؤهلة لأن يكون لديها مناجم أكثر.

أحمد رضوان: سؤالي الأخير في هذا الإطار… عند منح الترخيص لأي شركة، هل يكون ترخيصًا للتنقيب عن الذهب فقط؟ أم أنه يكون لاستكشاف المعادن النفيسة بشكل عام؟ بمعنى آخر، إذا كانت الشركة تستكشف عن الذهب ووجدت الفضة، هل هذا الاكتشاف يدخل ضمن حقوقها القانونية؟

رضوى إبراهيم: هذا سؤال مهم جدًّا، ويستحق التوضيح بالفعل.

أحمد خيري: أتفق معك، هذا سؤال جيد، عندما يتم توقيع اتفاقيات الامتياز الخاصة بالاستكشاف تكون شاملة لمعظم المعادن المتواجدة في المنطقة محل التنقيب، وهذا هو المتبع في معظم دول العالم. لكن في بعض الحالات، يكون لدى بعض الدول بعض الخامات الإستراتيجية strategic commodities وتستثنيها من الامتياز الممنوح للشركات.

أحمد رضوان: هذا يعني أن الاتفاق ينص على أن بعض المعادن، إذا وُجدت، تكون حقًّا للشركة، بينما معادن أخرى لا تدخل ضمن حقوقها؟

أحمد خيري: نعم، بالضبط. لكن من المهم أن نفهم أن الأمر لا يكون مفتوحًا بالكامل على مصراعيه للتنقيب عن جميع أنواع المعادن. فمثلًا، قد يكون الامتياز يشمل منجمًا يحتوي على الذهب والنحاس، ولكن لن نستكشف معادن مثل الزنك أو الكوبالت ضمن نفس الترخيص، لأن لكل معدن طبيعة خاصة من حيث طرق الاستخراج.

دخول الشركات في مجال الاستكشاف عن جميع المعادن دفعة واحدة أمر لا يحدث

كما أن كل مستثمر عادة ما يكون لديه طاقة معينة وخبرة فنية في معادن معينة، والبنوك كذلك تُموّل هذه الاستثمارات بناءً على سجل الخبرة السابق للشركة.

على سبيل المثال، إذا كانت شركة تعمل في مجال استكشاف الذهب والنحاس، ثم قررت فجأة الدخول في الزنك، فغالبًا ما سيكون للبنك تحفظات على تمويل هذا النشاط.

لذلك، عادة ما يكون لدى الشركات منتج رئيسي primary product وغالبًا ما يكون الذهب ـ وقد يُصاحب هذا المنتج معادن أخرى تُستخرج بالتوازي كمنتج ثانوي secondary or auxiliary product أما الدخول في التنقيب عن جميع المعادن دفعة واحدة، فهو أمر لا يحدث.

ياسمين منير: وماذا عن الوضع عند حضرتك، لا سيما أنكم متواجدون في نفس المناطق الاستكشافية، هل تعتزم استخراج النحاس أم تركز على الذهب فقط؟

أحمد خيري: التركيز بالدرجة الأولى على الذهب، حيث أن ذلك ما نركز عليه في المقام الأول، وهو ما لا ينفي أنه من الممكن أن يكون هناك منتج آخر، ولكن يظل التركيز الأكبر على الذهب.

ياسمين منير: المهندس فايز جريس.. تحدثنا عن البنية التشريعية سواء فيما يتعلق بالتعديلات التي تم إجراؤها والقانون الجديد، وكذلك المحاجر، هل ترى أن تلك البنية مشجعة للقطاع الخاص بشكل عام؟ ومن واقع خبراتكم في الأسواق الخارجية، سواء الأسواق التي تصدر إليها أو الأسواق التي تستثمر فيها تعدينيًّا بشكل مباشر في إفريقيا، ما الذي ينقص حتى نتمكن من عمل نقلة على مستوى البنية التشريعية، وكذلك على صعيد دور القطاع الخاص في هذا القطاع؟

المهندس فايز جريس رئيس شركة أسيك للتعدين – أسكوم

مصر تقسم قطاع التعدين إلى محاجر ومناجم.. والدول الأخرى تطبق نظام الشباك الواحد

فايز جريس: الفرق كبير بين مصر والدول التي قمنا بالعمل فيها في الذهب، حيث أن مصر قامت بتقسيم قطاع التعدين إلى جزأين، وهما المحاجر والمناجم، علمًا بأن لهذا النظم والقواعد الخاصة به، ولذاك القانون الخاص به، وهو ما لم أره في أي دولة أخرى.

ففي الدول الأخرى نجد شباكًا واحدًا، سواء كنت ترغب في محاجر أو مناجم، حيث يتم منح ملزمة لدراسة الأمر، ومن ثم يتم اختيار ما ترغب في العمل به، وعليه تقوم بتوقيع الاتفاقية، والبدء في الحفر.

وعلى مستوى مصر، أرى أن الشق الخاص بالذهب استغرق سنوات طويلة، حتى يتسنى لنا في النهاية أن نقول إنه بصدد الدخول في مرحلة الاستقرار، دون أن نكون على علم بالسبب، فنحن لن نقوم باختراع قانون جديد في مصر، حيث إن القوانين موجودة، ومن الممكن الرجوع إلى كل الدول للنظر إلى ما تقوم بتطبيقه، علمًا بأننا سنجد أن جميع الدول تتسم بكونها قريبة جدًّا من بعضها، فيما يتعلق بقانون التعدين الخاص بها، ولكنهم يقومون بذلك من خلال شباك واحد، فلا يجوز أن يكون هناك شق خاص بذلك الجهاز، وجانب آخر خاص بتلك الهيئة، فهذا يسفر في النهاية عن تشتت المستثمر وقلقه.

ياسمين منير: في تقديرك، هل نحتاج إلى وزارة متخصصة في التعدين، بمنأى عن وزارة البترول؟

ليس هناك حاجة إلى وزارة متخصصة في التعدين

فايز جريس: ليس هناك حاجة إلى وزارة، حيث إن التعدين في جميع الدول، يوجد تحت مظلة وزارة الطاقة والتعدين، نظرًا لكونه تابعًا لها، وذلك في جميع الدول التي عملنا بها.

أحمد رضوان: هل تشمل الطاقة هنا، البترول والغاز والكهرباء؟

فايز جريس: لا، ليس لها علاقة بالبترول نهائيًّا.

أحمد رضوان: ليس لها علاقة بالبترول من الأساس.

فايز جريس: قطاع الطاقة والتعدين، وذلك فضلًا عن وجود وزارة البترول.

ياسمين منير: هذا يعني أنها تحت مظلة مختلفة.

رضوى إبراهيم: تعاملنا على أنها جميعها استخراجات.

يجب إتاحة قانون واحد على جميع المجالات.. دون أن يكون له علاقة بالخامات الاستخراجية

فايز جريس: لكن الخطأ جاء منذ زمن عندما تم نقل التعدين أو المحاجر إلى وزارة البترول، حيث أسفر ذلك عن قيام وزارة البترول بتطبيق قوانين البترول على التعدين، الأمر الذي أدى إلى مشكلة كبيرة، وحتى يتم تغيير ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه يتم السعي لذلك منذ سنوات، إلى أن وصلنا إلى عام 2022، وما زلنا غير قادرين على الوصول إلى ما يحقق الراحة لجميع المستثمرين.

ياسمين منير: نود معرفة النقاط التي ستسفر عن فارق كبير مع مستثمر القطاع الخاص في هذا النشاط، ويلزم إضافتها إلى التشريع الذي ننتظر الصيغة النهائية منه.. ما تقدير حضرتك لأهم العناصر في هذا الإطار؟

فايز جريس: يجب أن يكون هناك قانون واحد يُطبق على جميع الجوانب، دون أن يكون له علاقة بالخامة التي يتم العمل عليها، ولكن تكون له علاقة بكونك مستثمرًا ترغب في تأسيس مصنع فوسفات، فهذا يعني أنك تريد فوسفات، وعليه لا يجوز أن تكون القوانين والتشريعات الخاصة بالفوسفات مختلفة عن أي مجال آخر به خامات.

في حالة الرغبة في العمل على خامة محددة، علمًا بأنها تشهد احتكارًا، هنا يجب الالتفات إلى أنه طالما تقوم باحتكارها، يجب أن تستفيد بها، فلا يجب أن يتم وضع الاحتكار في هذا المجال، لأن ذلك من شأنه منح القطاع الخاص من الدخول للاستثمار بها.

ياسمين منير: هل يتطلب ذلك حوافز تنشيطية لصناعات معينة مرتبطة بالخامات الاستخراجية؟

فايز جريس: هناك حاجة إلى انفتاح.

ياسمين منير: انفتاح بشكل عام.

رضوى إبراهيم: نرغب في المساواة بين المجالات بغض النظر عن الخامة التي يتم استخراجها، بالإضافة إلى المساواة بين القطاع العام والخاص في نفس الخامة.

طفرة كبيرة في قطاع المحاجر على مدار العامين أو الثلاثة الماضية

فايز جريس: وأيضًا عندما يتم منح القطاع العام هذا المنجم أو الخامة، إذا تبين أن هناك أحدهم بالقطاع الخاص يريد الحصول عليها، لا تقوم بالتفرقة في تطبيقات التشريعات بينهم، فلا يجوز أن يحصل القطاع الحكومي على ذاك المنجم، دون أن يشاركه أحد، في حين إذا رغب أحد مستثمري القطاع الخاص في ذلك، يُقال له شاركني، حتى أمنحه لك، علمًا بأن هناك من لا يُفضلون المشاركة.

رضوى إبراهيم: إن شاء الله، يكون لهذا اللقاء صدى جيد، وتحدث انفراجة كبيرة في القطاع بإذن الله.

فايز جريس: الأمانة تقتضي الإشارة إلى وجود طفرة كبيرة حدثت خلال العامين أو الثلاثة الماضية.

رضوى إبراهيم: في قطاع المحاجر؟

فايز جريس: نعم في المحاجر.

ياسمين منير: ومن ناحية أخرى، يؤكدون لنا أننا نسير في الطريق السليم، كما أعتقد، أليس كذلك؟

المهندس أحمد خيري رئيس قطاع تنمية الأعمال بشركة إن تو ميتالز

التركيز على الذهب يأتي في المقام الأول

أحمد خيري: بالطبع، هناك خطوات إيجابية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المعضلة الرئيسية عند أغلب الشركات، والتي كانت تمثل حجر عثرة كما يقولون، في القانون المتعلق بهيئة الثروة المعدنية، هي فكرة اقتسام الإنتاج بنسبة 50%، حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الشركة التي تستثمر هي من تضخ جميع الاستثمارات، سواء في مرحلة الاستكشاف أو خلال مراحل الإنتاج، علمًا بأنه عندما تقوم بالحصول على قروض من البنوك، هي من تتحمل العبء.

فالدولة كانت تحصل على نسبة 50 % دون أن تشارك في رأسمال الشركة، وهو ما كان يُمثل عبئًا، فإذا قلت لحضرتك إننا سنقوم بتأسيس مصنع، ولكن الدولة ستحصل على 50%، فهذا الأمر من شأنه التأثير على الربحية، كما أن هذا النموذج غير مُتعارف عليه في أي دولة، ففي معظم الدول الإفريقية الشبيهة لنا على سبيل المثال، تقوم الدولة بالحصول على نسبة تتراوح بين 5% و10%، علمًا بأن النسبة في مصر 15%، وهو ما يعد مقبولًا إلى حد ما، لا سيما أنه مختلف عن نسبة 50%، فهذا يعكس أنه قد تم تغيير النموذج تمامًا، فقد كانت هذه أكبر مشكلة موجودة، والتي كانت في البداية عندما يقول لك أحدهم هذا، فمن البديهي أنه لن يتم الدخول ومنح الحكومة 50%.

اقتسام الإنتاج بنسبة 50% كان يمثل حجر عثرة أمام الشركات

ولكن من المؤكد أن هناك تفاصيل أخرى موجودة تحتاج إلى تطوير وتعديل، جزء منها سيأتي بالتجربة، ولكن أود التنويه إلى وجود نقطة مهمة بشكل عام، نحن لا نعيد اختراع العجلة، حيث إننا نتعامل في مجال لا يتسم بكونه عسكريًّا، غير معروف أبعاده، بل هو مجال استثماري موجود في دول أخرى شبيهة، فلم أُقارن الوضع بكندا أو أمريكا، لذا لست مطالبا بإعادة اختراع العجلة، لأننا دائمًا ما يكون لدينا جانب من تمصير بعض الأمور، فمن الممكن أن نقوم بعمل الكعكة بشكل جيد، ومن ثم نقوم بوضع لمساتنا في النهاية.

ياسمين منير: هذا صحيح، نموذج مصري.

تعديل النسبة في مصر إلى 15% أمر مقبول ويعكس تغيير النموذج تمامًا

أحمد خيري: بأن نقول إن ذلك في مصر يتطلب طريقة محددة، الأمر الذي يسفر في النهاية عن اختلافات واختلالات بطريقة معينة، على الرغم من أننا لا نُعيد اختراع العجلة، حيث إن الموضوع بسيط وسهل ومُتعارف عليه في كل الأنحاء، ومن الممكن أن يُمثل إضافة كبيرة للاقتصاد، فإذا كان لدينا طموح بالوصول بقطاع التعدين بمختلف مجالاته إلى 10% من الناتج القومي، يمكننا القيام بذلك. علمًا بأن هذا لن يحدث غدًا، ولكن يمكن تحقيق ذلك على المدى المتوسط والبعيد، ولكنه يحتاج إلى خطوات معروفة، ليس بها اختراعات، لتكون موجودة.

يمكننا الوصول بقطاع التعدين بمختلف مجالاته إلى 10% من الناتج القومي

رضوى إبراهيم: المهندس مصطفى طلعت.. أود الانتقال مع حضرتك خطوة إلى الخلف، لنتحدث عن الجانب المشرق في الحوافز الحكومية التي تقدمت إلى قطاع التعدين خلال السنوات الأخيرة، كما نود أن تحدثنا عن فرص استفادة القطاع الخاص من تحول الهيئة إلى هيئة اقتصادية مستقلة؟

المهندس مصطفى طلعت المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أنك ريسورسيز

الشركات الناشئة لا تزال متشجعة ومتحفزة للاستثمار.. على الرغم من أن وصولها إلى التمويل محدود

مصطفى طلعت: شكرًا لحضرتك، لن أتحدث عن حوافز بعينها، ففي ضوء الحديث الذي ذكره المهندس أحمد خيري، والمهندس فايز جريس، هناك بعض النقاط تستوجب أن نقوم بما هو منوط بنا، ونقول ما نراه يحدث بها، حرصًا على طمأنينة الاستثمار، والإشارة إلى ما يجعل شركات ناشئة مثيلة، على الرغم من كون الوصول إلى التمويل يتسم بأنه محدود، إلا أننا ما زلنا متشجعين ومتحفزين للاستثمار.

أولًا، الشق الخاص بقيام الدولة بعمل الطروحات الخاصة بها بطريقة إلكترونية من خلال Platform أو Cadaster، فقد شهدنا على مدار العامين الماضيين، إعلان الدولة بشكل واضح ورسمي، أنها تعاقدت بالفعل مع نفس الشركة التي طبقت هذا النظام في أكثر من 35 دولة.

إعلان الدولة السعي لتقديم الطروحات بطريقة إلكترونية.. خطوة إيجابية

ووفقًا لآخر معلومات تم ذكرها في معرض أو مؤتمر مصر الدولي للتعدين الذي انعقد في يوليو الماضي، أن هذا الأمر قد يكون مُتاحًا بنهاية العام الجاري، وهو ما يعكس أن الدولة ترى الوضع كما نراه، وأنه من خلال حلقات ودوائر النقاش بين الأطراف المعنية، تبين أن هذه النقطة تعد ضمن الأمور التي اتضح كونها مطلوبة.

وبالفعل بدأت الدولة في خطوات تنفيذها منذ أكثر من عام، ومن الممكن بنهاية العام الحالي، أن يكون هذا الأمر مُتاحًا للجميع، بأن تقوم أي شركة في أي مكان في العالم، بالدخول سواء للمشاركة في عملية مزايدة، أو في حال قيام الدولة بتفعيل نظام أو حق الأولوية، طبقًا لقوانين الثروة المعدنية الصادرة في عام 2020، والذي تحدث عنه المهندس أحمد خيري، فمن الوارد أن تطبقه الدولة، لأنه موجود بالفعل في القانون الذي صدر في عام 2020.

ويمكننا القول إن هناك تركيزًا على الشق الخاص بالمزايدات في الذهب، طبقًا لوجود معلومات عنها، وإلى آخره، ولكن في النهاية، يجب الالتفات إلى أن قطاع التعدين لا يتوقف على قطاع الذهب فقط، بالعكس هناك خامات أخرى كثيرة تتسم بوجود طلب عالمي عليها، علمًا بأنه من المتوقع تواجدها في مصر بشكل كبير.

تحويل الهيئة إلى «اقتصادية» يساعد في إزالة بعض معوقات الاستثمار في مراحله الأول

أما تحويل الهيئة إلى هيئة اقتصادية، فهو أمر سيساعد في بعض النقاط التي تبين أنها قد تعوق الاستثمار في مراحله الأولى، وكذلك عملية الوقت الكلي لتنفيذ الإجراءات المطلوبة من الشركة، منذ التقدم، وحتى تقوم الهيئة بالإعلان عن كونك فائزًا، وما يليها من استكمال إجراءات مع وزارات أخرى معنية، مثل وزارة الدفاع لاستخراج الموافقات المطلوبة للموقع، كالتصاريح الأمنية، أو وزارة البيئة كالدراسات البيئية المطلوب تقديمها.

إذا نظرتم إلى شكل قانون هيئة الثروة المعدنية الاقتصادية الجديد، ستجدون أنهم وضعوا في تكوين مجلس إدارة هيئة الثروة المعدنية أعضاء ممثلين من جميع الوزارات الأخرى، التي من المفترض أنك ستتعامل معها سابقًا أو لاحقًا، سواء كانت الهيئة ذاتها ترغب في الحصول منهم على بعض الموافقات في بعض الأمور المتعلقة بالطرح، أو أن الشركات بعد الفوز ستكون مطالبة بالتوجه إليها للتقديم على إجراءات محددة لاستكمال الأوراق.

تكوين مجلس إدارة هيئة الثروة المعدنية من ممثلين من جميع الوزارات يعزز خطواتها في الاتجاه الصحيح

تتسم هذه الفكرة بكونها ذكية للغاية، حيث أنها جعلت جميع الوزارات المعنية مساهمين أو أصحاب مصلحة في هيئة الثروة المعدنية، وهو ما يعني أنه من مصلحتهم أن هيئة الثروة المعدنية الاقتصادية الجديدة تسير بشكل صحيح، فلا يجوز بعد قيام مجلس إدارة الهيئة -بما يشمله من ممثلين لهذه الوزارات– عند اتخاذ قرار بالموافقة على ترخيص ما، أن تتجه بعد ذلك إلى وزارة البيئة ويُقال لك أنها لن تتمكن من الموافقة على ذلك، أو أن هناك محميات، أو تقول وزارة الدفاع إن هذا المكان مخصص لمنشأة إستراتيجية، وهو ما يعد أحد أنواع الخطوات الإيجابية التي تخطوها الدولة، بهدف الاقتراب من الشركات والمطالبات الخاصة بهم.

من المنطقي، حتى إن لم يكن ذلك على مستوى دولة، فإذا كان على مستوى شركة، ففي حال قمت بتطبيق نظام جديد كليًّا، مختلف تمامًا عن القديم، ستجد أنه يستغرق بعض الوقت حتى يحدث استيعاب كامل..

رضوى إبراهيم: بالتأكيد.

مصطفى طلعت: سواء من الطرف الحكومي أو الاستثماري، حتى يتحلى كلاهما بالمعرفة بكل ما له علاقة بالقانون الجديد، وآليات تطبيقه، ومن ثم الخطوات تصبح أسرع كل مرة، مقارنة بما قبلها.

تطبيق نظام جديد كليا يستغرق وقتًا لاستيعابه بشكل كامل من الطرفين الحكومي والاستثماري

ومثال على ذلك، المزايدة الأولى التي تمت في عام 2020، حيث استغرق استكمال إجراءاتها مع بعض الشركات عامًا تقريبًا، وذلك بعد الإعلان عن الفائزين، وهو ما ذكره المهندس أحمد خيري، في حين أن المزايدة الثانية طبقًا للتجربة التي حدثت مع المزايدة الأولى، علمًا بأن كلاهما كانا في وقت زمني مُلاصقين لبعض تمامًا، فقد استغرق استكمال الإجراءات في المزايدة الثانية 4 أشهر، وذلك أحد أنواع ما يطلق عليه منحنى التعلّم، أو أنك يجب أن تمارس القانون الجديد، حتى تتمكن من التعرف على نقاط الضعف والقوة التي ستقوم بالتحسين بها كل مرة، مقارنة ما قبلها.

نرى أن التوجه العام في الدولة حاليًا يعكس رغبتها الحقيقية في توفير مناخ استثماري جاذب لاستثمار التعدين بشكل كبير، وهو ما يتزامن مع قيام الوزير الحالي بالمشاركة بتواجده في جميع المؤتمرات العالمية التي لم يكن مُتعارف أن نرى وزير مصري يحضرها، نظرًا لأن حجم الصناعة لدينا كان يتسم بكونه ضئيلًا.

ممارسة القانون الجديد تتيح التعرف على نقاط الضعف والقوة والمزيد من التحسن

الدولة تحاول بشكل جاد أن تجذب استثمارات، وإلا لم تكن ستتحمل تكاليف ووقتًا، بإرسال الممثلين الرسميين لها إلى كل هذه الدولة، إن لم تكن مستعدة للعمل بشكل صحيح مع الشركات.

هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل الشركات الكبرى ليست هي من تقوم بالدخول في المراحل الأولى، لأنها تعلم، كما أنها تتوقع أن النظام الجديد مع دولة ليس لديها خبرة تعدينية بشكل كبير، قد يسفر عن بعض العراقيل، وهنا تجدر الإشارة إلى أنهم لديهم رؤوس أموال معظمها جاء من البورصات العالمية، لذا لا يجوز أن تكون مرصودة لمشروعات، وألا يتم الاستثمار بها بشكل سريع، ولذلك هذا هو السبب الذي يدفع الشركات الناشئة إلى فتح المجال أو تمهيد الطريق للشركات الكبرى، حتى تبدأ في التواجد بالأسواق الجديدة بشكل عام.

رضوى إبراهيم: أثناء حديثكم، ذكرت مع المهندس أحمد، بالنسبة لآخر مزايدة، أنه فاز بها أربع شركات جميعها ناشئة.

مصطفى طلعت: من ضمنهم شركتي وأيضًا “إنتو ميتالز” بالإضافة إلى شركتين أخريين، وهذا الأمر ليس سلبيًّا.

رضوى إبراهيم: بالطبع، أنا لست بصدد الحديث عن أي جانب سلبي، بل على العكس ما زلت في الإطار الإيجابي، وأريد أن أوضح أنني اليوم أستضيف شركتين من أصل أربع شركات فازت في آخر مزايدة.

مصطفى طلعت: وأضيف أن شركة إن تو ميتالز التي يمثلها المهندس أحمد، كانت متواجدة أيضًا في المزايدة الأولى بقوة، وكانت من أكبر الشركات التي حصلت على أراضٍ فيها، وهو ما حفزها للمشاركة في المزايدة الثانية.

هذا يعكس رسالة إيجابية مفادها أن المستثمر الذي يخوض التجربة مرة، يسعى لتكرارها.

رضوى إبراهيم: هذا أمر جيد، المهندس أحمد أشار خلال حديثه، إلى أن الشركات المحققة لقصص نجاح في مناطق الاستكشاف التي فازت بها، تصبح مرشحة للتحول إلى شركات كبرى أو هدفًا لفرص اندماج واستحواذ.

سؤالي: هل أداؤكم في المناطق التي فزتم بها خلال الفترة الماضية، يجعلكم في موقع يسمح بالقول إن العمل في مصر لشركة بحجمكم قد يجعلها محط أنظار الشركات الكبرى، بحيث لا تضطر هذه المؤسسات لدخول السوق بشكل مباشر في ظل وجود بعض التعقيدات التي تحدثنا عنها، وإنما من خلال الاستثمار أو الاستحواذ على شركات ناجحة محليًّا؟ هل وصلتم إلى هذا المستوى؟

مصطفى طلعت: بالفعل، خلال العام الأخير زار موقعنا أكثر من شركة عالمية كبرى، وهذا دليل واضح على رغبة تلك الشركات في الاستثمار بالدولة.

التوجه العام للدولة يعكس رغبتها الحقيقية في توفير مناخ استثماري جاذب للتعدين

ويعتمد ذلك بشكل رئيسي على جودة الكشف التجاري أو الجيولوجي الذي تم التوصل إليه، إذ ليس كل مشروع استكشافي يتحول في النهاية إلى مشروع كبير.

مقابل كل منجم ضخم مثل منجم السكري، هناك عادة نحو عشرة مناجم صغيرة أو متوسطة الحجم، وهذا يقودنا إلى جزء الوقت الزمني لبدء الاستكشاف والإنتاج.

اليوم، نتحدث عن أن المشروعات الكبرى تحتاج عادة من 10 إلى 12 عامًا منذ بدء الاستكشاف حتى الإنتاج، بينما يمكن للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أن تدخل دورة بين 6 و8 سنوات.

ومن هنا، من المتوقع ألا تتحول كل الشركات التي تمتلك عدة رخص إلى مشروعات كبرى، لكن المناجم المتوسطة والصغيرة تجذب أيضًا شركات ترغب في دورة زمنية أسرع، وهو ما يعتبر في بعض الدول الإفريقية ميزة، حيث لا تحتاج لاكتشاف منجم ضخم حتى تحقق عائدًا سريعًا.

ياسمين منير: ما هي جنسيات المستثمرين الذين زاروا موقعكم؟

مصطفى طلعت: إنجليز، وأستراليون، وكنديون.

أحمد رضوان: كم جولة تمويلية نفذتم حتى الآن؟

المستثمر الذي يخوض تجربة ناجحة يسعى لتكرارها في المزايدات التالية

مصطفى طلعت: أتممنا أربع جولات تمويلية، وهناك مستثمرون يضخون أموالًا معنا للمرة الرابعة.

عدد المستثمرين الجدد ازداد، لكن هناك عددًا ممن استثمروا في الجولة الأولى ما زالوا يواصلون الاستثمار حتى الرابعة، ولديهم استعداد للاستثمار أكثر، وذلك لأن العائد على الاستثمار، وفقًا للشواهد الجيولوجية المتوفرة لدينا، يُعد مرتفعًا.

أحمد رضوان: هل يمكن الحديث عن مزيد من التفاصيل الخاصة عن هذه الجولات، فيما يخص المستثمرين الجدد وأيضًا المغادرين؟

دورة إنتاج المناجم الكبرى تصل إلى 12 عامًا والصغرى من 6 إلى 8 سنوات

مصطفى طلعت: لم يخرج أي مستثمر، بل على العكس، كل من يدخل يجلب معه مستثمرين آخرين.

أحمد رضوان: عادة ما نختم صالون حابي بالحديث عن المستقبل، المهندس فايز، ما خططكم للفترة المقبلة محليًّا وخارجيًّا؟ فيما يخص التوسعات والمجالات الجديدة المستهدفة وأيضًا الشراكات والتخارجات؟

المهندس فايز جريس رئيس شركة أسيك للتعدين – أسكوم

نستهدف رفع إنتاج كربونات الكالسيوم إلى مليون طن سنويًّا

فايز جريس: بالنسبة للتوسعات، نحن ننتج حاليًا 600 ألف طن من كربونات الكالسيوم اعتمادًا على محاجر المنيا، والهدف الوصول إلى مليون طن.

أحمد رضوان: للوصول إلى مليون طن، كم تحتاج لضخ استثمارات؟

فايز جريس: لتحقيق ذلك نحتاج إلى أربع خطوط إنتاج بتكلفة إجمالية 40 مليون دولار، حيث يتكلف كل خط جديد ما بين 10 و12 مليون دولار، بسبب توافر البنية الأساسية.

التكلفة الأساسية للخط الأول بلغت 22 مليون دولار، بعد أن تم تجهيز البنية الأساسية داخله.

أما في مجال الصوف الزجاجي والصخري، فلا نخطط للتوسع حاليًا، لدينا مصنع ضخم بالفعل، يعمل بطاقة إنتاجية أكثر من 55%، ونستهدف زيادتها.

دراسة إنشاء مصنع للجير المتقدم وإنتاج «دقيق الرمال» وفصل الكاولين

ومن المشروعات التي ندرسها حاليًا: إنشاء مصنع للجير، والتي تفتقدها مصر، خاصة أن الذهب يستغل كميات كبيرة، ومنها يمكن إنتاج بريسيبتيتيد كالسيوم كاربونيت، وهو مكون باهظ الثمن يستخدم في الأدوية.

وندرس أيضًا إنتاج “دقيق الرمال “ (Silica Flour)، عبر طحن الرمال لدرجات فائقة النعومة، ليتحول إلى دقيق الرمال الزجاجية، وذلك للاستخدامات الصناعية، إلى جانب استخراج وفصل الكاولين عن الرمال، للحصول على العنصرين بجودة عالية، وهناك منطقتان محددتان مثل وادي قنا، وهو مشروع جيد وهناك بعض الشركات المهتمه به، ونحن من ضمنهم.

بالنسبة لخارج مصر، لا توجد لدينا حاليًا خطط للتوسع، قمنا بعدة تجارب أخرها كان بدولة السودان، وكانت تجربة ناجحة جدًّا.

أحمد رضوان: هذا يعني أن تواجدكم الآن خارج مصر؟

فايز جريس: لا يوجد لدينا تطلعات للعمل خارج مصر، ما دامت السوق المحلية متاحة.

أحمد رضوان: هل يوجد توجه للسعودية أو الإمارات على سبيل المثال؟

فايز جريس: هناك توجه إلى السعودية، خاصة أنها بحاجة إلى تواجد شركات لديها نفس نشاطنا الخاص بالأبحاث.

لا توجد تطلعات للتوسع خارج مصر.. والعمل بالسعودية سيكون في مجال الأبحاث الجيولوجية وليس التصنيع

إذا تواجدت داخل السوق السعودية لن يكون بهدف إقامة مصانع، إنما تقديم أبحاث جيولوجية وخطط للتعدين ورؤية متكاملة عن فتح المناجم، ولكن في حال الدخول بالمجال الصناعي نجد المنافسة قوية.

ياسمين منير: لماذا لا يتواجد الذهب في مصر على أجندة حضرتك؟ سابقًا كنت تحدثت عن عقبات تخص التشريعات في مرحلة سابقة دفعتك للتواجد بأسواق أخرى؟

الذهب خارج خططنا الاستثمارية الحالية في مصر رغم المؤشرات الإيجابية

فايز جريس: قبل الدخول إلى قطاع الذهب، درسنا أسواق مصر وإثيوبيا والسودان، بجانب عدة دول أخرى، ووقع الاختيار على إثيوبيا، لأنها كانت دولة بكر في هذا المجال، عكس مصر وقتها التي افتقدت إلى قوانين منظمة.

ياسمين منير: وحاليًا، خاصة في ظل ظهور مؤشرات إيجابية؟

فايز جريس: منذ 2007 نعمل في مجال الذهب بإثيوبيا، ودفعتنا المشاكل الجيوسياسية إلى بيع حصتنا هناك، وانطلاقنا حاليًا في السودان، استثمارات ذلك المشروع كبيرة، لا نستطيع الدخول إلى توسع جديد يحتاج إلى ضخ المزيد في الوقت الراهن.

ننظر أيضًا إلى ما يحدث في مصر، حيث نعيش في فترة مراقبة، وهل سيتم الوصول إلى اتفاق مشابه للمتواجد بالدول الإفريقية المجاورة أم لا، بعد ذلك نتخذ القرار.

ياسمين منير: المهندس مصطفى، ذكرت جولات تمويلية سريعة، نرغب في معرفة موعد الجولة التمويلية المقبلة، وما مدى انفتاحك على فكرة الاستحواذ، لشراء حصة مؤثرة، وليس مجرد جولات تمويل بنسب ضئيلة؟

المهندس مصطفى طلعت المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أنك ريسورسيز

نتوقع بدء الإنتاج التجاري لمشروع «وادي دارة» في 2033 حال نجاح الاستكشاف والحصول على التمويل

مصطفى طلعت: العام الجاري، انتهينا من رابع جولة تمويلية، ونخطط لكل عام على حدة، حيث تحدد نتائج الكشف الجيولوجي حجم الإنفاق المطلوب،

إذا كانت Potential البحث التحول إلى منجم كبير، فيدفعه للاستمرار، حتى في حال وصول الشركة لمرحلة تتجاوز قدراتها المالية والفنية، قد يكون الاستحواذ هو الحل الأمثل، أو الطرح في البورصات بشكل مباشر للحصوص على التمويل وتنفيذ خطط التطوير.

ياسمين منير: في أي مرحلة يكون ذلك القرار متاحًا للتنفيذ؟

مصطفى طلعت: يمكن أن تكون متاحة بعد مرحلة الحفر الاتجاهي التي بدأنا بها، وبناء على النتائج نحدد القرار الأفضل، ما إذا كان الطرح بالبورصة، خاصة أن التواجد بأسواق عالمية مثل تورنتو أو لندن، يتطلب إيجابية المناخ الاستثماري في الدولة لتساعد على تقييم الشركة مقنع، بما يحقق أفضل عائد استثماري للمستثمرين.

رضوى إبراهيم: هل من بين هيكل المساهمين بالشركة، من يشترط التخارج عن طريق البورصة؟

المستثمرون يمكنهم تحقيق مكاسب من الاستثمار والتخارج قبل الإنتاج

مصطفى طلعت: لا، على العكس، المستثمرون متمسكون بالمشروع نظرًا لجودة نتائجه.

ياسمين منير: فيما يخص هيكل المساهمين، ما نسبة المصريين، والكيانات الإستراتيجية التي تعمل بالتعدين، والمستثمرين الماليين؟

مصطفى طلعت: لدينا مستثمرون بدأنا معهم وقاموا بدعم الشركة من اليوم الأول وحتى الآن، أغلبهم مصريون ممن يحملون جنسيتين في وقت واحد، بالنسبة لهم ANKH هي أول استثمار تعديني، ولديهم إقبال كبير.

انضمت نحو ثلاثة كيانات استثمارية إستراتيجية إلى الشركة، أحدثها العام الجاري، والذين تحدثوا على ضخ استثمارات على مدار العامين القادمين أيضًا، وهي إشارة إيجابية عن رؤية المستثمرين للمشروع، ومقومات نمو الاستثمار التعديني في مصر.

ياسمين منير: كم يبلغ حجم الجولة التمويلية الرابعة، وهل تنافس على فرص استكشافية جديدة الفترة القادمة؟

مصطفى طلعت: تبلغ تقريبا 3.5 ملايين دولار.

أحمد رضوان: بانتهاء الجولة الرابعة، إلى أن وصلت حجم التمويلات؟

مصطفى طلعت: وصلنا إلى 8.5 ملايين دولار تقريبًا منذ أن بدأنا الشركة، وهذا يعد رقمًا ضئيلًا مقارنة بحجم المشروع إذا وصل إلى مرحلة إنتاج.

المشرع الذي يصنف تير وان أو الأكبر من حيث الحجم الجيولوجي في الكشف، يتطلب تقريبًا 2 مليار دولار لتحويله لمنجم منتج من مصانع ومعدات، ومنجم السكري خير مثال.

دائمًا ما يؤدي ذلك إلى وضع الشركة تحت ضغط، تحتاج لشجاعة من المستثمرين الحاليين لضخ المزيد تزامنًا مع وجود فرصة لدخول استثمارات أكتر مع الفترات الزمنية المقبلة.

وبالنسبة لفرص الدخول في منافسة جديدة، بالطبع إذا حققنا العائد المرجو من التجربة الحالية، سنحرص على الفوز بطرح جديد من الدولة على جودة جيدة وبالشروط السابقة، مع الأخذ في الاعتبار بنود عقود الاستغلال الجديدة التي تم الانتهاء منها في مجلس الشعب، وكيف سيتم تعميمها على الشركات.

وفي ظل وجود منافسة في المنطقة العربية في الوقت الراهن، مثل السودان، والمملكة العربية السعودية، ضخ مبالغ كبيرة في عملية أولًا إيجاد الخامات وثانيًا التسويق.

السعودية كل عام تقوم بتأسس وبتنظم معارض ومؤتمرات بشكل كبير، مكنتها من الوصول إلى نفس مستوى الدول التي لديها نشاط في القطاع.

دراسة الفرص في السعودية أو السودان أو أي دولة أخرى، مرهونة بالتأكد من اقتناص كل الفرص الممكنة داخل الدولة، فدائمًا نضع الأولوية للاستثمار داخل مصر ثم للاستثمار بالخارج.

أحمد رضوان: متى تتوقعون بدء الإنتاج؟

مصطفي طلعت: رئيس مجلس الوزراء، بعد زيارته لمنجم السكري، وعندما شاهد حجم المشروع، أشار أمام وسائل بأن الدولة أصبحت على يقين بأن المشروعات الكبيرة تحتاج على الأقل إلى 10 سنوات، والمهندس أحمد ذكر أنها تستغرق من 10 إلى 12 عامًا.

وعقود الاستكشاف الحالية تمنحنا حق الاستكشاف لمدة تصل إلى 8 سنوات كحد أقصى، وبعد الحصول على الموافقات تبدأ مرحلة تقديم دراسة الجدوى للتحول إلى مشروع استغلال، ثم الدخول في مرحلة التطوير التي قد تستغرق ما بين عامين و 4 أعوام، حسب حجم المصانع واستيرادها وتوفير الطاقة لها وبعد ذلك تبدأ مرحلة الإنتاج.

وطبقًا للطبيعة الجيولوجية لمشروع وادي دارة، نتوقع أن نصل إلى أقصى فترة زمنية ممكنة طبقات لتوقعات العائد من المشروع.

أحمد رضوان: متي تقريبًا؟

مصطفي طلعت: العقد الرسمي بدأ في 2023 وبعد إضافة مدة الـ 10 سنوات نتحدث عن عام 2033 كبداية للإنتاج التجاري، في حالة نجاح الخطوات القادمة في الاستكشاف وقدرتنا في الحصول على تمويلات.

فهي استثمارات طويلة الأجل، وأي مستثمر مقبل على هذه الصناعة يدرك مدى صعوبتها واحتياجها إلى الصبر، وهناك عوائد قد تتحقق خلال فترة الاستكشاف من القيمة التي تتحول إليها الشركة.

وهناك عدد من المستثمرين يمكنهم الاستثمار والتخارج من المشروع قبل بدء الإنتاج الفعلي للشركة وتحقيق مكاسب من فرق التقييم.

أحمد رضوان: هل الجولات التمويلية تجري على نفس التقييم؟

مصطفي طلعت: لا.. فنتائج كل سنة تساهم في تعزيز التقييمات.

احمد رضوان: تقريبًا من أول جولة إلى الجولة الأخيرة ما حجم الزيادة في التقييم؟

مصطفي طلعت: تقريبًا نحو 5 أضعاف منذ بداية عملنا وحتي الآن.

رضوى إبراهيم: المهندس أحمد، نود أن تخبرنا عن خططكم للفترة القادمة، وهل أنتم مستعدون للمنافسة على مناطق جديدة أم لا؟ وهل هناك فرص للتوسع خارج مصر أم أن تركيزكم ينصب على السوق المصرية فقط؟

نعتمد علي التمويل الذاتي للمستثمرين الإستراتيجيين للشركة في تنفيذ التوسعات الخارجية

أحمد خيري: تركيزنا لا ينصب على مصر فقط، فنحن متواجدون بالفعل خارجها، نحن نعمل حاليًا في مصر وآسيا الوسطى، وخطتنا قبل نهاية العام هي إضافة مشروع ثالث خارج مصر، إما في شرق إفريقيا، أو أمريكا اللاتينية، أو آسيا الوسطى، وهي المناطق الثلاث التي نركز عليها ضمن الأسواق الناشئة.

لا توجد لدينا خطط للتوسع في مصر، لكن هناك توجها للتركيز على ما نحن قائمون عليه حاليًا، نحن نمتلك حزمة امتيازات كبيرة تصل إلى 1300 كيلومتر مربع، وهي حزمة ضخمة، كما أن إجمالي الاستثمارات التي ضختها الشركة خلال الـ 4 سنوات الأخيرة بلغ نحو 12 مليون دولار.

وأتوقع بنهاية العام الجاري ضخ 4 إلى 5 ملايين دولار إضافية، لتسريع عمليات الحفر والاستكشاف تحديدًا.

نحن بدأنا في عمليات التنقيب منذ نحو عام ونصف تقريبًا، حيث يعد التنقيب الأساس لأي عملية استكشاف، وهو ما يستحوذ على الجزء الأكبر من التكلفة.

رضوى إبراهيم: السوق الجديد كم سيكلفكم التوسع فيه استثماريًّا؟

الاستعانة بمصادر تمويلية أخرى سواء من الشركاء أو البنوك في المراحل المتقدمة من المشروعات

أحمد خيري: الأمر يتوقف على الفرصة المتاحة، فأنت تكون أمام خيارين رئيسيين: الدخول في مشروع استكشاف أو خوض مغامرة جديدة، ولكل خيار اعتباراتُه الخاصة.

المستهدف حاليًا لن يكون كبيرًا بقدر ما سيكون التركيز على الاستحواذ على مشاريع استكشافية سريعة تتمتع بإمكانات جيدة وكبيرة، كما أن الاستحواذ عليها بشروط استثمارية من الحكومة سيكون جيدًا، لأننا نعتبرها جزءًا من قيمة الشركة، ونستطيع تقييمها وإعادة التقييم.

كما أن جزءًا من اتفاق الامتياز المبرم مع الحكومات يتضمن شروط الإنهاء التي يفترض أن تكون واردة فيه.

فنحن في مصر لا نمتلك خطة للتوسع، إنما لدينا نية للتركيز على التوسع في المناطق التي نعمل بها حاليًا، لأن تكلفة الاستكشاف والتنقيب ستكون مرتبطة بالإنتاج، فكلما حققنا إنتاجًا جيدًا كان ذلك مشجعًا للمستثمرين على ضخ أموال أكبر، ما يتيح التوسع بأقصى قدر ممكن في الإنتاج، بالإضافة إلى زيادة إمكانيات المشروع ورفع قيمته.

فنحن على سبيل المثال متواجدون في أوزبكستان بآسيا الوسطى، حيث نمتلك مشروعًا للنحاس والذهب ويعد من أكبر المشروعات هناك، وكما ذكرت، فإننا في «إن تو ميتالز» كشركة قابضة نتطلع إلى إضافة مشروع ثالث بنهاية العام الحالي.

رضوى إبراهيم: هل تنفذون توسعاتكم الخارجية من خلال شراكات مع جهات محلية في الأسواق التي تدخلونها، أم تعتمدون على التوسع بشكل مستقل؟

أحمد خيري: في مرحلة البداية، نمتلك القدرة المالية من المستثمرين الإستراتيجيين للشركة، على الدخول الي هذه الأسواق.

ومع المراحل المتقدمة من التطوير، نقوم بالبحث عن مصادر تمويلية مختلفة، سواء من الشركاء أو من خلال مصادر أخرى من البنوك أو غيرها.

لكن في مراحل الاستحواذ الأولية، نفضل تمامًا أن يكون الاستثمار بأنفسنا دون الدخول في شراكات مع أي طرف آخر.

رضوى إبراهيم: بالنسبة للمناطق التي تعملون بها، متى تتوقعون دخولها مراحل الإنتاج، سواء في مصر أو في الخارج؟

أحمد خيري: نحن من الشركات التي تبحث عن مشروعات ضخمة، وإذا تحدثنا عن الذهب، على سبيل المثال فإن الاحتياطي المستهدف للمشروع يجب ألا يقل عن نحو مليون ونصف أوقية، وهذا هو هدفنا، سواء كان المشروع سيدخل في مراحل الإنتاج أو كنا نتطلع لدمجه مع شركات أو مشروعات أخرى فهذا شيء مهم بالنسبة لنا.

«إن تو ميتالز» تتميز بامتلاك شركات شقيقة بما فيها صندوق لامانشا

ونحن في شركة «إن تو ميتالز» لدينا ميزة تنافسية مقارنة بمعظم الشركات الأخرى، وهي أننا نمتلك شركات شقيقة، من ضمنها صندوق لامانشا الذي يستثمر في الشركات المقيدة في البورصة فهو يمتلك استثمارات في شركة «انديفور للتعدين» والتي تمتلك من 3 إلي 4 مناجم، بالإضافة إلي شركة «جي مايننج» التي تمتلك منجمين في البرازيل وآخر في سورينام، كما تمتلك استثمارات أخرى في شركة «بيلو صن»، وبالتالي فإن إستراتيجية التخارج لدينا تتمتع بمزيد من الخيارات مقارنة بمعظم الشركات الأخرى.

المهندس أحمد خيري رئيس قطاع تنمية الأعمال بشركة إن تو ميتالز

ياسمين منير: هل يعتبر هو المستثمر المحتمل في المراحل التفاوضية؟

أحمد خيري: بالنسبة لنا، هو مستثمر محتمل ولكنه ليس الوحيد، خاصةً وأنه يمتلك ذات العقلية الموجودة لدينا في الشركة.

ونحن في بداية الاستثمارات، نتبع نفس الإستراتيجية التي يتبعها هؤلاء المستثمرين، وبالتالي فتصبح هناك احتمالية أن يصبحوا شركاء محتملين معنا، وهذا يجعلنا من البداية نعرف الاتجاه الذي سوف نسير إليه.

نمتلك حاليًا حقوق امتياز في 4 مناطق بعد التنازل عن منطقتين لضعف الجدوى الاقتصادية والجيولوجية

هذه المسألة تجعلنا نستغرق بعض الوقت، قد يكون طويلًا، لأننا في النهاية بحاجة إلى أن تكون لدينا درجة عالية جدًّا من القناعة للإجراءات التي نتخذها.

رضوي إبراهيم: علي مستوى التمويل ما هو شكل التعاون مع الشركات الشقيقة؟

أحمد خيري: التعاون في المرحلة الحالية يقتصر على تبادل الخبرات والعلاقات أكثر من كونه تعاونًا فعليًّا، بمعنى أنه في بعض الأماكن أو الدول المستهدفة قد يكون لديهم خبرات سابقة أو استكشافات أجروها، ويمتلكون معلومات عنها، حيث يمكنهم تزويدنا، في نطاق المتاح، بمعلومات تساعدنا على الاطلاع على هذه الدول، من خلال التواصل المباشر أو عبر معلومات جيولوجية، ما يتيح لنا البدء في تقييمها، أما من ناحية التعاون التمويلي أو الاستثماري، فلا يوجد شيء حاليًا.

رضوى إبراهيم: ما هي نسبة اعتمادكم على التمويل المصرفي في ظل توسعاتكم الحالية؟

أحمد خيري: حاليًا لا يوجد، لأن البنوك لا تقدم تمويلات في مرحلة الاستكشاف والتنقيب.

التمويل البنكي يبدأ عادة خلال مرحلة تطوير المناجم، والتي تُسمى PSF وهي المرحلة التي تتضمن الأنشطة التحضيرية اللازمة قبل بدء استخراج المعادن، في هذه المرحلة، يكون لديك صورة أوضح عن حجم الموارد الموجودة من معادن مثل الذهب أو النحاس أو الليثيوم، لتبني على أساسها النماذج المالية.

عندها يبدأ البنك في دراسة تلك النماذج ليتعرف على العوائد الاستثمارية المتوقعة، وكيف ستتمكن من السداد إذا منحك تمويلًا يغطي 60% أو 70% من التكاليف، وبناء على تلك النماذج يتضح للبنك مدى جدوى المشروع، ويصبح قادرًا على اتخاذ قرار التمويل.

لأن البنوك تميل أحيانًا إلى أن تكون مقيدة ومتحفظة جدًّا فيما يتعلق بمنح التمويلات، وحتى في أساسيات العائد قد تكون أكثر تحفظًا بهذا الشكل.

هذه المراحل تتم بعد الوصول إلى مستوى محدد من نتائج الاستكشاف، يوضح حجم الموارد والاحتياطيات المتوفرة لديك، بعدها يبدأ البنك في منحك التمويل اللازم، لتتمكّن خلال عامين من بناء المصنع وبدء الإنتاج، حيث أن البنوك لا تمنح أي تمويل قبل التأكد من قدرة المستثمر على السداد.

رضوى إبراهيم: ما حجم استثماراتكم في المناطق التي تعملون بها حتى الآن؟

أحمد خيري: في مصر، تراوح حجم استثماراتنا بين 12 و13 مليون دولار منذ عام 2021 وحتى الآن، وهذا المعدل في تصاعد مستمر.

ياسمين منير: هل هذا في 6 مناطق؟

أحمد خيري: كنا قد استحوذنا على حقوق الامتياز في 6 مناطق مختلفة، ثم قررنا التنازل عن حقوق امتياز منطقتين لأن الجدوى الاقتصادية والجيولوجية لم تكن مرتفعة بالنسبة لنا، وهذا أمر طبيعي جدًّا، حاليًا، نمتلك حقوق امتياز في 4 مناطق تغطي نحو 1300 كيلومتر.

رضوى ابراهيم: هل تلقيتم عروض استحواذ أو فرص اندماج بعيدًا عن الشركات الشقيقة؟

تلقينا عروض استحواذ لكننا نرفض أي شراكات قبل 3 إلى 4 سنوات

أحمد خيري: بالطبع، تلقينا عروضًا من عدة شركات ولكننا في الشركة لدينا قرار بعدم الدخول في أي نوع من أنواع الشراكات أو الحديث عن الاستحواذات قبل مرور 3 أو 4 سنوات من الآن.

رضوى ابراهيم: ما جنسيات الشركات التي قدمت لكم عروضًا؟

أحمد خيري: جنسيات أجنبية.. نحن في الأساس معروفين في السوق، كما أن قطاع التعدين ليس كبيرًا وكما يقال «أوضة وصالة» على مستوى العالم.

فالشركات معروفة، ومعظمها من جنسيات أسترالية أو أمريكية، بالإضافة إلى الشركات متعددة الجنسيات. لذلك، فالسوق نفسها ليست كبيرة، والجنسيات لا تخرج عن هذا الإطار.

ونحن خلال الفترة الحالية، ولمدة 3 أو 4 سنوات قادمة، نعتمد على التمويل الذاتي من المستثمر الرئيسي أو المساهم الرئيسي في الشركة، ولا توجد لدينا أي خطط حالية للاندماجات أو الشراكات في النطاق الذي نعمل فيه.

ياسمين منير: هل تفكرون في معادن إضافية بخلاف الذهب والنحاس؟

أحمد خيري: تخصصنا في الذهب والنحاس فقط، وهذا له مرجعية سوقية، فالذهب يُعد أهم مخزن للقيمة على وجه الأرض، وهناك طلب عالمي عليه سواء من البنوك أو الأفراد أو في صناعة الحلي، وما زال يتم اكتشاف استخدامات جديدة له.

أما النحاس فيعتبر الخامة الأكثر إستراتيجية عالميًّا، نظرًا لأن عمليات التحول الأخضر واعتماد الطاقة على مصادر نظيفة، مرتبطة بشكل رئيسي بالبطاريات والنحاس.

فهاتان الخامتان تستدعيان التركيز عليهما، فإحداهما تُعد إستراتيجية، والأخرى أكثر إستراتيجية.

أحمد رضوان: نشكر حضراتكم جزيلًا، ونتمنى أن يكون اللقاء خفيف الظل عليكم ومفيدًا، وأن تكون الأسئلة التي طرحت جيدة، نحن لسنا متخصصين في هذا القطاع، لكننا نعتقد أننا طرحنا أسئلة جيدة.

فايز جريس: هذا لقاء من اللقاءات النادرة التي تطرقت للقطاع، الذي لا يزال يعاني بعض الارتباك، ويتطلب مجهودًا كبيرًا حتى يصبح التعدين في مصر قادرًا على دفع عجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام.

أحمد رضوان: نتمنى أن يكون هذا اللقاء مؤثرًا في القرارات الحكومية وتوجهاتها، وفي شهية القطاع الخاص.

نشكر حضراتكم مرة أخرى، وإلى لقاء جديد من صالون «حابي» .

الرابط المختصر