مصطفى شفيع: التثبيت الخيار الأقرب لأسعار الفائدة
احتمالات الخفض قائمة ولكن بوزن أقل نظرا لارتفاع درجة عدم اليقين
يارا الجنايني _رجّح مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين، أن يتجه البنك المركزي المصري نحو تثبيت أسعار الفائدة الأساسية في اجتماعه المرتقب يوم 28 أغسطس الجاري، مشيرًا إلى أن خيار الخفض لا يزال مطروحًا، لكنه أقل ترجيحًا في هذه المرحلة التي تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين.
وأوضح شفيع في تصريحات لجريدة “حابي”، أن البنك المركزي يتبنى منذ بداية دورة التيسير الحالية نهجًا حذرًا ومدروسًا، حيث خفّض الفائدة تدريجيًّا منذ أبريل الماضي بواقع 3.25 نقطة مئوية، لكنه أبقى على مستويات العائد عند نطاق مرتفع نسبيًّا مقارنة بالأسواق الناشئة، وذلك بهدف السيطرة على معدلات التضخم التي تراجعت في يوليو مقارنة بشهري مايو ويونيو، إلا أن الصورة العامة ما زالت غير مستقرة بسبب قرارات حكومية متوقعة قد تضيف ضغوطًا تضخمية جديدة.

استقرار التضخم وحده لا يكفي في ظل ترقب قرارات حكومية قد تولد ضغوطًا
وأشار شفيع، إلى أن استقرار التضخم عند مستويات مقبولة هو المحرك الأساسي لقرارات السياسة النقدية، لافتًا إلى أن تراجع الأسعار في بعض البنود مؤخرًا، مثل السلع الغذائية، لا يكفي وحده لاتخاذ قرار بالخفض، خاصة مع ترقب قرارات تتعلق بزيادة أسعار الكهرباء والمحروقات، إضافة إلى ارتفاع ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع والخدمات.
وقال: “المركزي لا ينظر فقط إلى أرقام التضخم الحالية، بل إلى توقعات التضخم المستقبلية، وهذه التوقعات ما زالت تحمل ضبابية كبيرة، وهو ما يجعل التثبيت في الاجتماع القادم خيارًا أكثر انسجامًا مع السياسة الحذرة.”
العائد الحقيقي على استثمارات أدوات الدين في مصر بين 9 و10% من بين الأعلى عالميًّا
ولفت شفيع، إلى أن العائد المرتفع على أذون وسندات الخزانة – الذي يقترب من 28% – يمثل عامل جذب رئيسي للأموال الساخنة والاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين، وهو ما يوفر سيولة مهمة للاقتصاد والدولة. وأوضح أن أي خفض كبير للفائدة في هذا التوقيت قد يضعف من جاذبية هذه التدفقات، مؤكدًا أن العائد الحقيقي بعد خصم التضخم في مصر من بين الأعلى بين الأسواق الناشئة والمتقدمة، إذ يتراوح بين 9 و10%.
وحول تطورات سوق الصرف، أشار رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين، إلى أن الجنيه المصري شهد تحسنًا ملحوظًا من مستويات تجاوزت 50 جنيهًا للدولار إلى نحو 48 جنيهًا، مدعومًا بتراجع الدولار عالميًّا وزيادة موارد النقد الأجنبي من السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج. غير أنه حذر من الرهان على استدامة هذا التحسن بشكل كامل، في ظل استمرار فجوة الاستيراد والعجز التجاري، مضيفًا أن استقرار سعر الصرف يمنح المركزي بعض المرونة، لكنه لا يبدد المخاطر التضخمية على المدى المتوسط.
وشدد شفيع، على أن مستويات الفائدة الحالية، التي تتراوح بين 28 و29% على الإقراض (سعر الكوريدور إضافة إلى هامش ربح البنوك) ما زالت تشكل عبئًا ثقيلًا على القطاع الخاص والاستثمار المحلي، مؤكدًا أن المركزي يدرك هذه الحقيقة ويسعى إلى معالجتها عبر مسار تدريجي للخفض. وقال: “خفض الفائدة ضرورة لتحفيز الاستثمار والنمو، لكنه يجب أن يتم بشكل مدروس ومتدرج”.
وتوقع شفيع، أن يتجه المركزي إلى إجمالي خفض يتراوح بين 6 و7 نقاط مئوية حتى نهاية عام 2025، ليصل سعر الفائدة إلى حدود 20-21%، وهو مستوى لا يزال مرتفعًا لكنه أفضل كثيرًا من الوضع الحالي، ويمنح القطاع الخاص فرصة أكبر للتحرك. كما توقع أن يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو يتراوح بين 4 و4.3% هذا العام، مع إمكانية التحسن إذا استمرت الإصلاحات وبدأت تكاليف التمويل في التراجع.