مجدي طلبة: إنقاذ المصانع المتعثرة يبدأ بتحديد الأسباب
التركيز على 5 قطاعات صناعية كبرى.. طريق مصر لتعظيم القيمة المضافة
فاطمة أبوزيد _ قال مجدي طلبة رئيس شركة (T&C) للملابس الجاهزة وعضو المجلس التصديري للملابس الجاهزة، إن أي خطوة لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة يجب أن تقوم على دراسات فنية دقيقة، بعيدًا عن الطابع العمومي في إطلاق المبادرات.
وأوضح طلبة أن كل قطاع صناعي له طبيعته الخاصة وظروفه المختلفة، ما يتطلب دراسة أسبابه على حدة، مشيرًا إلى أن تحديد أسباب التعثر يمثل الخطوة الأولى في إنقاذ تلك المصانع، سواء كان ناتجًا عن عدم التكيف مع التطورات التكنولوجية أو سوء الإدارة أو ضعف التمويل.

أضاف في تصريحات لجريدة حابي، أن بعض المصانع قد تتعثر مرة أخرى بعد ضخ أموال لإنقاذها، إذا لم تُعالج الأسباب الجذرية بشكل علمي.
وأشار إلى أن الإهمال الذي تعرضت له تلك المصانع لعشرات السنوات جعلها تعاني من مشكلات مركبة، كما أن من بين أبرز أسباب التعثر نقص التمويل وغياب المواد الخام، بالإضافة إلى إقامة مصانع دون دراسات جدوى حقيقية، أو مشروعات لم تواكب المتطلبات التكنولوجية الحديثة، وهو ما تسبب في إخفاقها.
وتابع: إن سوء الإدارة يمثل أيضًا تحديًا خطيرًا، حيث أُنشئت مصانع بلا رؤية إستراتيجية واضحة، مما جعلها عاجزة عن المنافسة في السوق.
وشدد على ضرورة توجيه الدولة لاستثماراتها نحو الصناعات التي تضاعف القيمة المضافة وتحقق عائدًا اقتصاديًّا ملموسًا، محذرًا من دعم صناعات تتجاوز فيها تكلفة المواد الخام قيمة المنتج النهائي، إذ تصبح تلك الصناعات مرشحة للتعثر مجددًا.
وأكد أن هناك مجموعة من المصانع ما زالت تمتلك فرصة للإنقاذ، شريطة دراسة جدواها الاقتصادية وتقييم العائد المتوقع منها قبل إعادة تشغيلها. وطالب الدولة بتبني حزمة من السياسات الداعمة، تشمل خفض الضرائب والجمارك والرسوم، بما يخفف الأعباء المالية على تلك المصانع ويمكّنها من العودة إلى المنافسة.
تفعيل قانون الإفلاس مدخل لمعالجة أوضاع المصانع
ونوه إلى أن قانون الإفلاس الذي أقره البرلمان المصري قبل سبع سنوات يعد من أهم الأدوات التشريعية لمعالجة أوضاع المصانع المتعثرة، موضحًا أن القانون يتيح معاملة ضريبية وجمركية متخصصة لتلك الحالات، كما يجبر البنوك والجهات الدائنة على التنازل عن جزء من الديون، فيما يُعرف بـ”قانون الخروج من السوق”.
أضاف: إن تطبيق هذا القانون ضروري لتحديد ما إذا كان إفلاس المصانع حقيقيًّا أم مصطنعًا، خاصة أن هناك مصانع لا يمكن إنقاذها لأنها تخسر بوتيرة سريعة تجعل استمرارها غير مجدٍ، مشيرًا إلى أن هناك قوانين مشابهة معمول بها في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يجعل تفعيل القانون في مصر خطوة محورية لمعالجة الأزمة.
المبادرات الحكومية تصطدم بالبيروقراطية
وتابع: إن تجربته مع المبادرات الحكومية السابقة لم تكن ناجحة، نظرًا لهيمنة البيروقراطية وتعطيل الإجراءات، داعيًا إلى وقفة جادة مع الجهاز المصرفي لمعالجة أوجه القصور. وشدد على ضرورة إنشاء آليات جديدة في قطاع التصدير، وفي مقدمتها بنوك متخصصة لدعم وتشجيع الصادرات المصرية.
أوضح أن إصلاح أوضاع المصانع المتعثرة لن يتم في وقت قصير، إذ يتطلب خطة شاملة مرتبطة بجداول زمنية واضحة ومؤشرات أداء دقيقة، مؤكدًا أن مصر بحاجة إلى تحليل التجارب والأرقام الخاصة بالدول الصناعية المتقدمة، والاقتداء بها في سياسات الإصلاح الصناعي.
ونوه إلى أن تطوير القطاع الصناعي يستوجب دراسة التكنولوجيا بشكل متكامل، والتركيز على أربعة أو خمسة قطاعات رئيسية ذات مردود اقتصادي قوي، مشيرًا إلى وجود صناعات سلبية يقل فيها العائد عن تكلفة المواد الخام، ما يجعل الاستثمار فيها مضيعة للموارد.
وأكد في ختام تصريحاته، أن وجود مجتمع أعمال قوي يتعاون مع الدولة أصبح ضرورة قصوى، بحيث تجلس الأطراف كافة على طاولة واحدة لوضع خطة تنمية للقطاعات الصناعية، مطالبًا بضرورة توفير آليات تمويل بفوائد مناسبة، ومعالجة النقص الواضح في العمالة الفنية المؤهلة، باعتبارها حجر الزاوية في أي عملية تطوير صناعي مستدام.