د. رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في صالون حابي: استقرار الاقتصاد الكلي حجر الزاوية
السياسات المالية والنقدية الواضحة أساس جذب الاستثمار والتصنيع
في حوار مهم وفي توقيته.. استضاف صالون حابي الشهري الثامن والعشرون، الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في لقاء موسع كشف عن تفاصيل السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية باعتبارها الإطار الجامع لرؤية مصر وبرنامج عمل الحكومة والإستراتيجيات القطاعية.

وفي هذا الحوار، فتحت الوزيرة ملفات النموذج الاقتصادي الجديد القائم على استقرار الاقتصاد الكلي وإعادة هيكلة القطاعات الإنتاجية وتعزيز دور القطاع الخاص، مؤكدة على مكانة الشباب كميزة تنافسية فريدة، وأهمية التعليم الفني وسوق العمل في مضاعفة الإنتاجية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
كما تطرقت إلى محاور الإصلاحات الهيكلية والتحول الأخضر والتمويلات الميسرة، وصولًا إلى آليات المشاركة المجتمعية من خلال رابط «شارك في السردية» على موقع الوزارة، لتقدم صورة متكاملة عن القصة الاقتصادية المصرية كما تُرسم اليوم.
أدار اللقاء كل من: أحمد رضوان رئيس التحرير والرئيس التنفيذي لجريدة حابي، وياسمين منير مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي، ورضوى إبراهيم مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي، وإلى تفاصيل اللقاء..
أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحيم، أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من صالون حابي. نحن اليوم أمام لقاء بالغ الأهمية، يأتي في توقيت شديد الدقة، ودون الحاجة إلى مقدمات مطوّلة، يسعدنا أن تكون ضيفتنا اليوم الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي. أهلًا وسهلًا بحضرتك.

د. رانيا المشاط: أهلًا بك، أهلًا وسهلًا.
أحمد رضوان: نأمل أن نجني من هذا اللقاء أكبر قدر من الرؤى والقيمة المضافة لقرّاء جريدة حابي.
د. رانيا المشاط: بطبيعة الحال، فجريدة حابي عُرفت بقدرتها على تبسيط المعلومات الاقتصادية الصعبة والقيّمة، وصياغتها في صورة سلسة. ونحن اليوم نعتمد عليكم في إثراء النقاش.
أحمد رضوان: كما يسعدني أن أرحب بزميلتي الأستاذة ياسمين منير، مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي، وزميلتي الأستاذة رضوى إبراهيم، مدير التحرير والشريك المؤسس للجريدة.
في البداية، وقبل الدخول في تفاصيل الحدث الأخير المرتبط بالسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، نريد التعرف على نظرة الدكتورة رانيا المشاط ورؤيتها لأبرز التحديات الجوهرية التي تواجه الاقتصاد المصري، وتحديدًا التحديات الداخلية.
د. رانيا المشاط: في البداية، أود التأكيد أن أي اقتصاد يرتكز بالأساس على عنصرين جوهريين: العنصر الأول هو ضمان استقرار الاقتصاد الكلي، وعندما نتحدث عن سياسات الاقتصاد الكلي، فإننا نعني وجود سياسة مالية بمستهدفات واضحة، وسياسة نقدية بمستهدفات واضحة أيضًا. هذا الاستقرار يُعد حجر الزاوية لأي اقتصاد، فهو القاعدة التي ننطلق منها للحديث عن الاستثمار، والتصنيع، والتطوير في مختلف القطاعات. ومن ثم، فإن العمل الدؤوب على ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي يظل هو الخطوة الأولى والجوهرية
إعادة النظر في الاقتصاد الحقيقي ضرورة لتوليد النمو والتشغيل
أما العنصر الثاني، فهو في تقديري الهمّ المشترك لجميع الاقتصاديات في العالم اليوم: كيف يمكننا أن نُعيد النظر بجدّية إلى الاقتصاد الحقيقي؛ ذلك الذي يُولّد النمو ويُتيح فرص التشغيل. نحن جميعًا نشهد حجم التحولات العميقة في النظام الاقتصادي العالمي، تحولات غيّرت الكثير من المبادئ الراسخة التي اعتدنا عليها لعقود. من كان يتوقع أن نعود لنتحدث عن سياسات حمائية بهذا الوضوح؟ ومن كان يتخيل أننا سنشهد إعادة ترتيب لأولويات التجارة العالمية على هذا النحو؟
التحولات العالمية تفرض تغييرات جوهرية في هيكل الاقتصاد الوطني
في ظل هذه المتغيرات المتسارعة وغير المتوقعة أحيانًا، يصبح هيكل أي اقتصاد وطني بحاجة إلى تغييرات جوهرية تُمكّنه من ضمان استمرارية النمو وتوليد فرص العمل.
وهنا، إذا كنت قد تتحدث عن التحديات، فالسؤال المنطقي التالي هو: ما الفرص المتاحة؟
أحمد رضوان: بالطبع نحن سنتطرق إلى الفرص لاحقًا.
د. رانيا المشاط: من المهم أن نؤكد أن الاستقرار الكلي للاقتصاد يظل القاعدة الأساسية، غير أن هذا وحده لا يكفي. لا بد من مواصلة العمل على إصلاحات هيكلية في بنية الاقتصاد، بحيث نكون قادرين إما على استثمار ما يحدث في الخارج لصالحنا، أو على الأقل الحد من انعكاساته السلبية علينا. فالغاية الجوهرية هي النمو وخلق فرص العمل.
الأولوية الآن لتعزيز استمرارية النمو وتوفير فرص العمل
ومن المعلوم أن النمو وفرص العمل عندما يقودهما القطاع الخاص عبر قطاعات متنوعة، فإنهما يكتسبان جودة واستدامة أعلى. ومن ثم، فإن استقرار الاقتصاد الكلي، مقرونًا بإعادة تشكيل هيكل الاقتصاد بما يضمن قيادة القطاع الخاص لمسار التنمية.
أحمد رضوان: اسمحي لي أن أطرح السؤال بصيغة أخرى: ما أبرز العناصر التي تضعها الدكتورة رانيا المشاط نصب عينيها، أو المخاوف التي تظل حاضرة في اعتبارها، عند صياغة خطة مرتبطة بمؤشرات الاقتصاد الكلي؟ ما هي المحددات أو مكامن القلق التي قد تستدعي تعديلًا في الخطة أو قد تُفضي إلى إطالة أمد تنفيذها؟
د. رانيا المشاط: بطبيعة الحال، حين نتحدث عن استقرار الاقتصاد الكلي، فنحن نتحدث عن تنسيق مؤسسي متكامل بين أجهزة الدولة المختلفة من أجل بلوغ هذه الغايات. فعلى سبيل المثال، لدينا البنك المركزي الذي يستهدف ضبط معدلات التضخم، ومع كل اجتماع للجنة السياسة النقدية يصدر بيان يُفصّل طبيعة المخاطر الصعودية أو النزولية التي قد تطرأ، سواء على التضخم أو على النمو الاقتصادي. وفي المقابل، لدينا السياسة المالية التي تعمل على تحقيق التوازن والانضباط المالي، مع الحرص في الوقت نفسه على أن تكون سياسة داعمة للنمو. وكما يؤكد معالي وزير المالية دومًا، فإن هذه السياسة المالية تسعى إلى أن تكون محفزة للنشاط الاقتصادي دون الإخلال بمتطلبات الضبط المالي.
الاستقرار الكلي ضرورة لكنه غير كافٍ دون إصلاحات هيكلية
ومن هنا يتضح أن هناك درجة عالية من التكامل والتنسيق بين المؤسسات المعنية بضمان استقرار الاقتصاد الكلي.
غير أن هناك نقطة بالغة الأهمية ترتبط بدورنا في وزارة التخطيط، وهي حوكمة الاستثمارات العامة، فبينما نعمل على تحقيق الضبط المالي، يبقى التركيز على كيفية توجيه الموارد المتاحة واستخدامها بأقصى درجات الكفاءة، بحيث تُخصَّص للمجالات ذات الأولوية الإستراتيجية.
رغم سقف الإنفاق الاستثماري ننحاز إلى الصحة والتعليم والتنمية البشرية
وأضرب هنا مثالًا: فعلى الرغم من وجود سقف للإنفاق الاستثماري، وعلى الرغم من تطبيق منظومة حوكمة دقيقة للاستثمارات العامة، فإننا ننحاز بشكل واضح إلى محاور التنمية البشرية. وهذا يتجلى في التركيز المتزايد على قطاعات الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات التي تُحدِث أثرًا مباشرًا وملموسًا في حياة المواطن. ولعل مراجعة الخطط الاستثمارية خلال العام الماضي، والعام الجاري، تكشف عن اتجاه متصاعد في حجم المخصصات لهذه القطاعات، هذه نقطة جوهرية في المرحلة الراهنة.

الأولوية في المرحلة المقبلة لقطاعي التصنيع والتصدير
الجزء الثاني، وهو ما يشغلنا بدرجة كبيرة عند الحديث عن هيكل الاقتصاد، أو لنُسمّه بدقة النموذج الاقتصادي الراهن، لقد مررنا خلال السنوات الماضية بمرحلة ركّزنا فيها على بناء بنية تحتية متطورة شملت الموانئ وشبكات الخدمات اللوجستية، وكان الهدف من هذه الاستثمارات التأسيس لقاعدة صلبة تُمكّن الاقتصاد من تحقيق دفعة قوية للقطاعات الأكثر إنتاجية، وتلك التي تتميز بقدرتها على خلق قيمة مضافة عالية، وهنا يبرز بوضوح التوجه نحو إعطاء الأولوية لقطاعي التصنيع والتصدير في المرحلة المقبلة.
وعندما نتحدث عن صياغة الخطة الاقتصادية، فإننا ننظر إليها من زاويتين أساسيتين:
أولًا: توجيه الاستثمارات نحو التنمية البشرية، بما يشمل الصحة والتعليم وغيرهما من المحاور التي تعزز رأس المال البشري.
ثانيًا: تهيئة البيئة المواتية لنمو القطاعات الأعلى إنتاجية والأكثر قدرة على توليد قيمة مضافة، وهي القطاعات التي تكشف المؤشرات الدولية عن امتلاك مصر فيها لمكانة متقدمة.
مصر تحتل المرتبة الخامسة عالميًّا في مؤشر التعقيد الاقتصادي
ولعل من أبرز تلك المؤشرات ما تناولناه في فعالية الإطلاق الأخيرة، وهو مؤشر التعقيد الاقتصادي (Economic Complexity Index)، حيث تحتل مصر المرتبة الخامسة بين 145 دولة فيما يتعلق بقدرتها المحتملة على التقدم في هذا المؤشر. وهذه نتيجة بالغة الدلالة، إذ تشير إلى أن لدينا فرصة كامنة إذا ما أحسنا استغلالها عبر إصلاح هيكل الاقتصاد بالشكل الذي تحدثنا عنه في البداية.
ولهذا، حين سألتني عن ماهية التحدي، أؤكد أن التحدي في جوهره هو ذاته فرصة، فإذا ما واصلنا العمل بجدية على إعادة هيكلة الاقتصاد بما يتوافق مع التحولات العالمية ويوظف الإمكانات الكامنة لدينا، فسوف نتمكن من اقتناص تلك الفرصة التي يُظهرها مؤشر التعقيد الاقتصادي بوضوح.
مؤشر التعقيد في الصناعات الخضراء يفتح آفاقًا واسعة لمستقبل الاقتصاد الوطني
هناك مؤشر آخر لا يقل أهمية، وهو مؤشر التعقيد في الصناعات الخضراء، فنحن ندرك أننا استثمرنا خلال السنوات الماضية في بناء بنية تحتية متقدمة للطاقة الجديدة والمتجددة، والجميع يشهد حجم الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى هذا القطاع الحيوي. هذه التطورات تفتح أمامنا آفاقًا واسعة لتعزيز الهيكل الاقتصادي الذي نتحدث عنه، وتجعل من هذا القطاع ركيزة واعدة لمستقبل الاقتصاد الوطني. ومن هنا، يصبح المؤشران معًا -التعقيد الاقتصادي والتعقيد في الصناعات الخضراء- بمثابة بوصلتين ترسمان ملامح المستقبل.
ولذلك أعود لأؤكد على أهمية السياسات المرتبطة بالاقتصاد الحقيقي. فاستقرار الاقتصاد الكلي، بطبيعته، يركّز على الجانب المالي، لكن يبقى السؤال المحوري: أين موقع الاقتصاد الحقيقي (Real Economy)؟ نحن بالفعل نمتلك قطاعًا ماليًّا (Financial Sector) راسخًا، لكن التحدي الأكبر يكمن في جعل الاقتصاد الحقيقي أكثر ديناميكية وحيوية.
الاقتصاد الحقيقي هو الضامن الأساسي لاستدامة الموارد والتوسع في الإنفاق التنموي
ذلك أن الاقتصاد الحقيقي هو الضامن الأساسي لاستدامة الموارد، وهو الذي يُتيح لنا التوسع في الحيز المالي المتاح، ومن ثم توجيه إنفاق أكبر نحو محاور التنمية البشرية.
ياسمين منير: دكتورة رانيا، نحن نتحدث منذ حقبة ليست بالقصيرة عن التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري داخليًّا، هل ترين أن الأزمات الخارجية كانت وحدها العامل الأكثر تأثيرًا في المشهد الاقتصادي، أم أن هناك نقاط ضعف داخلية كامنة في الاقتصاد المصري أسهمت أيضًا في تعقيد الوضع خلال الفترات الماضية؟
د. رانيا المشاط: في تقديري، المرحلة السابقة اتسمت بخصوصية شديدة، ليس لمصر وحدها وإنما للعالم بأسره. ويمكن القول إن كل المحافل الدولية، ومن بينها مؤتمر التمويل من أجل التنمية الذي عُقد مؤخرًا في إسبانيا، لم يخرج منها بيان واحد إلا وكان يتضمن إشارة صريحة إلى الصدمات المتعددة التي تضرب الدول بلا استثناء.
العالم يواجه صدمات متعاقبة منذ 2020 هزّت الاقتصاد العالمي
فقد شهدنا، ومنذ عام 2020 وحتى اليوم، سلسلة من الصدمات المتعاقبة التي هزّت الاقتصاد العالمي بأسره: أزمات الغذاء، تفشي الأوبئة، اضطرابات جيوسياسية ممتدة، إضافة إلى النزاعات والحروب وما يرتبط بها من تداعيات على سلاسل الإمداد.
أعتقد أننا، ونحن بصدد صياغة النموذج الاقتصادي المصري وإعادة النظر في الإصلاحات الهيكلية عبر مختلف القطاعات، فإن الهدف الجوهري يتمثل أن يصبح الاقتصاد قادرًا على امتصاص الصدمات الخارجية والتكيف معها، مع الاستمرار في مسيرة النمو والتشغيل.
هدفنا بناء اقتصاد مرن قادر على امتصاص الصدمات والتكيف معها
ومفهوم (Resilient Economy)، أي أن يصبح لدينا اقتصاد مرن قادر على امتصاص الصدمات المختلفة، هو حجر الزاوية الذي يربط بين استقرار الاقتصاد الكلي من ناحية، وإعادة هيكلة الاقتصاد الحقيقي من ناحية أخرى.
التوسع في التصنيع وتحفيز ريادة الأعمال لتعزيز النمو المتكامل
الغاية من ذلك كلّه أن يتحقق لدينا نمو اقتصادي متكامل، يتيح توسيع قاعدة التصنيع، ويحفّز ريادة الأعمال، ويُعزّز دور القطاع الخاص باعتباره شريكًا رئيسيًّا في عملية التنمية، فضلًا عن جذب الاستثمارات الخضراء وغيرها من مجالات الاستثمار الواعدة.
رضوى إبراهيم: دكتورة رانيا المشاط، اسمحي لي أن أبتعد قليلًا عن ملف التحديات، وأتوجه بسؤالي نحو زاوية مختلفة: ما هي المزايا التنافسية التي ترين أن الاقتصاد المصري يتمتع بها في المرحلة الراهنة مقارنةً بأسواق المنطقة، خاصةً في ظل احتدام المنافسة على جذب الاستثمارات؟ ومن بين هذه المزايا، ما الذي يمكن لمصر ألا تكتفي فقط بامتلاكه، بل تراهن عليه وتسوّق له بفاعلية لتعزيز حصتها من الاستثمارات الأجنبية، ولا سيما أن العديد من الأسواق المحيطة بنا، والتي كانت في السابق توجّه مدخراتها إلى الداخل المصري، تحوّلت اليوم إلى منافس مباشر لنا على ذات الموارد الاستثمارية؟
د. رانيا المشاط: بدايةً، أنا سعيدة بهذه الأسئلة، إذ إن كثيرًا من الردود عليها وردت بالفعل في السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية. فعند النظر إلى مقوّمات الاقتصاد المصري، وربطها بآفاق النمو التي أشرت إليها في إجابتي السابقة، نجد أن هناك فرصة حقيقية يؤكدها مؤشر التعقيد الاقتصادي، بما يعني أن المنتجات المصرية قادرة على أن تكون ذات محتوى تكنولوجي مرتفع، وإنتاجية عالية، وقيمة مضافة ملموسة.
وعند الربط بين هذه المؤشرات والمقومات المتوافرة لدينا، يتضح أن مصر تتميز بحجم سوق محلي واسع، وببنية تحتية متطورة تربط الموانئ بالمراكز اللوجستية، فضلًا عن امتلاكها مقومات سياحية استثنائية تُعد من أبرز صادرات الخدمات. هذا إلى جانب تنوع القطاعات الاقتصادية، ووجود عمالة ماهرة تُمكّن أي مستثمر جديد من الانطلاق في أنشطة صناعية أو خدمية بكفاءة عالية. هذه العناصر مجتمعة تشكّل قاعدة صلبة تجعل تحقيق الآفاق التي نتحدث عنها أمرًا ممكنًا وواقعيًّا.
أما الجانب الثاني، فيتمثل في أنّ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية يتضمن محورًا أساسيًّا هو تعزيز التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، وقد تولّى معالي وزير الاستثمار مؤخرًا هذا الملف بتفصيلٍ ودقّة، حيث يشهد حاليًا حزمة من الإصلاحات المتنوعة الهادفة إلى رفع جاذبية الاقتصاد المصري وزيادة قدرته التنافسية في مواجهة الأسواق الإقليمية والدولية الأخرى كما أشرتِ. وأعتقد أنّ هذا يمثل إجابة مباشرة على سؤالك.
رضوى إبراهيم: وهناك عنصر آخر فارق أعتقد أنّ مصر تتميز به، وهو عنصر الشباب.
نتميز عن بعض الدول المتقدمة بقاعدة شبابية واسعة
د. رانيا المشاط: أشكرك على هذه الإضافة المهمة. لقد كنّا مؤخرًا في اليابان، وكان الجميع هناك يُبدي قلقه من غياب الشباب، إذ لا يتوافر لديهم ما يكفي من طاقات شبابية قادرة على رفد سوق العمل بفوائض إنتاجية، وهو ما ينعكس سلبًا على هيكلهم الاقتصادي.
السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تتضمن فصلًا خاصًّا بسوق العمل والمهارات
أمّا في مصر، فالوضع مغاير تمامًا؛ إذ نمتلك قاعدة واسعة من الشباب، ولهذا تضمّنت السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية فصلًا كاملًا حول سوق العمل والمهارات، وكيفية مواءمة هذه المهارات مع احتياجات الاقتصاد من خلال المدارس التكنولوجية والتطبيقية، بما يضمن اتصالها المباشر بأهداف إستراتيجية التنمية الصناعية وإستراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر.
المدارس التكنولوجية والتطبيقية تربط التعليم باحتياجات الاقتصاد
أحمد رضوان: جميل. نحن الآن بصدد الانتقال إلى الحديث عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، ونود في البداية أن توضحي لنا الفارق بين هذه السردية، باعتبارها منتجًا ضخمًا، وبين غيرها من الأطر التخطيطية السابقة، وما أوجه التكامل بينها وبين برنامج عمل الحكومة، وكذلك مع رؤية مصر 2030، التي لم تعد رؤية بعيدة المدى بعد أن اقتربنا من أفقها الزمني المحدد. وهناك أيضًا تساؤل جوهري يطرح نفسه: لماذا وقع الاختيار على مصطلح «السردية»؟ فالمعتاد أن نتحدث عن خطة أو برنامج أو إستراتيجية، وهذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها عن سردية في إطار برنامج حكومي مصري.
د. رانيا المشاط: بدايةً، رؤية مصر 2030 جاءت على غرار ما اعتمدته العديد من الدول، عندما أقرت الأمم المتحدة في عام 2015، ونحن كنا من الدول المشاركة، أن تمتلك كل دولة رؤية وطنية تمتد حتى عام 2030، أي على مدى خمس عشرة سنة آنذاك. وقد انبثقت هذه الرؤية عن الحاجة إلى تسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أُطلقت كذلك في عام 2015. وكانت مصر من أوائل الدول التي بادرت بإعداد رؤيتها الوطنية، ثم خضعت هذه الرؤية لتحديث شامل في عام 2018.

المتغيرات العالمية أفرزت فرصًا جديدة وتحديات أصعب
غير أنّ الفترة الممتدة من 2018 وحتى اليوم شهدت متغيرات عميقة، أفرزت فرصًا جديدة يمكن البناء عليها لتحقيق مستهدفات بصورة أوسع، في مقابل مستهدفات أخرى بات تحقيقها أكثر صعوبة نتيجة الصدمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة. هذا فضلًا عن صدور برنامج عمل الحكومة في يوليو 2024، وهو ما تطلّب إعادة صياغة منهجية شاملة أكثر مرونة وتكاملًا.
في الواقع، من يطالع فصول السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية سيجد أنّ أول ما نحرص عليه هو تحقيق الاتساق والتكامل بين رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة، بحيث لا يسير أي منهما في مسار منفصل، بل يتكاملان في إطار محددات واضحة ومترابطة، وهذه نقطة جوهرية.
أما الجزء الثاني، فهو أنّ العالم من حولنا يشهد تحولات كبرى وسريعة، وفي قلب هذا المشهد تمتلك مصر فرصًا واعدة في قطاعات حيوية، نحرص على تعظيم قدرتها الإنتاجية والتصديرية، لأنّ ذلك هو السبيل الحقيقي لخلق فرص عمل مستدامة وتحقيق معدلات نمو قوية.
الإستراتيجيات القطاعية تعزز الإنتاج والتصدير وتخلق فرص عمل مستدامة
ومن هنا تبرز أهمية الإستراتيجيات القطاعية التي تضعها الدولة؛ سواء في السياحة، أو في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي، أو في الزراعة التي تؤدي دورًا محوريًّا، ليس فقط عبر تنامي الصادرات الزراعية بصورة لافتة، بل أيضًا عبر تراجع الواردات. والأمر نفسه ينطبق على قطاع السياحة الذي يُعد أحد أهم أعمدة الصادرات الخدمية.
الزراعة والسياحة والاقتصاد الرقمي أعمدة النموذج الاقتصادي الجديد
ولذلك، فإنّ الإستراتيجيات القطاعية، إلى جانب البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، تأتي بتوقيتات محددة تحدد ما يتعين على كل وزارة القيام به من سياسات وإجراءات لدفع هذا النموذج الاقتصادي الجديد، الذي لا يقتصر على البناء على ما تحقق في الماضي، بل يتجه كذلك نحو القطاعات الأكثر إنتاجية، والأعلى في القيمة المضافة، والأكثر قابلية للتصدير.
السردية الوطنية إطار جامع للرؤية والإستراتيجيات والإصلاحات الهيكلية
وبذلك تصبح السردية الوطنية إطارًا جامعًا يندرج تحته الرؤية، والبرنامج، والإستراتيجية، والبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، وكل ذلك في إطار مستهدفات كمية دقيقة تقيس الأثر والنتائج.
أمّا عن اختيار مصطلح «السردية»، فهو في الحقيقة الترجمة المباشرة لكلمةNarrative ففي عالم يشهد منافسة محتدمة، يُطرح دومًا السؤال: What’s your narrative? أي ما هي السردية التي تصف من خلالها ما تقوم به من إصلاحات وسياسات؟ ومن ثمّ جاءت كلمة السردية لتكون إطارًا جامعًا يضم تحت مظلته الرؤية، والبرنامج، والإستراتيجية، والأهداف الكمية، والبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية.
ياسمين منير: حضرتك أشرتِ إلى أنّه قد جرى تحديث رؤية مصر 2030 منذ عدة سنوات. فهل يمكن القول إنّ إعداد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية يمثل بدوره تحديثًا جديدًا للرؤية، أم أنه بالأحرى بمثابة جدول أولويات وخطة تنفيذية تتناسب مع المستجدات الراهنة؟
د. رانيا المشاط: في الحقيقة، عند النظر إلى رؤية مصر 2030 نجد نقطة محورية بالغة الأهمية: فعلى سبيل المثال، عندما نتناول إستراتيجية الصناعة، نحرص في البداية على توضيح ما الذي نصّت عليه رؤية 2030، وما الذي تضمنه برنامج الحكومة، ثم نبيّن كيف ترتبط الإستراتيجية الحالية بهما. وبالتالي، نحن لا نُلغي ما سبق، بل على العكس، نعمل على الربط والتكامل بين ما هو قائم وما يُستحدث. فالإصلاحات الهيكلية ليست بديلًا، بل هي مجموعة من السياسات والإجراءات التي تُمكّننا من الوصول إلى الأهداف ذاتها.
أما الجانب الثاني ذو الدلالة المهمة، فهو أنّه عند تناول القطاعات المختلفة، حرصنا على تحقيق الربط والتبسيط، إذ كثيرًا ما نجد كمًّا هائلًا من المؤشرات، لكن ما سعينا إليه هنا هو انتقاء المؤشرات الأكثر تأثيرًا على الاقتصاد بشكل مباشر، بحيث يتمكن أي متابع من استشعار أثرها المباشر. ومن هذا المنطلق، جاءت المستهدفات الكمية المرفقة في نهاية كل فصل، وكذلك تلك التي جُمعت بصورة شاملة، لتعطي مدلولًا مهمًا.
ياسمين منير: عند صدور وثيقة سياسة ملكية الدولة، كان هناك تساؤل حول الإطار الملزِم لها، خاصة أنها لم تصدر في صورة تشريع. فبالنسبة إلى السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، ما هو الإطار الملزِم لها؟
السردية الوطنية تستند إلى قانون المالية العامة الموحد وقانون التخطيط 2022
د. رانيا المشاط: أشكرك على هذا السؤال، وربما كان الأجدر أن أبدأ به. فالسردية الوطنية تستند إلى مرجعية تشريعية واضحة، تتمثل في قانون المالية العامة الموحد وقانون التخطيط العام للدولة، اللذين صدرا في عام 2022.
بدء تطبيق خطة التنمية والإطار الموازني متوسط المدى
موازنة البرامج والأداء تصبح إطارًا ملزمًا اعتبارًا من العام المالي 2026/2027
هذان القانونان نصّا على أن العام المالي 2026/2027 سيشهد تطبيق الموازنة متوسطة المدى كإطار مُلزِم يمتد لثلاث سنوات، إلى جانب إلزامية موازنة البرامج والأداء.
التنسيق مع الوزراء منذ 2024 لإعداد إطار متكامل من المستهدفات
ومن ثم، عندما بدأنا في أكتوبر 2024 التنسيق مع الوزراء وجمع الإستراتيجيات القطاعية، كان الهدف أن نُعدّ إطارًا متكاملًا من المستهدفات، بحيث نتمكن -في وزارة التخطيط– من تضمينها في الخطة متوسطة المدى القادمة، التي ستكون بطبيعتها ملزِمة لمدة ثلاث سنوات، وهنا يكمن الأساس التشريعي لإعداد السردية.
ياسمين منير: مفهوم، هذا يخص إعداد السردية. ولكن فيما يتعلق بتنفيذ بنودها على مستوى القطاعات، هل سينعكس ذلك في صورة التشريعات الخاصة بكل قطاع بشكل مستقل؟
د. رانيا المشاط: عند النظر إلى القطاعات المختلفة، نجد أن البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية يتضمن أبعادًا متعددة، فبعضها يرتبط بتعديلات تشريعية، وأخرى تترجم إلى خطوات تنفيذية محددة. على سبيل المثال، في ملف التحول الأخضر هناك التزامات واضحة تقوم بها وزارة الكهرباء وفق جداول زمنية دقيقة، بينما في مجال تحسين بيئة الأعمال تقوم جهات مثل جهاز حماية المنافسة ووزارة الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار بتنفيذ إصلاحات متدرجة، أما في جانب استقرار الاقتصاد الكلي فإن وزارة المالية تتبنى سياسات محددة تدعم هذا الهدف.
نحن إذن أمام برنامج وطني شامل تتوزع مسؤوليات تنفيذه على مختلف الوزارات والهيئات، فيما يظل دور وزارة التخطيط هو التنسيق والربط بين هذه الجهود، مع الحرص على أن يكون البرنامج مبوبًا بوضوح بحيث يتمكن المتخصصون من متابعة محاوره الأساسية.

برنامج الإصلاحات يرتكز على ثلاث محاور أساسية: الاستقرار الكلي والتنافسية والتحول الأخضر
وقد جرى تصميم هذا البرنامج على ثلاث ركائز رئيسية تمثل جوهره وهي استقرار الاقتصاد الكلي، وتعزيز التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، والتحول الأخضر. ومن ثم فإن أي سياسة أو قرار يجب أن يندرج تحت واحدة من هذه الركائز الثلاث، لأنها هي التي تعرّف النموذج الاقتصادي الجديد الذي نستهدفه، وهو نموذج يرتكز على القطاعات الأعلى إنتاجية، ذات القيمة المضافة المرتفعة، والقادرة على زيادة الصادرات.
أما عن سؤالك فيما يتعلق باختيار كلمة «السردية»، فأنا سبق أن استخدمتها خلال فترة عملي وزيرة للتعاون الدولي عندما أصدرنا كتابًا بعنوان الدبلوماسية الاقتصادية، وكان أحد محاوره يقوم على فكرة «سرد المشاركات الدولية – Global Partnerships Narrative”. ومن هنا جاء استخدامي لمفهوم «السردية للتنمية الاقتصادية»، باعتباره إطارًا جامعًا يضمّ الرؤية والبرنامج والإستراتيجيات والإصلاحات، ويقدمها في صورة متماسكة يمكن للعالم أن يتعرف من خلالها على “ Egypt’s Narrative for Economic Development”، أي سردية مصر للتنمية الاقتصادية.
رضوى إبراهيم: دكتورة رانيا، نود أن ننتقل إلى أبرز المستهدفات الاقتصادية الواردة في السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، وتحديدًا على مستوى المؤشرات الكلية مثل النمو والتضخم والتشغيل والاستثمار الأجنبي. نرغب في أن نتناول كل عنصر على حدة، لكن ليس فقط من حيث الرقم المستهدف الذي حددته الحكومة أو وزارة التخطيط بالتنسيق مع باقي الوزارات، ولكن نود أن نتعرف من وجهة نظركم على العنصر الأكثر تأثيرًا في تحقيق هذا المستهدف، والذي ترين أنه الأقرب للتنفيذ والأيسر من حيث إمكانية التحقق
زيادة الصادرات مدخل أساسي لتعزيز كفاءة إدارة الموارد
د. رانيا المشاط: في تقديري، ما يشغل المواطنين بوجه عام هو تحقيق توازن تجاري عبر زيادة ملحوظة في الصادرات، فهذا يشكل مدخلًا أساسيًّا لخلق حيز مالي يمنح الدولة قدرة أكبر على إدارة مواردها بكفاءة. هذه المؤشرات يسهل متابعتها لأنها تصدر شهريًّا، ومن ثمّ فإن مسألة تعزيز الإنتاج والتصدير تُعد من الجوانب الأقرب للتحقق، لسهولة متابعتها.
وعند النظر إلى الإصلاحات الجارية عبر مختلف القطاعات، يتضح أننا قادرون على رصد العوائد المتنامية من السياحة، ومن الصناعات التحويلية على وجه الخصوص، وما يميز هذه المرحلة أنّنا أقمنا ترابطًا واضحًا بين المستهدفات الاقتصادية وبين مضاعفة التشغيل.
الصناعات التحويلية تتصدر القطاعات الأكثر توليدًا لفرص العمل
ومضاعفة التشغيل تعني أنّ بعض القطاعات تتيح لكل فرصة عمل مباشرة عددًا من الفرص غير المباشرة. وتتصدر الصناعات التحويلية هذه القائمة، تليها السياحة، ثم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وهذه القطاعات تحديدًا تمثل مرتكزًا أساسيًّا للسياسات المصرية، نظرًا لقدرتها العالية على توليد فرص العمل، وهو ما ينعكس بصورة مباشرة على المواطنين جميعًا، إذ يظل مطلب الحصول على فرصة عمل هو الغاية الأسمى لكل فرد.
رضوى إبراهيم: وماذا عن مستهدفات التضخم؟
البنك المركزي الجهة المسؤولة عن تحديد مستهدفات التضخم
د. رانيا المشاط: فيما يتعلق بالتضخم، فالمسؤولية الرئيسية عن تحديد مستهدفاته تقع على عاتق البنك المركزي، إذ إنه الجهة المعنية بهذا الملف. صحيح أن لدينا مجلسًا لتنسيق السياسات النقدية يضم أمانة فنية تقوم بدراسة الإطار الذي يُبنى عليه تحديد المستهدفات، وهو إطار الاقتصاد الكلي الذي يضم كل المستهدفات بصفة عامة، إلا أن المبدأ المتعارف عليه عالميًّا هو أن البنك المركزي هو المسؤول عن وضع مستهدفات التضخم.
رضوى إبراهيم: وبالنسبة لمستهدفات الاستثمار الأجنبي لاسيما الاستثمار المباشر؟
د. رانيا المشاط: هذه المستهدفات موضوعة بشكل مفصل ضمن إستراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر، كما جرى إدراجها في المستهدفات الكمية.
رضوى إبراهيم: ما هي الوزارات، بخلاف وزارة الاستثمار، التي كان للتنسيق معها أثر بالغ عند إعداد السردية، لا سيما في هذا الجانب؟
د. رانيا المشاط: في الحقيقة، جميع الوزارات دون استثناء، إذ إن لكل وزارة دورًا أصيلًا في المنظومة.
رضوى إبراهيم: لكن بطبيعة الحال هناك قطاعات تتمتع بآفاق واعدة، تجعل الرؤية أكثر تفاؤلًا بشأن قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية.
القطاعات الواعدة هي الأساس في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
د. رانيا المشاط: ما تتحدثين عنه هو القطاعات ذاتها، لا الوزارات.
رضوى إبراهيم: صحيح، فهي قطاعات، غير أن الوزارات هي التي تشرف على هذه القطاعات.
التعليم الفني والعالي ركيزة لتلبية احتياجات المستثمرين
د. رانيا المشاط: أود أن أوضح أن القدرة على تلبية الطلب المتنامي على الاستثمار ترتبط ارتباطًا وثيقًا برأس المال البشري ومستوى المهارات. ومن هنا يأتي الفصل الخاص بسوق العمل في السردية الوطنية، حيث يركز بصورة جوهرية على التعليم الفني، بوصفه الركيزة التي تُمكّن الاقتصاد من الاستجابة السريعة لاحتياجات المستثمرين عبر توفير الكفاءات القادرة على مضاعفة الإنتاجية.
ربط التعليم الفني بإستراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر
ومن ثمّ، فإن هذا البعد يُعد عنصرًا محوريًّا وأصيلًا في السردية، إذ إن منظومتي التعليم العالي والفني تمثلان معًا الدعامة الأساسية لتهيئة البيئة الداعمة للصناعة وتعزيز جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر، بما يحقق الغاية النهائية المتمثلة في تعزيز الإنتاج والتصدير.
رضوى إبراهيم: فيما يتعلق بمستهدفات النمو، إلى أي مدى أخذتم في الاعتبار التحوط من الأزمات الخارجية التي كثيرًا ما غيّرت مساراتنا، وكانت سببًا في اتخاذ قرارات عاجلة أو في تعديل المستهدفات كما أشرنا قبل قليل؟
د. رانيا المشاط: في الحقيقة، كل عمل اقتصادي لا بد أن يستند إلى أكثر من سيناريو. فهناك السيناريو الأساسي أو ما يُعرف بــ»العمل كالمعتاد” (Business as Usual)، وهناك سيناريو الإصلاحات المتسارعة الذي يتطلب بذل جهود استثنائية لتحقيق نتائج أكبر، إضافة إلى سيناريو أكثر تحفظًا. وقد اخترنا وصفه بالتحفظ لا بالتشاؤم، لأنه يقوم على إدراك أن احتمالية وقوع صدمات أو متغيرات أمر وارد في أي اقتصاد. أما في أفق عام 2050، فقد اعتمدنا سيناريو وحيدًا يقوم على استكمال مسار الإصلاحات.
أحمد رضوان: أود أن أتناول محور تمكين القطاع الخاص في إطار السردية، غير أنني أود أولًا أن أعود خطوة إلى الوراء للحديث عن خلفيات إعداد هذه السردية: متى بدأ التفكير فيها؟ ومتى كان من المفترض الإعلان عنها؟
إعداد السردية تم بتنسيق وثيق مع وزارة المالية في إطار موازنة البرامج والأداء
د. رانيا المشاط: في الحقيقة، التفكير في إعداد هذه السردية جاء ـكما أشرت سابقًا- بالاستناد إلى مرجعية قانوني المالية العامة الموحد والتخطيط العام، إذ إن مع حلول مارس المقبل، ومع انعقاد البرلمان الجديد، سيكون هناك التزام قانوني بإقرار خطة متوسطة الأجل مدتها ثلاث سنوات.
ومن ثمّ، كان لزامًا علينا أن تكون المستهدفات واضحة ومحددة في إطار هذه الخطة، التي جرى إعدادها بتنسيق وثيق مع وزارة المالية، لاسيما في ظل تطبيق موازنة البرامج والأداء، والتي تقتضي أن يكون أداء كل وزارة مترابطًا مع أهداف محددة.
من هنا برزت الحاجة إلى تجميع الجهود القطاعية كافة وربطها بسياسات ومستهدفات متكاملة، وهو ما بدأنا العمل عليه منذ أكتوبر 2024، واستمر طوال العام. وربما لاحظتم أننا أشرنا إلى موضوع السردية في أكثر من مناسبة سابقة، وكنا بالفعل نمهد لإطلاقها.
إطلاق السردية تأجل من يونيو إلى سبتمبر بسبب التطورات الإقليمية
وكان من المخطط أن يتم الإعلان عنها في يونيو الماضي، إلا أن بعض التطورات الإقليمية فرضت علينا مراجعة دقيقة لاحتمال تغير المستهدفات بفعل ما طرأ على الساحة، لذلك تقرر تأجيل الإطلاق إلى سبتمبر.
السردية تجسيد عملي لإطار الاستدامة والتمويل من أجل التنمية
وفي جوهره، يمثل هذا العمل ترجمة عملية لما أطلق عليه إطار الاستدامة والتمويل من أجل التنمية، عبر ربط جميع الجهود الحكومية وإستراتيجيات الوزارات المختلفة بالهدف المركزي المتمثل في تعظيم الإنتاجية، وزيادة الصادرات، ومن ثم توليد الموارد اللازمة لتجاوز الفجوات التمويلية القائمة.
أحمد رضوان: فيما يتعلق بمحور تمكين القطاع الخاص، ما أبرز النقاط التي ينتظر مجتمع الأعمال سماعها من خلال هذه السردية؟
د. رانيا المشاط: هناك أكثر من محور في هذا السياق، فنحن نوضح -ومنذ عام 2022- أن جانبًا كبيرًا من الاستثمارات في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة كان استثمارًا أجنبيًّا بالكامل. والسؤال هنا: من أين يأتي هذا الاستثمار الأجنبي بتمويله؟ الحقيقة أن مصر أصبحت منصة رئيسية لإتاحة التمويلات منخفضة التكلفة للقطاع الخاص، وذلك عبر مؤسسات التمويل الدولية.
أكثر من 15 مليار دولار تمويلات منخفضة التكلفة للقطاع الخاص خلال 4 سنوات
وخلال السنوات الأربع الماضية فقط، حصل القطاع الخاص على ما يزيد على 15 مليار دولار من هذه التمويلات، بأسعار فائدة أدنى بكثير من أسعار السوق، وهو ما يمثل عنصر جذب مهم. هذه التفاصيل موجودة ومتاحة، وتشمل أيضًا إتاحة فرص لريادة الأعمال، حيث نعمل على إصلاحات موجهة لدعم الشركات الناشئة.
فضلًا عن ذلك، هناك إصلاحات تتعلق بتحسين التنافسية وبيئة الأعمال. وربما أشار معالي وزير الاستثمار إلى تقرير جاهزية الأعمال (Business Ready Report)، بما يتضمنه من إصلاحات تشريعية وتنظيمية، وكلها تصب في إطار العمل المترابط والمتكامل الذي يستهدف في النهاية تعزيز النمو الاقتصادي وتوسيع فرص التشغيل.
ياسمين منير: نحن بصدد الحديث عن أن السردية الوطنية تقدم نموذجًا اقتصاديًّا جديدًا. فهل يمكن النظر إلى هذا النموذج باعتباره هوية اقتصادية تلعب فيها الدولة دور المنظِّم بدرجة أكبر؟ وهل يمكن أن توضحي لنا ملامحه بصورة أشمل؟
د. رانيا المشاط: من يتابع تفاصيل السردية سيجد أن لدينا شريحة أساسية توضّح هذا النموذج الاقتصادي الجديد، وهو قائم على ثلاثة مرتكزات رئيسية: أولًا، تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي؛ وثانيًا، إعادة هيكلة القطاعات بما يسمح بالتركيز على الأنشطة الأكثر إنتاجية والقابلة للتصدير؛ وثالثًا، تعريف دور الدولة بما يعزز مشاركة القطاع الخاص ويحفّز استثماراته.

إطلاق إستراتيجيات متخصصة للاستثمار الأجنبي والصناعة وتنمية المهارات والتشغيل
ولتحقيق هذه المرتكزات، تم إطلاق البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، الذي يترجم بدقة ما ينبغي على كل جهة القيام به في إطار هذه الأولويات الثلاث، وكيفية تنفيذها. ومن ثم جاءت إستراتيجيات متخصصة، مثل: إستراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر، إستراتيجية الصناعة، وإستراتيجية تنمية المهارات والتشغيل. كما خُصص فصل كامل للتخطيط الإقليمي لضمان وصول ثمار التنمية الاقتصادية إلى المحافظات كافة، إذ إن التوطين الإقليمي يمثل ركيزة أساسية في تحقيق تنمية شاملة.
ومن هنا أؤكد أننا نُطلق عليه نموذجًا اقتصاديًا وليس مجرد «هوية»، لأن كلمة الهوية عادة ما تكون تعبيرًا عامًّا، بينما النموذج يتضمن تفاصيل كثيرة وسياسات مترابطة تعكس رؤية متكاملة.
ياسمين منير: بالفعل، يبدو أننا انتقلنا من إطار الحديث عن الهوية الاقتصادية إلى مستوى أعمق يتعلق بالنموذج المتكامل.
د. رانيا المشاط: نعم، وذلك للتفصيل أكثر، فإن الهدف الجوهري هو أن يكون هذا النموذج الاقتصادي هو البوصلة التي تتجه إليها جميع السياسات والقطاعات، بحيث تتكامل الجهود التنفيذية في سبيل الوصول إلى هذا المقصد. ولماذا ذلك؟ لأننا نريد أن نصوغ ما يمكن تسميته بالدائرة المتصلة للتنمية.
النموذج الاقتصادي الجديد هو البوصلة لجميع السياسات والقطاعات
ماذا نعني بالدائرة المتصلة؟ إنها تبدأ أولًا بتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، وهو ما نجحنا في بلوغه بفضل السياسات الحاسمة التي جرى تطبيقها في مارس 2024، والتي انعكست سريعًا في صورة طفرات ملحوظة في بنية النمو الاقتصادي، والتي سنتحدث عنها. ثم تأتي المرحلة الثانية عبر الإصلاحات الهيكلية التي تضمن استدامة هذا الاستقرار وتفتح آفاق التنمية في مختلف القطاعات: التصنيع، الزراعة، السياحة، وتنمية الموارد البشرية.
الدائرة المتصلة للتنمية: استقرار كلي يقود إصلاحات هيكلية تعزز التصنيع والزراعة والسياحة
ومع اتساع قاعدة الإنتاج والتصدير، تتولد فوائض اقتصادية جديدة تدعم الاستقرار الكلي مجددًا، بما يسمح بمواصلة الإصلاحات وتعميقها. ومع استمرار هذه الدورة، تتسع القدرة على الإنتاج والتصدير بصورة أكبر، فتنشأ دائرة تنموية متصلة.
وهذا هو الهدف الذي نسعى إلى تجسيده، ونحاول أن نصف هذه المنظومة بأقصى قدر من التبسيط والترابط، وأرى أن هذه النقطة تحديدًا هي ما يميز النموذج ويجعله مختلفًا.Top of FormBottom of Form
ياسمين منير: فيما يتعلق بجزئية الهوية الاقتصادية، غالبًا ما يرتبط النقاش فيها بدور الدولة. فهل يمكن أن توضحي لنا بصورة أعمق كيف جرى تناول دور الدولة في إطار هذه السردية؟ وهل نحن بصدد الدور ذاته الذي ورد في وثيقة سياسة ملكية الدولة ثم في القانون؟
وثيقة سياسة ملكية الدولة 2022 تضمنت بدائل متعددة للتعامل مع القطاعات
د. رانيا المشاط: لدينا وثيقة سياسة ملكية الدولة الصادرة عام 2022، والتي تناولت تحديد القطاعات المختلفة، ثم طرحت بدائل متعددة للتعامل مع هذه القطاعات، سواء عبر شراكات مع القطاع الخاص، أو التخارج التدريجي، أو إضافة قطاعات جديدة يمكن أن تبقى تحت إشراف الدولة أو إدارتها. إذن، كانت هناك بدائل متنوعة.
بدائل سياسة ملكية الدولة تشمل الشراكات مع القطاع الخاص أو التخارج التدريجي أو الإبقاء تحت إدارة الدولة
والسؤال الآن: من هي الجهات القادرة على تنفيذ هذه البدائل أو تقديم مقترحات بشأنها؟ كما أشرتِ مؤخرًا في مجلس النواب، هناك قانون وحدة الشركات المملوكة للدولة، بالإضافة إلى الصندوق السيادي ووحدة الطروحات. فمهمة وحدة الشركات المملوكة للدولة تكمن في دراسة البدائل، وتحديد ما يمكن إدراجه ضمن وحدة الطروحات، أو تعظيم الاستفادة من قيمته من خلال الصندوق السيادي.
رضوى إبراهيم: التنمية الصناعية والتصدير يظلان ملفين محوريين تعمل الحكومة عليهما بشكل مستمر ومنظم، ولكن في إطار السردية الوطنية أصبحا من المحاور الأساسية التي تم التركيز عليها بشكل ملحوظ. حضرتك، طوال اللقاء، أكدتِ على أهمية التصدير باعتباره وسيلة رئيسية لتغطية احتياجاتنا التمويلية. لذلك، نود أن نعرف: ما الجديد الذي سيتم تقديمه أو العمل على تطبيقه في الفترة القادمة، بحيث نلمس بالفعل تقدمًا ملموسًا في هذين الملفين ويحقق النتائج المرجوة؟
قرارات مارس 2024 ضاعفت معدل النمو
د. رانيا المشاط: ربما أود أن أعود قليلًا إلى قرارات مارس 2024، لأنها كانت قرارات محورية وتركزت آثارها بشكل واضح في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي. إذ إننا خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية تجاوزنا نسبة 4%، مقارنة بما كان عليه النمو في نفس الفترة من العام الماضي، والذي لم يتجاوز 2%.
النمو الحالي مستدام ويعكس نجاح الإصالحات الهيكلية والنموذج الاقتصادي الجديد
إذا نظرنا إلى التفاصيل الاقتصادية، من أين جاء هذا النمو؟ هذا النمو ينبع أساسًا من عدة قطاعات محددة، وهذا رد على سؤالك حول مصدر النمو. حيث إننا لا ننتظر النتائج بل إنها ظهرت بالفعل، حيث نجد أن الصناعات التحويلية سجلت طفرة كبيرة، خصوصًا الصناعات القابلة للتصدير مثل الملابس الجاهزة والمنتجات التامة والمتوسطة الصنع. كذلك، سجلت السياحة أداءً قويًّا، بالإضافة إلى صادرات الخدمات، خاصة في مجالات التعهيد وتكنولوجيا المعلومات. إذا نظرنا إلى النمو البالغ 4%، فإنه من المهم تحديد مصادره الأساسية، عند ربط هذه النتائج بمؤشر الآفاق الذي تحدثنا عنه، وهو مؤشر التعقيد الاقتصادي والإصلاحات المختلفة التي تم تنفيذها، يمكننا القول إن النمو الاقتصادي في هذه المرحلة مستدام ويستند إلى هذه القطاعات، وهو ما يعزز توجهنا في النموذج الاقتصادي الجديد الذي ناقشنا ملامحه سابقًا.
أحمد رضوان: ما تعليق حضرتك على الجدل الدائر مؤخرًا حول التعامل مع صندوق النقد الدولي؟
برامج صندوق النقد تصاغ كبرامج محلية وتعكس أولوية وطنية
د.رانيا المشاط: أنا أؤكد دائمًا أن مجالس إدارة صندوق النقد الدولي عندما تطرح برنامج أي دولة يُصاغ غالبًا بمصطلح «البرنامج المحلي» أو Home Grown Program.
العلاقة مع مؤسسات التمويل الدولية تخضع لمرجعية وطنية واضحة
وفي هذا السياق، وفي أكثر من مجال دائمًا ما أقول إن تعامل مصر مع أي مؤسسة دولية أو مالية يظل في جوهره علاقة وطنية. بمعنى آخر، بصفتي وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، فإن تعاملنا مع جميع المؤسسات، باستثناء صندوق النقد، يخضع لمرجعية وطنية محددة، لأن الصندوق يتبع محافظ البنك المركزي المصري وهو محافظ مصر في الصندوق.
وعليه، فإن كل برامج التمويل والدعم، سواء من البنك الدولي أو البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، تُعتمد ضمن إطار تشريعي وطني، ويصعب القول إن برنامج صندوق النقد ليس برنامجًا وطنيًّا بالأساس. أود الإشارة هنا إلى أن استخدام مصطلحات مثل «برنامج الصندوق ليس وطنيًّا” أحيانًا يكون غير دقيق.
برامج الصندوق تركز على استقرار الاقتصاد الكلي.. والسردية الوطنية تربط بين الاستقرار والتنمية الهيكلية
النقطة الثانية تتعلق بأن برامج صندوق النقد الدولي تركز دائمًا على استقرار الاقتصاد الكلي، وهو ما يتقاطع مع الركيزة الأساسية في السردية الوطنية، إذ نؤكد على أهمية استقرار الاقتصاد الكلي، ولكننا في الوقت نفسه نولي اهتمامًا بالهيكلية الاقتصادية والتنمية الاقتصادية عبر التركيز على الاقتصاد الحقيقي. هنا، ربطت السردية بين استقرار الاقتصاد الكلي والتغيير الهيكلي في الاقتصاد الحقيقي، لتحقيق نمو مستدام وتوليد فرص عمل.
السردية الوطنية ليست مجرد خطة إصلاح بل آلية لترويج القصة الاقتصادية المصرية داخليا وخارجيا
باختصار، يمكن النظر إلى السردية كبرنامج إصلاح اقتصادي وآلية لترويج ما نقوم به داخليًّا وخارجيًّا، لتقديم القصة الاقتصادية المصرية بشكل متكامل في الوقت الحالي، مع التركيز على النموذج الاقتصادي المستهدف الوصول إليه بهذا العمل وهذه السياسات، حيث يرتكز على القطاعات الأعلى إنتاجية، ذات القيمة المضافة، والقابلة للتصدير، بما يسهم في توليد فوائض مالية مهمة وحيز مالي، يمكن توجيهها نحو تعزيز الإنفاق على محاور التنمية البشرية.
ياسمين منير: هل هناك آلية سيتم اتباعها لقياس مدى التقدم أو تحقيق الأهداف والخطط المذكورة في السردية؟
النموذج الاقتصادي الجديد يستهدف القطاعات الأعلى إنتاجية وقيمة مضافة لزيادة الصادرات وتوليد فرص عمل
د. رانيا المشاط: كما ذكرت سابقًا، لدينا آلية قائمة تُعرف بموازنة البرامج والأداء، حيث تتعاون وزارة التخطيط مع جميع الوزارات لتحديد مؤشرات مباشرة تربط بين الوزارة ومختلف الوزارات الأخرى. هذه الآلية تعمل بالفعل ومطبقة، إذ تُعد أساسية لتوجيه الموازنة القادمة والخطة الاقتصادية والاجتماعية المقبلة تختلف عن الخطط السابقة، وبالتالي فإن ضوابط القياس والمتابعة موجودة وواضحة.
رابط »شارك في السردية« منصة مفتوحة لتلقي الأسئلة والمقترحات من المواطنين
ما أعلنَّاه وأود التأكيد عليه مرة أخرى، هو أننا أطلقنا السردية يوم 7 سبتمبر، وستكون متاحة بالكامل بكل فصولها يوم 14 سبتمبر على الرابط الإلكتروني، بالإضافة إلى رابط الكتروني على موقع الوزارة باسم «شارك في السردية». هذا الرابط مفتوح للجميع، بحيث يمكن لأي شخص تقديم تساؤلات أو إضافات، أو اقتراح مؤشرات إضافية، وسيكون هناك فريق مخصص يضمن استيعاب كل هذه الملاحظات والتوصيات.
جلسات حوار مجتمعي مع خبراء ومقررين لكل فصل من فصول السردية
أما الجزء الثاني، فهو يشمل حوارًا مجتمعيًّا من خلال جلسات مع متخصصين، مع مقرر لكل فصل أو محور من محاور السردية التي تحدث عنها سلفًا، مثل استقرار الاقتصاد الكلي، الاستثمار الأجنبي المباشر، التنمية الصناعية، السياسة التجارية، سوق العمل والمهارات، التعليم الفني والتنمية البشرية، بالإضافة إلى التخطيط الإقليمي والتوطين.
رضوى ابراهيم: ذكر رئيس الوزراء مؤخرًا وجود خطة تهدف إلى خفض معدل الدين إلى أدنى مستوى تاريخي، فكيف ستتعامل السردية الوطنية مع وضع الدين المحلي والخارجي؟
محور استقرار الاقتصاد الكلي يتضمن إستراتيجية شاملة للسياسات المالية
د. رانيا المشاط: في الفصل المخصص لاستقرار الاقتصاد الكلي، وتحديدًا ضمن المحور المتعلق بالسياسات المالية، تناولت وزارة المالية، إستراتيجية الدين العام، مع التركيز على تنويع مصادر التمويل المختلفة، وهو ما تم تفصيله بشكل موسع في السردية.
أحمد رضوان: نشكركم جزيل الشكر على هذا اللقاء القيّم، ونتمنى أن يكون مفيدًا وذا أثر في إطار الحوار المجتمعي الجاري حول السردية، وأن يتكرر مثله في مختلف القرارات الحكومية المستقبلية.
د. رانيا المشاط: شكرًا جزيلًا.