د. إيمان منصور: الوساطة والتسوية الودية للنزاعات على أعتاب مرحلة جديدة

ترقب مشروع قانون مستقل لتنظيم الوساطة يعرض على البرلمان في الدورة المقبلة

كشفت الدكتورة إيمان منصور مدير مركز تسوية منازعات المستثمرين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، عن تطورات لافتة في ملف الوساطة والتسوية الودية للنزاعات، تأتي بالتزامن مع اقتراب وضع تشريع مستقل لتنظيم هذا النشاط الذي بات يحتل أهمية خاصة على المستويين الدولي والاقليمي، ويمثل أحد العناصر المؤثرة في تقييم مناخ الاستثمار وبيئة ممارسة الأعمال.

قالت منصور في لقاء موسع مع جريدة حابي إن المركز شارك في نحو 600 نزاع استثماري منذ نشأته عام 2009، من بينهم 150 نزاعًا خلال العام الماضي فقط، ونحو 80 نزاعًا منذ بداية العام، وسجل نسبة نجاح في التوصل لتسويات ودية جزئية أو كلية تدور حول 65%، مع الإشارة إلى أن نحو 30% إلى 40% من النزاعات ضمت أطرافًا أجنبية، وخاصة من المستثمرين العرب.

E-Bank

استعرضت منصور مراحل تطور أداء المركز الذي استغرق سنواته الأولى في نشر الوعي بأهمية الوساطة المؤسسية، وكذلك تدريب الوسطاء وتوسيع قاعدة المشاركين في هذا الدور الذي تلعب فيه مكاتب المحاماة الدور الأكبر حتى الآن، بينما بدأ يستقطب مؤخرًا تخصصات مختلفة وكوادر متخصصة من خريجي الجامعات الدولية.

كما كشفت منصور عن ملامح مسودة مشروع القانون الجديد المرتقب عرضه على البرلمان في دورته المقبلة، وما سيترتب عليه من إضفاء الصيغة الإلزامية لاتفاقات التسوية، وكذلك ضمان السرية والحياد والتأهيل المناسب للقائمين على أداء هذا الدور، بالإضافة الى جهود التعاون مع المؤسسات الدولية والانضمام للاتفاقات العالمية، وكذلك دور الدولة في تشجيع اللجوء للوساطة الودية في مختلف التعاقدات الاستثمارية، ومحاور أخرى متنوعة نتطرق لها تفصيلًا في الحوار التالي..

أجرى الحوار: ياسمين منير وشوشة عبد الواحد

تابعنا على | Linkedin | instagram

الدكتورة إيمان منصور مدير مركز تسوية منازعات المستثمرين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة

حابي: في البداية.. نريد إلقاء نظرة عامة على دور المركز ونشأته ومراحل تطور دوره في حل النزاعات الاستثمارية؟

إيمان منصور: البداية لم تكن سهلة، لأن فكرة الوساطة في حل النزاعات تعد من الأفكار الحديثة نسبيًّا في الوطن العربي وكذلك في مصر.

البداية لم تكن سهلة لحداثة الفكرة في الوطن العربي والاعتقاد باقتصارها على الجلسات الودية

فقد تم إنشاء المركز عام 2009، بهدف تسوية منازعات المستثمرين بالطرق الودية عن طريق “الوساطة”، وذلك في ظل تلقي الهيئة العامة للاستثمار العديد من النزاعات بصفتها الراعي الرسمي لحماية الاستثمارات، وذلك عبر اللجان المتخصصة المنصوص عليها في القانون، ومن هنا جاءت فكرة تأسيس المركز.

البدايات كانت صعبة، ولكن بعد مرور بعض الوقت بدأ المركز في التركيز على التوعية، وعقد العديد من اللقاءات مع المستثمرين وتنظيم ورش عمل متنوعة للتعريف بدور الوساطة وأهميتها، لأن هذا الدور لم يكن واضحًا، وكان أغلب المستثمرين يظنون أن التسوية الودية تقتصر على المجالس الودية وغير الرسمية فقط، بعيدًا عن الإطار المؤسسي.

الوساطة المؤسسية تحكمها قواعد تتبع أفضل الممارسات الدولية وتتم عبر كوادر متخصصة

في حين أن الفرق بين الوساطة المؤسسية والوساطة غير المؤسسية، يتركز في أن الوساطة المؤسسية تتم عن طريق وسطاء مدربون وبمقابل مادي بسيط للغاية، فكبرى المكاتب القانونية والشخصيات العامة مقيدة كوسطاء لدى المركز، رغم أن الأتعاب بسيطة جدًّا ولا تقارن بالرسوم التي تتقاضاها هذه المكاتب، كما أن الوساطة المؤسسية يحكمها مجموعة من القواعد المؤسسية للمركز المأخوذة من أفضل الممارسات الدولية، مما يضمن عنصر الحياد والسرية.

حابي: هل مكاتب المحاماة تعد اللاعب الأبرز في عمليات الوساطة؟

إيمان منصور: المركز يضم جميع التخصصات، ولدينا بالفعل وسطاء مهندسون وتجاريون بجانب المحامين، حيث يحصل الوسيط على دورة تدريبية حتى يصبح قادرًا على العمل في هذا المجال، بشرط توافر سنوات الخبرة في السوق أو بمجال عمله.

مكاتب المحاماة اللاعب الأبرز.. والمقابل المادي بسيط جدًّا مقارنة بالأتعاب التقليدية

قد يكون حاليًا أغلب العاملين في الوساطة من المحامين لأن لديهم قدرة وتواجد أكبر في هذا المجال، وهذه الظاهرة موجودة في العالم كله، وعندما بدأت الوساطة في أمريكا اعتمدت التجربة على القضاة المتقاعدين والمحامين القادرين على تقديم عمل تطوعي، أو شبه تطوعي، حيث إن هناك مقابلًا للخدمة ولكنه ليس كبيرًا مقارنة بالأتعاب التقليدية.

تدريبات مدعومة من البنك الدولي ومعتمدة من سيدار أهلت أول الوسطاء.. والتعاون مستمر

وفي مصر، قمنا ببذل مجهود مضاعف لتعريف الناس بمفهوم الوساطة المؤسسية من خلال عمل ندوات في الجامعات والنقابات، وكل جمعيات المستثمرين بحيث يكون الانتشار سريعًا في كل الأوساط، بالإضافة إلى عمل مجموعة من الدورات التدريبية التي كانت مدعومة من البنك الدولي ومعتمدة من سيدار في لندن، وهي إحدى كبريات المؤسسات التي تقوم بتدريب وسطاء، وإلى الآن على تواصل مستمر وعلى استعداد للتعاون.

جامعات دولية تدرس مناهج متخصصة.. واستقبال متدربين من خريجي البريطانية والفرنسية

كما أن العديد من الجامعات الدولية تدرس منهجًا عن الوساطة والتسوية الودية حاليًا، وبالتالي بدأ يظهر جيل لديه الدراية بهذا المجال، وحاليًا لدينا أكثر من متدرب من خريجي الجامعة البريطانية والفرنسية.

حابي: هل الجامعات الدولية فقط من تقوم بتدريس مناهج عن الوساطة؟

إيمان منصور: أعتقد أن جامعات مثل القاهرة وعين شمس، بدأت تتجه للحديث عن الوساطة، وأعتبر هذا الوضع تطورًا لافتًا في هذا المجال.

كما أن هناك محاولات لوضع تشريع مستقل للوساطة في مصر، ويجري العمل حاليًا نحو إعداد مشروع قانون ينظم الوساطة في مصر، حيث إن معظم دول العالم حاليًا لديها قوانين، فالاتحاد الأوروبي أصدر تعليمات بوضع تشريعات للوساطة بكل دول الاتحاد، وأغلب الدول العربية الآن لديها قوانين للوساطة.

حابي: ما هي أهم البنود التي تتميز بها هذه التشريعات؟ وهل هناك إلزام باللجوء للوساطة كمرحلة أولية في أي نزاع؟

التشريعات المتخصصة تختلف من بلد لآخر.. وبعض القوانين في مصر مهدت للنشاط

إيمان منصور: الأمر يختلف من تشريع لآخر، فبعض التشريعات تنص على الإحالة من المحكمة للوساطة، مثل التشريع اللبناني، حيث يوصي القاضي بالإحالة إلى وسيط خاص قبل إصدار الحكم، على أن يتم اعتماد نتيجة الوساطة في حال نجاحها بما يمنحها الصيغة التنفيذية، وهناك بعض القوانين تمارس فيها الوساطة داخل المحكمة.

ويوجد لدينا في مصر وساطة داخل المحاكم الاقتصادية ومنصوص عليها في القانون الخاص بالمحكمة الاقتصادية، وتمارس عبر قضاة التحضير، وذلك بخلاف الوساطة الخاصة.

كما أن التعديلات التي تمت على قانون الإفلاس نصت على وجود القاضي الوسيط، من خلال لجنة تسوية تنظر النزاع قبل العرض على المحكمة.

حابي: ما هي أهم ملامح قانون الوساطة؟

الحياد والسرية والصيغة الإلزامية لاتفاقات التسوية.. أهم مستهدفات القانون المرتقب

إيمان منصور: يساهم في وضع قواعد منظمة لعمل الوسطاء وينص على الحياد والسرية، خاصة أن سرية المعلومات تعتبر من العناصر المهمة في ممارسة الوساطة، ويوجد حاليًا مشروع قانون تم عرضه على المركز منذ أكثر من شهر.

مشروع القانون وسع نطاق تدخل القضاء.. وسجل معتمد للوسطاء بوزارة العدل

ومن المتوقع عرضه على البرلمان في دورته القادمة، ومن أهم ملامحه توسيع نطاق تدخل جهات القضاء بهدف توثيق الأحكام الناتجة عن الوساطة، وذلك من خلال وضع سجل معتمد للوسطاء لدى وزارة العدل، وقد طالبنا بأن يتم اعتماد مراكز الوساطة الحكومية ككل وليس الوسطاء بشكل مباشر.

حابي: كم عدد الوسطاء المسجلين بالمركز حاليًا؟ وكم منهم وسيط نشط؟

ارتفاع عدد الوسطاء المعتمدين بالمركز إلى 70 وسيطًا مقارنة بعشرة في البداية.. وتزايد ملحوظ في الإقبال

إيمان منصور: لدينا سجل يضم كل المتدربين والوسطاء المعتمدين بالمركز، وعددهم يبلغ نحو 70 وسيطًا، وأغلبهم يتم طلبهم في وساطات دائمًا، في حين أن العدد في البداية لم يزد على 10 فقط، وهناك تزايد ملحوظ في الاهتمام بالقيد في قوائم الوسطاء.

حابي: ماذا عن الصيغة الإلزامية لنتائج التسوية؟

إيمان منصور: من المتوقع أن يوفر القانون الصيغة التنفيذية لاتفاقات الوساطة، وهذا أمر مهم في ظل وجود تساؤل دائم حول إلزامية النتائج، ومن وجهة نظري إنها ملزمة في ظل وجود إرادة من الأطراف للوصول إلى تسوية.

كما يضمن القانون السرية، إلا في حالة أخذ موافقة من الأطراف المتنازعة، لأن الهدف من الوساطة هو استمرار الكيانات الاقتصادية، وأغلب النزاعات داخل المركز تم حلها مع استمرار الشراكات.

أغلب النزاعات تتبع شركات عائلية وبين أصدقاء.. وتركزت في عدم الالتزام بالقواعد المحاسبية المنضبطة

وهذا يقودنا إلى الشركات العائلية، فمن الملاحظ عالميًّا أن نحو 30% منها فقط يستطيع الاستمرار إلى الجيل الثاني، وهذه النسبة تنخفض كثيرًا عند الجيل الثالث، وهذا يرجع إلى أسباب كثيرة، رغم وجود العديد من النماذج الناجحة في مصر وعالميًّا، لكن السر في الحوكمة، فاستمرار الشركات العائلية يتطلب فصلًا بين الأسلوب العائلي والعملي.

حابي: هل المركز قادر على الوصول للكيانات العائلية؟

إيمان منصور: أغلب النزاعات التي جاءت للمركز نزاعات عائلية وبين أصدقاء، وأغلب مشاكلهم تكمن في عدم الالتزام بالقواعد المحاسبية المنضبطة.

حابي: من خلال التعرض للعديد من النزاعات، هل وجدتم ثغرات في القوانين الخاصة بالشركات أو الاستثمار في حاجة إلى تعديل؟

لم نرصد ثغرات قانونية تسببت في النزاعات.. والمشكلة تكمن في ممارسة الحقوق بشكل سليم

إيمان منصور: المشكلة ليست في القوانين، لكن في ممارسة الأفراد للحقوق القانونية بشكل سليم، والتي يتفرع منها وجود دفاتر محاسبية سليمة للشركة مع وجود مستشار قانوني لتجنب الخلافات والحفاظ على استمرار المنشأة، بالإضافة إلى الوعي القانوني والحوكمة.

حابي: تحدثنا عن دور القانون في الإلزام بتنفيذ اتفاقيات التسوية.. هل هناك أطراف رفضت تنفيذ التسوية في أي من النزاعات التي شهدها المركز؟

نسب النجاح تدور حول 65% سواء بالوصول لتسوية كلية أو جزئية.. والمعدل جيد مقارنة بالممارسات العالمية

إيمان منصور: في البداية كان هناك عبء كبير لكي تنتشر فكرة الوساطة، ومنذ تأسيس المركز تم مباشرة نحو 600 نزاع، وبلغت نسب النجاح نحو 65%، سواء بالوصول لتسوية كلية أو جزئية، وهناك بعض النزاعات التي امتدت لسنوات وتم حلها خلال جلسة وساطة واحدة، لأن الأطراف على دراية أن النزاع مجهد ومكلف، وضمان استمرارية النشاط والإنتاج.

حابي: هل يعرض المركز خدمات الوساطة في النزاعات التي ترد لهيئة الاستثمار دون طلب من الأطراف؟

إيمان منصور: يوجد لجان داخل هيئة الاستثمار لمراقبة أوضاع الشركات والتأكد من عدم وجود أي مخالفات أو خلافات، وبالتالي يتم عرض خدمات الوساطة في حال وجود نزاعات، وهناك بعض النزاعات لا يعلن فيها عن المتقدم للتسوية لأن البعض يظن أن الطرف المتقدم للتسوية هو الأضعف، لذلك نحن من نطلب التدخل في أغلب الحالات.

حابي: ذكرت تدخل المركز في نحو 600 نزاع، كم منهم تم خلال العامين الجاري والماضي؟

التدخل في 600 نزاع منذ التأسيس بينها 150 خلال العام الماضي فقط.. و80 نزاعًا منذ بداية العام

إيمان منصور: السنوات الثلاث الأولى لتأسيس المركز كانت فترة تحضيرية تم الاستعانة فيها بالعديد من الخبراء لوضع الضوابط والتدريب ونشر الوعي، في حين أن العام الماضي شهد التدخل فيما يزيد على 150 نزاعًا.

الإعلان قريبًا عن اتفاق تسوية بإحدى الشركات العقارية الكبرى عبر مؤتمر صحفي يضم الأطراف

وخلال العام الجاري لدينا 80 نزاعًا حتى الآن، ونسبة النجاح تتجاوز 60%، ومن ضمن النزاعات التي جاءت إلى المركز هذا العام واحدة من كبرى شركات العقارات دخل السوق المصرية، وسوف يتم الإعلان عن وجود اتفاق وتسوية بين أطرافها من خلال مؤتمر صحفي يتم عقده قريبًا.

الدكتورة إيمان منصور مدير مركز تسوية منازعات المستثمرين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة

حابي: هل عودة وزارة الاستثمار تدعم دور المركز للتوسع بشكل أكبر؟

إيمان منصور: منذ التأسيس وهناك دعم قوي من وزارة الاستثمار للهيئة وللمركز، وهناك بعض الموضوعات يتم تحويلها من رئيس الهيئة العامة للاستثمار للمركز لفض النزاع بها.

حابي: هل هناك نزاعات لجأت للمركز بعد بدء إجراءات التقاضي؟

أغلب النزاعات لجأت للوساطة بعد بدء التقاضي.. لكن الوضع بدأ يختلف هذا العام

إيمان منصور: بالفعل هناك نسبة كبيرة من النزاعات قد تكون بدأت إجراءات التقاضي، ولكن خلال العام الحالي تلقى المركز عددًا كبيرًا قبل القيام بأي إجراءات قضائية، وهذا نتاج الجهود التي شهدتها السنوات الماضية، خاصة التعديلات التي شهدتها السنوات الماضية على بعض القوانين مثل قانون الإفلاس والمحاكم الاقتصادية.

نسعى للانضمام لاتفاقية سنغافورة إلى جانب 59 دولة من بينها السعودية والبحرين

كما كان لدينا رغبة للانضمام إلى اتفاقية سنغافورة التي تعتبر من الاتفاقيات المهمة في إنفاذ التسوية الودية، وتضم نحو 59 دولة من بينها السعودية والبحرين، ولدينا أيضًا اتفاقية نيويورك لإنفاذ أحكام التحكيم التي من شأنها أن تعطي غطاء دوليًّا للوساطة المصرية.

الانضمام لاتفاقية نيويورك لإنفاذ أحكام التحكيم تمنح غطاء دوليًّا للوساطة المصرية

حابي: كم يبلغ عدد النزاعات التي تضم أطرافًا أجنبية خلال العامين الحالي والماضي؟

30 % إلى 40% من النزاعات ضمت أطرافًا أجنبية.. والمستثمرون العرب الفئة الأكبر

إيمان منصور: تتخطى نسبة الأطراف الأجانب داخل النزاعات المقدمة للمركز 30% أو 40%، ويشمل ذلك الدول العربية التي تمثل الفئة الأكبر.

حابي: ما هي أبرز المسائل محل النزاع بين الأطراف المصرية والأجنبية؟

إيمان منصور: عادة تكمن في سيطرة طرف معين على الإدارة، بالإضافة إلى غياب الشفافية على صعيد القوائم المالية والحسابات، وهنا يحدث تهميش لطرف على حساب الآخر.

حابي: ما هو النشاط الاقتصادي صاحب النصيب الأكبر من النزاعات التي تعرض لها المركز؟

الصناعة صاحبة النصيب الأكبر من النزاعات.. ونظرنا العام الجاري تسويات في الإنشاءات والأدوية والسياحة

إيمان منصور: الصناعة، لأنها متفرعة ومتشعبة في جميع المجالات الإنتاجية، وخلال هذا العام يوجد نزاعات بقطاعات مثل الإنشاءات والأدوية، والسياحة.

حابي: هل تم اللجوء لوساطة المركز في نزاعات تتعلق بكيانات مقيدة في البورصة؟

إيمان منصور: نعم، ولكن ليس بالعدد الكبير، وهذا العام لم يشهد أي نزاعات لكيانات مقيدة بالبورصة.

حابي: هل يمكن للمركز لعب دور في إحياء المصانع المغلقة والكيانات المتعثرة؟

إيمان منصور: لا نتدخل بشكل مباشر، فالهدف الأساسي للوساطة هو استمرار العلاقات التجارية ودوران رأس المال والإنتاج، وبالتالي التدخل يستهدف حماية المنشأة والحفاظ على عمليات الإنتاج، والقرار الناتج عن التسوية يكون نابعًا من إرادة الأطراف.

وبالفعل يتم التعامل مع جميع الشكاوى التي تأتي من المصانع ولكن بعيدًا عن التعثر المالي، وعند وجود خلافات يتم التجاوب سريعًا للوصول إلى حلول تحافظ على هيكل الشركة واستمرار الإنتاج، لأن استمرار الخلافات الداخلية يؤدي إلى تعثرات مالية قد تعقد عملية إيجاد حلول فعالة، كما أن توقف الإنتاج يترتب عليه أزمات لأطراف أخرى مثل سداد رواتب العاملين.

حابي: في حال وجود تعثر مالي.. هل يمكن لعب دور في إيجاد حلول؟

إيمان منصور: في حالة وجود خسائر عادية، نشارك وبطريقة فعالة جدًّا، ويتم وضع حلول مثل إدخال شركاء جدد والحفاظ على استمرار الشركة، ولكن لا نفرض الرأي أو الحلول على أي من الأطراف.

حابي: بعض الوسطاء من مكاتب المحاماة لديهم علاقات قوية ببنوك الاستثمار.. هل يتم تعظيم دور تلك المكاتب لإيجاد حل لتلك المشكلات؟

إيمان منصور: بالطبع بعض الوسطاء لديهم القدرة على إيجاد حلول سريعة خاصة للمشاكل المالية، لكن بصفة عامة، عادة ما يكون لدى الأطراف حلول لأزمتهم، لكن غياب الوسيط منع بلورة تلك الحلول وإيجاد مخرج.

حابي: بالرجوع إلى تشريعات الوساطة عالميًّا.. هل تختص فقط بالنزاعات الاستثمارية بين أطراف القطاع الخاص أم تمتد لتلك التي تكون الدولة أو إحدى جهاتها طرفًا فيها؟

إيمان منصور: قوانين الوساطة في بعض الدول تتسم بقدر أكبر من التوسع، ويخضع لها النزاعات الخاصة بكيانات تتعلق بالدولة، مثل ماليزيا وسنغافورة هناك بعض النزعات تتحول من المحاكم إلى الوساطة للبت فيها والتسوية بطريقة ودية، ما يعطي ثقل لتلك الوسطاء في التغلب على المشاكل حتى لو كانت كيانات تتبع الدولة، وفي تلك الدول يكون الوسيط متفرغًا لتلك المكانة من أجل التغلب على كل الضغوط وتهيئة المناخ المناسب له لحل النزاعات.

حابي: هل تم تحديث الآليات والقواعد التي يعتمد عليها المركز منذ التأسيس؟

إيمان منصور: منذ تأسيس المركز تم تحديث آليات العمل مرة واحدة، وهذا التحديث كان كافيًا للتغلب على كل النزاعات التي يتم استدعاء المركز لها، وهناك مراكز أخرى تقوم بنفس الدور مثل مركز القاهرة الإقليمي الذي تم إنشاؤه ببعد دولي ويمثل مصر في النزاعات الدولية، كما يتم التعاون فيما بيننا، مما يعزز من قدرة تلك المراكز على تعظيم دور الوساطة لحل النزاعات.

حابي: هل مشروع قانون الوساطة المنتظر سوف يشمل تحت مظلته مركز القاهرة الإقليمي؟

إيمان منصور: التشريع المرتقب يتحدث عن قيد المراكز بشكل عام، وسوف يتم من خلاله اعتماد الوسطاء وليس المراكز، لكن من وجهة نظري يجب أن تعتمد المراكز بكل ما تحمل من قواعد وخبراء وكذلك نظام تدريبي، من قبل اللجان القضائية المنوط بها اعتماد الوسطاء، مما يساهم في الحد من المراكز المجهولة التي لا تحمل صفة رسمية.

حابي: على مستوى البعد الدولي للوساطة.. كيف تؤثر على رؤية المستثمرين للمناخ الاستثماري؟ وهل تنعكس في ترتيب مصر بتقرير سهولة ممارسة الأعمال؟

إيمان منصور: بالتأكيد، فلا بد أن يكون لدينا مخرج لكل الأزمات التي قد تسبب مخاوف للمستثمر في حال رغبته في التخارج من السوق، ووجود الوساطة يساهم في تدعيم الشعور بسهولة حل جميع المشاكل الاستثمارية في حال حدوثها، خاصة مع توافر القوانين المنظمة لدور الوساطة وتوسعها.

حابي: هل يمكن للشركاء الأجانب في مصر الاستعانة بوسطاء دوليين؟

إيمان منصور: بالفعل يمكن ذلك لأن قائمة الوسطاء الخاصة بالمركز تحمل وسطاء دوليين حتى في حالة اقتراح الأطراف وسطاء دوليين خارج القائمة يتم استدعاء الوسيط مع تحمل نفقاته، وهناك بعض النزاعات التي اقترح فيها الأطراف أسماء وسطاء دوليين وتمت تلبية طلبهم.

حابي: هل من الممكن التحالف مع المراكز الدولية والاستفادة من قدراتهم؟

إيمان منصور: بالتأكيد، وحدث ذلك بالفعل حيث وقع المركز اتفاقية توأمة مع نظيره الأوزبكستاني، كما ندعو أغلب المراكز حول العالم للتعاون، وهذا الفكر من الأفكار القائمة، وتم الاتفاق أيضًا مع المركز القومي لفض النزاعات في سنغافورة للتعاون وتبادل المعلومات والخبرات من خلال إلقاء العديد من المحاضرات والندوات.

حابي: هل المركز في حاجة لتحديث القواعد الرقمية خلال الفترة المقبلة؟

إيمان منصور: لا يوجد جديد فيما يخص هذا الأمر غير التعاون مع الوسطاء عن بعد، وهذا يتم بشكل مستمر، حيث تم اللجوء لذلك خلال فترة الإغلاقات الناتجة عن وباء كورونا، في حين أن القواعد التي يعتمد عليها المركز منذ التأسيس معتمدة دوليًّا وتواكب التطور الحالي، ولا تحتاج الى أي إضافات.

حابي: كيف تقيمين نسبة نجاح عمليات الوساطة التي خاضها المركز مقارنة بالمحقق في المراكز الدولية؟

إيمان منصور: تعتبر نسبة حل النزاعات التي نجح المركز في تحقيقها مقارنة بالأسواق الدولية ممتازة جدًّا، ولا يستطيع أي من المراكز الدولية الوصول إلى 100% في عمليات الوساطة وحل المشاكل.

حابي: في حال وجود نزاع بين شركات تعمل في مجال حيوي.. كيف يتعامل المركز مع حساسية هذا النزاع؟

إيمان منصور: من الممكن خلال العمل على حل النزاع، اتخاذ إجراءات تحفظية مثل عدم توقف الإنتاج والاستمرار في صرف الأجور وتسريع مدة التسوية للحفاظ على إمداد خطوط الإنتاج وصرف مستحقات العاملين، وهذه التسوية تسمى التسوية الجزئية، بينما يبلغ الحد الأقصى لأجل التوصل إلى التسوية الكلية شهرًا.

حابي: ماذا يحدث في حال نفاذ الوقت المخصص للتسوية أو لجوء أحد الأطراف للتسويف؟

إيمان منصور: يتم وضع قواعد الوساطة أمام أعين الأطراف تجنبًا لتلك الخلافات، لأن بعض الأطراف يأتي ولا يعلم شيئًا عن قواعد الوساطة، ولا يسمح بخروج أي من الملفات التي تمت مناقشتها أثناء الجلسات لأن السرية تعتبر من أهم عمليات الوساطة، ولا نسمح بالتأجيل المتعمد للمهام الأساسية التي تتطلب حل النزاعات، مما يؤدي إلى عدم إحراز تقدم في مواجهة المشكلة.

حابي: في النهاية ما هي مستهدفاتكم خلال الفترة المقبلة.. وما هي أهم التوصيات لتقليل النزاعات وتحسين بيئة الاستثمار؟

إيمان منصور: خلال الفترة المقبلة سوف نقوم بعمل دعاية أكبر لتبسيط مفهوم الوساطة، مع حث الدولة لدعم جميع المراكز التي تقوم بعمل الوساطة، حتى يكون الخيار الأول للمستثمرين في حال وجود نزاع هو اللجوء الى التسوية الودية أكثر من اللجوء للمحاكم، بالإضافة الى تعظيم دور الحوكمة في الكيانات العائلية لاستمرار الشراكة الاقتصادية للأجيال المتعاقبة.

حابي: ما المقصود بالدعم المطلوب من الدولة؟

نترقب دعمًا من الوزارات للدفع بالوساطة كخطوة أولى لحل النزاعات.. والنص عليها بالعقد النموذجي ضمن المقترحات

إيمان منصور: أن يكون هناك توجه من مختلف الوزارات لطرح فكرة الوساطة كخطوة أولى لحل النزاعات قبل اللجوء لأي خيارات أخرى، ومن الأشياء المميزة أنه أثناء صياغة اتفاقيات الاستثمار تم وضع البند الخاص بالوساطة ضمن بنود الاتفاقية الاستثمارية، لذلك يعتبر هذا تبنيًا جديدًا لفكرة الوساطة بعيدًا عن التحكيم الدولي ودعمًا لفكرة الوساطة، ومن الممكن وضع بند الوساطة في العقد النموذجي للاستثمار الخاص بتأسيس الشركات دون اللجوء للتحكيم.

حابي: هل هناك حاجة إلى الإلزام باللجوء للوساطة الودية قبل اللجوء للتقاضي، بدلا من تركها طوعيًّا؟

إيمان منصور: لسنا في حاجة الى أي بعد إلزامي، ولكن يفضل أن يتم إدارة الأمور بشكل ودي دون اللجوء لأي شكل من أشكال التقاضي، بالإضافة الى منح فترة للتفاوض، ويفضل أن تأتي الشركات بشكل طوعي دون أي عمل جبري.

الرابط المختصر