حازم بدران في حابي بودكاست: بالم هيلز مستمرة في التوسع.. ولا يجوز تقييم القطاع العقاري في مدى قصير

جاذبية الاستثمارالسياحي ترتفع.. والحوافز الحالية تحتاج إلى المزيد

في لقاء موسع.. استضاف برنامج حابي بودكاست، حازم بدران الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة بالم هيلز، والذي قدم نظرة واسعة على أداء القطاع العقاري بمختلف تصنيفاته، واستعرض خطط بالم هيلز في الفترة المقبلة داخل وخارج مصر، كما ألقى الضوء على وضع مناخ الاستثمار بصورة عامة في مصر، بناء على خلفيته الاستثمارية والمالية المعروفة.

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

تناول اللقاء الذي تمت إذاعته عبر جميع منصات جريدة حابي بمواقع التواصل الاجتماعي، عددًا كبيرًا من المحاور المرتبطة بالسوق العقارية وتحدياتها الراهنة، منها وضع الطلب الحالي، وآليات التسعير، وعناصر المنافسة بين المطورين، ودور تصدير العقار في تنشيط المبيعات، والقدرة على تلبية الطلب الخارجي، إضافة إلى وضع سوق التمويل العقاري، كما تطرق اللقاء إلى الاستثمار السياحي والفندقي، وكذلك الاستثمار في التعليم والصحة والأندية، في إطار فكرة التنمية العمرانية المتكاملة. ولم يغفل اللقاء تقديم نظرة على وضع سوق المال والطروحات والاستثمار المباشر بشقيه المحلي والأجنبي.

أدار اللقاء كل من: أحمد رضوان الرئيس التنفيذي ورئيس تحرير جريدة حابي، وياسمين منير مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي، ورضوى إبراهيم مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي.

حازم بدران الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة بالم هيلز في حابي بودكاست

تابعنا على | Linkedin | instagram

وإلى تفاصيل اللقاء.

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من حابي بودكاست، رحلتنا اليوم مع الأستاذ حازم بدران الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة بالم هيلز. الحديث لن يخلو بالطبع من مناقشة وضع القطاع العقاري خلال الفترة الأخيرة، بجانب تناول وضع بيئة الاستثمار في مصر بشكل عام.

أُجدد الترحيب بك ونتمنى أن يكون الحوار مفيدًا لكل من يتابع هذا البرنامج.

حازم بدران: أهلا وسهلًا بكم

أحمد رضوان: في البداية نريد تقديم نظرة عن وضع السوق العقارية على مستوى التسعير والطلب، خاصة في ظل ما شهدته الفترة الأخيرة من تطورات كثيرة مرتبطة بفرض رسوم حكومية بجانب توجّه بعض الشركات لتهدئة وتيرة مبيعاتها.

قطاع العقار المحرك الأكبر للدخل القومي ولا يجوز تقييمه خلال مدى زمني قصير

حازم بدران: أرى أن وضع السوق العقارية جيد بشكل عام، ولا يصح تقييم وضع السوق خلال مدى زمني قصير 6 أشهر أو حتى سنة. بشكل عام قطاع البناء والتشييد يعتبر مجالًا أساسيًّا في مصر بالطبع، ومحركًا رئيسيًّا إن لم يكن المحرك الأكبر للدخل القومي المصري.

الاستثمار في العقار ضمن أفضل الأدوات الادخارية للمصريين

الاستثمار في العقار يعتبر أداة استثمارية مهمة ضمن تفضيلات الأدوات الإدخارية للمصريين، حيث توازي الأموال المدخرة من قبل الأفراد والعائلات، المبالغ الموجودة في ودائع البنوك المصرية تقريبًا لنفس هؤلاء الاشخاص.

ولذلك لا يعتبر العقار مجرد مسكن للاستخدام وإنما هو أداة استثمارية مهمة ضمن الأدوات الإدخارية المرشحة بقوة ضمن اختيارات المواطنين، فضلًا عن أن القطاع العقاري مرتبط بعدد كبير من الصناعات وأمور عديدة أخرى ومنها الخدمات المالية والإدارة المالية ودورة رأس المال والتحوط خاصةً أن الدول النامية ومنها مصر تعاني في بعض الأوقات من التقلبات والتذبذبات، مما يبرز أهمية وجود نظرة مستقبلية بجانب أهمية التعاون مع الدولة.

وعليه أرى أن وضع القطاع جيد منذ عشرات السنوات، واليوم ازداد صلابة مدعومًا بجهود تنظيمه في أوقات سابقة وبفعل زخم حركة المناطق العمرانية الجديدة في مصر.

وفي الحقيقة أرى أن مسؤولي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ووزارة الإسكان أبلوا بلاءً حسنًا خلال العشرين إلى الأربعين عامًا الماضية عبر خلق مدن ومناطق جديدة، نظرًا لنمو التعداد السكاني في مصر بشكل كبير.

وفي الواقع، لا أستطيع أن أتخيل كيف كان وضع البلد دون التطور العمراني والمناطق الجديدة التي تمت تنميتها، وأعتقد أن القطاع الخاص وبالمشاركة مع وزارة الإسكان أبلى بلاءً حسنًا من خلال تنميته وبنائه مناطق كثيرة خلال الثلاثين عامًا الماضية.

أحمد رضوان: ما هو مستوى الطلب العقاري الحالي ووضع الأسعار؟

حازم بدران: رأينا طفرة غير مسبوقة في مستوى الطلب خلال آخر 3 سنوات، ناتجة عن نمو مدخرات المواطنين في العقار وسط تنامي المناطق الجديدة.

وتأتي طفرة الطلب غير المسبوقة بدعم من تجديد المطورين العقاريين الأدوات المعروضة، وتنوع المنتجات لتناسب جميع القدرات الشرائية والشرائح العمرية المختلفة، بجانب إتاحة خيارات تشطيب الوحدات، وأصبح هناك تنوع ثري في المعروض.

رضوى إبراهيم: هل ترى أن زيادة الاهتمام بالاستثمار العقاري أفادت السوق أم أضرتها؟

حازم بدران: بالطبع أفادت السوق، ولكن أود أن أفصل القطاع العقاري لأنني أرى فارقًا كبيرًا بين أحجام المطورين العقاريين، وسأضرب مثالًا على ذلك المطور الذي يشتري قطعة أرض على مساحة 800 متر مربع ويقيم مبنى مكونًا من طابقين فهو مطور عقاري، وهناك مطور عقاري آخر يقيم تجمعًا سكنيًّا على 20 – 30 فدانًا.

ولذلك هناك صعوبة في المقارنة بين جميع المطورين العقاريين لاختلاف أحجامهم، وأرى أن السوق تضم 3 إلى 4 شركات كبيرة الحجم على غرار بالم هيلز.

وفي الحقيقة، لا يجوز المقارنة بين الشركات المختلفة ولا أقصد بذلك أن التطوير العقاري في الأحجام الصغيرة صناعة سيئة، بل بالعكس تمامًا هي صناعة مختلفة، كما لا يجوز المقارنة بين أسعار العقار بشكل عام لوجود عناصر اختلاف كثيرة.

بالم هيلز طورت أكثر من 30 مليون متر مربع خلال 25 عامًا

وبالنظر إلى سجل أعمال بالم هيلز الذي يصل إلى أكثر من 25 عامًا وخلال هذه الفترة تم تطوير أكثر من 30 مليون متر مربع، فضلًا عن أن الشركة تمتلك منطقة بالم هيلز في 6 أكتوبر المقابلة للشيخ زايد، على مساحة 8 ملايين متر مربع ويقطنها 30 ألف مواطن.

هذه المنطقة تم تعميرها خلال أكثر من 20 عامًا وتضم أكبر نواد رياضية وتشمل جميع الرياضيات من ملاعب الجولف وحمامات السباحة، بجانب المكاتب الإدارية والمطاعم والعيادات فضلًا عن كل الخدمات الأخرى المتصلة بها.

وتعتبر مساحة منطقة بالم هيلز أكبر من الزمالك والمهندسين، وتتميز بالتنمية العمرانية المتكاملة.

وأشير هنا إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية تطرح أحجام مختلفة من الأراضي والتي تتنوع بين الترفيهي أو الخدمي أو التجاري الإداري أو السكني، مع وجود ما يسمى بالتنمية العمرانية الشاملة.

الشركة تركز على تقديم نموذج التنمية العمرانية المتكاملة

الأمر الآخر، هو أن بالم هيلز تركز على منهج التنمية العمرانية الشاملة، ولا تستثمر في النطاقات المحدودة من التطوير العقاري مثل إقامة تجمع سكني على مساحة 20 – 30 فدانًا مكون من 80 فيلا ومن ثم بيعهم وليتوقف الأمر عند ذلك.

وفي الواقع، الشركات كبيرة الحجم الموجودة في السوق تعمل بالشراكة مع الدولة لتنمية مناطق في شرق وغرب القاهرة خلال مدى زمني طويل قد يتجاوز الـ 20 أو 30 عامًا.

تطوير البنية التحتية في الساحل الشمالي من المطارات أضفى مرونة قوية في التنقل

ونتيجة لهذه الشراكات، ظهرت مدن جديدة في شرق القاهرة بعد دخول عدد من الشركات للاستثمار فيها واشترت ملايين الأمتار، وهناك شركات أخرى مثل بالم هيلز استثمرت في غرب القاهرة وحصلت على منطقة كاملة.

وأشير هنا إلى أن منطقة بالم هيلز أعطت قيمة مضافة كبيرة لمنطقة 6 أكتوبر، وأُدلل على ذلك بأنها لا تعتبر تجمعًا سكنيًّا فقط، وينطبق ذلك أيضًا على المشاريع المماثلة في شرق القاهرة، بجانب مشاريع الساحل الشمالي.

وفي السياق نفسه، بالم هيلز قامت بتنمية أكثر من 1500 فدان في الساحل الشمالي بمشروع هايسيندا الذي يضم 8 مشاريع ساكنة وقائمة بما فيها من الفنادق والخدمات والملاعب وغيرهما.

الإنشاءات المنفذة في الساحل الشمالي ساهمت في إبرازه كوجهة سياحية جاذبة

ولذلك أُؤكد أن الاستثمارات التي ضختها الشركة والإنشاءات المنفذة آخر 15 إلى 20 عامًا في الساحل الشمالي ساهمت في إبرازه كوجهة سياحية جاذبة.

ومن هنا عندما نتحدث عن التسعير والبيع بشكل عام سنجد أن أكبر 3 شركات مبيعًا في السوق نتيجة أن الاستثمار العقاري يمثل جزءًا أساسيًّا من ادخار المصريين ولا يقل عن ادخارهم في الشهادات البنكية.

ولذلك القرارات الشرائية تتوقف على الاحتياج لأكبر عدد من الخدمات بجانب العائد على العقار من خلال السمعة الطيبة للمطور العقاري في تنفيذ التزاماته وتوفير الخدمات المطلوبة، الطبية والترفيهية والتعليمية والمدارس والجامعات والحضانات.

وبالتالي العميل سيحقق عائدًا لأن العقار يعتبر أداة استثمارية جاذبة بغض الطرف عن استخدامه لهذا العقار نظرًا لأنه يدخر أموالًا.

السيد ياسين منصور يتذكر بالأرقام تطور أسعار الوحدات التي تم بيعها، فيقول: «العملاء الذين اشتروا وحدات من بالم هيلز في عام 2007 المرحلة الرابعة كان السعر كذا والآن بلغ السعر كذا، وهذا العائد أعلى من الأوعية الاستثمارية الأخرى».

رضوى إبراهيم: العميل الذي اشترى في السابق حقق فارقًا كبيرًا عن الدولار والذهب، فهل سيحقق الذي يشتري حاليًا الفارق نفسه؟

حازم بدران: مثلما قلت سابقًا لا أستطيع أن أُقيم ذلك خلال 6 أشهر.

رضوى إبراهيم: أتحدث عن آخر عامين.

الاستثمار في العقار لا يمكن أن يحقق عائدا أقل من الأوعية الاستثمارية الأخرى

حازم بدران: لا يمكن أن يُحقق الاستثمار في العقار عائدًا أقل من الأوعية الاستثمارية الأخرى، بدعم من توافر كل المقومات، ومنها نمو أداء الدولة بشكل ملحوظ ووجود معدل تضخم بنسبة تتراوح بين 10 – 15% في العام، بخلاف تنامي التعداد السكاني إلى أكثر من مليوني نسمة، وهو معدل نمو سكاني يوازي دولة متوسطة الحجم، ما يعادل 10 ملايين نسمة كل 4 سنوات.

ياسمين منير: أود أن أتوقف عند معادلة التسعير، المهندس نجيب ساويرس تحدث مؤخرًا عن أن تكلفة تسعير العقار قد لا تزيد على 30% من القيمة والباقي يعتبر تكلفة تمويل، هل تتفق مع هذا الرأي وما هي انعكاساته على السوق؟

أسعار البيع تتحدد بناءً على خواص المنتج مع اختلاف التكلفة لدى المطورين

حازم بدران: في الواقع التسعير ليس معناه التكلفة فالتسعير هو أسعار البيع، وفي النهاية أسعار البيع تحدد بناءً على خواص المنتج، غير أنّ التكلفة لا يمكن أن تكون واحدة بالنسبة لجميع المطورين.

ياسمين منير: هل نستطيع أن نضع متوسطًا؟

حازم بدران: لا أستطيع أن أضع متوسطًا، ولكن أذكر هنا أن بالم هيلز في عام 2015 شاركت في مؤتمر مصر الاقتصادي، ووقعت صفقات شراء أراضي بقيمة 40 مليار جنيه في العام نفسه، وأخذت على عاتقها بالمشاركة مع جهاز المجتمعات العمرانية الجديدة تنمية مدينة بادية التي تقع على مساحة 3500 فدان في غرب القاهرة بغرض زيادة رقعة 6 أكتوبر، بجانب تنمية مشروع مشابه بحجم أصغر في شرق القاهرة.

مدينة بادية تضم 4 كليات تعمل بالفعل ومن المستهدف الوصول إلى 7 كليات خلال العام الجاري

هذا الأمر يتبعه ضخ استثمارات في البنية التحتية والخدمات والنوادي والمستشفيات والجامعات، وأشير إلى أن مدينة بادية تضم 4 كليات تعمل بالفعل ومن المستهدف الوصول إلى 7 كليات خلال العام الجاري ومنها كلية الطب التي يصل عدد الطلاب فيها إلى أكثر من 1000 طالب العام الجاري وسيتم الوصول إلى 1500 طالب، وهو ما يبرز ضخامة الاستثمار.

هذا بالإضافة إلى أن مدينة بادية تضم أيضًا ناديا على مساحة 70 فدانًا وأكبر نادي فروسية ومدرسة كرة عالمية، وهو ما يعزز المستوى الخدمي للمشروع ويحتم صعوبة المقارنة في الأسعار البيعية مع المشاريع الأخرى الملاصقة للشركة، نظرًا للاختلاف الكبير في مساحات الأراضي التي يتم تنمينها وقيمة الاستثمارات.

ولذلك من الطبيعي أن أرى عائدًا للخدمات المقدمة، وعلى جانب آخر تكلفة شراء أرض وبناء مشروع اختلفت عن آخر 5 سنوات، وهو ما عظم من استفادة الشركة.

وأُنبّه إلى أن تكلفة العقار تتضمن الإنشاءات والأرض، بخلاف أن تكلفة الأرض باتت مختلفة حيث يُباع متر الأرض اليوم بسعر مختلف تمامًا عن آخر 5 سنوات، وبالتالي تكلفة الشركات التي تمتلك محفظة من الأراضي اشترتها منذ سنوات، مختلفة بشكل كبير عن الشركات التي اشترت أراضي حديثًا.

من الطبيعي أن أرى عائدًا على الاستثمار مقابل جميع الخدمات والمميزات المقدمة

وأُكرر مرة أخرى، من الطبيعي أن أرى عائدًا على الاستثمار مقابل جميع الخدمات والمميزات المقدمة، حيث أن الشركة توفر منتجًا عقاريًّا ضمن تنمية عمرانية متكاملة بجانب سجلها الحافل في التطوير العقاري.

وأُشير هنا إلى أن المدن المُنفذة من قبل بالم هيلز توفر مختلف الخدمات اللازمة، من البنوك والمراكز التجارية والمطاعم والعيادات والنوداي الرياضية، فضلًا عن توفيرها الحضانات والمدارس والجامعات والمكاتب الإدارية لممارسة الأعمال.

ولذلك من الطبيعي أن يكون هناك مقابل لحجم الاستثمارات التي ضخت كما لا يجوز فرضية المقارنة، لأن الهدف الأول للشركة هو العمل مع الدولة للإسهام في زيادة الرقعة بجدارة وفعالية عالية.

ومن هنا نجد أن سعر المتر في البيع الثانوي لدى عدد كبير من المطورين لا يرتبط بقدرته على التسعير، وأجد حاليًا أن هناك أفرادًا يرغبون في شراء عقار من أفراد وليس من مطورين، ولذلك هناك تفاوت كبير في الأسعار بالرغم من ملاصقة المشاريع لبعضها البعض، وقد يكون ذلك بسبب الخيارات الغنية من الخدمات والتصميمات المختلفة ونوعية المخطط الرئيسي للمشروع وهكذا.

ياسمين منير: ولكن في واقع الأمر السوق كله حاليًا بدأ يطبق منهجية المدد الطويلة والمقدمات الصغيرة مع اختلاف القدرة والملاءة والحجم والتاريخ، فما هو تأثير ذلك من وجهة نظرك على القطاع؟

أحمد رضوان: وما هو وضع المنافسة؟

حازم بدران: بالم هيلز ترى قيمتها التنافسية في سجلها الحافل من تنمية المدن على مدار 25 عامًا.

أحمد رضوان: نتحدث هنا عن أدوات المنافسة.

حازم بدران الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة بالم هيلز في حابي بودكاست

حازم بدارن: بالم هيلز حققت سجلًّا حافلًا فهل يُعقل أن ينافس بنك تأسس حديثًا، وخلال فترة قصيرة، البنك الأهلي؟

رضوى إبراهيم: هل تقصد أن السمعة أصبحت أقوى سلاح في المنافسة أم أن التنافس على طبيعة الخدمات المقدمة بين مختلف المشاريع؟

حازم بدران: في الواقع أصداء السمعة ناتجة عن تسليمات وتنفيذات الشركة، ولذلك عندما يتم البدء بمشروع صغير ويُبلي بلاءً حسنًا من خلال التسليم حينها سيكسب ثقة العملاء، وبعدها تأتي انطلاقة النمو ومن ثم أخذ اتجاه مختلف ليضيف طابعًا مميزًا على أعماله.

رضوى إبراهيم: في حال تمتع أكثر من شركة كبيرة بسمعة جيدة فما هو سلاح المنافسة عند التنافس بمشروعين في منطقة واحدة؟

حازم بدران: بالتأكيد الخدمات ونوع المنتج نفسه والقدرة على التنفيذ والتصميمات والمخطط الرئيسي للمشروع.

السوق العقارية كبيرة وتستوعب كل الشركات الجيدة

ولكنني أود أن أوضح نقطة مهمة، وهي أن السوق العقارية كبيرة وتستوعب كل الشركات الجيدة، وفي الحقيقة المطورون العقاريون الذين ينفذون أكبر 5 -7 مشاريع في الساحل الشمالي حاليًا، جميعهم أصحاب سجل حافل من المشاريع الناجحة.

أحمد رضوان: بعيدًا عن بالم هيلز.. هل ترى أوجه منافسة ضارة لم تكن موجودة من قبل في السوق؟

حازم بدران: أرى في بعض صفحات التواصل الاجتماعي شكاوي من متضررين لم يتسلموا وحداتهم في مشروعات حديثة، وبكل تأكيد هذا الأمر ضار وسيئ ولكن تأثيره على القطاع قصير المدى، كما أن انتشار هذه الممارسات يأتي في نطاق ضيق.

وفي المقابل، هناك مشروعات عملاقة وناجحة بوضوح في مناطق مثل وسط الشيخ زايد أو في بالم هيلز أو في شرق القاهرة، أو في الساحل الشمالي، جميع هذه المشاريع تقدم قيمة مضافة للشركات نفسها وللبلد وللقطاعات الأخرى، ومنها التعليم والسياحة والقطاع الطبي وقطاع تجارة التجزئة، فهي قاطرة للنمو الاقتصادي.

التطوير العقاري يمثل القاطرة الأكبر للاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية

وأعتقد أن التطوير العقاري يمثل القاطرة الأكبر للاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية ويأخذ على عاتقه النمو المُسجل في مصر.

ياسمين منير: بالحديث عن إشكالية إعادة البيع.. تردد خلال الفترة الأخيرة أن هناك صعوبة بالغة في عملية إعادة البيع، في ظل كثافة المعروض من المطورين أنفسهم بجانب ارتفاع التسعير، هل كنت ترى أن هناك مضاربات كبيرة في ظل الرهانات على الارتفاعات السعرية المستمرة؟ وكم هو حجم التأثير الواقع جراء هذه الممارسات؟

حازم بدران: لا أستطيع معرفة حجم التأثير، ولكن قد يكون هناك عدد من النماذج التي ذكرتيها، إلا أن الاستثمار العقاري أو شراء العقار أو التطوير العقاري أو التنمية العمرانية طبيعة أعمالها طويلة الأمد.

وليس من المفترض أن يكون هناك توجه لشراء عقار ومن ثم إعادة بيعه بعد مرور شهرين، فهذا السلوك لا يتناسب مع الطبيعة الاستثمارية للعقار، إلا أن هذا السلوك يتناسب مع أوعية استثمارية أخرى، ومنها الأسهم والذهب أو في حالات أخرى شراء سلع أو قمح.

القطاع العقاري يمر بدورات وهو ما يسمح لكل مطور بوضع تقديرات ترسم توقعات معدلات التضخم والفائدة

وأُنبّه إلى أن القطاع العقاري يمر بدورات، وهو ما يسمح لكل مطور بوضع تقديرات ترسم توقعات معدلات التضخم وأسعار الفائدة، ويعطي مؤشرات أولية لقراءة أسعار الخامات من الحديد والأسمنت والمستويات السعرية المرشحة وما إلى ذلك.

أمر آخر في غاية الأهمية، وهو أن التحديات الجيوسياسية العالمية تلقي بظلالها على العوامل الاقتصادية.

وأرى أن تقديرات المؤشرات الاقتصادية قد تخطئ في فترات وقد تصيب في أوقات أخرى، بمعنى، قد يتحوط المطور عبر شراء خامات في فترة ولم يحدث بعدها زيادة في الأسعار، أو قد يكون الطلب ضعيفًا والعكس صحيح، أو الرغبة في البيع في وقت يعاني من الضعف في الرواج نتيجة ضعف القدرات المالية للعملاء.

قياس أداء القطاع العقاري خلال مدى زمني قصير يتراوح بين 6 أشهر أو عام غير دقيقة

ولذلك، وأكرر مرة أخرى أن طريقة قياس أداء القطاع العقاري خلال مدى زمني قصير يتراوح بين 6 أشهر أو عام غير دقيقة، ولكن هناك معطيات ترسم صورة أقرب إلى الواقع، وهي أن معدل التضخم يبلغ 15% ومن المتوقع أن تصل الزيادة السكانية إلى 2.5 مليون مواطن في العام، هذا بالإضافة إلى كل التطور المُحقق في البنية التحتية بمصر، وبما تمتلكه السوق المحلية من مقومات أخرى جاذبة ومنها السياحة الشاطئية في فصل الصيف والسياحة الثقافية في فصل الشتاء وما إلى ذلك، فهي مسألة وقت ولا يمكن أن يخسر الاستثمار في العقار على المدى الطويل إلا في حالة وجود عامل مؤثر غير عادي.

رضوى إبراهيم: هناك أكثر من شركة أعلنت خلال الفترة الماضية، سواء عن طريق إفصاحات للبورصة المصرية أو تصريحات صدّرت عن مستثمرين بارزين في القطاع العقاري، عن أن هناك زيادة في إلغاء الحجوزات، هل ترى أسبابًا معينة لهذه الزيادة؟ ومن خلال خبرتك في القطاع العقاري كيف ترى موقف الشركات التي أقدمت على إلغاء الحجوزات خلال السنوات الأخيرة؟ وهل هذه الخطوة تعبر عن الربح أم الخسارة؟

حازم بدران: هذه القضية مهمة نظرًا لأنه مثلما قلت إن المطورين العقاريين يأخذون على عاتقهم أمورًا كثيرة كما يأخذون أيضًا التزام بتثبيت السعر على عكس ما تحدثنا عنه بخصوص تسليم العقار بمواصفات معينة مع وجود تقدير لتكلفة العقار الواقعة على المطور، ومن هنا جاء أصل ثبيت السعر عند بيع العقار.

وفي الواقع قد يصيب أو يخطئ المطور العقاري أيضًا في بعض الأمور، لكن مثلما قلنا من قبل التطوير العقاري استثمار طويل الأجل وحتى لو لم يحالفه الحظ في فترة ما سيستطيع تعويضها في الفترة التي تليها.

ولذلك عندما يأخذ المطور العقاري هذا الالتزام في المقابل يتعين أن يلتزم العميل أيضًا في السداد نظرًا لأن المطور يتكبد استثمارات وإنشاءات.

إلغاء الحجوزات في معدلاتها العادية

وفي الواقع لا نرى أن معدل إلغاء الحجوزات «مقلق» حتى الآن ويعتبر في المعدلات الطبيعية حاليًا.

أحمد رضوان: هل تقصد بالمعدلات الطبيعية قياسًا بالسنوات السابقة؟

حازم بدران: نعم قياسًا بالسنوات السابقة.

رضوى إبراهيم: هل تقصد بحديثك عن المعدل الطبيعي قياسًا بالسنوات السابقة على مستوى مشروعات بالم هيلز أم على مستوى السوق ككل؟

حازم بدران: للأسف لا توجد إحصائيات مفصلة عن السوق ككل، وأتحدث هنا على مستوى بالم هيلز وأُقدر نسبة إلغاء الحجوزات في الشركة بنسبة تدور حول 1 إلى 1.5% ولم يتم تجاوز هذا المعدل على مدار آخر 5 سنوات.

رجوعًا لإشكالية الأسعار، حيث إن كل مطور عقاري لديه حجم أعمال معين يمتلك أدوات للتحوط تميزه عن المطور الأصغر حجمًا، وهذه الأدوات تتمثل في تمتعه بقاعدة قوية لرأس المال تمكّنه من التحوط عبر شراء احتياجاته من الحديد ومواد البناء والتشطيب لفترة طويلة.

وفي السياق نفسه، التحوط هو عبارة عن استخدام أدوات مالية للتحوط بشكل معين، فضلًا عن أن التحوط في حد ذاته هو تنفيذ استثمارات طويلة الأمد عبر شراء محفظة ضخمة من قطع الأراضي، وبالتالي عندما أُطبق عليها نمو معدلات التضخم سنويًّا سأجد أن مكون الأرض أصبح أقل في مشاريع معينة.

وأُشير هنا إلى أن المطور العقاري الذي يضخ 20 مليار جنيه إنشاءات سنويًّا فهو لا ينتظر بيع الوحدات قبل عملية إنشائها، بل يستكمل مسيرة أعماله دون توقف.

أمر آخر، المطور العقاري يبدأ العمل في البنية التحتية والإنشاءات ويضخ المليارات في الإنشاءات، وهو ما يسهم في خلق مخزون عقارات جاهزة للتسليم بشكل طبيعي، وهذا في حد ذاته يعتبر نوعًا من أنواع التحوط من خلال تكوين مخزون وحدات جاهزة للتسليم في ظل التقلبات المحتملة في أسعار مواد البناء بخلاف التوقعات الموضوعة.

الملاءة المالية للمطور العقاري تخلق مخزون عقارات جاهزة للتسليم

وأُشدد على أن بالم هيلز تمتلك أساليب للتحوط متوفرة لدى المطورين أصحاب الملاءة المالية.

ياسمين منير: أود أن نتوقف عند الاستثمار السياحي، فهو بالتأكيد جزء من الاستثمار العقاري ولكن القطاع السياحي له بالطبع وضع مختلف والرهان عليه كبير للغاية، حيث رأينا اهتمامًا ملحوظًا من الدولة خلال الفترة الراهنة تمت ترجمته في إطلاق مبادرات كثيرة مرتبطة بالقطاع السياحي، ما هو تقييمك لوضع القطاع والتحديات والفرص المحيطة به؟

حازم بدران: أرى أنه قطاع جاذب للغاية وأصبح أكثر جاذبية خلال الفترة الراهنة وبالتأكيد هناك تحديات ومشاكل كثيرة ولكن هناك مميزات أيضًا.

تطور البنية التحتية في مصر من أبرز الجوانب الإيجابية

دعونا ننظر إلى الجوانب الإيجابية بشكل مختلف، لأن مما لا شك فيه أن البنية التحتية في مصر تطورت عما كانت عليه بشكل أفضل ما بين الطرق والكباري والاتصالات والإنترنت.

وبناءً على هذا الأمر أصبحت تجربة السفر بالسيارة إلى الساحل الشمالي حتى للمصريين مختلفة تمامًا، كما بات التنقل بين المناطق المختلفة في الساحل الشمالي مختلفًا تمامًا أيضًا، وينطبق هذا الموضوع نفسه على البحر الأحمر والغردقة وما إلى ذلك.

وفي الحقيقة مصر شهدت تناميًا ملحوظًا للغاية في السياحة الشاطئية متمثلة في البحر الأحمر، بالرغم من تمتع مصر بكمّ هائل من الآثار والمناظر الطبيعية.

الاستثمارالسياحي أصبح أكثر جاذبية خلال الفترة الراهنة

الدولة فكّرت بشكل سليم عندما قامت بتطوير مطارين في الساحل الشمالي، وهو ما يضيف مرونة قوية في التنقل خلال مدى زمني قصير مع اختلاف وجهات القدوم سواء من السعودية أو الإمارات أو أي دولة أخرى.

أما في السابق فقد كانت حركة الطيران السياحي القادمة من أوروبا تتوجّه إلى شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم، لعدم وجود مطار في الساحل الشمالي.

ومن الجوانب الإيجابية الأخرى وجود طريق آخر للوصول إلى القاهرة خلال ساعتين فضلًا عن أن الطرق في القاهرة تعتبر طرقًا آمنة، بجانب وجود استثمار ضخم للغاية في السياحة بمنطقة الأهرامات والمتحف المصري الجديد وهناك متاحف كثيرة أخرى، إذ إن وضع القطاع السياحي أصبح منظما بشكل مختلف.

وضع القطاع السياحي أصبح منظمًا بشكل مختلف

هناك قضية أخرى في غاية الأهمية، وهي أن الدولة قالت إن لديها عجزًا في عدد الغرف الفندقية، وأن أكثر منطقة تعاني من هذه المشكلة هي منطقة الأهرامات في ظل رواج الاستثمارات واستقطاب ماركات عالمية مثل ريتز كارلتون وآخرين.

وهو الأمر الذي تصادف مع أن بالم هيلز أصبح لديها محفظة أراضي ملاصقة لمنطقة الأهرامات والمتحف المصري الكبير، بالإضافة إلى الساحل الشمالي، وبدأنا نرى نموًّا ملحوظًا في البيع للأجانب والأخوة من الخليج في القاهرة والساحل الشمالي، نظرًا لأن التجربة أصبحت مختلفة مدعومة بسهولة التنقل بالطيران.

بالم هيلز افتتحت 250 غرفة فندقية خلال العام الجاري ونسبة الإشغال كاملة

أما على مستوى الشركة فقد افتتحنا 250 غرفة فندقية خلال العام الجاري في فندق خمس نجوم في مشروع هايسيندا وايت ونسبة الإشغال كاملة.

وفي الواقع أرى أن كل هذه الجهود المبذولة على مستوى البنية التحتية والطيران ستدعم إيرادات سواء السياحة الشاطئية أو الثقافية، وخاصة مع وجود مطار سفنكس الذي أضفى سهولة كبيرة على التنقل.

وبالفعل القطاع السياحي حقق نجاحًا باهرًا منذ فترة جيدة في منطقة البحر الأحمر، وأعتقد ترجمة هذا الأمر في الساحل الشمالي وقد رأيناه مباشرةً ومن المتوقع ترجمته في القاهرة أيضًا.

ياسمين منير: كل هذه النقاط مضيئة.. ماذا عن التحديات؟

حازم بدران: بالطبع هناك تحديات تتعلق بالاستثمار، ولذلك أرى ضرورة توحيد كلمة التطوير العقاري لاختلاف أحجامه وعوائده التي قد تكون في معظم الأوقات عوائد مرتفعة، وهو ما يجعلها جاذبة للاستثمار مع القدرة على العمل بنسبة استثمار قليلة من خلال وجود أكثر من طريقة ما بين البنوك ومبيعاتك في حال حالفك الحظ في المبيعات لتمويل مشروعك بنسبة قليلة من الاستثمار.

ومن أبرز التحديات الموجودة، عند بناء المطور العقاري فندقًا أو جامعة أو ناديًا يضطر إلى الانتظار 2 – 3 سنوات للبناء، ويضع مليارات الجنيهات لإنجاز الأعمال الإنشائية ويقوم بتمويله ذاتيًّا مع البنوك، وبذلك يكون الاستثمار ضخمًا جدًّا وقد لا تتلاءم الملاءة المالية لدى الكثير من المستثمرين مع هذا الأمر، بجانب وجود تقلبات في السياحة في أي منطقة في العالم نتيجة عوامل جيوسياسية، ولكن أعتقد أن الاستثمار في القطاع السياحي جاذب.

رضوى إبراهيم: منطقة الساحل الشمالي بقدر حجم الاستثمارات الكبيرة التي ضخت فيها خلال السنوات الماضية.. إلى أى مدى تواجه هذه الاستثمارات تحديات نظرًا لطبيعة المنطقة ذات الموسم الواحد القصير في مصر؟

حازم بدران: في الواقع الموسم كبر بالفعل وفنادقنا تتمتع بنسب إشغالات جيدة في منتصف سبتمبر الجاري، فضلًا عن أن نسب الإشغالات في الفنادق الأخرى أيضًا جيدة وما زالت هناك حركة.

رضوى إبراهيم: هل هناك معادلة يتبعها المستثمر في الساحل الشمالي للموازنة بين فكرة أن طبيعة المنطقة موسمية؟

حازم بدران: بالفعل هناك معادلة تتم بالتنسيق مع المشغلين، ولكن هناك إشغالات قوية ابتداءً من أواخر شهر أبريل ومايو ويونيو بدعم من الجهود المبذولة في المطارات، وهناك جنسيات مختلفة من إيطاليا وألمانيا وكازاخستان بجانب دول أخرى كثيرة، وتعمل الفنادق حتى شهري أكتوبر ونوفمبر.

ولكن أود أن أقول إن المنطقة الموسمية شيء طبيعي وموجود في العالم كله وليس مصر فقط، وبالتالي ينعكس ذلك على سعر الغرفة أو العقار، وأؤكد مرة أخرى على أنه استثمار جاذب ويحقق عوائد جيدة ويُعوض الاستثمار في القاهرة.

رضوى إبراهيم: ننتقل بالحديث إلى خطط تصدير العقار.

حازم بدران: في رأيي المتواضع كان من الصعب أن تبدأ خطط تصدير العقار قبل الوقت الراهن، وهنا لا بد أن نعرف ما هي الدول التي تصدر العقار، لأن من يرغب في شراء عقار يريد أمرين، إما شراء بغرض السكن وبالتالي في هذه الحالة يتعين أن يقضي عدة شهور فيه على الأقل لأنه ليس من الطبيعي أن يمكث فيه أيام معدودة في العام، حينها ستكون الإقامة في فندق هي الخيار الأفضل.

أما الأمر الآخر، فهو شراء العقار بغرض الاستثمار، وبالتالي يتعين أن يكون هناك معروض من العقارات بجانب ضرورة معرفة ما هي الجنسيات التي من الممكن أن تقضي شهرًا أو شهرين أو 3 أشهر سنويًّا في مصر مثلما توجّه المصريون لشراء عقار في الساحل الشمالي في حين أنهم يقطنون في القاهرة.

دعونا نلقي نظرة على أوروبا، سنجد أن الدول التي يشتري الناس فيها عقارات هي جنوب إسبانيا وجنوب فرنسا واليونان، حيث أن الشواطئ الخاصة بهذه الدول تجذب الناس من كل العالم، من الصين وأمريكا وأوروبا والخليج، لشراء بيوت في هذه المناطق بغرض قضاء الصيف هناك.

كما نجد على سبيل المثال أن دولة انجلترا تعتبر مركز مال وأعمال للكثير من الدول التي تواجه تحديات سياسية ويرون أنها ملاذ آمن.

وأخيرًا هناك أمر مهم في إنجلترا، وهو أنها تضم عددًا مهولًا من الجامعات، وهناك عدد كبير من الناس من العالم كله يلحقون أولادهم بهذه الجامعات، فهذه هي الدول التي يشتري فيها الناس عقارات والتي تصدر عقارًا بالفعل.

أما ألمانيا، فلم نسمع مطلقًا عن أن هناك قاعدة كبيرة من الناس ترغب في شراء عقار في ميونيخ، وهذا لا يعني أن ألمانيا غير ناجحة في تصدير العقار نظرًا لامتلاكها مقومات قوية في قطاعات أخرى، ولذلك هذه هي الدول التي تمتلك أسباب تصدير العقار.

أيضًا هناك شكل آخر من أشكال تصدير العقار، وهو أن الدول التي تحقق معدلات نمو وإنفاق تفوق قدراتها السكانية أو تعداها السكاني على غرار دول كثيرة في الخليج، يدفع ذلك إلى استقطابها موظفين من الخارج للاستثمار والعمل خاصةً مع معدلات النمو المهولة وفرص العمل الكبيرة.

حازم بدران الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة بالم هيلز في حابي بودكاست

وهذا الشكل من أشكال تصدير العقار غير موجود في مصر، بدعم من توافر القدرات المطلوبة لتنمية أنفسنا، وبالتالي يتعين أن يكون هناك شق سياحي وبالفعل هناك نجاح في البحر الأحمر على مستوى نوعية معينة، وإنما هناك قاعدة كبيرة من الإنجليز والألمان والروس يقطنون في منطقة البحر الأحمر كلها، بدعم من قوة البنية التحيتة من الطرق والمطار بجانب الطبيعة الخلابة.

وقبل 5 سنوات لم تكن مصر قد طورت هذه المطارات في الساحل الشمالي فضلًا عن عدم تهيئة شبكة الطرق بالشكل الحالي مع عدم وجود التنوع الحالي في الأماكن الترفيهية والفنادق.

الآن بدأنا نرى حركة في تصدير العقار من خلال وجود مشاريع تضم خدمات متكاملة

أما الآن بدأنا نرى حركة في تصدير العقار من خلال وجود مشاريع متكاملة تضم خدمات متكاملة من المطارات وخلافه.

كما أن كل المطورين العقاريين الكبار بدأوا يعملون ما يسمى بالشقق الفندقية لتتناسب مع تطلعات المشترين الخارجيين من الخدمات المختلفة وبرامج تأجيرها لتحقيق عائد.

وأرى أن قبل حدوث كل هذه الأمور كان من الصعب الاعتماد على تصدير العقار كمحرك رئيسي في بيع العقارات.

رضوى إبراهيم: شركاتنا المصرية التي توسعت خارجيًا خلال الفترات الماضية، صحيح أن هناك دومًا شركات تتجه إلى التوسع في الأسواق الخارجية، لكننا لاحظنا في الفترة الأخيرة حركة أكثر وضوحًا في توسعات الشركات العقارية تحديدًا. من وجهة نظرك، ونحن الآن على أعتاب جني ثمار ما يُعرف بـ»تصدير العقار»، هل ترى أن هذه التوسعات تمثل علاقة تكاملية بين الداخل والخارج، أم أن المشهد يتسم بمساحة من التنافس؟

حازم بدران: في تقديري الأمر يُجسّد حالة من التكامل وليس التنافس. فالشركات المصرية التي اتجهت إلى الخارج، جميعها شركات ناجحة للغاية، كما أن عددًا من رجال الأعمال المصريين أطلقوا مشروعات عقارية في دول متعددة وحققت نجاحات بارزة، كما هو الحال في تجربة السينما المصرية، التي نجحت في غزو المنطقة بقوة.

وأنا أرى أن هذه الظاهرة تمثل إضافة نوعية تعزز من صورة المطور العقاري المصري، رغم تحفظي الشخصي على استخدام هذا الوصف كمصطلح شامل، إلا أنني أعتبرها أمرًا مشرفًا للغاية. فانتقال الشركات المصرية للاستثمار العقاري في أسواق أخرى هو برهان مباشر على نجاحها في الداخل، وهو في الوقت نفسه انعكاس لثقة هذه الأسواق في خبراتها. وبالمحصلة، فإن هذه التوسعات تمثل قيمة مضافة لمصر.

ياسمين منير: إلى أي مدى تراهن على فكرة «تصدير العقار»؟ خاصة أنك بالفعل لمست التطور في هذا الملف، كيف ترى نسبته المحتملة من المبيعات خلال الفترة المقبلة؟

رهان بالم هيلز الأساسي على السوق المصرية لما تتمتع به من جاذبية استثنائية

حازم بدران: أنا لا أميل إلى تحديد نسب دقيقة، لكن يمكنني القول إن الرهان سيبقى في الأساس على السوق المصرية، نظرًا لأن مقوماتها كانت وستظل قوية للغاية، وهي سوق تتمتع بجاذبية استثنائية. ومع ذلك، لا بد أن يقوم المطور بدوره الاستثماري على الوجه الأمثل إذا كان يريد أن يحصد العوائد المرجوة. فلا يمكن أن ندخل في مشروع لمجرد بيعه سريعًا خلال عام، بل ينبغي أن يكون الاستثمار طويل الأمد ومدروسًا ليؤتي ثماره الحقيقية.

نسعى إلى جذب شريحة محددة من العملاء سواء الأجانب أو المصريون

في تجربتنا داخل بالم هيلز، نسعى إلى جذب شريحة محددة من العملاء، سواء الأجانب أو المصريون، من خلال المزج بين الاستثمار السياحي والعقاري، خصوصًا في مناطق مثل الساحل الشمالي، وأنا لا اتحدث عن شركتنا فقط، فهناك مطورون آخرون أيضًا نجحوا في تقديم هذه المعادلة، هذه المناطق بطبيعتها تحتاج إلى مستوى متكامل من الخدمات، لأن العميل الأجنبي أو المستثمر الذي يأتي إلى مصر بغرض الترفيه لا يأتي مضطرًّا، بل يأتي باختياره، وبالتالي فإن توقعاته أعلى. هو يبحث عن تجربة متكاملة تشمل مطاعم بمعايير عالمية، ومرافق ترفيهية متطورة، ومستوى سكني راقٍ.

لقد ركزنا بشكل مكثف على هذا الجانب، والحمد لله كان العام الحالي والسابق موفقين للغاية في هذا الاتجاه. ومع استمرار خططنا لافتتاح المزيد من الفنادق والمطاعم وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة، أعتقد أن التجربة ستصبح أكثر نضجًا. والأمر لا يقتصر علينا فقط، فهناك مطورون آخرون أثبتوا نجاحًا كبيرًا في هذا المسار، ومع تكامل هذه الجهود أتصور أن ذلك سيسهم في جذب سياحة أكبر إلى مصر بوجه عام، وإلى الساحل الشمالي بشكل خاص، مما سينعكس إيجابًا على تنشيط ورواج تصدير العقار في المرحلة المقبلة.

أحمد رضوان: كيف تقيم سهولة الاستثمار السياحي في مصر؟ هل توجد حوافز واضحة وإجراءات محددة؟ أم أن هناك عناصر إضافية يمكن أن تساهم في تسهيل الاستثمار السياحي، خاصة في قطاع الفنادق بمستوياته المختلفة، ليكون أكثر قدرة على جذب الأموال والاستثمارات؟

المبادرة المشتركة بين المالية والسياحة والبنك المركزي تقدم حوافز استثمارية جيدة

حازم بدران: هناك بالفعل مجموعة من الحوافز، ولعل أبرزها المبادرة المشتركة بين وزارة المالية ووزارة السياحة والبنك المركزي، وهي مبادرة جيدة بطبيعتها، رغم أن لها بعض الضوابط التي يمكن تبسيطها لتصبح أكثر مرونة. لكن في المجمل، نعم هناك حوافز قائمة. فعلى سبيل المثال، إذا قرر مستثمر اليوم الدخول في مشروع فندقي جديد، فإنه سيجد تعاونًا واضحًا وفعّالًا بين مجلس الوزراء ووزارة الإسكان ووزارة السياحة، وهو ما يمثل خطوة إيجابية.

غير أن هذه الحوافز ما زالت في حاجة إلى الزيادة، خصوصًا فيما يتعلق بالشق المالي. فالأحجام التمويلية المتاحة حاليًا تحتاج إلى أن تكون أكبر قليلًا، حتى لا يصبح المستثمر مقيدًا بحدود تمويلية لا تكفي لتنفيذ مشروعات سياحية وفندقية ضخمة. كما أن الإجراءات يمكن أن تكون أكثر مرونة، من خلال تخفيف الأعباء النقدية منذ اليوم الأول، بحيث لا يُحمَّل المستثمر بتدفقات مالية كبيرة فور انطلاق المشروع، بل يحصل على خفض أو تسهيلات تدريجية منذ البداية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هناك بالفعل مساندة واضحة ودعمًا قائمًا من الدولة.

أحمد رضوان: وعلى مستوى الإجراءات والتراخيص وما يرتبط بها، كيف تبدو تجربتكم؟

تجربة بالم هيلز في الإجراءات والتراخيص إيجابية وخالية من المعوقات

حازم بدران: تجربتنا في هذا المجال إيجابية للغاية، فلم نواجه أي معوقات أو عراقيل تُذكر في هذا الملف.

ياسمين منير: فيما يتعلق بالقطاعات المرتبطة بالصحة والتعليم، شهدنا توسعًا ملحوظًا لشركة بالم هيلز في إنشاء مستشفيات وجامعات ومدارس، وهو مسار لم يكن مألوفًا من قبل لدى المطورين العقاريين، باعتبار أن هذه القطاعات بطبيعتها تحتاج إلى خبرات متخصصة. كيف ترون جدوى هذا التوجه سواء على مستوى بالم هيلز أو المطورين العقاريين بوجه عام؟

حازم بدران: دعيني أبدأ من الإطار الأشمل المتعلق بدور المطور العقاري، ثم أنتقل إلى تجربتنا في بالم هيلز تحديدًا. فالمطور الذي يسعى إلى إقامة مشروعات تنمية عمرانية متكاملة، ويستهدف استثمارات طويلة الأجل، وبناء ثقة مستدامة مع عملائه، ويضع نصب عينيه النمو ليس على مدى سنوات قليلة وإنما لعقود طويلة تمتد لعشرين أو ثلاثين أو حتى أربعين عامًا، يصبح من الضروري أن يدمج هذه الخدمات ضمن منظومته الاستثمارية.

الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والفنادق يمثل روافد أساسية للتنمية العمرانية الشاملة

الخدمات التعليمية والصحية والفندقية ليست مجرد أنشطة مكمّلة، وإنما استثمارات ذات جدوى حقيقية، حتى وإن تميزت بخصائص مالية مختلفة عن التطوير العقاري التقليدي. صحيح أن العوائد المباشرة منها قد لا تضاهي في سرعتها أو ارتفاعها عوائد الاستثمار العقاري، إلا أنها تحقق نموًا مطردًا وتتمتع بقدرة على الصمود أمام تقلبات السوق.

جميع هذه القطاعات تمثل خدمات واستثمارات أساسية لا غنى عنها في أي منظومة عمرانية متكاملة، كما أن كل قطاع منها –على حدة– يعد استثمارًا ذا جدوى اقتصادية. الاستثمار في التعليم يُعد من أفضل وأربح أنواع الاستثمارات على المدى الطويل، وكذلك الاستثمار في الرعاية الصحية وإنشاء المستشفيات. قد تتفاوت آجال تحقق العوائد بين هذه القطاعات، كذلك في قطاع السياحة والفنادق، وجميعها يمثل روافد داعمة للتنمية العمرانية الشاملة.

بالم هيلز ضخّت أكثر من 3 مليارات جنيه في التعليم العالي

أما بالنسبة لبالم هيلز، فمفهومنا للتنمية لا يقتصر على البناء العمراني فحسب، بل يشمل تعمير المدن وخلق مجتمعات متكاملة. من هذا المنطلق أجد نفسي مختلفًا مع التصور الضيق لفكرة المطور العقاري، ولذلك ضخّت الشركة استثمارات تجاوزت ثلاثة مليارات جنيه في قطاع التعليم العالي. وقد تجلى ذلك في إنشاء جامعة «بادية»، التي دخلت عامها الثاني وحققت نجاحًا واضحًا عبر كليات الطب والعلاج الطبيعي والهندسة وإدارة الأعمال، مع وصول عدد طلابها هذا العام إلى نحو 1500 طالب.

وبالإضافة إلى ذلك، نمتلك الحصة الأكبر في شركة «تعليم»، التي يرأس مجلس إدارتها الأستاذ ياسين منصور وتُدار بفاعلية من قِبل المهندس محمد رشيدي والدكتور الملاحي. وبفضل هذه الشراكة، سيصل إجمالي عدد الطلاب في العام الحالي إلى ما يزيد على 15 ألف طالب، غالبيتهم في كليات طبية وكليات قمة، موزعين بين جامعة النهضة في بني سويف الجديدة، وجامعة بادية، وجامعة ممفيس في القاهرة الجديدة.

وفي قطاع التعليم قبل الجامعي، دخلنا في شراكة استراتيجية (Joint Venture) مع واحدة من كبرى شركات المدارس العالمية، وافتتحنا بالفعل مدارس من بينها «كينج سكول»، بما يعزز من تكامل نموذجنا التنموي. نحن فخورون بهذه الاستثمارات التي لا توفر فقط قيمة اقتصادية، بل تسهم أيضًا في استمرارية النمو وخلق قاعدة متينة لقطاع التعمير، خاصة في ظل الطبيعة الدورية (Cyclicality) التي يشهدها التطوير العقاري أحيانًا.

ومن زاوية أخرى، لا يقل الشق المالي لدينا أهمية عن الشق العقاري، إذ يتحمل المطور العقاري –إلى جانب دوره في التطوير والتنفيذ– مسؤولية التمويل الذاتي وتوفير التمويل للعملاء.

رضوى إبراهيم: من المؤكد أن خبرتك الممتدة في القطاع المالي تثير فضولي، خصوصًا فيما يتعلق بكيفية توظيفك لهذه الخبرة داخل القطاع العقاري بعد التحول المهني الذي قمت به خلال السنوات الأخيرة. غير أنني قبل الخوض في هذه النقطة أود أن أطرح تساؤلًا جوهريًّا: ما الذي ينقصنا في مصر حتى نتمكن من جعل قطاعي الصحة والتعليم لا يقتصر دورهما على التشابك مع التنمية العمرانية فحسب، بل يمتد ليصبح لهما تأثير مباشر في دعم القطاع السياحي؟ فنحن نرى في دول مجاورة مثل تركيا أن التعليم أصبح عاملًا رئيسيًّا في جذب وفود سياحية، كما أن ألمانيا تُعَد مقصدًا عالميًّا للسياحة العلاجية، وهناك العديد من التجارب الأخرى التي لا حاجة لذكرها جميعًا. فما هي العناصر أو الخطوات التي نفتقدها في مصر كي نستطيع تكييف هذين القطاعين وتوظيفهما بما يخدم السياحة ويضيف إلى جاذبيتها؟

حازم بدران: ما ينقصنا بالأساس هو الاستثمارات، وبالتحديد الاستثمارات الضخمة بعيدة المدى. فطبيعة هذه القطاعات، سواء الصحة أو التعليم حين يُراد تطويعهما لخدمة السياحة، تحتاج إلى ضخ مليارات الجنيهات في صورة استثمارات رأسمالية كثيفة (Capex) يُنتظر عائدها على مدى عشرات السنين. ومن ثمّ فإن جذب هذا النمط من الاستثمارات ليس بالأمر اليسير.

فعلى سبيل المثال، المستثمر عندما يسعى إلى الاطمئنان يبدأ أولًا بالتوجه نحو استثمارات قصيرة الأجل مثل البورصة أو أدوات الدين، ثم إذا ارتفعت درجة الثقة يتوسع في استثمارات متوسطة الأجل، أما إذا شعر بطمأنينة أكبر وتوافرت له بيئة تشريعية واضحة ومستقرة وإطار قانوني متكامل، فإنه يشرع حينها في استثمارات طويلة الأجل.

الاستثمار الصحي يتطلب تمويلًا أكبر بكثير من التعليم ويحتاج إلى وقت أطول لتحقيق العوائد

ولست أقول إننا نفتقر تمامًا إلى هذه المقومات، ولكن علينا أن نتذكر أننا خرجنا من فترة طويلة من التقلبات السياسية بين عامي 2011 و2013، أعقبتها مرحلة يمكن وصفها بمرحلة إعادة البناء ومحاولة تدارك ما فاتنا. وأعتقد أن التوقيت الحالي هو الأنسب للتركيز على جذب تلك الاستثمارات الضخمة، باعتبارها المدخل الحقيقي لتشييد البنية اللازمة التي تتيح دمج قطاعات الصحة والتعليم في منظومة السياحة.

رضوى إبراهيم: هل يمكن القول إن القطاع الخاص ما زال في حالة انتظار لحوافز محددة من جانب الحكومة، أو ربما لإشارات واضحة تُظهر اهتمام الدولة بهذه القطاعات؟

حازم بدران: لا، الأمر لا يتعلق فقط بالقطاع الخاص المصري، وإنما بالقطاع الخاص العالمي وبالاستثمار المباشر الأجنبي. فالقطاع الخاص المحلي، بطبيعة الحال، يملك طاقات وإمكانات معينة، لكن لا يمكنه وحده أن يتحمل أعباء ضخمة من هذا النوع.

القطاع الخاص المصري قادر لكنه لا يستطيع وحده تحمل أعباء ضخمة في الصحة والتعليم والسياحة

علينا أن نعترف أيضًا بأن هناك عوائق قائمة، تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع معدلات الضرائب، إلى جانب مشروعات لا تزال في حاجة إلى مزيد من الدراسة والتحديد. ومع ذلك، يمكن القول إننا بدأنا بالفعل السير في هذا الاتجاه، ومن ثم فإن الرهان الحقيقي يكمن في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى جانب الاستثمار المحلي، فهما معًا يشكلان الرد العملي على أي تحديات أو تساؤلات.

وعندما ننظر إلى الجانب الإيجابي، فنجد أن البنية الأساسية باتت مهيأة بدرجة كبيرة، سواء على مستوى البنية التحتية، أو التطور التكنولوجي، أو توافر الكوادر البشرية المؤهلة، وكذلك منظومة التعليم. لذلك أؤكد أننا أصبحنا جاهزين تمامًا للانطلاق نحو هذه المرحلة.

أحمد رضوان: نموذج الاستثمار في قطاع التعليم يبدو أكثر وضوحًا، وربما تطرقت إليه بشكل مفصل، سواء من خلال تجربة جامعة بادية التي تمثل استثمارًا مباشرًا بإنشاء جامعة متكاملة، أو من خلال استثماركم في شركة تعليم، والذي وإن كان في ظاهره غير مباشر لبالم هيلز، إلا أنه يُعد استثمارًا مباشرًا في جوهره داخل منظومة التعليم، فضلًا عن كونه ذراعًا يمكن للشركة توظيفه لدعم مشروعاتها المختلفة وضمان وجود مكوّن تعليمي داخلها. لكن إذا انتقلنا إلى القطاع الصحي، فهل سيظل الاستثمار محصورًا في بناء وتشغيل المستشفيات، أم أن هناك آفاقًا أخرى يمكن أن التوسع فيها؟

ندير مشاريع ضخمة في القطاع الصحي تشمل 3 مستشفيات كبرى وعيادات متعددة داخل مشروعاتنا

حازم بدران الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة بالم هيلز في حابي بودكاست
حازم بدران الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة بالم هيلز في حابي بودكاست

حازم بدران: لدينا بالفعل مشروعات قائمة في القطاع الصحي؛ إذ نقوم حاليًا بإنشاء مستشفى كبير داخل جامعة بادية، كما نستعد لبناء مستشفى آخر ضمن جامعة ممفيس بمدينة السادس من أكتوبر، فضلًا عن المستشفى القائم بالفعل في مدينة بني سويف الجديدة. وهذه جميعها مستشفيات ضخمة. وإلى جانب ذلك، لدينا عيادات متعددة داخل كل مشروعاتنا، لا سيما في بالم هيلز بمدينة السادس من أكتوبر، حيث يضم المشروع مجمع عيادات كبير الحجم.

الاستثمار في القطاع الصحي يحتاج إلى حجم استثمارات أكبر بكثير من التعليم

لكن لا بد من التأكيد على أن الاستثمار في القطاع الصحي يحتاج إلى حجم استثمارات أكبر بكثير من التعليم، ومن ثم فإن الأمر يستغرق وقتًا أطول ويخضع لمعادلة النسبة والتناسب مع حجم أعمال الشركة. فنحن في نهاية المطاف نعمل وفق أولويات محددة في توزيع النفقات، بين استثمارات ضخمة في الإنشاءات -والتي تصل إلى نحو 20 مليار جنيه- وبين ما يُوجَّه إلى التعليم والأنشطة الأخرى. ومع ذلك، يظل القطاع الصحي مدرجًا على خريطتنا الاستثمارية بشكل واضح، وكما ذكرت لدينا بالفعل ثلاثة مستشفيات.

أحمد رضوان: هل تفكرون في تكرار تجربة «تعليم»؟

نسعى لإضافة نحو 3,000 غرفة فندقية جديدة، معظمها ضمن فنادق خمس نجوم

حازم بدران: بطبيعة الحال نتمنى ذلك، ولكن السؤال يظل مرتبطًا بقدرتنا على التنفيذ بالوتيرة نفسها. فاليوم طموحي الأساسي يتمثل في إضافة نحو 3,000 غرفة فندقية جديدة، معظمها ضمن فنادق خمس نجوم، وهو عمل يمتد على عدة سنوات مقبلة، كما يستلزم استثمارات هائلة ورؤوس أموال ضخمة.

رضوى إبراهيم: أريد ان أعود إلى السؤال الذي كنت أرغب في معرفة إجابته، بحكم خبرتك الممتدة في القطاع المالي، وخاصة في نشاط بنوك الاستثمار، إلى أي مدى استفدت من تلك الخبرة في عملك في القطاع العقاري؟

حازم بدران: فيما يخص بالم هيلز لم يكن هناك قطاع محدد في حاجة إلى دعم استثنائي، فجميع القطاعات داخل المجموعة سواء المالي أو الهندسي أو الإنشائي تعمل بمنهجية الشركات المتكاملة. غير أن جوهر الأمر يكمن في أن العمل على المستوى التنفيذي يعد في آن واحد من أسهل وأعقد الأدوار؛ إذ إن أي خلل أو تحدٍّ تتحمل مسؤوليته كاملة، وتكون مطالبًا باتخاذ القرارات الحاسمة ومعالجة التداعيات. أما إذا كانت جميع المنظومات تعمل بكفاءة، فإن الأمر يصبح أكثر سلاسة.

عندما انضممت إلى بالم هيلز وجدت أن القطاع المالي يتمتع بصلابة استثنائية، ويضم من وجهة نظري، وإن كانت محدودة أو منحازة، أقوى فرق المبيعات في السوق المصرية. ومن هنا بدأت أستثمر خبرتي المتراكمة في مجالات الدمج والاستحواذ، التي مارستها لسنوات خلال رئاستي لبنوك الاستثمار، حيث أتممنا العديد من صفقات الاستحواذ، وطرقنا مجالات جديدة مكملة لأنشطة بنوك الاستثمار، سواء عبر أدوات مالية متطورة أو خدمات مالية متخصصة.

اللجنة التنفيذية في بالم هيلز أنجزت صفقة الاستحواذ على تعليم.. مع الحفاظ على دورها كأكبر مساهم في شركة إنكوليس للتأجير التمويلي

ومن خلال تكامل الرؤى داخل اللجنة التنفيذية في بالم هيلز، استطعنا إنجاز صفقة الاستحواذ على تعليم. كما نعتز بكوننا أكبر مساهم في شركة إنكوليس، التي تعد من كبرى، إن لم تكن الأكبر، شركات التأجير التمويلي في السوق المصرية، وتنمو بوتيرة متسارعة بفضل شراكات استراتيجية مع بنك فيصل وsaib ومجموعة الطارق.

النهج الذي نتبعه يقوم على التكامل البنيوي بين مختلف الأطراف، بما يتيح لنا التوسع الجغرافي، والنفاذ إلى أسواق جديدة، وتنفيذ مشروعات نوعية، فضلًا عن التوغل في قطاعات واعدة مثل قطاع السياحة. ومن ثم فإن الاستفادة لم تتجسد فقط في البعد المالي، بل امتدت لتشكل رافعة أساسية لمسارات النمو.

أحمد رضوان: في نفس المحور، وبالتأكيد حضرتك لست بعيدًا عن نشاط بنوك الاستثمار، فالنشاط لا يزال حاضرًا في ذاكرتك وممارستك حتى وإن لم يكن في إطار الممارسة المباشرة. كيف ترى المشهد الحالي لسوق المال؟

سوق المال المصرية شهدت تحديات متعددة.. لكن المقارنة مع الأعوام الذهبية 2006-2008 تظهر فارقًا جوهريًّا في قوة الشركات المدرجة وأحجام التداول

حازم بدران: لا شك أن سوق المال المصرية مرت بتحديات وظروف متعددة خلال السنوات الماضية. ولكن عندما أقارن الوضع الراهن بالفترات الذهبية مثل أعوام 2006 و2007 و2008، أجد فارقًا جوهريًّا. في تلك الفترة كانت الشركات المدرجة في البورصة المصرية تتمتع بقوة هائلة، سواء شركات الأسمنت أو الحديد أو البنوك أو غيرها من الكيانات الكبرى، بينما للأسف خرجت كثير من هذه الشركات لاحقًا من السوق، وهو ما انعكس على تراجع أحجام التداول اليومية وعلى انخفاض رأس المال السوقي.

البورصة المصرية كانت تتداول يوميًّا بأحجام مساوية لإجمالي تداولات أسواق المنطقة مجتمعة

وأنا لست متقدمًا كثيرًا في العمر، ولكنني عايشت مرحلة كانت فيها البورصة المصرية تتداول يوميًّا بأحجام مساوية لإجمالي تداولات أسواق المنطقة مجتمعة. لم يكن هناك صندوق معاشات أو صندوق استثمار إلا ويمارس استثمارًا يوميًّا، ولم يكن هناك صندوق استثمار مباشر إلا وكان ينفذ مشروعات في مصر.

بين 2001 و2005 عاشت سوق المال ركودًا شديدًا.. لكن نشاط السوق عاد بسرعة خلال عامين بفضل دور بنوك الاستثمار مثل المجموعة المالية هيرميس وسي آي كابيتال

لكن أيضًا حتى لا أبدو متشائمًا، فقد عاصرت فترة أخرى ما بين 2001 و2005، وهي فترة اتسمت بركود شديد. كنا حديثي التخرج نذهب إلى العمل دون نشاط فعلي. ثم خلال عامين فقط، ومعتمدة على بنوك الاستثمار التي كانت وما زالت ركيزة أساسية – مثل المجموعة المالية هيرميس (EFG Hermes) التي تشرفت بالعمل ضمن صفوفها آنذاك، وما تلاها من كيانات مثل سي آي كابيتال وغيرها – انطلق النشاط.

وقتها كان متوسط أعمارنا جميعًا، من أصغر موظف وحتى المديرين، تحت الأربعين عامًا. ومن خلال شراكة وثيقة بين القطاع الخاص وبنوك الاستثمار، ومع موجة الطروحات الكبرى لشركات بارزة مثل أوراسكوم، النساجون الشرقيون، بالم هيلز، حديد عز، السويدي للكابلات، سيبك، وحتى شركات قطاع الأعمال مثل سيدي كرير للبتروكيماويات والمصرية للاتصالات وصناعات الأسمدة، تحوّلت السوق في غضون سنتين أو ثلاث فقط إلى أكبر سوق في المنطقة وإحدى أبرز البورصات الصاعدة عالميًا. كل ذلك تحقق على يد قطاع خاص يقوده جيل شاب كان قد عانى من ثلاث سنوات من الركود والجمود، لكنه استطاع في فترة وجيزة أن يحقق هذا النمو خلال عامين أو ثلاثة أعوام.

أحمد رضوان: برأيك، هل يمكن أن يتكرر ذلك العصر الذهبي لسوق المال مرة أخرى؟

حازم بدران: في تقديري، هناك اليوم مقومات قوية تجعل تكرار العصر الذهبي ممكنًا، بل وتتيح الفرصة لأن يتحقق بصورة أفضل وأسرع مما كان في السابق.

ياسمين منير: من أين يجب أن تكون نقطة البداية؟ هل من القطاع الخاص، أم من الحكومة، أم من خلال المؤسسات المرتبطة بالأموال مثل صناديق التأمينات وما شابه، حتى نتمكن من خلق سوق نشطة؟

حازم بدران: البداية بالضرورة تكون عبر تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص مع الاستثمار الأجنبي المباشر.

ياسمين منير: تقصد من خلال طرح الشركات؟

حازم بدران: نعم، سواء عبر طرح الشركات أو من خلال إطلاق مشروعات جديدة. أنا لا أتحدث هنا عن البورصة فقط باعتبارها قناة تمويل، بل أقصد الاستثمار المباشر بالمعنى الأوسع: شركات جديدة تُطرح، ومشروعات صناعية أو خدمية تُبنى، واستثمارات حقيقية تدخل إلى السوق وتُترجم إلى مصانع قائمة وأنشطة تشغيلية.

أحمد رضوان: أي إن رواج الاستثمار بوجه عام هو المحرك الأساسي؟

حازم بدران: رواج الاستثمار، وبوتيرة سريعة، هو العامل الحاسم. وأظن أن هذا ما يحدث بالفعل الآن. قد لا أكون متابعًا تفصيليًّا لكل جوانب القطاع الصناعي، لكن مما أراه وأفهمه أن هناك بالفعل طفرة واضحة. المصانع التي كانت تستغرق ثلاث أو أربع سنوات حتى تُشيّد أصبحت تُنفّذ في وقت أقصر، والتراخيص التي كانت تُشكل عائقًا لسنوات بات من الممكن الحصول عليها في غضون أيام معدودة. بل إن المصانع المتوقفة عادت إلى التشغيل والإنتاج من جديد.

القطاع الزراعي أيضًا يظل عنصرًا محوريًّا، ليس فقط لأهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي، وإنما أيضًا لقدرته على توليد عوائد من التصدير. وبالتالي نحن أمام منظومة استثمارية بدأت بالفعل تبرهن على الاستقرار، خاصة إذا قارنّا وضعنا الحالي بما يشهده العالم من اضطرابات وتقلبات. لقد أثبتنا قدرتنا على تحقيق نمو كبير في البنية التحتية، وما نحتاج إليه الآن هو تعميق الثقة والطمأنينة، وإرسال رسائل واضحة بأننا منفتحون على الاستثمار بجميع أنواعه، وأن الدولة على أتم استعداد لإزالة أي عوائق تواجه المستثمرين، والعمل بوتيرة سريعة ومرنة.

لكن من المهم كذلك أن ندرك أن البداية لن تكون شاملة أو متدرجة فقط، بل ينبغي أن تتسم بوجود عمليات ضخمة تحدث تأثيرًا واسعًا في السوق. نحن بحاجة إلى صفقات كبرى تهز المشهد الاستثماري، على غرار ما حدث في رأس الحكمة مثلًا، أو عبر طرح شركات كبيرة، أو من خلال صفقات استثمار مباشر بحجم كبير، سواء عبر مشروعات جديدة بالكامل (Greenfield) أو عبر استحواذات على كيانات قائمة (Brownfield)، أو حتى من خلال عمليات طرح أولي في البورصة.

ياسمين منير: إذن أنت ترى أن الحجم الكبير هو العنصر الأكثر تأثيرًا في دفع السوق؟

الطرح الناجح للشركات يتطلب جرأة عالية ومستوى متقدمًا من التقنية والفنية في اتخاذ القرارات

حازم بدران: ما أتحدث عنه هو أن الطرح لا يكون مجرد عملية تجزئة لشركات صغيرة كل منها بقيمة 7 مليارات، وإنما أن نرى طرحًا ضخمًا لكيان واحد بقيمة تصل إلى 150 مليار جنيه. هذه النوعية من الصفقات هي التي تُحدِث الفارق وتُظهِر قوة السوق. فكل دولة تمتلك مؤسسات كبرى ستظل قائمة ومؤثرة. وأنا هنا أتحدث عن امتلاك الدولة لمشروعات وشركات تُقدَّر قيمتها بالتريليونات، وهي في حاجة إلى أن تُطرح في السوق بما يعكس حجمها الحقيقي. لكن الأمر لا يتوقف عند حدود الطرح فقط، بل يرتبط بالقدرة على جذب الاستثمارات.

التوقيت ونسب الملكية عوامل حاسمة لجذب المستثمرين

جذب الاستثمار يتم عبر توفير الثقة الحقيقية وإرساء الاستقرار. ومهمتي الأساسية هي أن أُري العالم والمستثمرين أن السوق المصرية قادرة على تحقيق أرباح ملموسة.

أحمد رضوان: هل يتطلب هذا الأمر جرأة أكبر أم أن الإشكالية تكمن في مسألة التقييم والإجراءات المرتبطة به؟

حازم بدران: بطبيعة الحال، هو يحتاج إلى قدر أكبر من الجرأة، كما يتطلب مستوى أعلى من الفنية والتقنية. على سبيل المثال، عندما أكون بصدد طرح بنك، فالأمر يستلزم أن تكون القرارات محصّنة. والمقصود بالتحصين هنا أن أي مسؤول في موقع قيادي، سواء في الحكومة أو في المؤسسات المالية، يجب أن يكون محميًّا من أي تبعات قد تنشأ نتيجة قرارات مشروعة اتخذها بحسن نية، حتى وإن ترتب عليها خلاف في الرأي أو جدل في التقدير. نحن لا نتحدث عن التحصين من الأخطاء الجسيمة أو الأعمال غير المشروعة، وإنما من المخاطر المرتبطة بالقرارات الطبيعية في إدارة الأصول.

تقييم البنوك عند الطرح يجب أن يعكس قيمتها الفعلية وأدائها التشغيلي

فمثلًا، إذا أردت أن أطرح بنكًا في السوق، فلن أقبل بتقييم يقل عن القيمة العادلة مقارنة ببنك آخر مطروح بالفعل. ولكن هل نحن نعي أن ليس كل البنوك تحمل نفس القيمة السوقية أو نفس القوة التشغيلية؟ قد يكون هناك بنك أفضل من آخر وبالتالي يستحق تقييمًا أعلى، كما قد يوجد بنك آخر أداؤه أضعف فيستحق تقييمًا أقل.

أحمد رضوان: والتوقيت أيضًا عامل حاسم.

حازم بدران: بالضبط. وإلى جانب ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار مسألة نسب الملكية. فعندما أطرح 15 أو 20% فقط من شركة ما، بينما تبقى الإدارة والسيطرة في يد طرف بعينه، فإن المستثمر –وأنا هنا أتكلم حتى من موقعي الشخصي– لن ينجذب لمثل هذا الطرح إلا إذا توافرت له إدارة واضحة المعالم، وقاعدة ملكية شفافة، ونظام حوكمة مُعلن.

ومن هنا، وانا منحاز لهذه النقطة، أرى أن البورصة المصرية لديها بالفعل القدرة على أن تكون أداة جذب قوية وسريعة للاستثمارات، لا سيما أن لدينا شركات كبرى ذات إمكانيات هائلة. وأظن أن هذا هو الاتجاه الذي يجري العمل عليه بالفعل في المرحلة الحالية.

أحمد رضوان: نأمل أن نرى تحركات عملية في هذا المسار.

رضوى إبراهيم: الاستثمار الرياضي أشرت إليه ضمن حديثك عن الخدمات التي يقدّمها المطورون العقاريون، وبخاصة الكيانات الكبرى منهم. لكن دعنا نتوقف عند هذه النقطة تحديدًا: هل يُنظر إليه فقط باعتباره خدمة تكميلية ضمن حزمة الخدمات التي يوفّرها المطور العقاري لعملائه؟ أم أنه يمثل دورًا جديدًا في حد ذاته؟ أم ربما يُعد فرصة للتوسع الاستثماري؟

حازم بدران: كما أوضحنا سابقًا بالنسبة للقطاعات المختلفة، سواء القطاع السياحي أو قطاع التعليم، فإن الاستثمار الرياضي أصبح اليوم جزءًا جوهريًّا وأساسيًّا من إيراداتنا وأرباحنا في بالم هيلز. بالنسبة لنا، إذ إننا نمتلك حاليًا 4 نوادٍ رياضية يشارك فيها نحو 7,000 عضو، مع إمكانية استيعاب عدد من الأعضاء يصل إلى ستة أضعاف العدد الحالي في هذه النوادي الأربعة.

العائد من هذه الاستثمارات متميز جدًّا، وقد بدأ بالفعل يثبت نفسه بعد فترة من بدء النشاط. وعندما بدأنا الاستثمار الرياضي، كان الهدف طويل الأجل، إذ يتطلب إنشاء النوادي الرياضية ومساحاتها الشاسعة والملاعب والمرافق المالية الكبيرة استثمارات ضخمة، لكن هذه الاستثمارات بعد مرور فترة تصبح مصدر دخل مستمر ومطّرد.

وعلى المدى الطويل، ومع مرور السنوات ودراسة المؤشرات الديموغرافية والاقتصادية، بما فيها التضخم والنمو، يظهر أن العائد على هذا الاستثمار مُرضٍ للغاية، مما يجعلنا نشعر بالارتياح والفخر بنتائج هذا الاستثمار.

رضوى إبراهيم: هل العوائد تختلف بين المطور الذي استثمر في القطاع الرياضي منذ البداية باعتباره استثمارًا مستقلًّا طويل الأجل، وبين المطور الذي قدمه كخدمة تكميلية ضمن مشروع عقاري؟

حازم بدران: أظن أن الأمر يعتمد بشكل كبير على حجم المطور وحجم المشروع أو التنمية العمرانية. فكلما كانت التنمية العمرانية شاملة وعلى قطع كبيرة، زاد عدد السكان المستفيدين من الخدمات، ما يمنح فرصة نجاح أكبر بكثير، وعائدًا أعلى بشكل ملحوظ على الاستثمارات التجارية المرتبطة، سواء كانت مطاعم أو مكاتب أو محلات تسوق أو نوادي رياضية. أما إذا كان المشروع صغيرًا والنادي جزء محدود منه، فلن تتوافر قاعدة أعضاء كافية.

أحمد رضوان: هل ترى أن غياب سوق تمويل عقاري ناضج وسهل الوصول إليه يُعد أحد العوامل التي دفعت المطورين العقاريين إلى التوسع في آليات البيع بالتقسيط؟

حازم بدران: نعم، لكن يجب التأكيد أن هذا ليس تقصيرًا من أي جهة، بل هو أمر طبيعي في ظل ارتفاع أسعار الفائدة. فالنسبة الحقيقية لاختراق التمويل العقاري ((penetration منخفضة، وهذا لم يكن مختلفًا حتى في دول مثل إنجلترا في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كانت الأسعار مرتفعة جدًّا وكان التمويل العقاري محدودًا للغاية.

كما أن آلية احتساب تكلفة التمويل تختلف، فلو افترضنا أنني أقرض عميلًا لفترة طويلة تمتد 10 أو 12 أو 14 سنة، بمعدل فائدة 24 أو 25%، فهذا لا يعني أن تكلفة الإقراض الفعلية ستظل ثابتة عند هذا المستوى طوال مدة القرض. بل يجب أن أتوقع التغيرات المستقبلية في أن أسعار الفائدة ستأخذ المسار الهبوطي خلال السنوات المقبلة، إذ من الطبيعي أن تتغير الفائدة سنويًّا وأن تتأثر بعوامل السوق المختلفة.

وهنا تكمن أهمية النظر إلى التمويل العقاري بطريقة شاملة، إذ لا يمكن الاكتفاء بمعدل الفائدة الحالي دون الأخذ في الاعتبار التضخم أو التغير في قيمة العقار، فالعائد الحقيقي (Real Interest) هو الذي يحدد جدوى الاستثمار. ومن هذا المنطلق، تكون الشركات في هذه المرحلة أكثر قدرة على القيام بالدور الذي يفترض أن يقوم به سوق التمويل العقاري.

أحمد رضوان: أو ربما حتى الضوابط نفسها.

حازم بدران: ما أحاول قوله هو أنني لا أتعامل ببساطة مع سعر الوحدة أو تكلفة الوحدة مضروبًا في 25% على مدار عشر سنوات، فهذا ليس الواقع. أولًا، لدينا أدوات تحوط، مثل نقاط التعادل وهامش الربحية، والذي قد يختلف من مطور لآخر؛ فكل مطور قادر على تقديم تسهيلات مختلفة وبيع بسعر مختلف وفقًا لهامش ربحه وقدرته على إدارة المخاطر.

وثانيًا، كما ذكرنا، المطور الذي يستطيع تقديم خدمات إضافية أو مواصفات محددة للمنتج، قادر على تسعيره بشكل إستراتيجي ضمن تصميم المشروع وخططه التسويقية، فالمنتج العقاري ليس مجرد سلعة، بل هو جزء من إستراتيجية متكاملة.

حازم بدران الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة بالم هيلز في حابي بودكاست

لذلك، أرى أن التمويل العقاري بدأ يظهر بصور مختلفة ومنتجات متنوعة، وأعتقد أننا سنشهد زيادة ملحوظة في حجم التمويل العقاري خلال الخمس إلى السبع سنوات القادمة، خصوصًا مع الشركات الناجحة في مجال الخدمات المالية والشركات التابعة للبنوك، إذ توفر قاعدة بيانات أفضل وفهمًا أعمق للعقار والمطورين. هذا يتيح لمن يمنح التسهيلات أن يحسب تكاليفه وأرباحه، وأن يتخذ تدابير تحوطية مناسبة، وأن يحصل على الضمانات المطلوبة، ما يمكنه من إدارة استثماراته بكفاءة ونجاح.

أحمد رضوان: هل تفكرون في الدخول مباشرة في التمويل العقاري؟ أن تأسسوا شركة لهذا الغرض؟

حازم بدران: الحقيقة نحن أكبر من يعمل في مجال التمويل العقاري. لدينا محفظة مستحقات متراكمة تصل قيمتها إلى 220 مليار جنيه، ما يعكس أن الجزء المتعلق بالتطوير العقاري لدينا يقابله جزء مالي وإداري ضخم يفوق حجم العديد من البنوك. ومن ثم، من يقوم بالتمويل العقاري في الوقت الراهن هم المطورون أنفسهم.

لدينا شركة تمويل عقاري لكنها في جوهرها تقدم منتجًا متكاملًا كجزء من منظومة خدماتنا

أما للإجابة عن سؤالك حول الشركة، فلدينا شركة تمويل عقاري، لكنها في جوهرها تقدم منتجًا متكاملًا كجزء من منظومة خدماتنا.

رضوى ابراهيم: في الفترة اللي شهدت المبادرات، هل ترى أنها فعلًا أحدثت حركة فعلية في نشاط التمويل العقاري، أم أن الطلب على العقار كان هو المحرك الأساسي لهذا النشاط؟

حازم بدران: أظن أن الأمر عبارة عن تفاعل متبادل؛ فالأمران يكمل كل منهما الآخر.

ياسمين منير: وما هي خطط بالم هيلز للفترة المقبلة، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي؟

حازم بدران: خططنا على المستوى المحلي ترتكز على الاستمرار في النمو بنفس الوتيرة التي حافظنا عليها سابقًا، مع التركيز على العمل كقطاع خاص متكامل جنبًا إلى جنب مع إستراتيجيات الدولة في التوسع. وهذا النهج سبق أن طبقناه في أواخر التسعينيات وأوائل الألفينات، حيث أصبح لدينا بالم هيلز في منطقة 6 أكتوبر، كما قمنا بتطوير مشروعاتنا في «بادية»، التي تجاوزت الآن 8 أعوام من العمل المتواصل. وقد طورنا في الساحل الشمالي نحو 1500 فدان، وفي التجمع وشرق القاهرة نحو 1100 فدان.

ياسمين منير: هل هناك رغبة في اقتناء أراضٍ جديدة؟

حازم بدران: نعم، نحن نستحوذ على أراضٍ جديدة بشكل مستمر، ولدينا محفظة أراضٍ كبيرة يتم استثمارها سنويًّا.

ياسمين منير: كم تبلغ المحفظة الحالية، وما هي المناطق المستهدفة للاستحواذ مستقبلًا؟

محفظة بالم هيلز الحالية تبلغ نحو 36 مليون متر مربع

حازم بدران: المحفظة الحالية تبلغ نحو 36 مليون متر مربع. نحن نطلق مشاريع جديدة بشكل منتظم؛ ففي الوقت الحالي لدينا أربعة مشاريع نشطة، أطلقناها جميعًا خلال آخر عامين في الساحل الشمالي، وقد تم بيع نسبة كبيرة جدًّا من هذه المشاريع، تتجاوز 80%. من بين هذه المشاريع، هناك مشروعان اكتمل تسويقهما بالكامل، ومشروع آخر كان قديمًا قمنا بتطوير جزء جديد فيه، بينما مشروع رابع تم بيع نحو 40 إلى 50% منه حتى الآن.

رضوى ابراهيم: هل تفكرون في التوسع بمنطقة البحر الأحمر؟

حازم بدران: نحن جاهزون للاستثمار في أي موقع داخل مصر، لكننا نتبع معايير محددة ونهجًا استراتيجيًّا دقيقًا. قاعدة عملائنا معتادة على مستوى محدد من الخدمات والتنفيذ، والاستثمارات المطلوبة تحتاج إلى تخطيط ورؤوس أموال كبيرة لضمان تحقيق العوائد المرجوة.

رضوى ابراهيم: ما الذي يجب أن يتوافر أولًا حتى يمكنكم البدء في الاستثمار هناك؟

حازم بدران: إذا توافرت فرصة لأرض متميزة من حيث الموقع والحجم، وتمكنا من تنفيذ جميع خدماتنا على أكمل وجه، فإننا بالطبع سنتجه للاستثمار هناك. دراسة السوق لدينا تُظهر أننا من بين أكبر الشركات في مصر التي تتوسع في مجالات متنوعة، ولدينا القدرة والآليات اللازمة للنمو والتوسع، ونحن بالفعل نعمل وفق هذا المنهج.

نعتزم البدء في إنشاءات فندق ريتز كارلتون بـ 250 غرفة و150 شقة فندقية في نوفمبر المقبل

إطلاق مشروعين فندقيين فاخرين في الساحل الشمالي

أما فيما يخص قطاعي التعليم والفندقة، فنحن نقوم باستثمارات ضخمة للغاية؛ فقد افتتحنا هذا العام فندقًا يضم 250 غرفة في الساحل الشمالي بمنطقة هاسياندا وايت، كما سنبدأ إنشاءات فندق ريتز كارلتون بالم هيلز بسعة 250 غرفة و150 شقة فندقية في نوفمبر المقبل، ونحقق مبيعات جيدة لكل من الأجانب والمصريين.

مشروع فندقي جديد بعلامة تجارية عالمية في 6 أكتوبر

بالإضافة إلى ذلك، نعمل على فندق آخر يحمل علامة تجارية معروفة يضم 250 غرفة في منطقة بالم هيلز 6 أكتوبر، وهي منطقة قريبة من المتحف والهرم وما شهداه من تطورات ورواج، وعلى مسافة قصيرة من الساحل الشمالي. كما نطلق مشروعين فندقيين آخرين في الساحل الشمالي، هما هاسياندا حنيش وهاسياندا ويست، مشروع هاسيندا حنيش سيكون Ultra أو Seven Star Luxury Hotel

تطوير 350 فدانًا في أبوظبي باستثمارات تصل إلى 3 مليارات درهم

وفي القاهرة الجديدة، نواصل تطوير مشروع بالم هيلز، كما أننا حصلنا على قطعة أرض متميزة في أبو ظبي مقابل منطقة السعديات، حيث سنطور نحو 350 فدانًا مطلة بالكامل على البحر. المشروع يشمل فيلات وشققا فندقية فاخرة، بالإضافة إلى فنادق عالمية تحت علامات تجارية، جميع الوحدات مطلة على البحر أو على اللاجون. خبرتنا المكتسبة خلال 25 عامًا في تطوير مشاريع اللاجونز والفنادق الفاخرة تمنحنا الثقة في أن يكون هذا المشروع الأبرز والأكثر فخامة، ويشكل واجهة مشرفة لأبو ظبي ولمطور مصر.

أحمد رضوان: ما حجم استثمارات هذا المشروع؟

حازم بدران: حجم الاستثمارات في مشروع أبوظبي قد يصل إلى ثلاثة مليارات درهم.

رضوى ابراهيم: أستاذ حازم، نود في هذا المحور، الذي يتماشى مع عنوان برنامجنا «الرحلة»، أن نستعرض المحطات الجوهرية والمؤثرة في مسارك المهني، خصوصًا الكواليس وراء انتقالك من إدارة بنوك الاستثمار إلى قيادة شركة عقارية كبرى. إذ يرتبط اسمك دومًا بمؤسسات مالية واستثمارية كبيرة، نود أن تسرد لنا كيف جرى تقييمك للخطط البديلة التي كنت تفكر فيها آنذاك، وكيف توصلت إلى إعادة النظر واختيار مسارك الحالي في القطاع العقاري؟ كما لا يمكننا إغفال أبرز المحطات المؤثرة في مسار رحلتك المهنية، حتى تلك التي قد تراها مهمة ولم أكن على دراية بها قبل مرحلة عملك في بنوك الاستثمار.

حازم بدران: في الحقيقة، كل المحطات كانت مؤثرة بلا استثناء، وأعتبر نفسي محظوظًا في كل مرحلة من مسيرتي. البداية كانت مع شركة استشارات مالية قضيت فيها نحو سنة أو سنتين، وكانت مهمتها إعداد الشركات للطروحات المالية. ثم قضيت نحو عشر سنوات في إي إف جي هيرمس، وأرى أن هذه الفترة لم تكن مجرد مرحلة مهنية، بل كانت مرحلة محورية، حيث إن فريق العمل الذي كنت أعمل معه هناك، سواء من الزملاء الذين كانوا في نفس الدفعة أو من الرؤساء في تلك الفترة، كان، كما أقول، يتميز بشبابه وحيويته، ما أتاح لنا جميعًا فرصة اكتساب خبرات واسعة لا يقدر عليها الكثيرون، خصوصًا أننا عملنا في بيئة جاءت بعد فترة ركود شديدة، ونجحنا في تحقيق إنجازات مهمة ليس فقط لأنفسنا أو للشركة، بل للسوق المالية المصرية ككل، وساهمنا في تعزيز مجال الاستثمار الأجنبي ومجالات الدمج والاستحواذ، بالإضافة إلى المشاركة في أهم الطروحات والاستثمارات في تلك الحقبة.

بعد أحداث 2011، انتقلت إلى سي أي كابيتال، وقضيت هناك 9 سنوات أخرى، وهذه الفترة أيضًا أعتبرها من أهم محطات مسيرتي وفخور بها، إذ كنت جزءًا من فريق صغير من أربع أو خمس أشخاص استلمنا شركة تمر بمرحلة صعبة، تعاني من نقص الإيرادات والخسائر، وتمكنا بجهودنا من تطويرها لتصبح أكبر مؤسسة مالية غير بنكية في مصر. وكل فرد من الفريق قام بدوره على أكمل وجه، مما ساهم بشكل كبير في النجاحات التي حققناها.

وبعدها، أخيرًا، انتقلت أنا وزميلي طارق طنطاوي إلى بالم هيلز، وكانت الفكرة، ردًا على سؤالك، أننا كنا نسعى لتوسيع نشاطنا في مجال الاستثمار، وقمنا بالجلوس مع ياسين منصور في ذلك الوقت، فقال: «حسنًا، تعالوا نحقق كل هذه الأفكار». وهذا يعكس جزءًا من وجهة نظري، فنحن في بالم هيلز ننمو بشكل ملحوظ ونتطور باستمرار، وأنا حريص على أن نغوص أيضًا في استثمارات ومجالات أخرى تكمل أعمالنا، بحيث تصبح بالم هيلز للتعمير، كما قلنا، ليست مجرد مطور عقاري، بل شركة شاملة تعمل في مجالات متعددة.

وبالإضافة إلى ذلك، كون الشركة مدرجة في البورصة وذات قاعدة مساهمين واسعة، يمنح فرصة للمستثمرين للمشاركة في هذه المجالات المختلفة. وأنا فخور جدًّا بالفترة الأخيرة التي امتدت لخمس سنوات، حيث أتيحت لي فرصة العمل في قطاعات متنوعة، إذ إن حتى القطاع العقاري داخل بالم هيلز مقسم إلى قطاعات مختلفة، وكل إدارة أو قسم يُعد في حجمها منافسًا لكثير من الشركات بمفردها. لهذا أعتبر نفسي محظوظًا جدًّا، والحمد لله.

أحمد رضوان: نشكر حضرتك جدًّا على حضورك معنا اليوم، ونتمنى أن يكون الحوار قد جاء خفيفًا وثريًّا وطرح جميع التساؤلات.

رضوى ابراهيم: نحن سعداء جدًّا بهذا اللقاء، وشكرًا جزيلًا على تواجدك معنا، هذه خطوة عزيزة علينا.

حازم بدران: شكرًا جزيلًا لكم.

أحمد رضوان: إلى لقاء جديد من حابي بودكاست.

الرابط المختصر