رئيس الرقابة المالية: منتجات تأمين جديدة في الطريق.. ودراسة الإلزام ببعض المجالات المهنية
د. فريد: الملاءة المالية وتأهيل الشركات تكنولوجيا.. جهود سبقت إطلاق حملة التوعية
ياسمين منير ورضوى إبراهيم _ اقتنصت جريدة حابي حوارًا مركزًا عبر الهاتف مع الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية عقب حزمة القرارات التنظيمية التي اصدرتها الهيئة منتصف الاسبوع الماضي لتطوير نشاط التأمين وإتاحة خدماته إلكترونيًّا، بالتزامن مع إطلاق الحملة القومية الموسعة للتوعية بأهمية المنتجات التأمينية.
كشف الدكتور محمد فريد عن دراسة عدد من المنتجات التأمينية الجديدة التي سيحمل بعضها الصبغة الإلزامية، وملامح القرارات التنظيمية المرتقبة لاستكمال تفعيل بنود قانون التأمين الموحد، وكذلك خطط زيادة عدد الكوادر المتخصصة في الأنشطة الاكتوارية، وتأهيل العاملين بالصفوف الثانية والثالثة بالشركات لتولي المناصب القيادية بالمستقبل.

في البداية، قال الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية، إن الحملة القومية للتوعية بأنشطة التأمين سبقها جهودًا تتعلق بجاهزية الشركات على صعيد الملاءة المالية وضمان توافر الحد الأدنى من رؤوس الأموال، وكذلك تأهيل الشركات تكنولوجيًّا كخطوة أولى، لاستيعاب مختلف الإجراءات اللاحقة.
الفلسفة الرئيسية إدراك أكبر قدر من المجتمع أهمية التأمين في تخفيف وطأة مخاطر الحياة
وأضاف أن الفلسفة الرئيسية للحملة تستهدف أن يكون أكبر قدر من المجتمع على دراية بوجود منتجات تأمينية من شأنها التخفيف من وطأة مخاطر الحياة حال حدوثها، مثل المخاطر الصحية التي يمكن مواجهتها عبر التأمين الطبي، وكذلك التأمين على خطوط الإنتاج في المنشآت الصغيرة بما يساعد على تقليل أثر الخسائر المرتبطة بالحوادث المحتملة، وغيرها من المنتجات التأمينية التي يمكن استخدامها لتخطي مشاكل الحياة الشخصية والمهنية.
إتاحة الوثائق إلكترونيًّا وتنظيم الوساطة الرقمية.. عناصر أساسية لجذب العملاء وتشجيع الابتكار
وأكد د. فريد أنه في سبيل تحقيق هذا الهدف، كان من الضروري السماح لشركات التأمين بإتاحة وثائقها إلكترونيًّا، وهو ما تطلب بدوره توافر عنصرين أساسيين، الأول يتعلق بجاهزية الشركات على المستوى التكنولوجي، والثاني يرتبط بآليات التعرف على العميل إلكترونيًّا وكذلك العقود الرقمية، بما يتيح للشركات إمكانية جذب أكبر عدد من العملاء للمنتجات التأمينية المتاحة، وكذلك ابتكار منتجات تأمينية جديدة تفيد المجتمع.
الحملة تمتد لعام ونصف إلى عامين لإحداث التأثير المرجو.. وبدأت بالإعلانات لجذب الانتباه
وقال: “الهدف الرئيسي هو توفير ما يسمى في علوم الترويج بالطلب الأساسي – primary demand –، وهذه الحملة ليست إعلانية فقط، ولكنها حملة توعوية ستستمر لنحو عام ونصف إلى عامين، بدأت بالإعلانات لجذب الانتباه، ومن المقرر أن يتبع ذلك مقالات رأي وتقارير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واجتماعات مباشرة مع الشركات والعاملين، وأمور تفصيلية كثيرة حتى يكون لها القدرة على التأثير في الوعي الذي لن يتغير بين ليلة وضحاها”.
يجري العمل على توفير منتجات لتغطية الأخطار المرتبطة بالمسؤولية المهنية في مجالات مختلفة
وكشف رئيس الهيئة عن أن المنتجات التأمينية ستمتد لتغطية مخاطر المسؤولية المهنية، مثل المتعلقة بمهام المحاسب القانوني والمقيمين سواء المالي أو العقاري، وكذلك أعضاء مجالس الإدارة، موضحًا أنه يجري العمل خلال المرحلة الراهنة مع قطاع التأمين لتوفير منتجات قادرة على تغطية بعض من الأخطار المرتبطة بالمسؤولية المهنية في مجالات عمل مختلفة.
نتحدث عن أمر كبير من المتوقع أن يكون له متطلبات كثيرة تتعلق بكل المهنيين
وأضاف د. فريد: “نحن نتحدث عن أمر كبير من المتوقع أن يكون له متطلبات كثيرة تتعلق بكل المهنيين”.
بحث الإلزام بتأمين مخاطر المسؤولية المهنية لبعض التخصصات.. والبداية بالأنشطة التابعة للهيئة
وأوضح أنه تجري دراسة مدى إمكانية الالزام بالتغطية التأمينية لمخاطر المسؤولية المهنية، وكذلك أنواع المهن التي سيتم إخضاعها لهذا الإلزام وتلك التي سيتم تركه اختياريًّا، لافتًا إلى أن البداية ستكون بالأنشطة التابعة لإشراف هيئة الرقابة المالية، كنقطة انطلاق يتبعها دراسة مدى إمكانية تطبيق نفس الإلزام على مستوى مهن وقطاعات أخرى.
النظر في التأمين الإلزامي ببعض القطاعات مع أجهزة الدولة على غرار صندوق مخاطر الأخطاء الطبية
وأضاف أنه يتم النظر في التأمين الإلزامي ببعض القطاعات مع أجهزة الدولة نظرًا لما يترتب عليه من إلزام شامل للمجتمع، على غرار الصندوق الذي تم إنشاؤه لتأمين الأضرار الناتجة عن الأخطاء الطبية، والذي يشمل مختلف الأطباء على مستوى الجمهورية وليس كيانات أو جهات بعينها.
استحداث وثيقة تأمين نموذجية تتعلق بسند الملكية تغطي مخاطر صعوبة تسجيل العقارات
كما كشف رئيس هيئة الرقابة المالية عن اقتراب استحداث وثيقة تأمين نموذجية تتعلق بسند الملكية، والتي يستهدف تجاوز المخاطر المتعلقة بمشاكل تسجيل العقارات، متوقعًا الانتهاء من إطلاق هذه الوثيقة في غضون شهرين، حيث تطلبت دراسة مستفيضة استغرقت فترة زمنية طويلة نسبيًّا في ظل الطبيعة الخاصة لهذه الوثيقة والتي تتسم بقدر من الصعوبة.
دراسة وثيقة للتأمين على مراحل إصدار شهادات الكربون.. ويجري بحث التجارب الدولية
وأضاف د. فريد أن هيئة الرقابة المالية تعمل حاليًا على دراسة إمكانية التأمين على مراحل اصدار شهادات الكربون، بما يتيح لشركات التأمين دراسة المشروعات المستهدف إصدار شهادات كربون عنها، للتأكد من أن الشهادات ستصدر وفقًا للقواعد الصادرة عن الهيئة، وبالتالي يمكنها إصدار وثائق تأمين على هذه الشهادات، إلا أن هذا الأمر ما زال في مراحل مبكرة للتعرف على التجارب الدولية في هذا الشأن.
وذكر أن إتاحة إمكانية الترويج الإلكتروني لمنتجات التأمين الادخاري وتأمينات الحياة عبر المنصات والمواقع الإلكترونية التابعة، يمثل نقلة نوعية ستساعد الشركات على الوصول لأكبر عدد من العملاء، مشيرًا الى أن الضوابط المعلنة منتصف الأسبوع الماضي والمتعلقة بإصدار وتوزيع وثائق التأمين رقميًّا وكذلك ضوابط مباشرة نشاط الوساطة في التأمين رقميًّا، من شأنها دفع القطاع نحو أفاق جديدة، في سبيل بلوغ مستوي الوعي الذي تتمتع به الأسواق المتقدمة والتي تشهد الاعتماد على التأمين في مختلف مجالات الحياة.
وأكد أن الطبيعة الخاصة لنشاط التأمين، تحول دون إمكانية السماح لمنصات الاستثمار الرقمية بمزاولة هذا النشاط سوى عبر وسيط تأميني متخصص، والذي يكون خاضعًا لإشراف مباشر لهيئة الرقابة المالية، حتى وإن اعتمد بعد ذلك على منصات غير متخصصة.
حجم التعويضات المسددة من شركات التأمين يدحض ما يشاع عن عدم الوفاء بالتعاقدات
وحول آليات تدعيم الثقة بين العملاء والشركات بشأن تحصيل التعويضات، أكد رئيس هيئة الرقابة المالية أن حجم التعويضات الكبير الذي سددته شركات التأمين سواء على المستوى السنوي أو النصف سنوي، يدحض ما يشاع عن عزوف الشركات عن منح التعويضات، لافتًا إلى أن بعض العملاء قد ترى أنها لم تحصل على حقها من وجهة نظرها نتيجة لعدم الدراية الكافية بحدود التغطية، وكذلك قد يكون هناك حالات استثنائية يحدث فيها بعض الأخطاء ولكن الوضع العام لا يشير إلى ما يؤثر على الثقة بين العملاء والشركات.
تنظيم آلية الشكاوى وإحكامها بفترات زمنية للتصعيد مع توعية العملاء بأهمية التحقق من بنود الوثائق
وأكد د. فريد أن حملة التوعية تركز أيضًا على ضرورة اهتمام العملاء ببنود الوثائق للتعرف على حقوقهم والتزاماتهم التفصيلية دون أي التباس في حدود التغطية التأمينية، كما أصدرت الهيئة قرارًا مؤخرًا لتنظيم آلية الشكاوى والتعامل معها وكيفية التصعيد للرقيب، والزم القرار بوجود إدارة أو مسؤول مختص وفقًا لحجم الكيان، وإعداد تقارير دورية ترفع لمجلس الإدارة وترسل للهيئة فيما يتعلق بعدد الشكاوى الواردة وسرعة حلها، وكذلك مدى رضاء العملاء في التعامل معها.
وقال: “تم الاستباق بوضع هذا القرار لتوفير طريقة نظامية لتعامل شركات التأمين مع شكاوى العملاء، وإحكامها بفترات زمنية محددة يعقبها التصعيد لهيئة الرقابة المالية في حال عدم رضاء العميل عن النتائج، كما سيكون على شركات التأمين دورًا في إبراز عمليات النجاح في تعويض العملاء عن المخاطر المؤمن عليها”.
قرار مرتقب لتنظيم الحوكمة بالشركات وتحديد اللجان وضوابط تشكيل مجالس الإدارة
وكشف رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية عن اقتراب إصدار القرار المنظم لحوكمة شركات التأمين بالكامل، والذي يتضمن اللجان الواجب توافرها وضوابط تشكيل مجلس الإدارة وغيرها من الأمور التفصيلية، وكذلك قرار يتضمن تحديث ضوابط اختيار وتسجيل شركات إعادة التأمين التي تتعامل معها شركات التأمين المصرية، متوقعًا إعلان القرارين في غضون الأيام القليلة المقبلة.
ضوابط محدثة لاختيار وتسجيل شركات إعادة التأمين.. ويجري الانتهاء من معايير ترخيص الاكتواريين
وأضاف أنه يجري الانتهاء من إعداد معايير الترخيص للخبراء الاكتواريين والتي من المقرر إصدارها خلال الفترة المقبلة، مع الإشارة إلى الاتفاق الذي تم برعاية ودفع من هيئة الرقابة المالية بين كل من اتحاد شركات التأمين وصندوق حماية حملة الوثائق مع الجامعة الأمريكية، لاستحداث دبلومة مهنية في العلوم الاكتوارية وكذلك كورسات تحضيرية لاختبارات الاكتواريين في أمريكا، لافتًا إلى بدء تفعيلها العام الماضي، ومن المقرر استقبال ثاني الدفعات خلال المرحلة الجارية.
وقال: “هذه المنحة للدراسة في الجامعة الأمريكية والحصول على الدبلومة لا تختص فقط بخريجي العلوم الاكتوارية أو التأمين، بل متاحة أيضًا لخريجي كلية العلوم قسم الفيزياء ورياضيات وكذلك كلية سياسة واقتصاد قسم الإحصاء، لكونهم يتمتعون بالصفات المستهدفة بجانب المتخصصين في العلوم الاكتوارية، ويجري إعداد منصة متخصصة لإدارة هذه المنحة، حتى يكون التقدم لها عبر طريقة نظامية بحتة”.
وأكد د.فريد أن هذه المنحة تستهدف في الأساس زيادة عدد الخبراء الاكتواريين، إلا أن ذلك لن يثمر عن نتائج سرعة، حيث يتطلب ما بين عامين إلى ثلاثة حتى تظهر النتائج في زيادة عدد المتخصصين الاكتواريين، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن الاتحاد المصري للتأمين أخذ المبادرة للتعاون مع كلية التجارة لدعم الطلبة المتخصصين قبل مرحلة التخرج.
وأشار إلى اهتمام الرقابة المالية بتأهيل كوادر الصف الثاني والثالث بشركات التأمين، لافتًا إلى القرار المتعلق بإلزام الشركات بوضع خطة للتعاقب الوظيفي في الوظائف الرئيسية التي نصت عليها قرارات الهيئة، كما تم الاتفاق مع Bayes Business School في إنجلترا، وكذلك London Business School ومعهد التأمين البريطاني، بهدف توفير برامج تدريبية متخصصة لهذه الكوادر لتأهيلها لقيادة الشركات في المستقبل
وحول مدى الإقبال على التقدم للحصول على تراخيص جديدة لتأسيس شركات تأمين وكذلك عروض استحواذ على كيانات قائمة، قال رئيس، إن هناك إقبالًا بالفعل لدخول لاعبين جدد بنشاط التأمين بمجالاته المختلفة، مستشهدًا بعروض الاستحواذ التي شهدها سوق المال خلال الفترة الأخيرة على إحدى الشركات المتداولة -الدلتا للتأمين-.
كما أشار إلى تلقي الهيئة عدد من الطلبات التي ما زالت تخضع للدراسة، رافضًا الكشف عن ملامح أي منها لحين انتهاء دراسة الطلبات وصدور الموافقات، خاصة في ظل الطبيعة الخاصة لنشاط التأمين والتي تحتم التركيز على الكيف وليس الكم لقبول كيانات جديدة بهذا المجال، ضاربًا مثالًا بشركات التأمين الطبي وخدمات الإدارة التي خضعت مؤخرًا لقواعد تنظيمية جديدة تطلبت عمليات توفيق أوضاع وكذلك متابعة الأداء قبل قبول طلبات دخول لاعبين جدد بهذا المجال.