محمود محيي الدين: التكامل العربي مفتاح تجاوز تحديات قطاع الحديد والصلب وتعزيز قدرته التنافسية عالميا
مبعوث الأمم المتحدة: القطاع بحاجة إلى مواكبة الثورة التكنولوجية والتحول الأخضر لمواجهة آلية الكربون الأوروبية
حابي_ أكد الدكتور محمود محيي الدين ، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، والمكلف برئاسة فريق الخبراء رفيعي المستوى لتقديم حلول لأزمة الدين العالمية، أن قطاع الحديد والصلب العربي يمر بلحظة تحول عميقة، ويواجه مزيجًا من التحديات التي تستلزم تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي.
جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة الرئيسية للقمة العربية الثامنة عشرة للحديد والصلب، التي ينظمها الاتحاد العربي للحديد والصلب في العاصمة العُمانية مسقط، تحت رعاية قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بسلطنة عمان، وبمشاركة نخبة من صناع القرار والخبراء والقيادات الصناعية من مختلف الدول العربية.

وقال محيي الدين إن قطاع الحديد والصلب، الذي يُعد العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والنمو الصناعي، يواجه تحديات اقتصادية وجيوسياسية متزايدة، تتسم بتفتت الأسواق العالمية وتراجع حرية التجارة لصالح سياسات وطنية أكثر انغلاقًا وتشددًا، وهو ما يقيّد قدرة الدول النامية على النفاذ إلى الأسواق العالمية.
وأضاف أن الثورة الرقمية والتحول الأخضر فرضا بدورهما تحديات إضافية على القطاع، مشيرًا إلى أن العالم يشهد إعادة صياغة لطرق الإنتاج عبر المصانع الذكية وتقنيات التعدين المتقدمة، إلى جانب الضغوط العالمية المتزايدة للتحول نحو الحياد الكربوني، والتي انعكست في قرارات تكتلات اقتصادية كبرى مثل الاتحاد الأوروبي، الذي سيبدأ تطبيق آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) مطلع عام 2026، رغم تعارضها مع قواعد منظمة التجارة العالمية والاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ.
وأوضح محيي الدين أن تقريرًا حديثًا لصندوق النقد الدولي كشف أن تلك الآلية ستفرض أعباء إنتاج ضخمة على صادرات الحديد والصلب في الدول العربية، تعادل رسومًا تصل إلى 27% على صادرات مصر، و25% في تونس، و59% في ليبيا، و95% في الجزائر، مؤكدًا أن هذه الإجراءات رغم تأثيرها السلبي على التنافسية، إلا أنها قد تمثل فرصة لتعزيز الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة وتنويع الشركاء التجاريين.
وأشار إلى توصيات التقرير للدول المصدرة للاتحاد الأوروبي بضرورة وضع استراتيجية وطنية لتسعير الكربون وتعزيز أنظمة الرصد والإبلاغ والتحقق من الانبعاثات، لضمان استمرار النفاذ إلى الأسواق الأوروبية، إلى جانب التنسيق الإقليمي العربي أو الأفريقي لتبني موقف موحد تجاه الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بعدالة آلية تعديل حدود الكربون.
ودعا محيي الدين الاتحاد العربي للحديد والصلب إلى العمل على تعزيز التكامل العربي من خلال إنشاء سوق عربية موحدة للصلب، لتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية، وتوحيد المعايير واللوائح الفنية لتسهيل التجارة البينية، وإنشاء نظام إنذار مبكر للنزاعات التجارية وممارسات الإغراق، إضافة إلى تطوير إنتاج منخفض الانبعاثات وإقامة مشروعات مشتركة في الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة.
كما شدد على أهمية الاستثمار المشترك في البحث والتطوير لتكنولوجيا الصلب الأخضر والرقمنة وكفاءة الطاقة، وإنشاء مراكز إقليمية للتميز لتدريب الكفاءات ونقل المعرفة، فضلًا عن تشجيع الشراكات بين شركات الصلب العربية لتعزيز وفورات الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية عالميًا.
وأكد محيي الدين ضرورة تأمين المواد الخام والطاقة عبر تنسيق استراتيجيات إقليمية للوصول المستدام إلى خام الحديد ومصادر الطاقة، وإطلاق مبادرات عربية مشتركة، إلى جانب توحيد الموقف العربي في المفاوضات التجارية العالمية الخاصة بالصلب، وتعزيز الشراكات مع اتحادات الصلب الإقليمية والدولية.
وفي ختام كلمته، شدد على أهمية تسريع الاستدامة والمواءمة المناخية من خلال وضع خارطة طريق إقليمية للصلب الأخضر تتماشى مع الاتجاهات العالمية لخفض الكربون، واستثمار إمكانات المنطقة العربية في الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، وإنشاء منصات تمويل بالتعاون مع البنوك التنموية والصناديق السيادية لدعم التحول نحو الإنتاج المستدام.