رئيس القطاع المالي بـ CIB: الذكاء الاصطناعي أعاد تعريف التحليل المالي وصناعة القرار في البنوك
محمد أحمد_ أكد إسلام ذكري، الرئيس التنفيذي للقطاع المالي والاستراتيجي بالبنك التجاري الدولي (CIB)، أن الذكاء الاصطناعي يمثل اليوم التحول الأبرز في الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أنه لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح عنصرًا رئيسيًا لإعادة صياغة مفهوم الإنتاج والكفاءة وصناعة القرار المالي والنقدي على مستوى المؤسسات والدول.
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي الذي تنظمه جامعة القاهرة، حيث أشار إلى أن البنوك المصرية كانت سبّاقة في الاستثمار في بنية تحتية معلوماتية متطورة خلال السنوات الماضية، ما مكّنها من الانتقال نحو نموذج عمل يعتمد على البيانات والتحليل التنبؤي.

وأضاف ذكري أن البنك التجاري الدولي بدأ هذا التحول مبكرًا منذ عام 2014 بإنشاء أول مركز متخصص في علوم البيانات بالقطاع المصرفي المصري، ما جعله من أوائل المؤسسات التي دمجت تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملياتها التشغيلية والتحليلية.
وأوضح أن هذه المبادرة لم تكن مجرد ترف تقني، بل رؤية استراتيجية لبناء ميزة تنافسية قائمة على تحليل البيانات العميق والتعلم الآلي، مشيرًا إلى أن البنك استثمر في تطوير خوارزميات تساعد في التنبؤ بالمخاطر، وتحسين نماذج التسعير، وتحديد الاتجاهات السوقية بدقة، ما أسهم في رفع كفاءة رأس المال وتقليل الأخطاء البشرية في اتخاذ القرار المالي.
وأكد ذكري أن الذكاء الاصطناعي غيّر جذريًا طريقة البنوك في تحليل المخاطر والتعامل مع الأسواق، حيث انتقل القطاع المصرفي من الاعتماد على النماذج الخطية الثابتة إلى النماذج الديناميكية التي تدمج البيانات الكمية والنوعية في الوقت الحقيقي.
وأضاف أن البنك التجاري الدولي يستخدم اليوم نماذج تحليلية متقدمة تجمع بين البيانات الرقمية المنظمة مثل معدلات الفائدة وأسعار الصرف، والبيانات غير المنظمة مثل الأخبار وتحليلات المستهلكين وتوجهات الرأي العام، ما مكّن البنك من قراءة السوق بدقة واتخاذ قرارات فورية مبنية على البيانات اللحظية.
ونبه إلى أن الذكاء الاصطناعي ساهم في تحسين التفاعل مع الأسواق والقدرة على الاستجابة السريعة للمتغيرات الاقتصادية العالمية، حيث أصبح الفارق الزمني بين استقبال البيانات وتحويلها إلى قرارات مالية أقصر من أي وقت مضى، ما انعكس على كفاءة إدارة السيولة، وتوقعات المخاطر، والتسعير الديناميكي للفائدة والعملات.
كما أشار ذكري إلى أن التطور في البنية التحتية المعلوماتية والهندسية كان عنصرًا حاسمًا في تمكين المؤسسات المالية من تطبيق هذا التحول، مؤكّدًا أن الجيل الجديد من نماذج الذكاء الاصطناعي (Generative AI) يتيح تحليل بيانات ضخمة ومعقدة، مما يجعل اتخاذ القرار المالي أكثر دقة ومرونة.
كما أشار إلى أن البنوك المركزية العالمية، مثل البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تستخدم نماذج ذكاء اصطناعي لتحليل أثر قرارات أسعار الفائدة وتطوير آليات إيصال القرار النقدي للسوق، مؤكدًا أن هذه التجربة بدأت تنتقل تدريجيًا إلى السوق المصري.
ولفت ذكري أن الذكاء الاصطناعي لم يعد أداة للتنبؤ فحسب، بل أصبح أداة للتواصل تساعد صانع القرار على صياغة الرسائل النقدية بدقة وتقليل التحيزات السلوكية في استقبالها من قبل السوق”.
وشدد علي أن الذكاء الاصطناعي يسهم في تقصير الدورة الاقتصادية، حيث أصبحت سرعة التفاعل بين الأحداث الاقتصادية والقرارات النقدية أعلى بكثير من السابق، في ظل توجه العالم نحو اقتصاد لحظي يعتمد على التحليل المستمر والتعلم الذاتي للأنظمة الذكية.