د.محمد فريد: نماذج إدارة الأزمات التقليدية التي طُبّقت في الماضي لم تعد كافية
يجب تطوير إطار دولي أكثر شمولًا ومرونة يعزز القدرة على التنبؤ بالمخاطر والتعامل معها بصورة استباقية
رنا ممدوح _ قال الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ونائب رئيس مجلس إدارة المنظمة الدولية لهيئات الرقابة على أسواق المال (IOSCO)، إن نماذج إدارة الأزمات التقليدية التي طُبّقت في الماضي لم تعد كافية في ظل التحولات الهيكلية العميقة التي شهدتها الأسواق، وظهور أدوات مالية وتقنيات تمويل واستثمار مبتكرة غيّرت من طبيعة المخاطر، وسرّعت من وتيرة انتقالها عبر القطاعات والحدود الجغرافية.
وشدد د.فريد، خلال مشاركته في اجتماعات منظمة (IOSCO)، مع أندرو بيلي، رئيس مجلس الاستقرار المالي (FSB) ومحافظ بنك إنجلترا، التي انعقدت بالعاصمة الإسبانية مدريد على أهمية تطوير إطار دولي أكثر شمولًا ومرونة يستوعب التغيرات المتسارعة في أسواق المال، ويعزز القدرة على التنبؤ بالمخاطر والتعامل معها بصورة استباقية تضمن استقرار النظام المالي العالمي واستدامته.

وتناول الاجتماع أبرز الإصلاحات التي شهدتها الأسواق، وكذلك أوجه التعاون والتنسيق بين منظمة (IOSCO) ومجلس الاستقرار المالي، بما يسهم في دعم استقرار النظام المالي العالمي وتعزيز قدرته على الصمود في مواجهة التقلبات والتحديات التي تشهدها الأسواق الدولية في ظل التطورات المتسارعة في أدوات التمويل وأنماط التداول ونماذج الاستثمار.
التطورات المتلاحقة أفرزت واقعًا يستدعي إعادة النظر في النموذج العالمي للتعامل مع الأزمات وإدارة المخاطر
وقال الدكتور محمد فريد، خلال الاجتماع، إن التطورات المتلاحقة التي شهدتها الأسواق المالية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، وما أعقبها من أزمات وتحديات اقتصادية عالمية، أفرزت واقعًا جديدًا يستدعي إعادة النظر في النموذج العالمي للتعامل مع الأزمات المالية وإدارة المخاطر النظامية.
وأوضح رئيس الهيئة أن الحفاظ على الاستقرار المالي يمثل ركيزة أساسية لضمان استدامة النمو الاقتصادي، وأن تحقيق هذا الهدف يتطلب تطوير أطر تنظيمية ورقابية تتسم بالمرونة والكفاءة، تستوعب الابتكارات المالية الجديدة دون الإخلال بسلامة النظام المالي أو حماية المتعاملين.
وبيّن أن التعاون بين المنظمات الدولية المعنية بالرقابة والإشراف المالي، وفي مقدمتها (IOSCO) ومجلس الاستقرار المالي، يمثل عنصرًا محوريًا في بناء نظام مالي عالمي قادر على الصمود في مواجهة الأزمات وتعزيز الثقة في الأسواق.
كما أكد الدكتور محمد فريد على أهمية تعزيز التعاون الدولي والتنسيق بين الهيئات الرقابية والمؤسسات المالية العالمية في تطوير السياسات التنظيمية والرقابية، بما يسهم في دعم استقرار الأسواق والحد من المخاطر النظامية العابرة للحدود.
التحديات الراهنة التي تواجه الأنظمة المالية تتطلب استجابة جماعية تقوم على تبادل الخبرات
وأوضح أن التحديات الراهنة التي تواجه الأنظمة المالية تتطلب استجابة جماعية تقوم على تبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين الدول، وتعزيز مواءمة الأطر التنظيمية لتكون أكثر انسجامًا وقدرة على التعامل مع التغيرات المتسارعة في الأسواق المالية.
وأشار إلى أن تحقيق الاستقرار المالي لم يعد مسؤولية محلية فحسب، بل هو هدف عالمي مشترك يستدعي تنسيق السياسات وتكامل الأدوار بين الجهات الرقابية على المستويين الإقليمي والدولي، لضمان استدامة النمو الاقتصادي وحماية سلامة النظام المالي العالمي واستقراره.
كما سلّط الضوء على أن التعاون الدولي في مجال تطوير القواعد والمعايير التنظيمية يمثل ركيزة أساسية لتقوية البنية المؤسسية للأسواق، وتعزيز قدرتها على مواجهة الصدمات والأزمات المحتملة بكفاءة ومرونة.
واختُتم الاجتماع بالتأكيد على أهمية استمرار التنسيق بين منظمة (IOSCO) ومجلس الاستقرار المالي، والعمل المشترك على تطوير سياسات من شأنها تعزيز مرونة الأنظمة المالية عالميًا، وضمان قدرتها على استيعاب التطورات المستقبلية في الأسواق المالية، بما يحقق التوازن بين الابتكار المالي والاستقرار المستدام.














