رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات: الأزمات المالية اختبار حقيقي لقدرة الدول على إدارة مواردها بكفاءة وشفافية
انعقاد جلسة للأجهزة العليا للرقابة لبحث دورها في مراجعة البنوك المركزية والأنشطة الحكومية خلال الأزمات المالية والاقتصادية
حابي_ عقدت المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة جلسة بعنوان “دورها في مراجعة البنوك المركزية والأنشطة الحكومية خلال الأزمات المالية والاقتصادية”، ضمن فعاليات المؤتمر الخامس والعشرين لمنظمة (الإنتوساي)، المنعقد بمدينة شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمشاركة رؤساء الأجهزة العليا للرقابة والخبراء الدوليين وممثلي المنظمات الإقليمية.
شارك في الجلسة ستيفن سانفورد، المدير العام بمكتب المساءلة الحكومي الأمريكي، ولاما بنت عبد العزيز الحمادي، النائب التنفيذي للمراجعة المالية والالتزام بالديوان العام للمحاسبة السعودي، وميهاليز كوزلوفز، عضو محكمة المحاسبين الأوروبية، والمحاسب علي عبد العال، رئيس قطاع بالجهاز المركزي للمحاسبات.

وقال المستشار محمد الفيصل يوسف، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس الإنتوساي، في كلمته، إن الأزمات المالية والاقتصادية تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدول على إدارة مواردها العامة بكفاءة وشفافية، مؤكدًا أن الأجهزة العليا للرقابة أصبحت مطالبة اليوم بأدوار تتجاوز مراجعة الإجراءات المالية إلى تقييم فعالية التدخلات الحكومية ومدى إسهامها في تحقيق النمو والاستقرار وحماية الفئات الأكثر احتياجًا.
وأشار إلى أن السؤال الجوهري الذي ينبغي أن تطرحه الأجهزة العليا للرقابة هو ما إذا كانت الإعانات والأموال الحكومية التي تُنفق خلال الأزمات قد وُجهت بالفعل في مساراتها الصحيحة، أم تسرب جزء منها إلى غير المستحقين، ومدى تحقيق هذه التدخلات للنتائج المرجوة في تعزيز النمو والاستقرار.
وأكد أن الرقابة الحديثة لم تعد تقتصر على فحص الأرقام والبيانات، بل امتدت إلى تقييم الأثر باستخدام أدوات التحليل الاقتصادي الكلي والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، لتقديم صورة دقيقة لصانع القرار تساعده على وضع سياسات مالية ونقدية أكثر كفاءة.
وأوضح أن التجربة المصرية تمثل نموذجًا متقدمًا في هذا المجال، حيث يتولى الجهاز المركزي للمحاسبات مراجعة البنك المركزي المصري والأنشطة الحكومية ذات الصلة بالأزمات الاقتصادية، في إطار من التوازن بين احترام استقلالية البنك المركزي وممارسة الرقابة الموضوعية على إدارة الموارد العامة، بما يضمن حماية المال العام دون المساس باستقلال القرار النقدي.
من جانبه، استعرض محمد عبد الغني، نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أوجه التكامل بين السياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي والسياسة المالية التي تتولاها الحكومة في أوقات الأزمات، مشيرًا إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التي أرست هذا التكامل من خلال المادة (48) من قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020، التي نصت على إنشاء مجلس تنسيقي بين الجانبين لتحقيق الانسجام في القرارات الاقتصادية.
وأشار طرح الجهاز المركزي للمحاسبات إلى أن التجربة المصرية خلال السنوات الأخيرة جسدت هذا التنسيق عبر تنفيذ حزم مالية واجتماعية شاملة، منها مبادرة “حياة كريمة” لتنمية التجمعات الريفية بإجمالي إنفاق بلغ نحو 1.4 تريليون جنيه، ومبادرة “تكافل وكرامة” التي استهدفت الأسر الفقيرة وكبار السن وذوي الإعاقة بإجمالي إنفاق بلغ 41 مليار جنيه خلال عامي 2024 و2025، إلى جانب حزمة التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها الدولة خلال جائحة كوفيد-19 بقيمة 100 مليار جنيه لدعم القطاعات المتضررة، ودعم السلع التموينية والخبز بإجمالي إنفاق بلغ نحو 134.15 مليار جنيه خلال العام المالي 2024/2025.
وأوضح الطرح المصري أن المراجعات التي أجراها الجهاز لهذه المبادرات جاءت في إطار اختصاصاته القانونية من خلال الرقابة المالية ورقابة الأداء والالتزام، وأسفرت عن توصيات عملية استجابت لها الجهات المعنية، مما ساهم في تعزيز كفاءة الرقابة الداخلية وتحسين توجيه الموارد العامة بما يتسق مع الأولويات الوطنية.
كما استعرضت الجلسة التجربة المصرية في مراجعة مبادرات البنك المركزي للتخفيف من آثار الأزمات، ومنها تمويل الشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والقطاعات المتضررة من الجائحة بإجمالي 100 مليار جنيه، ومبادرات دعم الأنشطة الصناعية والزراعية والطاقة الجديدة والمتجددة بقيمة 90 مليار جنيه، فضلًا عن إعادة هيكلة التسهيلات الائتمانية لدعم العملاء المتعثرين والحفاظ على استقرار أوضاعهم المالية.
وفي ختام الجلسة، أجمع المشاركون على أن تصاعد مخاطر المراجعة خلال الأزمات المالية والاقتصادية يستلزم من الأجهزة العليا للرقابة تطوير أدوات عملها ومناهجها الميدانية، وتعزيز التعاون بين الأجهزة الأعضاء في الإنتوساي لتبادل الخبرات وتحديث الآليات الرقابية، بما يضمن جودة التقارير وموثوقية النتائج، ويعزز مبادئ الشفافية والمساءلة وثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.













