المشاط: الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق وظائف جديدة

خبراء: الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات محركا الابتكار والتنمية في مصر

أكد خبراء ومسؤولون بارزون خلال فعاليات جلسات AIDC 2025 أن الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات يمثلان محركي الابتكار والتنمية في مصر، مع ترسيخ قدرة الدولة على استغلال ثروتها البشرية والبيانات الضخمة لتحقيق فرص استثمارية متنامية في مختلف القطاعات.

ركيزة أفقية لتسريع التنمية

E-Bank

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية والتعاون الدولي، أن معرض Cairo ICT أصبح منصة رئيسية لاكتشاف أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا عالميًا، وتبادل الخبرات، وجذب الاستثمارات في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والابتكار، بالإضافة إلى الاستثمار في رأس المال البشري.

وقالت المشاط خلال مؤتمر AIDC 2025 إن الذكاء الاصطناعي بات عنصرًا أساسيًا في صياغة مستقبل الاقتصادات الحديثة، ليس فقط كأداة تقنية بل كقوة تدعم قدرة الإنسان على تطوير البرمجيات والخدمات التي تسهّل حياة المواطنين في مختلف القطاعات، سواء الصحة أو التعليم أو التكنولوجيا والخدمات اليومية.”

وأضافت: “الجدل حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف طبيعي، إلا أنه لا يلغي حقيقة أن التقنيات الحديثة تخلق وظائف جديدة مرتبطة بتشغيل وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي وابتكار تطبيقاته.”

تابعنا على | Linkedin | instagram

وأوضحت الوزيرة أن مصر بما تمتلكه من 110 ملايين نسمة، وتعدد قطاعاتها التنموية ومشروعاتها القومية، تولّد كمًا ضخمًا من البيانات التشغيلية في الصحة والتعليم والتدريب والاختبارات المعملية، ويمكن تصنيف هذه البيانات جغرافيًا أو ديموغرافيًا أو وفق مراحل التطور، مما يجعل مصر “مختبرًا واسعًا” يوفر مدخلات غنية لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وأضافت المشاط: “مستهدفات رؤية مصر 2030 وما بعدها تعتمد على الذكاء الاصطناعي والابتكار كعنصر رئيسي لتسريع وتيرة التقدم، وهو ما برز أيضًا في مؤتمر الصحة والسكان والتنمية البشرية، حيث تمت مناقشة دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الخدمات الصحية وتطوير التدريب ورفع كفاءة تقديم الخدمات للمواطنين.”

واختتمت بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي ليس قطاعًا رأسيًا محدودًا، بل مجالًا أفقيًا يخترق كل القطاعات مثل النقل والصحة والتعليم والخدمات الحكومية، ويجب ترسيخ هذه الثقافة داخل الاستراتيجيات الوطنية وخطط العمل لضمان تسريع التنمية وتحقيق أفضل استفادة من التكنولوجيا.”*

نمو غير مسبوق

أكد المهندس عمرو المشهراوي، الرئيس التنفيذي لشركة DCP – Data Center Prime، أن سوق مراكز البيانات في مصر يشهد مرحلة نمو غير مسبوقة، بدعم تطور البنية التحتية الرقمية وتزايد الطلب على حلول الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، خلال جلسة *“سوق مراكز البيانات والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في مصر: الفرص والتحديات”.

وقال المشهراوي إن حجم سوق مراكز البيانات في مصر بلغ نحو 350 مليون دولار في 2025، مع توقعات بالوصول إلى 550 مليون دولار خلال السنوات المقبلة، في ظل التوسع المتزايد في خدمات الكولوكيشن ومراكز البيانات السحابية، والعائد الداخلي على الاستثمار في القطاع يصل ما بين 30% و50%، ما يجعله أحد أكثر القطاعات جذبًا للمستثمرين مقارنة بالعقارات التقليدية.

وأشار إلى أن موقع مصر الاستراتيجي على خريطة الكابلات البحرية العالمية يعزز قدرتها على لعب دور محوري كمركز إقليمي للبيانات، مضيفًا: لقدرة التحميلية الحالية تبلغ نحو 30 ميجاوات، بينما يتزايد الطلب بوتيرة أسرع من القدرة المنشأة، خاصة مع التوسع الكبير في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن يصل السوق المصري إلى قيمة 2.83 مليار دولار في خدمات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.”

وشدد المشهراوي على ضرورة الاستثمار في الطاقة، وتسهيل الإجراءات التنظيمية، ودعم المستثمرين الجدد، مؤكدا ان مصر تمتلك واحدة من أكبر قواعد الشباب المتخصص في التكنولوجيا في المنطقة، ونعمل على تدريب نحو 200 مهندس مصري بالشراكة مع مؤسسات عالمية لتعزيز القدرات الفنية التي تحتاجها صناعة مراكز البيانات.”

أساس التقدم العالمي

أكد عاصم جلال، شريك إداري بشركة جلال وكراوي للاستشارات الإدارية، أن حجم الاستثمارات والأبحاث الموجهة للذكاء الاصطناعي يمثل المحرك الأساسي للتقدم الهائل الذي يشهده العالم.

وقال جلال إن اللحظة الفاصلة في مسار تطور الذكاء الاصطناعي لم تكن فقط مع ظهور نماذج الذكاء التوليدي في نوفمبر 2022، بل تعود جذورها إلى عام 2017 عند نشر البحث العلمي الشهير ‘Attention Is All You Need’ الذي شكل نقطة تحول كبرى ومهّد لظهور النماذج الحديثة الأكثر تقدمًا.”

وأضاف: “نموذج DeepSeek عند إطلاقه قدم أداء يفوق في كفاءته عددًا من النماذج العالمية الرائدة آنذاك، ما يعكس الدور المحوري للبحث العلمي في تحسين قدرات النماذج وتعزيز كفاءتها.”

نقص العمالة الفنية

أكد بارت ستيوارت، المدير الإداري لشركة WP Engineering في واشنطن، أن سوق مراكز البيانات يواجه تحديات حقيقية بسبب ندرة العمالة الفنية المتخصصة القادرة على تنفيذ مشروعات البنية التحتية بسرعة وكفاءة.

وقال ستيوارت: “بناء وتشغيل مراكز البيانات يتطلب مزيجًا متكاملاً من المهارات يشمل التصميم، وأعمال الإنشاء عالية الدقة، والتكامل بين الأنظمة، والإدارة التشغيلية، وندرة الكفاءات في هذه المهن الدقيقة تجعل من الصعب تلبية الطلب العالمي المتزايد وتسليم مراكز البيانات بالسرعة المطلوبة.”

وأضاف بأنه من أصعب المهارات نقصًا حاليًا تتمثل في الفنيين المتخصصين مثل: فنيي اللحام، والفنيين الماهرين في أعمال يبينج، وكبار الكهربائيين القادرين على التعامل مع الأنظمة المعقدة وربط مكوناتها بدقة عالية. تطوير هذه المهارات يمثل عنصرًا أساسيًا لضمان قدرة السوق على تلبية احتياجات البنية التحتية الرقمية المتنامية، والاستثمار في التدريب الفني هو حجر الزاوية لتسريع نمو قطاع مراكز البيانات عالميًا.”

بناء “عقلية الذكاء الاصطناعي”

أكد تييري موباكس، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة AI Compass، أن العالم يعيش لحظة تحول تاريخية مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن هذا التطور يفوق قدرة نظم التعليم الحالية على مواكبته.

وقال موباكس: “الذكاء الاصطناعي للجميع صحيح، لكن تطبيقه على أرض الواقع يتطلب إعادة صياغة جذرية لطريقة التفكير داخل المؤسسات التعليمية والشركات، ويجب على الأفراد النظر إلى التحديات اليومية باعتبارها فرصًا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيد تشكيلها.”

وأضاف أنه من الأدوات الحالية مثل ChatGPT وGemini تتيح إمكانات هائلة دون الحاجة إلى مهارات برمجية، لكن استخدامها الفعّال يتطلب فهم البيانات والأدوات والعمليات التي تحوّل هذه المدخلات إلى قيمة حقيقية، ويجب اعتماد هذا الفكر داخل الشركات والمدارس والجامعات دون تأخير.”

وشدد على أن مصر تمتلك فرصة استثنائية لإعادة كتابة تاريخها التكنولوجي، وأن نقص المواهب يمثل في الوقت ذاته فرصة ذهبية للتعلم، مؤكدًا أن **تعلم كيفية التعلّم أصبح المهارة الأكثر أهمية للمستقبل، والدافع نحو حل المشكلات هو ما يقود الابتكار الحقيقي.

الرابط المختصر