محمد القاضي: توقعات بخروج صغار المطورين وظهور اندماجات واستحواذات

طول مدة السداد خلقت فجوة كبيرة بين التدفقات النقدية الداخلة والاحتياجات الفعلية للبناء

شوشة عبد الواحد _حذّر الدكتور محمد القاضي، مؤسس شركة نورم للاستشارات العمرانية وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين، من أن السوق العقارية المصرية تقف على أعتاب مرحلة حساسة تتطلب تدخلاً عاجلاً لإعادة ضبط توازنها، بعدما تراكمت عدة عوامل ضاغطة عليها.

أضاف القاضي أن أبرز هذه العوامل تتمثل في تمديد فترات السداد إلى مدد غير مسبوقة، وارتفاع أسعار الفائدة، وضعف التمويل العقاري، والتشدد المصرفي في منح التسهيلات للمطورين، مؤكدًا أن هذه المنظومة قد تقود إلى تآكل شريحة واسعة من المطورين الصغار خلال الفترة المقبلة.

E-Bank

وقال مؤسس شركة نورم للاستشارات العمرانية، إن مدد السداد الطويلة التي وصلت إلى 15 سنة، رغم أنها بدأت كأداة جذب للمشترين، إلا أنها تحولت إلى عبء ثقيل على الشركات، بعدما خلقت فجوة كبيرة بين التدفقات النقدية الداخلة والاحتياجات الفعلية للبناء.

stem

وأوضح أن هذه الفجوة تصبح خطرة للغاية لدى الشركات الصغيرة التي تعتمد بشكل شبه كامل على «تدفقات العملاء» كمصدر تمويل رئيسي للمشروع، بينما ترتفع تكلفة الإنشاء بشكل مستمر نتيجة زيادة أسعار المواد الخام والطاقة وأجور العمالة والمقاولين.

وأضاف القاضي، أن أزمة التمويل المصرفي تمثل تحديًا مضاعفًا، بعدما دفعت الزيادة الحادة في أسعار الفائدة البنوك إلى تبني سياسات أكثر تحفظًا في منح التسهيلات الائتمانية، مشيرًا إلى أن المطور الصغير يواجه اليوم معادلة صعبة تتمثل في بناء تتضاعف تكلفته، وتحصيلات تأتي ببطء، وتمويل بنكي أصبح إما مكلفًا للغاية أو غير متاح بالأساس.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وذكر أن هذه الظروف قد تدفع بعض الشركات للتأخر في التنفيذ أو البحث عن شراكات غير متكافئة للخروج من الأزمة.

الظروف الصعبة تدفع بعض الشركات للتأخر في التنفيذ أو البحث عن شراكات غير متكافئة

وتابع القاضي: «في ظل الفائدة المرتفعة، تراجع التمويل العقاري للأفراد بصورة شبه كاملة، إذ أصبحت أقساط التمويل العقاري عبئًا ماليًّا يفوق قدرة معظم الشرائح، ما أدى إلى اعتماد السوق كليًّا على نظم التقسيط المباشر من المطورين».

وأكد أن هذا التحول ضاعف الضغوط على الشركات الصغيرة، لأنها تجد نفسها مطالبة بتمويل المشروع ذاتيًا لفترات طويلة دون دعم مؤسسي أو مصرفي، مشيرًا إلى أن الشركات الكبرى تتمتع بمرونة أكبر وقدرة على امتصاص الصدمات بفضل تنوع محفظتها الاستثمارية، وقوة ملاءتها المالية، وعلاقاتها المصرفية الممتدة، ما يمنحها قدرة على الحفاظ على وتيرة البناء دون التأثر الكبير بتغيرات السوق، وفي المقابل، يفتقد المطور الصغير لهذه المزايا، ما يجعله الأكثر عرضة للتعثر أو الخروج من السوق.

وتوقع القاضي، أن يشهد السوق موجة من الاندماجات والاستحواذات خلال العامين المقبلين، مع خروج طبيعي لشركات غير قادرة على تحمل التزاماتها، وهذا الاتجاه سيزيد من تركّز السوق في يد عدد أقل من الشركات، بما قد يحدّ من التنوع والمنافسة التي كانت تمثل عنصر قوة في السوق المصرية خلال السنوات الماضية.

وطالب القاضي بوضع ضوابط أكثر صرامة لمدد السداد، وتفعيل التمويل العقاري الحقيقي، وتشجيع التمويل المؤسسي، وتبني آليات واضحة لضمان استقرار التدفقات النقدية للمطورين، مؤكدًا أن السوق العقارية قوية في جوهرها لكنها تحتاج إلى إعادة توازن سريع لضمان بقاء المطورين الصغار واستدامة القطاع.

 

الرابط المختصر