د. محمود محيي الدين: علاج الأزمة المركبة للديون والتنمية يستلزم تبني إجراءات وطنية لتعزيز الحيز المالي
تنسيق المواقف وتعزيز التعاون بين الدول المقترضة يدعم موقفها في المفاوضات الدولية
شارك الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة والمكلف من أمين عام الأمم المتحدة برئاسة فريق الخبراء لتقديم حلول أزمة الدين العالمية، في فعالية “المجموعة العربية لإدارة الديون” التي نظمتها الإسكوا، حيث قدم عرضًا بعنوان “إدارة الدين العام في عالم متغير: استراتيجيات مستدامة لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية”.
أكد محيي الدين أن أزمة الديون الحالية ليست أزمة ديون تقليدية، بل هي أزمة مركبة تعكس مشكلات هيكلية في النظام المالي العالمي، كما تحولت الأزمة إلى أزمة خدمة دين أكثر منها أزمة دين، خاصةً في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض.

حجم الدين العام في المنطقة العربية وصل إلى 1.5 تريليون دولار في 2023

وأفاد بأن حجم الدين العام في المنطقة العربية وصل إلى 1.5 تريليون دولار في عام 2023، وتزايدت ضغوط خدمة الدين، حيث تجاوزت المدفوعات الخارجية 40 مليار دولار في العام ذاته، مما يحد من الحيز المالي المتاح للتنمية.
وأشار إلى تحول خطير في هيكل الديون، حيث تحولت الأزمة من ديون خارجية إلى أزمة دين محلي كبير، وبات معظم الدين الجديد لا يُقترض من أجل الاستثمار الإنتاجي، ولا حتى للاستهلاك، بل لخدمة الدين القديم.
وقدّم محيي الدين، استناداً إلى عمل فريق خبراء الأمم المتحدة، أحد عشر مقترحًا عمليًا لمواجهة الأزمة، مقسمة إلى ثلاثة مستويات، أولها إصلاحات الهيكل المالي متعدد الأطراف، حيث ترتكز الإصلاحات على ضرورة مراجعة أطر العمل الحالية للمؤسسات والتحالفات المؤثرة لتصبح أكثر فاعلية، ومن أبرزها توسيع نطاق الإطار العام لمجموعة العشرين ليشمل الدول متوسطة الدخل، وتفعيل شروط التعليق التلقائي لخدمة الدين خلال فترات المفاوضات أو الأزمات الكبرى لضمان توفير الحيز المالي اللازم، ومراجعة أطر استدامة الدين (DSAs) لتشمل احتياجات التنمية المستدامة والمناخ، وتطوير الأطر بحيث تعطي الأولوية للاحتياجات التنموية على السداد وخدمة الدين، فضلًا عن إعادة توجيه حقوق السحب الخاصة (SDRs) غير المستخدمة لزيادة السيولة ودعم التنمية في الدول النامية.
أما المستوى الثاني من الحلول فيتعلق بالتعاون الدولي والإقليمي، ويركز على تعزيز صوت الدول المقترضة وتنسيق جهودها، وذلك من خلال توحيد موقف الدول المقترضة وتعزيز التعاون بينها بهدف تبادل المعرفة والخبرات وحشد الإصلاحات، وتعزيز الصوت الجماعي للدول المقترضة في المفاوضات الدولية، وإنشاء مركز معلومات لتقديم المساعدة الفنية والتوجيه حول الأدوات المالية المبتكرة، مثل مقايضات الديون بالتنمية، إلى جانب توسيع برامج المساعدة الفنية وبناء القدرات في مجالات مثل شفافية الدين وإدارة البيانات والمخاطر المالية.
وقال محمود محيي الدين، إن المستوى الثالث من الحلول يركز على الإصلاحات على مستوى الدولة، وتبني إجراءات وطنية لتعزيز الحيز المالي تشمل تعزيز القدرات المؤسسية لمعالجة مخاطر السيولة والمشكلات النقدية، وتحسين إدارة وتخطيط المشروعات الاستثمارية وإنشاء منصة وطنية للاستثمار، مشيرًا إلى إمكانية توفير 110 مليارات دولار من خلال الإصلاحات الضريبية، وتوفير ما يصل إلى 250 مليار دولار عبر إنفاق عام أكثر كفاءة وإعادة توجيه الموازنات للقطاعات الاجتماعية.










