مؤتمر جريدة حابي.. محمد قاسم: إعادة هيكلة سلاسل الإنتاج العالمية تفتح فرصًا ذهبية لمصر

فريق حابي _ أكد محمد قاسم، رئيس جمعية المصدرين المصريين “إكسبولينك”، أن تطوير الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات يمثلان المحرك الأساسي لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في مصر.

وأشار قاسم، خلال الجلسة الأولى بعنوان «نظرة القطاع الخاص لبيئة ممارسة الأعمال في مصر»، ضمن فعاليات مؤتمر جريدة حابي السنوي السابع «تنافسية الاقتصاد المصري – العد التنازلي لأهداف 2030»، إلى أن حجم الصادرات الحالي يبلغ نحو 40 مليار دولار، فيما تطمح الدولة إلى رفعه إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030.

E-Bank

ويرى قاسم أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعزيز الإنتاج ودعم الاستثمار في القطاعات الإنتاجية القادرة على المنافسة محليًا وعالميًا.

stem

وأضاف أن تحقيق هذا الطموح يستلزم توسيع قاعدة الاستثمار وتطوير الصناعات الوطنية، لافتًا إلى أن جمعية المصدرين أطلقت مبادرة «الاستثمار من أجل التصدير» بالتعاون مع هيئة الاستثمار ووزارة الاستثمار، بهدف تحفيز المستثمرين على ضخ رؤوس الأموال في الصناعات القادرة على تلبية احتياجات السوق التصديري، وتوفير منتجات تتمتع بالميزة النسبية والتنافسية.

وأشار قاسم إلى أن نجاح الصادرات يعتمد على التخصص وفقًا للميزة التنافسية، مؤكدًا أن مصر تمتلك مزايا نسبية، مثل الموقع الجغرافي والمناخ وتوافر العمالة، إلى جانب المزايا التنافسية التي تصنعها الدولة من خلال تحسين بيئة الأعمال وتيسير الإجراءات وتقليل الأعباء على المنتجين والمصدرين.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وأوضح أن التركيز ينبغي أن يكون على زيادة الصادرات باعتبارها المحرك الحقيقي للإنتاج، مؤكدًا أن معظم الواردات المصرية تتعلق بالسلع الرأسمالية ومكونات الإنتاج الأساسية، وليست مجرد استهلاك نهائي، ما يعني أن التحدي الحقيقي يكمن في ضعف الإنتاج المحلي ومعدلات الادخار، التي تبلغ 14٪ من الناتج القومي مقارنة بمتوسط عالمي يصل إلى 25٪.

الصادرات تساهم بنسبة 8٪ في الناتج القومي.. وتعاون الحكومة مع القطاع الخاص يصعد بها إلى 25٪

وأشار إلى أن مساهمة الصادرات في الناتج القومي الإجمالي لمصر لا تتجاوز 8٪، وهي نسبة منخفضة مقارنة بالدول العربية والدول ذات مستويات النمو المشابهة، مؤكدًا أن رفع هذه النسبة إلى 15–25٪ يجب أن يكون هدفًا استراتيجيًا للدولة والقطاع الخاص معًا.

وأوضح قاسم أن تعميق التصنيع يجب أن يركز على القطاعات التي تمتلك ميزة نسبية وتنافسية لضمان القدرة على المنافسة محليًا وعالميًا، وعدم إنتاج سلع عالية التكلفة لا يمكن تسويقها أو تصديرها.

وشدد على أن سياسة إحلال الواردات، التي اعتمدت في بعض الدول منذ الستينات، لم تكن الهدف الأمثل للاقتصاد المصري، لأنها لا تأخذ في الاعتبار المزايا النسبية للدولة وقدرتها على المنافسة في الأسواق الخارجية.

وحول الأسواق الأفريقية، اعتبر قاسم أن القارة الأفريقية تمثل فرصة واعدة للصادرات المصرية، لكنه لفت إلى أن التحديات اللوجستية والتمويلية تشكل عائقًا رئيسيًا، خاصة أن نصف دول القارة حديثة النشأة ولا تمتلك شواطئ أو بنية تحتية مناسبة.

كما أشار إلى ضعف النظام البنكي في بعض الدول الأفريقية، وعدم انتشار الرقمنة والتقنيات الحديثة على نطاق واسع، مقارنة بمصر، مؤكدًا ضرورة دعم هذه الدول لتصبح أكثر استعدادًا للتعاون التجاري معها.

وأضاف أن التجارب التاريخية لمصر في الستينات، مثل دخول شركة النصر إلى أفريقيا، كانت ناجحة نتيجة للدور السياسي لمصر، لكن التحدي الحالي يتطلب حلولًا اقتصادية مستدامة لتسهيل التصدير.

وعن قطاع الغزل والنسيج، أوضح قاسم أن الجمعية نظمت قبل أكثر من عقد معرضًا للصادرات بهدف جذب المستثمرين الأفارقة والمشترين إلى مصر، لافتًا إلى أن القطاع يعاني حاليًا من ضعف الإنتاجية رغم الجهود المبذولة، لكنه شدد على أهمية استمرار العمل على تطويره ليصبح قادرًا على المنافسة عالميًا.

وأكد قاسم أن الاستثمار من أجل التصدير وتنمية الإنتاج المحلي، مع التركيز على المزايا النسبية والقدرة التنافسية، يمثلان الأساس لتحقيق الطموحات التصديرية لمصر وتعزيز دورها في الأسواق الأفريقية والعالمية.

إعادة هيكلة سلاسل الإنتاج العالمية تفتح فرصًا ذهبية لمصر

وأشار إلى أن التغيرات العميقة في الاقتصاد العالمي، ولا سيما إعادة هيكلة سلاسل الإمداد الدولية، تمثل فرصة تاريخية لمصر لتعزيز دورها كمركز إقليمي للإنتاج والتصدير، لافتًا إلى أن هذه التحولات بدأت منذ 30–40 عامًا، لكنها تعرضت لاختبارات حادة مع جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ما كشف هشاشة النموذج القديم القائم على تركّز الإنتاج في مناطق بعيدة عن أسواق الاستهلاك.

وكشف أن هذه التطورات دفعت العالم للبحث عن مراكز إنتاج أقرب إلى الأسواق الاستهلاكية، ما خلق فرصًا كبيرة لدول مثل مصر، التي تتمتع بموقع جغرافي متميز وقرب من الأسواق الأوروبية والأفريقية، مؤكداً أن مصر أصبحت ضمن الدول ذات الأولوية على خريطة التحول العالمي للصناعة.

وأضاف أن الفترة الحالية تشهد أمرين متوازيين في السوق المصرية، هما الطلب المتزايد على الاستثمار، والطلب المتنامي على التصدير من مصر، وهو ما يستدعي تحديد القطاعات الأكثر قدرة على الاستفادة من هذه الفرص.

وتطرق قاسم إلى الجدل العالمي حول دور الدولة في دعم القطاعات الاقتصادية، موضحًا أن هناك مدرستين؛ الأولى ترى أن على الدولة اختيار قطاعات أو شركات محددة ودعمها بقوة، بينما ترى الثانية أن القطاعات القوية تظهر تلقائيًا بفعل قوى السوق، وأن دور الدولة يتركز في تهيئة البيئة المناسبة لنمو هذه القطاعات.

وأشار إلى التحسن الملحوظ في الحوار بين مجتمع الأعمال والحكومة، خاصة مع وزارتي المالية والاستثمار والتجارة الخارجية، مؤكداً وجود نوايا إيجابية بدأت تظهر على أرض الواقع، معربًا عن أمله في أن تسهم الإجراءات الجارية في تحسين مناخ الاستثمار والتصدير بشكل ملموس.

وشدد على أن الصناعات القائمة على خامات محلية، وعلى رأسها الصناعات التحويلية المرتبطة بالقطاع الزراعي، ستكون المحرك الرئيسي للصادرات خلال المرحلة المقبلة، موضحًا أن مراجعة أرقام الصادرات المصرية تؤكد أن هذه الصناعات تستحوذ على النصيب الأكبر من الصادرات وتمتلك القدرة الأكبر على تحقيق نمو مستدام.

واختتم قاسم بالقول إن مستقبل التصدير المصري مرهون بالاستفادة الذكية من التحولات العالمية، وتعظيم القيمة المضافة للموارد المحلية، وبناء صناعة قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية، وليس فقط تلبية احتياجات السوق المحلي.

 

الرابط المختصر