د. رانيا المشاط في مؤتمر حابي: 2026 نقلة نوعية للاقتصاد.. ونموذج الإنتاج والتصدير مستمر
5.3 % نموًّا اقتصاديًّا بدعم الصناعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات
فريق حابي _ ألقت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، كلمة افتتاحية خلال مؤتمر جريدة حابي السنوي السابع، الذي انعقد الثلاثاء قبل الماضي، تحت عنوان «تنافسية الاقتصاد المصري – العد التنازلي لأهداف 2030»، استعرضت خلالها تطور النموذج الاقتصادي المصري، ومحركات النمو، ومسار الإصلاحات الهيكلية، ودور حوكمة الاستثمارات العامة والتمويل التنموي في تعزيز تنافسية الاقتصاد ودعم مشاركة القطاع الخاص.
جريدة حابي لا تكتفي برصد ما يحدث وإنما تسلط الضوء على ما ينبغي أن يحدث لدفع الاقتصاد إلى الانطلاق بوتيرة أسرع

استهلت الوزيرة كلمتها بالتأكيد على سعادتها بالمشاركة في المؤتمر، مشيرة إلى أن الحضور لا يضم فقط أصدقاء ومتخصصين، وإنما يضم طاقات حريصة على رؤية الاقتصاد المصري ينطلق بقوة، معتبرة أن هذه الرغبة المشتركة تمثل سمة فارقة في المرحلة الحالية. كما وجهت التحية لزملائها في الحكومة، مؤكدة أن سنوات العمل المشترك أسهمت في بناء مخزون مهم من الخبرات داخل الجهاز التنفيذي، أتاح تحويل الرؤى إلى سياسات واضحة وقابلة للتنفيذ، في توقيت وصفته بالمهم للغاية.

قدمت الدكتورة رانيا المشاط التهنئة لجريدة «حابي» بمناسبة قرب مرور ثماني سنوات على تأسيسها، مشيدة بدورها كمنصة اقتصادية متخصصة لا تكتفي برصد ما يحدث على الساحة الاقتصادية، وإنما تسلط الضوء كذلك على ما ينبغي أن يحدث لدفع الاقتصاد المصري إلى الانطلاق بوتيرة أسرع وأكثر استدامة.
الاقتصاد المصري بات قادرًا على التنبؤ بمساره وتحقيق مستهدفاته
وأشارت إلى أنه قبل عام، وخلال انعقاد المؤتمر ذاته، طُرحت تساؤلات عديدة حول مدى قدرة الحكومة على تنفيذ رؤيتها الاقتصادية، وتحقيق معدلات نمو أعلى، والتحول نحو نموذج اقتصادي يعتمد على زيادة الاستثمار وتعزيز الصادرات، مؤكدة أن الأرقام جاءت لتثبت واقعية هذه الرؤية.
وأوضحت أن متابعة النمو الاقتصادي خلال الخمسة أرباع الماضية، وصولًا إلى الربع الأول من العام المالي 2025/2026، تكشف عن تسجيل معدل نمو بلغ 5.3%، مشددة على أن الأهم من الرقم الكلي هو تحليل محركات النمو ومصادره.
الميزان التجاري يسجل طفرة إيجابية لأول مرة بدعم القطاعات الإنتاجية
أضافت أن القطاعات المساهمة الرئيسية في النمو شملت الصناعة، والسياحة، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهي قطاعات إنتاجية وقابلة للتصدير، ما انعكس بوضوح على الميزان التجاري الذي شهد، للمرة الأولى، طفرة إيجابية كبيرة. وأكدت أن هذا التحسن لم يكن مدفوعًا بعوامل خارجية فقط، وإنما جاء نتيجة سياسات وإجراءات حكومية واضحة، انطلقت من تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي باعتباره الأساس لأي نمو مستدام.

خفض سقف الاستثمارات العامة عزّز مشاركة القطاع الخاص في النمو
وبيّنت أن استقرار الاقتصاد الكلي ارتكز على ثلاثة محاور رئيسية، هي السياسة المالية، والسياسة النقدية، ومحور ثالث جرى تعزيزه استجابة لمطالب مجتمع الأعمال، وهو حوكمة الاستثمارات العامة. ولفتت إلى أن الحكومة وضعت سقفًا للاستثمارات العامة عند مستوى تريليون جنيه، ثم خفّضته إلى ما دون هذا الحد، بما أفسح المجال أمام القطاع الخاص للدخول بقوة في العديد من المجالات، معتبرة أن حوكمة الاستثمارات العامة كانت عنصرًا أساسيًا في قصة النمو الحالية.
موازنة 2026/2027 متوسطة الأجل ومربوطة بأداء الوزارات
وفي سياق متصل، أفادت الوزيرة بأن تحقيق الاستقرار الاقتصادي أتاح للدولة توجيه وفورات مالية لدعم التنمية البشرية، من خلال التوسع في منظومة التأمين الصحي الشامل، وتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية، وغيرها من الملفات التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر.
الإصلاح الاقتصادي عملية مستمرة ولا يتوقف عند مرحلة بعينها
وشددت الدكتورة رانيا المشاط على أن الحفاظ على وتيرة النمو يتطلب استمرار الإصلاحات والسياسات الداعمة، مؤكدة أن الإصلاح الاقتصادي عملية مستمرة لا تنتهي، في ظل التغيرات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي. وأوضحت أن الحكومة تعمل وفق مصفوفة إصلاحية واضحة، تشمل الإصلاحات الاقتصادية والمالية والقطاعية، ويتم نشرها ومتابعتها بشكل دوري، مع ربطها بتحليل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
الدولة باتت تمتلك روايتها الاقتصادية وتصدرها للمؤسسات الدولية
وتابعت أن من أبرز التحولات في المرحلة الحالية قدرة الدولة على التنبؤ بالمسار الاقتصادي، مشيرة إلى أن الحكومة باتت لا تكتفي بتحقيق الأرقام المستهدفة، وإنما أصبحت قادرة على تفسير أسباب تحقيقها، وكذلك بناء توقعات مدروسة للفترات المقبلة. وأكدت أهمية امتلاك الدولة لروايتها الاقتصادية، من خلال التحليل والنشر، بدلًا من انتظار تحليلات خارجية، مشيرة إلى أن العديد من المؤسسات الدولية باتت تعتمد على البيانات والتحليلات الصادرة عن الجهات المصرية.
ربط الإنفاق العام بموازنة البرامج والأداء لرفع الكفاءة
وتطرقت الوزيرة إلى ملف كفاءة استخدام الموارد المالية، مؤكدة أن هناك تنسيقًا وثيقًا مع وزارة المالية لإعداد موازنة العام المالي 2026/2027، باعتبارها موازنة متوسطة الأجل، ومربوطة بأداء الوزارات وأهدافها، بما يدعم التحول نحو نموذج اقتصادي قائم على الإنتاجية، وزيادة مشاركة القطاع الخاص، وتعزيز الصادرات. منوٌهة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد ربط كفاءة الإنفاق بخطة متوسطة الأجل وموازنة برامج وأداء.

السياسات الحكومية وليست العوامل الخارجية وراء تحسن النمو
أضافت أن موازنة البرامج والأداء تعتمد على تحديد أهداف رأسية لكل وزارة، إلى جانب أهداف أفقية مشتركة بين الوزارات، بما يضمن التنسيق المؤسسي، خاصة في الملفات المرتبطة بزيادة الصادرات، التي تتطلب رفع الإنتاجية، وتكثيف برامج التدريب، والتركيز على التنمية الإقليمية بالمحافظات.
التنسيق المؤسسي بين الوزارات مفتاح زيادة الصادرات
وفيما يتعلق بالتمويل، أكدت المشاط أن الحفاظ على التوازن مع مؤشرات الدين يمثل هدفًا رئيسيًّا للحكومة، لافتة إلى تنوع بدائل التمويل، ومن بينها التمويل المقدم من المؤسسات الدولية، الذي لا يقتصر على دعم الموازنة العامة، وإنما يمتد إلى دعم القطاع الخاص.
القطاع الخاص حصل على تمويلات تنموية بنحو 15 مليار دولار خلال 4 سنوات
وذكرت أن القطاع الخاص تمكن، خلال السنوات الأربع الماضية، من الحصول على تمويلات من شركاء التنمية بنحو 15 مليار دولار، بتكلفة منخفضة، إلى جانب أدوات تمويلية مبتكرة أخرى، مثل ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي، ومنصات حشد التمويل للتحول الأخضر.
9.5 مليار دولار دعم موازنة من المؤسسات الدولية حتى 2026
ونوٌهت بأن دعم الموازنة من شركاء التنمية يسهم في تحسين هيكل آجال الدين، نظرًا لانخفاض التكلفة وفترات السماح المتاحة، مشيرة إلى أن دعم الموازنة من المؤسسات الدولية، خلال الفترة من 2023 وحتى نهاية 2026، من المتوقع أن يصل إلى نحو 9.5 مليار دولار، بخلاف تمويلات صندوق النقد الدولي، مؤكدة أن هذه التمويلات ترتبط بتنفيذ إصلاحات محددة في إطار البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية.
كما أشادت الوزيرة بجهود اللجنة الوزارية لريادة الأعمال، التي تضم عددًا من الجهات من بينها هيئة الرقابة المالية، والهيئة العامة للاستثمار، ووزارات المالية والاتصالات. وأوضحت أنه تم التوصل إلى تعريف جديد للشركات الناشئة، يتيح تفعيل القانون الجديد من خلال جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وأشارت إلى حزمة من التيسيرات المرتقب الإعلان عنها، فضلًا عن التطورات التي شهدها الإطار التنظيمي للتمويل الجماعي، بما يعزز الابتكار ومشاركة القطاع الخاص.
وفي ختام كلمتها، وجهت الدكتورة رانيا المشاط ثلاث رسائل رئيسية، أكدت في أولها أن عام 2026 سيكون بمثابة نقلة نوعية للاقتصاد المصري، بينما شددت الرسالة الثانية على استمرار الإصلاحات والسياسات الداعمة للنمو والتشغيل، والحفاظ على نموذج اقتصادي قائم على الإنتاجية والتصنيع والتصدير، سواء في السلع أو الخدمات. أما الرسالة الثالثة، فأكدت خلالها أن التمويلات متاحة ليس فقط للحكومة، وإنما للقطاع الخاص أيضًا، استنادًا إلى الطفرات المحققة في قطاعات كانت سابقًا محدودة الجاذبية الاستثمارية.












