بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ اعرف عميلك (KYC) هي مجموعة من القواعد التي فرضتها الجهات الرقابية المالية على المؤسسات المالية والبنوك وامتدت لتشمل شركات الاتصالات أيضًا.
الهدف الأساسي من تطبيق تلك القواعد هو مكافحة الجريمة وخاصة المتعلقة بغسيل الأموال والإرهاب والرشوة والفساد. أما غسيل الأموال فهو محاولة تغيير هوية تلك الأموال التي يتم الحصول عليها من جرائم مثل الإتجار في المخدرات والسلاح والبشر عن طريق إعادة استثمارها في أصول أو محاولة إيداعها في عدة عمليات بعدة بنوك إلى آخره من طرق غير مشروعة حتى تبدو تلك كما لو تم الحصول عليها من أعمال عادية وقانونية.
تبدأ تلك القواعد من خطوة التحقق من هوية العميل اللازمة لبداية العلاقة بينه وبين أي من الكيانات التي تقدم له أيًّا من الخدمات المالية أو خدمات متعلقة بالاتصالات.
التحقق من هوية العميل يتطلب مستند إثبات هوية ساريًا ووجود العميل شخصيًّا مع مندوب الجهة المقدمة للخدمات للتحقق من كونه على قيد الحياة وأنه هو شخصيًّا طالب الخدمة.
تمتد تلك العملية في المؤسسات المالية إلى ملء بيانات عديدة متعلقة بدخل العميل ومصادره وممتلكاته ومحل عمله إلى آخره من معلومات، تلك هي الخطوة الأولى وتسمى بسياسة قبول العملاء. تتبع تلك الإجراءات إجراءات متعلقة بتحديد العملاء ومراقبة العملاء وإدارة المخاطر ولن يتسع المقال لوصف كل منها ولكن الغرض منها هو استمرار معرفة العميل والتأكد من أن مصادر معاملاته كلها شرعية.
أول عملية غسيل الأموال معروفة تمت على يد المافيا في الولايات في العشرينيات من القرن الماضي. وصدرت أول القوانين الخاصة يمكافحة غسيل الأموال سنة 1950 في الولايات المتحدة أيضًا.
توالت بعدها صدور القوانين في نفس الموضوع في مختلف بلدان العالم والتي تحث البنوك على تتبع المعاملات النقدية التي تفوق عشرة آلاف دولار وتم تطوير برامج معقدة لمحاولة الكشف المبكر عن محاولات غسيل الأموال.
وفي مصر تم إصدار أول قانون لمكافحة غسيل الأموال عام 2002 وتم تعديله عام 2008 ثم تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية الخاصة به عامي 2016 ثم 2019 حتى يواكب القانون ما تحتاجه المؤسسات العاملة في مجالات الشمول المالي والتحول من النقدي للانقدي.
أما عن الشمول المالي فهو وثيق الصلة باستخدام التكنولوجيا والهواتف المحمولة في تقديم خدمات مالية ومصرفية لمن لم يسبق لهم الحصول على تلك الخدمات وهم نحو ثمانين بالمائة من الشعب المصري.
يهدف الشمول المالي الوصول إلى تلك الفئات خاصة بخدمات التمويل المطلوبة لإقامة مشروعات متناهية في الصغر ترتقي بمستوى المعيشة الخاص بتلك الفئات.
وفيما يخص التحول من النقدي للانقدي فتداول النقد مقابل السلع والخدمات هو أساس غسيل الأموال التي تمول كل الجرائم أو التي يتم الحصول عليها نتيجة التجارة غير المشروعة.
لذلك وجب أيضًا توفير الوسائل الرقمية الحديثة التي تعتمد على التليفون المحمول في تقديم خدمات المدفوعات ونقل الأموال من فرد لآخر. فلا غنى عن تلك الخدمات التي تتاح بكثافة وسرعة شديدتين نظرًا لسرعة الابتكار المصاحبة لرقمنة العالم حاليًا.
التمسك بمعرفة العميل بالطرق التقليدية في عصرنا الحالي هو مضيعة لوقت العميل وتكلفة للمؤسسات المالية يمكن توفيرها أن تمكنا من الآتي:
أولًا: إنشاء قاعدة بيانات واحدة لاستمارة التعارف على العملاء على غرار قاعدة البيانات الخاصة بالجدارة الائتمانية الموجودة بشركة ISCORE فلا داع لعميل يتعامل مع عدة مصارف وشركات اتصالات للحصول على خدمات باتت أساسية وضرورية للأعمال بل للحياة أن يقوم بزيارة كل هذه المؤسسات دوريًّا حتى يملأ استمارة التعارف أو تحديث البيانات بل إن زيارة واحدة يجب أن تكون كافية لملء استمارة واحدة يمكن لتلك الكيانات بموافقة العميل كل مرة للاضطلاع عليها وهذا أضعف الإيمان.
ثانيًا: رقمنة عملية اعرف عميك وهي ببساطة إمكانية تلك الإجراءات عن بعد دون حاجة العميل للذهاب إلى الفرع وهناك عدة ابتكارات في هذا المجال منها ما استحدثته شركات ناشئة لشباب مصري ويمكن الاستعانة بها للتعميم. معرفة العميل رقميًّا تتم ببساطة بتصوير مستند إثبات الشخصية بوضوح مع العميل في مقطع فيديو يتجاوب فيه العميل مع طلبات تصدر له من النظام غير متوقعة مسبقًا مثل الطلب بالنظر لليمين أو اليسار أو إقفال أحد الأعين إلى آخره. تلك الطريقة تحقق المؤسسة من أن العميل الموجود بالفيديو هو الموجود بالمستند دون الحاجة إلى الذهاب للبنوك.
اعرف عميلك خطوة أساسية لإمكانية تقديم الخدمات المالية ونشرها وتحقيق الشمول المالي والتحول إلى اللانقدي وزيادة معدلات دوران الأموال والنماء الاقتصادي ولكن لا يمكن لأي دولة تحقيق ذلك دون الاستعانة بمستجدات التكنولوجيا المالية لذا وجب علينا تبني تلك المبادرات وتفعيلها وبسرعة حتى للمؤسسات أن تعرف العميل فقط دون أن تهدر وقته وجهده وتزيد من تكلفة تلك الخطوة على حسابه.