ماجد شوقى: برنامج الإصلاح أنقذ العملة وسعر الفائدة من أزمة الأسواق الناشئة
على الحكومة الترقب والمتابعة المستمرة للتطورات.. والتسرع فى أى إجراءات قد يؤدى لنتائج عكسية
فريق حابي
أكد ماجد شوقى، نائب رئيس بنك الاستثمار «بلتون» ورئيس البورصة المصرية الأسبق، أن الأزمة التى تواجهها الأسواق الناشئة خلال الوقت الحالى مختلفة عن الأزمة التى واجهت دول النمور الآسيوية فى وقت سابق على مستوى الأسباب، فالأزمة الحالية تعود إلى أسباب سياسة وليست اقتصادية.
وأوضح شوقى أن الأزمة التى تواجه الأسواق الناشئة حاليا بدأت فى دول فنزويلا وتركيا والأرجنتين إلى جانب الأزمة التى تشهدها الصين، وهى نتيجة لاضطرابات سياسية انعكست على اقتصادات هذه الدول نتيجة فرض بعض العقوبات الاقتصادية أو غيرها من القرارات اذات الأثر السلبي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وكان تأثيرها الأعنف والمباشر على العملات المحلية لهذه الدول.
ولفت شوقى إلى أن الأزمة التاريخية لدول النمور الآسيوية كانت نتيجة وجود اتجاه عام لخروج الأموال الساخنة من هذه الأسواق، على الرغم من أن المؤشرات الاقتصادية بها كانت إيجابية، ولكن كانت تكمن المشكلة فى ارتفاع الدين الخارجي وتكلفته.
وأضاف نائب رئيس بنك الاستثمار «بلتون» ورئيس البورصة المصرية الأسبق، أنه على الرغم من كون أزمة الأسواق الناشئة خلال الوقت الحالى فى الأساس أزمات خاصة ببعض الدول، إلا أن هناك مشكلة مقلقة وتزيد من احتمالات انتقال عدواها إلى الأسواق الناشئة الأخرى، وتتمثل فى ارتفاع كثافة الدين الخارجى فى معظم هذه الأسواق.
وتابع: «كل الأسواق الناشئة التى لديها اقتراض خارجي مكثف ستبدأ فى التأثر خلال الفترة المقبلة، على مستوى إصدارات أدوات الدين أو قوة العملة المحلية لها، لأنه بطبيعة الحال بعد الانخفاض الكبير فى قيمة سندات كل من تركيا وفنزويلا والصين وجنوب أفريقيا وارتفاع أسعار الفائدة عليها نتيجة ارتفاع معدلات المخاطر الاقتصادية فى هذه الدول، سترتفع تكلفة الاقتراض خارجيا بالتبعية فى باقى الأسواق الناشئة وستتأثر إصدارات هذه الأسواق من السندات وأدوات الدين حتى إن كانت لا تمر بأزمة اقتصادية محلية».
وقال: «ويسهم أيضا الاتجاه الصاعد الذى اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية فى أسعار الفائدة على السندات المصدرة من خلالها منذ عام 2015 واستمرار زيادة قوة الدولار أمام باقى العملات خلال الفترة الأخيرة، فى الضغط على قيمة إصدارات الدين الخارجى بالأسواق الناشئة ورفع تكلفتها، خاصة أن هذه الأسواق ذات مخاطر أعلى بكثير من السوق الأمريكية، وهو ما يجعلها تحت ضغط رفع أسعار الفائدة على هذه الإصدارات لزيادة قدرتها على جمع الأموال المستهدفة منها».
وأضاف: «كثافة الدين الخارجى للدول تقاس بالنسبة إلى ناتجها المحلى الإجمالى السنوى، ومعظم الأسواق الناشئة تزيد ديونها الخارجية عن الحدود المناسبة لحجم موازنتها العامة».
وأوضح نائب رئيس بنك الاستثمار «بلتون» ورئيس البورصة المصرية الأسبق، أن موازنات الأسواق الناشئة المحملة بديون خارجية مكثفة ستتأثر سلبا نتيجة استمرار قوة الدولار وارتفاع سعره أمام العملات الأخرى، خاصة الدول التى تعتمد على استيراد السلع الأساسية، كما سيزيد تأثيرها على الدول التى ما زالت تدعم هذه السلع للمستهلك.
ارتفاع تكلفة الدين الخارجي أهم التداعيات
وأشار شوقى إلى أن تصاعد حدة أزمات ارتفاع تكلفة الدين الخارجى يبدأ مع اقتراب موعد استحقاق إصدار قديم، لأنه من الطبيعي فى الأسواق الناشئة أن تلجأ حكومتها إلى سداد هذه الأموال من خلال إصدار جديد ولكن فى هذه الظروف سيتم تسعيره بتكلفة أعلى، وهذا ما يسمى بـRolling Over.
ولفت شوقى إلى أن ارتفاع تكلفة الدين الخارجى تزيد من الضغوط والأعباء الواقعة على العملات ومعدلات النمو الاقتصادى، وتزيد من التحديات التى تواجه قيادات السياسة النقدية فى تحديد الاتجاه الأفضل والقرار الأمثل فيما يتعلق بسعر الفائدة خلال الفترة المقبلة.
أما أن يلجأوا لرفعها حفاظا على قيمة العملة أو تثبيتها وترك العملة لاحتمالية انخفاض قيمتها.وأكد نائب رئيس بنك الاستثمار «بلتون» ورئيس البورصة المصرية الأسبق، أن تأثر السوق المصرية سيكون محدودا جدا مقارنة بباقى الأسواق الناشئة التى لديها ديون خارجية مكثفة، وذلك بفضل الخطوات الجريئة التى اتخذتها الدولة فى برنامج الإصلاح الاقتصادي، سواء على مستوى تخفيض الدعم على المحروقات والكهرباء والمياه وبعض السلع التموينية.
إضافة إلى قرار تحرير سعر العملة المحلية، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة محليا سيحمى الاقتصاد المحلى من التأثر الشديد بالضغوط المرتقبة على أسعار العملة أو الفائدة فى الأسواق المحيطة.
وقال: «أعتقد أن نصيب مصر الأكبر من هذه الأزمة سيكون على صعيد ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجي، ولكن على مستوى العملة أو سعر الفائدة سيكون محدودا جدا».
وتابع: «ستنجح أسواق ناشئة عن الأخرى خلال الفترة المقبلة، وستستطيع تخطي غيرها بالاعتماد على سياستها الاقتصادية والمالية والنقدية فى الحفاظ على قدرتها التنافسية وإتاحة مجال أكبر لمشاركة القطاع الخاص فى قيادة قاطرة النمو الاقتصادى».
وأضاف: «بعد نجاح الدولة فى تنفيذ برنامج الإصلاح، وتوليها دفع عجلة الاستثمار فى البنية التحتية من خلال عدة مشروعات قومية ضخمة، أصبح لا ينقصنا سوى إتاحة المجال بصورة أكبر لمشاركة القطاع الخاص فى التنمية خلال الفترة المقبلة، ومن ثم سيشهد الناتج المحلى الإجمالى طفرات كبيرة فى النمو، كما كان الحال فى مصر فى أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008».
وأوصى نائب رئيس بنك الاستثمار «بلتون» ورئيس البورصة المصرية الأسبق، بالترقب والمتابعة المستمرة لتطورات الأزمة فى الأسواق الناشئة، دون التسرع فى اتخاذ أي إجراءات قد تؤدى إلى نتائج عكسية، خاصة أننا لا نعاني من نفس حجم الضغوط الواقعة على هذه الدول.
كما أوصى بتوسع الحكومة فى إصدارات أدوات الدين بالعملة المحلية لتلافي أزمات ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجى خلال الفترة المقبلة، مشددا على ضرورة الإسراع فى تفعيل السوق الثانوية للسندات التى ستسهم بدورها فى خفض تكلفة الدين.
السيولة المتاحة فى الأسواق العالمية للاستثمار بالأسواق الناشئة ستكون انتقائية.. ونجاح الطروحات مرهون بجودتها
وفيما يتعلق بتأثيرات أزمة الأسواق الناشئة على بورصات عدد من الدول ومنها مصر على مستوى أحجام السيولة المتداولة يوميا فى تعاملاتها، ومدى تأثيرها على نجاح حزمة الطروحات العامة التى تترقبها البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة لمجموعة من الشركات سواء الخاصة أو الحكومية، استبعد شوقى أن تؤثر الطروحات بأزمة انخفاض السيولة الحالية بدعم مما نفذته الحكومة المصرية من برنامج الإصلاح حتى الآن.
وأكد أن السيولة المتاحة فى الأسواق العالمية للاستثمار بالأسواق الناشئة ستكون انتقائية، وبالتالى فنجاح الطروحات المرتقبة سواء الحكومية أو الخاصة سيعتمد على جودة وكفاءة الطرح، من حيث أداء الشركة والقطاع الذى تمثله وتسعير السهم فى الطرح.