هبة عبد الله _ قال شريف سامي، الخبير المالي ورئيس البنك التجاري الدولي والشركة القومية لإدارة الأصول، إن القطاعات الاقتصادية تأثرت بشكل متباين من جائحة كورونا وتبعات الإجراءات الاحترازية، سواء في مصر أو مختلف دول العالم.
مصر انفردت بتحقيق نمو في الناتج المحلي بين دول المنطقة
أضاف أن كل ما يتعلق بالسياحة والنقل الجوي والترفية تأثر بشدة وكذلك أنشطة التصدير إلى حد كبير كتعامل مع الدول الأخرى، إضافة إلى العامل النفسي لدى المستهلكين ومنشآت الأعمال والذي أدى إلى تأجيل الطلب لكل ما هو غير ضروري على الكثير من السلع المعمرة.
وأشار إلى أن قطاع الرعاية الصحية وبالرغم من زيادة الإقبال على بعض خدماتها، إلا أن الكثير من أنشطته عانت خلال العام الماضي ومن ضمنها مقدمو خدمات علاج الأسنان والعيون والجراحات غير العاجلة على سبيل المثال.
أضاف، أنه في المقابل حدثت طفرة مبررة في اللجوء لمنصات التجارة الإلكترونية وخدمات التكنولوجيا المالية لما توفره من يسر في التعامل وتحقيق للتباعد الاجتماعي للوقاية من خطر الإصابة بالعدوى.
وتابع سامي: امتد هذا النمو إلى الطلب على قطاع الاتصالات في ضوء زيادة المكوث بالمنزل والانتشار الكبير للاجتماعات المرئية ولجوء الكثير من المدارس والجامعات لاستئناف برامجها التعليمية من خلال قنوات الاتصال الحديثة.
أزمة كورونا طرحت علامات استفهام حول الطلب المتوقع على العقارات الإدارية والتجارية
ولفت سامي إلى أنه في عدد من الدول وربما بصورة أقل في مصر، ظهرت علامات استفهام بشأن قطاع العقارات الإدارية والتجارية في ضوء ما سبق، إذ إنه بانتشار آليات العمل عن بعد، سواء من المنزل أو من مقار متفرقة وكذا زيادة الاعتماد على التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، بدأت شركات عملاقة في مراجعة احتياجاتها من مسطحات المقار وبالمثل المجمعات التجارية ومنافذ البيع.
وحول تعامل أجهزة الدولة مع الأزمة للحد من تأثيرها، أكد شريف سامي، أن الحكومة وجهات الإشراف المالي المصرفي وغير المصرفي متمثلة في البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية تحركت على عدة أصعدة منذ بداية الأزمة في شهر مارس 2020 وما بعدها للتعامل مع تبعات الوضع.
وقال إنه من جانب آخر حرصت الحكومة على الحد من انتشار الإصابة بالفيروس من خلال إجراءات متوازنة لا تؤدي إلى شلل تام للاقتصاد، ومن جانب آخر راعت تأثر الطبقات الأقل دخلًا والعمالة غير المنتظمة وأقرت مساعدات مالية لها، وقد أثمر هذا التوجه وتسانده مُكتسبات الإصلاح النقدي والمالي التي أحرزتها الدولة قبل انتشار الجائحة عن انفراد مصر على مُستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتسجيل نمو ناتج محلي إجمالي بلغت نسبته 2.5% خلال العام المالي الماضي.
وفيما يخص القطاع المالي لفت سامي، إلى أن السوق شهدت مبادرات مهمة أعلنها البنك المركزي لترحيل الاستحقاقات الائتمانية للعملاء لمدة ستة أشهر ومبادرات تيسير لعدد من القطاعات مثل السياحة وأخرى لمساندة القطاع العقاري، كما خفضت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي على مدى العام أسعار العائد أكثر من مرة بما مجموعه 4%.
أضاف أنه للتشجيع على تبني أدوات الدفع الحديثة تقرر إعفاء عملاء البنوك من مصروفات التحويل واستخدام نقاط الدفع وشبكة الصراف الآلي بما يجذب فئات إضافية للتعامل من خلال تلك القنوات ويقلل الحاجة للتواجد الفعلي بالفروع ومنافذ المؤسسات المالية، ويسهم في تعزيز الشمول المالي والتحول التدريجي لمجتمع أقل اعتمادًا على التعامل بالنقد (الكاش).
وتابع أن الهيئة العامة للرقابة المالية اتخذت إجراءات مماثلة فيما يتعلق بعملاء المؤسسات المالية غير المصرفية وتشجيع استخدام وسائل الدفع.
وعن دور القطاع المالي ودوره في مرحلة التعافي، أشارشريف سامي، إلى أن القطاع المالي ورغم تأثره بتبعات الكورونا من حيث زيادة المخصصات لمواجهة مخاطر التعثر لدى بعض العملاء نتيجة للظروف الاقتصادية، وفقده لإيرادات بعض الأنشطة التي تأثرت بالإجراءات الاحترازية، إلا أنه متحفز لزيادة مساهمته في التمويل مع عودة الأمور لطبيعتها، ويرتبط ذلك بالمنشآت الاقتصادية أو بتحفيز الطلب من خلال تمويل الأفراد.
وقال إن الطلب المؤجل من المستهلكين من المرجح أن يدفع الشركات في مختلف المجالات إلى زيادة إنتاجها واستئناف برامجها التوسعية لتلبيته وهو ما يتطلب توفير التمويل اللازم لها.
وأوضح سامي أن هناك نشاطًا ماليًّا غير مصرفي جديدًا ظهر في مصر العام الماضي بصدور أول قانون ينظم التمويل الاستهلاكي، ومن المتوقع أن يشهد نموًّا كبيرًا خلال هذا العام، وذلك على غرار ما رأينا في التمويل متناهي الصغر وهو ما تشهد به الإحصاءات الصادرة عن الهيئة العامة للرقابة المالية باستمرار ارتفاع أرقامه والمستفيدين منه حتى في عام أزمة كورونا.
التوسع في تمويل المنشآت الصغيرة تحدٍّ مهم للقطاع المالي
ولفت شريف سامي، إلى أن الاهتمام بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة وإن كان بدأ منذ عدة سنوات إلا أن مبادرة البنك المركزي الأخيرة بدعم تمويلها قد يمثل نقلة نوعية في ظل الوزن النسبي الكبير لتلك المنشآت في التشغيل وتوفير السلع والخدمات، حيث إن إلزام البنوك العاملة في مصر بزيادة نسبة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى 25% من إجمالي محافظها على أن يكون من ضمنها 10% من المحفظة على الأقل للمنشآت الصغيرة، سيدفع البنوك لمزيد من الجهد لإيجاد حلول مبتكرة للوصول إلى تلك الكيانات. وقال إن التحدي يتمثل في الموازنة بين اعتبارات متعددة تتضمن مصداقية العميل ومدى الجدوى الاقتصادية للنشاط والمخاطر المقبولة في ضوء تسعير التمويل الممنوح.
الاستدامة والتكنولوجيا المالية في مقدمة أولويات البنك التجاري الدولي
وعلى صعيد البنك التجاري الدولي بصفة خاصة داخليًّا وخارجيًّا، قال الرئيس غير التنفيذي للبنك التجاري الدولي إن التوجهات السابق الإشارة إليها بالنسبة لقطاع المصرفي بالتأكيد تمثل أولويات للبنك ولديه خطط طموحة بشأنها.
أضاف: كما تم التأكيد عليه خلال الجمعية العامة للبنك المنعقدة منذ أيام فهناك اهتمام خاص بتبني أحدث الوسائل التكنولوجية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في كل الأنشطة المصرفية، وكذا بالاستدامة من خلال مبادرات التمويل الأخضر وتوفير منصة قوية لدمج مُمارسات الاستدامة البيئية والمُجتمعية ومبادئ الحوكمة بجميع أنشطته التشغيلية.
التمويل الأخضر منتج يضيف للسوق المصرية
وأكد أن البنك أحرز خطوات متقدمة خلال العام لطرح أول سندات خضراء في السوق المصرية لكن تم تأجيل الطرح نظرًا للتداعيات السلبية لجائحة كوفيد19، موضحًا أنه من المستهدف تخصيص العائدات لمساعدة البنك في مواءمة عملياته مع أهداف التنمية المُستدامة للأمم المتحدة.
وخارج الحدود، توجهت أنظار البنك التجاري الدولي للتوسع بأعماله في أسواق شرق إفريقيا لتعظيم الاستفادة من المقومات الاستثمارية الجذّابة التي تحظى بها، وتمثل ذلك في إتمام الاستحواذ خلال شهر أبريل 2020 على حصة 51% في أحد البنوك الكينية وأعيد تسميته إلى ميفير سي آي بي.