رئيس الوزراء: درسنا 30 تجربة دولية لوضع وثيقة سياسة ملكية الدولة
وضع صورة متكاملة لتواجد الدولة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث القادمة
حابي – دشن رئيس الوزراء حوار الخبراء حول “وثيقة سياسة ملكية الدولة”، التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا، وذلك بحضور عدد من الوزراء والمسئولين، وممثلين عن مجلسي النواب والشيوخ، والعديد من خبراء الاقتصاد والمتخصصين، ومسئولى القطاع الخاص، والمجتمع الأكاديمي، واتحاد الصناعات المصرية، والاتحاد العام للغرف التجارية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: هذه المناسبة هي بالفعل مهمة جدا كمرحلة جديدة تدخلها الدولة المصرية في تحديد رؤيتها للاقتصاد المصري، وشكل تواجد الدولة في الاقتصاد خلال المرحلة المقبلة، وقد انعكست هذه الرؤية في الوثيقة التي نحن بصدد تدشين حوار مجتمعي حولها، ولا سيما مع المشاركة الفعالة لهذه الكوكبة من العقول والخبرات المصرية في هذا الحوار.
وأشار إلى أن من دوافع إصدار هذه الوثيقة، وهذا التوجه بصفة عامة، هو مطالبات للعديد من الخبراء خلال الفترة الماضية بضرورة تحديد شكل تواجد الدولة في الاقتصاد المصري بوضوح شديد، وهو ما يعتبر جوهر الوثيقة والهدف الرئيسي لإصدارها، حيث تحدد الوثيقة سياسة الدولة تجاه الأصول المملوكة لها، ومنطق تواجدها في النشاط الاقتصادي خلال المرحلة القادمة.
وأكد رئيس الوزراء أنه رغم وجود ارتباطات عديدة على جدول العمل اليومي له، إلا أنه حريص بشكل شخصي على متابعة آراء الخبراء في كل المجالات الاقتصادية ونمو الاقتصاد في مصر بصفة عامة، “ولذا فقد حرصنا على إرساء مرتكزات ومحددات لرؤيتنا للمرحلة القادمة، والتي يشغل فيها محور تعزيز دور القطاع الخاص حيزا كبيرا من هذه الرؤية، من خلال العودة لقيادة مختلف الأنشطة الاقتصادية في الدولة المصرية”.
ولفت إلى أن هذه الوثيقة لم تصدر كرد فعل للفترة الأخيرة، إلا أننا بدأنا بالفعل في إعدادها اعتبارا من نوفمبر الماضي، وهي الفترة التي كنا نرى كدولة وحكومة أن هناك حاجة ماسة إلى وضع رؤيتنا للسنوات الخمس المقبلة على الأقل، بما يتضمنه ذلك من ضرورة تحديد الأنشطة التي يتعين على الدولة التواجد فيها، والأنشطة الأخرى التي يمكن أن تبدأ في التخارج منها، لإفساح المجال أكثر وأكثر أمام القطاع الخاص للدخول فيها.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الحكومة شكلت الوثيقة بصورة مختلفة إلى حد ما؛ “حيث بدأنا إعداد الوثيقة من خلال مجموعات عمل شارك فيها الوزراء جنبا إلى جنب الخبراء دون الاقتصار على الوزراء فقط، والمتخصصين، وممثلين من القطاع الخاص، وكان هناك عمل متواصل على مدار 7 أشهر الماضية”.
وتابع: “أعددنا أكثر من نسخة ومسودة للوثيقة وتمت مناقشتها من خلال جلسات مغلقة كان الهدف منها والذي وضعناه نصب أعيننا أن تكون الوثيقة محايدة ومستقلة”، مؤكدا حرصه على التعرف على آراء ووجهات نظر الخبراء من خارج الحكومة حيال هذه الوثيقة.
وفيما يتعلق بأسباب ودوافع إصدار هذه الوثيقة، قال رئيس الوزراء: “كما ترون فالمرحلة التي نمر بها حاليا والعالم كذلك يمكن أن نطلق عليها مرحلة فارقة في تاريخ البشرية، كما أن هناك خريطة جديدة للعالم يتم تشكيلها الآن في جميع المجالات؛ السياسي، والأمني، والعسكري، والاقتصادي، وغيرها من المجالات”.
وأضاف أنه لا أحد يعلم متى ستنتهي هذه الأزمة تحديدا، إلا أن الأمر المؤكد أن العالم سيصبح مختلفا بعد هذه الأزمة تماما، وهو ما دفعنا بصورة أكبر للبدء منذ نوفمبر الماضي في محاولة إعداد هذه الوثيقة، مسترشدين بتجارب عدد من الدول في هذا الصدد، والتي سبقتنا في إصدار مثل هذه الوثيقة، ضاربا المثل بثلاث دول أصدرت بالفعل وثيقة مشابهة وهي الصين 2020، وإندونيسيا 2020، والهند 2021.
وتابع: وتوصلنا إلى أن هذه الدول بدأت في إصدار هذه الوثيقة نظرا لمرور العالم بأزمات متعاقبة بدءا من أزمة جائحة كورونا، حيث بدأت تحدث تغيرات كبيرة، الأمر الذي دفع دول العالم إلى بدء استشراف المستقبل حول الاقتصاد العالمي، ودور الحكومات في هذا الاقتصاد، وكان المحرك الأساسي للدول في هذا الشأن هو الدافع لتنظيم الأسواق، وتعزيز المنافسة التي أصبحت أحد أهم أولويات الحكومات وخاصة الاقتصاديات في الدول الناشئة، بالإضافة إلى تحرير التجارة.
وحول الوضع في مصر إزاء ذلك، قال الدكتور مصطفى مدبولي إن الدولة المصرية مرت بالعديد من الأحداث والأزمات المتعاقبة منذ عام 2011، والتي شهدت اندلاع ثورتين، أعقبها فترات صعبة تخللت تلك السنوات، ثم بدأ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الكبير.
وتابع: وفي هذه الأثناء لم يكن أمام الدولة المصرية سوى التحرك باتجاه العمل على زيادة الاستثمارات العامة لضخ الموارد المالية الضخمة في مشروعات عديدة؛ من أجل دفع عجلة الاقتصاد المصري وإعادة بناء الدولة، وتوفير أكبر حجم من فرص العمل في ظل ظروف كان من الصعب فيها أن نلجأ للقطاع الخاص لكي يتحمل هذا العبء، بسبب ظروف سياسية غير مواتية، وأوضاع اقتصادية غير مستقرة.
وأضاف: لذا كان من غير المنطقي أن تسند إليه الدولة مهمة توفير مليون فرصة عمل سنويا، وأن تطلب منه التوسع والانتشار في ظل هذه الفترة، وهو الأمر الذي تحملته الدولة بمفردها مثلما فعلت العديد من دول العالم في ظل أزمات واجهتها، وذلك عبر زيادة الإنفاق العام، وزيادة الاستثمارات العامة في مرحلة معينة.
وقال رئيس الوزراء: كان لدينا يقين في الحكومة المصرية أنه مهما طالت هذه الفترة الصعبة فهي فترة مؤقتة ويمكن اعتبارها استثنائية، فليس من المنطق أن تقود الدولة النشاط الاقتصادي.
ولفت إلى أن نصف هذه الاستثمارات العامة كان من نصيب تطوير البنية التحتية، وقطاعات عديدة مثل النقل، والتعليم، والصحة، وهي القطاعات التي لم يكن القطاع الخاص قادرا فيها على القيام بهذا العبء وفي مدى زمني قصير لتمهيد الطريق أمام القطاع الخاص لبدء الانطلاقة الكبرى.
وطرح رئيس الوزراء تساؤلا حول ما الذي جعل الدولة تزيد من تدخلها في بعض الأنشطة في وقت ما؟، معقبا: “إذا ما نظرنا إلى الفترة من عام 2011 إلى عام 2015 نجد أن الدولة المصرية مرت بظروف أدت إلى انخفاض معدلات نمو الاقتصاد المصري بصورة كبيرة جدا، صاحبه ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، بجانب ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى معدلات 13 و14 %، وكذا تراجع تصنيف مصر في المؤشرات الدولية، وانخفاض صافي احتياطي النقد الأجنبي، حيث وصل الاحتياطي إلى أرقام منخفضة بطريقة مفزعة”.
وأشار إلى أن تلك الظروف أجبرت الدولة على التدخل والعمل على إعادة دورة الاقتصاد المصري، قائلاً:” ليس من المنطقي أن نُحمل القطاع الخاص في مرحلة بمثل هذه الظروف، العمل على دفع الاقتصاد وزيادة حجم الاستثمارات في البنية الأساسية، في وقت الأمور فيه غير مواتية لدخول القطاع الخاص في مثل تلك المشروعات”.
وقال رئيس الوزراء: لذا تبنت الدولة ثلاثة محددات لتصحيح المسار الاقتصادي، شملت ضخ استثمارات حكومية داعمة، وتنفيذ المزيد من المشروعات القومية في مختلف المجالات هدفها توفير البنية الأساسية، وخلق حجم كبير من فرص العمل.
وأضاف أنه مع تلك الظروف الصعبة التي يمر بها العالم حالياً، يصل حجم البطالة في مصر الآن إلى 7.4%، مقارنة بـ 13.5 و14% خلال عامي 2013 و2014، مع الأخذ في الاعتبار الزيادة السكانية الواقعة والتي يصل حجم نموها إلى مليوني نسمة سنويا.
وأشار إلى أن المسارات تضمنت أيضا إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذى بدأ منذ أواخر عام 2016، ونواصل العمل فيه حتى الآن من خلال برنامج الإصلاحات الهيكلية.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أنه مع مرور الوقت، أصبح لدينا حاليا محفظة أصول مملوكة للدولة كبيرة للغاية، وموزعة على كل القطاعات، مبينا من خلال إيضاحات بعرض تقديمي أمام الحضور والمشاركين في الحوار المجتمعي مقارنة بين مصر وعدد كبير من الدول في قيمة الأصول المملوكة للدولة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي؛ فنحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر عبارة عن أصول تملكها الدولة، بالمقارنة بمتوسطات دول أخرى في أمريكا اللاتينية تتراجع هذه النسبة إلى 12% فقط، وفي الاتحاد الأوروبي لا تزيد النسبة عن 30%.
واستكمالا لتوضيح دوافع إصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة، أكد رئيس الوزراء أن ذلك يأتي استنادا إلى ما نمر به من مرحلة جديدة تستلزم تقليص تواجد الدولة في العديد من القطاعات؛ سعيا لقيادة القطاع الخاص لهذه القطاعات مرة أخرى، وهو ما يأتي تنفيذها لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، في هذا الصدد، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في شهر رمضان الماضي.
وفي الوقت نفسه، أشار رئيس الوزراء لما تم الإعلان عنه خلال المؤتمر الصحفي العالمي الذي عقد مؤخرا، من أن الحكومة تستهدف رفع نسبة مشاركة القطاع الخاص من 30% حالياً، لتصبح 65% من إجمالي الاستثمارات العامة المنفذة خلال السنوات الثلاث المقبلة، وذلك بما يسهم في دفع معدلات النمو الاقتصادي لتتخطي 7%، وذلك على الرغم من الصعوبات والتحديات التي يواجهها العالم كله.
وأكد أن الدولة ليس أمامها بديل آخر للتحرك في هذا الموضوع، على الرغم مما نواجهه من تحديات وزيادة سكانية مضطردة.
وفيما يخص الملامح الرئيسية لوثيقة “سياسة ملكية الدولة”، أوضح رئيس الوزراء أنه تم إعداد هذه الوثيقة من خلال دراسة 30 تجربة دولية في هذا الشأن، وما احتوته من دوافع، مع عقد مقارنات لوضع مصر بالدول التي قامت بإصدار هذه الوثائق، والتي تختلف في ظروفها عن مصر، وذلك سعياً للاطلاع على التجارب المماثلة والمشابهة للظروف المصرية، بحيث تكون أقرب ما يكون لدول سبقت بإصدار وثائق سياسة ملكية الدولة.
وأشار رئيس الوزراء إلى عقد عدد من اللقاءات مع أعضاء الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية والمجالس التصديرية، للاستماع إلى آرائهم وتوجهاتهم في هذا الموضوع.
ونبه إلى مشاركة 20 خبيراً متخصصاً في إعداد الوثيقة، وتم إصدار 25 إصدارة مختلفة متخصصة لمختلف القطاعات المطروحة داخل وثيقة سياسة ملكية الدولة سيتم إتاحتها لتسهيل الرجوع إليها، والاستفادة من البيانات والمعلومات المتوافرة بها حول تلك القطاعات.
وأشار إلى أنه إلى جانب ذلك فقد تم الاستعانة بمختلف التقارير الدولية الصادرة عن المؤسسات الدولية في هذا السياق، وكذا الصادرة عن المكاتب العالمية المتخصصة أيضاً.
وانتقل رئيس الوزراء إلى الحديث عن الموضوعات الرئيسية لوثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تضم 8 موضوعات، موجزة في 20 ورقة فقط تحدد توجه الدولة المصرية في هذا الإطار، حيث تم الاستعانة بالنموذج المُعد من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “OECD”، وكذا الوثائق المُعدة من جانب العديد من الدول.
وأوضح أن الموضوعات تتضمن الأهداف والموجّهات الأساسية، ومنهجية تحديد الأصول المملوكة للدولة، وآلية تنفيذ سياسة ملكية الدولة للأصول العامة، ودور صندوق مصر السيادي خلال الفترة القادمة، وما يتعلق بالشراكة مع القطاع الخاص، وتعزيز نهج الشراكة بين القطاعين العام والخاص خلال الفترة المقبلة، والمبادئ الحاكمة لتواجد الدولة في النشاط الاقتصادي، وما يتعلق بالحياد التنافسي والبيئة التشريعية، وذلك ردا على ما أثير من مزاحمة الدولة للقطاع الخاص، وعدم تحقيق العدالة في منحه الفرصة للاستثمار، كما تضمنت الموضوعات الإطار التنفيذي لتحقيق أهداف هذه الوثيقة، ويشتمل على برنامج زمنى محدد يتم الالتزام به، بحيث يتم ترجمة الوثيقة لخطوات تنفيذية وإطار للمتابعة والتقييم، وذلك سعياً لأن تكون الوثيقة ذات قيمة.
وأوضح رئيس الوزراء أن منهجية تحديد الأصول المملوكة للدولة، اعتمدت على 6 معايير، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه كان هناك فريقان يعملان بالتوازي على تحديد تلك الأصول، الأول داخل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والفريق الثاني داخل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ويضم مجموعة من الخبراء الاقتصاديين وكذا المتخصصين بعدد من الجهات والأجهزة الحكومية.
وأكد أن الفريقين خرجوا بنفس المعايير الخاصة باختيار الأنشطة والقطاعات الاقتصادية التي تتخارج منها الدولة أو تستمر فيها، حيث اشتملت تلك المعايير على مدى ارتباط السلعة أو خدمة أو النشاط بالأمن القومي، وكذا ما يتعلق بالأنشطة الانتاجية غير الجاذبة للقطاع الخاص للاستثمار فيها بسبب طبيعة النشاط، وتضمنت المعايير تخارج الدولة من الصناعات الاستهلاكية، والدخول كمنظم وممول وداعم للصناعات المستقبلية التكنولوجية ذات الصلة بالثورة الصناعية الرابعة لتوطينها في مصر، وذلك لعدم توافر متخصصين في تلك الصناعات من القطاع الخاص، ولذا سعت الدولة إلى تجهيز البنية التحتية اللازمة لهذه الصناعات؛ من أجل تشجيع القطاع الخاص للدخول في هذا المجال.
وأضاف أن هناك محددا آخر للتخارج وهو الدخول في قطاعات لا تؤثر سلباً على استثمارات القطاع الخاص، أو الدخول في استثمارات عامة تؤدي إلى وقوع خسائر للدولة، ومن الأفضل دخول القطاع الخاص بها بفضل إدارته لها بأسلوب من شأنه تحقيق عائدات كبيرة وأرباح.
وحول أشكال التخارج، أوضح رئيس الوزراء أنه تم وضع صورة متكاملة لتواجد الدولة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث القادمة، بحيث سيكون هناك قطاعات ستتخارج منها الدولة بشكل كامل، وقطاعات سيتم إبقاء تواجد الدولة فيها مع تثبيت أو تخفيض الاستثمارات الحكومية، وقطاعات أخرى سيتم البقاء فيها مع رفع الاستثمارات الحكومية بها، بحكم أن القطاع الخاص غير موجود في هذه القطاعات.
وأشار إلى أن الوثيقة تتضمن بصورة تفصيلية تلك القطاعات، مطالباً إبداء الرأي فيما تم تصنيفه للتخارج من هذه القطاعات، منوها بأنه فيما يخص قطاع الصناعة، نرى أن هذا القطاع فى الاساس يتعلق بالقطاع الخاص بالكامل، وهناك تركيز شديد فيما يتعلق بالصناعات الواجب على الدولة التواجد فيها، بحكم أنها صناعات استراتيجية، على أن يكون باقي الصناعات موجهة للقطاع الخاص لإدارتها بالكامل خلال المرحلة المقبلة.
ولفت رئيس الوزراء إلى وضع مجموعة من الآليات لتخارج الدولة من النشاط الاقتصادي سواء كليا أو جزئيا، حيث تختلف هذه الآليات من قطاع لآخر ومن أصل لآخر، موضحا أن هناك 7 آليات للتخارج، تتضمن البيع كلياً أو جزئياً، وذلك من خلال دخول مستثمرين استراتيجيين، أو طرح نسبة من هذه الشركات والأصول في البورصة للمصريين، توسيعاً لقاعدة الملكية من خلال آليات محددة.
وأضاف رئيس الوزراء أن آليات التخارج تتضمن أيضا احتفاظ الدولة بالأصل المملوك لها، مع إعطاء حق الإدارة والتشغيل بالكامل للقطاع الخاص، وإمكانية دخول القطاع الخاص بجزء من التمويل فى حالة زيادة رأس المال لإقامة توسعات للمشروعات، هذا إلى جانب إعادة الهيكلة لوقف التداخل فى عمل بعض الهيئات والجهات الحكومية، من خلال حدوث اندماج لتلك الهيئات، ثم البيع أو الطرح، للاستفادة من القيمة الحقيقة لهم.
وأشار إلى الشركات التي تسري عليها قانون قطاع الأعمال العام، سواء التابعة لوزارة قطاع الأعمال أو عدد من الوزارات الأخرى، وما تم من قبل وزارة قطاع الأعمال لإعادة هيكلة تلك الشركات.
وقال رئيس الوزراء: لم يكن لدينا حصر كامل ودقيق لجميع أصول الدولة، وتم العمل عليه خلال الفترة الماضية، وصولاً لحصر تلك الأصول وتقييمها بصورة صحيحة ودقيقة، قائلاً: “عدد كبير من هذه الأصول مقيم دفترياً، برقم ما وغير واقعي، نظراً لأن الدولة لم يكن لديها توجه لطرح هذه الأصول بصورة حقيقية في الاسواق أو للمشاركة مع القطاع الخاص”.
وتابع: “مستمرون فى جهود إعادة الهيكلة والدمج، والتقييم الحقيقي للأصول، وصولاً للقيم الحقيقية لأصولنا”، موضحا أن “تجربة إنشاء الصناديق السيادية، علمتنا ذلك”.
وأكد رئيس الوزراء أن هناك ثلاثة أبعاد رئيسية سيتم مراعاتها عند القيام بعمليات التخارج، هي: أن يتم التخارج بصورة تدريجية وعلى مراحل، مع مراعاة الأبعاد الاستراتيجية والأمنية لبعض الأنشطة الاقتصادية، حيث أن هناك بعض الأنشطة الواجب على الدولة التواجد فيها ولو بصورة جزئية.
وأضاف: تتضمن الأبعاد أيضا تحديد منهجية التعامل بعد التخارج، لتجنب التداعيات غير المواتية، ومنها ما يتعلق بالعمالة، والإيرادات وغيرها من الأمور.
كما أكد رئيس الوزراء أن الدولة تسترشد بالمعايير والمبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية فى الأصول التي سيتم الإبقاء عليها.
وشدد على اتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها ضمان الحياد التنافسي، وفق أطر تنظيمية دون تمييز، وذلك من خلال تفعيل استراتيجية حماية المنافسة، ومراجعة وتقييم كافة الإجراءات لضمان وجود هذا الحياد، إلى جانب إقرار التعديلات القانونية المطلوبة فى هذا الشأن، تعزيزاً لدور جهاز حماية المنافسة خلال الفترة القادمة.
وأوضح رئيس الوزراء أن الإطار التنفيذي لسياسة ملكية الدولة، يتضمن الإعلان عن برنامج تنفيذى سنوى عن سياسة ملكية الدولة للأصول، وذلك عقب الانتهاء من مراجعتها من قبل الخبراء والمختصين، ووضع برنامج زمنى لها، لمتابعة مدى نجاح الدولة فى تنفيذ هذه الوثيقة.
وأشار إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة وضع الحكومة برنامجا لتسييل أصول بقيمة 40 مليار دولار من الأصول المملوكة للدولة، لافتا إلى أنه مع وجود وثيقة سياسة ملكية الدولة، ستتمكن الحكومة من وضع إطار زمنى دقيق يتضمن القطاعات وتقييمها، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس في هذا الصدد.
إلى جانب ذلك، أشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة حرصت عند تدشين حوار الخبراء بشأن وثيقة سياسة ملكية الدولة، على وجود كوكبة ممثلين عن كل من: مجلسي النواب والشيوخ، والقطاع الخاص، والمجتمع الأكاديمي، واتحاد الصناعات والغرف التجارية، كعينة ممثلة عن المستهدفين من هذا الحوار، ومن ننتظر الإدلاء برأيهم في هذه الوثيقة.
وأشار مدبولي إلى أن الحصول على آراء الخبراء، سيكون من خلال عدة آليات، تبدأ بتدشين منصة الكترونية حوارية، وعقد ورش عمل متخصصة تضم الخبراء والمتخصصين، كما سندشن تطبيقا على الهاتف المحمول، لتوسيع دائرة مشاركة المختصين، وكذا المواطنين المهتمين بهذه المجالات.
وأوضح رئيس الوزراء ان “منصة حوار الخبراء لوثيقة ملكية الدولة”، سيتاح بداخلها نص الوثيقة وكافة المنشورات والوثائق المرتبطة بها، كما ستسمح بعقد ورش وحوارات إلكترونية في غرف نقاشية، بخلاف الحوارات الفعلية، لنستطلع من خلالها آراء الخبراء وذوي الشأن والمختصين في هذه المجالات.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم أيضا عقد عدد من ورش العمل، خلال الشهرين القادمين، ستضم الخبراء والمختصين في هذا المجال، وسيتم الاعلان عن مواعيد ورش العمل عبر المنصة، وسيتم التركيز على ورش العمل التخصصية، المرتبطة بالقطاعات المستهدفة بالتحديد، بحيث يتواجد الخبراء في كل قطاع لإبداء ارائهم في كيفية التحرك.
وأضاف أنه سيتم إطلاق تطبيق للهاتف المحمول باسم “شارك: وثيقة سياسة ملكية الدولة”، لكي يتمكن المواطنون من الدخول والمشاركة في الحوار.
وأوضح رئيس الوزراء مستهدفات الحوار مع الخبراء، فهذه الوثيقة هي مسودة تطرحها الدولة، والهدف من الحوار، تحقيق التوافق بشأن الأنشطة التي سيتم التخارج منها، والمدد الزمنية المناسبة للتخارج، وهذه نقطة مهمة، وكذلك التعرف على مطالب واحتياجات القطاع الخاص لتعزيز تواجده في القطاعات التي من المخطط التخارج منها، وأيضاً تحديد الخطوات والرسائل الإيجابية، التي يراها الخبراء ضرورة ان تقوم بها الدولة والحكومة، لطمأنة القطاع الخاص، والإسراع من حركته في خلال الفترة القادمة.
وأعرب عن ثقته في أن الخبراء سيتمكنون من خلال خبراتهم الكبيرة، من مساعدة الدولة في هذه الخطوات المطلوبة، لكي نتمكن بحد اقصى 3 شهور من ان ننتهي من الوثيقة، بحيث تخرج بصورة رسمية، لتكون بمثابة دستور اقتصادي للدولة المصرية، خلال الفترة القادمة.
ولفت إلى أن هذه الوثيقة تأتي استكمالاً للإصلاحات الحكومية التي تتبناها الدولة المصرية، حيث تنفذ حاليا المرحلة الثانية من الاصلاح الاقتصادي، التي تركز على برنامج الإصلاحات الهيكلية، وبرنامج تسييل أصول بقيمة نستهدفها ستكون على الأقل 10 مليارات دولار سنوياً، مع إطلاق حزمة من الحوافز الاستثمارية للمشروعات الجديدة التي نستهدفها، وكذا تطوير منظومة الحصول على الأراضي للمشروعات الصناعية، وصدر بها قرار مؤخراً، وكذا تحسين مناخ المنافسة ودعم الحياد التنافسي.