رانيا يعقوب: ضرورة إتاحة محفزات لطرح الشركات في البورصة.. وتعزيز الطلب من جانب الدولة

دعوة الجهات الرقابية لوضع معايير جديدة للتقييم تتناسب مع الأوضاع الحالية

بارة عريان _ أكدت رانيا يعقوب، رئيس مجلس إدارة شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية وعضو مجلس إدارة البورصة ، أن التقييمات المتدنية للشركات المقيدة بالبورصة المصرية جاءت نتيجة العرض والطلب والضغوط التي تعرضت لها البورصة، حيث شهدت السوق مشاكل داخلية أثرت سلبًا على شهية المتعاملين، مثل قضية الأرباح الرأسمالية، وإلغاء العمليات.

ونوهت إلى أن ذلك كان قبل عام 2022 الذي شهد حدوث الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي تزامنت مع الأزمة المتعلقة بمعدلات التضخم، ليلقيا بظلالهما على جميع أسواق المال العالمية، وليست السوق المصرية فقط، وأوضحت أن هذه المعطيات أدت إلى انخفاض أسعار الأسهم، ليتم تداولها عند مستويات متدنية، مما انعكس على تقييمات الشركات.

E-Bank

وقالت إنه كان من المفروض أن تقدم البورصة المصرية دورًا مهمًّا في جذب السيولة، وأن تكون سوقًا للتخارج وزيادة رؤوس الأموال للشركات، ولكن للأسف نتيجة للضغوط الداخلية، والتي تبعتها الأزمة العالمية، أصبح القيد في البورصة يؤثر سلبًا على قيم الشركات والأصول المصرية، التي من المفترض أن تكون أصولًا جاذبة.

وأشارت إلى أنه لوحظ وجود اهتمام كبير جدًّا من جانب شريحة من المستثمرين العرب وغيرهم في عدة قطاعات، مؤكدة أن الاقتصاد المصري يتسم بتنوع القطاعات، فهو لا يعتمد على قطاعات بعينها، بل يضم عددًا كبيرًا من القطاعات الجاذبة، لافتة إلى أن الخطة التي قامت بها مصر على مدار السنوات الماضية كانت من المفترض أن تؤتي ثمارها، لولا حدوث أزمة كورونا، والتي لحقتها الأزمة الحالية.

وأضافت أنه في ظل هذه المعطيات أصبحت الشركات المقيدة في البورصة على خط النار، وكانت الأكثر تأثرًا في تقييماتها من الأصول الأخرى غير المطروحة في البورصة، مؤكدة أن الدولة في إطار عودتها للاهتمام بالبورصة يجب أن تعيد هيكلة هذا الملف، بما يضمن عودة البورصة للقيام بدورها الحقيقي.

وترى أنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة المزيد من الاستحواذات، والتي قد يعقبها تزايد عمليات الشطب، واتجاه مجالس الإدارات والجمعيات العمومية إلى الشطب من البورصة، منوهًا إلى أن هذا التريند سيتزايد في ظل المشاكل التي تؤثر على قوى العرض والطلب في البورصة، وكذلك تؤثر على قدرة البورصة على جذب مستثمرين واستقطاب سيولة للشركات.

وأكدت على ضرورة إتاحة محفزات لطرح الشركات في البورصة، خاصة في ضوء وجود اهتمام من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي بجذب القطاع الخاص وزيادة مشاركته، موضحة أن الحفاظ على معدلات مشاركة القطاع الخاص وزيادتها يتطلب تمويلًا، لافتة إلى أن الشركات لن تقبل على البورصة في ظل غياب الحوافز.

وأوضحت أن الحوافز يجب أن تتحرك على محورين، أولهما محور العرض الخاص بالشركات وطرحها، فالشركات تحتاج إلى محفزات في هذا الإطار مثل تخفيض ضريبي للشركات التي ستطرح أسهمها بالبورصة، على أن يكون مداه 5 أو 10 سنوات على سبيل المثال، منوهًا إلى أن هذا الأمر كان معمولًا به في نهاية التسعينيات وبداية الألفينات، وتمكن من جذب آلاف الشركات للبورصة المصرية.

مطلوب إلغاء ضرائب الأرباح الرأسمالية وإعادة صياغة القوانين الخاصة بمعاقبة المتلاعبين

وأشارت إلى أن المحور الثاني يتمثل في الطلب، وهو الجانب الخاص بالمستثمرين، والذي يجب أن يضم حوافز مثل إلغاء ضرائب الأرباح الرأسمالية، وإعادة صياغة القوانين الخاصة بمعاقبة المتلاعبين، بما يضمن عدم الإضرار بعملية التداول والطلب والعرض.

ونوهت إلى أن حماية صغار المساهمين بالشركات من عمليات الاستحواذ بهذه القيم المتدنية، يتطلب إتاحة آلية للتقييم، بخلاف سعر السوق، والذي على الرغم من كونه معيارًا مهمًّا، إلا أنه في ظل الظروف الحالية والتي تعاني خلالها كل الأسعار بمختلف البورصات العالمية والمحلية من التداول عند مستويات متدنية للغاية، سيكون من الظلم أن يكون هذا هو المعيار الرئيسي للتقييم.

وأضافت أنه من الضروري وضع معايير جديدة لهذه الأزمة، مثل القيمة العادلة والتدفقات النقدية المستقبلية، منوهة إلى وجود شركات قوية للغاية تم الاستحواذ عليها بأسعار بخسة، لا تتناسب مع رؤية القطاع الذي تعمل به، ولا التدفقات النقدية المستقبلية لهذه الشركات، لافتة إلى أن المساهم الذي يستثمر في البورصة يشتري المستقبل، وليس الحاضر.

وشددت على ضرورة قيام الجهات الرقابية بوضع معايير جديدة للتقييم تتناسب مع الأوضاع الحالية، خاصة أن الأسعار السوقية للأسهم تتسم بكونها متدنية بصورة كبيرة، فهي لا تمثل قيمة هذه الشركات والقطاعات التي تعمل بها.

وقالت إنه يجب على مجالس إدارات الشركات عند تقديم عرض استحواذ إليها، أن يتم تعيين مدير مالي مستقل لحماية حقوق المساهمين، والذي قد يجد أن القيمة العادلة أعلى من قيمة الاستحواذ، وفي هذه الحالة يفترض الإعلان عنها، وإخطار المساهمين بصورة عامة، ليكون لهم الحرية في اتخاذ القرار بالبيع في عرض الاستحواذ أو الاحتفاظ بأسهمه، نظرًا لكونها أقل من القيمة العادلة، فهذا هو الدور المنوط بمجالس إدارات الشركات القيام به.

وحول الحلول ذات الأولوية الواجب العمل عليها للحفاظ على قيم الشركات المصرية، ترى أن الكثير من الدول لجأت في هذا التوقيت إلى الصناديق السيادية الخاصة بها، لدعم الأصول، مؤكدة أن الأصول المصرية تتسم بكونها جيدة، لذا يجب ألا تباع بهذه الأسعار، ومن الأولى أن تحظى بها صناديق وطنية سواء سيادية أو صناديق تابعة لبنوك حكومية، والتي من الضروري أن تدخل لضخ سيولة والشراء بهذه الأصول، ورفع قيمها، لا سيما أن الأزمة الحالية لن تتعدى كونها وقتية، وقد تنتهي في غضون عام أو عامين.

وقالت: “هذه الأصول تستحق الاستثمار بها، فإذا لم يكن لدينا ثقة في أصولنا الوطنية، كيف نجد هذه الثقة موجودة لدى العرب وغيرهم، والذين يقبلون على الاستحواذ على هذه الأصول خلال الفترة الحالية؟!”.

وأكدت أنه يجب تعزيز جانب الطلب كدولة، موضحة أن الإعلان عن هذا الأمر من شأنه جذب مستثمرين، لأن ذلك يعني أن الدولة تبعث رسالة ثقة في أصولها، منوهة إلى أن التجربة أثبتت أن إقبال الدولة على أحد القطاعات، يسفر عن انجذاب المستثمرين له.

ونوهت إلى ضرورة توضيح أوجه استثمار مبلغ الـ 20 مليار جنيه الذي تم الإعلان عن ضخه بالبورصة من جانب رئيس الجمهورية، مؤكدة أهمية اتجاه الصناديق الخاصة بالتأمينات والمعاشات والبريد للاستثمار في البورصة المصرية، فهي لن تجد أفضل من الأصول المصرية للاستثمار بها، خاصة في ظل المستويات المتدنية الحالية.

الرابط المختصر