نعمان خالد: التعويم المدار يحمي من صدمة التسعير العنيف.. لكنه يسمح بحدوث مضاربات
الخفض المفاجئ للجنيه خطوة ضرورية لإتمام اتفاقات مهمة في الوقت الحالي
باره عريان _ قال نعمان خالد، مساعد مدير ومحلل اقتصاد كلي في شركة أرقام كابيتال، إن التعويم المدار يتميز بكونه لا يتسبب في صدمة للسوق، حيث يجد مجتمع الأعمال التحرك اليومي يتراوح بين قرش أو 2 أو 10 على سبيل المثال، مما يجعله يستوعب أن الاتجاه واحد، وأنه خلال شهر أو اثنين سيتم الوصول إلى رقم معين مثل 21 أو 22 جنيهًا، مما يعكس أنه لا يسفر عن صدمة ناتجة عن التسعير العنيف، أو حدوث إعادة تسعير للمنتجات والخدمات، الأمر الذي يعد ميزة رئيسية.
وأوضح أن ما يشوب هذا الاتجاه هو أنه قد يسمح بحدوث مضاربات، كما قد يتجه شريحة من المتخوفين على أموالهم إلى اتخاذ خطوات، وهو ما لا يحدث بين ليلة وضحاها، مشيرًا إلى أنه في حال مراقبة الوضع حاليًا، سيتبين بالتأكيد أن هناك إقبالًا على شراء الدولار من السوق السوداء، وكذلك على شراء الذهب، وذلك في مقابل بيع الجنيه.
أضاف أن تلك المعطيات تكشف أن حدوثه على فترة أطول قد يسمح بالتحرك خلال هذه المدة، وبالتالي فإن الهدف الذي يسعى البنك المركزي للوصول إليه في حدود شهر، كمستهدف الوصول بسعر الصرف إلى 21 أو 22 جنيهًا على سبيل المثال، قد يظهر عند انقضاء تلك المدة أن هذا الهدف قد تغير ليصبح أسوأ أو أعلى، نظرًا لأن هناك من سبقه في ذلك، موضحًا أن عيب تلك التحركات يتمثل في أنها تجعل المهمة أصعب، مما يؤثر على التضخم، كما أنه أيضًا يجعل احتواء السيولة أصعب.
وأشار إلى أن مدرسة التخفيض المدار على فترة تجعل الجزء غير المعلوم يزيد، فعلى سبيل المثال يقال “الدولار كان سعره 19 جنيهًا، وأصبحت قيمته 20 جنيهًا، ولا أحد يعلم كم ستبلغ قيمته في الشهر القادم.. مما يجعل تلك الدائرة لا تنتهي”، وبناء على ذلك فإن جزءًا من الأعمال غير قادر على العمل بشكل جيد، نظرًا لحاجته لمعرفة ما سيتم الوصول إليه في هذا السياق.
وأوضح أن هذا يعكس ما يؤدي إليه هذا الإجراء من حالة عدم وضوح رؤية في بعض الأعمال، وهو ما نشهده بالمرحلة الحالية، حيث يكون من غير المعلوم هل سيواصل الرفع أم قد يتجه إلى الخفض المفاجئ، وعليه يكون من غير المعلوم ما إذا كان القادم سيؤثر إيجابًا أو سلبًا على أعمالهم.
وفيما يخص الخفض المفاجئ للجنيه أمام الدولار، قال إن ميزته الرئيسية تكمن في عدم السماح للآخرين بالتحرك على التوقعات التي يستهدفونها، نظرًا لأن هذه الخطوة تتم بشكل مفاجئ، ويعيب هذا الإجراء أنه يمثل صدمة للجميع، مما يسفر عن ارتفاع معدلات التضخم بشكل أسرع.
وأشار إلى ميزة أخرى في هذه الخطوة تتمثل في أن هناك جهات تعتبر ذلك الإجراء شرطًا رئيسيًّا لإتمام اتفاقات، وبالتالي فإن الإسراع بهذه الخطوة، سيؤدي إلى القدرة على الوصول إلى اتفاق سواء مع صندوق النقد أو مع دول الخليج بصورة أسرع من التحركات الضئيلة، فهم في حاجة إلى إثبات كوننا قادرين على اتخاذ هذه الخطوة، والتي تتسم بكونها ضرورية لإتمام اتفاقات هامة خلال الفترة الحالية.
وكشف عن انحيازه لتلك المدرسة في هذه الحالة، مرجعًا قناعته بهذه الخطوة خلال هذه الفترة إلى حدوث كبير من الضرر بالفعل، لا سيما في ظل حدوث إعادة تسعير للكثير من المنتجات قبل حدوث التعويم، موضحًا أنه من الملاحظ حاليًا عدم توافر الكثير من السلع، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها، خاصة في ظل التوقعات بخفض العملة
ونوه إلى أن التعاقدات القائمة ستتعرض للضرر في الحالتين، سواء في التعويم المدار أو الخفض المفاجئ، وعليه ستكون في حاجة إلى تغيير، لافتًا إلى أن العقود في الخارج تضم بنودًا وأدوات مالية تتيح للشركات أو الموردين أو المصانع، استخدامها حتى يتم التحوط من فرق العملة، وهو أمر غير موجود في مصر، مثل أن يتم تثبيت سعر العملة عند سعر محدد، وفي حال ارتفع سعر العملة عن هذا السعر سيكون بذلك قد حقق مكسبًا، في حين أنه في حال نزول ذلك السعر يكون قد خسر، ويجب أن يتحمل مخاطره، علمًا بأنه أحيانًا يتم هذا الاتفاق بشكل ودي في مصر.