مدحت نافع: وثيقة سياسة ملكية الدولة بداية قوية لتوسيع دور القطاع الخاص

ننتظر صدور آليات عمل الوثيقة وحوكمة قراراتها لتتحول إلى دستور اقتصادي

هاجر عطية _ وصف الدكتور مدحت نافع ، الخبير الاقتصادي ورئيس الشركة العربية للسبائك، الإجراءات الحكومية لتوسيع دور القطاع الخاص، وتبني وثيقة سياسة ملكية الدولة، بأنها بداية قوية، مشيرًا إلى الدور الذي لعبه مركز معلومات مجلس الوزراء، من خلال عقد جلسات استماع كثيرة لرجال الصناعة والمسؤولين في القطاعات المختلفة، للوقوف على تصوراتهم.

وقال إن الوثيقة لم تصدر في شكلها النهائي بعد، على الرغم من أنه كان من المنتظر صدورها سريعًا في ظل صدور قرار لرئيس مجلس الوزراء يشير إلى الوثيقة باعتبارها أمرًا قاطعًا.

E-Bank

صعوبة تحقيق الحياد التنافسي بين القطاعين الخاص والعام عندما تدخل الدولة في المنافسة

أضاف نافع في تصريحات لجريدة حابي، أنه من المنتظر أن تعمل الوثيقة بآليات تفعيلها وحوكمة قرارتها بشكل أو بآخر، لافتًا إلى أن ما تم من إجراءات بخصوص الاستماع إلى الآراء وما وصفه بوضع دستور اقتصادي للدولة، هو أمر طيب يبقى أن يتحول إلى أمر واقع، وأن تبدأ آليات تنفيذه ويظهر الصندوق السيادي فيه بشكل واضح.

وأوضح أن فكرة الحياد التنافسي بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي تكون صعبة حينما يكون المنافس الوحيد هو الدولة، لافتًا إلى أن الأمر بحاجة إلى أن تكون جهات تنظيم الأسواق مثل جهاز تنظيم الاتصالات NTRA في مجال الاتصالات، وجهاز تنظيم الكهرباء، فهذه الأجهزة يجب أن تكون مستقلة بشكل نهائي، ولا يترأسها وزير ولا تتبع أي وزارة، فإما أن تكون تابعة لمجلس النواب مباشرة أو رئيس الجمهورية، والمهم أن تبتعد عن المشكلات التنفيذية والعقبات وألا تخضع لسيطرة الدولة التي هي أحد المنافسين، فهذا من الأمور المهمة التى قد تكون جاذبة وتحقق قدرًا من الحياد بالفعل، فضلًا عن أن تقوم الدولة بتقدير حجمها عندما تدخل في منافسة.

الاقتصاد المصري قادر بشكل كبير على التعافي شبه التام من الصدمات الخارجية

ويري نافع، أن الدولة لم تكن ناجحة بالقدر الكافي في إدارة المشروعات الاقتصادية، لأنها لا تمتلك المقومات التي يمتلكها المشروع الناجح، موضحًا أننا في نظام رأسمالي، والتيار السائد في المعرفة الاقتصادية يكون من خلال التركيز بشكل عام على حرية الأسواق والتنافسية كوقود هام جدًّا للنجاح، حيث يكون التنافس والسعي لتحقيق الربح هما أهم دوافع تحقيق النجاح.

وأوضح أن بيئة الاستثمار الداخلية هي الأكثر تأثيرًا على مناخ العمل المحلي، أما باقي التأثيرات الخارجية مثل جائحة كورونا والحرب بين روسيا وأوكرانيا فهي تكون في شكل صدمات مؤقتة.

بيئة الاستثمار الداخلية أكثر تأثيرًا على مناخ العمل المحلي

وتوقع الخبير الاقتصادي، أن يثبت الاقتصاد المصري قدرًا كبيرًا من سرعة التعافي شبه التام من الصدمات، وبالتالي لن تكون الصدمات عنيفة خلال الفترة المقبلة، حتى وإن تطورت الحرب بين روسيا وأوكرانيا بشكل سيئ، أو إن استمرت الأزمات الأخرى على حالها. وأشار إلى أنه في حالة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وإيجاد بدائل أفضل في الأجل القصير، فإن الاقتصاد سيكون بصدد تحقيق معدلات نمو جيدة، وهذه المعدلات تفوق المتوسط العالمي وتعطي مؤشرًا جيدًا، خاصة إذا تم ضبط أرقام وبيانات معدلات التضخم، والتي سيشهد الاقتصاد المصري استقرارًا في الشهور المقبلة في حالة السيطرة عليها.

وأشار مدحت نافع إلى أن الدولة تفتقر إلى حافز المنافسة، وغالبًا تكون لها أهداف أخرى مثل الاعتبارات الاجتماعية وغيرها، وهذا يجعل الدولة أقل قدرة وكفاءة على المنافسة مع القطاع الخاص.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن القطاعات التى يجب أن تزيد مساهمة القطاع الخاص بها، تتمثل في جميع القطاعات التى تتعامل مع المستهلك، والتي تهدف إلى الربح في الأساس، وتحقق تشغيلًا كبيرًا للعمالة وتتصل بإشباع الحاجات المباشرة للناس، بينما يجب أن يستقر دور الدولة في مشروعات البنية الأساسية والمشروعات التي يعزف عنها القطاع الخاص لقلة ربحيتها.

وأكد أن القطاع الخاص يحتاج إلى بعض المحفزات، والتي يجب ألا تقتصر على المحفزات الضريبية فقط وإنما تمتد إلى تقديم تسهيلات في القروض وبأسعار فائدة منخفضة، وكذلك استقرار أسعار الطاقة بالنسبة للصناعات كثيفة الاستهلاك تحديدًا، إضافة إلى تكلفة توصيل الطاقة لأن هناك تكلفة كبيرة جدًّا لمد وتوصيل الطاقة إلى المصانع، والتي يتحملها المصنع فتؤثر بالسلب على اقتصاديات المشروع، لذلك يجب أن توفر الدولة محفزات في هذا الشأن>

ونوه أنه يجب أن توفر الدولة أعمال البنية الأساسية المطلوبة، وتتيح تقسيطها على المصنع على سنوات المشروع، ما يحسن من فرص إقامة المشروعات. وبالقياس على ذلك باقي مشروعات البنية الأساسية المطلوبة لترفيق المصانع المختلفة إذا كان الأمر داخل المناطق الصناعية أو حتى خارجها، لأن هذه المشكلات موجودة في المناطق الاقتصادية والصناعية الكبيرة.

إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يتيح تحقيق معدلات نمو اقتصادي تفوق المتوسط العالمي

وأوضح أن المحفزات يجب أن تكون مرتبطة بسرعة الإنجاز وقلة التكلفة نسبيًّا، إضافة إلى تخفيض الإجراءات الإدارية والمراحل التي تمر بها الموافقات. كما أكد ضرورة تفعيل منظومة “الشباك الواحد” للتعامل مع مشروعات القطاع الخاص، وتوفير احتياجاته التمويلة، مشيرًا إلى أن هناك مصانع توقفت عن الإنتاج بالفعل بسبب مشكلة نقص السيولة الدولارية المطلوبة لتوفير المقومات والمدخلات الرئيسية للانتاج.

وأشار رئيس الشركة العربية للسبائك إلى أن الشركة في حالة بناء خلال عامي 2022و2023، وتستهدف في الأجل المتوسط إنتاج ٤٨ ألف طن من السبائك الفيرو سيليكون والفيرو منجنيز والحديد السليكون، مؤكدًا أن السوق المحلية والعالمية تحتاج هذه المنتجات كثيرًا خصوصًا في ظل أزمة الطاقة في أوروبا.

وقال نافع، إن الشركة تستهدف تنويع المصادر والجهات التي سيتم التصدير إليها، وعلى الرغم من عدم البدء في التشغيل يجري الحصول على تعاقدات مسبقة من جهات خارج مصر، بهدف توفير العملة الصعبة التى لا تستخدمها الشركة في عملياتها لأن جميع مدخلات الإنتاج محلية، ولكن التصدير بهدف التحوط ضد التقلبات المستقبلية واستخدام الأموال في عملية التوسعات أو الإنشاءات التي تحتاج إلى مكون أجنبي.

ورأى أن الحديث الآن حول توقعات أرباح الشركة ونسب الأرباح في الفترة الحالية يكون سابقًا لأوانه، موضحًا أن التشغيل سيبدأ من منتصف عام 2024.

وأشار إلى أنه في حالة التفكير في استثمار جديد سيكون في الصناعات المعدنية لأنها هي المستقبل، كما أن مصر بعيدة عن مستوى الاكتفاء الذاتي منها والمحقق للتصدير بالشكل الذي سيحل أزمة الدولار، موضحًا أن الصناعات التحويلية كان على رأسها الصناعات المعدنية توفر العملة الصعبة وتحقق معدل نمو ربعي اقترب من 9% في العام الماضي بسبب صادرات الحديد والألومنيوم.

وأوضح أن الشركة لا تفكر في التوسع في الفترة الحالية مشيرًا إلى أن الأهداف الحالية مرتبطة بالسوق المحلية والتواجد فيها، كما أن إحدى الشركات المالكة بنسبة كبيرة تتواجد إقليميًّا.

وأكد مدحت نافع ، أن الاقتصاد المصري ليس بعيدًا عن باقي الاقتصادات فهو يواجه العقبات التى تواجه الاقتصاد العالمي، من زيادة معدلات التضخم واضطراب سلاسل الإمداد وتداعيات كورونا والحرب بين روسيا وأوكرانيا، إضافة إلى بعض التحديات على المستوى المحلي مثل قلة الموارد، وهناك أزمة في الطاقة ليست موجودة بالشكل المقلق.

وتابع الخبير الاقتصادي، أن الطاقة المستدامة يجب أن تدخل وفقًا لاستراتيجية الطاقة 2040 التي يتم تطويرها حاليًا وتحديثها على الاستراتيجية القديمة 2035، إضافة إلى بعض التحديات المرتبطة بسعر الصرف وهي متصلة بالسوق المصرية نتيجة استيراد الكثير من مدخلات الإنتاج الصناعي، ونحن في حاجة إلى الاستيراد بفاتورة تصل إلى 90 مليار دولار، وبعد استبعاد الأمور غير الضرورية قد تقترب من 80 مليار دولار، لكن ستظل هناك فجوة بين الواردات والصادرات، مبينًا أنه كلما انخفضت فاتورة الاستيراد انخفضت فاتورة التصدير، وذلك لأن هناك كثيرًا من مدخلات الإنتاج تأتي من الخارج، لذلك نحن بحاجة إلى توطين وتعميق الصناعة بشكل كبير لتقليل الاعتماد على العالم الخارجي وتخفيض العجز بشكل كبير.

الرابط المختصر