وزيرة التخطيط خلال مؤتمر حابي: الحياد التنافسي أهم بنود وثيقة ملكية الدولة لتحقيق طموحات المستثمرين
برنامج الإصلاح وفر حيزا ماليا ساعد على مساندة جميع القطاعات الاقتصادية
هاجر عطية _ قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط ، إن الوقت الذي ينعقد فيه مؤتمر حابي السنوي الرابع يتزامن مع العديد من التحديات والمتغيرات غير المسبوقة التي تشهدها الساحة العالمية، فبعد أن بدأت الاقتصادات في التعافي التدريجي من أزمة كورونا، اشتعلت الأزمة الجيوسياسية، ما أثر على انخفاض المساحة المالية التي كانت متاحة لدى الاقتصاديات العالمية لتساند بها بلادها، وظهرت تداعيات الأزمة في اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاعات شديدة في التضخم تبعها زيادات في أسعار الفائدة على مستوى العالم.
أضافت السعيد في كلمتها أمام مؤتمر حابي السنوي الرابع، أنه على الرغم من زيادة معدلات النمو خلال عام 2021 /2022، إلا أن كل المؤسسات الدولية تتوقع انخفاضًا في حدود من 2 إلى 2.5% في أغلب التقديرات للعام القادم، إضافة إلى توقعات بزيادة معدلات الفقر ودخول أكثر من 80 مليون شخص في الفقر المدقع في العام المالي القادم، وزيادة أعداد البطالة وجميعها تداعيات اقتصادية غير مسبوقة.
المؤسسات الدولية تتوقع انخفاض معدلات النمو من 2 إلى 2.5% العام القادم
ولفتت إلى أنه في إطار الوضع الاستثنائي الحالي وغير المسبوق فإن الدولة المصرية خرجت من مرحلة الإصلاح الاقتصادي، وقد تعاملت الحكومة مع جائحة كوفيد بقدر كبير جدًّا من التوازن من خلال الحفاظ على صحة المواطن المصري وتطبيق جميع الإجراءات الاحترازية بالتزامن مع الخروج من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وفر حيزًا ماليًّا ومساحة مالية ساعدت على مساندة القطاعات الاقتصادية المختلفة، من خلال تأجيل المستحقات السيادية وتوفير مدفوعات نقدية للعمالة غير المنتظمة ومنح قروض لدعم القطاعات المتوقفة عن العمل مثل السياحة، إضافة إلى إحداث دفعة استثمارية كبيرة جدًّا لقطاعات الصحة والتعليم والتكنولوجيا والبنية التحتية المعلوماتية التي كانت معجلة للنمو الاقتصادي.
تفعيل بعض عناصر قانون الاستثمار لإعطاء المزيد من الحوافز للقطاع الخاص
ونوهت وزيرة التخطيط أن جميع الإصلاحات السابقة تمت خلال جائحة كورونا، ما ترتب عليه خروج البلاد من هذه الأزمة بمعدلات نمو موجبة ومعدلات بطالة معقولة جدًّا، لتحقق مصر هذا العام أعلى معدلات نمو منذ أكثر من 14 عامًا بلغت 6.6% مع معدلات بطالة بلغت 7.2%، ما يشير إلى تحقيق توازن كبير جدًّا في معدلات النمو وأيضًا في معدلات بطالة مناسبة لهذه الظروف بل أفضل من توقعاتنا.
وتابعت السعيد، أن الدولة المصرية متنبهة جدًّا إلى أن الفترة الأولى من برنامج الإصلاح شهدت دفعة تنموية استثمارية كبيرة جدًّا في البنية التحتية، موضحه أنه تم الاستثمار بشكل كبير في البنية التحتية لأن الفترة من 2011 ـ 2014 إلى حين مرحلة الاستقرار السياسي والأمني لم تشهد أي استثمارات أو نمو حيث كانت مرحلة مضطربة سياسيًّا وأمنيًّا، وبالتالي فإن بعض السنوات شهدت تراجع معدلات النمو لتقترب من الصفر، وفي بعض الأرباع كانت هناك معدلات نمو سالبة، ما كان يحتم على الدولة ضرورة التدخل والاستثمار بشكل كبير في البنية التحتية، وبالرجوع للخلف خلال عامي 2014 و2015 كانت الكهرباء تنقطع من 6 إلى 7 ساعات يوميًّا، ما يؤثر بشكل كبير على المنازل والعمل والمستشفيات والمصانع.
الإصلاح الهيكلي يتركز على القطاعات الإنتاجية التي تحقق استدامة وصمودًا وتنافسية للاقتصاد
أضافت أن الحكومة استثمرت في الكهرباء وشبكة الطرق والمواصلات العامة والكباري، وذلك لسببين، الأول هو حرص الدولة على توفير جودة حياة للمواطن المصري، بالتالي كانت تعمل على توفير بنية تحتية جيدة، والسبب الثاني هو غياب القطاع الخاص عن الاستثمار لعدم وجود بنية تحتية جيدة، وبالتالي فإن الفترة الماضية كانت أهم فترة لتستثمر الدولة المصرية فيها بشدة، ثم بدأت الحكومة في المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي وهي مرحلة الإصلاح الهيكلي التي تم إطلاقها من الدولة المصرية في أبريل 2021م.
وأشارت وزيرة التخطيط إلى أن مرحلة الإصلاح الهيكلي تشمل التركيز على القطاعات الإنتاجية، قطاعات الاقتصاد الحقيقي، والتي تضم القطاعات التي تحقق استدامة وصمودًا وتنافسية للاقتصاد المصري، ووفقًا للدراسات التي تقوم بها وزارة التخطيط وتحرص فيها على أن يتم الإصلاح فيها بنهج تشاركي وهو نهج الدولة المصرية منذ إطلاق رؤية مصر 2030 في عام 2016، حيث تقوم هذه الوثائق والرؤى بالمشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمقصود به هنا الجمعيات الأهلية والأكاديميين والباحثين وجميع البرلمانيين حيث يشارك فيها المجتمع بكل أطيافه.
المؤتمر الاقتصادي يشهد إعلان حوافز إضافية لزيادة توطين الصناعات ذات المكون التكنولوجي
وقالت السعيد، إن وزارة التخطيط بدأت منذ أواخر 2019 في إطلاق مجموعة من الحوارات المجتمعية حتى تتمكن من إعداد الوثيقة الخاصة بالإصلاح الهيكلي التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء في أبريل 2021 والتي تقوم على التركيز على القطاعات الإنتاجية، شاملة قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث يتم العمل على زيادة الوزن النسبي لتلك القطاعات، متابعة أن السنوات الأخيرة شهدت نموًّا في جميع القطاعات، حيث شهد قطاع الاتصالات نموًّا بنسبة 16%، والصناعة 9%.
وأشارت وزيرة التخطيط أن السياحة شهدت دفعة قوية لتتجه نحو نسبة 45% بعد انخفاضها وقت فيروس كورونا، وغيرها من القطاعات، وتضع الحكومة مستهدفات كمية يتم متابعتها، وعلى مدى عام وعدة أشهر ظهر نمو ملحوظ، وعلى الرغم من أن خطط الإصلاحات الهيكلية السابقة متوسطة المدى وليست خططًا سريعة تستغرق من 6 أشهر إلى عام بل تحتاج إلى عدة سنوات لتظهر نتائجها وبدأت مستهدفاتها إيجابية.
إنشاء مجالس المهارات بقيادة القطاع الخاص يسهم في تحسين سوق العمل
وتابعت السعيد أن أحد المحاور المهمة في خطة الإصلاحات الهيكلية هو محور سوق العمل، متابعة أن مصر تتمتع بوجود نسبة كبيرة من الشباب تحت سن 30 إلى 35 عامًا، مما يعكس أهمية سوق العمل، موضحة أنه وفقًا لآراء المتخصصين فإن هناك فجوة بين مخرجات العملية التعليمية ومتطلبات سوق العمل.
وأضافت أنه يتم العمل على تقليل تلك الفجوة بين العرض والطلب، حيث يتم التركيز على متطلبات سوق العمل مع العمل على تكييف المخرجات والمعروض وفقًا لتلك المتطلبات، مؤكدة أنه يتم التنسيق مع الوزارات المعنية بالعمل على مجموعة من الإجراءات والسياسات لتحسين وتقليل الفجوة.
ولفتت السعيد إلى منظومة إدارة سوق العمل التي يتم العمل عليها حاليًا بوزارة التخطيط، حيث تعمل وحدة سياسات سوق العمل بالوزارة، بالتنسيق مع الوزارات المعنية على المناهج التعليمية والدراسات الفنية بحيث تتوافر مخرجات غير تقليدية لسوق العمل مع زيادة المدارس التكنولوجية والفنية بالتنسيق والشراكة مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى توسع الدولة في الكليات التكنولوجية والفنية، وبرامج التدريب وريادة الأعمال. وقالت إن إنشاء مجالس مهارات قطاعية لأول مرة في مصر بقيادة القطاع الخاص، يسهم في تحسين سوق العمل وتقليل الفجوة بين الخريجين ومتطلبات السوق.
سوق المال ليست في أفضل أوقاتها بسبب تدني أسعار الأسهم بشدة
وأوضحت أن المحور الثالث المهم بخطة الإصلاح الهيكلي يتضمن زيادة مساهمة القطاع الخاص، باعتباره شريكًا أساسيًّا في عملية التنمية، مشيرة إلى اتخاذ عدة إجراءات لتهيئة المناخ وزيادة مشاركة القطاع الخاص، ومنها إجراء تعديلات في قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص، مع تشكيل لجنة مشتركة دائمة من وزارتي التخطيط والمالية للتسريع بتلك الإجراءات والمشروعات الخاصة بالمشاركة.
وأضافت وزيرة التخطيط أنه تم البدء في تفعيل بعض العناصر الموجودة في قانون الاستثمار لإعطاء المزيد من الحوافز للقطاع الخاص، كالرخصة الذهبية التي يحصل عليها المستثمر في خلال 20 يومًا، موضحة أنه تتم دراسة بعض الحوافز الإضافية والتي سيتم الإعلان عنها خلال المؤتمر الاقتصادي الخاصة بزيادة توطين الصناعة والصناعات ذات المكون التكنولوجي، مضيفة أنه تم إطلاق معايير الاستدامة البيئية لزيادة المكون الأخضر في استثمارات الدولة يتم العمل مع جمعية رجال الأعمال لدمج تلك المعايير مع عمل القطاع الخاص، بحيث تصبح تلك المعايير قومية لمشاركة الحكومة والقطاع الخاص، لافتة إلى أن 40% من استثمارات الدولة هذا العام ستكون خضراء، ويستهدف الوصول إلى 50% بحلول عام 2024 ـ 2025.
وأشارت السعيد إلى إنشاء صندوق مصر السيادي بهدف زيادة مشاركة القطاع الخاص وتحفيزه على المشاركة في المشروعات المختلفة من خلال قانون خاص يمنحه المرونة في الاستثمار، موضحة أن الصندوق يمثل ذراعًا استثمارية مهمة للدولة، تتم إدارته من قبل كوادر متخصصة تتمتع بخبرات دولية في مجالات الاستثمار، مشيرة إلى إنشاء الصندوق خمسة صناديق فرعية في مجالات تتسق مع أولويات الدولة.
أضافت أنه يتضمن صندوق الخدمات الطبية والدوائية، والبنية التحتية والذي يعمل في المشروعات الخاصة بالطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر التي تتم في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومشروعات تحلية المياه، وصندوقًا خاصًّا بالأمور التراثية والذي يعمل على تطوير بعض المباني مثل مبنى مجمع التحرير إضافة إلى تطوير منطقة باب العزب مع شركة بدايات، وكذلك صندوق الاستثمار في خدمات التكنولوجيا المالية، وصندوق ما قبل الطروحات الذي يجهز بعض الشركات غير المهيأة للطرح للاستعداد للطرح المباشر أو الاتفاق على مجموعة من الشراكات لما قبل الطرح لحين استعداد السوقين المحلية والدولية للطرح، مشيرة إلى أن سوق المال ليست في أفضل أوقاتها بسبب تدني أسعار الأسهم بشدة.
ولفتت السعيد، إلى أن الأمر الآخر في خطة الإصلاح هو تنظيم ملكية الدولة، لذلك تم إعداد وثيقة ملكية الدولة في الاقتصاد، بالاشتراك مع مجموعة كبيرة جدًّا من ممثلي القطاع الخاص، وبعد انتهاء المسودة الأولى عقد مركز المعلومات أكثر من 30 ورشة عمل قطاعية، ثم بدأت الحكومة في وضع هذه الوثيقة لتطمئن القطاع الخاص سواء كان محليًّا أو أجنبيًّا، مشيرة إلى أن أهم ما في الوثيقة هو سياسة الحياد التنافسي التي تهم العديد من المستثمرين، وسوف يتم إطلاقها بعد المراجعة الأخيرة في المؤتمر الاقتصادي.
وتابعت أن الدولة المصرية بالرغم من كل هذه الظروف لم توقف المبادرات التنموية، فقد أعدت مصر مبادرة حياة كريمة التي تعتبر أكبر مبادرة تنموية على مستوى العالم من حيث حجم استثماراتها والخدمات التي تقدمها وعدد المستفيدين منها، أيضًا تم إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، وهدفه الأساسي هو الحد من الزيادة السكانية المتزايدة، أما الهدف الثاني الأسمى فهو الارتقاء بخصائص السكان، ويعتبر من أهم محاوره التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية التي لها دور أساسي في الارتقاء بالسكان من خلال الاستثمار في العنصر البشري، إضافة إلى جميع المبادرات الصحية التي قامت بها الدولة.