مصادر مطلعـة بهيئـة الرقابة المالية: اتهامات مذكرة الإلزام لم تستبعد .. وبعضها ما زال محل تحقيق
مجلس إدارة إكما لم يطلع على المذكرة التي قدمتها بلتون بالتظلم
ياسمين منير ورضوى إبراهيم
كشفت مصادر مطلعة على ملف قضية تدابير شركتي بلتون بالطرح الخاص لشركة ثروة كابيتال عن أهم حيثيات المخالفات التي لا زالت هيئة الرقابة المالية متمسكة بها بعد حصولها على ردود وتعقيبات الشركة سواء من خلال المستندات المقدمة للتظلم أو المناقشات التي دارت خلال جلساته وجلسات المحاكمة المرفوعة بمجلس الدولة.
وكانت جريدة “حابي” قد عرضت في الحلقة السابقة من الملف أهم ما جاء في عريضة الدعوى المرفوعة من قبل شركة بلتون ضد التدابير الموقعة عليها بموجب قرار مجلس إدارة الهيئة، والتي تناولت تفاصيل مذكرة إدارة الإلزام، والحكم القضائي الذي استشهد به دفاع بلتون بشأن ضرورة مراعاة التدرج في تطبيق التدابير التي تضمنتها المادة 31 من قانون سوق رأس المال، والتي تبدأ بإنذار الشركة بالمخالفة، وكذلك نبذة من تقرير معد من مكتب حازم حسن KPMG عن موقف عملاء الطرح الخاص من سداد قيمته.
واعتبرت المصادر دفوع شركة بلتون في القضية محل النزاع تركز فقط على الشكل والانطباعات الأولى على حساب المضمون، مدللة على ذلك بطريقة تناول الحديث عن تقريري الجمعية المصرية للأوراق المالية ECMA ومن بعدها تقرير مكتب حازم حسن.
مقدمة وخاتمة تقرير «حازم حسن» أكدت عدم ارتقائه للمراجعة الداخلية أو الفحص المحدود
وكشفت المصادر أن مقدمة وخاتمة تقرير حازم حسن نصت بصورة واضحة على عدم اطلاعها على كافة مستندات وتعاملات الطرح الخاص، بل عينة لا تتجاوز 30 عميلًا فقط، مع التأكيد على أن هذه العملية لم ترتقي لدرجة المراجعة أو الفحص المحدود، لافتًا إلى أن التقرير أكد في الوقت نفسه أن العينة المحدودة تضمنت عملاء لم يقوموا بسداد كامل قيمة الأسهم التي حصلوا عليها بالطرح الخاص.
وأكدت المصادر أن الأوامر بالطروحات الخاصة يجب أن تعامل نفس معاملة أوامر التداول بالبورصة، وهو ما يحكمه النصوص الواردة بالقانون واللائحة التنفيذية دون الارتكاز على غياب وجود قواعد تفصيلية للطروحات الخاصة.
وأشارت إلى أن المشكلة الرئيسية في مخالفات شركة بلتون تكمن في أن الغالبية العظمى من الأوامر غير قابلة للتحقق، حيث تفوق القدرة المالية للمشاركين وفقًا لحجم استثماراتهم في البورصة وبالسوق المحلية على وجه العموم.
ولفتت إلى وجود عدد من الأوامر تدور قيمته بين 1.5 و1.7 مليار جنيه، في حين تم التخصيص وفقًا للملاءة المالية الحقيقية في حدود 30 إلى 40 مليون جنيه فقط، معتبرة ذلك دليلًا على تضخيم عدد مرات تغطية الطرح، خاصة أن نسبة تصل إلى 90% من الأوامر جاءت مبالغًا فيها.
وأضافت المصادر أن الشركة لم تلتزم بشروط عملاء الطرح الخاص الواردة بنشرة الطرح، نظرًا لمشاركة بعض العملاء غير المؤهلين وفقًا للمعايير الفنية والمالية المتعارف عليها للمشاركين بالطروحات الخاصة.
وقالت: “المخالفة لم تكن تتعلق بإجراءات الـBook Building ودوره في تحديد السعر أو التغطية، وإنما في طبيعة الأوامر غير الواقعية وعدم توافر الشروط اللازمة في المشاركين بالطرح الخاص، ما أسفر في النهاية عن تضخيم في تغطية طرح بلغت 10 مرات حسب المعلن، في حين أنها قد تكون لم تتجاوز مرة واحدة إذا استبعدت الكميات غير القابلة للتنفيذ».
وأشارت إلى أن الجمعية المصرية للأوراق المالية ECMA أرسلت خطابًا لاحقًا للمذكرة التي ضمتها بلتون لمستندات التظلم من التدابير كونها الرأي الفني عن الممارسات العالمية، أكدت فيه عدم اطلاعها على أي تفاصيل تخص الطرح الخاص لشركة ثروة، وكذلك لم يطلع مجلس إدارة الجمعية على المذكرة التي استندت إليها بلتون.
وأكدت المصادر أن المخالفات التي رصدتها مذكرة إدارة الإلزام في فحصها المبدئي لطرح شركة ثروة كابيتال، والتي لم يتم ذكرها بحيثيات قرار التدابير، لم يتم التغاضي عنها أو استبعادها لعدم صحتها، وإنما ما زالت قيد التحقيق والتدقيق تمهيدًا لحسم الموقف القانوني لها.
وكانت جريدة “حابي” قد كشفت في الحلقة السابقة من الملف عن مطالبة شركة بلتون في عريضة الدعوى والتظلم باستبعاد مذكرة إدارة الإلزام، لتضمنها مخالفات لم يستند إليها قرار مجلس إدارة الهيئة ولكنها هيئته لاتخاذ أعلى درجات التدابير بعد الإشارة لوجود شبهة غسيل أموال ومزاولة نشاط التسوية دون ترخيص.
كما أشارت العريضة إلى تعديل تم في أوراق المذكرة بعد سحب أحد مستنداتها وتبديله بآخر ما يشكك في صحتها من الأساس، وهو ما اعتبرته المصادر بالهيئة أمرًا غير حقيقي، موضحة أن ما تغير هو صيغة المخالفات الخاصة بشركة ترويج الاكتتابات والتي ورد بدلًا منها المخالفات الخاصة بشركة السمسرة نتيجة لخطأ عامل تصوير المستندات خلال عملية فصل أوراق قرار شركة الترويج عن شركة السمسرة، واللذين يتطابقان في أغلبهم باستثناء بنود المخالفات.
استبعاد رئيس الهيئة من التصويت على قرار التدابير لمجرد وجود نزاع لم يحسمه القضاء «غير منطقي»
واستنكرت المصادر طلب الشركة لاستبعاد رئيس الهيئة من التصويت بمجلس الإدارة عند إقرار التدابير في ظل وجود قضية مرفوعة من الشركة ضد رئيس الهيئة بشخصه مما كان يستوجب –من وجهه نظرها- استشعار الحرج في المشاركة.
وقالت المصادر: “كيف لرئيس الهيئة الذي تم تعيينه من قبل مجلس الوزراء وخضع لتصويت البرلمان أن يتنحى عن مزاولة مهامه لكون شركة رفعت عليه قضية لم تحصل فيها على حكم.. فالتعامل بجدية مع هذه الأمور سيدفع عددًا كبيرًا من الشركات لرفع دعاوى شخصية لتجميد عمل رئيس الهيئة».
كما استنكرت تمسك محامي بلتون بالحصول على محضر اجتماع مجلس الإدارة الذي أقر التدابير رغم توضيح احتواء المحضر على عدد كبير من القضايا والمسائل التي تتعلق بشركات وموضوعات أخرى لا يمكن الكشف عنها، وهو ما دفع إلى الاكتفاء بإصدار مستخرج رسمي حول الجزء الخاص بقرار تدابير بلتون من محضر اجتماع مجلس الإدارة.
وأكدت أن لجنة التظلمات بهيئة الرقابة المالية اطلعت بالفعل على المحضر الكامل للمجلس، ما ينفي وجود أي اجتزاء أو إخفاق في إجراءات اتخاذ القرار والتصويت عليه.
الحكم الذي استشهدت به الشركة في وجوب تدرج تدابير المادة 31 «مطعون فيه».. وهناك أحكام أخرى أيدت السلطة التقديرية
وحول الحكم القضائي الذي استشهد به محامي شركة بلتون والخاص بضرورة التدرج في تطبيق تدابير المادة 31 من قانون سوق المال، والذي حصلت عليه شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية عام 2009.
قالت المصادر إن هناك طعنًا على هذا الحكم ينظر بمجلس الدولة، ما ينفي إمكانية الاعتداد به كرأي فاصل في مدى ضرورة الالتزام بالتدرج في تطبيق التدابير الواردة بالمادة، كما يوجد أحكام أخرى صدرت عن مجلس الدولة تعتد بالسلطة التقديرية لمجلس إدارة الهيئة في تحديد الأنسب من التدابير وفقًا لحجم المخالفة والخطر المترتب عليها وفقًا لنص المادة التي تتيح للمجلس اتخاذ أي من التدابير الواردة بها.
واستشهد بحكم صدر بعد اتخاذ قرار وقف الشركة عن ممارسة نشاطها بموجب المادة 31 من قانون سوق رأس المال، بدعوى رقم 51982 لسنة 67 قضائية، والذي راعت فيه المحكمة السلطة التقديرية لمجلس إدارة الهيئة وأكدت أن المادة لا تلزم بالتدرج.
وأكدت المصادر أن حجم القضية والمخالفات التي تضمنتها يستوجب تحويل ملف الدعوى للنيابة العامة فور استكمال التحقيقات والأدلة التفصيلية.