مدحت نافع: الزيادة المستمرة في أسعار الفائدة خلقت أزمة مديونية
مبادرة سيارات المغتربين تسحب من وعاء تحويلات المصريين بالخارج
شاهندة إبراهيم وإسلام سالم – قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي ورئيس الشركة العربية للسبائك، إن اضطراب سلاسل الإمداد، وما ترتب عليه من موجات تضخمية عنيفة، كان التحدي الأبرز أمام الاقتصادين العالمي والمحلي في عام 2022.
وأضاف نافع، في تصريحات خاصة لجريدة حابي، أن الزيادة المستمرة في أسعار الفائدة خلقت أزمة مديونية، واصفا إياها بأنها ” أخطر أزمات 2022″، التي حذر منها صندوق النقد والبنك الدوليين، مؤكدا أن آثارها ليست مقتصرة على الدول المدينة، ومنها مصر، لكنها تمتد إلى القطاع الخاص، والأفراد أيضًا.
وأوضح أن الدول تغير من خطط واستيراتيجيات الإنفاق بشكل يؤثر كثيرا على المشروعات القائمة، كما ترفع أسعار الفائدة لتواكب تراجع عملتها المحلية والقوى النسبية مقارنة بالعملات الأخرى، ما يؤثر على الاستثمار بطبيعة الحال ويخلق مناخا سلبيا مع زيادة تكلفة رؤوس الأموال والاقتراض.
وتوقع نافع استمرار كل تلك التحديات خلال 2023، مؤكدا أن التحديات طالت القطاعات والمجالات كافة، وليس فقط قطاع الصناعات المعدنية الذي تنتمي إليها شركة العربية للسبائك.
وقال إن البنك المركزي المصري اتخذ عدة إجراءات للتعامل مع أزمة النقد الأجنبي وقدم حوافز إلى المصريين العاملين بالخارج، بالتنسيق مع الحكومة، عبر تحويل العملة الأجنبية نظير الإعفاء من الرسوم الضريبية على السيارات، مضيفًا: “ورغم أن هذه المبادرة تسحب من نفس وعاء تحويلات المصريين بالخارج، وبالفعل أثرت فيها، إلا أنها تبقى محاولة خارج الصندوق لوضع بعض الحلول”.
امتصاص السيولة من السوق تصحيح لأخطاء الإدارة السابقة للبنك المركزي
وشدد على أن البنك المركزي “انتهج سياسات إيجابية” واتجه نحو الرفع المتتالي في سعر الفائدة وامتصاص السيولة من السوق “لتصحيح أخطاء الإدارة السابقة”، ومع ذلك يرى أن هذه الإجراءات غير كافية في ظل الحاجة لإعادة ترتيب أولويات الإنفاق من جانب الدولة، بجانب توفير حوافز جادة للاستثمار فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية بشكل عام.
تأثر مفاوضات الشركة للحصول على تمويلات بنكية بالتحديات الحالية
ونوه بأن شركة العربية للسبائك لم تبدأ العمل بعد إلا أنها تأثرت بالتحديات خلال مفاوضاتها مع البنوك لتوفير التمويل.
ارتفاع أسعار الطاقة يخلق طلبا كبيرا على الصناعات المعدنية في الأسواق العالمية
وأشار إلى أهمية قطاع الصناعات المعدنية، ووجود طلب كبيرة عليه خاصة بالأسواق العالمية؛ نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية والعقوبات المفروضة على موسكو من وضع سقف لسعر النفط ومشتقاته، ما يعطي ميزة نسبية للصناعات كثيفة الطاقة في مصر ومنها بالطبع: السبائك الحديدية خاصة وأن 50% من تكلفة إنتاج السبائك يأتي من الكهرباء.
التركيز على صناعة الفيرو سيليكون لتوافر مدخلات إنتاجها محليا
وعن تداعيات التحديات الاقتصادية في عام 2022 على الخطط المستقبلية لشركة العربية للسبائك، قال نافع إنها ستركز على منتج الفيروسيليكون بدلا من الفيروسيليكون منجنيز رغم أن الأخير مطلوب محليا بشدة، لكن توافر مدخلات الفيروسيلكون محليا وعدم الحاجة لاستيراد مكونات أخرى لإنتاجه جعله خيار الشركة الأول في هذه المرحلة لعدم الضغط على العملة والتحوط من تقلبات سعر الدولار.
وبشكل عام، يرى نافع أن قطاع السياحة بإمكانه الاستفادة من الظروف الحالية حال استثمارها بشكل جيد، خاصة أنه مصدر سريع للنقد الأجنبي مع توافر جميع مقومات الجذب المطلوبة في مصر.
وفي المقابل، يشير إلى معاناة جميع القطاعات الأخرى، خاصة التي تعتمد على الاستيراد، بينما تتمتع الصناعات التي تتوافر مدخلات إنتاجها بالسوق المحلية بظروف أفضل حاليا.
السياسة النقدية للبنك المركزي أسرع وأكثر مواكبة للتحديات العالمية مقارنة بتحركات الحكومة
ويعتقد نافع أن السياسة النقدية للبنك المركزي، بقيادته الجديدة، كانت أسرع وأكثر مواكبة للتحديات العالمية مقارنة بالتحركات الحكومية، واستثنى من ذلك وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي طال انتظارها، والتي عدها “دستور اقتصادي للبلاد وتعطي إشارة جيدة للمستثمر الخاص”.
كما يشيد بإستجابة الحكومة لأهمية عودة مبادرات تحفز القطاعات الإنتاجية بسعر فائدة مدعم قدره 11% وحتى ولو من خارج القطاع المصرفي كما سبق وقد طالبنا الدولة بذلك.
تشجيع القطاع الخاص يتطلب إتاحة الأرض والمرافق بأسعار مناسبة وتسهيل الرخصة الذهبية
وأوضح أن تشجيع الاستثمار الخاص يحتاج إلى مقومات إضافية منها: إتاحة الأرض والمرافق بأسعار مناسبة، وتسهيل الحصول على الرخصة الذهبية التي وعد بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع إعفاء المستثمر من شرط التعهد بتوفير الطاقة والمرافق على أن يتولى سداد تكلفتها.
تحويلات العاملين بالخارج المصدر الحقيقي للنقد الأجنبي.. وتقلبات سعر الصرف يهدد بتراجعها
ويرى أن تحويلات العاملين بالخارج، التي وصفها بالمصدر الحقيقي للنقد الأجنبي، مهددة بالتراجع خلال الفترة المقبلة في ظل تقلبات سعر الصرف.