رويترز – مع ارتفاع الأسعار وتقلبها، يخفض مشترو القمح على مستوى العالم مشترياتهم من الإمدادات المستقبلية، لكن هذا يزيد من تعرضهم لارتفاع الأسعار المحتمل الذي سينتهي به الأمر إلى إثقال كاهل المستهلكين الذين يعانون بالفعل من تضخم أسعار الغذاء.
ويجري المشترون في البلدان المستوردة الرئيسية في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا ما تسمى عمليات شراء آجلة للإمدادات لتغطية الاحتياجات لشهرين إلى ثلاثة أشهر فقط مقابل عمليات الشراء المعتادة لتغطية فترة تصل إلى ستة أشهر، وفقا لمطاحن ومحللين وتجار.
وعادة ما يستغرق ارتفاع أسعار الحبوب شهورا حتى يشعر به المستهلكون لأن المطاحن تمتلك المزيد من الإمدادات ويمكنها تحمل التقلبات. لكن مع انخفاض المخزونات وتراجع عمليات التسليم الآجلة، سيشعر المستهلكون، خاصة في البلدان الفقيرة، بتأثير ارتفاع الأسعار بسرعة أكبر.
وقال فين زيبيل، اقتصادي الأعمال الزراعية في بنك أستراليا الوطني “أصبحت مطاحن القمح والمستهلكون أكثر تحفظا في مشترياتهم بسبب تقلبات السوق. لا تزال الأسعار في سوق التجزئة مرتفعة، كما أن تضخم أسعار المواد الغذائية يمثل مشكلة خطيرة للغاية”.
وقفزت العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاجو إلى مستوى قياسي في مارس آذار الماضي بعد أن غزت روسيا أوكرانيا، وهي دولة رئيسية في تصدير الحبوب. وأدى سوء الأحوال الجوية في مناطق منتجة أخرى إلى انخفاض الإمدادات. وانخفضت العقود الآجلة 48% منذ ذروتها العام الماضي، لكن أسعار الحبوب لا تزال مرتفعة وسط حالة الضبابية بشأن الإمدادات في منطقة البحر الأسود والمخاوف بشأن المحصول في الولايات المتحدة.
وتتواصل شحنات الحبوب من البحر الأسود بموجب اتفاق تدعمه الأمم المتحدة، لكن هذا الاتفاق قيد إعادة التفاوض في محادثات تبدأ هذا الأسبوع وسط خطر تصاعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وقال أولي هوي، مدير الخدمات الاستشارية في شركة أيكون كوموديتيز للسمسرة الزراعية في سيدني إنه نتيجة ارتفاع الأسعار، إن المشترين غير مستعدين لتحمل مخاطر شراء الحبوب لتغطية الاحتياجات المستقبلية على الرغم من أن ذلك يعرضهم لأسعار أعلى إذا قلت الإمدادات.
وأضاف “هناك الكثير من القمح المتوفر من البحر الأسود وأستراليا ويمكن أن تنخفض الأسعار في غضون ثلاثة أشهر من الآن. ولكن إذا توقفت روسيا عن التصدير، فإن الأمور ستتغير بشكل كبير، وقد ترتفع تكلفة القمح بنحو 50 دولارا للطن. بالنسبة للمشترين، قد يحمل الانتظار مكافأة أكبر بدلا من المخاطرة”.
مخزون أقل
يقوم أصحاب المطاحن وغيرهم من مشتري القمح بتصفية مخزوناتهم. ومن المتوقع أن تتراجع مخزونات القمح العالمية للعام حتى يونيو حزيران 2023 إلى 269.34 مليون طن، من 276.70 مليون طن قبل عام، في ثاني انخفاض سنوي، وفقا لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية.
وقال تاجر حبوب ألماني “من المرجح أن تتلقى تركيا ومصر والصين وكوريا الجنوبية الضربة الأكبر من وجهة نظري”.
وتظهر بيانات وزارة الزراعة الأمريكية أن المخزونات في مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، من المتوقع أن تنخفض إلى 3.4 مليون طن بنهاية يونيو حزيران، وهو أدنى مستوى في 18 عاما.
ويقدر أن تصل المخزونات في الهند، ثاني أكبر مستهلك للقمح في العالم، إلى نحو 12.6 مليون طن في يونيو حزيران، أي أقل من نصف المخزونات قبل عامين.