صالون حابي – اللقاء الثاني عشر – نظرة على الصناعة والتجارة.. الجزء الثاني

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في الجزء الثاني من صالون حابي.. ودعونا نبدأ مع المهندس هاني محمود. في الفترة الماضية أعلنت الحكومة عن الكثير من الإجراءات المرتبطة بتحسين بيئة الاستثمار بصورة عامة، وتوطين الصناعة كهدف استراتيجي يحقق الكثير من الأهداف الأخرى المرتبطة بتقليل الواردات وزيادة الصادرات، ما هي المطالب التي ترى أنه يجب العمل عليها في إطار هذا الملف؟.. وما المقترحات التي يمكن تقديمها للحكومة والملفات ذات الأولوية بالنسبة للصناع في مختلف القطاعات؟

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

هاني محمود: قبل أكثر من 20 سنة، رغبت شركة تكنولوجيا عالمية في بناء مصنع لها في منطقة الشرق الأوسط، وفاضلت بين عدة دول، كان من بينها مصر. وبالفعل كانت مصر ترغب بشدة في جذب هذه الشركة العالمية لأن نشاطها يمثل إضافة قوية كصناعة جديدة، بجانب ما سيوفره المصنع من فرص عمل ومعرفة.

المهندس هاني محمود وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق ورئيس شركة فودافون مصر

هاني محمود: شركة تكنولوجيا عالمية كبرى لم تدخل مصر قبل نحو 20 عامًا بسبب الجمارك وقانون العمل

تابعنا على | Linkedin | instagram

قامت الشركة بإرسال وفد لزيارة الدول الخمس التي تفاضل بينها، وبعد دراسة الوفد بيئة الاستثمار في الدول الخمس لم تختر الشركة مصر لإقامة المصنع بكل أسف، واطلعت بنفسي على التقرير الذي حمل أسباب عدم قيام الشركة بإنشاء مصنعها في مصر، أول سببين كانا بالنسبة لنا جميعًا مفاجأة، ليس لأننا جيدون فيهما ولكن في كونهما ضمن الأسباب الرئيسية، وبدونهما كانت الشركة ستقيم المصنع في مصر.

السبب الأول يتمثل في الجمارك وبطء خروج البضائع من الموانئ، والسبب الثاني هو قانون العمل في فترة التسعينيات. وذكر الوفد في التقرير أنه في حالة عدم وجود هذين السببين كان يمكن للشركة أن تتحمل أي عقبات أخرى في مصر.

قانون العمل وقتها كان لا يتيح لأي شركة فصل الموظف إذا مر على تعيينه عام.

التكنولوجيا الجديدة والحفاظ على مواكبتها رهان إقامة الصناعة الحديثة

نعود إلى السؤال، لكي يتوافر لديك صناعة حديثة في ظل الثورة الصناعية الرابعة، وهي تكنولوجية، فإن الماكينات التي تم استيرادها للغزل والنسيج حولت الخيال إلى حقيقة، فهي تتصل بكل شيء داخل المصنع، وفي حال دخول خامة إلى الماكينة وتراجعت في المخازن عن مستوى معين تقوم بإرسال تنبيه، على سبيل المثال أمامنا أسبوع، وفي حالة عدم تزويد المخزن بالموارد لا تعمل الماكينة.

أصبحت التكنولوجيا اليوم هي التي تقود التصنيع، وكنتيجة لذلك أصبح لدينا وفر غير طبيعي في التكلفة والعمالة، وهناك بعض الآراء المعارضة التي ستقول: “يبقى الناس تقعد في بيوتها».. في إشارة للاستغناء عن العمالة.

التكنولوجيا توفر مجالات عمل جديدة مثلما تقلل من بعض فرص العمل

هناك دراسة أمريكية في عام 2021 وأعلن عنها في 2022، مضمونها أن 60% من الأطفال في السنة الأولى من المرحلة الابتدائية، سيعملون في وظائف غير موجودة في الوقت الراهن، بمعني أنها تشير إلى وجود وظائف جديدة تغطي سوق العمل، خاصة وأن التكنولوجيا تقلل الاعتماد على العمالة، فسابقًا الماكينة التي كانت تحتاج إلى 7 عمال أصبحت تعمل بعامل واحد فقط.

ولكن مثلما تقوم التكنولوجيا بتقليل فرص العمل لفئات معينة، فهي تقوم أيضًا بخلق وظائف جديدة مثل social media advertising .

سعر الأرض أهم تحدٍّ للمشروعات الصناعية الجديدة.. والحكومة بدأت العمل على حل هذه المشكلة

نعود لسؤالك بخصوص العقبات الخاصة بالصناعة، عند إقامة مشروع فإن أول التحديات يتمثل في سعر الأرض، ولا بد أن تقوم الحكومة بتقديم تسهيلات، وهو ما بدأ بالفعل، ففي بعض الدول مثل المغرب دخلت صناعات كبيرة بتسهيلات كبيرة في الأرض، مثل تقليل قيمتها مقابل سقف زمني لإقامة المشروع والبدء في التصدير، وفي حال عدم القيام بذلك لا يكون للمستثمر حق في الأرض.

التحدي الثاني للصناعة هو التمويل، وخاصة المتنوع من خلال خلق تمويل مختلف لكل صناعة ولكل مستوى، فتحديد تمويل واحد لكل المستويات أصبح غير ملائم حاليًا، وإصدار القروض بعائد 17% أو 14% على سبيل مثال لم يعد مجديًا.

التمويل المتنوع والمناسب لطبيعة كل نشاط وغرض أحد التحديات المهم حلها لتنشيط الصناعة

مؤسسات التمويل العالمية أصبحت تقوم بعمل أدوات لتمويل كل مشروع وكل صناعة وكل حجم بطريقة مختلفة.

وعندما نتحدث عن الجمارك فإننا لا نعني هنا التعريفة الجمركية، إنما نتحدث عن مدى سرعة أو بطء أو عدد الإجراءات التي يستغرقها الإفراج عن السلع ومدخلات الإنتاج لكي تدخل إلى البلاد وتتخذ مسارها.

في زيارتي إلى دولة إستونيا عام 2015، وهي بالمناسبة أفضل بلد في العالم تأخذ بنظام الحكومة الإلكترونية، وتتفوق فيه على الولايات المتحدة الأمريكية، كنت أحضر هناك احتفال “الحكومة غير الورقية” هم paperless government ، بمعني الاستغناء عن الأوراق في جميع الإجراءات الحكومية، كان ذلك قبل 8 سنوات.

تسهيل الإجراءات الجمركية وتسريعها مطلب شديد الأهمية للمصنعين والمستثمرين.. والتعريفة ليست المشكلة

التقيت بمسؤولي الجمارك والضرائب هناك، واطلعت وقتها على نظام العمل الذي كان أوتوماتيكيًّا وقتها وفقًا لما قيل لي، فعندما ترغب باستيراد بضائع ما وهي في بلدها فتستقبل prep material قبل أن يتم شحنها على المراكب، وتقوم بإدخالها على السيستم لحساب الجمارك الخاصة بها، ويخيرك إذا كنت ترغب في تسليم الميناء أو المخازن الخاصة بك وتقوم بوضع العنوان والجمارك والرسوم، ومن ثم يقوم بتسليمك البضائع بعد وصولها إلى الميناء خلال 48 ساعة.

ومن ضمن المزايا الذي أطلعت عليها هناك أنه في حال طالب متخذ القرار أي تقرير من الجمارك يمكنه الحصول عليه في ثوان وفقًا للمسؤول هناك، فيستطيع الاطلاع على حجم الواردات من بلد ما أو تحديد أحجام الواردات في سلعة معينة.

رقمنة الجمارك لا تسهل فقط العملية الاستيرادية وإنما توفر أيضًا بيانات مهمة عن أدق تفاصيل الواردات

لو ظلت مشكلات الجمارك لدينا بوضعها الحالي لن تستطيع الصناعة المصرية المنافسة، فنحن تعلمنا في منهج الإدارة عند الرغبة في التغيير فإن هناك أسلوبين، إما تحسين الموارد أو إعادة التقييم، وقبل القيام بالتغيير يجب تحديد أحد هذين الأسلوبين، واستغراق الوقت الكافي لدراسة ذلك، لأنه في حالة اختيار الأسلوب الخاطئ أو غير المناسب، فإن كل ما سيبني عليه سيكون خاطئًا.

تطوير المنظومة الجمركية في مصر يحتاج إلى تغييرات جذرية على مستوى جميع الإجراءات والكوادر

ما أريد قوله إن الجمارك تحتاج إلى إعادة تقييم، فالمنظومة بالكامل بحاجة إلى تغيير، وأيضًا عدد كبير من العاملين فيها.

التحدى الرابع أمام الصناعة هو التدريب، فنحن نهمل تدريب العمالة والمهندسين على أحدث تكنولوجيا، لذلك لا يستطعيون التعامل مع أحدث الماكينات المستوردة، وهذا ما رأيته بنفسي، فقبل شراء ماكينات جديدة يجب أن يكون لديَّ الموارد البشرية القادرة على تشغيلها وصيانتها بأفضل صورة.

التدريب والتأهيل عنصر مهم جدًّا في تطوير وتنشيط الاستثمار الصناعي والتصدير

نتطرق لمناقشة الجزء الثاني في الاقتصاد والتصدير، والذي يسعدني شخصيًّا هو أن الحكومة بدأت في التفكير خارج الصندوق من خلال تصدير العمالة الفنية المصرية لأوربا التي تشهد حالة اضمحلال، فقد ذكر رئيس اتحاد العمال في ألمانيا أن فرص العمل تتراجع في بلاده بنسبة 2% كل عام، ومن المتوقع بعد عشر سنوات أن تضم ألمانيا 80% من عدد السكان الموجودين في الوقت الحالي من كبار السن، وذلك نتيجة زيادة الاهتمام بالرعاية الصحية وارتفاع أعمار الموجودين في البلاد.

وقد استطاعت التكنولوجيا أن تحل جزءًا كبيرًا من الأعمال المكتبية، أما الأعمال الفنية فلا يمكن قضاؤها إلا بوجود عنصر بشري فيها، لذلك فإن البلاد ستفتح الباب لاستيراد العمالة المدربة لتعويض نقص الأفراد الموجودين في سن العمل لديهم، وقد لاحظت وجود نفس المشكلة في إنجلترا خلال الفترة التي قضيتها هناك، حيث يستغرق الانتهاء من الأعمال الفنية في المنزل فترة غير وجيزة، قد تصل إلى أسبوعين.

التدريب لغرض تصدير العمالة الفنية فرصة مهمة يجب اقتناصها خاصة في أسواق أوروبا

وما أريد قوله إن مصر لم تفكر في تصدير العمالة للخارج من قبل، وهي فرصة كانت متاحة أمامنا بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن لم يحدث، وقد استغلت تركيا الفرصة في الوقت ذاته وأرسلت عددًا كبيرًا من العمالة، لذلك نجد أن نسبة الأتراك في ألمانيا مرتفعة جدًّا، فقد قُتل عدد كبير من الرجال في الحرب، ودُمّرت العديد من البلاد، ما دفع ألمانيا لطلب العمالة الفنية من العديد من البلاد، للهجرة إليها والعمل فيها.

ياسمين منير: لكن الفرصة لا تزال قائمة ويمكن استغلالها.

هاني محمود: لذلك كان من الملفت بالنسبة لي أن أجد الحكومة تفكر بهذه الطريقة، بتدريب العمالة الفنية واستخراج شهادات ألمانية لهم تؤهلهم للعمل في أي دولة أوروبية، بالإضافة إلى تعلم اللغة الألمانية خلال فترة التدريب، ليصبح العامل جاهزًا للعمل.

اهتمام إعلامي واضح بتصدير العقار إلى أوروبا مع غياب الاهتمام العملي.. وهذا ملف مهم

ياسمين منير: مقترح تصدير العمالة من المقترحات التي تم تقديمها من قبل في صالون حابي.

هاني محمود: الجزء الآخر الذي أريد الحديث عنه هو وجود اهتمام إعلامي بتصدير العقار للخارج، لكن لم ألاحظ وجود اهتمام عملي بتصدير العقار لأوروبا.
رضوى إبراهيم: سنتطرق لمناقشة جزء تصدير العقار لمعرفة آخر ما تم التوصل إليه من ناحية المنافسة، وسؤالي موجه للمهندس محمد حول رد أعباء التصدير وما يسمى بدعم الصادرات، هل بدأ صرف دفعات جديدة أو أية بوادر لانفراجات على مستوى صرف مستحقات المصدرين؟.. وما رؤيتك للأسلوب الأفضل للتعامل مع هذا الملف؟ وهل الدعم المقدم للمصدرين كاف أم ما زالوا يحتاجون أكثر، خصوصًا أن جميعنا نعرف أنه لن يتم توفير النقد الأجنبي إلا عن طريق زيادة الصادرات؟

محمد يوسف: يمكن تلخيص تجربتي العملية خلال السنوات الماضية، في أنني قدمت في المبادرة الثالثة والرابعة والخامسة،

المهندس محمد يوسف الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة نيلوس فوود

محمد يوسف: الشركة استردت نحو 10% فقط من دعم الصادرات في المبادرتين الرابعة والخامسة.. ولم نصرف أي دعم في المبادرة الثالثة

واسترددت 10% تقريبًا من إجمالي المستحق في المبادرتين الرابعة والخامسة، أما المبادرة الثالثة، فلم يتم صرف الدعم.

رضوى إبراهيم: هل توجد مفاوضات مفتوحة على باقي المستحقات أم لا؟

محمد يوسف: لا توجد مفاوضات، فجميع الملفات موجودة، ولكن الواقع أنه حتى اليوم لا يزال هناك 90% من قيمة دعم الصادرات لم يسترد رغم اكتمال المستندات والشروط.

أحمد رضوان: في الفترة الحالية.. الحديث منتعش حول فكرة برنامج جديد وسهل وسريع لدعم الصادرات، هل تم عرض جزء من البرنامج على المصدرين لاستطلاع رأيهم فيه، وفي حالة لم يتم عرض البرنامج برأيك ما الذي نحتاج توافره في البرنامج؟

محمد يوسف: دعنا نتفق أننا في الوقت الحالي نحتاج السيولة والسرعة.

السيولة حاليًا عنصر شديد الأهمية لجميع الشركات.. وضرورة الرد السريع على مطالبات أعباء الصادرات

أعتقد أن مشكلتنا تتمثل في أننا لا نُقدّر قيمة الوقت وأهميته، لذلك فأنا أوافق على الرد السريع لمستحقات دعم التصدير حتى لو بنسبة 50% منها، وستخصص هذه النسبة لدورة إنتاجية أكثر لزيادة الإنتاج، لكن تعطيل بعض البرامج لأجل غير مسمى يؤدي إلى نسيانها، وسأكرر إنني اليوم شركة صغيرة زراعية صناعية في حاجة كبيرة للسيولة لأن عدد العاملين يوميًّا يتراوح بين 400 إلى 500 عامل في مختلف التخصصات، وهم بحاجة إلى رواتبهم في نهاية الأسبوع، دون النظر إلى أي أمور أخرى، من عدم الحصول على دعم الاستيراد أو بعض التكاليف لدى المورد.

فالسيولة هي الحل، ويمكن توفيرها من خلال صرف 50% من الدعم، ولكن مع الالتزام بسداد رد الأعباء في وقته المناسب حال استيفاء جميع المستندات.

لا يتم تقديم أسباب لعدم صرف رد الأعباء أو سداد جزء منها فقط

رضوى إبراهيم: ما أسباب عدم صرف الدعم حال توافر جميع الشروط واكتمال المستندات؟

محمد يوسف: لا توجد أية أسباب يتم إعلامنا بها، حيث تعم حالة من الصمت قبل الإعلان عن المبادرة، لنفاجأ فيما بعد بوجود اسم الشركة في جدول، وفي بعض الأوقات أذهب بنفسي للتعرف على السبب على سبيل المثال لماذا تكون نسبة الدعم 10% فقط وليست 90%، وأغلب الردود تكون نتيجة الضغط والكثير من الأوراق والمستندات.

ياسمين منير: هل هناك مطالب أخرى بخلاف برنامج رد أعباء التصدير، خصوصًا أن حديثك حول نشاط الزراعة والصناعة والتصدير؟

محمد يوسف: أعتقد أن التمويل مطلب مهم جدًّا.

التمويل النوعي لكل نشاط مطلب مهم جدًّا.. والبنك الزراعي نموذج متميز يجب الاقتداء به

أحمد رضوان: هل تقصد التمويل النوعي للصادارات، أم التمويل عمومًا؟

محمد يوسف: التمويل النوعي في كل نشاط، هناك نموذج متميز جدًا في التمويل الزراعي، وهو البنك الزراعي تحديدًا، يطرح برامج خاصة بالزراعة، وأرى أن هذا أنجح برنامج ومشروع وسينقل الزراعات التعاقدية إلى مرحلة مختلفة تمامًا، من خلال الدعم الكبير الذي تقدمه الإدارة، والذى يقدم تمويلًا في بداية الموسم ويحصل على المبلغ بعد الحصاد.

هاني محمود: هذا ما أريد توضيحه، لأن التمويل الزراعي يختلف عن التمويل الصناعي، كما أن الشركات المصدرة تختلف عن الشركات غير المصدرة.

سرعة الإفراج عن المستلزمات والمواد الخام وخطوط الإنتاج يجب أن يكون ضمن أولويات الحكومة

محمد يوسف: الجزء الثاني المرتبط بالشق الصناعي هو ضرورة سرعة الإفراج عن المعدات وخطوط الإنتاج، ويكون لها الأولوية، فقد ضاع موسم كامل على الشركات دون عمل، بسبب التأخر في الإفراج عن خطوط الإنتاج خلال الأزمة السابقة.

رضوى إبراهيم: إلى أي مدى تساعد جهود الحكومة ومبادراتها الشركات في الرهان على المنتج المحلي؟ وماذا تنتظر الشركات لتقدمه الحكومة لها في الفترة القادمة؟

طارق كامل: أظن أن كل قطاع يختلف عن غيره من القطاعات من حيث مواضع القصور الموجودة فيه، فعند الحديث عن القطاع العقاري نذكر قضية تصدير العقار، إضافة إلى تصدير المنتجات والعمالة التي تشمل الفندقة والتمريض بالتزامن مع النمو الشديد في الرعاية الطبية في المنشآت السياحية، ولكن يظل تصدير العقار هو الأكثر تميزًا لتحصيل ربح كبير من العملية البيعية الواحدة.

طارق كامل رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة نستله مصر

طارق كامل: تصدير العقار يتميز بضخامة قيمة العملية البيعية الواحدة قياسًا بأشكال التصدير الأخرى

أحمد رضوان: ما مشكلة تصدير العقار؟

طارق كامل: أعتقد هناك مجموعة من المشكلات بعضها يخص المطورين، والبعض الآخر يمكن أن تساعد الدولة فيها، فالمطورون حتى هذه اللحظة يتعاملون مع العميل الأوروبي أو الغربي بنفس درجة التعامل مع العميل المصري من حيث تصميم العقار.

مجموعة من المشكلات تحد من تصدير العقار.. بعضها يخص المطورين وبعضها يمكن للدولة العمل معه

أحمد رضوان: تقصد أن المنتَج نفسه غير مصمم لاحتياجاته؟

طارق كامل: المنتج نفسه غير مصمم للتعامل مع احتياجات هذه الشريحة، والتي يجب أن يتم التركيز عليها واستهدافها، فمساحة بيوتهم في الخارج تبلغ 70 أو 80 أو 90 مترًا، وهذا نمط حياتهم فالمساحة لا تفرق لديهم بالضرورة.

متوسط مساحة الوحدة المناسبة للعميل الأوروبي 80 مترًا مربعًا.. وبالتالي المساحات الكبيرة لا تستهدفه

رضوى إبراهيم: هل يمكن أن يكون ذلك هو السبب في استهداف الأسواق الخليجية المعتادة على العيش في مساحات أكبر من التي نعيش فيها في مصر؟

طارق كامل: نحن لا نستهدف الخليج أو أوروبا بشكل مباشر، لكن اليوم نستهدف البحر الأحمر ومنتجعات البحر الأحمر، ومن الممكن تطوير مناطق سكنية كاملة تستهدف أوروبا عن طريق المطورين بمساعدة الدولة حسب المشروع، وفي حالة جذب مستثمر يعتمد نشاطه على تصدير العقار، وهنا المطور والدولة لا ينحصر تفكيرهما حول شكل الوحدة، وإنما نمط الترفيه والخدمات المتوفرة، وحتى الآن لا يوجد مكان باستثناء الجونة نشعر أنه مصمم لاستضافة الأجانب بنمط حياتهم.. فاليوم بالنظر إلى عواصم أخرى حولنا، نجد أن دبي على سبيل المثال استطاعت من خلال تضافر جهود القطاع الخاص والمطورين مع الحكومة، توفير المنزل المناسب والخدمات الملائمة، وأيضًا شكل الترفيه.

يمكن تطوير مناطق سكنية كاملة تستهدف الأوروبيين في منتجعات البحر الأحمر.. ويمكن للدولة أن تساعد بثمن الأرض

الأمر الثالث والمهم جدًّا هو فكرة التمويل العقاري، والذي يتم خارج مصر بشكل مختلف تمامًا عن التمويل الذي يحدث في مصر، وبالحديث عن تصدير العقار نجد أن كل مدخلاتنا لا تناسب العميل الأوروبي، ما يشكل عبئًا على المطور والدولة حول طريقة تضافرهم، كما أن كل قطاع سنلاحظ فيه بعض القصور.

هانى محمود: هناك شركة من الشركات المصرية دون ذكر اسمها وصل عدد العاملين بها في خدمة العملاء للأجانب إلى نحو 8000 شخص، يغطون أستراليا وألمانيا.

طارق كامل: هذه الشركات تصدر الخدمة للحصول مقابلها على عملة صعبة تستفيد منها البلاد، فاليوم هل فكرت الدولة بالتعاون مع القطاع الخاص بهدف التسهيل لهذه الجهة أو الشركة التي تقوم بخدمة العملاء، من أجل الوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص؟

إيجاد حوافز أكبر لتصدير العقار يمكن أن يرفع اهتمام المطورين بتصميم مشروعات مناسبة

ياسمين منير: نتحدث منذ سنوات عن تصدير العقار.. ما متطلبات تحقيق هذا الهدف سواء على مستوى المطورين العقاريين أو الحكومة والجهات المعنية بشكل كامل؟ ولماذا لم نتخذ حتى الآن خطوات واضحة في هذا الاتجاه؟ هل الوضع الاقتصادي والأزمات المتلاحقة تسببت في منع المطور من إقامة مشروعات والحكومة من تقديم تيسيرات؟ وأيضًا الكول سنتر أعتقد أنه خلال فترة من الزمن كان هناك رهان كبير عليه، واستطعنا تحقيق نتائج جيدة ثم أخذ المنحنى في التراجع ثم التراجع.. ما السبب؟

طارق كامل: سأجيب عن شق القطاع العقاري، وأترك شق الكول سنتر للمهندس هاني محمود.

أحمد رضوان: بالنسبة لشق القطاع العقاري كيف تنظر إلى قرار منح الجنسية للأجنبي الذي يقوم بشراء عقار.. وفقًا للسوق والخدمات المقدمة.. ما هي الجنسيات التي سيجلبها هذا القرار؟

طارق كامل: دعنا نوضح في البداية لماذا لم يتخذ المطور خطوات جادة حتى هذه اللحظة؟

الخدمات ووسائل الترفيه المناسبة عنصر مهم أيضًا في جذب الأجانب لشراء العقار بمصر

في الحقيقة الطلب على العقار في مصر متزايد ومتلاحق مما جعل المطورين العقاريين لا يفكرون في تلبية احتياجات السوق الخارجية وتصدير العقار؛ لأن السوق المصرية كافية بالنسبة للمطورين العقاريين.

ولذلك لا بد من تقديم التيسيرات والحوافز من الدولة لكل مطور عقاري يجلب عملة صعبة، وهذه المحفزات تشجعه ليتعلم ويعرف مدخلات ومخرجات وطلب وتصميمات الأسواق الأجنبية، ويقوم بتنفيذها داخل الأراضي المصرية.

أتوقع أن هناك العديد من الجنسيات مهتمة بشراء عقار في مصر، لأسباب متعددة منها الظروف المعيشية التي تدفعهم للخروج والبحث عن أماكن أخرى أكثر استقرارًا وأمنًا، بالإضافة إلى أن الأوروبيين يفضلون تجربة الخروج، وإذا نظرنا إلى البحر الأحمر نجد عشرات الآلاف يعيشون هناك من أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية.

رهان المطورين العقاريين على ارتفاع الطلب المحلي قلل من الاهتمام بتصدير العقار

كما أن أحوال الطقس في مصر مناسبة لهم نظرًا لأن الغالبية العظمى منهم أعمارهم كبيرة، ومن خلال فرق العملة يستطيع الفرد منهم أن يعيش في مصر بشكل أكثر رفاهية من المعيشة في أوروبا.

هاني محمود: وهناك بعض المواطنين في الدول الأجنبية يقومون بشراء عقار في مصر من أجل الادخار وليس المعيشة، كما أننا نحتاج إلى جميع المرافق اللازمة لمعيشة الإنسان بجانب المنزل مثل المستشفيات وغيرها من المرافق التي تنقص مناطق سكنية في مصر.

طارق كامل: لذلك نحتاج إلى استراتيجية التطوير العقاري المتكامل ولكنها تحتاج إلى دعم كبير.

رضوى إبراهيم: لدينا أكثر من مطور عقاري يستطيع صنع نموذج المدينة المتكاملة.

طارق كامل: بالتأكيد.. ولكن نحتاج إلى دعم، ونموذج المدينة المتكاملة حاليًا موجود في الجونة، ولكن تكرار هذا النموذج يحتاج إلى شكل من أشكال الدعم.

توفر الخدمات ومنها دور الرعاية الصحية مهم جدًّا لاستقطاب الأجانب لشراء عقارات بمصر

هاني محمود: يجب على الدولة أن تساعد المطور في تسويق العقار في بعض الدول الأجنبية، فعلى سبيل المثال في تركيا نجد أن إعلانات الشركات التركية موجودة في العديد من الدول الأوروبية.

رضوى إبراهيم: ذكر الأستاذ طارق أن استراتيجية التطوير العقاري المتكامل تحتاج إلى دعم .. فيم يتمثل هذا الدعم؟

طارق كامل: الدعم قد يتمثل في الرعاية الصحية، وهذا النشاط لا يشترط بالضرورة أن يكون من المشروعات الهادفة للربح في البداية، ويتمثل أيضًا في طرق الدفع وسعر الأرض لتحفيز المطور الأجنبي للعمل في الأسواق الناشئة والجديدة التي لديها معدلات مخاطرة أكبر.

والدولة الآن وصلت إلى نظام في التطوير العقاري جيد جدًّا، وهو نظام الشراكة بين الدولة والمطور، وهذه الاستراتيجية ناجحة.

الدعم الحكومي مهم لتهيئة المجال لتصدير العقار وتوفير فكرة التطوير العقاري المتكامل

ياسمين منير: في جزء الصناعات الغذائية.. ما هي المطالبات التي تعتقد أنها تدعم القطاع؟

طارق كامل: تحدثنا بشكل كامل في بداية اللقاء عن هذه التحديات، وتقوم الدولة بعدة خطوات إيجابية لحل مشاكل القطاع الصناعي بشكل عام، وليس للصناعات الغذائية فقط.

الدعم الحكومي يمكن أن يكون في صورة بناء مستشفيات قريبة من المشروعات.. وأيضًا الأرض

 

أحمد رضوان: تحدثنا مع العديد من المستثمرين في صالون حابي وذكروا عدة مشاكل.. منها عدم استقرار الأعباء الضريبية والرسوم والقرارات المفاجئة فيما يتعلق بهذا الملف، والنقطة الأخرى تتعلق بعدالة المنافسة بين القطاع الخاص والحكومة على مستوى الأنشطة والقدرة على تحمل الأعباء، والتي تتمثل في استيراد الحكومة للمنتجات بدون جمارك وأيضًا العمالة الأقل تكلفة.. ما حقيقة هذه المشاكل؟ وإلى أي مدى يتم التعامل بالتزام مع تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه أمام المستثمر؟

هاني محمود: الدول غير واضحة بشكل كامل في ملف الضرائب أمام المستثمر، وعلى الرغم من المشاكل التي تحدث في هذا الملف إلا أن نسبة الضرائب في مصر ليست كبيرة مقارنة بدول أخرى، وعلى سبيل المثال نسبة الضرائب في إنجلترا تقريبًا ضعف مصر، ولكن هناك خدمات مختلفة يحصل عليها المواطن بجودة عالية مثل مجانية التعليم بشكل كامل والرعاية الصحية المجانية وبجودة عالية.

على الدولة مساعدة المطورين على تسويق مشروعاتهم في الخارج

لذلك على الرغم من ارتفاع الضرائب ولكن مقابل خدمات بجودة عالية تعمل على تقليل الإنفاق للمواطن.

ولكن في مصر هناك العديد من البنود التي تفرض رسومًا ضريبية جديدة كل فترة دون معرفة ماذا تقدم الدولة مقابل هذه الضريبة.

وأثبت في كل بلاد العالم أن الحكومة تاجر غير ناجح وصانع غير ناجح، ودورها يقتصر على تنظيم الأعمال واقتراح قوانين لمجلس النواب وإعطاء فرص تنافسية عادلة لجميع الأطراف.

ولكن ظهر أيضًا في العديد من دول العالم مؤخرًا حصول الحكومة على شراكة مع القطاع العام والقطاع الخاص، وظهر مصطلح «شراكة القطاعين العام والخاص»، وهذه الشراكة تعطي قوة للمشروعات قيد الإنشاء باعتبار أن الشريك حكومي.

لا مشكلة في نسبة الضريبة.. المشكلة الحقيقية هي تعدد الرسوم والالتزامات الأخرى

رضوى إبراهيم: هل كل القطاعات تحتاج إلى هذه الشراكة أم قطاعات معينة؟

هاني محمود: لا بد أن نفرق بين 3 أنواع، النوع الأول قطاع خاص يفضل العمل منفردًا، والثاني يتمثل في عمل القطاع الخاص بالتعاون مع القطاع العام والحكومة، ولكن في هذه الحالة تكون الإدارة للقطاع الخاص، ونسبة الحكومة تتراوح بين 25% إلى 40%، وأنا أتفق بالكامل مع هذه الاستراتيجية، إلا في بعض المشروعات التي لها تأثير على الأمن القومي والتي لا يمكن تركها للقطاع الخاص.

النوع الثالث شراكة القطاع العام والحكومة، وهذا يمثل النظام الاشتراكي الذي فشل في روسيا.

لكن لا يجب أن تستورد الحكومة لعب أطفال على سبيل المثال، بينما عند الحديث عن القمح والأسلحة والمنتجات الاستراتيجية وبعض السلع التي تشهد إقبالًا من جانب المواطنين، ولا يستهدفها القطاع الخاص فنعم بكل تأكيد.

دخول الحكومة في شراكة مع القطاع الخاص يمنح ثقلًا وجدية للمشروعات.. ولكن يجب أن تكون الإدارة للقطاع الخاص

كما أن النموذج الصحيح هو إما أن يعمل القطاع الخاص منفردًا، وفي هذه الحالة يجب توافر منظومة قيم معينة ورقابة وتنظيم كبير من الحكومة، خاصة وأن بعض القطاع الخاص سيعمل على تحقيق مصالحه الشخصية، والتي قد لا تتفق مع مصلحة الدولة والمواطنين، وهنا يأتي دور الحكومة، أو نظام الشراكة فهو نموذج ناجح للغاية، بحيث تدخل الحكومة والقطاع العام في شراكات مع القطاع الخاص في أماكن معينة، أما أن تعمل المؤسسات الحكومية وحدها في التجارة، فيكون في أمور معينة ومعلومة ولأسباب معينة.

أحمد رضوان: ماذا عن سعر الصرف؟

هاني محمود: تم الاتفاق على أن المشكلة لا تكمن في السعر نفسه، ولكن في كيفية وضع الشركات لخطط العمل مع التغير المفاجئ المستمر في سعر الصرف، كما أن فكرة دعم الدولة للجنيه أمام الدولار كانت خطة غير صحيحة، وتسببت في الأمور التي تحدث حاليًا، حيث تم تنفيذ عمليات تعويم للجنيه لثلاث مرات خلال الأعوام القليلة الماضية، وفي حقيقة الأمر لم تكن مرة واحدة منهم تعويمًا حقيقيًّا، وبالتالي هذا الأمر لا يصح.

مشكلة العملة ليست في السعر وإنما في شدة التذبذب.. ودعم الجنيه أسلوب غير ناجح

كما أن المصطلح الذي تم استعماله حينها، وهو المرونة غير مفهوم، فالسعر الحر يعني تنفيذ عمليات البيع والشراء وفقًا لما يرتضيه البائع والمشتري، ويتحكم السوق في التسعير بشكل طبيعي، أما مصطلح “سعر المرن” فليس هناك تفسير واضح له.

ياسمين منير: يشبه المُدار بعض الشيء.

هاني محمود: هو ليس تسعيرًا حرًّا تمامًا، ولكن على أقل تقدير أفضل مما كان يحدث في السابق، حيث استغرقنا عدة سنوات كان خلالها سعر الدولار نحو 6 جنيهات، وهو أبعد ما يكون عن السعر الحر، كما بقى الدولار عند 15 جنيهًا لفترة وظن الجميع أنه تعويم للجنيه، واتضح أنه ليس كذلك.

وبالعودة مرة أخرى لأصل الأمر، يجب أن تكون هناك صورة واضحة للدولار أيًّا كان سعره، فالشركات لن تتوقف أعمالها بسبب وصول الدولار إلى 30 جنيهًا، وعندما كان الدولار بـ 15 جنيهًا وانتشرت الأقاويل من جانب حول إمكانية وصوله إلى 30 جنيهًا لتواجهها أٌقاويل أخرى على الجانب الآخر باستحالة ارتفاع الدولار لهذا الرقم، وبعدما أصبح 30 جنيهًا ولم يحدث شيء، فالأمر ليس في سعر الدولار.

قطاع التصنيع الزراعي بغرض التصدير أمام فرصة جيدة جدًّا مع تطور آليات التمويل والزراعات التعاقدية

ياسمين منير: مهندس محمد، بعيدًا عن التحديات العديدة التي تم ذكرها، واتفقنا بشكل ضمني بقدرتنا على تجاوزها أو التأقلم معها وإيجاد بدائل وحلول، انتهى النصف الأول من الصالون بحديث إيجابي حول التوسعات وخطوط الإنتاج الجديدة، فهل تلمس هذا النشاط والتوسع في مجال الزراعة من أجل التصنيع، وما هي خططكم بشكل مباشر في الفترة المقبلة؟

محمد يوسف: القطاع بالكامل أمامه فرصة جيدة للغاية مع تطور آليات التمويل والزراعات التعاقدية من أجل توفير منتج مطابق للمواصفات، فالسوق المحلية بصورة عامة لا يعنيها تواجد نوع من العشوائية، وبالطبع هناك توجه عام لتطوير الزراعات والسيطرة عليها وتحديث الفكر وضبط المبيدات وغيرها، بجانب تطوير وتنفيذ آليات جيدة للمصانع، وهو أمر إيجابي جدًّا، فلم تعد هناك مصانع غير معتمدة، وهناك طفرة تحدث منذ عامين، فتلك الأمور مع فارق العملة بجانب جزئية الزراعات التعاقدية ستمنح الجميع فرصة جيدة للمنافسة في أوروبا نفسها.

لمسنا إقبالًا استثماريًّا كبيرًا على قطاع التصنيع الزراعي في الفترة الأخيرة

ياسمين منير: وهل تلاحظ دخول مستثمرين لهذا المجال خلال الفترة الأخيرة؟

محمد يوسف: نعم بالفعل، هناك مستثمرون كثر لديهم شهية دخول هذا القطاع، وهو ما ظهر في القطاع بالكامل وعلى مستوى الشركة نفسها، فهناك طرق للأبواب بشكل مستمر في الفترة الماضية.

هاني محمود: هناك مداخلة سريعة فقط، الاستثمارات التي تم ضخها في تنفيذ البنية التحتية، ورغم حديث البعض عن وجود أولويات أخرى أهم خلال وقت تنفيذ البنية التحتية، لكن الجميع سيرى أثر هذا الأمر خلال الفترة المقبلة.

آثار الاستثمارات في البنية التحتية ستظهر بوضوح في الفترة المقبلة

دولة السودان كمثال، تمتلك أرضًا خصبة بشكل رهيب وقادرة على إطعام العالم بالكامل، ولكن لا يمتلكون شبكة طرق ويؤكدون صعوبة زراعة الأراضي بسبب عدم توافر الطرق، كما أن الحرارة مرتفعة للغاية، وبالتالي وقت العمل قليل وإن كانت هذه النقطة تحديدًا بعيدة بعض الشيء عن محور الحديث ولها حلول عديدة لتخطيها، ولكن السبب الرئيسي هو عدم توافر شبكة طرق.

في أي منطقة بالعالم حال وجود أرض غير مأهولة بالسكان أول شيء يتم تنفيذه هو الطريق، وعدم تنفيذه يعني بقاءها غير مأهولة كما هي، ولن تتم زراعتها أو بناء مصانع فيها مطلقًا، وبالتالي فمصر نفذت بنية تحتية قوية، وقد تكون هناك أمور أخرى تحتاج إلى اقتطاع جزء من استثمارات شبكة الطرق لصالحها، ولكن في المستقبل القريب ستظهر أهمية هذه البنية التحتية، حيث ستفتح آفاقًا كبيرة للغاية، فطريق الضبعة على سبيل المثال سيخلق في محيطه فرصًا ومجالًا للزراعة والصناعة كبيرًا جدًّا، ولم تكن هذه الفرص لتتواجد لولا تنفيذ هذا الطريق.

محمد يوسف: طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي قبل 15 عامًا كان صحراء.

رضوى إبراهيم: ليس هناك خلاف على أهمية البنية التحتية، ولكن الانتقادات التي واجهت هذا الأمر كان لها علاقة فقط بأنها طغت على بعض الأولويات.

أنتقل بالحديث إلى الأستاذ طارق، هل من الممكن إطلاعنا على الخطط الاستثمارية للعام الجديد؟ وبعد قرب مرور الربع الأول من 2023 هل الرؤية أصبحت أوضح لدرجة تدفعنا لعمل مراجعات لهذه الخطط، أم أن الأمور تسير دون تغيير؟

طارق كامل: شركات المنتجات الغذائية قد تركز في الفترة المقبلة بشكل أكبر على توفير المنتجات بنفس الجودة ولكن بتكلفة أقل، وبالتالي سيبحث الجميع عن تقليل التكاليف دون التأثير على الجودة، ما يحقق غاية الوصول للمستهلك بشكل أكثر إفادة، وبأقل قدر من التحميل على القوى الشرائية للمواطنين.

شركات الصناعات الغذائية ستركز على توفير المنتج بنفس الجودة ولكن بتكلفة أقل

ستظهر استثمارات كبيرة في الفترة المقبلة فيما يخص شبكات التوزيع، في ظل سعي الشركات للبحث عن فرص تحافظ من خلالها على حجم أعمالها وإنتاجية مصانعها، كما أن الفترة المقبلة قد تشهد ظهور استثمارات في خطوط إنتاج عديدة، وذلك بالنسبة لمن يرون ما يحدث حاليًا مجرد موجة وستمر كما مرت الموجات السابقة، كما يمكن أن تظهر رغبة كبيرة في الحفاظ على العمالة وتأهيلها.

رضوى إبراهيم: هل نستله منهم؟

طارق كامل: نعم قولًا واحدًا، كما أن الفترة المقبلة قد تشهد اندماجات واستحواذات، ومع قرب نهاية الربع الأول فالخطط المتواجدة تسير على خير ما يرام، بينما فكرة الوصول لسعر مستقر للدولار هي ما قد تساعد بشكل أكبر، أيًّا كان السعر -مثلما قال المهندس هاني- خاصة أن السوق سيعيد إنتاج نفسه من هذه النقطة، وسيكون هناك منحنى عرض وطلب جديد من هذه النقطة، على أن تستمر الأمور بشكل طبيعي.

استثمارات واسعة في شبكات التوزيع في الفترة المقبلة للوصول إلى فرص تسويقية جديدة

هاني محمود: أود الحديث عن نقطة مهمة، وهي أن مصر مؤهلة لأن تصبح الكول سنتر الخاص بالعالم بأكمله، وهذا الحديث نابع عن خبرة سابقة، وليس حديثًا، وحاليًا الهند هي أكبر المستحوذين على هذا المجال، وتواجه انتقادات وسخرية كبيرة من جانب المواطنين بإنجلترا فيما يخص لكنات حديث العاملين الهنود.

ومصر تمتلك مقومات كبيرة في هذا الأمر، فهناك توافر بنية تحتية تكنولوجية معقولة للغاية فيما يخص الكول سنتر، كما تمتلك شبابًا وخريجي جامعات يجيدون الحديث بكل اللغات، كذلك لكنة الحديث مختلفة عن الهنود، كما أن هذا الأمر معتمد بشكل كبير على الأشخاص، ويعمل على تأهيل وإعداد الشباب لسوق العمل في ظل التواصل المستمر مع العملاء والسوق، خاصة أن الشاب لن يظل يعمل في هذا المجال طوال الوقت.

مصر مؤهلة لتكون مركزًا لخدمات التعهيد يغطي مختلف دول العالم.. ويجب تقديم حوافز لهذا القطاع

الشاب الذي يمارس عمل الكول سنتر لمدة عامين، وإن كان لا يمتلك سابقة أعمال غيرها، فالخبرات التي امتلكها خلال العامين أعلى كثيرًا من أي شخص آخر عمل في أي مكان آخر، حيث تواصل مع عدد كبير من العملاء بمستوياتهم المختلفة، وتعرف على متطلبات العميل وغيرها، فهناك موظفون بدأوا أعمالهم من الكول سنتر ليصلوا حاليًا إلى مستويات وظيفية كبيرة سواء داخل الشركة أو خارجها.

خدمات التعهيد ضرورية جدًّا في توفير فرص عمل كبيرة بجانب قدرتها على تأهيل وتدريب الكوادر

كما أن هذا الأمر مهم للغاية فيما يخص السلم الاجتماعي، فأخطر ما يهدد السلم الاجتماعي في أي دولة هو عدم وجود فرص عمل للشباب الخريجين، ولكن عند توظيفهم في مهنة الكول سنتر ولفترة عامين أو 3 أعوام فقط في ظل تطلع الشاب لاقتناص فرص وظيفية أكبر، بذلك سيحصل الشاب خلال أولى سنوات تخرجه على مصدر دخل جيد، ويقوم بتحصيل خبرات جيدة فيما يخص التعامل مع السوق والعملاء، ويكون مستعدًّا وجاهزًا للتقديم على وظائف أعلى.

أحمد رضوان: نشكر حضراتكم، وإلى لقاء جديد من صالون حابي، شكرًا جزيلًا.

في اللقاء الثاني عشر من صالون حابي – نظرة على الصناعة والتجارة – الجزء الأول
خلال اللقاء الثاني عشر من صالون حابي

ضيوف اللقاء:

المهندس هاني محمود وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق ورئيس شركة فودافون مصر

محمد يوسف الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة نيلوس فودز

طارق كامل رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة نستلة مصر

أدار اللقاء:

أحمد رضوان رئيس التحرير والرئيس التنفيذي لجريدة حابي

ياسمين منير مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي

رضوى إبراهيم مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي

فيديو جرافيك: محمد صلاح الدين

تصوير فيديو: عمار علاء

مساعد مصور: محمود البنا

فوتوغرافيا: محمد عبده

مونتاج ورؤية إخراجية: إيهاب عبد المقصود

أدار المحتوى: أمنية إبراهيم

أعده للنشر: شاهندة إبراهيم _ رنا ممدوح _ إسلام سالم _ هاجر عطية _ أحمد عبد الرحمن

الرابط المختصر