رويترز – ارتفعت السندات السيادية المصرية الدولارية وتعزز الجنيه في العقود الآجلة مقابل الدولار يوم الاثنين بعدما وقعت مصر اتفاق استثمار بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات يركز على التطوير العقاري لساحل البحر المتوسط.
وبموجب الاتفاق الذي أعلن يوم الجمعة، ستدفع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، وهي صندوق سيادي تابع لحكومة أبوظبي، 24 مليار دولار مقابل حقوق تطوير الأراضي في شبه جزيرة رأس الحكمة على الساحل الشمالي لمصر، بالإضافة إلى تحويل 11 مليار دولار من الودائع الموجودة بالفعل في مصر إلى مشروعات رئيسية في البلاد.
ويقول محللون ومستثمرون إن الاتفاق من شأنه أن يخفف من المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها مصر حاليا والمتمثلة في النقص الحاد في العملة الأجنبية. لكن لا تزال هناك شكوك حول آفاق الإصلاحات الهيكلية وقوة الاقتصاد على المدى الطويل.
وقال باتريك كوران من مجموعة (تليمر) للأبحاث “ستساعد التدفقات الداخلة في سد فجوة التمويل الخارجي في مصر على المدى القريب، وتمهد الطريق لخفض قيمة العملة بشكل أكثر تنظيما وتحفيز تمويل صندوق النقد الدولي”.
وأضاف “التأثير على المدى الأطول أكثر تباينا لأنه يعزز نموذج النمو المصري المدفوع بالمشروعات العملاقة، ومن المرجح أن يتدفق جزء كبير من التمويل إلى خارج البلاد مع مرور الوقت بسبب البضائع المستوردة”.
وقال مستثمرون إن الاختبار الأول يتمثل في مقدار خفض قيمة العملة المحلية بعد الاتفاق وما إذا كانت مصر ستنتقل إلى سعر صرف مرن أم ستلجأ لتعويم عملتها، وهي خطوة تعهدت بها من قبل لكن لم تنفذها.
وأضافوا أن الاختبار الثاني يتعلق بما إذا كانت الحكومة ستمضي قدما في بيع أصول أخرى، ومدى سماحها بمشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الذي تحكم الدولة والجيش قبضتهما عليه.
وقفزت السندات السيادية المصرية الدولارية بنحو 5 سنتات يوم الاثنين لتقترب من المكاسب التي حققتها يوم الجمعة، مع وصول العديد من أدوات الدين المقومة بالدولار إلى أقوى مستوياتها في عامين تقريبا.
وجرى تداول السندات الأطول أجلا بين 72 و75 سنتا تقريبا كما ارتفعت معظم السندات إلى ما فوق 70 سنتا، ويعتبر كثيرون ما دون ذلك عتبة الديون المتعثرة.
وأظهرت بيانات من جيه.بي مورجان أن الفارق بين العائد على السندات المصرية الدولارية وعائد سندات الخزانة الأمريكية التي تعتبر ملاذا آمنا -وهو مؤشر للمخاطر يحظى باهتمام المستثمرين- تقلص إلى 640 نقطة أساس في أدنى قراءة منذ نوفمبر تشرين الثاني 2021.
تغير توقعات خفض العملة
أظهرت البيانات المتعلقة بالعقود الآجلة للجنيه أن الأسواق قلصت توقعاتها بشأن مقدار خفض قيمة العملة في المستقبل. وارتفعت العقود الآجلة للجنيه المصري غير القابلة للتسليم لأجل 12 شهرا إلى 52.9 جنيه للدولار يوم الاثنين مقابل 64.55 جنيه للدولار يوم الخميس.
وبلغ سعر الدولار في السوق السوداء بوسط القاهرة نحو 40 جنيها يوم الاثنين انخفاضا من نحو 62 جنيها الأسبوع الماضي.
وجرى تثبيت سعر الصرف عند 30.85 جنيه للدولار تقريبا على مدار العام الماضي، بعد أن فقد حوالي نصف قيمته مقابل الدولار في سلسلة من التخفيضات بدأت في أوائل عام 2022.
وقالت مؤسسة (أكسفورد إيكونوميكس) إن الاتفاق “سيغير قواعد اللعبة” بالنسبة لمصر على المدى القصير إلى المتوسط، وخفضت توقعاتها لسعر الصرف إلى 45 جنيها للدولار بنهاية العام مقابل 55 جنيها في السابق.
لكنها أشارت إلى أن التوقعات طويلة الأجل لا تزال “مثيرة للقلق” بالنسبة لمصر، مع ضرورة فرض مزيد من الانضباط المالي.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يوم الجمعة إن مصر تتوقع الحصول على 15 مليار دولار من الصفقة في غضون أسبوع و20 مليار دولار أخرى في غضون شهرين. وأضاف أن الحكومة تظل ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي والمتوقع أن يرفع قيمة قرض متفق عليه بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وقال إنه لم يتبق سوى خطوات قليلة جدا على إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وانخفض تصنيف مصر الائتماني عدة مرات في الأشهر القليلة المنصرمة. وعدلت وكالة (موديز) نظرتها المستقبلية من “مستقرة” إلى “سلبية” في يناير كانون الثاني، وعزت قرارها إلى المخاطر المتزايدة المتمثلة في استمرار ضعف الوضع الائتماني للبلاد في ظل صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف.
وأشار بنك باركليز في مذكرة إلى أن الاتفاق مع الإمارات يجب أن يمنح دفعة لبرنامج صندوق النقد الدولي وأن يضبط أداء العملة.
وأضاف أن الحجم غير المعتاد للمشروع يشير إلى التزام الإمارات الثابت بالاستقرار في مصر ككل.