في اللقاء 25 من صالون حابي: تنمية الصادرات تبحث عن برنامج مساندة بسيط ومستقر «ويتم تنفيذه».. الجزء الثاني
أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في الجزء الثاني من صالون حابي، والذي نتحدث فيه عن الأولويات والمهام المرتقبة للجنة تنمية الصادرات، وما هي الأدوار والتوصيات المقترح تنفيذها لتنمية الصادرات المصرية؟

دكتور وليد جمال الدين.. دعنا نتحدث قليلًا عن قطاع مواد البناء، هل معالم القطاع واضحة بمعنى معرفة أبرز المنتجين الرئيسيين العاملين فيه، وكذلك حجم إنتاجهم؟ أم أن هناك جزءًا غير معلوم عن القطاع -مرتبط مثلًا باقتصاد غير رسمي أو بكيانات حكومية إنتاجها غير واضح لدى باقي المتعاملين بالسوق- وأيضًا ما هي التحديات التي تواجه قطاع مواد البناء ككل، والتي بحلها يمكن أن يشهد القطاع طفرة في حجم صادراته المتوقعة خلال الفترة المقبلة؟

مواد البناء تتصدر الصادرات المصرية العام الماضي.. برقم قياسي 10.7 مليار دولار
د. وليد جمال الدين: قطاع مواد البناء يحتل المركز الأول في قائمة الصادرات المصرية، إذ بلغ حجم صادراته خلال العام الماضي 2024 نحو 10.70 مليارات دولار، وهذا رقم قياسي في تاريخ أي قطاع بمصر، وبالتالي يعد هذا القطاع قويًّا للغاية، كما أنه يمتلك مقومات وميزة تنافسية هائلة، ومن أبرز مميزاته أن نسبة كبيرة من خاماته يتم الحصول عليها من داخل البلاد أي من الأراضي المنتشرة في أنحاء الجمهورية.
مجلس مواد البناء يمتلك التفاصيل الكاملة لعدد مصانع القطاع وحجم إنتاجها
ومن زاوية اتضاح منظومة عمل القطاع، أرى أنه قطاع واضح للغاية، إذ يمتلك المجلس التصديري لمواد البناء حصرًا بكل التفاصيل المتعلقة بعدد المصانع العاملة، وحجم طاقتها الإنتاجية، وهل هي خاضعة للدولة أم القطاع الخاص، ولكن الجزء الوحيد الذي ما زال غير واضح بدرجة كافية لدى المجلس يتعلق ببعض الصناعات الصغيرة للغاية العاملة بالقطاع، والتي يعد حصر إنتاجها أمرًا ليس بالسهولة التي قد يتخيلها البعض؛ نظرًا لأنها غير مقيدة لدى غرف صناعية، فضلًا عن عدم وجود أوراق رسمية لها. لكن هذا الجزء من القطاع ليس كبيرًا، ولا يؤثر في حركة التصدير نظرًا لكونه يبيع منتجاته بصورة أساسية بالسوق المحلية فقط.
وأؤكد لحضرتك أن المجلس التصديري لمواد البناء يمتلك بيانات تفصيلية عن كل شركات القطاع التي تصدر إنتاجها للخارج، شاملة حجم الإنتاج ونوعيته، وحينما نجري حصرًا دوريًّا للقطاع نجد أنه لا تزال هناك طاقات غير مستغلة به؛ أي في ضوء امتلاكه الكثير من فرص النمو.
الطاقات المستغلة بقطاع الأسمنت تصل إلى 60% حاليًا.. ولا يزال يمتلك المزيد من الإمكانات
على سبيل المثال، تتراوح الطاقة الإنتاجية المستغلة بقطاع الأسمنت حاليًا ما بين 55% إلى 60% فقط من طاقته المركبة القائمة، ولا تزال الصناعة تتضمن مزيدًا من إمكانات النمو، أيضًا قطاع السيراميك يعمل بطاقة إنتاجية تبلغ 50% حاليًا تتمثل في إنتاج 200 مليون متر مربع من البلاطات من أصل 400 مليون متر مربع تمتلك مصانعنا المحلية إمكانات لإنتاجها.
أحمد رضوان: هل ترى أن عدم استغلال الطاقة الإنتاجية بصورة كاملة يرتبط بحجم الطلب على قطاعي صناعة الأسمنت والسيراميك؟
د. وليد جمال الدين: يتعلق جزء من الطاقات غير المستغلة بهما بحجم الطلب، وجزء آخر بارتفاع تكاليف الإنتاج، فمثلًا صناعة بلاطات السيراميك بمصر كانت تحتل المرتبة التاسعة على مستوى العالم منذ 3 سنوات، لكن وصلنا اليوم لترتيب تحت المركز العاشر -لا نعرفه فعليًّا لا سيما أنه يتم الإعلان عن أول 10 دول متصدرة فقط.
افتتاح مصانع صينية بالسعودية وليبيا يؤثر في حصتنا التصديرية بهذه الأسواق
أيضًا أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة تكلفة إنتاج بلاط السيراميك في السوق المحلية، فضلًا عن أن افتتاح الشركات الصينية مصانع إنتاج، ومن ضمنها مصنع ضخم في السوق السعودية أدى إلى استحواذهم على جزء كبير من حصتنا في الأسواق التصديرية الأساسية لهذا المنتج، ومنها على سبيل المثال دول مجلس التعاون الخليجي.
كما يجري افتتاح مصنع آخر في أحد الأسواق التصديرية الأساسية لنا في صناعة السيراميك أيضًا، وهي ليبيا، ومن المتوقع أن يستحوذ هذا المصنع على جزء كبير آخر من السوق الخارجية.
بالنظر للمصانع الصينية، نجد أنها تحصل على دعم كبير من حكومة بكين، كما تعد تكاليف إنتاجها منخفضة مقارنة بنا، في المقابل نجد أن صناعتنا بدأت تعاني جزئيًّا من ارتفاع التكاليف، لا سيما سعر الطاقة، لكننا نمتلك قدرات وإمكانات لتنمية صناعة مواد البناء بصورة أكبر، وبالتالي تعظيم حجم صادراتها.
أحمد رضوان: هل هناك تحديات نوعية مرتبطة أكثر بهذا القطاع، بخلاف ما تحدثنا عنه سابقًا كتحديات الحصول على الأراضي، فضلًا عن الاستثمارات والأعباء التي تواجهها صناعة مواد البناء؟
النقل الداخلي للخامات منخفضة القيمة وارتفاع رسوم الطرق.. أبرز تحديات القطاع
د. وليد جمال الدين: بالفعل، أحد التحديات الرئيسية التي تواجهنا هي النقل الداخلي للخامات التي تعد قيمتها منخفضة، لكن وزنها مرتفع، ونضرب هنا مثالًا بالرمال والأحجار الجيرية المنتجة من المحاجر، التي يجب نقلها للمصانع لكي نصنعها لتكون منتجا نهائيا، ثم بعد ذلك تنقل للموانئ أو أماكن الإتجار بها.
يجب الإشارة في هذا السياق إلى أنه جرى فرض رسوم طرق في السنوات الماضية بنسب مرتفعة للغاية، كما أنها في زيادة مستمرة، وفي بعض الأحيان لا نستطيع حساب هذه التكاليف لا سيما مع اختلافها.
فمثلًا حينما تمر سيارة عند أحد بوابات ومعابر الطرق، وهي تحمل شحنة معينة، فتدفع رسومًا عند عبورها على نفس المعبر تختلف ما بين أيام العبور. أرى أن هناك عدم وضوح في معايير تسعير رسوم الطرق، كما باتت مسألة توقع التكاليف التي نتكبدها للإنتاج غير واضحة، وتتضح هذه المشكلة بصورة أكبر في المنتجات التي يدخل في صناعتها خامات محجرية.
آلية تنظيم قطاع المحاجر خلَّفت مشكلات كبيرة.. وعدد المحاجر المرخصة تراجع بنسبة تصل إلى %70
مشكلة أخرى رئيسية تواجه صناعة مواد البناء وهي قرار الدولة لتنظيم قطاع المحاجر. الفكرة رغم صحتها لا سيما أنها تستهدف تنظيم وتيرة عمل القطاع في ضوء أن جانبًا منه كان يعمل بصورة غير رسمية ويشهد تلاعبات، ولكن الآلية التي اُختيرت لتنظيمه خلَّفت مشكلات كبيرة للغاية فيه، إذ أُنشأت شركة تابعة للدولة لتنظيم العمل بالمحاجر لكنها أصبحت منافسًا للقطاع الخاص في الوقت نفسه.
الشركة التي أنشأتها الدولة لتنظيم عمل المحاجر أصبحت منافسة للقطاع الخاص
الشركة الحكومية مسؤولة عن مراقبة عمل قطاع المحاجر، وبالتالي تحول عقد مالك كل محجر من “ملكية أو عقد استغلال” إلى “مستأجر منها”، وأصبحت الوحيدة المنوطة بحق متابعة عمل القطاع في جميع أنحاء مصر، وفي الوقت نفسه من حقها الإنتاج والتصدير.
أحمد رضوان: هل هذه الشركة مملوكة بالكامل للدولة؟
د. وليد جمال الدين: بالفعل، كما تفرض مخالفات وغرامات على العاملين بالقطاع -لأي سبب من الأسباب- في حال قيام أحدهم على سبيل المثال بوضع معداته خارج حدود المحجر الذي تستغله، فبالتالي اتجه الكثير من أصحاب المحاجر لتسليم تراخيص الاستغلال، معلنين رغبتهم في عدم التجديد، والتخارج وعدم العمل في الصناعة.
الكثير من أصحاب المحاجر يسلمون تراخيص الاستغلال.. متجهين للتخارج
ويجدر الإشارة إلى انخفاض عدد المحاجر المرخصة بصورة هائلة “بنسبة تتراوح بين 60 إلى 70%”، فبعدما تم الدخول لتنظيم القطاع لمنع عمل المحاجر غير المرخصة، حدث أنه تم منع عمل غير المرخص بجانب تخارج المرخص أيضًا من السوق.
أصحاب محاجر الرخام لا يجدون خامات للعمل بها
أيضًا محاجر الرخام في الفترة الراهنة لا تجد خامات للعمل بها.
أضف إلى ذلك، شركات المحاجر العاملة في قطاع تصدير مواد محجرية تامة الصنع، نجد أن القانون الذي تم سنه ينص على أنه في حال تصدير منتجات مادة محجريه بحالتها الأصلية لا بد من استصدار موافقات حكومية لتنفيذ هذه الخطوة، في ضوء التخوف من احتمال إهدار الثروات المحجرية.
ونحن لم نعترض على هذه المادة من القانون، لكن عند التطبيق العملي لها نجد -بصورة مكررة- طلب هيئة الجمارك من الشركات استصدار موافقات من الشركة الحكومية المنظمة للقطاع بخصوص تصدير المواد المحجرية، والتي صنعت بعد استخراجها من الأرض وباتت جاهزة للتصدير إلى الخارج، وفي حال تنفيذ خطوة استصدار الموافقات تحصل الشركة المنظمة على بيانات: اسم المستورِد، وصورة فاتورة بيع المنتج، وسعره ونوع السلعة المصدرة وخامتها وحجم مكاسب الشركات المصدرة، وبالتالي أصبحت تمتلك قاعدة بيانات كاملة خلال عدد من السنوات.
كما أنه في الوقت نفسه من حق هذه الشركة المنظمة، الإنتاج والتصدير في ضوء امتلاكها أيضًا محاجر تابعة لها.
أحمد رضوان: وهل هناك منافسة أخرى غير متكافئة واضحة في قطاعات أخرى بخلاف المحاجر، الأسمنت على سبيل المثال؟
اتجاه الاستثمار من الدولة غير صحيح لكنه غير مضر حال تنظيم المنافسة
د. وليد جمال الدين: يتمثل دور الدولة في تنظيم السوق وليس منافسة المنتجين العاملين به، قطاع الأسمنت يوجد به منافسة من الدولة ولكن بصورة أقل حدة من قطاع المحاجر.
أحمد رضوان: وماذا عن صناعة الحديد.. هل يوجد بها أيضًا منافسة غير متكافئة؟
د. وليد جمال الدين: وجود استثمار من الدولة في حد ذاته أنا أرى أنه اتجاه غير صحيح، ولكن ليس بالضرورة أن يكون مضرًا وذلك في حال تنظيم هذه المنافسة.
أحمد رضوان: لدي سؤال أخير في هذه الجزئية، هل أدوات هذه المنافسة تتسم بالعدالة، بمعنى أن المزايا والإعفاءات والأعباء موحدة على الجميع؟
د. وليد جمال الدين: من الممكن ألا تكون هذه الأدوات موحدة في قطاع الأسمنت مثلًا.
ياسمين منير: أريد الانتقال إلى قطاع الملابس والمنسوجات، والذي يعد من القطاعات التي يُرَاهن عليها من قبل الكثيرين في الآونة الأخيرة، لا سيما في ضوء الحديث عن وجود طلب كبير لتصنيع هذه المنتجات بمصر.. وسؤالي هنا موجه للأستاذ محمد قاسم.. حضرتك تحدثت في الجزء الأول من صالون حابي عن أن هذا القطاع يعد من أقدم الصناعات المصدرة في البلاد، لكنه يواجه معوقات محددة ما زالت مستمرة منذ سنوات.. هل من الممكن توفير نبذة عن وضع سوق هذه الصناعة في الفترة الحالية، وما هي المعوقات التي تراها تحد من نموه؟

فرصة كبيرة لقطاع الملابس للنفاذ والمنافسة عالميًّا
محمد قاسم: حجم صادرات صناعة الملابس والمنسوجات أقل بكثير مقارنة بـ11 مليارًا سجلها قطاع مواد البناء خلال العام الماضي (2024)، لكنها كانت في وقت من الأوقات صناعة قائدة في مجال التصدير، والحقيقة من الأشياء الغريبة في إحصاءات الدولة، وأنا هنا أستغل الفرصة من خلال تواجدي في صالون حابي للحديث عن هذه النقطة، وهي أننا نجد أن الصناعات الهندسية المحلية وكذلك صناعة مواد البناء تعامل كتكلة واحدة ولا تقسم إلى قطاعات فرعية.
تقسيم الصناعات النسيجية إلى 3 مكونات يقلل أهميتها النسبية أمام من يقرأ الأرقام
لكن على الجانب الآخر، في الصناعات النسيجية نجد أنها توزع بين قطاعات فرعية مختلفة تتمثل في الملابس والمفروشات المنزلية والغزل والنسيج. إن تقسيم الصناعة الواحدة إلى 3 مكونات يقلل أهميتها النسبية أمام من يقرأ الأرقام، وهذه النقطة بالتأكيد ليست المعوق الأساسي الذي يواجه عمل الصناعة، هي مجرد نقطة شكلية أتحدث عنها.
صناعة الملابس والمنسوجات هي القائدة للتنمية منذ الثورة الصناعية حتى الآن
أنا أرى أنه من المهم عند وضع الإحصاءات الخاصة بصناعة الملابس، الحفاظ على تكاملها كصناعة واحدة وليس تقسيمها إلى مكونات فرعية مختلفة، لا سيما أنه لا يوجد هناك صناعة أخرى تقسم إلى مكونات مختلفة. في الحقيقة إن صناعة الملابس تمتاز بقدرتها على إدخال العمالة الزراعية غير المدربة لتكون عمالة صناعية مدربة.
بالرجوع إلى تاريخ النمو والتقدم الصناعي في العالم، وذلك منذ بداية الثورة الصناعية في إنجلترا حتى تاريخه، نلاحظ أن صناعة الملابس والمنسوجات هي القائدة لعمليات النمو والتنمية.
أيضًا يتضح دور صناعة المنسوجات والملابس، في كونها تشغل العمالة الزراعية وتحولها لعمالة صناعية. إن العامل الزراعي لا يمتلك فكرة العمل ما بين أوقات زمنية محددة، لا سيما أنه يستيقظ مع شروق الشمس وينام مع غروبها، هذا العامل يذهب إلى حقله للعمل والإنتاج، لكن حينما يتم تشغيله في مصانع الملابس والمنسوجات يجلس على إحدى الماكينات ويعمل بيديه وقدمه.
والملاحظ في هذا الشأن أن الصناعات الأخرى ومنها الإلكترونيات وحتى لعب الأطفال، تتجه لتشغيل العمالة المدربة في مصانع الملابس لكي تدعم صناعاتها، وهنا تبرز الأهمية الرئيسية لهذا القطاع وكونه القاعدة التي تبنى عليها القطاعات الصناعية الأخرى.
على الجانب الآخر، من ناحية الإمكانات التصديرية، تمتلك صناعة الملابس سوقًا ضخمًا، لا سيما أنها تعد من المتطلبات الأساسية للأشخاص مثلها مثل المأكل والمشرب.
ياسمين منير: أعتقد أننا حينما نتحدث عن التصدير في مجال صناعة الملابس، لا بد من وجود عدد من المتطلبات لتحقيق هذه الخطوة كتوفر الجودة وبيوت التصميم لعمل خطوط للموضة والأزياء.
محمد قاسم: الفكرة هنا هي وجود طلب، الطلب دائمًا موجود في قطاع صناعة الملابس الجاهزة، صحيح أنه يقل في فترات زمنية معينة ويزيد في فترات أخرى، لكن هي كصناعة تمتاز بتواجد الطلب عليها، ولا توجد حاجة لخلقه.
تمتلك مصر فرصة في الفترة الراهنة للنفاذ والمنافسة في الأسواق الكبرى في العالم، وللعلم تعد الولايات المتحدة وأوروبا سواء الاتحاد الأوروبي أو باقي الدول الأوروبية من أكثر الأسواق المستوردة في العالم، ويمثلون ما يصل إلى 75% من إجمالي واردات العالم.
هذان السوقان يمتازان بميزة نسبية كبيرة لنا، بدءًا من إمكانات القرب الجغرافي بالإضافة إلى دخول منتجاتنا إليهما بدون رسوم جمركية، المشكلة الأساسية في هذا الإطار هي تراجع صادراتنا بصورة كبيرة مقارنة بإمكانيات دول شبيهة. مثلًا بنغلاديش تصدر منتجات في قطاع صناعة الملابس تفوق قيمتها 35 مليار دولار، كما ينطبق نفس الأمر على دولتي فيتنام وتركيا.
ياسمين منير: في رأيك ما هو السبب الرئيسي وراء تفوق هذه البلدان في تصدير صناعة الملابس؟
سياسات التحفيز والتدريب المهني وتوفير الأراضي.. أبرز أسباب نمو صادرات تركيا وبنغلاديش وفيتنام من الملابس
محمد قاسم: السبب يرجع إلى سياسات دولها لتحفيز صناعة الملابس، فضلًا عن التدريب المهني وتوفير الأراضي للمستثمرين، وكلها عوامل تحتاجها الصناعة للمزيد من النمو.
أضف على ذلك، أن قدرة الصناعة على النمو تأتي عبر توفر البنية التحتية اللازمة بالمجتمع وعناصر الإنتاج المتكاملة، صحيح أن عناصر الإنتاج لدينا بالسوق المحلية متكاملة لكن ليست كافية.
أرى أننا نحتاج توسيع عناصر الإنتاج سواء عمالة أو أراض أو آلات أو رأس المال، بحيث نستطيع في النهاية أن نكون على الأقل في نفس مستوى هذه البلدان سالفة الذكر والتي تمتلك نفس إمكاناتنا.
يجب ألا تقل صادرات مصر في قطاع الملابس عن 40 مليار دولار سنويًّا
يجب ألا تقل صادرات مصر في قطاع الملابس عن ما يتراوح بين 35 إلى 40 مليار دولار سنويًّا، لا سيما في ضوء وجود الكثير من المقومات بينها التعداد السكاني الكبير.
رضوى إبراهيم: سأنتقل إلى المهندس علاء السقطي، استنادًا إلى ما لديكم من خبرات في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في ظل توليكم رئاسة اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك خبرتك في القطاع الذي تعمل به شركتكم وهو صناعة الورق والكرتون، أود البدء أولًا، بالشق الأشمل، وهو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما التحديات التي تواجه هذا القطاع؟ وكيف يمكن الرهان عليه؟ نحن نرغب في رصد التحديات، لتوجيه أنظار اللجنة الاستشارية للعمل على تلك النقاط بشكل سريع، مما يتيح لهذه الشريحة من الشركات والمشروعات أن تساهم في زيادة الصادرات المصرية، سواء على مستوى منتجات نهائية بسيطة، أو مستلزمات الإنتاج، حيث لدينا الكثير من الورش، التي يتبادر إلى مسامعنا أنها تقوم بتصنيع مستلزمات إنتاج مطلوبة في دول أخرى، فكيف ترى ذلك؟ والشق الثاني من السؤال يتعلق بالتحديات التي تواجه قطاع صناعة الورق والكرتون؟

أهمية تشجيع الكيان الكبير على التعاون مع الكيانات الصغيرة
م. علاء السقطي: سأبدأ بالحديث عن المشروعات الصغيرة أولًا -كما ذكرتِ- وهي تنقسم إلى جزأين، أولهما الصناعات المغذية، وثانيهما المنتج النهائي، علمًا بأن من يقوم بالصناعات المغذية هو صاحب المصنع الكبير، وأقصد بذلك معرفة من هو العميل، حيث يجب البحث دائمًا وراءه، لمعرفة من هو صاحب المصلحة.
وصاحب المصلحة هنا هو المستثمر الكبير أي صاحب المصنع الكبير، فهو من يراقب ويتابع الجودة التي تقدمها المشروعات الصغيرة، حتى يقوم بترقيته وتحسينه، ليتوافق معه، فما الذي سيدفع المُصنع الكبير للقيام بذلك، ما لم يحصل على حوافز؟
كنت أعمل سابقًا في شركة Xerox في إنجلترا على مدار 7 أعوام، كانت الشركة تنتج 40% من مكونات ماكينة التصوير في إنجلترا، وإذا تم رفع تلك النسبة إلى 50% تحصل على دعم محدد، ما يعني أن الدولة دفعت شركة Xerox لزيادة المكون المحلي في منتجاتها.
وحتى يتم زيادة المكون المحلي، بذلت شركة Xerox مجهودًا كبيرًا، فقامت بتعيين مهندسين، لمتابعة الكيانات الصغيرة التي تقوم بالتوريد، مما يعكس أهمية تشجيع الكيان الكبير على التعاون مع الكيانات الصغيرة، وإلا سيظل معتمدًا على الصين في الحصول على الأجزاء الخاصة به، نظرًا لكون ذلك أسهل وأسرع وأضمن.
رضوى إبراهيم: نود رصد التحديات، لأننا سننتقل في الجولة الثانية إلى التوصيات.. ما التحديات التي تواجه هذا القطاع من الشركات؟
يجب إتاحة دليل استرشادي للمشروعات الصغيرة
م. علا السقطي: أولًا، عدم وجود دليل إرشادي تعتمد عليه الشركات الصغيرة والمتوسطة، بداية من التأسيس، وهنا أتحدث على مستوى من يرغب في تنفيذ مشروع حجم استثماراته 5 ملايين جنيه كحد أقصى، وحدود إمكانياته في البحث ومعرفة المنتج الذي يمكنه تقديمه، والتعرف على العميل المستهدف، وعمل دراسة لتحديد نطاق عمله، ومعرفة ما إذا كان ملائمًا أم لا، وكذلك فيما يتعلق بالوضع الضريبي، لذا يجب أن يكون هناك دليل للاسترشاد به.
هذا الدليل سيقدم على سبيل المثال المنتجات التي تستوردها مصر، وتسعيرها، وإمكانية تصنيعها محليًّآ، وكيفية الحصول على الماكينات، ومناطق العمل، وتوزيع الطلب، ومن ثم ستكون قادرة على البيع وتحقيق مكسب، وذلك من خلال دليل استرشادي صغير، من شأنه أن يُعلم الكيان الصغير بما يجب القيام به، وهو ما يجب أن يوازيه دليل آخر، فعلى سبيل المثال مصر تقوم باستيراد أزرار، وكذلك السوستة، وغيرها مما يعتبر صناعات مغذية.
رضوى إبراهيم: هذا يعني الحاجة إلى رعاة.
م. علاء السقطي: لا، بل احتياج..
رضوى إبراهيم: أسأل عما إذا كانوا يحتاجون إلى رعاة؟
م. علاء السقطي: ليس رعاة بقدر ما..
رضوى إبراهيم: أقصد من يأخذ بأيديهم.
م. علاء السقطي: 100% يحتاجون من يقف إلى جانبهم، ولكنهم يحتاجون إلى معلومات.
رضوى إبراهيم: في أي جانب.. هل يقتصر الأمر على المعلومات؟
م. علاء السقطي: يحتاجون إلى المعلومة في المقام الأول، ثم المساندة والمتابعة والتطوير، فالكيان الصغير، لا يعرف ما يفكر به العالم خلال الفترة القادمة، لذا لا بد من وجود جهة يكون منوطًا بها رعاية هذا الأمر، وتقوم بتنبيههم لما هو قادم، فعلى سبيل المثال بدلًا من التلفاز الضخم، سيكون هناك توجه نحو شكل آخر، أو مثلًا البنطلون الجينز، أصبح به توجه نحو البنطلون ذي الأرجل الواسعة، وكذا الأمر على صعيد الخشب، بأن «الأويما» انتهت وظهرت اتجاهات جديدة.
رضوى إبراهيم: من واقع خبراتكم في الاتحاد، ولديكم نظرة على الكثير من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تعمل في مجالات وقطاعات اقتصادية مختلفة.
م. علاء السقطي: هذا صحيح 100%.
رضوى إبراهيم: ما أكثر قطاع أو مجال ترى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة جاهزة به أكثر من غيرها؟ أي أنه بدعم أو مساندة بسيطة أو إجراءات تنظيمية قليلة يمكن إيجاد حلول للتحديات التي تواجهه؟
م. علاء السقطي: هناك أكثر من 1000 جزء..
رضوى إبراهيم: نود الحصول على مثال.
م. علاء السقطي: 1000 جزء.
رضوى إبراهيم: نود أن نذكر 3 منهم.
م. علاء السقطي: كل معدات المباني، بدءًا من فرشة الدهان، وحتى المسطرين، وكذلك معدات الزراعة كافة، وجميع الإكسسوارات التي تستخدمها النساء، فكل بند منها يحتوي على 200 أو 300 جزء، فإذا تخصص أحدهم بالقيام بهذا، وتخصص آخر في القيام بذاك، وهكذا، سيكون الأمر سهلًا للغاية.
رضوى إبراهيم: هذا يعني أنك ترى أن هؤلاء جاهزون أكثر من غيرهم.
م. علاء السقطي: بالطبع.
رضوى إبراهيم: بالنسبة للصناعة التي تمثلها وتعمل بها.
أحمد رضوان: أود طرح سؤال سريع، قبل أن تنتقل رضوى إلى السؤال الخاص بالصناعة، نحن نتحدث الآن عن مرحلة ما قبل المشروع، فيما يتعلق بالفكرة والطلب وخلافه، دعونا نتحدث عن مستثمر صغير قام بتحديد الفكرة، وبدء في العمل، ثم تفاجأ بقيام الحكومة بالإعلان عن مشروع جديد بتسهيلات ضريبية للمشروعات التي لا تتجاوز إيراداتها 20 مليون جنيه، وتفاجأ أيضًا بأن هناك مبادرة من البنك المركزي أو الحكومة، حتى لا نقول إن البنك المركزي هو من يمول، فهناك مبادرة تتبناها الحكومة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بسعر فائدة مميز جدا، من واقع تجربتكم في الاتحاد.. هل الوصول إلى هذه الحوافز والأدوات سهل؟
إساءة استخدام مبادرة 5% أسفر عن فرض قيود شديدة
م. علاء السقطي: لا، صعب، حيث إن مبادرة 5%، بدأت منذ فترة طويلة، وتم إساءة استخدامها خلال فترة ما، ثم تم فرض قيود شديدة عليه، وأصبح هناك صعوبة كبيرة في التعامل معها، هذا من جانب، أما على صعيد الـ 20 مليون جنيه، فهناك ضريبة يتم احتسابها وفقًا لحجم الأعمال، بمقدار 1.5% للمشروعات التي تتراوح إيراداتها بين 10 ملايين جنيه حتى أقل من 20 مليون جنيه، ونسبة 1% لمن هم دون 10 ملايين. عندما تم إقرار هذا القانون مؤخرًا، كان الهدف منه تحديد رقم ضريبي واحد يتم التعامل معه، ولا تدخل به جميع الإجراءات والنسب وضريبة الدمغة، وضريبة المساهمة التكافلية، وغيرهم، بل أن يكون هناك رقم واحد يقوم بسداده، ونحن نعمل مع وزارة المالية على دفع أول مجموعة دخلت بالفعل، والذين يبلغ عددهم 100 تقريبًا.

أحمد رضوان: استفادوا.
م. علاء السقطي: دخلوا في المنظومة، علمًا بأن التوقيت الذي ستظهر به انعكاسات الفائدة، هو إغلاق عام 2025، حيث إنها تنطبق على القادم، وليس ما مضى، لذا ستنعكس بنهاية 2025.
شاركنا في تسجيل 100 كيان في المنظومة الجديدة للتيسيرات الضريبية
قمنا بإرسال 100 فرد، وقلت لمعالي الوزير إننا سنضحي بـ 100 فرد في البداية، وسنرسلهم.. هذه حقيقة، وإذا حدث شيء ما، ستقع المشكلة علينا، وهؤلاء ينقسمون إلى مجموعة مهنية، حيث يُطبق هذا الأمر على المهنيين، ومجموعة من نشاط كان لديه مشاكل، وقام بتسليم بطاقته الضريبية، ونحن نريد أن نعيده يعمل مرة أخرى، ومجموعة ثالثة تعمل خارج المنظومة تمامًا.
أرسلنا تلك المجموعة، وسنرى منذ البداية، فهؤلاء الأشخاص سيكون لهم ظهور إعلامي قريبًا، يتحدثون خلاله عن تجربتهم.
رضوى إبراهيم: أود الاستفسار حول ما ذكرته حضرتك، بأنه قد تم إساءة استخدام مبادرة 5%.
م. علاء السقطي: هذا صحيح.
رضوى إبراهيم: هل تقصد بإساءة استخدامها، من حصل عليها من مستحقيها قام بتوظيفها في غير أغراضها، أم تقصد الشركات التي تزاحمت عليها، وكانت لا تستحق، وذلك عبر كيانات أخرى.
م. علاء السقطي: مع الأسف، أود أن أقول شيئًا..
رضوى إبراهيم: لقد سمعنا ذلك، وحتى وقتنا هذا، لا نعلم ما إذا كان ذلك حقيقي أم مجرد شائعات.
م. علاء السقطي: هذا حقيقي.
رضوى إبراهيم: حضرتك أكثر دراية بالأمر.
م. علاء السقطي: د. وليد جمال الدين ذكر خلال حديثه في البداية عن المحاجر، أنها كانت غير منظمة، وكان بها مصائب، هذا الجزء صحيح، فكيف نعالج الأمر؟ عندما بدأنا نعالج هذا، كان العلاج عنيفًا وأسفر عن نتائج، هذا صحيح، أتدرين مثل أن نقول لقد أنهينا المرض، وقتلنا المريض، هذا ما حدث.
عند طرح مبادرة 5%، كانت الأمور تائهة، وهناك شركات كبيرة بدأت في الدخول وإنشاء شركات صغيرة، لهذا الغرض، وكان المبلغ المرصود لهذه المبادرة، قيمة محددة، وليست مفتوحة، وكان المقصود بها الوصول إلى نسبة 25% من محفظة البنك آنذاك.
رضوى إبراهيم: هل كان ذلك بمثابة عوار في الشروط؟
م. علاء السقطي: هذا صحيح.
رضوى إبراهيم: ما السبب في حصول شركة حديثة التأسيس على التمويل؟
م. علاء السقطي: لأن هدف المبادرة، كان تشجيع الشباب للدخول في النشاط، وعندما تم البدء في معالجة الخلل الذي نتج عن استفادة غير المستحقين للتمويل، قمنا بتعقيده لدرجة جعلت التمويل صعب للغاية.
المكان المرخص هو المشكلة الأكبر التي تواجه المشروعات الصغيرة حاليًا
المشكلة الأكبر التي تواجه المشروعات الصغيرة حاليًا، تتمثل في المكان.
أحمد رضوان: المكان المرخص.
م. علاء السقطي: بالطبع.
رضوى إبراهيم: نود الانتقال إلى نشاط حضرتك الأساسي، وهو صناعة الورق والكرتون، ما التحديات التي تواجهكم، ولكن نود أن نذكرها بشكل موجز؟
صعوبة استيراد الدشت من الخارج أدى إلى سوء تصنيع الورق في مصر
م. علاء السقطي: أولًا، يتم تصنيع الورق من بقايا الورق «الدشت». عدم استيراد الدشت أو صعوبة استيراد الدشت من الخارج أدى إلى سوء مستوى الورق الداخلي في مصر، نظرًا لأنه يتم إعادة استخدام وتدوير نفس الورق الموجود في الداخل مرة واثنتين وثلاثًا، لذا يجب فتح الاستيراد.
وسأعود لنفس القضية، فقد كان استيراد الدشت متاحًا، إلى أن قام أحد رجال الأعمال بإدخال دشت ملوث، مما دفع الدولة إلى القيام بتشديد الاستيراد، مع اشتراط مروره على كيماويات، وكذلك يمر على إشعاع ذري، وغيره، الأمر الذي أدى إلى صعوبة شديدة، فأحيانًا يكون العلاج قاتلًا.
هذه هي النقطة الأولى، فحتى نتمكن من تحسين جودة الورق، يجب استيراد دشت من الخارج، نظرًا لعدم وجود غابات في مصر.
لا يمكنني استرداد مستحقاتي من ضريبة القيمة المضافة.. رغم تصدير 50% من الإنتاج
النقطة الثانية، أقوم بتصدير 50% من إنتاجي، هل أنا قادر على استرداد 14% الخاصة بضريبة القيمة المضافة؟ لا يمكنني ذلك، والنتيجة وجود مستحقات خاصة بي لدى مصلحة الضرائب سنويًّا، تقدر بالملايين، لا يمكنني الحصول عليها، علمًا بأنني أعمل مع وزارة المالية ومصلحة الضرائب في المشروعات الصغيرة، وهو ما يعني أن علاقتي بهم في كل مرحلة.
رضوى إبراهيم: هذا تحد قد يكون مشتركًا مع قطاعات أخرى، نود التحدث فيما يخص صناعة حضرتك، هل يوجد تحد آخر بخلاف الذي يخص بيئة الاستثمار بالكامل والذي تعاني منه صناعات أخرى؟
م. علاء السقطي: هناك مشكلة أخرى تكمن في معالجة الصرف الصناعي، فعدم وجود مواصفة حقيقية ودقيقة للتخلص من هذا الصرف، بصورة ملائمة، يجعل الدولة تغلظ أسلوب التنقية والصرف، مما يؤدي إلى تكلفة غير طبيعية تقدر بالملايين، يتم دفعها في هذا السياق، وهذه هي المشكلة الثانية.
عدم وجود مواصفة حقيقية ودقيقة للتخلص من الصرف الصناعي بصورة ملائمة
أما المشكلة الثالثة، فتتمثل في أن ماكينات الكرتون والورق تتسم بكونها باهظة الثمن بشكل كبير، وعليه فإن الحصول على ماكينات في ضوء معدلات الفائدة الحالية، صعب للغاية، وبالتالي لن نتمكن من إحداث تطوير ملموس.
والمشكلة الرابعة تكمن في التقدم التكنولوجي، فإذا كان مقدار الهدر تبلغ نسبته 5%، ستصل النسبة إلى 2% مع التكنولوجيا المتطورة، مما يعكس ضرورة تحديث الماكينات، وبالتالي دفع ملايين الدولارات، هل سأحصل عليها اليوم بالوضع الحالي، ومن ثم إهلاكها؟ لا، لأنني سأخسر.

أحمد رضوان: وصلنا إلى السؤال الذي نحاول من خلاله تلخيص أو تجميع ما تم خلال المناقشات وهو سريع وبسيط. إذا أردنا تقديم توصيات ومقترحات إلى لجنة تنمية الصادرات، والتي تضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص، فماذا ستكون بنودها؟ وذلك بناء على التحديات التي تحدثنا عنها؟
تقدمنا برؤية مجتمع الأعمال لتنمية الصادرات إلى الحكومة.. وأهم بنودها تسهيل الإجراءات
محمد قاسم: منذ أكثر من عام، أجرينا حوارًا داخل تنظيمات الأعمال، ضم نحو 12 من منظمات الأعمال، منها اتحاد الصناعات، واتحاد الغرف التجارية، وجمعيات رجال الأعمال المصريين، وجمعية شباب الأعمال في الإسكندرية، والغرفة الأمريكية وغيرها.
كان نتاج ذلك الحوار ورقة أطلقنا عليها وقتها رؤية مجتمع الأعمال لتنمية الصادرات، وتم تقديمها إلى الحكومة.
أحمد رضوان: كم مضى على إصدار تلك الورقة؟
محمد قاسم: عام تقريبًا.. ولكن ما بداخلها ما زال قائمًا وفعالًا، ونحتاج إلى تبني الدولة لهذه الرؤية.
أحمد رضوان: ما هي أهم بنودها؟
أغلب مقترحات تنمية الصادرات تكررت أكثر من مرة والدولة على دراية بها
محمد قاسم: أهم البنود هو تسهيل الإجراءات، وتحسين بيئة العمل، وكل ما تناوله صالون حابي منذ بدايته. لا يوجد جديد نستطيع الحديث عنه، فأغلب المقترحات تكررت أكثر من مرة، وأعتقد أن الدولة على دراية بها، والوزراء الحاليون أيضًا على دراية بها وظهر ذلك خلال الاجتماعات التي عقدت معهم.
ياسمين منير: د. وليد جمال الدين، قبل السؤال عن التوصيات، أرغب في طرح آخر، أجمعنا خلال المناقشات على أن هناك أزمة في وفرة الأراضي الصناعية أو الأماكن المؤهلة للتصنيع.. الملف الخاص بالمصانع المتعثرة، والذي تحدثنا كثيرًا عن إحيائها وتشغيلها، هل يمكن أن يمثل حلًّا لأزمة الأراضي؟
إحياء المصانع المتعثرة مرهون بإلغاء الإجراءات المعقدة للتنمية الصناعية
د. وليد جمال الدين: أرى أنه حل سريع جدًّا وسهل في حال تنفيذ شيء واحد.. اليوم إذا أردت نقل ملكية مصنع من مالكه الحالي لآخر لديه استعداد لضخ الاستثمارات وإعادة تشغيله، يتم الاصطدام بإجراءات معقدة في هيئة التنمية الصناعية، يتراوح مداها الزمني مابين 6 أشهر وعام، وفي حالات معقدة تصل إلى سنة ونصف تقريبًا نتيجة تشابكات قانونية.
المدى الزمني لنقل الملكية قد يصل إلى سنة ونصف في الحالات المعقدة
أقترح أن يتم نقل الملكية في اليوم ذاته إذا كان الطرفان حاضرين، والتغاضي عن أية مشاكل تخص المصنع سواء التراخيص، أو تأجير جزء من الأرض، أو ضم قطعتين أو العكس، وغيرها، كل ذلك خارج اهتمام المستثمر الجديد.
المستثمرون الصينيون حاليًا يبحثون عن أماكن للتصنيع حول العالم، بهدف الحصول على الأرض مباشرة بدون مخالفات قديمة، ولا مانع من وضع شروط للبدء مثل تهيئة الأرض قبل إعادة التشغيل.
هناك آلاف المصانع التي يمكن طرحها في السوق إذا ألغيت الإجراءات الحالية التي تضعها هيئة التنمية الصناعية.
م. علاء السقطي: أعلن لك عن مفاجأة، تم صدور قرار بمصادرة الأراضي إذا قام مالكوها بنقل ملكيتها إلى مستثمرين آخرين؟
د. وليد جمال الدين: هناك ندرة في الأراضي الصناعية أدت إلى حدوث ما يسمى “التسقيع”، فدفع الدولة لإصدار قرار بمنعه، وتوفير المغلق والجاهز للاستثمار.

أحمد رضوان: يمكن وضع رخصة ذهبية للاستحواذات مثل التي تمنح عند التأسيس.
د. وليد جمال الدين: نحتاج إلى قرار واحد، لكل من يملك أرضًا صناعية: “عفا الله عما سلف” بشرط التقدم بمشترٍ خلال ثلاثة أشهر من صدور القرار، ويتم نقل الملكية في ذات اليوم، ويحصل المالك القديم على ثمن الأرض، والمشتري يبني مصنعه وفقًا للشروط واللوائح السارية حاليًا.
ياسمين منير: المهندس علاء السقطي، ما توصياتك إلى لجنة تنمية الصادرات في نقط واضحة ومركزة؟
هناك مستثمرون في مصر مشهود لهم بالمهارة والكفاءة والأمانة
م. علاء السقطي: سأتحدث بصفتي نائب رئيس اتحاد المستثمرين.. في مصر هناك مستثمرون يشهد لهم بالمهارة والكفاءة والأمانة، إذا اجتمع خمسة من المستثمرين داخل كل قطاع مع ممثل حكومي يمتلك اتخاذ القرار..
أقترح اجتماع خمسة من المستثمرين داخل كل قطاع مع ممثل حكومي يمتلك اتخاذ القرار
ياسمين منير: هذا هو دور لجنة تنمية الصادرات مع صانع القرار.
م. علاء السقطي: أتحدث عن كل مجال على حده، بما يتضمن طرح المشاكل ووضع طرق متنوعة لحلها. هل سيربح المستثمرون؟ بالطبع، هذا دوره.. ولكن في الوقت ذاته يمتلك الروشتة لمعالجة التحديات، ووضع نموذج عمل للسنوات الخمس القادمة.
المستثمر لن يضع اسمه في روشتة قد يكون الخطأ احتمالًا واردًا بها
المستثمر لن يضع اسمه في روشتة قد يكون الخطأ احتمالًا واردًا بها، لأن سمعته أهم من المصلحة التي تتم حاليًا.
رضوى إبراهيم: سؤالي إلى د. وليد جمال الدين، ما التوصيات أو المطالب التي ترى إذا أنهينا بها صالون حابي بعد تلك المناقشات الطويلة والتحديات التي استعرضتها في سؤال أحمد رضوان والتي تخص قطاع مواد البناء والتشييد، يمكن أن تمثل دفعة للصادرات المصرية؟
تبسيط الإجراءات ووضع قواعد واضحة للدخول والخروج من السوق أبرز التوصيات
د. وليد جمال الدين: التوصية العامة التي تحدثنا عنها هي تبسيط الإجراءات وتسهيلها، بجانب وضع قاعدتين هامتين، تبسيط الدخول إلى السوق، والخروج منها، فالمستثمر يواجه صعوبة في الخروج من مصر بسبب الإجراءات فيما يخص الضرائب وغلق المنشأة وغيرها.
رضوى إبراهيم: كيف نستطيع صياغة هذا المطلب في إجراء يتحقق؟
د. وليد جمال الدين: إجراء يتحقق عبر نقل ملكية الأراضي الصناعية في خلال 24 ساعة دون النظر إلى الماضي، انظر إلى المستقبل فقط.
رضوى إبراهيم: ما هو المطلب الثاني؟
أقترح أن يتم نقل الملكية في اليوم ذاته والتغاضي عن المشاكل القديمة
د. وليد جمال الدين: المطلب الثاني إلغاء العديد من الإجراءات مثل السجل الصناعي، لأنه يكرر 90% من مطالب الرخصة الصناعية، هذا الإجراء منذ عهد النظام الاشتراكي، والذي كان يطلب معرفة نوع الخامات لإعطاء الموافقة على الاستيراد، وطاقتك الإنتاجية، وغيرها التي أصبحت حاليًا من المعوقات.
لا بد أيضًا من إلغاء استمارة 4، والتي يتم استخراجها بعد موافقة البنك لدخول بضاعة مستوردة من مستثمر أجنبي، وطالما لا يوجد غسل أموال ومصدر التمويل مشروع ومسارها واضح فلا يوجد مجال لتلك الاستمارة، فهي من أسباب التراكمات التي حدثت داخل الجمارك.
يجب إلغاء بواقي دولة الاشتراكية، ورفع سيطرة الدولة على السوق، والتحكم في دخول وخروج رؤوس الأموال، وبيع وشراء الأراضي.
رضوى إبراهيم: بما أن سبب هذا الصالون هو الخروج بمقترحات واضحة إلى لجنة تنمية الصادرات، هل هناك تصور لديكم نستطيع توجيه أو تقديمه؟ وهل ترون أن باقي اللجان المشكلة من قبل مجلس الوزراء ستصب في مصلحة الصادرات المصرية؟
محمد قاسم: اللجنة يوجد بداخلها مصدرون وعلى علم بما نعلمه، ولا أمتلك ما أنصح به أعضاء لجنة تنمية الصادرات الذين يمتلكون من الخبرة ما يكفي.
رضوى إبراهيم: نعمل من خلال صالون حابي على ما يشبه توسيع اللجنة.
محمد قاسم: لدينا مجلس أعلى للتصدير ولم يجتمع مرة واحدة ومجلس أعلى للاستثمار. في النهاية دون الرجوع إلى جذر التحديات سيكون من الصعب تحقيق تقدم يذكر، وأولها تهيئة مناخ الأعمال المناسب، الذي يدفع الناس على التنمية والاستثمار.
أحمد رضوان: نشكر حضراتكم، ونتمنى أن الأسئلة الموجهة كانت وافية وخفيفة على قلوبكم، وإلى لقاء آخر من صالون حابي، شكرًا جزيلًا.