معهد التمويل الدولي: الاقتصاد المصري يظهر صمودا غير معتاد رغم تصاعد التوترات

العربية نت_ قال معهد التمويل الدولي إن الاقتصاد المصري أظهر مرونة واضحة في مواجهة التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران، مشيرا إلى أن الأثر السلبي على السوق المصرية كان مؤقتًا ومحدودًا.

وأضاف المعهد أن الجنيه المصري تراجع لفترة وجيزة في بداية الأزمة، لكنه ما لبث أن استعاد بعض قوته، مستأنفًا مساره الانخفاضي التدريجي، في حين بقيت علاوة المخاطر السيادية قرب أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات.

E-Bank

وأشار التقرير إلى أن رد فعل الأسواق المالية كان متواضعا نسبيا، وهو ما يُعزى جزئيًا إلى ما وصفه بـ”تبلد” المستثمرين تجاه التطورات الجيوسياسية في المنطقة، بعد عامين من النزاعات الممتدة في غزة ولبنان وسوريا والبحر الأحمر.

Zaldi-06-2025

كما لفت إلى أن هذا الثبات يعكس أيضًا تحسنًا ملموسًا في الأساسيات الاقتصادية المصرية.

وأوضح أن تدفقات المحافظ المالية ظلت مستقرة نسبيا، رغم أن مصر عُرفت تاريخيًا بتقلب هذه التدفقات، وخاصة الأموال الساخنة الداخلة إلى سوق أذون الخزانة، حيث كان المستثمرون ينجذبون للعوائد المرتفعة، ثم ينسحبون فور بروز أي خطر.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وكشف المعهد أن مصر كانت من بين أكثر الدول تعرضًا لعمليات خروج كبيرة من المحافظ المالية منذ عام 2006، إلى جانب تركيا وباكستان والفلبين، لكنه أشار إلى أن حجم الانسحابات من السوق المصرية في هذه الحالات كان عادة أكبر من نظيراتها.

وأظهر تحليل البيانات أن مصر واجهت عددًا أكبر من موجات الخروج التي تجاوزت انحرافًا معياريًا واحدًا مقارنة بدول ناشئة أخرى.

وأضاف التقرير أن الإصلاحات التي أُطلقت في مارس 2024 أسهمت في كسر النمط التقليدي للتقلبات الحادة، حيث شهدت أدوات الدين المصرية موجة قوية من تدفقات المستثمرين الأجانب، مدفوعة بعوائد بلغت 27.75%.

وأوضح أن البيانات الصادرة عن البورصة المصرية تظهر أن البلاد لم تشهد منذ ذلك الحين سوى أربعة أشهر من صافي تدفقات خارجة من أدوات الدين، وقد كانت هذه التدفقات محدودة واستُوعبت سريعًا في الأشهر اللاحقة.

ولفت إلى أن الاستقرار الأخير يعكس تحسنًا في ثقة المستثمرين، نتيجة عدة عوامل، أبرزها الابتعاد التدريجي عن الاعتماد على تدفقات المحافظ لتمويل عجز الحساب الجاري، مقابل تفضيل الاستثمار الأجنبي المباشر والتمويل الرسمي، إضافة إلى دعم واضح من صندوق النقد الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي.

كما أشار المعهد إلى أن عدم تدخل البنك المركزي في سوق الصرف ساهم في تعزيز مرونة العملة المحلية وقدرتها على امتصاص الصدمات، موضحًا أن هذا النهج عزز ثقة المستثمرين بوجود سوق صرف سائل ومستقر.

وقال التقرير إن الأداء المالي القوي ساهم بدوره في دعم الاستقرار، مشيرًا إلى أن الأداء القوي في جانب الإيرادات مكّن مصر من الاستمرار في استهداف فائض أولي يبلغ 3.5% من الناتج المحلي للعام المالي 2024/2025، رغم تراجع إيرادات قناة السويس.

وأكد المعهد أن القناة ما تزال تمثل أحد مواطن الضعف في الوضع الخارجي للبلاد، حيث أشار إلى أن الشركات العالمية العاملة في الشحن البحري لن تعود إلى استخدام المسار التقليدي عبر قناة السويس قبل مرور ثلاثة أشهر متتالية من الهدوء الأمني في البحر الأحمر، وهو ما يجعل من غير المرجح تعافي إيرادات القناة قبل مطلع 2026.

وفيما يتعلق بالطاقة، أشار التقرير إلى أن توقف مؤقت لصادرات الغاز من إسرائيل في يونيو أجبر السلطات المصرية على قطع إمدادات الكهرباء عن المصانع، لا سيما في قطاعات الحديد والأسمدة، مع إعطاء الأولوية للاستهلاك المنزلي.

وأضاف أن هذا الإجراء كان مؤقتًا، لكن دخول فصل الصيف، بالتزامن مع انخفاض الإنتاج المحلي وتراجع الواردات، قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات سياسية صعبة في الفترة المقبلة.

وحذر التقرير من أن السياحة، رغم صمودها في العامين الماضيين، لا تزال عرضة للتأثر في حال تصاعد الصراع، خاصة في حال تعرض إسرائيل لهجمات مباشرة نظرًا لقربها الجغرافي من المراكز السياحية المصرية.

وأشار أيضًا إلى أن أكبر تهديد داخلي يتمثل في التراجع عن تنفيذ الإصلاحات، موضحًا أن صندوق النقد الدولي قرر تأجيل مراجعته الخامسة ودمجها بالمراجعة السادسة المقررة في الخريف، وهو ما يعكس قلقًا متزايدًا بشأن بطء التقدم في برنامج الخصخصة.

ولفت إلى أن هذا البرنامج يُعد محورًا رئيسيًا في هيكل التمويل الدولي الموجه لمصر من كل من صندوق النقد ودول الخليج.

وعلى صعيد سوق الدين، قال التقرير إن الضغوط على المالية العامة مستمرة، مشيرًا إلى أن العوائد المرتفعة على أدوات الدين المحلية لا تزال تمثل عبئًا قصير الأجل.

وأوضح أن السلطات تسعى إلى تمديد آجال استحقاق الدين عبر تقليل الاعتماد على أذون الخزانة القصيرة الأجل وزيادة إصدار السندات، لكن بيانات المزادات الأخيرة تشير إلى أن هذه العملية تسير بوتيرة أبطأ من المتوقع.

وأضاف أن عوائد الأذون لم تنخفض بنفس وتيرة انخفاض سعر الفائدة الأساسي، كما أن التوترات الأخيرة أضافت علاوة مخاطر إقليمية مؤقتة، ظهرت في ارتفاع العوائد خلال يونيو، قبل أن تتراجع مجددًا.

وحذر من أن أي تصعيد جديد في المنطقة قد يعيد هذه العلاوة مجددًا، ما قد يعوق محاولات الدولة خفض كلفة الدين.

الرابط المختصر